روايات

رواية في حي الزمالك الفصل الرابع عشر 14 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك الفصل الرابع عشر 14 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك البارت الرابع عشر

رواية في حي الزمالك الجزء الرابع عشر

رواية في حي الزمالك الحلقة الرابعة عشر

طِفْل وَحِيدٌ 🤎🦋✨

_____________________________

“الله ده حلو أوي!! تسلم ايديك يا ميرال تعبتي نفسك والله.”

“تعب أيه بس؟! دي حاجة بسيطة..”

“لا والله فرحت أوي هبقى أخده معايا الجامعة والشغل بعد كده إن شاء الله.” قال نوح لتتسع إبتسامة ميرال أكثر، سيأخذ هديتها كتذكار معه في كل مكان! سيأخذ الكوب الذي صبت داخله الحب والإعجاب صباً معه إلى العالم الخارجي.

“يلا شد حيلك بقى وبطل مرقعة ودلع عشان ترجع لشغلك ولا قاعدة البيت جت على هواك؟” سألته أفنان متعمدة إثارة غيظة لتحاول فتح حوار معه دون اللجوء إلى المعاتبة الإعتذارات المبتذلة من كلا الطرفين حول ما حدث ذلك اليوم.

“أيه وحشتك؟” سأل نوح وبالرغم من كونها جملة عادية إلا أنا وجه ميرال قد عبس، حيث شعرت في تلك اللحظة أن كلمة واحدة من فم أفنان حتى وإن كانت لاذعة قادرة على لفت إنتباه نوح وأن كل ما تبذله ميرال من جهد لا يساوي شيء أمام تأثير أفنان عليه..

“أعوذ بالله يا عم! هي دي أشكال توحشني برضوا؟! بقولكوا أيه تعالوا نقعد برا عشان الجو هنا خانقة.”

“يا بت أنتي لسانك بينقط سم ليه كده؟!” سألها نوح بنبرة مزيج من الغيظ والسخرية، لتُجيبه هي الآخرى بنبرة سخيفة قائلة:

“من كتر القاعدة معاك!”

“يا شيخة ده الحمدلله أن ميرال مش زيك! كان هيبقى الوضع صعب أوي!”

“يا شيخ الحمدلله أن مريم مش زيك كان هيبقى الوضع صعب أوي.” قلدت أفنان نبرة نوح بسخرية قبل أن تأخذ حقيبتها ومريم وميرال وتغادر الحجرة.

جلست أفنان على الأريكة أمام التلفاز وإلى جانبها ميرال ومريم أما نوح فقد جلس على كرسي إلى جانبهم، كان يجول بنظره بين أفنان وميرال لتنتبه مريم لذلك وتنظر نحوه بحده، بعد دقيقتين يصدر صوت إشعار من هاتف أفنان فتُمسك به وتظهر إبتسامة واسعة على ثغرها.

“بيوزعوا نكت في التليفون ولا أيه؟” سأل نوح ساخراً لتنظر نحوه أفنان بإزدراء وتقول:

“أيه يا واد الخفة دي؟ وبعدين خليك في حالك.”

“سيبك منه يا أفنان مترديش عليه.” صدرت هذه الجملة من خالتها وهي تمنحها طبق البوشار.

‘الشيكولاتة عجبتك؟’ عاودت النظر إلى رسالة رحيم وقررت أن تجيبه هذه المرة:

‘لسه مكلتهاش والله.’

‘طب هتاكليها أمتى؟ عايز أعرف هتعجبك ولا لا؟’

‘ليه الإهتمام الأوڤر ده؟ هتعمل أيه يعني لو عجبتني؟’

‘هجبلك علبة كاملة ليكي لوحدك.. وبعدين ثواني هو أنتي بتردي متأخر ليه؟’

‘علبة كاملة!! لا يا عم مش للدرجة دي!! أصل أحنا مش في البيت.’

‘سهرانة برا؟’

‘أنت بتقول أيه؟! لا طبعاً، سهرانة مع ماما وأختي عند خالتو.’

‘وطنط اللي أنتي عندها دي.. عندها ولاد؟’ قرأت أفنان الرسالة وأخذت تقهقه من سخف جملة رحيم.

‘طنط دي عندها بنت وولد.’

‘ولد كبير؟’ سأل رحيم وهو يستخدم لفظة ‘ولد’ بدلاً من شاب، لتبتسم أفنان من لطفه.. إنه حقاً أشبه بشخص ما مازال يتعلم كيفية نطق الكلمات، لكن أفنان توقفت عن الإبتسام لثوانٍ وأدركت أنها لم تخبر رحيم قط بشأن صلتها بنوح.. لم تجد سبباً منطقياً يمنعها من فعل ذلك لكنها شعرت أنه من الأفضل ألا تُخبره تجنباً لمزيد من الشجار، أو ربما ذلك سيتسبب في مزيداً منه.. هي لا تدري..

‘اه ولد كبير.. شاب.’

‘تمام.. خدي بالك منه بقى يعني.. Take care about yourself ‘احرصي على سلامتكِ.’

‘حاضر يا عمو رحيم.’

‘عسولة ما شاء الله عليكي.’ كان هذه الرسالة الأخيرة حيث ترك هاتفه حينما سمع صوت طرقات على الباب وكانت الخادمة.

“رحيم بيه، مدام إيڤلين بتقول لحضرتك أن معاد العشاء فاضل عليه خمس دقايق.” سمع رحيم ما قالته وقلب عيناه بتملل قبل أن يومئ لها بمعنى ‘حسناً’

“مساء الخير يا مامي.. فين بابي؟” سأل رحيم وهو يجذب الكرسي ليجلس في موضعه المعتاد.

“مساء النور، حامد جاي حالاً كان معاه مكالمة شغل.”

“هناكل أيه النهاردة؟” سأل رحيم بحماس طفولي وهو يشعر بزمجرة في معدته من الجوع، لكن والدته لم يبدو عليها الحماسه ذاتها حيث علقت بفتور قائلة:

“من أمتى وأنت بتسأل؟ you eat what’s in your plate bm ‘أنت تتناول ما يُوضع في صحنك’.” لم يُعلق رحيم بل زفر بضيق وهو يهز قدميه بإمتعاض.

“مساء الخير حبيبتي، مساء الخير يا رحيم.” قال حامد فور قدومه قبل أن يقبل رأس زوجته ويجلس في مقعده.

“مساء الخير يا بابي.” ساد الصمت بعد هذه الجملة ولا يوجد أي مصدر ضوضاء سوى الصوت الخافت لإصطدام شوكتهم بالأطباق، قطع صوت رحيم هذا الصوت وهو يسأل والدته قائلاً:

“مامي ممكن اسأل حضرتك سؤال؟”

“اتفضل.”

“هو ليه أنتي وبابي مخلفتوش غيري؟” سأل رحيم لتضطرب معالم والده قليلاً بينما نظرت نحوه والدته بثبات وقالت:

“عشان كنا شايفين أننا أكتفينا بطفل واحد، نديله إهتمام ورعاية.” أجابت ليزدرد رحيم ما في فمه ببطء وهو يفكر في أن ذلك كان أسوء قرار قد اتخذوه يوماً فبغض النظر عن عيوب كونه طفلاً وحيداً، كونه هو محط الإهتمام وموضوع أسفل عدسة مكبرة طوال الوقت هو اسوء ما في الأمر، فلا يوجد شخص سواه يسلب جزءاً من إهتمام والديه المبالغ فيه.

“بس مش شايفة أنه قرار كان غلط؟”

“لا، أنا مباخدش قرارت غلط.” أجابت والدته بنبرة صارمة لينظر نحوها رحيم بعدم إقتناع ويُردف:

“أسف يا مامي.. بس مفيش حد مبيغلطش.”

“أنا قراراتي كلها مدروسة.”

“حتى ولو بيفضل برضوا في نسبة خطأ واردة.”

“خلاص خلصنا! أقفل النقاش في الموضوع ده!!” أردفت والدتها بعصبيه ليجفل رحيم لثوانٍ ثم ينظر لوالده الذي رمقه بنظره ذات مغزى تعنى ‘خلاص اسكت دلوقتي’

“أنا شبعت!” قال رحيم وهو يغادر مقعده بغضب وتنظر نحوه والدته بحده ثم تردف بغضب قائلة:

“أحسن!” أبتلع رحيم ما في فمه وهو يصعد نحو غرفته، وكانت تقريباً تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها والدته بهذا الغضب، فمهما كانت مستاءة كانت دائماً مُحافظة على هدوئها قدر الإمكان.

أمسك رحيم بهاتفه وشعر بضيق فهو لا يزال جائعاً وبشدة لكن كرامته لن تسمح له بالنزول والحصول على الطعام الآن.

‘أنا جعان أوي!!’

‘طب ما تخلي مامتك تعملك أكل.’ أجابت أفنان ببساطة ليشعر رحيم بغصه في حلقه حينما قرأ الرسالة ثم أجابها قائلاً:

‘مامي.. نايمة.’

‘مامي؟ مكذبتش لما قولت عليك توتو مش الوقت بدري شوية عالنوم؟ عمتاً حاول تعملك سندوتش جبنة ولا مِش.’

‘أولاً أنا مش توتو.. ثانياً يعني أيه توتو؟ ثالثاً أيه مش دي؟ مش أيه؟’ قهقهت أفنان بصوتًا مسموع لينظر نحوها الجميع بشيء من الريبة، نظرت نحوها مرام بحاجب مرفوع قبل أن تستنج أنه بالتأكيد لا شيء ولا أحد يمكنه أن يُضحكها سوى رحيم.

“أسفة يا جماعة.. قريت ميم بيضحك بس.” كذبت أفنان لتومئ الفتاتان بينما لم يُبدي نوح ردة فعل عدا تعابير وجه مستاءة.

‘أولاً أنت توتو، ثانياً توتو دي يعني عيل ابن ناس طري كده، ثالثاً مِش دي أكلة.. اللي هي جبنة قديمة أوي كده وطعمها حادق سِنه، أنا بشرحلك أيه بجد؟’ فسرت وأنهت جملتها بتعابير وجه تبكي من الضحك.

‘هو أني أكون ابن ناس دي حاجة وحشة؟ وبعدين ما كلنا ولاد ناس يعني ولا أنتي سُلالتك أيه؟’

‘أنت طيب أوي يا رحيم بجد.. بحسك عامل زي العيل الصغير.’

‘طب دي حاجة حلوة ولا وحشة؟’

‘مش عارفة.. ساعات بتبقى حاجة حلوة وساعات بتعصبني وببقى عايزة اضربك!’

‘أعوذ بالله.. متعرفيش تكملي جملة حلو ابداً؟ بس عالعموم شكراً يا دكتورة’ نظرت أفنان نحو الرسالة وابتسمت على لطفه.

“طب ما تضحكينا معاكي يا أفنان، وبعدين ما تخلي عندك ذوق شوية هو مش كلنا قاعدين مع بعض؟ محدش ماسك تليفونه غيرك.” علق رحيم بإزداء لتنظر نحوه أفنان بغيظ وتردف:

“ما تهدى عليا شوية يا عم نوح في أيه؟”

“يا شيخة بس بقى، ترجع الدراسة بس وهوريكي!”

“ماشي وأنا كل لما أصلي هدعي الرسالة بتاعتك متتقبلش.. ها خالصين؟” قالت أفنان بنبرة واثقة لتتسع أعين نوح وينظر نحوها برعي قائلاً:

“يا ساتر!!! لا خلاص أنا أسف يا ستي.. كله إلا الرسالة اللي طالع عين أهلي فيها!!”

“ايوا كده اضبط.”

في غرفة رحيم، جلس رحيم ينتظر من أفنان رداً على رسالته الأخيرة لكن لم يصله رد ليشعر بإمتعاض وهو يفكر في أن ربما وجودها برفقة ابن خالتها ذلك هو السبب في تأخر الرد.

“رحيم ممكن أدخل؟” سمع صوت والده في الخارج ليستقيم على الفور ويقول:

“طبعاً يا بابي اتفضل، خير في حاجة ولا أيه؟”

“لا مفيش حاجة.. مالك قلقت كده ليه؟”

“أصل حضرتك مبتدخلش أوضتي خالص، لما بتعوز حاجة بتقول لل Maid ‘الخادمة’ تقولي.”

“تصدق فعلاً.. بس أوضتك حلوة ومنظمة، ذوقك عالي زي.”

“طالع لحضرتك طبعاً.. ها حضرتك عايز تكلمني في أيه؟”

“عايزك تنزل تكمل أكلك.. أنا عارف أنك مش عيل صغير عشان أقولك تعالى كُل ومتتقمصش والكلام ده، بس أنا عارف أن طريقة مامتك ضايقتك فجيت أقولك متزعلش.”

“لا عادي يا بابي أنا أتعودت.. بس حضرتك تعبت نفسك صدقني الموضوع مش مستاهل..” تحدث رحيم بنبرة يشوبها الحزن بينما ينظر نحوه والده بأسى وهو يربت على كتفه ثم يقول بنبرة جادة:

“أنا بس كنت عايز احكيلك على حاجة.. محدش يعرفها خالص تقريباً..”

“أنا برضوا قولت أكيد في حاجة.. مامي مش بتتعصب كده ابداً، أنا سألت سؤال غلط صح؟” سأل رحيم بفضول وانتباه شديد منتظراً الإجابة.

“مش فكرة غلط.. هو بس جيه على الجرح.”

“جرح؟” عقد رحيم حاجبيه وهو ينتظر تفسيراً من والده.

“اه.. أنا ومامتك يا رحيم كان نفسنا أننا نجبلك أخ.. كان نفسنا أننا نجيبك اصلاً، بص أنا ومامتك فضلنا كام سنة بنحاول نخلف أول لما اتجوزنا لكن كانت محاولات فاشلة عشان مامتك كان عندها مشكلة لحد ما المعجزة حصلت بفضل ربنا والعلاج وأنت جيت ومليت علينا دنيتنا..” سرد والده ما حدث بنبرة مهتزة بينما غلفت طبقة بلورية عيناه العسلية.

“أنا فعلاً أول مرة اسمع الموضوع ده..”

“الموضوع مخلصش هنا.. بعد كام سنة حاولنا نجبلك أخ أو أخت لكن المشكلة اللي عند مامتك كبرت لدرجة أنه بقى مستحيل تقريباً أنها تخلف، حاولنا مرة بتدخل طبي لكن المحاولة منجحتش.. ولو كنا كررنا المحاولات والتدخلات الطبية تاني كان هيبقى في خطر على حياتها!”

“أنا.. حقيقي أسف.. لو كنت أعرف الكلام ده عمري ما كنت هسألها! بس هي عمرها ما حكتلي حاجة زي كده..”

“متقلقش أنت سألتها كتير زمان بس أنت مش فاكر.” اردف والده وهو يقهقه بينما يكفكف الدموع التي كانت على وشك الهبوط من عيناها ليقترب منه رحيم ويضمه برفق.

“متزعلش يا بابي.. أنا موجود وهعوضك عن كل ال Babies ‘الأطفال’ اللي مجوش.” قال رحيم بنبرة طفولية لينظر نحوه والده بإبتسامة واسعة وهو يُعلق قائلاً:

“صح فعلاً هتعوضني بس لما تجبلي تلات أو أربع أحفاد كده ألعب بيهم.”

“يعني أنا أتدبس في تلات بيبيهات عشان حضرتك عايز تلعب؟ وبعدين أنا مالي أنا بالكلام ده.. أنا بقول أنا موجود أنا.. مجبتش سيرت أطفالي!!!” صاح رحيم بفزع نتيجه لمجرد تخيله بأنه قد تزوج وأصبح أب لطفل أو ربما أكثر!!!

“نبقى نتناقش في الموضوع بعدين.”

“يبقى أحسن.. ” أردف رحيم لكنه سرعان ما تذكر شيئاً آخر فأضاف:

“بس بابي أنا عارف طبعاً أن اللي حضرتك بتحكيه ده تجربة صعبة أوي بس أنا مش متخيل أن مامي ممكن تنهار لأي سبب من الأسباب..”

“لا طبعاً ازاي؟ والدتك كانت منهارة جداً وقتها، دي حتى فضلت لوقت طويل مقتنعة أني هتجوز عليها أو هسيبها اصلاً..” عقد رحيم حاجبيه وهو لا يصدق ما يسمعه، صمت لثوانٍ ثم سأل بفضول قائلاً:

“وأنت عمرك ما فكرت في ده؟”

“مستحيل يا رحيم، مستحيل أي ست في الكون تاخد مكان مامتك في قلبي أو حتى عقلي، إيڤلين هي أجمل ست شافتها عيني، وحتى لو مكناش خلفناك عمري ما كنت هسيبها.. كنت ممكن أتكفل بطفل لكن أجيب طفل من ست تانية.. لا!” تحدث والده بصدق وبنبرة مليئة بالحب، ليبتسم رحيم ابتسامة واسعة كبيرة ثم علق:

“أنا طول عمري عارف أنك بتحب مامي.. بس أول مرة أعرف أنك بتحبها أوي كده.”

“اللي بينا أكبر من الحب، اللي بينا حب، وعشرة ومشاركة في كل حاجة في الدنيا، أتمنى إنك في يوم من الأيام تقابل بنت تستحق وتحبها زي ما بحب إيڤلين وأكتر كمان!” فور أن أخترقت تلك الكلمات أذن رحيم أغمض عيناه لثوانٍ بينما قفزت إلى عقله على الفور فتاة واحدة فقط… أفنان!

“سرحت في مين؟”

“قصدك سرحت في أيه؟”

“لا.. أقصد مين.” اردف والده ثم ابتسم إبتسامة جانبية وهو يراقب تعابير وجه رحيم.

“موضوع كده.. هبقى أحكي لحضرتك بعدين.”

“ماشي يا سيدي هستناك، وهخلي ال Maid ‘الخادمة’ تطلعلك الأكل بعد ما إيڤلين تطلع الأوضة.”

“شكراً يا أعظم بابي في الدنيا.” قال رحيم وهو يضم والده بلطف ليبادله الآخر ثم يستأذن ويغادر الحجرة.

في منزل أفنان، عادت هي وأسرتها إلى المنزل بعد قضاء الأمسية في بيت خالتها.

“كان باين أوي أنك بتكلمي رحيم.”

“كان باين أوي أن عينيك بتطلع قلوب وأنتي بتدي المج لنوح.” توترت ميرال بشدة حينما سمعت ما قالته أفنان حتى أنها جرحت أصبعها بواسطة ‘دبوس’ الطرحة خاصتها.

“أيه؟ قلوب؟ لا لا لا أنتي فاهمة غلط خالص!!!”

“أنتي ليه بتحسسيني أني بعمل معاكي تحقيق؟ يا عبيطة أنا أختك!!”

“ما هو أصل أنتي بتقولي حاجات غريبة..”

“غريبة اه، طب بس يا ميرال بس!” قالت أفنان بغيظ لتصمت ميرال ومعها أفنان لكن أفنان تتذكر أمراً ما وتنتفض من مقعدها ثم تقول:

“لا مش خلاص.. أنا عايزة أقولك حاجة.. أنا متضايقة أوي.”

“من نوح؟”

“يادي النيلة عن نوح محور الكون ده! لا مش نوح.. التدريب قرب يخلص..”

“طب ما هو أي حاجة بتخلص، وبعدين أيه الحلو يعني في مرمطة المواصلات والتركيز في الشرح والمذاكرة!”

“ميرال أنتي مستوى ذكائك بالسالب ارحميني!! مذاكرة أيه وشرح أيه؟ ما في داهية كل ده.. أنا بتكلم عن رحيم!”

“اه عشان مش هتشوفيه تاني وكده؟”

“أعوذ بالله يا شيخة.. إن شاء الله هشوفه تاني أكيد بس ازاي بقى؟”

“أنا هقولك جملة واحدة بس! ‘إذا أحببت شيئاً بقوة فأطلق سراحه فإن عاد إليك فهو ملكك للأبد وإن لم يعد فهو ليس لك من البداية’.” تحدثت ميرال بأداء مُبالغ فيه وبنبرة جادة، لتقهقه أفنان بسخرية ثم تُعلق على حديثها قائلة:

“يا سلام عالحكمة يا سلام، قاعدة مع أسامة منير ياربي!! وبعدين أطلق سراح أيه هو أنا خطفاه؟ وبعدين شيء؟! رحيم بقى شيء؟!”

“رحيم مين؟!” اخترقت مسامعهم صوت والدتهم وهي تقتحم الغرفة لتتسع أعين كلتاهما وتكاد أفنان تفتح فمها لكن تُخرسها ميرال وهي تُجيب عن السؤال قائلة:

“رحيل يا ماما.. رحيل اللي كانت معايا في الكلية.”

“مالها؟”

“خطوبتها الجمعة الجاية إن شاء الله.” قالت ميرال لتنظر نحوها أفنان بدهشة لثانية ثم تحاول إخفاء الدهشة وتومئ مُصدقة على كلام ميرال.

“عقبالكوا إن شاء الله، أنا كنت جايه أقولكوا متسهروش أوي عشان منتأخرش واحنا رايحين لجدتكوا.”

“بس كده؟ من عنيا حاضر.. هاخد منوم.” تحدثت أفنان بصوتاً مسموع في بداية الجملة ثم ختمتها بهمس لتضحك ميرال ضحكة مكتومة، تغادر والدتهم الحجرة لتزفر أفنان براحة ثم تقول:

“ياربي.. كنت هتقفش!”

“تتقفشي في أيه؟ ده اسم زي أي اسم.”

“يا ستي بقى مش عايزة حوارات وبعدين انتي عارفة كل حاجة ماما بتعرفها بتحكيها لخالتو وطبعاً خالتو هتقول لمريم ونوح، اللي هو خطيبي في مخيلتهم!” قالت أفنان ثم أدركت ما اقترفته من خطأ حينما رأت عبوس وجه ميرال لتحمحم ثم تضيف:

“بس ده بعينهم طبعاً! كلنا عارفين نوح هيتجوز مين بس عمرنا ما نروح نقول!”

“إستحالة يا أفنان.. اللي بيشوفك مبيقدرش يشوف بعدك.” تحدثت ميرال بإبتسامة ممتزجة بالآسى، لتشعر أفنان بغصه في حلقها ثم تُردف بمزاح قائلة:

“يا ساتر! أنا بخزق عنيهم ولا أيه؟”

“لا.. بس مش بيشوفوا أي بنت تانية.” تحدثت ميرال بصيغة الجمع لكن أفنان كانت تعرف جيداً أنها تقصد شخصاً واحداً.. نوح!

“ازاي يعني؟ طب بصي لنفسك في المراية وبصلي، ده أنتي أحلى مليون مرة كفاية أنك واخده حلاوة خالتو وماما وكمان فيكي شبه من نوح أكتر مني، وبعدين بصي بشرتي وبشرتك والله حرام منتجات ال skin care اللي بخلص مصروفي عليها دي!!”

“خلاص أقتنعت.” تحدثت ميرال وهي تمسح دمعه كانت على وشك الهبوط من عيناها لتضمها أفنان بلطف ثم تُردف بسخرية وهي تضغط على حرف الدال:

“في حد يبقى زعلان وهو رايح يقابل الدكتورة ريماس بكرة إن شاء الله؟”

“متفكرنيش أبوس ايديك! وياريت بلاش مشاكل من فضلك!”

“مشاكل؟ أنا بعمل مشاكل؟ يالهوي عالظلم!!”

في صباح اليوم التالي ارتدت أفنان ثيابها وهي تشعر بضيق لأنها تعلم ما سيؤل إليه يومها.

“يلا يا ميرال ماما وبابا مستنين تحت.”

“بقولك أيه.. اطلبي أوبر.”

“أشمعنا؟ بابا قال هنركب من الموقف.”

“لا أطلبي أوبر وأنا هدفع! مش هسيب بابا يتمرمط في ميكروباصات وخاصة أننا رايحين عند تيتة وعمتو.” أوضحت ميرال بإصرار وهي تضبط وشاح الرأس خاصتها لتُعلق أفنان قائلة:

“ربنا يخليكي لينا يا ستي، هطلب بس انجزي.”

بعد ساعة تقريباً كانوا داخل منزل عمتها، وبالرغم من عدم بعد المسافة إلا أن الإزدحام قد عطلهم قليلاً.

“ازيك يا تيتل عاملة أيه؟ ازيك يا عمتو؟” سألت أفنان فور جلوسها لتُجيب كلتاهما ب “الحمدلله”

“أيه هو أنا شفافة بالنسبالك؟”

“لا مش شفافة أكيد كنت هاجي أسلم عليكي.. لو صبر القاتل!”

“أفنان هدي الدنيا اليوم لسه طويل.” همست ميرال في أذن أفنان لتومئ أفنان بعد أن غادر فمها تنهيدة طويلة.

“أفنان قومي أغسلي فاكهة ليكوا، قومي قومي متتكسفيش البيت بيتكوا.”

“لا يا طنط أنا مش مكسوفة، وكمان شكراً أحنا لسه واكلين من شوية وبعدين أنا شايفة ريماس رجلها سليمة ما شاء الله ما تقوم هي.” أردفت أفنان بنبرة باردة وهي تحاول أن تداري الغيظ الذي داخلها لتنظر نحوها جدتها بحدة وتُعلق قائلة:

“وبعدين في طولة لسانك دي!”

“عيلة يا ماما سيبك منها.. بقولك أيه يا أم ميرال مش تقوليلي مبروك.”

“ألف مبروك يا ستي بس على أيه؟”

“مش ريماس بنتي اتقدملها عريس وشكلنا كده هنوافق، أصله ميتعيبش بصراحة.” قالت عمتها لتتسع أعين كلاً من أفنان وميرال.. أليست ريماس صغيرة على أن تصبح زوجة؟ وماذا عن مستقبلها؟ إنها في سنتها الثالثة من كلية الطب! إنها مازالت في العشرين من عمرها كذلك! وهل هي مؤهلة من الأساس للزواج؟ هل ستكمل تعليمها أم سيجبرها على التوقف؟ وحتى وإن تركها تُكمل الجامعة.. كيف ستستطيع التوفيق بين الدراسة والمنزل؟ وماذا عن العمل؟ ألن يدعها تعمل بعد تعب سبع سنوات؟!

أسئلة كثيرة تبعثرت داخل عقل أفنان وهي تنظر بآسى نحو ريماس وقد توقعت كيف ستكون نهاية ذلك الزواج…

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (فب حي الزمالك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *