رواية صدفة لم تكن عابرة الفصل الثالث عشر 13 بقلم شمس محمد
رواية صدفة لم تكن عابرة الفصل الثالث عشر 13 بقلم شمس محمد
رواية صدفة لم تكن عابرة البارت الثالث عشر
رواية صدفة لم تكن عابرة الجزء الثالث عشر
رواية صدفة لم تكن عابرة الحلقة الثالثة عشر
“حلقة خاصة”
“نوفيلا صدفة لم تكن عابرةً”
*************************
_لم يَعد القمر وحيدًا….لقد وجد له من النجوم ونيسًا.
*********************************
_وعُــمري ما أشكي من نار حُـبك مهما غرامك لوعني…وعُـمري ما أشكي من نار حُـبك مهما غرامك لوعني.
صدح صوت تلك الكلمات في الشقة و “مـنة” تقوم بتقليب الطعام في الإناء وهي تُغني مع الكلمات لتتذكر حديث “رائف” لها ذات مرةٍ في جلستهما سويًا في أول أيام الجواز في لحظاتٍ رومانسية آسرة حينما صدح صوت كلمات هذه الأغنية:
_ كل ما اسمعها افتكرك….وعمري ما أشكي من نار حُـبك مهما غرامك لوعني، بس أعمل إيه بقى ؟؟ كنت بحب بقرة.
ابتسمت بيأسٍ حينما تذكرت هيئته وهو يُهينها، ثم تنهدت بعمقٍ والتفتت على الفور تسأله بلهفةٍ حينما مر عطره على أنفها:
_اتأخرت ليه يا “رائف” ؟؟ أنا مستنياك من بدري.
اقترب منها يقول بنبرةٍ هادئة وجهه مُبتسمًا:
_لو عرفتي اتأخرت ليه مش هتفرقعي في وشي زي حلة الفشار المكشوفة كدا، اتكي على الصبر شوية يا منونة.
اغتاظت من هذا الاسم لذا هتفت بضجرٍ منه:
_أنا مبحبش الاسم دا بيعصبني، بس ماشي مقبولة منك علشان بحبك بس، قولي بقى اتأخرت ليه؟؟.
تنهد “رائف” بعمقٍ ثم هتف بنبرةٍ هادئة حينما اقترب من الثلاجة يأخذ منها زجاجة المياه:
_روحي برة عند الأنتريه وأنتِ هتشوفي اتأخرت ليه.
اقتربت منه تضغط على شفتها السُفلىٰ وهي تقول بحنقٍ:
_قولت ١٠٠ مرة متشربش من الأزايز، نصب في الكوبايات.
راقص لها حاجبيه ثم أقترب منها يُقبل وجنتها وهتف بعدها بمرحٍ يقصد إثارة استفزازها:
_طب اطلعي كدا يا نجمة وطُلي طلة برة.
تركته وخرجت من المطبخ لينظر في أثرها بابتسامةٍ هادئة ارتسمت على ملامحه حتى استمع لشهقتها الفرحة وركضها له تمسك الشيء المقصود من قِبله بيديها وهي تهتف بصوتٍ مختنقٍ من الفرحة:
_أنتَ جيبته ؟؟ يا “رائف” غالي أوي وكنت هلبس أي فستان عادي من عندي، ليه كدا ؟؟
عاتبته بقولها بعدما جلب لها الفستان الذي رأته، فيما تنهد هو ثم اقترب منها يقف مقابلًا لها ورفع كفه يداعب خصلاتها ثم هتف بنبرةٍ هادئة وصادقة:
_علشان طول عمرك مميزة وبتلمعي، عاوزاهم يقولوا اتجوزها طفاها ؟؟ دا فرح أخوكي يعني أكيد يهمني إنك شكلك يكون بيلمع، بس لو اتحركتي من جنبي هناك!! هبعتك باسدال الصلاة علشان تفضحيهم بقى.
حذرها بمرحٍ حتى اقتربت منه تلتصق به وهي تقول بمشاكسىةٍ ومرحٍ:
_ مقدرش…هتلقيني لازقة فيك منين ما تروح معاك.
ابتسم لها هو الأخر فوجدها تقول بحزنٍ طفيفٍ تحاول ضبط الحروف قبل النطق بها:
_بس برضه غالي يا “رائف” لسه في التزامات كتير عليك، قسط الشقة والتأمين و تكاليف الفرح اللي لسه بتسددها، وجمعيات، لو ينفع رجعه أحسن..
زفر بقوةٍ ثم هتف بنبرةٍ جامدة:
_”منة” ؟؟ هو أنا عيل قصادك؟؟ خلاص مش عارف أصرف؟ يعني حاجة عجبتك وجبتهالك وخلصنا، بعدين تمن الفستان دا هو اللي هيخليني “نجيب ساويرس” يعني ؟؟
سألها بسخريةٍ جعلتها تبتسم بيأسٍ ليضحك هو الأخر ثم هتف بنبرةٍ عادية:
_روحي يا بنتي جهزي الأكل الله يرضى عنك، ربنا يهديكي.
تحركت من محلها نحو موضع الطعام فاقترب منها يقف خلفها ثم اقترب من أذنها يهمس بقوله بنبرةٍ مُحبة:
_هي الست لما قالت الليل وسماه ونجومه و قمره، كانت تقصد بيتي دا اللي بقى فيه القمر ونسان بوجودك يا نجمة؟؟
التفتت له تحاول كتم بسمتها وعيناها تنطق بسعادةٍ بالغة قرأها هو على الفور لذا هتف يشاكسها بقولها المعتاد:
_يـا سـلام…هو دا الكـلام.
تحولت بسمتها إلى ضحكةٍ عالية جعلته يشرد للحظةٍ ثم ابتسم حينما قالت بدلالٍ وهي تتمسك بعنقه:
_مشيها بيتك ، رغم إن الست من زمان يعني.
رد عليها بضجرٍ زائفٍ من إفسادها مخيلته:
_متبقيش بومة بقى وتبوظي خيالاتي.
حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة ولازالت تبتسم له، فيما تنهد هو بعمقٍ ثم سألها بقوله الذي يتتافى مع طريقته:
_لما أنتِ واقعة فيا كدا ومش قادرة تعيشي من غيري، عاملة نفسك تقيلة ليه ؟؟.
تلاشت بسمتها وتهجم وجهها ليضيف هو بوقاحةٍ:
_يلا يا بت اعملي الأكل، كفاية تلزيق نفسي موعت.
تركها وتحرك من المطبخ لتتسع عيناها بدهشةْ وهتفت بغير تصديق تحكم بها بعد تصرفاته المتناقضة:
_أقسم بالله دا مش طبيعي، أكيد عنده خال أهبل.
وصلها صوته وهو يقول بمشاكسىةٍ يرد على حديثها بعدما استمع لها على أعتاب المطبخ:
_بس احنا مش قرايب يا “مـنة”.
خرج من المكان ونظرت في أثره هي بحيرةٍ وهتفت:
_هو يقصد إيه ؟؟.
شهقت بصوتٍ مسموع حينما أدركت مقصده أنه يهين عائلته لذا ضربت الطاولة بكفها تحاول كتم صرختها المغتاظة منه.
*******************************
في اليوم التالي ارتدى “رائف” حِلته السوداء وضبط هيئته وتمم على خصلاته ونثر عطره وارتدى ساعة معصمه وجلس ينتظر خروجها من المرحاض حتى زفر بقوةٍ بعدما تخطى ميعادها النصف ساعة فرفع صوته قائلًا بتهكمٍ:
_الفنانة قدامها كتير ؟؟ خير حضرتك طالعة مسرح؟
وصله صوتها من الداخل تقول بضجرٍ:
_جاية…. جاية أهو أصبر شوية.
رد عليها بسخريةٍ هو الأخر:
_هو أنا من يوم ما اتجوزتك بعمل حاجة غير أني بصبر يا ولية يا مفترية ؟؟ دا أنا ريقي نشف في العلاقة المنيلة دي ؟؟
خرجت هي من الداخل ترفع أحد حاجبيها بترقبٍ للمزيد من حديثه وهي تسأله بنبرةٍ أنذرته بالشر:
_بتقول إيـه يا بابا ؟؟ سمعني تاني كدا ؟؟
لم يهتم هو بما تفوهت به بل ركز بصره عليها وهي ترتدي الفستان الذي جلبه لها بالأمس لكنه أقسم أنه ازداد جمالًا عليها، يبدو وكأنه خُلق خصيصًا لها هي، لم يكن فستانًا بالمعنى الحرفي لكنه سالوبيت، نصفه العلوي يلمع ببساطةٍ لمعةٍ سوداء والنصف الآخر بنطال قماش باللون الأسود فوقه طبقة من خامة الشيفون ليصبح كما الفستان يُخفي تفاصيل جسدها، وارتدت حجابًا باللون الفضي و كذلك الحقيبة التي تمسكها بيدها، وحذاءها ذو الكعب العالي باللون الفضي أيضًا.
وقف “رائف” مدهوشًا بطلتها الساحرة حتى اقتربت منه تسأله من جديد بقولها:
_ها كنت بتقول إيه بقى ؟؟ سمعني يا “رائف”.
أقترب منها يقف أمامها مباشرةً وهتف بنبرةٍ رخيمة وقد ابتسم وجهه وعيناه أيضًا:
_يتقطع لساني لو كنت قولت حاجة كدا ولا كدا.
أبتسمت هي الأخرى، فسألها هو بمشاكسىةٍ:
_بقولك إيه ؟؟ هو الفرح دا مهم يعني؟؟ ما تخلينا.
ردت عليه بنبرةٍ جامدة:
_”رائـــف”؟؟
هتف مجاوبًا لها بنفس المشاكسةِ قائلًا:
_عيون “رائف” أؤمرني يا عسل.
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة لكنها يائسة:
_يلا علشان منتأخرش، “مُصـعب” مستني ودا توأمي.
حرك رأسه موافقًا ثم اقترب منها أكثر يقول بخبثٍ استشفته هي بسهولٍ من نظراته:
_طب تيجي نتفق اتفاق؟؟ أعزمك برة ولو العزومة طلعت حلوة منروحش الفرح، بكلمك بأمانة مش عاوز أروح.
ردت عليه بتهكمٍ:
_ريح نفسك الفرح فيه أكل كتير، بابا صارف كويس.
أبتسم بزاوية فمه وهتف بحقدٍ قصده خبيثًا:
_يعني هو على قلبه شوية؟؟ مسافر برة وعاملهم على قلبه أنا مش بقر بس بحسد بصراحة وعيني مدورة.
تنهدت بعمقٍ ثم أشارت إلى نفسها بتعالٍ وهي تقول بزهوٍ في نفسها:
_بص وشوف كويس الصرف باين ولا لأ، وشوف مديك إيه قبل ما تقر وتتكلم يا حبيبي.
أبتسم لها بصفاءٍ وهتف بصدقٍ بعدما شملها بنظرةٍ من أعلى لأسفل يتفحص هيئتها ليتحدث بحبٍ بالغ ٍ لها:
_بصراحة ؟؟ مديني نجمة من نجوم السما، واحدة عاملة زي النجوم بتلمع، مهما العمر مر وفات هتفضل نجمة من نجوم السما، وعيبها مبقاش موجود فيها خلاص.
سألته باهتمامٍ بعدما شغل تفكيرها كلمته الأخيرة:
_عيبها ؟؟ إيه هو عيبها ؟؟
رفع ذراعيه يضعهما خلف ظهرها وهو يقول بنفس الهدوء:
_البُـعد، عيب النجوم إنها بعيدة على قد ماهي جميلة، بس أنا بقى النجوم بتاعتي لقتني غاوي قُرب فقربت هي كمان، مش كدا ؟؟..
حركت رأسها موافقةً بعينين دامعتين فسألها هو بنفس الاهتمام:
_هتعيطي ولا إيه ؟؟ اتأثرتي ؟؟
حركت رأسها موافقةً فهتف بزهوٍ في نفسه:
_لأ وأنا واد مؤثر بصراحة، اسأليني أنا.
ضحكت له ثم وضعت رأسها على كتفه وهي تهتف بنبرةٍ هائمة تُكن له كل الحب:
_أنتَ تستاهل كل النجوم تنور حياتك على قد ما أنتَ جميل أوي يا “رائف”.
رفع ذراعيه يربت على ظهرها وهتف بصدقٍ:
_بس أنتِ كفاية وعندي بكل الدنيا وسماها ونجومها.
*********************************
بعد مرور بعض الوقت وصلوا لقاعة الزفاف ودلف “مُـصعب” بزوجته في يده وهي تبتسم بسعادةٍ بالغة على الرغم من خجلها إلا أن وجهها البشوش كان يضحك دومًا في كل الوجوه.
وقفت “مـنة” تبتسم بسعادةٍ بالغة لأخيها حتى وجدته يتحرك نحوها ثم قبل رأسها وهتف بنبرةٍ رخيمة:
_فرحتي كاملة بفرحتك مع “رائف” ماظنش أني كنت هفرح كدا برضه لو أنتِ فيه حاجة مخلياكي زعلانة.
ردت عليه تؤكد حديثه:
_ماظنش أني عمري كنت هفرح كدا مع حد زي “رائف”، روح شوف عروستك وركز معاها واطمن أنا مع رئوفتي هنا.
قالتها بدلالٍ تقصد به مشاكسته وإثارة غيظه ليتحرك هو ضاحكًا من أمامها يمسك بكف زوجته فيما اقتربت هي من “رائف” تقف بجواره ليبتسم لها وقد اقترب منهما في تلك اللحظة “مالك” الصغير يركض نحوهما وهو يقول بحماسٍ:
_ميس “مـنة” وحشتيني.
تلاشت بمسة “رائف” حينما وجدها تقترب من الصغير تعانقه ليهتف من بين أسنانه بغيظٍ:
_ملعون رخامتك دا أنتَ تنح زي أبوك “باسل”.
اقترب منه “باسل” يسأله بتشككٍ وقد فهم أنه يهينه:
_بتقول حاجة يا “رائف” ؟؟
أبتسم له بسماجةٍ وهتف يبريء نفسه بقوله الودود:
_حبيبي يا معلم بقول القاعة نورت بوجودكم فيها.
حرك رأسه موافقًا وابتسم له هو الأخر بينما “دُنيا” والدة الصغير اقتربت من”مـنة” ترحب بها و بوالدتها والأسرة بأكملها، حتى دلف “فكري” و معه خطيبته “ميادة” تسير بجواره فابتسم له “رائف” وهو يقول بصوتٍ عالٍ:
_حبيبي اللي مبطيقش خلقة أبوه، اتأخرت ليه يا صايع ؟
هتف “فكري” بقلة حيلة وهو يشير نحو خطيبته:
_والله العظيم لحد ما لبست و حطت المكياج عند صاحبتها جيبتها وجيت، أكيد مش هسيبها تيجي لوحدها يعني.
تحركت “ميادة” تقف بجوار الفتيات فيما قال “رائف” بخبثٍ للأخر:
_بس إيه ؟؟ ظابطينك على الساعة ولا ظبطة “محمد علي” للمماليك، بيربوك من جديد ولا إيه ؟؟
هتف “فكري” بوجهٍ مبتسمٍ:
_بصراحة على هوايا أوي اللي هما بيعملوه دا، خليني اتهد وأتلم بقى كفاية شقاوة العمر مبقاش فيه كتير علشان اتشاقى فيه، عاوز ابقى راجل في بيتي زيك كدا.
وضع “رائف” كفه على وجه “فكري” وهو يقول بغيظٍ منه:
_ماهي عين أهلك دي اللي مخربة الدنيا، اسلكوا بقى.
ضحك “فكري” وأبعد نفسه للخلف وهو يضحك حتى اقتربت منهما “مـنة” تقول بضجرٍ:
_بطل هزار بقى الناس بتبص عليكم.
تنهد “رائف” ثم وضع يده على كتفها وهو يقول برزانةٍ تتنافى مع سابقها من الأسلوب:
_نجدتك من أيدي أحمد ربنا بقى يا صايع يا بتاع البنات.
هتف “فكري” بحدةٍ مصطنعة:
_إيه ؟؟ مين اللي كان بيسلطني في ثانوي علشان اجيب الأرقام ؟؟ ما تخليني ساكت علشان بيتك اللي لسه جديد دا
سحبت “مـنة” زوجها من يده وقد نفذ صبرها من طريقتهما سويًا حتى اقتربت “ميادة” تقف بجواره وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
_هو أنتَ وهو مفيش مرة تتجمعوا فيها غير لما تفضحوا بعض كدا ؟؟ حالفين متكبروش خلاص ؟؟
رد عليها بوجهٍ مبتسمٍ يعبر عن مدى فرحته:
_بصراحة ؟؟ بفرح أوي لما يهزر معايا وبتأكد إن قلبه صافيلي، عقبال اللي في بالي ما اتاكد إنها صفيالي هي كمان.
فهمت أنه يشير عليها بقوله لذا هتفت بخجلٍ ووجهٍ ملئته الحُمرة:
_مش يمكن صافيلك من زمان بس مستني الوقت المناسب؟
أمعن النظر في وجهها وهو يبتسم لها وهي الأخرى تبتسم له ثم قررت الهروب من أمامه والاتجاه لطاولة النساء حتى ابتسم هو باتساعٍ أكثر وهي تؤكد له في كل مرةٍ أن علاقته بها أصح ما قام بفعله في حياته وكأنها تنقذه من هلاك نفسه.
******************************
بعد مرور بعض الوقت من الفرح بكامل فقراته وطقوسه صدح صوت هاتف “مـنة” في يدها ونظرًا للصوت العالي بالمكان خرجت منه بعدما انسحبت من جوار والدتها و حماتها، وقد لاحظها “رائف” الذي وقف بجوار الشباب فعقد مابين حاجبيه وقرر تتبعها للخارج حتى يؤمنها ونظرًا لامتلاء المكان بالشباب والرجال ومن الممكن أن تتعرض لأي مضايقات من أحدهم.
وقفت “مـنة” في الخارج بجوار بوابة الدخول وهي تطل على الحديقة وجاوبت على المكالمة بقولها معتذرة:
_معلش يا “عبير” بس أنا في فرح أخويا معرفتش أرد علشان جوة القاعة، طمنيني.
ردت عليها صديقتها بحماسٍ وصوتٍ مختنقٍ من الفرحة:
_طب هاتي البشارة ياستي، ربنا يديم عليكم الفرح، مبروك يا “مــنة” أنتِ حامل في الشهر التاني.
شهقت “مـنة” بحماسٍ ورفعت كفها تضعه على فمها وهي تسألها بغير تصديق غلفته الدهشة:
_متأكدة يا “عبير” ؟؟ أنا لسه بقالي خمس شهور متجوزة وكنت فاكرة…. إن ممكن سنة أو أكتر.
ردت عليها صديقتها بنبرةٍ ضاحكة:
_ياستي دا نصيب، فيه ناس بتحمل في أول شهر عادي، مبروك يا حبيبتي وربنا يسعدك ويجعله ذرية صالحة ليكي و لباباه يا رب، عاوزة حاجة ؟؟ هستنى بس تيجي تتابعي معايا.
أغلقت الطبيبة فيما وقفت “مـنة” تحاول تهدئة توترها وضبط أنفاسها حتى وصلها صوت “رائف” من الخلف يسألها بتعجبٍ من وقوفها:
_واقفة كدا ليه يا “مـنة” ؟؟ حصل حاجة؟
التفتت له بعينين دامعتين وحركت رأسها نفيًا ليسألها هو من جديد بنفس الاهتمام، فقالت هي بحيلةٍ تمنت أن تنطوي عليه:
_دي واحدة صاحبتي من زمان كلمتني تطمن عليا بس هي وحشاني أوي علشان كدا عيطت شوية واتأثرت.
حرك رأسه موافقًا ثم أخرج المناديل من جيبه يمد يده لها بها وهتف بنبرةٍ هادئة:
_طب امسكي امسحي وشك بدل ما حد يفتكرني منكد عليكي، ولا أقولك خليهم يفتكروني منكد عليكي أحسن محدش ليه عندي حاجة.
ابتسمت له رغمًا عنها ثم أمسكت ذراعه بتشبثٍ غريب وكأن عيناها تود الإفصاح عما تكتمه هي، فسألها باهتمامٍ جلي في نبرته:
_أنتِ عاوزة تقولي حاجة ومخبياها عليا ؟؟.
حركت رأسها نفيًا بقلقٍ تحاول كتم الخبر بقدر المستطاع، فقال هو بمعاتبةٍ:
_أنتِ كدبتي يا “مـنة” بس عينك مبتعرفش تكدب.
اخفضت عينيها للأسفل تهرب منه فقرر هو التحرك بها نحو الداخل وفي قرارة نفسه تأكد انها حقًا تخفي عنه شيئًا.
******************************
تم توصيل العروسين نحو بيتهما ومن بعدها تحرك كلٍ منهم إلى حيث سكنه ومستقره وأخرهم “رائف” و “منة” اللذان ذهبا إلى بيتهما.
كعادتهما في الليل وقف “رائف” يُقيم الليل وهي تقف خلفه، لأول مرة في حياته منذ أن تعلم الصلاة والوقوف بين يدي الله يشعر بهذه المشاعر النقية، كان كليهما يشعر بالسعادةِ والأمان في تلك اللحظات الليلية والتي عُرفت بالخوف و الظلام، لتاتي الصلاة وصوت القرآن الكريم يشق سكون الليل وينير ظلامه.
أنهى “رائف” الصلاة والتفت ينظر لها باهتمامٍ فرأى التخبط على ملامحها واضحًا لذا قبل رأسها ثم جلس أمامها يسألها بنبرةٍ حنونة:
_مالك بس يا “مـنة” ؟؟ فيه حاجة مزعلاكي؟؟
سألته بلهفةٍ تعبر عن خوفها:
_أنتَ لسه مستني الخلفة تتأخر شوية ؟؟
أبتسم لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_أول ما اتجوزت كنت عاوز آجلها علشان أقدر أعيش معاكي شوية من غير ما حاجة تشغلنا، بس لما عيشت معاكي اتمنيت بقى أني أكون أب وأنتِ أم عيالي، أهو تحضنيهم هما أولى من الواد “مالك” التنح زي أبوه دا.
ابتسمت له بسعادةٍ وهتفت براحةٍ وقد نزلت دموعها على الفور وهي تخبره بأكثر الأخبار الذي يفرح بها المرء:
_طب أنا حامل يا “رائـف”.
رد عليها بنبرةٍ هادئة لايدرك ما تفوهت به هي:
_ربنا يتمم شفاكي على خير يا….إيــــه ؟؟ مالك ؟؟؟
ابتسمت من بين دموعها وهي تقول ببكاءٍ:
_حامل يا “رائف” في الشهر التاني كمان.
اتسعت عيناه بدهشةٍ وفرغ فاهه وتحرك يخطفها بين ذراعيه يطوقها بهما وهو يقول بفرحةٍ كبرى:
_يا روح قلب “رائف” يا وش السعد والهنا، ودي حاجة تزعلك كدا وتخليكي تخافي ؟؟ دي حاجة تطير من الفرحة.
ارتفعت ضربات قلبها وهي تتشبث به أكثر ليصلها صوته يقول بتأثرٍ:
_كنا نجمة وقمر في سما واسعة فاضية علينا، اتكتب لينا تونسهم نجوم تانية تلمع في السما دي.
_تـــمـت بِــحمد الـلّٰـه..
لقراءة باقى حلقات الرواية اضغط على : (رواية صدفة لم تكن عابرة)