رواية صفقة حب الفصل الخامس 5 بقلم شيماء جوهر
رواية صفقة حب الفصل الخامس 5 بقلم شيماء جوهر
رواية صفقة حب البارت الخامس
رواية صفقة حب الجزء الخامس
رواية صفقة حب الحلقة الخامسة
“مواجهة”
فضوله بشأن شخصيتها الغامضة أمامه جعلته ينجذب نحوها، وهذا طبيعي ﻷي شخصاً منا يقترب نحو المجهول .
كادت نور أن تبدأ بالحكي قاطعها طارق قائلاً :
– أنتوا أصحاب مش كده ؟
نظرت له نور وهي تعقد حاجبيها بضيق، ثم ردت بنبرة تحذيرية :
– متقاطعنيش يا أما مش هحكي حاجة
أردف طارق مسرعاً :
– لا خلاص كملي
تنهدت نور بنفاذ صبر، ثم استردت حديثها :
– بص يا سيدي .. سلمى صاحبتي من أولى كلية، اتعرفنا علي بعض وشوية شوية بقينا صحاب، بجانب الدراسة كانت بتساعد باباها في الشغل، حصل إللي حصل وباباها من سنة عمل حادثة ودخل في غيبوبة .. طبعاً الشركة والمصنع بقوا من غير رئيس عليها مفيش غير سلمى واخوها هما إللي مسكوا الشركة في الوقت ده لحد دلوقتي .. بس كده
فكر طارق قليلاً في حديث نور، ولم يجد بعد الأجابة على تساؤلاته، لماذا هي هكذا؟ .. من داخله يشعر بأن هناك شيئاً ما أثر على تعاملاتها معه بهذا الشكل .
نظر لها وجاء في خاطره الحادث، ليتحدث بغيره خفية:
– ألا صحيح .. ازاي شخصية زي سلمى ترتبط بواحد زي عاصم .. ده بجح ومتهور .. قبلت بيه على إيه ده .. أوعي تقولي بتحبه
ابتسمت نور على نبرة اخيها في الخقاء، وأجابت على سؤاله :
– قبل كده سلمى اتخطبت لعاصم ابن شريك باباها يعتبر شريك مهم إللي معاه شغل كتير .. المهم اتخطبوا عاصم حاطت مناخيره في الشركة بكل كبيرة وصغيرة وبيعاملها بقسوة مرة و برقة مرة حسب مصلحته منها يعني وأستحملت كتير عشان الشراكة إللي بينهم وعشان باباها، يمكن تكون في مشاعر بس مش عارفة بصراحة، بص معتقدش .. بس بحس التعود بقالهم 3 سنين مخطوبين إنها بتحاول تأجل موضوع الجواز لحد ما تحبه أكتر بس معرفش أن ممكن تكون بتحبه فعلاً ولا لأ
طارق منصت ومندمج تماماً لحكيها، وهو متعجب من قوة تحملها الخارجية، أدرك من داخله أن علاقتها بعاصم قد غيرت أو هي من عوامل تصرفاتها على هذا النحو .. حيث تنهد وهو يردف قائلاً :
– ياااا حياتها غريبة .. وأستحملت كل ده عشان مستقبل الشركة !
تنهدت نور بحزن واردفت :
– كان نفسي تتجوز إللي قلبها يختاره، بس أقول إيه نصيب
تنهد طارق ورد بهدوء وهو يبدو عليه الشرود :
– فعلاً ونعم بالله، يلا بقى روحي نامي
عقدت ذراعها وهي ترع إحدى حاجبيها أعتراضا .. فأردفت بضيق طفولي :
– بقى كده يا سي طارق تستفرد بيا وتعرف إللي عايزه وتكرشني كده .. أنا مخمصاك، ثم سيادتك إللي تهوينا، دي اوضتّي
ضحك طارق وإقترب منها يدغدغ وجنتيها بمزاح قائلاً :
– ههههههه بقى كده.. ماشي بلاش غلبة تعبان بجد عايز أنام
ضحكت نور وقالت :
– هييييح طيب على فكرة أنا في أوضتي .. يلا تصبح على خير
ضحك طارق وقال باسما وهو يهم بالخروج :
– وأنتِ من أهله يا قمر
خرج طارق وذهب إلى غرفته وهو يفكر في حديث شقيقته .. متعجباً من الجدية البالغة التي ترتسمها على وجهها وتصرفاتها، وبداخلها قلب مليئ بالرقة والحنان تحتاج من يحنو عليها ويأخذ بيديها، ولكن هذا ليس كل شئ .
*****************
هدأ عاصم من روعه قليلاً عندما علم بشأن طارق بأنه على ما يرام .. وذلك عندما أرسل صلاح إلى المشفى للتحقق عن حالته، إن كان قد توفى أو آصابه مكروه، فأخبره الطبيب بأنه بخير وخرج برفقة من كانوا معه .
منذ ذلك الحين وهو يحاول الوصول إلى سلمى بشتى الطرق، ولكن لم تكن ترد على إتصالاته بعد، حتى في الشركة تتجنب رؤيته منذ الأمس .
يجلس في مكتبه وكأن لم يحدث شئ من أول أمس .. يتحدث في هاتفه بإنسجام مع ذات الفتاة
– ها وأنتِ عاملة إيه ؟
أقبلت عليه بقلق قائلة :
– كويسة طمني أنت عليك، إيه إللي حصل امبارح ؟
إندهش عاصم من معرفتها ما حدث، فلم يعرف سوى صﻻح وسلمى فقط .. فتسائل بإهتمام شديد :
– حصل إيه ؟!! آه وعرفتي منين
تغاضت الفتاة عن النبرة التي يتسائل بها، كل ما يشغل تفكيرها معرفة ما حدث ، فردت بنفس النبرة القلوقة :
– مش مهم عرفت منين … إيه إللي حصل ؟
عاد عاصم للخلف وهو يضع قدم على الأخرى، يتأردح بمقعده المتحرك .. فأجاب بثقة بالغة ونبرة متغطرسة :
– واحد بيحاول ياخد حاحة بتاعتي يبقى لازم أقطع أديه قبل ما يفكر يمدها
صاحت به بشدة :
– اها بس متوصلش إنك تطلع المسدس وتقتل، أنت كنت هتروح في داهية ساعتها
إنفعالها وغضبها أثار الشك في داخله، فقال بنبرة إستجواب :
– هو أنتِ تعرفيه ولا إيه يا حبيبتي
توترت الفتاة من نبرة تساؤله، فردت نافية على الفور :
– وانا هعرفه منين يعني
أرتعاش صوتها زاده شك بأنها على معرفة به .. فحاول إستدراجها قائلاً :
– اومال بتدفعي عنه بقلب جامد كده ليه ؟
شعرت بزيادة خفقان قلبها، حاولت التماسك بالقدر المستطاع ثم قالت بجدية :
– أنا مبدفعش عنه أنا خايفة عليك أنت إلا كنت هتروح ورا الشمس
نبرتها جعلته يتغاضى قليلاً عن شعوره الداخلى .. فأعطته نوع من زيادة الثقة بالنفس الشديد دون أن تدري .. فقال بثقة مبالغ فيها :
– لا متخافيش أنا أعجبك أوي، حتي لو كان جراله حاجة كنت هتصرف
تدرك بأنه يستطيع فعل أي شئ بإستغلال نفوذه وسلطته، فردت بعدم إطمئنان :
– يا خوفي من دماغك سم
ضحك عاصم بشدة سعادة على تلك الجملة، فرد مسرعاً :
– ههههههه أنتِ الأصل يا أستاذة منك نتعلم
ردت الفتاة بتعجب :
– لا والله عيب عليك ده أنت مفيش في دماغك اتنين
سمع قرع على الباب، دخلت السكرتيرة بعد أذن منه قائلة :
– أستاذ عاصم الإجتماع جاهز والكل منتظرك
رد مسرعاً :
– طيب روحي أنتِ وأنا جي وراك
أردفت السكرتيرة وهي تهم بالخروج :
– حاضر يا فندم
خرجت السكرتيرة وأكمل مكالمته بشئ من العجالة :
– بقولك ايه يا حبيبتي سلام دلوقتي
ردت بحزن مصطنع :
– ليه بس كده ملحقناش نتكلم مع بعض
رد بعجالة :
– أشوفك بليل بقى عشان عندي إجتماع مهم النهارده
فقالت الفتاة بدلال :
– اممم زعلانة منك .. حاضر يا سيدي هستنى لبليل
ينهي عاصم المكالمة ضاحكاً وهو بالقرب من الباب :
– ههههههه بموت فيك يلا سلام
الفتاة بدلال :
– سلام يا حبيبي
***************
ذهب عاصم إلى غرفة اﻹجتماعات، وجد الجميع حاضر من بعض الشركاء وكبار الموظفين .. جلس أمامها وحاولت التغاضى عنه كأنه غير موجود، بلامبالاه كبيرة مما أدى بالغضب الشديد لعاصم، حاول الإمساك بأعصابة بالقدر المستطاع .
دخلت السكرتيرة ووضعت أمام سلمى مستند وهي تقول :
– أتفضلي يا آنسة سلمى الأوراق إللي حضرتك طلبتيها
ردت سلمى بجدية بالغة :
– تمام أتفضلي أنتِ .. احم أظن إن أستاذ عاصم موجود نبدأ الإجتماع بقى …
لم يبعد عيناه عليها أبداً وهو يشعر بالغضب الشديد من تعاملها بالتجاهل هكذا، وهي تشعر بنظرته كالسهام في جسدها، تكاد أن تحترقها .. فبدأ بمشاكستها وألقاء اللوم عليها قائلا :
– طبعاً زي ما أنتوا عارفين إحنا متاخرين جداً في الطلبية الأخيرة بسبب الآنسة سلمى وتأخرها بتاع امبارح إللي أجل أجتماعنا النهارده
نظرت إليه سلمى بكل حنق، كأن ما حدث ليس جزءاً منه .. فردت بتحدي كأنها ترد نفس اللوم عليه :
– أظن يا أستاذ عاصم إنك عارف الظروف الطارئة إللي خلتني محضرتش الإجتماع وإللي حضرتك جزء منه
نظر لها أحد الشركاء بتساؤل :
– جزء من إيه يا آنسة سلمى ؟
أرتسم على ثغرها بسمة تحدي وإنتصار، وعيناها منصبة عليه بضيق بالغ لتقول :
– أبداً مشكلة بسيطة بسبب الشغل، يبقي متجبش الغلط والتقصير عليا يا أستاذ عاصم ولا إيه ؟
رد الشريك مردفاً :
– ولا يهمك يا بنتي .. بس أهم حاجة إننا لحقنا الوضع لإنها بضاعة بملايين
نظرت له باسمة ثم ردت بجدية :
– أنا عارفة كويس يا انكل وأنا عمري ما قصرت في الشركة ولا في شغلها والحمد الله المنتجات كلها أتوزعت على الصيدليات إللي بنتعامل معاها ومن غير ما ندفع الشرط الجزائي
أدرك بأنها أشعلت الحرب بينهم، سار الإجتماع بشكل جيد، وكل مرة يحاول جعل سلمى مخطئة بقراراتها أو برأي تتخذه، وكانت تتجاهله كثيراً ببرود ولامبالاه شديدين، فأشغلت النار أكثر بداخله .
نور كانت تجلس تراقب قذائف كلماتهم وجه بعضهم البعض، فتتدخل للدفاع عنها في صميم العمل فيزداد حنق عاصم أكثر، في نهاية الإجتماع رنا إليها بالهجوم على الجوار في البداية :
– الحمد الله بس يا رب متتكررش تاني
ابتسمت بسخرية وقالت بحزم :
– والله يا أستاذ عاصم مش حضرتك إللي تحدد يحصل ولا ميحصلش دي ظروف طارئة لا بأيدي ولا بإرادتي .. أظن إن الإجتماع خلص عن إذنك
أنتظر عاصم خروج جميع من بالقاعة كي يختلي بها، وﻻ يزال ينظر إليها بغضب شديد، وهي تقوم بإلمام بأوراقها وﻻ تعطيه أي إهتمام على الإطﻻق .
قامت من مقعدها وكادت أن تخرج، فقام بسد منافذها بذراعه .. نظرت له بحنق شديد وتحدي .. فقال بغضب :
– أنتِ فاكرة إللي حصل ده هيعدي بالساهل ؟
لم تحتمل طوال الفترة السابقة السكوت أكثر من ذلك .. فصاحت به بإنفعال شديد :
– أنت ليك عين تتكلم بعد إللي عملته .. إيه مفيش دم .. مش كفاية المصيبة إللي حصلت بسببك دي
صاح بها هو الأخر بغضب :
– لما أشوف خطيبتي معاها واحد غريب من ورايا وبيتقابله يبقى لازم أحط حد للموضوع
لم تحتمل سلمى إتهامه لها بهذا التصور، فزاد إنفعالها وصاحت به بشدة وجدية بالغة :
– أنت اتجننت !! حاسب على كلامك شوية أنت شوفتنا فين كباريه ولا شقة مفروشة كنا في مستشفى يا أستاذ بنزور بابا عربيتي عطلت وأصر يوصلني وأنا مردتش .. أول مرة يخرج معايا في حتة
صاح بها بغضب أكثر :
– سلمى متعليش صوتك عليا متنسيش إني خطيبك وبغير عليكِ
نظرت له بإذدراء .. وأبتسمت بسخرية وهي تقول بحنق :
– أنت إللي نسيت إني خطيبتك يا أستاذ .. عن أذنك
خرجت ومعها نور من غرفة الإجتماعات ومن الشركة بأكملها، وعادت إلى شركة الجوهري، وأثناء الطريق وهي تردد كلمات غير مفهومة وبمنتهى العصبية، ونور محاولة منها على تهدئة روعها قليلاً
*****************
منذ إن رأت سارة ذراع طارق المربوط وهي تشعر بالضيق الشديد، وأحياناً ما تشرد .. وها هي تجلس في كافترية الكلية إلى أن رأها إيهاب بمفردها من بعيد، إبتسم وهم بالإقتراب منها وجلس بجوارها فلم تشعر به بعد .
تنحنح وهو ينادي عليها :
– احم .. سارة
لكن سارة لم تجيب : …..
اشاح يديه أمام عيناها وهو يقول :
– سارة أنتِ سمعاني ؟
فاقت من شرودها وهي تقول :
– ها .. اها معاك هكون فين يعني
نظر لها إيهاب بغرابة مردفاً :
– مش باين .. من ساعتها بكلمك ومبترديش
تنهدت سارة وردت بهدوء :
– سوري يا إيهاب مخدتش بالي
أبتسم إيهاب ثم تطلع إليها بتمعن وقال :
– ولا يهمك .. مالك بقى ساكتة وسرحانة كدة ليه ؟
نظرت له بضيق ثم قالت بلامبالاه :
– لا عادي يا إيهاب، عايز إيه ؟
شعر إيهاب بالضيق من طريقة تعاملها، ولكنه تغاضى عنه الآن .. فأجاب بهدوء :
– بطمن عليكِ بلاش يعني؟، مالك يا سارة أنا مبقتش عارف انتِ عايزة إيه بالظبط
تنهدت بضيق ثم نظرت له متسائلة :
– هتفرق في إيه لو فهمت؟، آه صحيح شوفت طارق النهارده ؟
بعد المحايلات للاطمئنان عليها تقوم بالسؤال عن طارق، ﻻ يعرف ماذا يفعل .. قام إيهاب بوجه مقتضب فأوقفته سارة بنبرة متسائلة بها رجاء :
– إيه يا إيهاب رايح على فين .. استنى معايا شوية
لم يستطع التحمل أكثر كن هذا، فصاح بها في إنفعال :
– أنتِ إيه يا سارة مبتحسيش ! أقعد معاكِ عشان إيه ها ! أنا مش استبن تخليني أقعد أو أمشي زي ما أنتِ عايزة
اندهشت سارة من انفعاله عليها بعدما كان هادئاً، ﻻ تعرف ما حدث له .. فصاحت به هي الأخرى :
– في إيه أنا مش فاهمة حاجة، أنت أضايقت كده ليه ؟ .. كل ده عشان قولتلك أقعد معايا شوية !
رأ إنه ﻻ داعي للجدال معها بعد الآن .. فقال وهو يهم بالذهاب :
– مفيش فايدة ولا عمرك هتفهمي حاجة .. عن أذنك
تركها وأسرع في خطواته، بينما سارة أخذت تنادي عليه :
– إيهاب أستني يا إيهاب
صادف في طريقه طارق، أوقفه بسرعة، وهو يستفسر عن ذهابه المفاجئ وهو ممسكا بذراعه :
– إيه يا بني استني أنت رايح على فين ؟
حرر ذراعه من يدله وهو يسير .. وهو يقول بضيق :
– سيبني يا طارق دلوقتي أنا مش ناقص
اوقفه طارق وصاح به :
– اسيبك يعني إيه ! إيه الحكاية أنت أتخانقت مع سارة ؟!
حقاً ﻻ يعرف ما يحدث وﻻ هو يشعر به، هكذا كان يتحدث إيهاب مع نفسه .. فرد بضجر وهو يرحل :
– سارة!! معلش يا طارق عايز أكون لوحدي شوية عن أذنك
تركه ورحل ومازال طارق واقف في مكانه مندهشاً مما حدث، ما به كي يكون في هذه الحالة .. إقترب من سارة ليستفهم منها ما حدث
– ماله ده حصل إيه ؟
ردت سارة بضيق :
– مفيش يا طارق أنا كمان معرفش
فقال بإهتمام مرة أخرى :
– طب متعرفيش مين إللي ضايقه ؟
صاحت به سارة في حنق :
– يوو يا طارق سلام دلوقتي
تركته وذهبت وﻻ يعرف ما الذي أصابهم .. وقف في مكانه متعجبا للغاية :
– الله!! هو ايه إللي حصل ؟ مالهم هم الاتنين ؟
**************
سلمى منذ إن تركت الإجتماع وعادت إلى مكتبها، وهي تستشيط غيظا وغضبا من عاصم .. ترى إنه من الجيد مواجهته حتى ﻻ يتدخل في شئونها مرة أخرى، لا تصدق البتة ما يفكر فيه على الإطلاق.
تركتها نور قليلاً وعادت إلى مكتبها ترسل طلب عبر بريدها الإلكتروني .. رفعت سماعة الهاتف وأتصلت بعامل البوفيه، طلبت فنجال من القهوة .
يوسف بالقرب من مكتبها بعد عدة دقائق .. رأ عامل البوفيه كاد أن يدخل لسلمى، فوقفه قائلاً :
– استني يا عم علي لمين القهوة دي ؟
أجاب الساعي :
– دي للباشمهندسة سلمى
على الصنية كوباً من العصير بجانب القهوة، فتناولها ثم قال :
– طب هات اللمون ده وأعملي واحد نسكافيه
رد الساعي بهدوء وهو منصرفاً :
– حاضر يا أستاذ يوسف
رحل العامل ثم قرع يوسف على الباب .. دخل وجد حالة سلمى البائسة، إقترب منها وجلس على المقعد المقابل لها متسائلاً بإهتمام :
– في إيه يا سلمى حصل إيه ؟
رفعت رأسها ثم ﻻحظت الكوب، تذكرت الحادث وما فعله عاصم حينها، قررت أن لا تقول له عن المشادة التي حدثت بينهم فردت بهدوء :
– مفيش .. إيه ده فين القهوة إللي طلبتها ؟
رد يوسف بجدية :
– مفيش قهوة وأنتِ بالعصبية دي أشربي اللمون يهديكي أحسن .. إيه إللي حصل ؟
لم تتحمل سلمى كبت ما تحمله بداخلها، يجب أن تحكي له ما حدث فسقطت عبراتها رغم عنها .. ثم صاحت بإنفعال :
– البيه بيشك فيا مش كفاية عارفة عمايله وساكتة
أقبل عليها يوسف بجدية وإنفعال :
– حصل إيه تاني ؟
استردت سلمى بنفس النبرة :
– كل ده عشان طارق قابلني في المستشفى لما جه يزور بابا، شك حاجة بيني وبينه .. تخيل وصل تفكيره لفين !!
طرق على سطح المكتب بشدة بضجر وهو يقول :
– إيه الهبل ده بيستعبط باينله أنا رايحله
قام يوسف وكاد ان يتحرك، أمسكت به سلمى بذراعه وقالت بقلق :
– ﻻ استني هتعمل إيه الموضوع اتلم خلاص مش ناقصة مشاكل
نظر لها وهو يرمقها بنبرة غاضبة، ثم قال :
– سلمى …
قطعته سلمى سريعاً وأصطنعت البسمة وهي تقول بمرح :
– ها بقى يلا نقوم نتغدي لإني هموت من الجوع بجد
حاولت سلمى تغيير الموضوع بأي طريقة، ﻹنها تعرف إنفعالات اخيها جيداً .. من الممكن أن تحدث مشاكل عديدة هي في غنى عنها، فقد تحملت كل هذا من أجل والدها ولن تستمر في هذا القيد إلى أن يفيق .
أما يوسف يشعر بالضيق من تصرفاتها، ويعرف بأنها تغير مجرى الحديث كي تشغل تفكيره بسئ آخر، تتغاضى عنها وتسايرها وهو للآسف يعرف السبب جيداً، يدعو الله من قلبه أن يزول ذلك السبب بأي شكل من الأشكال، حتى يستطيع أن يتحرك ويقدم على خطوة واحدة بدلاً من أحساس العجز الذي يقيده ولن تستطيع سلمى آنذاك إيقافه .
*****************
عاد إيهاب إلى طارق في الفيلا وهو يحاول إخفاء ما يشعره بالضيق، وذلك بعد إتصال طارق به وإلحاحه بوجوب الحضور لمعرفة ما به من تغيير حالته النفسية التي رأه عليها في الكلية .. فترة وطارق ينظر له دون أن يبدي ايهاب .. فصاح به
طارق :
– لا حول الله ولا قوة إلا بالله .. قاعد في خلقتي ساعة، متتكلم يابني إيه إللي حصل ؟
رد إيهاب لكي يحسم الأمر :
– خلاص بقى فكك من الموضوع ده
نظر إليه طارق طويلاً ثم قال بهدوء :
– بخصوص سارة مش كده؟
حاول إيهاب الهروب من سؤاله، فرد بإنفعال :
– أنا إللي مضايق من فترة، المهم يلا نشتغل شوية ألا الترم قرب يخلص
علم طارق بأنه يهرب من السؤال، فضحك تلطيفاً للجو :
– ههههه مين ده إللي بيتكلم عن الشغل ده إيهاب !!
نظر له إيهاب بضيق وقال :
– ايوة إيهاب يا سيدي صدق
ضحك طارق وقال :
– طب كويس أوي فرحتلك بجد
سمعا قرعات على الباب ثم دخل الخادم قائلاً :
– أستاذ طارق في مخبر عايزك تحت
تعجب طارق وهو يقول :
– مخبر عايز إيه ده كمان
نظر إيهاب لطارق وهو يقول بتفكير :
– غريبة دي يكنش بخصوص ….
قطع حديثه عندما وجد تهاني بالغرفة، فقد سمعت بوجود المخبر، فقالت بقلق :
– في إيه يابني كان عايز منك إيه ده ؟
تنهد طارق فرد بهدوء :
– مفيش يا ماما كان عايزني بموضوع ضرب النار
ردت بنفس النبرة :
– وهتعمل إيه ؟
قام طارق وهو يهم بالخروج قائلاً :
– هروح أشوف في إيه
ذهب طارق وإيهاب إلى قسم الشرطة، وهو على دراية أكيدة بأنه بشأن الحادث، ظل يفكر طوال الطريق .. إلى أن وصلا إلى القسم ودخلا .
أقبل طارق قائلاً :
– خير يا فندم
أشار له الضابط على المقعد قائلاً :
– كل خير يا أستاذ طارق بخصوص الإعتداء إللي حصل عليك من السيد عاصم بشروع طلق النار عليك
رد طارق في ثبات :
– حصل خير يا فندم كان بينضف المسدس بتاعه خرجت طلقة غصب عنه
شك الضابط به فقام بتساؤله :
– يعني محاولش الإعتداء عليك
أجاب طارق بنفس النبرة الثابتة :
– لا يا فندم زي ما قلتلك
نظر له بشك وهو على يقين بأنه يتستر على عاصم :
– علي الرغم إن الدكتور قال في التحقيق إنه كان بيتخانق معاك قبلها وطلع مسدسه وضرب عليك نار .. غير والدك السيد محمود اﻹبياري تاني يوم الحادث جاه وقدم بلاغ ضده
تساؤلات كثيرة بداخل طارق، وما كان عليه إلا السكوت وعدم إبداء أي كلمة : …….
تعجب الضابط من تسرته وعدم الإعتراف عليه، فنظر له وقال بهدوء :
– على العموم هتحفظ القضية ضد مجهول
قام طارق وقبل أن يهم بالخروج قال :
– أقدر أستاذن دلوقتي ؟
أشار له الضابط بيديه بمعنى المغادرة، ثم قال بتأكيد :
– أتفضل بس لو أتعرضلك تاني يا ريت تبلغ المرة الجاية
خرجوا من القسم وإيهاب متعجب من رد فعل طارق كثيراً، ويستشاط غضباً من نفيه .. تماسك إلى وصلوا الفيلا .
صاح به إيهاب بغضب :
– إيه إللي أنت عملته ده ؟
رد بلامبالاه :
– عملت إيه ؟
قال إيهاب بنفس النبرة :
– ليه معترفتش على عاصم وقلت إنه فعلاً أتهجم عليك
رد طارق بقلق :
– عشان خاطر سلمى متتبهدلش أكتر من كده كفاية إللي حصل، كل ده كان بسببي
صاح به إيهاب معترضاً :
– إزاي يعني كان لازم تتكلم كنت هتروح فيها لولا ستر ربنا ولا نسيت
أرمقه طارق نظرة ثم رد بجدية :
– لا منستش بس أنت مش فاهم حاجة يبقى تقفل على الموضوع أحسن
تنهد إيهاب في حيرة من أمره، ﻻ يعرف ما الذي ينوى عليه في سكوته عن حقه هكذا .. إقترب من ياسه فقام وهو يقول بضيق :
– أمرك عجيب بجد أنا هتعب نفسي معاك على الفاضي، هناديلك نور تتصرف معاك أحسن
تحرك إيهاب نحو الباب، قام طارق مسرعاً ومنعه من الخروج وهو يقول بحزم وتفكير :
– ﻻ أستني مش لازم تعرف نور حاجة دلوقتي
إندهش إيهاب من رد فعلاً ثم عقد ذراعيه وقال بتذمر :
– مش معقول تاني ليه بس ؟
رد طارق بشرود :
– أسمع إللي بقولك عليه وخلاص
قرر إيهاب أن يستسلم لرغبته الآن، إلى أن يجد بر يرسي عليه :
– طيب أما نشوف أخرتها معاك إيه
كانت نور بالقرب من الباب وسمعت الحوار الدائر بينهم .. متعجبة كثيراً من موقف اخيها وفي نفس الوقت تستجدعه وتخاف عليه من موقفه أمام سلمى، وﻻزالت في حيرة من أمره لماذا فعل كل هذا .. وما الذي يخطط بشأنه يا ترى ؟!ّ.
في المساء عاد محمود إلى المنزل وقصت تهاني ما حدث، وبعد تساؤلات لم يعرف رد طارق عن المحضر، فلم يستطع أن يرى أحدا ً ما يعتدي على ابنه وينتظر إلى أن يرى رد فعله هو، كان لابد أن يتحرك ولا يقف ساكناً .. أرسل في طلب طارق الذي تهرب من الإجابة ورد بإختصار شديد حتى ينهي الأمر، ولكن محمود لم يكن مطمئن لتصرفه على الإطلاق، وشك بأنه فعل شيئاً ما .
أما نور قررت أن لا تخبر سلمى بما حدث، وتترك ما سمعته إلى وقت يستلزم به الحديث .
مر أسبوعان ودخلت الممرضة غرفة العناية المركزة تزيح الستائر قليلاً .. إندهشت من تحريك هاشم يداه .. ركضت سريعاً لإبلاغ الطبيب ..
يتبع ..
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية صفقة حب)