روايات

رواية مقامر المحبة الفصل العاشر 10 بقلم روزان مصطفى

رواية مقامر المحبة الفصل العاشر 10 بقلم روزان مصطفى

رواية مقامر المحبة البارت العاشر

رواية مقامر المحبة الجزء العاشر

رواية مقامر المحبة الحلقة العاشرة

♠المُقامرة العاشِرة ♠
عنوان الفصل |” تهويدة الأحد٢”
” يؤذيني البلاء القدري، ملعقة المُر التي نتذوقها حتى نستمتِع بحلوى العوض، مع ذلِك لا يستطيعُ الإنسان إغلاق فمهُ إمتناعًا عن تناولها، وبِرغم الإختلاف ما بين المُر والحلوى، تجِدنا باهتين في لحظات سعادة من المُفترض أن نقفِز فرحًا عِندما تمُر بِنا.. يبدو أن أرواحنا قد شابت ” _بقلمي.
المكان: منزل السيدة روفيدة/المنطِقة٩٠ ♦
طالع شفتيها وكأنهُ، يعرِفهُما مِن مكان ما.
ثُم.. أغمض عينيه وتنهد تنهيدة عميقة، على أثرِها إرتجفت كادي وهي تُحاول إستجماع قوتها لتتوازن..
قال إياس بِصوت خرج رسميًا: يلا عشان الغدا.
خرج مِن الغُرفة تارِكًا كادي قلبها يهوى بين قدميها مِن فرط التوتُر، وإستغرقت دقيقة حتى تستجمع ما تبقى لها من ثبات تخرُج مِن غُرفتهُ مُحاوِلة تجاهُل كُل ما حدث وإبقاء شفتيها مُنطبقتين كي لا تضحك كالمُهرج، خرجت السيدة روفيدة مِن المطبخ حامِلة أواني الطعام وهي تقول: يلا بقى يارب يعجبكُم.
إياس وهو ينظُر في هاتفهُ النظرة الأخيرة قبل أن يترُكهُ ليبدأ تناول الطعام: تسلم إيدك.
روفيدة بإبتسامة راضية: بالهنا على قلبك يا حبيبي، كُلي يا كادي متتكسفيش هاتي طبقك أحُطلك.
وضعت لها في صحنِها ثُم إلتقطت صحن إياس لتضع بِه الطعام وقالت بهدوء: عاوزة أطلُب منك طلب بعد ما تتغدى بس خايفة تكون مُرهق من مشاويرك.
إلتقط إياس صحن الطعام مِن والِدتهُ وقال بهدوء: قولي متخافيش.
بدأت في تناول الطعام وقالت: عمك إسماعيل اللي برا المنطقة اللي كان هنا وقرر يسيبها عشان يموت وسط عيالُه وأحفادُه.
إياس عقد حاجبيه مُتذكِرًا وقال: أيوة مالُه دا؟
السيدة روفيدة قالت: في ظرف أمانة توصلهولُه، هو مُتعسِر في فلوس الأيام دي ولازم نساعدُه دا عاش هنا في المنطِقة كتير من أيام أبوك الله يرحمُه.
إياس وهو يُكمِل تناول طعامُه: تمام هبقى أخلي وصيف يوصلهولُه.
تركت السيدة روفيدة المِلعقة وقالت بأعيُن مُتسِعة: لا! توصلهوله بنفسك! عشان خاطري دي أمانة حباها توصلُه منك عشان يبان قدر إهتمامنا بيه.
تنهد إياس وقال بإرهاق: تمام حاضِر.
نظرت كادي إلى السيدة روفيدة وقالت بدون مُقدمات أو تفكير مُسبق: هو أنا ينفع أروح معاه!
نظر إياس لها بصدمة ونظرت لها روفيدة قليلًا، شعرت كادي بالتسرُع وبدأ التوتُر يظهر عليها فقالت روفيدة بإبتسامة: ومالُه، خلصي طبقِك وإلبسي وروحي مع إياس وأهو بالمرة تغيري جو، ولما مامتك ترجع نشرب أنا وهي فنجانين قهوة على ما ترجعوا.
نظر إياس لوالدتهُ شرزًا وحتى لا يقوم بإحراج كادي قال لوالدتهُ: طب تعالي وريني فين مكان الظرف عشان ألبس وأروح.
روفيدة بصدمة: مش هتكمل غدا؟
إياس وهو يُجفف يديه قال وهو يضع المنشفة الصغيرة: الحمدُلله شبعت.
إبتسمت روفيدة إلى كادي قائِلة: ملكيش دعوة بينا كملي إنتِ أكلك هو أكلتُه ضعيفة ومغلبني.
قالت كادي بهدوء: حاضر
قامت روفيدة خلف إياس ووجدتهُ يقِف في مُنتصف غُرفتها، دخلت الغُرفة واغلقت الباب فقال إياس من بين اسنانُه: أخُدها معايا فين أنا مُش فاهِم؟؟
نظرت روفيدة إلى باب الغُرفة ثُم أعادت نظرها مُجددًا إلى إياس وقالت بهمس: البنت نفسيتها تعبانة مبتخرجش مبتروحش غير المدرسة وغلبانة ملهاش غيرنا هي وأمها، عشان خاطري متكسرش بنِفسها بعد ما إتحمسِت تروح معاك.
وضع إياس يد فوق الأخرى وقال مُحاولًا التماسُك: دلوقتي كُنت عاوز أروح أجيب هدوم ليا أخُدها معايا إزاي يعني وأنا بعمل كدا.
إبتسمت روفيدة وقالت بحنان: ومالُه يا حبيبي أهي تساعدك تمسكلك الهدوم تناولك مقاس أكبر وكِدا.
تأفف إياس فقالت روفيدة وهي تربُت على ذِراعُه: يلا الظرف عندك على التسريحة غير هدوك وسمي الله مش هتحِس بيها.
خرجت مِن الغُرفة لِتجد كادي قد أنهت طعامها ووقفت وهي تقول بإبتسامة واسِعة: أنا خلصت يا طنط وحطيت الأطباق في المطبخ هروح أغير هدومي بِسُرعة.
ضحكت روفيدة بِخفة وقالت: ماشي يا دودو يلا مستنيينك.
ركضت كادي بحماس إلى الخارج ولكنها عادت بعد ما تذكرت شيئًا.
نظرت لها روفيدة وقالت: مالك مروحتيش ليه؟
رفعت كادي أكتافها وقالت: عشان المُفتاح بتاع الشقة مع ماما، مُش مُشكِلة يا طنط هروح كِدا!.
_________________________________________
_أمام سيارة إياس/المنطِقة٩٠ ♦
تفحص إياس المنطِقة بعينيه الحادة وهو يقِف بجوار سيارتهُ، وتقِف على الجِهة الأخرى من السيارة كادي التي لم تُحرِك بؤبؤي عينيها عن إياس! هي شخصيًا لا تعلم لِما تُحِب النظر إليه لتِلك الدرجة، دون أن تُدرِك أنهُ يتعجب لنظراتِها هو الأخر، أفاق على وجهها الشارِد بِه، فرفع أحد حاجبيه تعجُبًا وحرك رأسهُ مما جعلها تستفيق مِن شرودها، وقال كلِمةً واحدة فقط: إركبي..
جلست كادي على المِقعد بجانِب إياس، وجلس هو في مِقعدهُ وأغلق الباب، كانت ميار تنظُر لهُم مِن شُرفة منزِلها، وإستشاطت عِندما رأت كادي تجلِس بجانِب إياس في السيارة..
تحرك إياس وهو يقود ويصُب جم تركيزهُ على الطريق، عدلت كادي مِن قميصها المدرسي وشعرها وبدأت تفرُك أصابِعها في توتُر، هي لا تُصدِق أنها تجلِس بجانِبهُ في سيارتهُ! وبِمُفردِهُما! نفضت تِلك الأفكار عن رأسها ثُم قالت بحرج: مُمكِن نشغل موسيقى عشان زهقانة؟
دون أن ينظُر لها أو يتحدث، وضع اصابِع يدهُ فوق المذياع الخاص بالسيارة وأدارهُ ثُم قام بِرفع الصوت قليلًا
قامت كادي دون إستئذان بفتح نافذة السيارة ومدت يدها للخارج وهي تُحرك ساقيها العاريتين مِن تنورة المدرسة، وإستنشقت الهواء وكأنها تتنفس الحُرية، والسعادة.. في سيجار واحِد!
__________________________________________
_داخِل منزِل ميار/المنطِقة٩٠♦
جلست بجانب والدتها على الأريكة وهي تقول بغيظ: بقى أنا ميعبرنيش ويسيبني، وياخُد البت المفعوصة دي معاه مشاويرُه! دا عُمره ما عملها معايا! أنا اللي كُنت خلاص قربت أبقى مراته عُمره ما قالي تعالي معايا المشوار كذا! ومغير عربيتُه اللي كُنت بركبها معاه! للدرجادي مش طايقني؟
عقدت والدتها حاجبيها وهي تخلع الخِمار المنزلي وتطويه وتضعهُ بجانِبها، إلتقطت محارم ورقية وهي تُجفف وجهها وقالت بضيق: إنتي اللي غبية، كذا مرة أقولك حافظي على النعمة، إياس دا أي واحدة تتمناه راجل وشايل أمه وصاحب منكقة ومعاه ملايين من العربيات كبر نفسُه بنفسُه، تبُصيلي وتجري تدوري على حل شعرِك.
ميار بإتساع أعيُن وصدمة: ماما!!
والدتها وهي تقوم من فوق الأريكة: بلا ماما بلا بتاع، قومي شوفي الغسيل اللي عطن في الغسالة دا، خليه ياخُدله أخر شمساية.
قامت ميار خلفها وهي تقول: يعني أنا بشتكيلك عشان تديلي الوش الخشب دا! ماشي أنا غلطت ومُعترِفة، أصلح غلطي دا إزاي بقى!
دخلت والدتها إلى المطبخ وهي تضع الزبدة داخِل الوعاء لتُذيبها وقالت: بدل ما جاية تشتكيلي من قريبتُه الصُغيرة، خليكي ناصحة وإكسبيها لصفك، جايز البت دي هي اللي تساعدك ترجعيلُه.
لمعت الفِكرة داخِل عقل ميار وقالت وهي شارِدة في حديث والِدتها: تفتكري؟
والدتها بضيق: هو دا اللي عندي، إتنحرري كِدا ورجعيه زي ما ضيعتيه، وحِسك عينك تخطي باب البيت غير لما تتصلي تعرفيه، دا لو رِجعتوا تاني.
ميار بأمل يشِع مِن بؤبؤي عينيها: يارب يارب!
__________________________________________
المكان: السيرك الروماني القديم
المنطقة: كيوبيد. ♦
كان فريدريك يقِف أمام المِرآة في غُرفتهُ داخِل السيرك، دون أن يضع يافطة يكتُب عليها ممنوع الدخول، الجميع داخِل السيرك يعلمون أن من يتجرأ لدخول غُرفتهُ قد حكم على نفسهُ بالموت، صفف شعرهُ عِدة تصفيفات وهو يُحاوِل تغيير مظهرُه لكِنهُ فشل عِدة مرات، ملامِحهُ حادة ومُميزة للغاية يصعب تغييرها، طرق باب غُرفته أحدهُم، فزفر فريدريك بضيق قائِلًا: ثواني!
نظر للمرآة نظرة يأس أخيرة واضِحة، ثُم إتجه نحو الباب وخرج مِن الغُرفة، كان يقِف الساحِر ببِنطالهُ المُهتريء وقُبعتهُ الطويلة المُغبرة، فور رؤية فريدريك لحالهُ الرث قال بلهجة تنُم عن قرف واضح: إيوو! ليه مبتشتريش هدوم نظيفة لنفسك! إنت جُزء من كياني، وعندنا عرض مُهم إنهاردة، خُد الفلوس اللازمة وغير ستايلك بستايل حديث أكتر، ومشوق.. ومُلفِت.
الساحِر إرتبك قليلًا وهو يقول: هو العرض دا هيكون في ناس كتير؟ أنا مُرتبِك شوية وخايف!
رفع فريدريك أحد حاجبيه وهو يقول: خايف؟؟
تراجع الساحِر عن حديثهُ وقال بلهجة مرِحة: لكِن المُغامرة حلوة، نجرب ليه لا!
جذبهُ فريدريك مِن معطفهُ وقد تحول بؤبؤي عينيه لمسرحين مِن الظلام الغاضِب وقال: العرض دا مُهم عندي أوي، يعني مفيش حاجة إسمها هنجرب.. إنت هتأدي دورك على أكمل وجه، قُدامك للصُبح تكون جيبت هدوم نظيفة وأنيقة، وإتدربت على دورك كويس، إلا لو حابب يكون ليك ضريح وسط المقابر بتاعتي.
ركض الساحِر في رُعب وهو يقول: حالًا هروح أجيب الهدوم.
نظر فريدريك لأثر رحيلهُ بأعيُن متقلِبة، ومزاج سيء.. ثُم عاد لِغُرفتهٕ مُجددًا، خُصلات شعرهُ التي كان يُرجِعُها للخلف أعادها للأمام وتناثرت الخُصلات القصيرة على عينيه، قام بِخلع مِعطفهُ وظل بقميصهُ الأبيض، ثُم إتجه نحو خِزانتهُ وإلتقط مِنها كنزة شتوية باللون الأسود وإرتداها فوق القميص، ثُم فتح أحد أدراج مكتبهُ وهو يُخرِج عُلبة طبية صغيرة مِنهُ، كانت بِها عدسات لاصِقة باللون الرمادي الفاتِح، إرتداها ونظر لِنفسهُ في المرآة ثُم إبتسم إبتسامة جانبية تدُل على أنهُ نجح في تغيير شكلهُ بِعدة لمسات بسيطة، إلتقط من المكتب الصغير الخاص بِه نظارة طبية، إرتداها ثُم عاد للخلف وهو يُلقي نظرة أخيرة على ذاتهُ بـ رضا، ثُم وضع حقيبة على كتفه وخرج مِن الغُرفة.
سار في السيرك حتى وصل إلى مُنتصفهُ، بدأوا عاهرات كيوبيد ينظرون له بإستغراب ظنًا مِنهُم أنهُ غريب إقتحم المكان، وقاموا مِن مقاعدِهُم يتأهبون لهُ
لكِنهُ وقف بـِ ثبات في المُنتصف يدور بعينيه على وجوههُم ولا يتحرك لهُ جِفن، حتى إستوعبت إحداهُن ملامحهُ بعد أن دققت بِه جيدًا وقالت بنبرة تساؤل: فريدريك؟
قال بنبرة خرجت منهُ مُرهقة: أها، فتحوا عينيكُم لإني خارج برا كيوبيد، غالبًا هرجع الصُبح عشان العرض.
إحداهُن: هتحتاج حد مننا معاك.
نظر لها وقال بثقة مزج معها بعض النرجسية: إنتوا اللي محتاجيني مش أنا، تشاو.
تسلق الدرج العلوي ليصعد خارِج السيرك الروماني، نفض ملابِسهُ جيدًا وهو ينظْر حولهُ، نظر لسيارتهُ الحمراء الصغيرة القديمة، أول سيارة قام بـِ شراؤها من أول مبلغ مالي حصل عليه، وضع يدهُ داخِل الحقيبة ليجِد مُفتاح السيارة بِها، إتجه لها وجلس بـِ داخِلها، تفحصها بعينيه وهو يتلمس الغُبار المنثور في كُل جُزء بِها.. ويتذكر.
__________________________________________
_مُنذ سنوات..
جلس فريدريك على مِقعد القيادة داخِل السيارة وجلس بجانبهُ غبريال، وفي الخلف باتريشيا كانت تصنع البالون بالعلكة التي تمضُغها، كانت ترتدي ثوب قصير باللون الأبيض منقوش عليه كرز صغير أحمر
وضع فريدريك يده على المقود وقال بنبرة سعيدة: مش مصدق! بقى عندي عربية بالفِعل!
غبريال بإبتسامة: إنت موهوب يا فريدريك! عروض السيرك اللي بتسافر وبتعملها في البلاد رائِعة وجمعت منها مبلغ كبير خلال الست شهور اللي فاتوا، تستحق يكون عندك عربية وحتى لو صغيرة بس كـ بداية حلوة.
نظر فريدريك لِمرآة السيارة إلى باتريشيا تحديدًا وقال بنبرة مُتأمِلة: عجبتك؟
قالت لهُ باتريشيا بنبرة عادية مُخيبة للأمال: أه جميلة، لكِن بحِب عجلة غبريال أكتر.
بهتت ملامِح فريدريك فقال غبريال مُنقِذًا الموقِف: لا عجلة إيه، أنا عن نفسي هركب العربية معاك، هنلف بيها المدينة كُلها.
باتريشيا بحماس بعد حديث غبريال: وأنا معااكُم!
لقد كانت دائِمًا تتسبب لهُ في خيبة الأمل، مهما فعل ليُصبِح أفضل من غبريال في نظرها، كان يفشل.. ووفاة غبريال تحديدًا كانت هي السبب في وداعهُم
كانت سبب في أنها تركتهُ ورحلت، عانى الكثير مُنذ غيابهُم، وكان يؤلِمهُ أن وجودها معهُ فقط لإن غبريال كان معهُم
باتريشيا، ذات الشعر الغجري والجسد الممشوق، وعيونها كمسارح تتسِم بالجرأة، وحضورها كـ طلة الشمس بعد غروب دام لساعات
تُنير كُل شيء، تُلقِ المياه المُقدسة على الحرائِق المُشتعِلة داخِلهُ التي شبت بِـ فضل والِدهُ الحاخام القاسي.
_الوقت الحالي ♦
نفض تِلك الأفكار عن رأسهُ، وغادر تِلك السيارة، ترجل مِنها ثُم صفع بابها وهو ينظُر لها بضيق، كُل شيء قديم ويعِز على قلبهُ ينبُض بذاكرة سيئة تؤلِمه، لكِنهُ لا يستطيع أن يتخلى عن ذلِك الخيط الذي يربُطهُ بِـ تِلك الذكريات، ذلِك التناقُض سيقتُلهُ يومًا ما.
________________________________________
_ مشفى المنطِقة ٩٠ ♦
كانت فيان تحاول النجاة بروحها من ذلِك الذي يحاول كتم أنفاسها بـِ الوسادة، وفي الرمق الأخير مِن المحاولة وكانت قد أوشكت على لفظ أنفاسها الأخيرة، دخل الغُرفة والِد غالي وهو يحمِل أوراق التقرير اليومي لـِ يمُر على الحالات، لـِ يجد ذلِك الرجُل يحاوِل قتلها، إرتبك الأخير عِندما رأى الطبيب وفر هارِبًا مِن الغُرفة، نظر والِد غالي لـِ فيان المُختبيء وجهها أسفل الوسادة، وتقدم نحوها بخطوات ثقيلة وقلبه يتمنى ألا تكون قد فارقت الحياة، مد يدهُ وسحب الوسادة لتستنشق الهواء بِعُمق ووجهها كان قد تحول للإحمرار نتيجة الإختناق والإجهاد، نظرت له شرزًا وقالت: إنت دكتوور فاشل، إنت أفشل بني أدم قابلتُه في حياتي، معرفتش أجري ولا أدافِع عن نفسي بسبب إنك رابطني، وبتتهم إبنك بالفشل، هو لو فيه حاجة واحدة غلط هي إنه إبنك، فُكني حالًا!
نزلت تِلك الكلِمات على والِد غالي كالسوط الذي كان يشُق جسدهُ، إقترب مِنها وقام بـِ حل وِثاقها، تحسست مِعصم يديها وقدميها مِن الربط ثُم نظرت لهُ وقالت: مُستشفى مفيهاش أمن ولا أمان بتربطوا المرضى ليه طالما مُش قادرين تدافعوا عنهُم سيبوهُم يدافعوا عن نفسهُم.
تجهم وجههُ وحاول تصنُع الجدية ليفلِت مِن حديثها المسموم، عدل موضِع نظارتهُ على أنفِهِ وقال: دا لمصلحتك إنتِ عندك حالة هستيريا بتخليكي تقومي في مُنتصف الليل تصوتي وتعملي تصرُفات غير محسوبة بالمرة، إسمعيني يا..
قاطعتهُ فيان وقالت: أنا عاوزة إبنك، هو فاهم كُل حاجة، لو جبتهولي أوعدك مش هعمل أي مشاكل!
الطبيب بحزم: مش من مصلحتك تعملي مشاكل لا إلا هحولك لغُرفة أبوابها من الحديد المقوى!
فيان أغلقت عينيها وكورت يديها وهي تُمسِك الملاءة بين أصابعها بِقوة، تحاول التماسُك فخرجت كلماتها بأحرُف مُتقطِعة واضِحة وهي تقول: إتصـــل على إبــنــك حــــــالًا!!
الأخيرة خرجت بصُراخ غاضِب ونفاذ صبر!
لِذا هرع الطبيب مِن الغُرفة موصيًا المُمرضات أن يضعن عينهُن عليها، حتى يتصِل بـِ غالي ليحضر ويرى ما الأمر!
_________________________________________
_سيارة إياس خطاب ♦
_المكان: أحد المناطِق العادية البسيطة.
توقف بـِ السيارة أمام إحدى البنايات التُراثية القديمة والتي تمتاز واجهتها بالبساطة، كانت كادي تنظُر لهُ ولا تُزيح أعيُنها عنهُ، قام هو بخلع نظارتهُ الشمسية لإن الشمي أوشكت على المغيب، هندم مِن مظهرهُ وهو يزفُر وقال: خليكي هنا هوصل الظرف للراجل وأجي..
قالت كادي برجاء: هتسيبني في العربية لوحدي؟ مُمكِن أجي معاك من فضلك؟
دون أن ينظُر لها قال بلهجة حازمة: لا!
ترجل من السيارة وأغلق الباب وهي تُتابعهُ بنظراتها حتى غاب عن مرمى عينيها حين دخل إلى تِلك البناية، تفحصت السيارة الحديثة بأصابع يدها، كانت مُطرزة من الداخِل بالقُماش الأحمر القاتِم الفاخِر، وضع إياس السيجار الإلكتروني الخاص بِه بجانِب المقود، وزُجاجة من العِطر الثمين، وعُلبة من القطيفة الحمراء القاتِمة كـ قُماش السيارة صغيرة، إلتقطتها كادي وهي تنظُر داخِلها لتجِد خاتِم خُطبة، كُتب داخِله بـِ خط رفيع ” ميار ”
أغلقت العُلبة بضيق وبدأت في قضم أظافِرها، وبدأت تُحرك قدميها في ضيق وتوتُر، حتى خرج إياس مِن البِناية وجلس في مِقعد السائِق في السيارة وبدأ يُديرُها دون أن ينظُر لكادي الجالِسة بجانِبهُ
قاد السيارة حتى وصل إلى باحة كبيرة راقية مليئة بالمحلات التُجارية التي تحوي ماركات عالمية، صف سيارتهُ في المكان المُخصص لها ثُم ترجل مِنها، نزلت معه كادي وسارت بجانِبه بتنورتها المدرسية القصيرة وقميصها الأبيض
دخل إياس أحد المحلات التُجارية وهو ينظُر إلى الملابس المعروضة، وكادي تتفحص المكان حولها بإنبهار
كان إياس ينظُر إلى الملابس بنصف عين حتى وجد قميص باللون الأزرق القاتِم ومِعطف باللون الاسود، إلتقطهُم وإتجه إلى غُرفة تبديل الملابِس، كان المتجر يعُج بالشباب والرجال مِن مُختلف الأعمار وشعرت كادي بالتوتُر لإنها الفتاة الوحيدة بالداخِل، أليس مِن المُفترض أن يُحضِر الرجُل معه زوجته أو إبنته لِتكُن هي مِرآتُه! أم ان سوء حظها جعلها الفتاة الوحيدة الحاضِرة هُنا
وقفت كادي بجوار غُرفة التبديل المتواجد بِها إياس وهي مُستنِدة على الحائِط، قام إياس بِفتح باب غُرفة التبديل وهو يُخاطِب بِصوت هاديء أحد العاملين في المتجر قائِلًا: لوسمحت!
لم يسمعهُ الرجل جيدًا فقالت كادي بصوت مُرتفِع: يا عمووو.
إتسعت عينا إياس صدمة وقال من بين أسنانُه: شششش بتعملي إيه؟
كادي ببراءة: بناديهولك ماهو مش سامعك!
إياس أغلق عينيه بنفاذ صبر وقال: مطلبتش منك تنادي حد، مُمكِن تسكُتي؟
إياس بصوت هاديء ونبرة مُرتفِعة قليلًا: لو سمحت!
حضر لهُ الرجُل فأعطاهُ إياس المِعطف وقال: دا صغير شوية عاوز مقاس أكبر بدرجة.
إلتقطت كادي المعطف من الرجُل بعد ما نظر إلى قياس المِعطف وقالت: خلي دا في إيدي يمكِن دا أكبر حاجة عشان ميتاخدش.
كور إياس يدهُ بضيق وقال: إدي الجاكيت للراجل.
كادي بسُرعة: لا عشان محدش ياخدُه هفضل مسكاهولك ماما كانت بتعمل كدا مع بابا.
مِن شِدة ضيق إياس مِنها وكُرهه ومقتهُ الشديد لِوالِدها أغلق باب غُرفة التبديل ونظر للمرآة ثُم قال: عليكي وعلى أبوكي الـ ****.
حضر العامِل بيدهُ المِعطف الأخر فسحبتهُ كادي من بين يديه ثُم دقت باب غُرفة التبديل على إياس وهي تقول بصوت مُرتفع: لقااه أهوو خُد قيسُه بسُرعة عشان أرجع التااني.
إياس من داخِل الغُرفة: يارب يا تاخدها يا تاخدني عشان لو فتحت الباب رد فعلي مش هيبقى حلو!
قام بفتح الباب وإلتقط مِنها المعطف ثُم عاد ليُغلِق الباب في وجهِها، إنتهى من التبديل وخرج مِن الغُرفة، تبعتهُ كادي بـِ حماس وهي تقول: كان شكلُه حلو؟
نظر لها دون أن يُجيب لإن رأسهُ بدأ يؤلِمهُ مِن ثرثرتِها، ثُم وقف أمام المُحاسِب ووضع أغراضهُ وقام بالدفع، خرجوا سويًا من المتجر ووضع أغراضهُ داخُل السيارة، إستقلت هي السيارة وجلست في المِقعد بِجانِبهُ، ما أن أدار السيارة حتى قالت بنبرة خرجت منها بخيبة أمل: هنروح خلاص؟
نظر لها لمُدة ثانيتين بوجه فارِغ من المشاعِر ثُم قال بنبرة أبوية: عشان تغيري هدومك وتذاكري، وزمان مامتك رجعت من برا.
قاد السيارة وإستندت هي برأسِها على النافِذة، لكِنها لم تستطِع أن تُزيح نظرها وعينيها عنهُ.
_المكان: مشفى المنطِقة ٩٠♦
تحديدًا: غُرفة فيان.
كانت مُنكمِشة على ذاتها وهي تضُم قدميها لصدرها وتتأرجح بجسدها للأمام والخلف، وخُصلات شعرها الفوضوية تناثرت حول جسدها في مشهد مهيب، الشُعاع الأخير مِن الشمس قد نثر خيطهُ الأخير كـ وداع على أرضية الغُرفة، ورائحة كحول الدواء والمُنظفات جعلتها تود أن تتقيأ، خاصة أنها لم تأكُل مُنذ ساعات، هُنالك بعض أسلاك المحاليل المُمتدة مِن أسفل أصابِع يدها إلى مِعمصهُ، شفتاها چافتين كـ أوراق خريفية هشة، وفراشها مُبعثر الأغطية كـ أفكارها العديدة
قطع ذلِك التأمُل في الغُرفة الباهِتة دخول غالي عبد الرحمن، أغلق الباب خلفهُ وهو ينظُر لحالتها المزرية، ثغر فاه وهو يقول بصدمة: إيه اللي حصل؟ إيه اللي وصلك للحالة دي!
رفعت رأسها وهي تحُك فروة رأسها وتقول بنبرة أشبه بالجنون: أبوك، فريدريك، غيابك!
تأمل جُملتها قليلًا وقلبها في رأسهُ، مِن المؤكد أنها تعني غيابهُ كـ شخص يحاوِل حمايتها مِن المُستنقع الذي إلتقطها مِنهُ، لا مجال لـِ معانِ أخرى، سحب مِقعد حديدي مُطرز بالجلد الأسود إتجاه فِراشها الطبي، وجلس عليه وهو يقول بهدوء: الغريب إن والدي كلمني وقالي إنك، طلبتيني بالإسم!
مدت يدها المُعلقة بِها المحاليل الطبية وقالت برجاء وأنفاس بارِدة: خرجني من هنا، أنا هنا كُل ثانية مُعرضة للموت ومش عاوزة تكون نهايتي في مقبرة عليها ورود جافة في السيرك الروماني، محدش هيقدر يخرجني من هنا غيرك!
غالي وهو يحاول التركيز مع ما تقوله: مش فاهم حاجة، دا أأمن مكان ليكِ!
حركت رأسها يمينًا ويسارًا بـِ عُنف ثُم بللت شفتيها بلسانها وقالت: بيتهيألك، فريدريك بعتلي واحد من جماعتُه يخلص عليا ولحقوني في اللحظة الأخيرة، عشان حكيتلك قصتُه مع باتريشيا وغبريال، مفيش مكان أمان ليا، مفيش مكان صعب على فريدريك.
إبتسم إبتسامة جانبية بسُخرية وقال: بيتهيألك، دخوله للمشفى دي حاجة عادية لإنها على أطراف المنطِقة ٩٠،لكِن المنطِقة نفسها! صعب أوي يُدخُلها.
نظرت لهُ بخيبة أمل وقالت: يعني إنت مش مصدقني؟
حك أنفهُ في حركة تلقائية ثُم قال: لا مصدقك طبعًا وعارف ألاعيب واحد زي فريدريك، ثُم إن والدي حكالي على اللي حصل لما كلمني، الفكرة أنا مش هعرف أخرجك من هنا حتى لو عاوز، أنا لأول مرة والدي يثِق إني أقدر أتصرف ويتصِل بيا، مقدرش أخذِلُه.
إتسعت عينيها صدمة وهي تقِف على قدميها بِعجز وتنظُر لهُ وهي تقول: كُنت فكراك مُختلف وهتساعدني، متوقعتِش إنك تفكر في مصلحتك حسبتك شخص ناضِج وحقاني!
غالي بهدوء مُحاوِلًا تدارُك الموقف: خروجك في حد ذاتُه خطر أنا لو طلعتك برا المنطقة هوديكِ فين؟ هنا أمان ليكِ.
لمعت عينيها بالدموع وقالت بنبرة بُكاء: لا هو أمان عشان علاقتك بوالدك تتحسن.
غالي بهدوء: طب إسمعيني بس..
فيان بأمر قاطِع: إطلع برا..
غالي بصدمة: نعم؟ أطلع برا فين؟
فيان إتجهت إلى الباب وقامت بفتحهُ وهي تنظُر للأطباء والمُمرضين بالخارِج، فُرصة هروبها ضئيلة فقالت لأحد الأطباء: خرجوه من أوضتي، بيحاول يقنعني بالهروب..
إتسعت عينا غالي وهو ينظُر لها عاجزًا عن الرد، بادلتهُ هي بنظرة الخِذلان وبينما هو يخرُج مر بجانبها فهمست لهُ: غبريال أرجل منك.
نظر لها نظرة ذات معنى فخرجت مِنهُ نبرة ساخِرة وقال: أيوة فعلًا عشان كدا مسميكِ عاهِرة كيوبيد.
خرج مِن الغُرفة وقامت هي بـِ صفع الباب، بينما ظلت تجوبها يمينًا ويسارًا وقلبها يحترِ| ق مِن شِدة القهر.
_المكان: الكنيسة الكاتدرائية ♦
توقفت سيارة فريدريك المُميزة التي قام بتبديلها بتِلك الأُخرى، ترجل منها بقامتهُ الطويلة وهو يرتدي الثياب التي تُظهُرهُ بمظهر أخر، أكثر هدوء وعلم وأدب!
تحرك تجاه بوابة الكنيسة الكبيرة، كان يجلِس فردين مِن الأمن على مقاعد حديدية للحماية، أوقفوه تساؤلًا: رايح فين حضرتك؟
قبل أن يُجيب، خرج أحد الأشخاص من الكنيسة الكاتدرائية، سار فريدريك بعيدًا عن أفراد الأمن بخطوات وتوقف جانبًا، وما ان مر ذلِك الشخص أمامهُ حتى أوقفهُ فريدريك بصوته قائِلًا: من فضلك..
توقف الشخص وإلتفت إلى فريدريك فقال لهُ الأخير: تعرف بنت بتتردد على الكنيسة الكاتدرائية كُل يوم أحد، إسمها باتريشيا؟
ضيق الأخير عينيه وقال: أنا مِش مُن خدام الكنيسة عشان أعرف أسماء كُل اللي بيترددوا على الكنيسة، أنا أصلًا مش مُلتزم ونزلت إنهاردة عشان ألتزم دينيًا، لكِن لو مُهتم مُمكِن تدخُل جوة وتسأل القِس.
تركهُ الشاب وغادر، ووقف فريدريك وهو ينظُر إلى الكنيسة، إقترب مِنها وقال لأفراد الأمن: أنا عاوز أدخُل أتكلم مع القِس، مِن فضلكُم..
كان يعلم أنه سيتِم تفتيشه ذاتيًا وبـِ دقة، وبعد ما إستطاع الدخول إلى الكنيسة تحدث مع إحداهُن في الداخِل، كانت تعلم أين تقطُن باتريشيا، ليست راهِبة، هي فقط فتاة ترداد الكنيسة للصلاة، ولسبب ما إستطاع فريدريك إقناعها أن تتحدث معه بأريحية وتُخبره عن باتريشيا بـِ ثقة، هو يملُك في جسدهُ لغة جذب عالية، تجعل من أمامه يقع بِه بـِ سهولة
إرتاد سيارتهُ مُجددًا وسار بِها حتى وصل إلى أطراف المدينة النائية، كان الوضع هاديء، ترجل من سيارتهُ وبدأ الهواء العليل في مُداعبة خُصلات شعرهُ التي قام بتثبيتها على جانب وجهه حتى يظهر في مظهر الفتى المُسالِم، إبتسم وظهرت أنيابهُ، كـ مصاص دماء.. كانت تلك الأنياب تُميزه، هو إنسان طبيعي لكِن اسنانهُ خُلِقت بـِ هذا الشكل، إبتسامته كانت تنُم عن سعادة حقيقية، سيُقابِل باتريشيا وأخيرًا! رغم أن وداعهُم كان مؤلِم، مُمتليء بالدموع والصرخات، وجُملة باتريشيا التي لا تُغادِر عقلهُ ( إوعى، إوعى أشوف وشك تاني!)
أغلق عينيه بقوة مُحاولًا التخلُص من تِلك الذكرى، تِلك الندبة.. ذلِك اليوم البغيض.
بعد ما قام بفتح عينيه، وجد أمامهُ قِطة صغيرة، بيضاء وعينيها بـِ لون البحر الأزرق، صغيرة ونظيفة للغاية.
لم يكُن مُحبًا للحيوانات عِندما أصبح شابًا، ولكِن بـِ حُكم عمله في السيرك والعروض تعامل مع المُفترِسة مِنها.
إنحنى وهو يلتقِط القطة الصغيرة من بين العُشب، ويحمِلها بين يديه.. ينظُر إليها
رباه! عينيها تُذكِرهُ بأمواج البحر الثائِرة، زرقاء صافية للغاية.. نظر إلى عُنقها، كانت هُنالك قِلادة للقطط حول عنقها بِها جرس صغير وإسم مالُكها.. باتريشيا!
وقبل أن يتلمس أحرُف الإسم بأصابِعهُ، قرب أنفهُ تجاه رأس القِطة وهو يستنشُق رائِحتها، كانت دافِئة للغاية، ورائِحة عِطر فرنسي تغللت فروتها الناعِمة.
صوتًا ما أعاد إليه إنتباهُه يقول: رجعلي قُطتي من فضلك!
رفع رأسهُ، وقلبهُ الذي ظن أنهُ ما| ت مُنذ أعوام، نبض نبضات ضئيلة أعادتهُ للحياة مُجددًا، ونظر إليها
باتريشيا جمالها لِمن يراها، عادي.. فتاة بِخُصلات شعر سوداء كالفحم، أسفل أكتافها وليس طويلًا، بشرتها بيضاء مائِلة للإصفرار.. وعينيها كما كان يعرفهُما، ناعسة خضراء.
المُثير للسعادة أن درجة جمالك في أعيُن من تُحِب لا تُهِم، في كُل الأحوال يراك لا مثيل لك.
شفتيها تتحرك وكأنها تُحدِثهُ، وتحاول مد ذِراعيها تجاههُ لتأخُذ قِطتها، أفاق من تأثيرها عليه وقال بنبرة سريعة وسُرعة بديهية: كُنت سايق، وحاجة صغيرة عدت قُدام عربيتي، وقفت! لقيتها قُطة، وفي الواقع كُنت بتفحصها عشان أقدر أوصلها للمالك بتاعها، لقيتك!
وفي عقلِهِ ” لقد قطعتُ ألاف الأميال، وفقدتُ من وقتي ساعات لن تعود، فقط لأراكِ، وجدتُك! ”
توقفت باتريشيا عن الحديث، وهي تتفحصه بعينيها، حتى أنه من توتُره أن تكتشف من هو إزدرد لُعابه.
حركت لسانها على أسنانها في حركة تأمُلية وقالت بحاجب مُرتفِع: يعني إنت مكونتش ناوي تسرقها؟
إتسعت عينيه في حركة تلقائية وقال بِسُرعة: لا! لا أكيد، أنا مُحِب للحيوانات لكِن مش بحرِمهُم من الناس اللي ربوهُم.
ظهرت إبتسامة على ثُغرها وهي تُعدِل خُصلة مِن شعرها مُتمرِدة، وقالت بحرج: أنا بعتذرلك ولازم تحُطلي العُذر، المنطقة هنا الناس فيها مُريبة نوعًا ما وأنا بقدس مُمتلكاتي جدًا.
في عقلهُ “ليتني ساعة في مِعصمِك، أحمر شِفاة تعودين له كُل ليلة ليوضح خطوط شفتيك العتيقة، ليتني عِطرًا يتغلغل خلايا جسدِك، يأنس بِك.. ليتني أنا كُل مُمتلكاتِك”
باتريشيا قالت له: القُطة؟
مد يدهُ لها بِها، وتلمست أصابِعها كف يدهُ، كهرُباء سرت في جسده ولم تكُن مُجرد قشعريرة، إلتقطت قِطتها ثُم نظرت لهُ، وجدتهُ يرتجِف فثغرت فاه وقالت: الجو برد فعلًا، تسمحلي أعزمك على فنجان قهوة كإعتذار على إسلوبي معاك؟
تأملها، تأمل وجهها، ذات العينين اللتان كانتا تهرُبان مِنهُ عِندما كانوا صِغارًا، هي التي تنظُر لهُ بإبتسامة خجولة مِن الإحراج، تدعوه لكوب مِن القهوة عِوضًا عن حديثها الفظ معهُ، لم يجِد مهربًا مِن ذلِك الخبيث الصغير في يسار صدرهُ الذي يُخالِف تعليماتهُ مادام الأمر يتعلق بِها، لِذا بدورِه رد لها الإبتسامة وقال: مفيش داعِ لو كان دا لندم إني إتضايقت، بالفعل مش متضايق منك ومقدرك ، متحمليش نفسك ذنب شيء بسيط زي دا.
قالت لهُ باتريشيا بإصرار طفولي لم يتغير بِها رغم السنوات: ولو أنا مُصِرة؟
رفع أكتافهُ وقال: خلاص هنتفق إتفاق، لو شوفتيني صُدفة في يوم أو في مكان قُريب منك تعزميني على القهوة، لكِن دلوقتي مُضطر أمشي.
ودعتهُ باتريشيا بإبتسامة، ولم يلتفت بل إلتفتت هي لتعود أدراجها إلى منزِلِها، لكِنها عادت وإلتفتت لهُ وسرت الكهرُباء في جسدُه مُجددًا، قالت لهُ بتساؤل فضولي: طب إسمك إيه؟
قال هو مُتدارِكًا ذاتهُ في اللحظة الأخيرة: فريدر.. فريد.
باتريشيا بنعومة: فريد! شُكرًا مرة تانية.
ثُم تركتهُ وسارت على العُشب المُبلل وفي يدها القطة، كان منزلها من دورين صغير يتوسط المدينة النائية، لونه من الخارج بالأبيض المُزخرف بالأزرق الداكِن، لطالما عشقت اللون الأزرق، عدا عينيه لم تعشقهُما.
بعد دقائق من الوقوف مطولًا والنظر لمنزلها وطيفها الراحل، قرر العودة لسيارتهُ ليعود لكيوبيد، هُنالك أعمال هامة لابُد أن يُنهيها، لكِنهُ لم يُغلِق الباب معها إلى الأبد، تركهُ موارِبًا ومن داخلهُ يعلم أنهُ سيختلِق الصُدفة التي ستجمعهُما سويًا.
المكان: المنطِقة٩٠♦
التوقيت: وقت الغروب.
إقتحم إياس المنطِقة بسيارتهُ، ثُم صفها أمام معرض السيارات الخاص بِه، ترجلت كادي من السيارة وهي تُهندِم مِن ملابِسها، ترجل إياس هو الأخر وهو يُلقي بمفاتيح سيارتهُ على الصبي البديل لوصيف نظرًا لإن الأخير لازال يُعاني من أثار بُغض وحِقد فريدريك عليه.
إقتربت كادي من إياس وهي تقول بسعادة مُبالغ بِها ووجنتيها تحول لونهُما إلى الإحمرار مِن شدة السعادة وقالت: شُكرًا بجد يا عمو على أنك أخدتني معاك.
إياس ببرود: العفو إهتمي بدروسك وبوقتك ومتضيعيهوش في مشاوير مش هتفيدك، إطلعي لمامتك طمنيها عليكِ.
كادي بتلقائية: وإنت مش هتطلع!
نظر لها مُطولًا نظرة ذات معنى ألا تتعامل معهُ بتلك الأريحية، شعرت بالإحراج وركضت تجاه البناية، تجاهلها إياس ونظر إلى بوابة المعرض الخاصة بِه ليلمح خيال لرجُل يقِف خلفهُ، إلتفت أياس بِسُرعة ليجد مهد يقِف خلفه وينظُر له بريبة.
إياس زفر بضيق وقال: في إيه ياعم الوقفة دي!
مهد إزدرد لُعابهُ وقال: أنا اللي في إيه؟ إنت وغالي خدتوا عربياتكُم وروحتوا فين كِدا! كُل دا إنتوا مش في المنطِقة!
أياس إستنشق الهواء داخِل رئتيه وقال بإرهاق: كان في كام مشوار بخلصهُم وإضطريت أخُد كادي معايا..
مهد قام برفع حاجبيه إندهاشًا وقال: كادي! واو، حصل إيه؟
إياس بضيق لأنهُ لا يُحِب عمهُ الراحِل: محصلش! عيلة صغيرة شبطت فـ أخدتها، أنا مبحبش العيال أنت عارف.
مهد وهو ينظُر لبوابة المعرض المُغلقة: طب أنا فاضي لو عاوزني أدخُل معاك المعرض نخلص الشُغل المتراكِم عليك.
قام إياس بفتح بوابة المعرض وقال بإرهاق: ياريت!.
_داخِل غُرفة كادي ♦
كانت مُمددة على الفِراش الخاص بِها، جسدها مُتعرِق وتُحرِك رأسها يمينًا ويسارًا.. كانت مُتعبة وتبكِ وهي مُغمِضة العينين!
شعرت بأنفاس حارة فوق معدتها صعودًا لعُنقها، حتى وصلت لعينيها وشفتيها!
قامت بفتح أعيُنها، لتجِد إياس ينظُر لها، لعينيها، ويتأمل كُل جُزء في وجهها.
إنحنى مُجددًا ووضع قُبلة فوق معدتها، ثُم عاد لوجهها مُجددًا وقال: بعد أربع سنين، هيكون في جُزء مني مكان البوسة.
كانت كادي تتألم وهي تنظُر لوجههُ، وهو ينظُر لها بتأمُل عميق ويقول: الوجع دا هيروح، وهيكون مكانه جزء مني، مني أنا بس.
_________________________________________
أفاقت كادي من نومها وجسدها مُتعرِق وتلتقط أنفاسها بصعوبة، بللت شفتيها الجافتين بلسانها وهي تحاول أن تستوعب ما حدث! لقد كان حُلمًا!
أذان الفجر يصدح الأن! لقد كانت رؤية! إنفلتت من ثغرها ضحكة تنُم عن سعادة حقيقية، وقلبها يرجُف
كانت ترتدي رداء نوم قصير باللون الأبيض من دون أكمام، قُطني ومُريح، شعرت بألم شديد في معِدتها فتأوهت وهي تضُم رُكبتيها لصدرها، قامت والدتها بفتح باب غُرفتها وهي تقول بهدوء: يلا صلاة الفجر، مالك؟
كادي والإبتسامة رغم الألم تشُق طريقها على محياها: مش هينفع أصلي إنهاردة هاخُد مُسكِن وأكمِل نوم.
والدتها بتنهيدة: طب قومي إدخُلب الحمام ظبطي نفسك كويس إني إشتريتلك حجات شخصية وأنا برا، وغيري هدومك إفرُكيها بالصابونة وأنا لما أخلص صلاة هشغل الغسالة.
قامت كادي مِن فِراشها وهي تُعدل خُصلات شعرها بطريقة أنثوية عفوية، تِلك التي تصدُر مننا نحنُ الفتيات عِندما نرى حُلمًا جميلًا، أو صُدفة رائِعة!
_المكان: المنطِقة٩٠♦
_التوقيت: الثامِنة صباحًا.
كان إياس قد قام بفتح المعرض وجلس بداخلهُ مُنذ السابِعة صباحًا يُنجِز بعض الأعمال المُتراكِمة عليه، وغالي يجلِس أمامهُ بِبنطالِه الأزرق الداكِن القُماشي وقميصهُ الرمادي الفاتِح، مُرجِعًا رأسهُ للخلف في حالة مِن التأمُل، ومهد يقِف على بوابة المعرض يُراقِب بعينيه بناية لاڤندر.
نظر لهُ إياس وقال بصوت مُرتفع حتى يسمعهُ: يابني خيلتنا، تعالى إقعُد خلينا نشوف حل لغالي.
مهد بتركيز في الخارِج: بقالها يوم مشوفتهاش! منزلتش ولا حتى عتبت الباب أنا قلقان.
وضع غالي إصبعهُ فوق عينهُ وهو يضحك بقوة من دون صوت فضحك إياس تِباعًا وقال: وهي لازم تنزل كل يوم يعني؟ عادي يمكِن تعبانة وبتستريح.
مهد بخوف: تعبانة؟ تفتكر محتاجة دكتور!
إياس وهو يرفع حاجبيه وينظُر للأوراق أمامهُ مُجددًا: لا إنت حوارك حوار.
ثُم نظر لغالي قائِلًا: طب وبعدين؟ كُنت سايسها يابني ما إنت بتقول إنها عيانة ومحتجالك.
إعتدل غالي في جلستهُ وقال: أسايس مين إنت مشوفتش حالتها، هي كانت مُصممة نهرب في التو والحين، وأنا زي ما يكون نزل عليا وحي بيقولي إكسب أبوك وفُكك منها.
إياس أعاد ظهرهُ للخلف على المِقعد وقال: جدع.
غالي بنظرة جانبية: بتتريق؟
إياس ببرود: بتكلم جد، جدع.. هي راحت ولا جت واحدة تبع المطعو| ن فريدريك.. لكن أبوك إنك تحاول تكسبه دي حركة ذكية وحلوة منك.
غالي بضيق: أومال أنا متضايق ليه إنها مبقتش تثق فيا.
إياس في محاولة لمؤازرة صديقهُ: ما اءء فكك، يعني هنعملها إيه خلاص هي كدا ولا كدا فريدريك كان هياخُدها سواء بـِ رضانا أو غصب عننا.. خُد بالك إحنا بنمشي الدُنيا معاه عشان دماغُه **** مش مفهومة ومش ضامنين ردود أفعالُه ولا عارفين بيعرف اللي بيحصل في المنطِقة إزاي.
إنتبه مهد لحديثهُم أخيرًا فإقترب مِنهُم واضِعًا كِلتا يديه داخِل چيب بِنطالهُ وقال: أيوة بس مش هنفضل كدا، هنعمل حاجة صح!
إياس بشرود: أفهم دِماغُه الأول.. وبعدها هشوف.
ركضت كادي خارج البناية وفي الوقت ذاتهُ كانت لاڤندر تحمِل في يدِها مزهرية بِها ورود تالِفة، لتُلقيها في صندوق القُمامة
وقفت أمامها كادي وهي تلهث وتقول: أنا هبقى مرات إياس، أنا هبقى مراتُه.
إتسعت عينا لاڤندر وهي تتلفت حولها ثُم نظرت لكادي بحزم وقالت: ششش وطي صوتك، اللي بتقوليه دا ضد قوانين المنطِقة.
كادي بسعادة ولازالت تلهث: سيبك من القوانين دي تتغير عادي، المُهم إن..
قاطعتها لاڤندر وقالت: تتغير إيه دي قوانين متوارثة عن العم علي خطاب، إياس وريثُه.. يعني عمِك اللي قالُه كدا وإياس إعتبرها زي الوصية ولازم يلتزِم بِيها.
بهتت إبتسانة كادي، وقبل أن تُجيب إستمعوا لصوت مُرتفِع من الموسيقى الغربية العتيقة، وصوت دراچات وسيارة مُثلجات، ورائِحة الفطائِر والفشار الساخِن.
نظروا لمصدر الصوت ليجدوا فريق كامِل مِن أعضاء السيرك، وفتيات يرقُصن بإحترافية على اللحن الخاص بالأُغنية.. مُهرجين وساحر، وطيور بيضاء!
كانت كلمات الأغنية الغربية تقول:
” Ohh old woman old woman don’t treat me so mean
You’re the meanest old woman that I’ve ever seen
I guess if you said so
I’ll have to pack my things and go (that’s right)
Hit the road Jack and don’t you come back
No more, no more, no more, no more
Hit the road Jack and don’t you come back no more”
كانت كُل مِن كادي ولاڤندر مُنبهرين بالعرض المسرحي والرقصات المدروسة جيدًا والطيور اللكيفة وحتى ملابس الأشخاص الذين يقومون بالعرض، بينما الموسيقى تصدح تفرق الأعضاء لقسمين، قِسم على اليمين والأخر على اليسار، وظهر مِن بينهُم فريدريك
يرتدي بِنكال بحمالتين باللون الرمادي، وقميص أبيض وقُبعة رمادية، إقترب من كادي ولاڤندر، ومد يدهُ تجاه لاڤندر بِرقة، كانت تارِكة خُصلات شعرها الشقراء الداكِنة المُموجة، وترتدي ثوب قصير باللون الأسود مُمتليء بالورود الصفراء الصغيرة.
لا تعلم لِماذا لكنها مدت يدها ليدهُ، فقام بسحبها بٌلُطف بينما لازالت مُمسِكة بمزهرية الورود التالِفة..
كان إياس يُراقِب ما يحدُث في منطُقتهُ بصدمة هو وغالي، أما مهد كان الغضب يشُق طريقهُ جيدًا داخِل كُل جُزء في جسدهُ! حبيبتهُ الصغيرة بين يدي رجُل أخر، رجُل بغيض! عدوهُم!
قام فريدريك بلفها عِدة مرات بين يديه وشعرها يدور حولها، توقفت وهي تضحك من قلبِها للمرة الأولى، جلس فريدريك أمامها على إحدى رُكبتيه وإلتقك إحدى الطيور البيضاء، حمامة صغيرة، ثُم وضعها خلف أُذن لاڤندر، وأعاد يدهُ أمامها، كان بِها زهرة صغيرة، وضعها بين خُصلات شعرها وهو يقول: زهرة اللاڤندر.
إحمرت وجنتيها خجلًا فنظر لها وقال بملامح تغزُلية ولكنة فرنسية ” Belle fille”
نظرت لهُ بعدم فهم فقالت إحدى فتيات العرض: فتاة جميلة!
تلمس فريدريك الزهور التالفة في المزهرية بين يديها، وقال: عادة بيصعب على بقية الزهور تقاوم في الحياة لما يكون وسطهُم زهرة اللاڤندر، الجميلة!
قلبها نبض بقوة حتى أنها شعرت بالألم مِن شِدة النبض
وقف فريدريك مُجددًا وإتجه نحو سيارة المُثلجات الخاصة بِه، وأخرج مِن النافِذة الصغيرة للسيارة كوب مِن المُثلجات ووضعه في يد لاڤنظر الفارِغة، ثُم قال بإبتسامتهُ الجذابة: بنت رقيقة زيك أعتقِد هتحِب الڤانيليا مع الفراولة.
إتسعت عينيها، هي تعشق المُثلجات بجميع أنواعها، لكِن بالفِعل تِلك هي المُفضلة لها.
أدار ظهرهُ لها وهو يخلع قُبعتهُ وخُصلات شعرهُ تطاير مع الهواء
قالت لاڤندر بتلقائية لم تعهدها ولم يعهدها أحد: هتيجي هِنا تاني؟
إلتفت لها مُجددًا وقال بنظرة رجولية يتبعها تساؤل خبيث: عوزاني أجي؟
حركت رأسها تلقائيًا بـِ نعم، فـ إقترب مِنها وقال: حتى لو مينفعش أدخُل المنطِقة تاني، تأكدي إني هجيلك لو حابة.
ثُم سار وسط أعضاء السيرك حتى مر مِن أمام معرض إياس، رفع قُبعتهُ في حركة تحية ثُم غادر.
إياس بصدمة وكأنهُ مُصاب بالحُمى: دخل هنا إزاي، إزاي قِدر يعمِل كِدا!
أما مهد كان ينظُر لـِ لاڤندر المسحورة بقهر وحسرة، لقد كانت نظراتها كُليًا تجاه فريدريك! لا يُناسِبها على كُل الأحوال، هي مُسلِمة وهو إبن حاخام!
إقتربت كادي من لاڤندر وهي تقول: أمور أوي بجد، مين دا؟
لاڤندر وهي تنظُر لطيفهُ الراحِل: مش عارفة، بس أتمنى أشوفه تاني!
عِندما خرج فريدريك وسط أعضاء السيرك خلع قُبعتهُ بضيق وقام بفتح الأزرار الخاصة بقميصهُ، ثُم أخرج مِن چيب بِنطالهُ زُجاجة صغيرة بِها نوع مِن الخمور المُسكِرة، إستقل سيارتهُ وصفع الباب وهو يُعدِل مِن خُصلات شعرهُ في المِرآة، كانت تجلِس بجانِبه فتاة تبكِ
كانت فيان!
صفعها فريدريك على قدمها من الأعلى وهو يقول: مهتموش بيكِ، ملبسينك لبس خفيف وقُصير في الأجواء دي، طب قارني كِدا الأكل واللبس اللي كُنت بديهولك، وكُل الميزات اللي وهبتها لعاهِرة زيك، وبين العيل اللي بتطلُبي مِنُه بـِ ذُل يهربِك!
فيان وهي ترتجِف وتبكِ قالت: وهو رفض، وأنا معاك أهو، إعمل فيا اللي تحبُه!
إلتقك ذقنها بين أصابِعهُ بقسوة فأغلقت عينيها وهي تبكِ فقال فريدريك من بين أسنانُه: ماليش نفس أكُل تورتة، بس هعملك حاجة أحلى مِنها.
ترك وجهها بقرف وأدار السيارة، إنبعثت أغنيته التي تركها قبل نزوله للمنطقة وكانت كلِماتها وهو يرتشِف مِن زُجاجتهُ:
“ويسكي بِالتُفاح، ولـ| عِت فالتلج ساح
التُفاح بالويسكي
والليلة ريسكي ريسكي”
أشار بإصبعهُ إلى فيان وقال: والليلة ريسكي، سمعتي؟ ريسك.. متاعب، إسعي عشان أسامحك على خطيئتك.
فيان وهي تنظُر أمامها وتبكِ بصمت: إنت مش إله.
فريدريك وقد ظهرت أنيابهُ التي ولِد بِها: أكيد، أنا Satan “شيطان”.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مقامر المحبة)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *