روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الثلاثون 30 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الثلاثون 30 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي البارت الثلاثون

ررواية عازف بنيران قلبي الجزء الثلاثون

عازف بنيران قلبي
عازف بنيران قلبي

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة الثلاثون

يا عازفاً على الناي
صوتُ الناي أشجاني
عزفتَ على جرحِ قلبي
و أنينُ عزفكَ أبكاني
خاطبتَ بصوتك ألمي
و فتحتَ جُرحي الدامي
أيقظتَ ماظننت أني نسيته
و كلُ المواجعِ عادت تحرقني
و فتحتَ ذكريات أحزاني
لا أعرفُ أكنتَ تعزفُ على ألمك
أم على عذابِ قلبي و آلامي
يا عازفَ الناي ترفق بروحٍ قد تعذبت
و أكتوت بنارِ الغدرِ و موتاً أضناني
يا عازفَ الناي أكمل في شجنك
فصوتُ عزفك طارَ بروحي لموطنٍ ثاني ..
❈-❈-❈
قبل قليل بفيلا جلال البنداري
كان يقطع المكان ذهابًا وإيابًا بعدما اتصلت به فريال تصرخ بالهاتف
-تعالى شوف ابنك المحترم عمل ايه ياخالد، جلال لو عرف هيموته، لازم تصرف قبل مايرجع من امريكا
توقف خالد بعدما أنهى إجتماعه
-فيه إيه يافريال، عدي عمل إيه؟!
زمجرت بغضب أتقنت رسمه وصاحت بصوت صاخب
-أنا بتكلم عن ابنك المحترم الدكتور يونس..تسمر خالد بوقوفه متسائلا:
-يونس؟! ..اجابته متنهدة بطريقة شيطانية
-يونس ضحك على سارة وقضى ليلته بسريرها ياخالد، والبت منهارة، وكالعادة راكان عرف واتهم عايدة بأنها ورا دا كله، والبوليس جه اخدها، لازم تيجي فورا، سيب كل حاجة
-تمام يافريال مسافة الطريق
أنهت اتصالها وهي تبتسم بطريقة شيطانية، ثم اتجهت بنظرها إلى سارة
-عمك جاي في الطريق، اجهزي، وادخلي جوا، نظرت بساعة يديها وتحدثت:
-قدامه عشر دقايق ويفوق، طبعًا عارفة هتعملي إيه
هزت رأسها رافضة مانطقته فريال
-لا أنا مش هعمل حاجة تانية، اللعبة خلصت وسيلين شافتنا وخلاص، دلوقتي لازم نعرف ليه ماما الشرطة اخدتها، بدل راكان عارف يبقى الموضوع مش صدفة
جلست فريال تضع ساقًا فوق الأخرى
-متخافيش اهم خطوة اتعملت هو يونس وبعد كدا جدك هيعرف يطلع عايدة إزاي..اتجهت بنظرها إلى فرح الصامتة
-مالك يافرح قاعدة كدا ليه؟!
رفعت بصرها إلى فريال متسائلة:
-هو إحنا ليه بقينا قذرين كدا؟!..في الأول خلتوني اجري ورا سليم الله يرحمه لحد ماحطمته ومات وهو محصور على حياته اللي سرقناها منه، ودلوقتي راجعين نكررالقصة مع يونس اللي هو ابنك، المفروض حضرتك تكوني أكتر واحدة خايفة عليه
صعقت فريال من حديثها فنهضت وامسكتها من كتفها بقوة تهزها مزمجرة
-عشان تفضلوا في عز البنداري متجيش واحدة متساويش ربع جنيه تكنس اللي قدامكوا، عشان يونس أفندي مايكسرش كلام امه ويروح يكتب كتابه على واحدة من غير ما يعملها حساب كأني مش امه
عشان واحدة زي زينب متفرحش فينا وهي قاعدة حاطة رجل على رجل وبتغظينا وتقولنا
-شوفتوا أهو يونس اتجوز البنت اللي جبتها من الشارع وخليتها تتجوز ابنكم وكمان غصب عنكم
عشان تعبنا وتخطيطنا طول السنين دي كلها واحنا متحملين راكان وطرده لينا بدل المرة مليون وهو المسيطر على كل أملاك جدك اللي اخدهم منه واحدة واحدة، وخسرنا كل اللي ورانا
تنهدت بحرقة شديدة وحاولت التظاهر بالقوة أمامها وقالت بنبرة ثابتة رغم الخوف
-لازم يونس يتجوز سارة، وراكان يكتب عليكي غصب عنه مش برضاه عشان ابن اخوه، وقبل ماتتكلمي هيكتب عليكي بعد مايتأكد الولد ابن اخوه، إحنا مصبرناش السنتين دول عشان حضرتك تيجي في الآخر وتقولي كدا
تملكها الرعب واهتز جسدها عندما استمعت تحطيم بالأعلى، علمت حينها ان يونس ايقظ
لم يحين لها الحديث عندما وجدته هابطًا بخطى متسارعة متجهًا إلى سارة يجذبها من خصلاتها
-انا ياكلبة تعملي فيا كدا، دا أنا يابت كنت بعلم الشيطان تيجي انتِ تتشيطني عليا
سحبها بقوة في وسط صرخاتها وصرخات فريال
-يونس بتعمل ايه يامجنون..أخرجها من الفيلا ووصل بها حيث فيلته ودفعها بقوة وهو يركلها بقدمه
-وحياة امك لأعلمك الأدب.. وقفت والدته أمامه
-يونس اهدى انت بتعمل كدا عشان تضحك علينا بعد اللي عملته
تحولت ملامحه إلى نيران مستعيرة تعتريه صدمة بذهول واقترب من والدته
-بتقولي ايه، دنى بخطوات مميتة قائلا:
-اضحك عليكِ، انتِ مصدقة نفسك بتقولي ايه
أشار على سارة بإحتقار
-دي لو دفعتولي فلوس عشان اتحمل ساعة بس واقعد في اوضة واحدة معاها مجرد تعارف مش هتحمل
استدار لوالدته
-لعبتكم الحقيرة اقسم بالله ماتهمني، وهعرف احاسبكم إزاي تعملوا كدا، ودلوقتي اللي تفتح للكلبة دي انا اللي هربيها وادي المفتاح أهو، خليها محبوسة لحد ماافضلها الحقيرة الذبالة دي
قالها وتحرك للخارج يرجع خصلاته المتناثرة للخلف وفجأة احس بإنقباض شديد يكاد يمزقه من الألم ، أمسك هاتفه سريعًا
-راكان انت فين ؟!
على الجهة الأخرى كان راكان خرج من منزل المزرعة يقود سيارته
-حمدلله على السلامة ياعريس، صباحية مباركة، مكنتش تعرفني عشان أوجب معاك
صرخ يونس بقهر:
-راكان سيلين مخطوفة، اقلب مصر كلها وهاتهالي خلال ساعة تكون قدامي، اصل اقسم بالله هقتلك لو حصلها حاجة
تهكم راكان على حديثه
-أمشي يلا من قدامي مش ناقصني غير بتاع الستات
توقف يونس عاجزًا وشعر بإنسحاب أنفاسه وتحدث بصوت متقطع
-سيلين انتِ فين ياحبيبة يونس، تذكر حمزة قام بالرنين عليه سريعا بأصابع مرتعشة
-حمزة انت فين عرفت حاجة
كان واقفًا مع الضابط المسؤل عن حملة المداهمة، فتراجع للخلف
-كنت فين يايونس..قاطعه يونس وهو يستقل سيارته
-آسف ياحمزة شوية ظروف..قاطعه حمزة قائلا:
-تقريبا عرفنا مكانهم، وهنخرج بعد شوية، بإنتظار راكان
اختلج صدره ضربات عنيفة عندما تخيل وضعها فتسائل بصوت متقطع
-هما عاملين إيه، حد كلمك ومين اللي خاطفهم
ارجع حمزة خصلاته بعنف كاد أن يقتلعها قائلا
-سيلين كلمت راكان، وهو اتصرف متخافش، درة لسة منعرفش عنها حاجة
قاد السيارة بسرعة جنونية يشق طريقه متجهًا إليه، وأجابه:
-ان شاء الله هتكون كويسة
عودة إلى راكان قبل قليل
أغلق هاتفه مع جواد، متجهًا ينظر بهاتفه للكاميرات بمنزل المزرعة، وجد ليلى تحاول فتح الباب الداخلي للفيلا ودموعها تتساقط على وجنتيها بغزارة
احتدت نظراته وصاح بصوته مزمجرًا بإسمها
-ليلى، ليلى، أعمل فيكي ايه بس، يارب أمسك أعصابي عشان ماموتكيش بأيدي..وصل خلال دقائق، توقف بسيارته فجأة حتى اصدرت صوت صرير عجل القيادة، بتلك الأثناء نجحت بفتح الباب
هرولت سريعًا للخارج وهي تبكي بنشيج تنادي بصوتها عليه، وجدته متجهًا إليها، أسرعت إليه ودون وعي منها ألقت نفسها بأحضانه وهي تتحدث من بين بكائها
-الحمدلله، الحمدلله إنك كويس،
كور قبضته للحظات، ولكن خوفها وهيئتها جعله يضمها لأحضانه يربت على ظهرها
-ليلى اهدي، أنا هنا ..ضمت نفسها بقوة لأحضانه
-الحيوان كلمني وقالي عاملك كمين وهيقتلك، مكملتش المكالمة وقفلت في وشه وجيت ادور عليك كنت خايفة تكون رُحت له زي مابيقول
أخذ نفسًا ثقيلا حتى يريح نبض قلبه المتألم من قربها الذي حول قوته للأنهيار المتكامل، لم يعد يتحمل ضعفه بتلك الطريقة، يعشقها بشكل جنوني، حتى اوصله قلبه لخطفها والذهاب بها لجنة عشقه
اهتز جسدها بالبكاء بأحضانه وهي تتحدث
-هيموتك ياراكان، هو حلفلي هيموتك، راكان عشان خاطري ماترحوش خلي البوليس يتصرف
استمتع بحديثها وخوفها عليه، مما جعل قلبه ينبض كمعزوفة موسيقية، أخرجها من أحضانه واحتضن وجهها حلو التقاسيم والملامح، ووزع نظراته عليها، تعمقت عيناه بعيناها بإعتراف عشقه وقبل أن يهمس لها كعادته
استمع لسيارة نوح تدلف لباب المزرعة الخارجي
أزال عبراتها المنسدلة على وجنتيها بإبهامه قائلا
بإبتسامة تزين ثغره
-مكنتش أعرف أن حياتي مهمة عندك كدا، رفع ذقنها بأنامله
-حياتي مهمة عندك ياليلى ..هنا فاقت من حالتها التي انستها مافعله، فتراجعت للخلف وهي تهز رأسها وتحدثت بهذيان مع غلالة دموعها التي توخز جفنيها
-حرام عليك ياراكان، حرام عليك خليتني انسى الصح والغلط، ربنا يسامحك قالتها وتحركت سريعا وشهقاتها بالأرتفاع حتى وصل صوتها إلى نوح الذي ترجل من سيارته متجهًا إلى أسما ليساعدها بالترجل
وصل نوح وهو يحاوط أسما بذراعيه..توقف أمامه وهو يحدقه بنظراته مردفًا
-انت لسة هنا، وليه ليلى بتعيط كدا؟!
أطبق على جفنيه في محاولة لتدارك نوبة ألمه وغضبه من نفسه فأجابه
-انا وليلى اطلقنا يانوح، وهي هنا عشان نبعد عن بعض، وقبل ماتتكلم دا احسن حل لينا احنا الاتنين
تحرك بعض الخطوات ثم استدار إلى نوح الذي توقف مذهولا مما استمع إليه
-خلي بالك أنا ماشي، وياريت تعرف ليلى خطورة الوضع، أنا لحد دلوقتي معرفش حالة سيلين ودرة، قالها وتحرك دون حديث آخر
ولج ساحبا أسما التي تقف بجواره وكأنها لم تستمع لما قاله راكان، تحركت معه بآلية، إلى أن دلفوا للداخل، وجدوا ليلى تجلس على الأريكة ودموعها تنسدل بصمت..اجلس أسما بجوارها
واتجه يجلس بالجانب الآخر
-“ليلى” ..اتجهت بعيناها الباكية وبشفتين مرتجفتين
-شوفت صاحبك عمل فيّا ايه!!
شوفت الراجل اللي متمنتش غيره يانوح عمل إيه..دبح ليلى ومش دبحها بس ..ارتفع صوت بكائها بالأرجاء
هنا التفتت أسما واتجهت بنظرها إليها مردفة لأول مرة منذ خطفها
-متزعليش حبيبتي بكرة الأيام تداوي الألم..شهقت ليلى وهي تجذبها لأحضانها
-أسما، ياحبيبة قلبي، أخيرا يااسما اتكلمتي، ضمتها أسما بشدة وبكت بصوت مرتفع
-آه ياليلى، أنا موت ياليلى، صحبتك ماتت
اتجه نوح يجلس على عقبيه أمامها رفع وجهها يحتضتنه بين كفيه
-انتِ زي ماانتِ ياحبيبتي محدش لمسك
دفعته بعيدًا عنها صارخة
-ابعد عني إياك تقرب وتلمسني..جحظت أعين نوح من حالتها التي ظهرت عليها
انكمشت ملامح وجهها بإمتعاض ولمعت عيناها بالحزن عندما تذكرت ماصار لها وصاحت بصوتها الباكي
-عملت لي ايه يانوح، لما مراتك خطفتني وصورتني مع راجل غريب عملت ايه ولا حاجة..قالتها صارخة وتحولت كالذي مسه مسًا من الجن
-من وقت مااتجوزنا وكل مرة هي تجرح وتدوس وانت ولا حاجة.. كلمتين وخلاص
طالعها بملامح مؤلمة وتبدل غضبه لسكون خارجي، اقتربت منه ثم لكمته بصدره وصرخت بحزن حارق:
-هتسكت لحد إمتى، مراتك خلعوها هدومها وصورها مع راجل يادكتور، إيه كنت مستني أكتر من كدا
ألتفتت تنظر إلى ليلى وهي تشير إليه بعينًا هالكة من الألم
-شوفتي الراجل اللي بتحامى فيه، شوفتي عمل فيا ايه
أمسكت خصلاتها تجذبها وكأنتها تنتزعها بعنف
-انا اتصورت ياليلى مع راجل حقير، وقفوا جسمي واتحكموا فيه
آهة صارخة من أعماقها المحترقة حتى جثت على ركبتيها تضرب على صدرها
-خلاص مش عايزة الحب دا، مش عايزة الحب اللي ضيعني وجوزي ضعيف مش عايز ياخد حقي
كانت كلماتها كالطلقات النارية التي اخترقت صدره، جثى أمامها يجذبها لأحضانه، مكففًا دموعها التي نزلت على صدره نيران تكوي ضلوعه
-وحياتك انا مش ساكت، هي مسكتني من أيدي اللي بتوجعني ياأسما، حطت السكينة على رقبتي، صورك معاها ياأسما ودي معندهاش اخلاق
جلست ليلى بجوارها تربت على خصلاتها
-نوح عنده حق ياحبيتي دي واحدة قادرة وممكن تفضحك ومحدش هيصدق، انتِ باينة في الصور عادية مش متخدرة
خارت جميع قواها وانهارت حياتها بالكامل، لحظة توقف بها عقلها وقلبها معًا فرفعت نظرها إليه
-طلقني يانوح، جوازنا كان غلط، ابوك قالها، قال لو اتجوزك غصب عني مش هخليكم تتهنوا وانا خلاص مبقاش ليا قوة ولا حيل احارب حد
ساعدها في الوقوف ثم حملها متجهًا بها إلى الأعلى
-حاضر هعملك كل اللي يريحك، دلوقتي ارتاحي وبعدين نتكلم، تمام حبيبي
اطبقت على جفنيها وشعورها بالوهن والضعف احتل جسدها ولم يعد لها القدرة على الحديث
بالأسفل عند ليلى، اغروقت عيناها بالدموع على صديقة عمرها..جلست تنظر بشرود حولها تشعر وكأنهما في منتصف متاهة هي بمعذب قلبها الذي ألقاها خارج حياته دون رحمة
أطلقت تنهيدة مرتعشة من عمق الليل الحالك بداخلها عندما وجدت رقمه ينير شاشة هاتفها أمسكت الهاتف بكفيها المرتعش
-درة حمزة اخدها على البيت، وقولتلها زي مافهمتيني
آهة طويلة ثم أردفت
-الحمد لله، هي كويسة مش كدا، يعني محدش قرب منها..متخبيش عني حاجة لو سمحت، درة ضعيفة مش هتتحمل دا كله، ياريته خدني أنا
آلمه كلامها وكأنها غرست خنجرًا في روحه التي تتوجع فهمس إليها
-ليلى درة كويسة، ممكن تتصلي وتطمني عليها، أنا لازم أقفل دلوقتي
نظر لهاتفه عدة مرات وهو ينتظر إتصال من ذاك المتجبر..وصل إليه يونس، ترجل من سيارته سريعا يمسكه من تلابيبه
-قصدك إيه إن سيلين مش موجودة، يعني راحت فين
ابتلع غصة مرة كالعقلم احكمت حلقه حد الأختناق
-معرفش ملقتهاش، معرفش يايونس اختي فين معرفش..لكمه قوية من يونس بصدره حتى تراجع خطوة للخلف
-هموتك ياراكان لو مرجعتليش سيلين هقتلك،
صرخ يونس كالمجنون ونيرانه المتأججة تزداد اشتعالا بشكل مرعب متوجها للضابط الذي وصل حيث جلوس راكان الذي جلس كالذي فقدت حياته
-راكان باشا مفيش أي أثر لأي حاجة، وأخر امل بالكاميرات متعطلة بالكامل في الشارع، حتى منعرفش اي اتجاه
روحه تأن بألمًا حتى شعر بإنسحاب الأكسجين من رئتيه، رفع نظره للضابط مكسور الجناح مثل طيرًا سدد بطلقة نارية فتحدث قائلا:
-اتصل خليهم يقفلوا كل مداخل ستة اكتوبر، هم اكيد مخرجوش من هنا، ملحقوش، وشوف كاميرات الشوارع القريبة من هنا، دور على أي خيط، أنا حاسس انها مش بعيدة
اتجه بنظره ليونس الذي جلس يضع رأسه بين كفيه وتحدث
-سيلين هترجع حتى لو كان التمن حياتي
عند سيلين
جلست بغرفة بإحدى المنازل البسيطة، لم تستطع تمالك نفسها أكثر من ذلك فانهارت حصونها وجلست تبكي بإنهيار كلما تذكرت صورته بأحضان سارة
قبل قليل
دلف أمجد وهو يحتسي من قهوته ويطالعها بنظراته الحقيرة فجلس بمقابلتها
-دا انت طلعتي أحسن من الصور، لا بجد شكلك أميرة قصص..أمال بجسده ومد كفيه على خصلاتها يجذبها يستنشقه، دفعته بقوة وتحدثت كقطة شرسة
-لو قربت ايدك هقطعها، ميغركش اللبس والميكب، لا دا انا تربية راكان البنداري
قوس فمه ثم مطه وتحدث ساخرًا :
-قولتيلي راكان البنداري، طيب ياتربية راكان البنداري تفتكري هيقدر ينقذك ولا هيقول دي مش اختي وماليش دعوة بيها
نهضت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها قائلة
-لا ياعم الحبوب مهما تقول فأنت داخل في منطقة لأمثالك، مش راكان اللي يتخلى عن واحدة حتى لو مفيش رابط، مجرد بس اتحامت فيه، زي مثلا ليلى اللي هتموت عليها
هنا فقد سيطرته ووصل عندها بخطوة يضغط على فكيها حتى آلامها قائلا
-هجبها وهخليه يرميها وحياة خمس سنين حب لادفعها الغالي قوي، وهخليه يتحصر عليها اصبري عليا
دفعته بقوة تبصق عليه ..صفعها بقوة ثم جذبها من خصلاتها حتى انزلقت عبراتها فهمس بصوتا كفحيح أفعى
-ليلى دي كانت ملكي لولا اخوكي الحقير سليم كان زمانها مراتي هي مش مرات راكان الزفت
دفعها حتى سقطت على الأرضية تتراجع للخلف عندما اقترب منها وهو يطالعها بسخرية
-شكلك متعرفيش ان اخوكي المحترم طلقها ورماها برة البيت،
ضحكات بأصوات مشمئزة حتى وضعت سيلين كفها على اذنها فدنى منها يهمس بجوار اذنها
-راكان بيحب ليلى ولا لا، عارفة لو جاوبتيني هوريكي فيديو عمرك ماتنسبه
رفعت نظرها بعيناها الدامعة، لا تعلم أي جرم فعلته ليلى ليوقعها بذاك المريض، لم تصدق ماقالته الا حينما وجدته بتلك الحالة، لحظات وهي تطالعه بصمت تفكر بحلًا حتى تخرج من ذاك المأزق، فاقت من شرودها عندما جذبها مرة أخرى يصيح
-ماتقولي يابت راكان وليلى ايه اللي بينهم بيحبها ولا عشان الولد ولا إيه بالضبط، الحقير اخوكي محدش فاهمه ولا يعرف بيفكر في ايه
صمتت برهة ثم ابتسمت بسخرية وأجابته
-ليلى وراكان حب، دا انت شكلك مجنون، لا دا انت مجنون فعلا..أطلقت ضحكة صاخبة تضرب كفيها ببعضهما وتحدثت
-شوفت النار والبنزين، عمرك سمعت عنهم اهم دول كدا لو قربوا من بعض هيولع في مدينة كاملة، دنت قائلة
-ليلى مفيش عدو ليها أكتر من راكان، وراكان مكرهش حد في حياته قدها
رجعت بجسدها على الحائط تهز رأسها وأكملت مستطردة بإبانة
-فيه واحدة هتحب واحد وهو قرب منها غصب عنها، يعني بمعنى أصح اغتصبها، وتقدر تقول واحدة لما عرفت انها حامل من مغتصبها راحت تنزل الجنين من وراه،
ابتسمت إبتسامة نحتتها من عمق آلامها عليهما وأكملت
-إيه اتصدمت، استنى خد الكبيرة
-ليلى اتجوزته غصب عنها عشان هددها بابنها، وهو اضطر يتجوزها عشان وصية سليم، غير أن سليم كتب كل حاجة باسمها حتى حضانة الولد
هنا تذكر أمجد حديث نورسين، نعم لقد حكت له كل ذاك، حدث نفسه
-يعني راكان بينتقم وكنا مفكرين بيلعب بينا..ظلت نظراته تحاوطها بتدقيق ثم توقف وهو يعطيها هاتفه
-دلوقتي اقدر اكافئك بالفيديو دا وأقولك إنك متستهليش يونس ..عايز اعرف راكان أخد ليلى على فين، أنا عارف انه خرجها من البيت بس
فين دا اللي لسة ماوصلتوش بس صدقيني لو كان دفنها في القبر هجبها..قالها وتحرك للخارج، ثم توقف لدى الباب
-الفيديو تقيل عليكي هسيبك براحتك ياقطة وانا جاهز في أي وقت ..أمسكت الهاتف بيد مرتعشة وجدت يونس يجلس على فراش سارة وهي بأحضانه بلا ثياب، وحركاتها المائعة وقبلاتهما التي ادمت قلبها، شهقة خرجت من فمها، تضع كفيها على فمها وتنسدل دموعها كخزات المطر، تطالع الفيديو للمرة الألف حتى تتأكد انه ليس هو ولكن كيف وهي التي لم تخطأ به ابدا..بكت بنشيج وهي تضع كفيها على قلبها تلكمه
-يارب تموت وارتاح منك، يارب تموت ياقلبي وارتاح منك، دا اللي عمال تديله أعذار..
أطبقت على جفنيها ثم تجمدت بمكانها وهي تهز رأسها وقلبها يعوق عقلها عن خطأها بحقه، أسرعت تمسك الهاتف مرة اخرى وتنظر إليه حتى هزت رأسها
-لا مش ممكن فيه حاجة غلط، صمتت لحظات ثم حدثت حالها
-إزاي الفيديو دا وصل هنا، اطبقت على ملابسها بقوة وهي تجز على أسنانها
-سارة وحياة ربي لأندمك على وجع قلبي، ورغم ذلك بكت وهي تراه بذلك الوضع المخل حتى لو لم يكن بعقله، نعم فهو زوجها حبيبها الذي لم تعلم نبض العشق إلا بجواره، تذكرت حديث راكان بعد طعنها له
فلاش:
-طبعا أنا عارف ان يونس عمل حاجة كبيرة ومش بعيد يكون حاول يعتدي عليكي، بس اللي متعرفهوش يونس طلبك مني وانا وافقت، أشار بيديه يضع سبابته على فمها
-اش مش عايز كلام اسمعيني للأخر وبعد كدا الرأي رأيك
اقترب يجذبها واجلسها بجواره يحاوطها بذراعيه
-تعرفي أنا كنت رافضه جدا، بس حقيقي يونس بيحبك أوي ياسيلي..أرجع خصلاتها وضمها لأحضانه
-هكون مطمن عليكي معاه، يونس مش بيحبك بس لا مستعد يفديكي بحياته، عشان كدا أنا وافقت وجوزتك له بالتوكيل اللي معايه
احتضن وجهها بين كفيه
-لو مش عايزة اعتبري مفيش حاجة حصلت، بس حقيقي من وقت ماسليم مات وحياتي بقت في خطر خوفت عليكي، خوفت يحصلك حاجة من بعدي، ملقتش حد هيخاف عليكي بعدي زي يونس، هو هيكون الراجل اللي تقدري تتحامي فيه من بعدي، فلو انتِ مش شايفة انه ميستهلش هخليه يطلقك ولا كأنك سمعتي حاجة، هسيبك تفكري وتقرري مع نفسك انتِ معنتيش الطفلة الصغيرة، انتِ كبيرة وتقدري تاخدي قرارت حياتك براحتك
خرجت من شرودها عندما دلف أمجد
-سيلين الجميلة يارب تكوني مبسوطة معانا، متخافيش وقت مااخوكي يجبلي ليلى هسيبك..صوب نظراته إليها متسائلا
– تفتكري المعادلة هتكون صعبة ولا لا
شعرت بدوار من كلماته، وآلمها قلبها على أخيها كيف حاله الآن..حاولت أن تفكر علها تصل لحل دون خسارة أخيها اي شيئا
ابتلعت ريقها بصعوبة وأجابته بهدوء رغم تأجج أوردتها
– انت الخسران للأسف، يعني تفتكر لو راكان عرف انك بتساومه، هيقولك اتفضل، دا لو حتى كان ليلى مش هامها حاليا مساومتك له هيقوى أكتر ..نهضت وهي تتعمق بنظراتها له بعدما وجدت تغير بملامحه وعقدت ذراعها تقف بمحاذته
-راكان مش الشخص اللي تساومه ويرضخ حتى لو هيموت، وخاصة انا مش أخته زي ماانت لسة قايل، ضيقت عيناها متسائلة
-عرفت منين انا مش بنت أسعد البنداري
جلس يضع ساقًا فوق الأخرى وبدأ ينفث سيجاره وهو يطالعها بنظرات تفحصية ثم أردف
-هيفيدك بإيه، المهم عرفت، بس اللي مش قادر افهمه إزاي واحدة جميلة ومثقفة زيك ترضي بواحد زي يونس اللي مسبش واحدة الا واخدها هج، لو شايفة دا حلو في الراجل أنا موجود برضو، قالها غامزًا بعينيه
مطت شفتيها للأمام قائلة
-زي ماانت شايف ان ليلى حبيبتك مع انها رمتك واتجوزت مرتين ورغم كدا مش سايبها، بس الفرق بينا أنا بعدت عن يونس لما عرفت انه كدا، مش فارق معايا، حتى اللي بعتلك الفيديو غبي مايعرفش إننا منفصلين من زمان
نهض وسار نحوها بخطوات متمهلة وأعين متسلطة ثم انحنى يحاوطها بين ذراعيه
-يعني متعرفيش انه متجوزك في السر، ومش بس كدا ناوي ياخدك ويهاجر بعد امتحاناتك
لاحت على ثغرها إبتسامة متلاعبة ثم غرزت عيناها بعينيه القريبة
-هو انت مجنون، منين متجوزني وهياجر بيا، وكمان من غير مااعرف، ومنين هو بيتلاعب في الفيديو مع بنت عمي، دا اسمه كلام اهبل، ماهو لو زي مابتقول يبقى أنا مهمة في قلبه بقى…رفعت اكتافها وأكملت
-بس هو ميهمنيش..وياله ابعد كدا متخلنيش أفقد قدرة تحملي على شخص زيك
لامس خديها وغمز بطرف عينيه
-ماتيجي اهدي أعصابك.. دفعته بقوة حتى كاد أن يسقط واشارت بسبابتها
-ايدك هتلمسني هكسرهالك ..
ظل يطالعها لفترة من الدقائق، حقا أصبحت أمامه تفاحة وجب اكلها، ملامح وجهها التي تبدو كالأطفال وقوامها الممشوق بشكل يحبس الأنفاس، ثغرها المرسوم ومنحانيتها المفعمة بالأنوثة ..دنى منها ثم جذبها بقوة من خصرها وهمس لها
-يونس دا حمار كبير، بس وحياة ليلى عندي لو راكان مجبليش ليلى لهحصرهم عليكي، وهفكر زي ماقولتي إزاي اخلي ليلى تيجي من غير تهديد راكان
❈-❈-❈
دفعته بعدما ركلته بقوة بمنطقة المحظور
ابتعد يصرخ بقوة من ركلتها القوية، دقائق وهو يحاول اخذ أنفاسه..رفع نظره إليها يرمقها شزرا ثم تحدث
-عجبتيني اكتر، لا دا قعدتك مع ليلى علمتك كتير، هي زيك كدا فرسة، بس ياترى إزاي مقدرتش تبعد اخوكي عنها، دماغي ياسيلي حبيبتي جننتني بعاميلها..قالها وهو يطلق ضحكات ثم تحرك للخارج
عند ليلى بمنزل المزرعة
صعدت لغرفته بالأعلى وهي تتفحص المنزل برائحته العبقة بكل مكان، تتذكر تلك الليلة التي قضتها هنا، دلفت الغرفة شعرت بنسمة محملة برائحته تمر على وجهها مما جعلها تبتسم، تسمرت بمكانها وهي ترى غرفته التي كانت بذاك القصر، اتجهت بخطوات متمهلة وكأن أحداث تلك الليلة تمر أمام عيناها، جلست عليه تتلمسه بإبتسامة ثم تسطحت عليه تستنشق رائحة زوجها به تهمس لنفسها
-ناوي على ايه ياراكان، ليه بتسحبني وترجع تغرقني، عايز مني ايه
ظلت تتلمسه وانزلقت عبرة على وجنتيها عندما شعرت بفراقه كضربة سيف تدق العنق بلا هوادة..ظلت للحظات تفكر فيما يفعله أهو يحبها مثلما تشعر بأحضانه ام انه مع كل النساء بتلك الطريقة
اعتدلت تفرك جبينها عندما شعرت بصداع يفتك بها من كثرة تفكيرها، اتجهت إلى هاتفها وهاتفت اختها، ولكن الاغرب اجابها حمزة مما جعل قلبها يقذف بنبضاته بعنف
-استاذة حمزة، درة فين ومالها مبتدرش ليه
قطب مابين جبينه متسائلا:
-“ليلى”!! انتِ غيرتي رقمك تسائل بها حمزة
شعرت بثقل كلماتها مستغربة سؤاله، فاردفت
-لأ، ليه؟!
حمحم معتذرا ثم ناول الهاتف لدرة التي تجلس بجواره بمنزلها، توقفت عندما وجدت أنظار والديها عليها
-أيوة حبيبتي عاملة إيه؟!
لفظت الهواء بقوة من رئتيها بعدما استمعت إلى صوت اختها
-درة انتِ كويسة، ومين اللي خطفكم
اطبقت على جفنيها وأجابتها
-معرفش المشكلة سيلين مرجعتش معايا ولا أعرف عنها حاجة
رجفة قوية أصابت جسد ليلى حتى شعرت بأن ساقيها أصبحت كالهلام ولم تعد تستطع الوقوف ولا النطق..استندت على كفيها حتى وصلت لمخدعها وجلست بقلب ينتفض رعبًا
-يعني سيلين مرجعتش، طيب وراكان فين؟!
ارجعت خصلاتها للخلف وأجابتها
-إحنا سبناه هناك، وقالي عرفي مامتك إنك كنتِ مباتة عند ليلى عشان هم ميعرفوش بخطفي
هزت رأسها غير مستوعبة حديث درة
-سيلين إزاي مرجعتش انتوا مكنتوش مع بعض
-والله ياليلى ماشفتها، من وقت مااتخطفنا معرفش عنها حاجة
أطلقت رأسها للأسفل وغمامة من الدموع تحتجز بعيناها
-يارب مايكون أمجد يادرة، لو هو يبقى راكان مش هيسكت
وصل حمزة إليها
-درة أنا لازم امشي، خلي بالك من نفسك، وبلاش خروج الا لما تعرفيني، دمغ جبينها بقبلة ثم خرج بعد توديعه لحماه
أما ليلى التي اغلقت الهاتف وشعرت بأن الأرض تميد بها وكأنها ستفقد وعيها، اتجهت لمهاتفته
اجابها بعد عدة ثواني
-أيوة فيه حاجة أمير كويس؟!
سحبت نفسًا طويلا محاولة السيطرة على دموعها فهمست له
-انت غيرت رقمي ليه؟! وليه مقولتليش على سيلين، قاطعها هادرا
-غيرت رقمك عشان عارفك غبية مبتتعامليش بالعقل، أما عن سيلين هرجعها مش ضروري إنك تعرفي اصلا، وليه تعرفي
اطبقت على جفنيها تقاوم كلماته القاسيةالتي كالصاعقة،
لحد إمتى هتفضل تعاملني كدا، عايزة أعرف أنا مين وايه في حياتك، ليه جبتني للبيت دا، وانت عارف ذكرياته كويس
عايز توصل لأيه، انت عايز مني ايه، انت بتحبني ولا بتكرهني ، طيب لو بتحبني
ليه بتحاول تكرهني فيك؟!
أخرجت كل مايؤلمها على شكل تنهيدات وانفاسًا مرتفعة …وصل الضابط إليه متحدثا
فيه اخبارية وصلتنا عن المكان اللي باشمهندسة نورسين وصفته
تحرك متجها لسيارته وأجابها
-ليلى كل اللي يربطني بيكِ أمير ودلوقتي إنتِ حرة وطلقتك يعني مش بعمل حاجة عشان توصلك، من حق ابن اخويا يعيش كويس، اخويا اللي حضرتك مكلفتيش نفسك تودعيه، ولو حاولتي تعملي حاجة من ورايا هندمك ياليلى، وللأخر مرة بقولك بلاش تخليني أخد منك الولد لسة بكلمك بقلبي
-فهمت ياحضرة المستشار، كلامك عُلم وينفذ، ثم أغلقت الهاتف بروح محترقة وقلبا يتمزق المًا تقاوم رغبة بالصراخ من أعماق روحها صرخة مدفونًا بقبرا تحت الأرض على صم بكم لا يشعر بها احدًا
جلست بعيونًا تائهة وقلبًا مشتت، اتجهت للخارج بعد دقائق حتى حاولت السيطرة على نفسها، دلفت لغرفة ابنها، وجدته نائمًا
-نام من زمان ياداليا ..أومأت داليا برأسها
-أيوة من اول ماوصلت لقيته نايم، هو حضرة المستشار مشي
اومأت برأسها مردفة
-عارفة تعبتك معايا الفترة اللي فاتت دي، ولسة هحتاجك الأيام الجاية، ناوية انزل الشغل ومش هلاقي حد أثق فيه على أمير غيرك
اقتربت داليا مبتسمة:
-طبعا ودا شرف ليا يامدام ليلى، متقلقيش كله هيكون كويس ان شاءالله
ربتت ليلى على كتفها ثم خرجت متجهة للخارج، قابلها نوح خارجًا من غرفة أسما
-انا همشي دلوقتي بس لازم نتكلم قبل ماأمشي
سحبها من كفيها وهبط للأسفل، جلس واجلسها بجواره
-احكي لي كل حاجة، بقالنا كتير مقعدناش مع بعض، راكان قالي انه طلقك، عارفه بارد وبيحب يهزر، لولا معرفش انه بيحبك كنت صدقته المجنون دا
ابتلعت غصة متورمة منعت تنفسها وانسدلت عبرة غادرة من طرف عينيها فهمست بشفتين مرتجفتين
-بس هو مش بيهزر، راكان طلقني فعلا
توسعت عيناه مذهولا، وشفتين فاغرتين مصعوقًا وكأن مااستمع إليه كابوسًا فتسائل
-إيه اللي حصل خلاه يوصل انه يقلعك من قلبه دا كان مجنون بحبك
إبتسامة حزينة شقت ثغرها ثم طالعته بعينًا دامعة
-كله تمثيل يابن خالتي، طلع كله تمثيل، وعدني وخان عايز من واحد بعد ماوعد خان منه إيه
سيبك من اللي حصل المهم في اللي جاي، نوح أنا مكسورة قوي، راكان كسرني بشكل آذاني وعشان كدا عايزة ألملم نفسي وارجع ليلى اللي كانت قبل ماتعرف واحد اسمه راكان، ماليش حد اتسند عليه غيرك
أزالت عبراتها بكفيها المرتعش وأكملت
-لازم تشوفلي بيت اقعد فيه أنا وابني، عشان ميضغطش عليا بيه، واكيد شغل كمان، مش عايزة اكون عبأ على بابا
ربت نوح على كفيها ثم سحب نفسًا وزفره بهدوء
-بصي ياليلى أنا كنت بسكت عشان شايف حبكم، بس الكسرة اللي شايفها في عيونك دي مش عجباني، انت ليلى بنت الأستاذ عاصم المحجوب اللي ضربتي أمجد في عز جبروته وسط الجامعة، وليلى اللي عملت قضية سب وقذف لدكتور الجامعة لمجرد قالها اقعدي ياحيوانة، ليلى الجريئة اللي كنت بتكسف من نفسي لما كنتي توقفي قدام الحق وتخرصي الباطل، عايزك ترجعي ليلى دي، محبتش ليلى اللي قلبها حطمها، آه راكان صديق عمري بس إنت قبل ماتكوني بنت خالتي فإنتِ اختي
نهض وتعمق بنظراته قائلا
– هجيلك بعد يومين تكوني استعدتي نفسك وجهزتي كلامك عشان نعرف نقول لوالدك إيه بعد طلاقك، وقبل أي حاجة تأكدي هكون في ضهرك مهما يحصل..دلوقتي قومي ارتاحي، خدي ابنك في حضنك ومش هقولك انسي راكان بس هقولك عيدي نفسك وخدي حقك منه، زي ماهو أخد حقه
قالها وتحرك خارجا، ظلت تنظر بشرود لذهابه وعبراتها تتساقط بقوة عبر وجنتيها مردفة
– عندك حق يانوح، لازم استعيد نفسي
قالتها وصعدت متجهة إلى أسما

عند راكان
ظل بمكتبه بالنيابة حتى شعر بفقدان الأمل ان يصل لشيئا تذكر جده، فتحرك متجها لمنزله
وصل بعد قليل إلى منزل عمه
-فين توفيق باشا يافريال هانم ..جذبت ذراعه وصاحت به بغضب
-انت إزاي تخلي البوليس ياخد عايدة، بتهمة ايه ..قاطعهم دلوف أسعد وتوفيق بجوار عايدة
وصل إليه أسعد بخطوة واحدة
-إيه اللي عملته دا هو عشان يعني وكيل نيابة تستعمل سلطتك في كل اللي يوقف قدامك
تسمر كالجماد وكأن كلمات والده صفعته بقوة دون رحمة، فحاول النطق ولكن كأن الحروف هربت من مخارج شفتيه..وصل يونس وهو يجذب سارة من خصلاتها التي تصرخ بأعلى مالديها بقوة، ثم دفعها بقوة حتى سقطت اسفل أقدام جده، ثم أشار بسبابته
– البت دي مرمغت شرفي في الأرض، عايز حقي منها هي ومرات عمي وامي، تحرك إلى أن وصل لجده وتعمق بنظراته متحدثًا بهدوء ماقبل العاصفة
-جدو باشا بنتك ابنك ضيعت شرفي، يالهوي ياولاد يونس البت سارة خدشت حيائه أو بمعنى أصح اغتصبني…شهقة خرجت من أسعد ثم لكزه توفيق بعصاه
-احترم نفسك يادكتور اتجننت ولا إيه، إيه الكلام الأهبل اللي بتقوله دا
ضرب يونس كفيه ببعضهما وهو يضحك
-طب والمصحف دا اللي حصل، وعارف عملت ايه كمان صورتني وبعتتها لسيلين ليه بقى ياباشا
دنى وأمال بجسده وهو يغرز عيناه بعين جده
-اصلهم عرفو اني كتبت على سيلين، هز رأسه عندما توسعت أعين توفيق الذي اتجه بأنظاره إلى راكان المتيبس بوقفته وأكمل
-أيوة اتجوزتها، ومش بس كدا، كل مااملكه كتبته باسمها، إيه عايز تقول حاجة
جذب سارة من خصلاتها وهو يضمها إليه
-عروسة المولد اللي حضرتك عمال تزقها عليا عشان اتجوزها، دي مرضاش اخليها شغالة عندي عارف ليه لأنها تربية الست دي ..قالها وهو يشير إلى عايدة
دفع سارة على جده واقترب إلى عايدة
-طيب ليه بس شوية السحر الاسود، والحاجات الصفرا اللي تشربوهالي، كنتوا سبوني صاحي حتى اتفرج وعلى فكرة كنت هشرفك برضو، فرجة ببلاش دا أنا بدفع قد كدا عشان اتفرج، غير لما توسخوا سمعتي وتركيب صور وحاجات استغفر الله العظيم يارب، كان نفسي تبقى حقيقية أصلها رخيصة يامرات عمي، هستنى من واحدة تربيتها رخيصة وامها بتدفعها للمنكر إيه عشان شوية فلوس
أشار إلى جده وتحدث والخذلان يتفجر بأحشائه كرصاصة سامة واردف
-دلوقتي عشان مفضحش حفيدتك وقبل أي حاجة اقسم بالله العظيم ماهبقى على اي واحد عايز اعرف وديتوا مراتي فين
استدار يوزع نظراته بينهم فين سيلين بدل مااخرج على جميع القنوات وافضحكم كلكم وعندي الفيديو اللي يثبت اني مش بطبعتي
جلس راكان وأشعل تبغه فلقد قام يونس بما أثلج صدره المشتعل ..وصل أسعد لابنه متسائلا:
-انتو لسة ملقتوش اختك..تراجع للخلف برأسه منهزمًا والحزن مرسومًا على وجهه فتوقف متجهًا إلى توفيق، دافعًا سارة من أمامه، وأمال بجسده يحاوط جده بذراعيه على المقعد
من تلاتة وعشرين سنة واحد معندوش دين قطع فرامل عربية ماما زينب بعد ماخططوا انها تخرج من البيت بسبب حقنة نزيف وهي حامل في الوقت اللي اختها الحامل في الشهر السابع عندها عشان يتخلص من الاتنين
شعر أسعد بإنسحاب الهواء عندما علم بما ينتويه راكان، فاتجه إلى ابنه ولكن وضع راكان كفيه أمام والده مكملا
-استنى ياباشا لما اعرف الباشا الكبير نتيجة عمايله، مش هو عايز يفهمنا انه ذكي اخواته
فاكر اليوم دا ياتوفيق باشا، آه اكيد فاكره، اليوم دا ماما زينب كانت حامل، وخالتو زينة كمان حامل، بيقولك المجرم دايما بيكون غبي وبيسيب اي أثر بس للأسف ذكي اخواته مسبش حاجة تدينه بس نسي ان ربنا مطلع على كل حاجة، ويشاء القدر ويوصل ابنه ويركب العربية ويموت اول واحد، وربنا ينقذ ماما زينب ، لكن من ذكائه عامل حسابه لو ربنا انقذها من الحادثة يبقى تفقد جنينها وخصوصا دا الابن التاني، وتمشي اللعبة زي ماالشيطان مخطط بالظبط ، والجنين يموت، بس تفتكر ياجدو ربنا مايربطش على قلبها ويعوضها ببنت جميلة وخاصة بعد مااتحرمت من الانجاب
اعتدال واقفا وهو يوزع نظراته على الجميع وهو يدور حولهم
-طلعتوا ان سيلين بنت شوارع، ومالهاش اصل ولا عيلة وممكن تكون بنت حرام..رمق جده الذي تغيرت ملامح وجهه وشحبت عندما استنتج ما سيقوله راكان
-سيلين من عيلة البنداري ياتوفيق باشا يعني التحليل مكنش محتاج التزوير، بس أنا زورته عشان اللحظة دي، عشان اموتك بحصرتك ودلوقتي الحقير خاطف حفيدتك وانا عاجز ومش عارف اوصلها ومش بس كدا بالاتفاق مع العقارب اللي حضرتك مربيهم وبتعلمهم إزاي يقرصوا القرايب قبل الغرب
اقترب من والده يبتسم بسخرية
-إيه يااسعد باشا مش تعرف ابوك المحترم ان بنتك طلعت مش بنتك، بس هي بندارية رغم أنها مش بنتك
جحظت أعين خالد مردفًا
-إيه اللي بتقوله دا يابني انت اتجننت ..اطلق راكان ضحكة رغم الحزن الذي يتشعب بداخله
-ياريت ياعمي كنت اتجننت احسن مااشوف الأخ بيحرق اخوه، والجد بيقتل ابنه وحفيده،
أشار على توفيق
-توفيق باشا، قتل عمو محمود ومراته، عشان إيه ياترى..ابتسامات ساخرة منه
عشان ينتقم من واحد في بناته شوفتوا قرف أكتر من كدا، بس ربنا انتقم منه وبدل مايقتل بنت غريمه قتل ابنه ومراته
-توفيق باشا عايز تعرف مين سيلين، سيلين بتكون بنت محمود البنداري، يعني حفيدتك ياباشا، ياله اشرب وموت بحصرتك، وكلم أمجد وقوله موتها زي مابعتله من شوية كدا وقولت خد مزاجك منها وارميها وبعدها هنعمل بلاغ انها هربت مع واحد عشان جوزنها يونس غصب عنها، مش دي رسالتك لأمجد
صاعقة نزلت على رأس الجميع مما ألجمتهم الصدمة جميعا فخطى إليه بخطى متعثرة وجسده يرتجف
-قصدك إن سيلين بنت محمود مامتتش اليوم، سحب راكان نفسًا مطولا ثم نفثه وهو يطالعه بشماتة بعدما وجد صدمته بجسده المرتعش وملامحه التي شحبت، فهز رأسه وهو يضحك بصوت مرتفع:
-بالضبط ياباشا يعني قتلت ابوها وامها من زمان والنهارده بتتفق تموتها وهي عايشة، قالها راكان ودمعة غادرة تساقطت بجانب جفنيه رغم ضحكاته ثم اقترب وهو يطالعه بنظرات نارية
-اشرب بقى وافرح واتفق كويس عايزك تموت بحصرتك دا لو عندك دم واحساس الأبوة ..بس للأسف انت شيطان وياريت تعمل لاخرتك بعد ماعرفت مرضك، لا دا انت بتفجر أكتر وأكتر
فقد سيطرته بالكامل ودفعه بقوة حتى سقط على المقعد خلفه
-انا بكره دمي عشان من دم واحد قذر زيك..راكان صرخ بها اسعد، انت مفكر نفسك إيه يلا انت عيارك فلت ومحدش قادرك
❈-❈-❈
تحرك للخارج قائلا
-معرفتش تربيني كويس ياأسعد باشا، العيب فيك كنت ربي ابنك بس هقول اي ماانت ابن توفيق باشا
رفع توفيق كفيه على صدره يتحسس صدره عندما اختنق صدره وهو يهمس “سيلين”ثم سقط مغشيا عليه …استدار راكان يرمقه بنظراته احتقارية ثم خرج وكأنه لم يهتم، استقل سيارته متجها إلى جاسر، استمع لوصول رسالة
-عايز اختك كل الورق اللي يديني في قضايا تسلمه لواحد هبتعلك عنوانه..توقف للحظات ثم قام بالأتصال على نورسين
-إيه اللي عرف أمجد إننا رايحين نقبض عليه، هبت فزعا متسائلة
-يعني أمجد هرب ومعرفتش تمسكه
زفر بغضب عندما علم بأنها لا تعلم..فتحدث
-نور لازم اوصل لسيلين قبل الصبح، لو الصبح جه واختي مش في حضني اعتبري كل حاجة ملغية قالها وأغلق الهاتف
❈-❈-❈
بعد أسبوع وهو كالجثة لايشعر بشيئا وكأن جسده بلا روح ، وصل لمنزل المزرعة ، دلف للداخل يبحث عنها وجدها تغفو فوق الأريكة وخصلاتها تغطي وجهها بالكامل، سحب نفسا طويلا يعبأ به صدره المجروح منها، ثم جثى أمامها، داعب بأنامله وجنتيها ابتسم كلما تذكرها بأحضانه، ظل يرسمها بعينيه ثم حملها متجها لأعلى يضمها لأحضانه كأنه يشبع روحه منها، دلف للغرفة وهو ينظر إلى محتوياتها فأصبحت كما رسم، غرفته التي جمعتهم وشاهدت أجمل اللحظات بينهما..وضعها بهدوء كأنها قطعة من الجواهر الثمينة، فتحت عيناها كأنها بحلم فابتسمت هامسة بإسمه، ثم جذبت كفيه تغفو برأسها عليه
-زعلانة منك قوي، ومش هكلمك تاني ..قالتها بين الحلم واليقظة
وضع رأسه بجوار رأسها ورفع انامله يتخللها داخل خصلاتها
-انا اللي مكسور منك قوي حبيبي، تايه وضايع وموجوع ورغم دا كله مش عايز غير حضنك وبس..دنى بأنفاسه الحارة يهمس بجوار شفتيها
-حبك موتني مولاتي، عملتي فيا ايه حتى وصلت للحالة دي، لا قادر أقرب ولا قادر ابعد، بس مش عايز غير احطك جوايا واقفل عليكي مليون باب، وفي نفس الوقت عايز احرقك عشان ميكونش ليكي أثر وتضعفيني
لمس شفتيها بخاصته
-ليلى أنا مش عايش وأنا بعيد عنك، بعشقك بطريقة غبية ومجنونة، إيه الحب الغبي دا، همهمت بنومها بإسمه، بدأت أنفاسه في التسارع
ولم يتحكم بنفسه فالتقط ثغرها بقبلة جامحة مما جعلها تفتح عيناها بشهقة وهي تحاول أن تتخلص من هجومه الضاري عليها
دفعته بيديها بقوة صارخة كالمجنونة تأن من الألم الذي اجتاح جسدها تحتضن جسدها بيديها تتراجع للخلف وكأن هناك حيوان مفترس هجم عليها تهز رأسها بطريقة هيستيرية، وعبراتها كالمطر على وجنتيها، سكتت هنيهة تسيطر على شهقاتها وتبتلع كرة نارية داخل حلقها وهي تنظر إليه بإحتقار، آلان اطبقت عليه شخص حقير ومنحط
-برة مش عايزة أشوف وشك قدامي، مختلفتش عن أي شخص حقير أهم حاجة عنده غريزته وبس، كل مرة تثبتلي إنك أناني، ودلوقتي اتأكدت من الكلام اللي كنت بسمعه عنك، راجل مزاجي وبس، بكرهك وبكره نفسي عشان نزلت لمستوى منحط احب شخص حقير ذيك، هستنى من واحد إيه وهو بيتلاعب بمشاعري طول الليل والصبح يطلق مراته كأنها بنت ليل، أنا بكرهك ياراكان يابنداري بكرهك بكرهك، وحياة ابني اللي مفيش أغلى منه عندي اللي أخد كسر قلبي منك، ودلوقتي بررررة..صرخت بها بقهر وعبراتها تغطي وجنتيها ..
نزلت كلماتها على قلبه كمطرقة ثقيلة مشتعلة من النيران حتى احرقته بالكامل، حاول السيطرة على نفسه ساحبا نفسا يزفره بهدوء، ثم اقترب منها جالسًا على الفراش
-ليلى اسمعيني مكنش قصدي…
اخرص مش عايزة اسمع صوتك، صوتك بيحرق دمي وبكرهك أكتر وأكتر.. نظرت حولها
-إيه اللي جابني الأوضة دي، نزلت سريعا من فوق مخدعها تركل كل مايقابلها وتحطمه
-بكره كل حاجة فيها لأنها بتفكرني برخصي، ظلت تثور كالمجنونة حتى استمعت إليها أسما وداليا مربية أمير..أسرعت أسما تدفع الباب ولكنها تسمرت عندما وجدت راكان يحاول السيطرة عليها
تراجعت أسما للخلف وأغلقت الباب قائلة لداليا
-خليكي جنب أمير مفيش حاجة، سوء تفاهم بينها وبين راكان..هزت رأسها وتحركت دون حديث ..بينما أسما التي جلست تضع رأسها بين راحتيها حزينة على ما صار لهما
بالداخل احتضنها راكان من الخلف مسيطرًا على حركتها
-ليلى اهدي واسمعيني، صرخت محاولة الفكاك من قبضته، دفعته بقوة تركله
-ماتلمسنيش قالتها صارخة تدفعه وتلكزه بكل مالديها من قوة حتى تركها يدفعها على الفراش محاوطها بجسده صارخا بوجهها
-اخرصي بقى هو عشان انا صابر عليكي هتسوقي فيها، اخرصي قالها بصوت مرتفع وهي مقيدة بجسده، وعينيها تدفع الدمعة بالدمعة فوق صفحات وجهها وتحرق وجنتيها كما تحرق قلبه ورغم متاهة المشاعر التي سيطرت على كلاهما أردف قائلا
-مكنش قصدي أعمل اللي عملته، حسيت اني مشتقالك غصب عني مقدرتش اتحكم في نفسي، عادي كلنا بنغلط، ليه بتحسسيني اني مقرف قوي كدا
رسمت ابتسامة سخرية من بين دموعها هامسة بشفتين مرجفتين:
-بحسسك إنك مقرف، لا لسمح الله، انت اصلا مقرف، بس لنفسك يابيه شوف انت نايم عليا إزاي، لو انت راضي بكدا ومتربي على القرف دا فأنا غير كدا، كفاية بقى تدنيس فيا..قالتها وهي تدفعه بكل قوتها ورغم دفعها إلا أنه لم يتحرك
ظل كما هو ينظر إليها بصمت مخيف حتى اهتز جسدها وضعفت قواها وعينيها مغيمة بالدموع من نظراته الأختراقية لها، لحظات مرت على كلاهما كالسيف على العنق، هي خوفها من تهوره، وهو بضعفه من حالتها، تمنى لو يشق صدره ويخبأها حتى يعلمها كم هو محبا وعاشقا لها ولكنها غبية لم تعلم لغة الأجساد ولا العيون…فلو تعمقت بعيناه لعلمت ان غرامه بها وحدها وأنه لايرى سواها
أمال بجسده حتى اختلطت أنفاسهما وهي تهز رأسها وشهقاتها بالأرتفاع تحسه على الأ يفعل شيئا
-راكان لو سمحت ابعد لو فعلا احترمتني لو دقيقة بلاش اقولك لو حبتني، أبعد عشان خاطري ياراكان متعملش فيا كدا
وضع جبينه فوق خاصتها وانزلقت عبرة غادرة من طرف عينيه
-لدرجة دي شيفاني حقير قوي كدا، لدرجة دي ياليلى أنا إنسان معدوم الأخلاق، اهتز جسدها بالبكاء عندما فقدت السيطرة على نفسها وقلبها الخائن الذي يشفعله دائما، فهمست
-راكان احنا اطلقنا واللي بتعمله دا حرام، كبيرة من الكبائر عشان خاطري متخلنيش اكره نفسي اكتر من كدا، كفاية بقى، فك ذراعها وكما هو كأن جسده شُل بالكامل، رفعت كفيها المرتعشتين تدفعه حتى سقط بجوارها، فزحفت حتى نزلت من فوق الفراش بجسد ينتفض رعبًا من حالته، فتحركت بجسد خالي وخطوات متعثرة حتى وصلت لأسما بالخارج ألقت نفسها بأحضانها وانهار جسدها وهي تبكي بشهقات مرتفعة وصلت إليه وهو متسطح على الفراش
❈-❈-❈
اتصلي بنوح ياأسما خليه يجي ياخدني من هنا، أنا مش عايزة أفضل هنا، اتصلي بابويا يجي ياخدني يااسما انا بموت مش عايزة اقعد في أي مكان مرتبط بالشخص دا
ضمتها أسما واجلستها على الأريكه تمسح على خصلاتها
-ليلى اهدي حبيبتي هعملك اللي انتِ عايزاه،
خرجت من احضانها تهز رأسها رافضة
-اتصلي حالا انا بختنق مش عايزة اقعد ولا دقيقة هنا
ظلت تمسد على خصلاتها حتى هدأت وغفت بأحضانها، أما بالداخل جلس وكلماتها تسقط على مسامعه سقوط نيزك يشعره بتائها بصحراء حالكة الظلام ..بأعين زائغة وصدره المشتعل بنيران حديثها ينظر حوله على مافعلته بالغرفة حتى أصبحت عبارة عن اشلاء مفتتة، أطبق على جفنيه عندما ظن ما فعله سيسعدها بكل ماجمعهم ولكنه أخطأ..استمع إلى رنين هاتفه، ابتلع ريقه الجاف بصعوبة وأجاب:
-أيوة ياجاسر .. !!
-راكان عرفنا مكان أمجد، زي ماتوقعت جدك كلمه على الرقم اللي بعته، ودلوقتي فيه قوة مجهزة ورايحين نقبض عليه ومعايا الدكتور يونس..نهضا بجسدًا بلا روح قائلا
-ابعت اللوكيشن وانا في الطريق، قالها وخرج وجدها تنام بأحضان أسما التي تضمها، اقترب منهما
-خلي بالك منها، ولو فيه حاجة عرفيني، أنا مش هجيلها تاني خليها ترتاح
تنهيدات متألمة وهو يناظرها بعيونًا حزينة مكملا
-أسما ليلى وأمير أمانة عندك، عمري مافكرت أذيها أنا حاولت وفشلت..قالها وتحرك للخارج ولكنه توقف عندما استمع إلى أسما
-انتوا فعلا اطلقتوا، قصدي يعني انت طلقتها فعلا ولا إيه، ماهو مش معقول تطلقها وتاني يوم تيجي و…صمتت ولم تكمل حديثها
ابتسم من بين أحزانه وأجابها
-اطلقنا..آسف ..قالها وتحرك سريعًا من أمامها وصل بعد قليل للمكان الذي أرسله جاسر، وجد الشرطة تطوق المكان وجاسر يتسلل بأحد الجوانب بجواره بعض الضباط وهو يشير إليه بالصمود.. بعد قليل تحفظت الشرطة على بعض الخارجين عن القانون، علموا ب الغرفة التي توجد بها سيلين ولكن علم أمجد فاخترقها وجذبها يضع سلاحه فوق رأسها
تجمد جاسر بمكانه عندما استمع إلى كلمات أمجد
هتقرب هقتلها أنا كدا كدا ميت، مش باقي على حاجة، إنما الحلوة لسة صغيرة وجميلة، وصل راكان ويونس عندما تأخر جاسر بالخروج
عم الصمت والجمود المكان ..ابتسم أمجد عندما رأى راكان
-اااووووه ابن البنداري شرف، لا دا مش واحد دا الأتنين، حرك السلاح على وجه سيلين يبتسم بسخرية
-مش قولتلك إنك غالية ياجميلة قولتي محدش هيزعل عليا، بس عايز اعرف يونس باشا بعد العك جايلك ليه؟
ايكونش عايز يكمل الليلة، ولا البت سارة مملتش عينه أصلها مش حلوة الصراحة..زأر يونس واقترب منه وهو يسبه محاولا الإمساك به
جذب أمجد سيلين من خصلاتها
-هتقرب هموتها.. “يونس” صرخ بها راكان الذي يقف وعيناه على وجه اخته، لقد اشتاق إليها، اليوم علم كيف تكن له تلك الجميلة
-عايز ايه ياأمجد..وبعدين من إمتى هتكون راجل وتحارب راجل لراجل؟
-ليه دايما بتسترجل على الستات
مط أمجد شفتيه للأمام وهو يجذب سيلين للخلف ويهمس بجوار اذنها لامسًا بشفتيه وجنتيها
-شوفتي جبتهم ازاي، ولسة توفيق باشا اللي معرفش ايه اللي حصل خلاها مستعد يخسر كل مايملكه عشان ترجعي
جن جنون يونس من إقترابه منها بتلك الطريقة
واقترب كالمجنون يحاول خنقه، ولكن جاسر سيطر عليه ودفعه لأحد العساكر
-امسكه يابني ولا كلبشه، هي ناقصة جنان، ثم اتجه إلى أمجد
-سيب البنت ياامجد كدا كدا الشرطة محاصرة المكان مش هتعرف تهرب
تحرك بها عدة خطوات وهو يرفع حاجبه بسخرية
-مين قال كدا، يانعيش سوا يا نموت سوا مش كدا ياسيلي ياحبيتي، اصلكوا متعرفوش أنا وسيلين قربنا من بعض قد إيه حتى البنت طلعت حلوة قوي
شهقت واضعة كفيها فوق فمها متراجعة بسبب جذبه لها للخلف بحدقتين متسعتين تبكي بجسد مرتجف تستجدي أخيها بنظراتها
كان يقف كالجماد العاجز الذي شل جسده من الحركة والتفكير، من نظراتها الخائفة، تمنى لو يضمها لأحضانه ليزيل خوفها فهمس وعيناه تحاوط عيناها
-سيبه يمشي ياجاسر، بس يسيب سيلين
أطلق أمجد ضحكة صاخبة
-لا جدع ياراكان، لا ياحبيبي لما افرح فيك شوية وانا شايفك مذلول، لا ولسة كمان لما اجيب حبيبتي هنا استنى عشان استمتع بضعفك وعجزك وأنت شايف ليلى وسيلين في حضني ..أنهى كلماته بحزم وقوة وهو يمسك هاتفه وقام الأتصال عليها ولكن هاتفها غير موجود بالخدمة
كلماته نزلت على جسده تفتت عظامه وتفرم لحمه..فاقترب يشير بيديه له
-وعد مني هخليك عايش ياامجد بس ابعد عن سيلين، سبها ياأمجد..تسلل جاسر في حين بدأ راكان يحادثه حتى يلهيه عندما وجد حركات جاسر من خلفه وماهي الا ثواني حتى اتجه بنظراته للخلف، حاول إطلاق الرصاص ولكن ركله جاسر حتى سقط السلاح، تلقف راكان سيلين بين ذراعيه يضمها بقوة يدفنها بأحضانه
-حبيبة قلبي عمل فيكي حاجة
هزت رأسها ودموعها تنسدل على وجنتيها قائلة بصوت مهزوز
-راكان خدني من هنا عايزة أروح عند ماما زمانها هتموت من الخوف عليا
هز رأسه وضمها متحركًا اتجاه يونس الذي أسرع يجذبها لأحضانه يستنشق رائحتها
-حبيبتي انتِ كويسة، لم تتحرك ولم تتأثر بكلماته..شعر راكان بها فأشار بعينيه إلى يونس
واخذها بأحضانه متحركًا للخارج…أما جاسر الذي قبض على أمجد وجذبه للخارج ولكن في غضون لحظات جذب سلاح العسكري عن غفلة منه وصاح بصوته الجهوري
-راكان حياتك بقت خطر وأطلق طلقته التي استقرت ببطن أحدهما عندما اختل توازنه بسبب دفع جاسر له وسقوطه على الأرضية
❈-❈-❈
بعد شهر بشركة البنداري دلفت السكرتيرة الخاصة بها
-باشمهندسة دا الفاينل النهائي للتصميم بعتته الباشمهندسة إسراء
أشارت إليها بإرهاق وهي ترجع بجسدها للخلف
-حطيه عندك وابعتيلي قهوتي، وابعتي المهندس حازم للاجتماع مكاني
تحركت السكرتيرة تضع الملف أمامها قائلة:
-الدكتور نوح بيقول لازم حضرتك تحضري الاجتماع عشان دا الأجتماعي السنوي وكل المساهمين هيكونوا موجودين
اهتز جسدها من فكرة تواجدها معه اليوم بعد تلك المدة، سحبت نفسًا تعبأ صدرها المجروح واخراجه على مهلا فأشارت لها
-تمام هجهز وأخرج بعد شوية..
بعد فترة من الزمن وخاصة بغرفة الأجتماعات الخاصة بمجموعة المساهمين بشركة البنداري جلس الجميع بإنتظارها، وكان على رأس الطاولة ذاك الشخص الذي تحول كليا فأصبحت ملامحه حادة وابتسامته قليلة حتى إنها أصبحت جافة من يراه يجزم انه لم يبتسم ابدا، الصمت الدائم مع صلابة عظامه وفتول ذراعيه ورغم فقدانه القليل من وزنه إلا أنه يمتلك عضلات بارزة، خلع جاكتيه وجلس أمام الجميع
-طبعا كلنا عارفين سبب الأجتماع، قاطع حديثه عندما دلف نوح وهو يطوق ذراع ليلى ملقيًا السلام
وقف حمزة وهو يطلق ضحكة استفزازية
-اتأخرت ليه ياجورج بوش، نقرت نورسين على سطح المكتب وهي ترمق ليلى بنظرات إستخفافية قائلة بصوت خفيض اخترق إذن الذي تجلس بجواره
-البت دي مبضيعش فرص ابدا، سليم وراكان ودلوقتي نوح، دا شوية هنلاقيها مسيطرة على الشركة كلها
تحركت ليلى بكعبها وكأنه يتحرك على عظامه يفتته من ابتسامتها الجميلة وهي تتحدث مع حمزة
-أسفة ياحضرة الافوكاتو انا اللي أخرت نوح..تحركت إلى أن جلست بجوار يونس الصامت ملقية السلام عليه
-اذي حضرتك يادكتور يونس
اومأ برأسه برسميه واجابها
-كويس، ثم اتجه بنظره إلى راكان
-الكل وصل ياله كمل عندي عملية بعد ساعتين يادوب اجهز
كانت ملامحه ثابتة جامدة على عكس دواخله التي اضطربت من اقترابها ورائحتها التي وصلت لرئتيه، سحب نفسًا بهدوء متلاشيًا وجودها وسيطر على قوة مشاعره قائلا بصوتًا جعله متزنا ثابتا كأنه لم يتأثر بشيئا
-طبعا الباشمهندسة نورسين اشترت أرض وعايزة تعمل عليها مشروع كويس، فهي حابة تتكلم عنه، لكن قبل ماتتكلموا عن المشروعات الخاصة المتعلقة السنادي بالشركة، بس اسمحيلي الأول يانور عايز أقول حاجة، وزع نظراته بينهم:
-أنا عن نفسي دا هيكون آخر اجتماع ليا في المجموعة، يونس هيتولى كل حاجة مع حمزة، أنا جيت أعمل تنازل وأكد قدام الكل كل اللي هم هيعملوه اعتبروا انا موافق عليه، ومن الشهر الجاي عموا خالد وجلال هيرجعوا مناصبهم تاني..قالها ونصب عوده واقفًا
– ودلوقتي انا هنسحب من الأجتماع، ومدام ليلى هي اللي هتتولى منصبي بما أن ليها النصيب الأكبر بعدي ..قالها وهو يتوجه بنظراته إليها، احتضنت العيون بعضها للحظات، وكأن الأرض تبدلت غير الأرض والزمان غير الزمان والقلوب تأن وتصرخ ..تسلطت عيناه على ملامح وجهها الذي تغير لبعض الشحوب، لا يعلم كيف أتى بهذا الهدوء متناسيا الميعاد الذي جمعهم والأحضان التي ملئت صدورهم بدفئ مشاعرهم، كيف تحول كل هذا وأصبح رمادا حركته الرياح وهجر المكان، تجمدت من حديثه فهمست له
-دا مكانك ومينفعش اخده، تقابلت نظراتهما مرة اخرى بحديث العيون مردفًا
-ماليش مكان هنا، النفس بيضايق البعض، مش كدا يانوح، قالها مصوبا نظراته الحزينة إلى نوح، الذي كور قبضته بغضب حتى ضغط حمزة عليه، ثم اتجه بأنظاره للجميع
-مدام ليلى رئيسة مجموعة البنداري، اتجه إليها يشير بيديه على الكرسي
طالعته بنظراتها المتألمة، فالقلوب تحترق بهدوء قاتل أمام الجميع والألسن عاجزة عن مايحدث أمامهما.. كدا كله تمام ثم جمع أشيائه متحركا دون حديث آخر
صدمة أصابت البعض وأولهما نوح الذي يجلس بعيدًا عنه وكأنه لا يعرفه، وليلى التي نزلت كلماته عليها كضربة زلزلت كيانها الهش فوق عذابها..تقابلت نظراتها بنوح الذي أومأ بعيناه إليها فتحركت لمقعده تجلس عليه، وجسدها ينتفض كحال قلبها تود لو تترك كل شيئا وتهرول خلفه، ولكن كيف بعد الذي صار بينهما بتلك الفترة الأخيرة …لحظات قليلة وبدأت سيطرتها على نفسها في الإجتماع متخطية الحواجز…
أنهت الأجتماع بعد فترة ليست بالقليلة، واتجهت بخطواتها المتعثرة تختلي بنفسها بغرفة مكتبها ثم جمعت أشيائها متحركة للخارج سريعا، وصلت منزلها بعد قليل دلفت للداخل ولكن جحظت عيناها من ذاك الشخص الذي يجلس ينتظرها بالداخل.هب من مكانه يضع كفه على فمها
: لو سمعت صوتك شوفي كدا واتملي بعينك كويس هقتله، نظرت لشاشة هاتفه وسلاح أحدهما متوجها نحوه نحو معذب روحها وقلبها همست باسمه، واتجهت ليده الأخرى المربية وطفلها الذي يعلو بكائه

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *