روايات

رواية وجوه الحب الفصل الرابع 4 بقلم نور بشير

رواية وجوه الحب الفصل الرابع 4 بقلم نور بشير

رواية وجوه الحب البارت الرابع

رواية وجوه الحب الجزء الرابع

وجوه الحب

رواية وجوه الحب الحلقة الرابعة

( ٤ ) – هزيمة أم انتصار –
١٧ – ٦ – ٢٠٢١م.
بداخل مطار القاهرة الدولي.
حيث تُسير ” أصـالـة ” برفقه صغيرها ” سـلـيـم ” ومدير أعمالها السيد ” نـوح ” صاحب الستون عامًا؛ وكان المشهد كالآتي:
تخرج ” أصـالـة ” من صالة الوصول وهي تُشبك أناملها بـِـ أنامل صغيرها التي تُمدُها بالكثير من الدعم والأمان خصوصًا بعد عودتها لأول مرة إلى أرض الوطن التي رحلت عنه منهزمه، جريحه منذ أكثر من ستة وعشرون عامًا.
بالطبع شعور صعب تشعر به الآن ولكنها تُسير بكل صلابة وقوة مستمده لها من نظرات صغيرها وضغطه من الحين للآخر بأنامله فوق أناملها حتى يبثُها بالدعم والطمأنينة والأمان.
خرجت ” أصـالـة ” من المطار برفقتهم فإستقلوا جميعهم السيارة؛ حيث صعد ” نـوح ” إلى جوار السائق؛ وصعد ” سـلـيـم ” بدوره إلى جوار والدته بالخلف. وبمجرد ما أن تحركت بهم السيارة حتى أستندت ” أصـالـة ” برأسها على زجاج الشرفة بجوارها وهي تتابع السماء والشوارع من حولها بنظرات تائهه بين الشغف والإنطفاء، وبين السعادة والحزن، تشعر وكأن بداخلها ألف شعور وشعور غير قادره على وصفهم ولو بنصف كلمة حتى؛ تشعر وكأن فرحتها بعودتها إلى وطنها لازال ينتقصها شيئًا عجزت عن تحديده ولكنها تشعر وبشدة بحاجتها إليه. تنظر إلى الشوارع والجدران والطرق وكأنها تراهم ولأول مرة بحياتها؛ أو كأنها بلده جديدة لم تعرفها من قبل أم بالأحق هي الدخيلة عليها؛ شعور بالغربة كبير أستوطن قلبها على الرغم من أنها عادت وأخيرًا بعد سنواتها من غربتها الحقيقية؛ إلا أن ذلك الشعور يلازم قلبها منذ أن وطأت قدميها أرض الوطن.
فسحبت نفسًا عميقًا في محاولة منها لتنشيط حالها وتجديد مشاعرها؛ إلا أن الوضع لم يختلف كثيرًا من بعد فعلتها تلك. فعادت تتابع السماء بشرود وكأنها تُسبح معها في عالم آخر متناسيه الزمان والمكان والموقف بأكمله؛ كل ما عليها فعله هو أنها تاركه نفسها لعنان السماء وذاكرتها الفولاذية التي تُرهقها وتُآرق نومها دومًا.
• عودة إلى الماضي – Flash Back.
كان الجميع يجتمع في غرفة الإستقبال في إنتظار عودة ” مُـراد ” على أحر من الجمر حتى يطمئنهم على نتيجة إختبار إثبات النسب لبنوة الجنين لـِـ العائلة؛ فكان ” عـابـد ” يجلس على الأريكة المذهبه مستندًا بيداه على عصاه الأبانوسي العتيق؛ وتلك الـ ” شـهـيـرة ” تجلس منكسه الرأس في حزن على حالتها وحال صغيرها الذي لم يرىٰ ضوء الشمس بعد؛ أما ” سـهـام ” فكانت تزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا؛ هنا وهناك لعلها تستطيع التحكم في مشاعرها وعدم تفريغ طاقة غضبها على تلك الـ ” شـهـيـرة ” التى تُشبه حلوىٰ المُولد بالأسواق. فإتجه الجميع مسرعون إلى الخارج بما فيهم ” عـابـد ” الذي هرع إلى باب المنزل بصعوبة بالغة مجرد ما أن تسلل إلى آذانه صوت جرس الباب.
وما أن فتحت الخادمة باب القصر حتى أطل منه ” مُـراد ” في حالة هياج كبيرة كادت أن تُصيب الخادمة بالحائط من شدتها. فها هو ركل الباب بقدميه على مصرعيه متجاهلًا والده والجميع منطلقًا كالسهم إلى حيث تقبع زوجته بالأعلىٰ؛ فهيئته تدل على أنه سيرتكب جريمة لا محاله فإحمرار وجهه وبروز أعرقه بوضوح أن دل على شئ فهو دليل على ثورته وغضبه ونيرانه الكامنة التي كادت أن تحرق معها الأخضر واليابس بل العالم بأكمله؛ فلم يستمع إلى والده وهو يهتف به بدهشة من هيئته.
– خير يا أبني فيك إيه طمني..؟!
وأنطلق إلى الأعلىٰ متجاهلًا كل ذلك؛ صاعدًا إلى حيث غرفته هو وزوجته بل حبيبة عمره ومعشوقته الذي تعاهده على ألا يُفلت أحدهم يد الآخر مهما حدث تحت دهشة الجميع وصدمتهم مما يحدث له.
وبالأعلىٰ كانت ” أصـالـة ” تجلس أعلىٰ فراشها الوثير وهي ترتدي لقميص من الحرير الخالص ذو اللون القرمزي يصل إلى ما قبل ركبتيها بقليل تتصفح إحدىٰ المجلات الخاصة بأحدث صيحات الموضة والأزياء وهي تربت بيديها بحنان أعلى بروز بطنها التي بدءت في الظهور والوضوح بعض الشئ؛ وكأنها ترسل لصغيرها رسائل خاصة لا يستطيع أحد فهمها سواهم. وإذا بها تنتفض من نومتها على أثر فتح الباب المفاجئ بطريقة همجية لم تعتاد عليها من قبل ودلوف ذلك الثور الهائج والذي لا تدل هيئته على خير بتاتًا.
فهتف به ” أصـالـة ” بفزع بعدما وقفت بصعوبة على قدميها فهي من الصباح وهي تشعر بألم في ساقيها كبير وفسرت ذلك بسبب أعراض الحمل.
– في إيه يا مُـراد..؟!
مالك يا حبيبي فيك إيه..؟!
” مُـراد ” وهو يقترب منها صافعًا لها بقوة والشرر يتطاير من عيناه.
– بقااااا أنا أتخم فيكي وأتضرب على قفاااياااا..؟!
بقااااا حتة عيلة زيك تعمل فيا أنا كده يا فـ…..؟!
ثم أضاف وهو يجذبها من خصلاتها بعنف حتى كادت أن تشعر بأنها سوف تقتلع من رأسها.
– أنطقي الواد اللي في بطنك ده مين أبوه..؟!
قوليلي العيل ده يبقاااا إبن مين يا …..؟!
” أصـالـة ” وهي تبكي بحرقة وعدم إستيعاب لما يحدث من حولها.
– آااااااه..
إيه اللي أنت بتقوله دي يا مُـراد آاااه..
أنت بتشك فياااا..؟!
” مُـراد ” وهو يصفعها مرة آخرىٰ بغل ونيران تنهش صدره نهشًا.
– أنطقي الواد ده مين أبوه..؟!
” أصـالـة ” ببكاء ووجهها أصبح كحبة التُفاح من شدة الصفعات التي تلقتها وسخونتها.
– الواد ده إبنك يا مُـراد فوق وشوف أنت بتقول إيه..؟!
” مُـراد ” وهو يصفعها مرة آخرىٰ بقوة أكبر.
– أنا فوقت يا هانم بس فوقت متأخر أوي..
فوقت بعد ما ضيعت أسمي ورميته في الوحل في إحضان واحدة رخيصة زيك..؟!
ثم أضاف وهو يلكمها ويصفعها صفعات متتالية بغضب أعمىٰ.
– أنطقي مين اللي خونتيني معاه وحملتي منه في السر يا واطية..؟!
” أصـالـة ” بعدما سقطت على الأرضية من شدة وقوة الصفعة التي شعرت بعدها وكأن الغرفة تُضيق وتُضيق وأنقلبت رأسًا على عُقب بأعينها.
– مُـراد أنت بتقول إيه بس..؟!
أهدىٰ يا حبيبي عشان خاطري أنا بحبك واللّٰه وعمري ما خونتك ولا هخونك..؟!
ثم أضافت وهي تهب واقفة بصعوبة بالغة محاولة الإستقواء على نفسها وتجاهل آلامها.
– مُـراد أنا أصـالـة مراتك وحبيبتك وأم إبنك..؟!
أنت عارف أني بحبك وإستحالة أعمل حاجة زيّ دي..
” مُـراد ” وهو يمد يديه ماسحًا على ذقنه بعنف ونبرة مليئة بالسخرية.
– خلااااااص..
خلاااااااص الريالة اللي كانت هنا مسحتها يا زبالة وعرفت حقيقتك والغشاوة اللي كانت عامية عنيا بـِـ حبك راحت..
ثم أضاف وهو يقذفها بالأرض بعيدًا عنه بعنف وقوة لم يتعامل بها يومًا معها أو مع غيرها من قبل.
– بس أنا اللي غلطان..
أنا اللي غلطان عشان سمحت لواحدة زبالة زيك تربية شوارع بأنها تشيل أسمي وتدوق عزي وخيري وخير أبوياااا؛ بس خلااااااص الأهبل بتاع زمان مبقاش أهبل وهيرميكي من مكان ما جابك يا زبالة..
” أصـالـة ” بحُرقه وهي تبكي بكاء يقطع له نياط القلب بعدما سال منها خيط من الدماء بجانب فمها من قوة الصفعات التي تلقتها على يداه.
– أنت بتظلمني يا مُـراد صدقني..
صدقني يا مُـراد ده أكيد سوء تفاهم وحد بيوقع بيناااا..
أرجوك قولي بس إيه اللي حصل عمل فيك كده وحولك بالشكل ده..؟!
” مُـراد ” بغضب وهو يركلها بقدمه أسفل بطنها بغل واضح وهمجية لم تكن به يومًا ومع من..؟!
مع أعز وأغلى إنسان إلى قلبه..
– عايزه تعرفي اللي حصل مش كده..؟!
ثم أضاف وهو يركلها بغل أكبر.
– اللي حصل أني طلعت عقيم ومبخلفش يا ست هااااانم؛ عرفتي إيه اللي حصل..؟!
” أصـالـة ” بتآوه والدماء تُسيل من بين قدميها بغزارة.
– آاااااه..؛ آاااه..
إيه اللي أنت بتقوله ده أنت أكيد أتجنيت..
ثم أضافت
أنا حامل منك صدقني وأنت أبو البيبي اللي في بطني..؟!
– فتابعت وهي تنهج بتعب وإعياء شديد.
– آااااه..
أنا مراتك وحامل في إبنك يا مُـراد صدقني أرجوك..
” مُـراد ” وهو يجذبها من خصلاتها بغل ماسحًا بها أرضية الغرفة والدرج وهو يجذبها إلى الخارج وليس خارج الغرفة فحسب بل خارج القصر بأكمله وهي تبكي بين يديها بحُرقه وقهرة كبيرة ودمائها تسيل على الأرضية بغزارة تاركه أثرها من خلفها وهو يسبها ويقذفها بأبشع الألفاظ؛ والجميع يُحاول تخليصها من بين يديه بما فيهم ” عـابـد ” الذي هتف بأنفاس منقطعه على أثر نهيجه العالي.
– سيبها يا أبني وأغزي الشيطان متفرجش الناس علينا..
سيبها يا حبيبي وكله بيتحل بالهداوة..
” سـهـام ” بقلق على هيئتها محاولة فكاك يديه من على خصلاتها التي على وشك أن تتقطع بين أنامله.
– في إيه يا مُـراد إيه اللي أنت بتعمله ده..؟!
أنت ناسي أنها حامل..؟!
” شـهـيـرة ” بغضب.
– أنت فاكرها سايبه ولا إيه..؟!
حرام عليك البنت هتموت بين إيديك..؟! يا أخي لو مش عشانها على الأقل عشان خاطر إبنك..
” مُـراد ” وهو يضرب رأسها بالأرض بقوة وعنف كبيران.
– أبني..
ثم أضاف بسخرية.
– هههئ؛ أبني..
ده عمره ما كان ولا هيكون أبني عشان ببساطة أنا عقيم مبخلفش..
ثم أضاف وهو يبثق على المجثوه أعلى الأرض غارقه بدمائها بتقزز شديد.
– والحمدللّٰه أني مبخلفش عشان مجبش منها عيل شايل دم واحدة نـ….. وفـ….. زيها.
” عـابـد ” بغضب وصدمة وهو يضرب بعصاه الأرض بحدة.
– يعني إيه الكلام ده..؟!
أومااااال العيل ده إبن مين..؟!
” مُـراد ” وهو يُعاود ركلها بقدمه بعنف.
– العيل ده إبن حرام يا بابا..
العيل ده أمه ست زانية مش معروفله أب ولا نسب..
كل ذلك و ” سـهـام ” و” شـهـيـرة ” يقفان تُغرق العبرات وجوههم على حالة تلك الفتاة الساكنة بين الوعي واللاوعي ودموعها تسيل بهدوء من عيناها وكأنها فقدت طاقتها وأملها بالحياة وهي تتابع دمائها المندفقه منها وبشدة وترىٰ بوضوح آخر أمل لها بالحياة وهو يهرول بعيدًا عنها.
ثم أضاف بنبرة سوداوية غاضبه.
– مراتي الشريفة العفيفة طلعت زانية..
ومدام شـهـيـرة اللي كلنا فكرناها شمال طلعت أحسن منها مليون مرة وهي اللي شايله إبن أخوياا اللي شايل دمنا في بطنهاااا يا بابااا..
ثم أضاف وهو ينظر إلى ” أصـالـة ” دون شفقه أو رحمة بنبرة يملؤها الحقد والغل؛ متعمدًا قهرتها.
– وعشان كده يا بابا أنا قررت أتجوز شـهـيـرة أول ما تنتهي شهور عدتها وهربي إبن أخوياااا بدل ما أربي عيل مش من دمي..
وهنا سقطت عبرات ” أصـالـة ” بصمتًا تام وإنكسار وهي تنظر له نظرة تكادُ أن تجزم بأنه لن ولم يستطيع نسيانها أو محوها من ذاكرته مهما حيَّيا.
الجميع يشعر وكأن على رؤسهم الطير؛ و ” شـهـيـرة ” تبكي بتأثر شديد وهي تتحسس بيديها بطنها وتتابع حالة المرمية على الأرضية بين الحياة والموت.
فتابع ” مُـراد ” وهو ينظر لها بأعين واسعة قاصدًا لكل حرف يتفوه به وهو يتابع ردة فعلها وعيناه تطلق أسهم قناصه تُصيب قلبها في الصميم حتى كادت أن تقتلعه من موضعه.
– أنتي طالق يا زبالة!
طالق ومالكيش مكان هناااا..! ثم أضاف وهو يُعاود سحبها من خصلاتها إلى الخارج من جديد؛ مقلعًا لها من عُش الزوجية بل ومن حياته بأكملها تحت صرخات ” سـهـام ” و ” شـهـيـرة ” التي هتفت بهلع.
– مُـراد بيه مينفعش اللي حضرتك بتعمله ده..؟!
مُـراد بيه مينفعش كده على الأقل أسترها وخليها تلبس أي حاجة من فضلك..
” مُـراد ” بجحود وجمود قلب.
– أنا أخدتها بالهدوم اللي عليها وهرميها بره بهدومها اللي عليها برضو..
خلي كلاب السكك تنهش فيها عشان اللي زيّ دي لازم تكون دي نهايتهم..! قالها ثم أدخل الجميع اللي الداخل صافعًا الباب بقوة بعدما أمر الحراس بحملها ورميها إلى الخارج كما يرمىٰ أحدهم أكياس القمامة بإهمال. وبمجرد ما أن دلف حتى هتف بأسوداد.
– الكلبة دي من النهارده بره حياتنا كلنا ومش عايز أسمع أسمها بيتقال في البيت ده تاني؛ ولو حاولت مجرد محاولة بس أنها تتواصل مع أي حد فيكم وكلمتوها أو شفتوها مش هيحصل كويس..
ثم تابع وهو يقترب من والده والعبرات تشكل حاجزًا زجاجيًا بداخل أعينه تآبه الهطول.
– أنا أسف يا بابا..
أسف أني مسمعتش كلامك من البداية وعطيت أسمي وإسم العيلة لوحدة متستاهلش..
ثم أضاف بعدما سقطت عبرة خائنة أسرع بمحوُها سريعًا قبل أن يراها أحد وتابع بقوة.
– بس صدقني يا بابا من النهارده هتشوف مُـراد جديد؛ وعشان كده قررت أتجوز شـهـيـرة وأربي إبن أخويا اللي مُـعـتـصـم ملحقش يشوفه ولا يفرح بيه..
فتابع وهو يقبل يديه؛ مستندًا برأسه عليها بإنكسار حاول جاهدًا عدم إظهاره وإخفائه بقدر إستطاعته.
– ده وعد مني يا بابا..
من النهارده مسؤلية شـهـيـرة وإبن أخويا في رقبتي وده وعد مش هيحله إلا الموت..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وجوه الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *