رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سماح نجيب
رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم سماح نجيب
رواية لا يليق بك إلا العشق البارت الحادي والأربعون
رواية لا يليق بك إلا العشق الجزء الحادي والأربعون
رواية لا يليق بك إلا العشق الحلقة الحادية والأربعون
٤١–” عائدة إلى عرينه ”
ألزمها وقت كافِ لتعى دلالة تلك الجملة ، التى تفوه بها هذا الرجل بتعبير جاف ، كأن لا يعنيه إذا وافقت أو أبدت إعتراضها على قوله ، فلا يهمه سوى أن يخبرها بما لديه وينتهى الأمر سريعاً ، ودلائل نفاذ صبره ، برزت جلية بزفراته الخانقة ، ولم يزداد الأمر سوءًا ، إلا بتدخل ديفيد وصياحه بوجهه ، على الرغم من أنه لم يعى ما معنى قوله ، ولكن ما أطاح بصوابه ، هو أنه علم أن شقيقته لابد لها من الذهاب لمنزل زوجها سواء شاءت بذلك أم أبت
فراسل لم يمهلها فرصة لرفض القرار ، على الرغم من كونها لابد من أنها تاخذ وقتها كاملاً ، قبل موافقتها أو إعتراضها ، بأن يرسل لها بالبدء إنذاراً ، ولكن إستطاع زوجها ونفوذ والده ، بأن يجعل الأمر كأنه تم إنذارها من قبل ، وحان وقت التنفيذ للحكم الصادر بحقها
أزدردت حياء لعابها بصعوبة بالغة فتلعثمت حروفها:
– ببيت الطاعة إززاى يعنى ، أنا معرفش حاجة عن الموضوع مش المفروض يكون فى إنذار الأول ويا أقبل تنفيذ القرار أو أشوف وضعى القانونى إيه
ضم الرجل كفيه قائلاً بنفاذ صبر :
– يا مدام الورق اللى معايا بيقول أن لازم تنفذى حكم الطاعة ، وأن تم أخطارك بالانذار وانتى منفذتيش ، الورق اللى معايا بيقول كده
إستطاع ديفيد تخليص ذراعه من يدى بيرى القابضتان عليه بحزم ، حتى لا يزداد تهوره ، فأمسك الرجل من تلابيب ثيابه صارخاً بوجهه:
– أنت بتقول إيه أنت وإنذار إيه هى لا إستلمت حاجة ولا تعرف حاجة عن الموضوع ، الورق ده كله مزور وهوديكم فى ستين داهية
نفض الرجل يد ديفيد عنه ، ورفع سبابته يشير له بتهديد:
– اللى أنت عملته ده تعدى على موظف أثناء تأدية وظيفته وأنا ممكن أوديك فى ستين داهية فاهم
تأهب ديفيد لبدء عراك مع الرجل ، مستخدماً لياقته البدنية ، إلا أن حياء حالت بين وقوع الأمر ، بأن صاحت بوجه شقيقها :
– ديفيد إسكت بقى خلينا نفهم اللى بيحصل ، حضرتك أتفضل أتدخل على ما أحضر شنطتى ، وأنتى يا بيرى معلش أعمليله حاجة يشربها
لان الرجل للطف حياء ، ودلف الشقة وعيناه لا تنفك عن إرسال النظرات الكارهة لديفيد :
– شكراً يا مدام بس ياريت حضرتك تخلصى بسرعة
أماءت حياء برأسها ، وذهبت لغرفتها ، سحبت حقيبة ثيابها وبدأت بلم أغراضها وثيابها ، وهى تفكر لما أقدم زوجها على فعل ذلك ، فكل شئ صار على المحك الأن ، ولكن هذا هو زوجها ، إن لم يفعل ما يطرأ على رأسه لن يكون مسماه ” راسل ”
ولكن على الرغم من أن وسيلته لإعادتها لمنزله بها شئ من السخافة وربما الإهانة ، إلا أن قلبها إزداد معدل خفقانه ، لعلمها أن بعد دقائق ستراه ثانية ، بعد تلك الليلة الساحرة ، التى مازال عبق عشقها عالقاً بقلبها وعقلها
وضعت أخر قطعة من ثيابها ، وأغلقت سحاب الحقيبة ، ولكن وجدت ديفيد يقتحم الغرفة دون أن يطرق الباب ، مما أدى لإفزاعها ، وهو يلج الغرفة كالإعصار صائحاً بصوت غليظ :
– أنتى راحة فين يا حياء هتروحى بيت جوزك بجد
أنزلت حياء الحقيبة أرضاً ، وهى تقول بقلة حيلة:
– دا حكم قانونى ولازم أنفذه يا ديفيد ، لأن شكلنا إستفزينا راسل بما فيه الكفاية دا جوزى وأنا عرفاه ، ودلوقتى كمان عايش مع باباه وأكيد سمعت عن نفوذ وسلطة رياض النعمانى ، ولو أنا ما سمعتش الكلام كل حاجة هتنكشف ومش ضامنة ردود الأفعال هتبقى إيه ، بس اللى متأكدة منه أن هيبقى فى بحور دم ، وأتخيل أنت لو راسل عرف أنك أنت كنت بتعذبه فى إيطاليا ، دا مجرد السيرة بس كانت بتخليه فى قمة عصبيته ونرفزته ، ومتنساش أنك أخويا وهو جوزى وأنا مش عايزة أبقى واقفة بين نارين فسيبنى أروح وأحل الموضوع معاه
تركها حتى أنتهت من حديثها كاملاً ، ولم يشأ مقاطعتها ، فهو أراد معرفة رد فعلها عما يحدث ، وجاءت النتيجة مثلما فكر بها ، فالسعادة المتألقة بعينى شقيقته ، دليلاً واضحاً على أنها تريد الذهاب لمنزل زوجها من أجل أن تعيش بجوار من تحب بالمقام الأول ، فتلك الترهات التى قالتها ، لم تكن مقنعة له على الإطلاق
إلا أنه بدا قنوعاً بقولها وهو يومئ برأسه قائلاً بهدوء :
– ماشى يا حياء أعملى اللى شيفاه صح وأنا هشوف محامى وأحل الموضوع
خرجت منها صيحة محتجة ، جعلتها تدرك رعونة إندفاعها ، فعادت تبرر رفضها وهى تقول بإرتباك :
– لاء خلينى أنا أحل معاه الموضوع بشكل ودى ، علشان متحصلش مشاكل أكبر
ثغره الملتوى بإبتسامة العالم بحقيقة الأمور ، أضفت عليه مظهراً شيطانياً ساخراً:
– أمم مشاكل أكبر ! على العموم عمى أدريانو لما يرجع أكيد هيعرف يحل الموضوع ببساطة
ذكره لإسم عمها كان كافياً لبث الرعب بقلبها ، فديفيد متمرساً بذلك الأمر ، عندما يجدها تحيد عن ذلك الطريق الذى رسمه لها ، فكأن إسم أدريانو صار يرتبط بشعور الخوف والرهبة لديها
إلا أنها حاولت إخفاء كل ما يعتريها ، خلف إبتسامة هادئة ، كأنها غير عابئة بما قاله :
– ماهو لو إنت يا ديفيد محاولتش تلم الموضوع وتفهم عمك أن لازم أعمل كده ، هتبقى الأيام الجاية سواد على الكل ، راسل بقى مجروح منى وعلى أخره ، يعنى هو مستنى هفوة منى كمان ومش بعيد يطربق الدنيا ، وراسل لما بيتعصب مبيشوفش قدامه ، أسألنى أنا على عصبيته
رفع ديفيد حاجبه قائلاً بسخرية :
– وهو أنتى مش خايفة من عصبيته دى المفروض أنتى أول واحدة تخاف
مالت حياء بجزعها العلوى لتجر الحقيبة ، فتبسم ثغرها بإبتسامة وهى تقول بثقة :
– ماهى كانت عصبيته ونرفزته بس معايا بيقى الموضوع مختلف علشان كده بقولك سيبنى أحل الموضوع وأنت لما عمك يرجع حاول تهديه على ما أشوف هعمل إيه
جرت الحقيبة خلفها وخرجت من الغرفة للصالة ، بينما ركل ديفيد الباب بقوة كأنه على وشك كسره ، فاللعبة تغيرت قواعدها ، ولن يعود بإمكانه أن يديرها كيفما يشاء
وضع الرجل كوب المشروب المرطب من يده بعد رؤيته لحياء قادمة إليه ، فنهض قائلاً برسمية ومهنية :
– يلا بينا يا مدام
تلمست حياء يد بيرى وقالت بحنان :
– خلى بالك من نفسك يا بيرى والأفضل ترجعى بيت باباكى دلوقتى
أحتضنتها بيرى وهمست بأذنها بمكر :
– تصدقى دى أحسن حاجة عملها جوزك ولو أنى مش فاهمة يعنى إيه القانون ده ، المهم أنك تروحيله ، ياريت أنا كمان أشوف حبيبى من تانى
ربتت حياء على ظهرها وهى تهمس الأخرى :
– إن شاء الله تقابليه يا بيرى هبقى أكلمك على التليفون
لم يظهر لها ديفيد نيته بوداعها ، فملامح وجهه المكفهرة ، جعلتها تفضل الإنسحاب من مشادة أخرى ، ربما سيكون عواقبها وخيمة ، ولكن أرسلت له بعض النظرات الوديعة من عينيها ، جعلته يشيح بوجهه عنها ، حتى لا يجد نفسه يعترض طريقها ولا يجعلها تذهب
طوال طريقها من الشقة لقصر النعمانى ، كانت تفكر بإستقبال عائلة زوجها لها ، فكيف سيكون شعورهم حيالها بعد ما فعلته بزوجها ، وربما الآن صاروا يعلمون بشأن تلك الليلة التى قضتها برفقة زوجها بالقصر وذهابها قبيل الفجر قبل أن يراها أحد منهم ، ولكن كل هذا بكفة ورد فعل زوجها لرؤيتها بكفة أخرى ، لم تستبعد من تخيلاتها ، أنه سيعمل على سحق عظامها لفعلتها ، فأن تكون معه وتجعله يقضى ليلة كتلك واهمة إياه بوعود وعهود لم تفى بأحد منها ، فذلك أدعى لأن يصب عليها جام غضبه ونقمه
لم تخرج من تلك الحالة من الشرود ، إلا بعد علمها أنها الآن داخل القصر ، ولن تمر ثوانى معدودة حتى ترى ساكنيه وبالأخص فارسها المغوار ، الذى إن مرر لها أفعالها السابقة ، لم يمرر لها فعلتها الأخيرة
– إسترها يارب
قالتها حياء همساً وهى تلج للداخل ، فبأعلى الدرج وأمام غرفته كان مائلاً بجزعه العلوى ، على السياج الخشبى ، فمن مكانه إستطاع رؤيتها بوضوح وهى تلج للقصر ، وتجر خلفها حقيبة ثيابها ،ومن خلفها يأتى ذلك الرجل المكلف بإصطحابها من شقتها حتى منزل الزوجية ، المفترض أن تنفذ به حكم الطاعة الصادر بحقها من جانب زوجها
تشابك كفيه ببعضهما وهو يصدح بصوته الساخر :
– أهلا وسهلا يا مدام راسل شرفتى ونورتى البيت
صمت وعاد شهق بأسف مستأنفاً:
– أووه قصدى بيت الطاعة
لولا تلك العيون التى ترصدها ، لكانت أرتقت الدرج الآن وتشاجرت معه ، ولكن حاولت الحفاظ على تهذيبها قدر إمكانها وهى تجارى سخريته :
– قصدك قصر الطاعة ، لو كل بيوت الطاعة كده ، كان زمان كل الستات طلبت أن أجوازهم يطلبوهم فى بيت الطاعة
تركت الحقيبة من يدها وعقدت ذراعيها أمام صدرها بتحدى ، فكم يهوى هو النزول إليها وتحطيم عظامها ، بقولها ووقفتها المتحدية ، جعلت أكثر تركيزاً على إختيار العقاب الملائم
– علشان تعرفى مقامك عندى يا مدام حياء
قالها راسل وهو يهبط الدرج بتؤدة ، ولا تعلم سر تلك الرهبة ، التى جعلتها تجفل ،وهى تراه يهبط الدرج كالمارد أو أسد خرج من عرينه للصيد ، وستكون هى فريسته ، التى حاولت الهرب منه ، لتجد نفسها بالنهاية بوسط عرينه ، وربما تخرج ممزقة المشاعر برؤيتها لأنثى أخرى ستشاركها به
فما أتت على ذكر تلك التى ستجعلها تقبض بيدها على النجوم ، ولا تجعلها تقربه ، حتى وجدتها تلج وهى تحمل سجود ، التى صرخت فرحاً برؤية حياء وجعلتها تفلتها
– مااااامى جيتى من السفر
قالت سجود ورفعت ذراعيها لتحملها ، فرفعتها حياء بين ذراعيها وهى تقبل وجنتها وعيناها تتمعن النظرات بوجه إيلين
فقالت حياء بإبتسامة ماكرة :
– أه يا روحى رجعت علشان كل واحد يلزم مكانه ويعرف مقامه
راقبت حياء بوضوح تغير ملامح وجه إيلين وإتساع طاقتى أنفها وأنقباضها دلالة على أنها تشعر بالضيق والغيظ الشديد ، فبعد أن أنهى زوجها الأمر مع الرجل الذى إصطحبها إليه ، وخرج بعد أن أدى مهمته
وجدته يقف بجوار إيلين قائلاً ببرود :
– فعلاً صدقتى فى كلامك يا حياء
فأهدى إحدى إبتساماته الجذابة لإيلين وأكمل حديثه :
– إيلين يلا جهزى نفسك علشان نخرج ربع ساعة وهكون مستنيكى فى عربيتى
بادلته إيلين الإبتسام وهى تقول بحماس شديد:
– أوك يا حبيبى ثوانى وأكون جاهزة
كل هذا يحدث على مرئ ومسمع من رياض ووفاء وسوزانا وغزل وعاصم ، فجميعهم جالسون كأنهم يشاهدون عرض مسرحى لرجل ونساءه ، ولا أحد منهم يبدو أن بنيته التدخل بالأمر
ولكن خرج رياض عن صمته وهو يقول برصانة :
– خد مراتك الأول وصلها الأوضة قبل ما تخرج يا راسل
رفع يده يشير لها بأن تسبقه فى إرتقاء الدرج ، فحملت الصغيرة وصعدت أمامه بهدوء كاد يطيح بعقله ، وصلت أمام غرفته وقبل أن تدير مقبض الباب وجدته قائلاً بتساؤل :
– أنتى راحة فين
إلتفتت إليه برأسها وهى تقول :
– هكون راحة فين يعنى داخلة الأوضة مش هقعد معاك فى أوضتك
تشدق بضحكته الساخرة قائلاً:
– ومين قالك أنك هتقعدى معايا فى أوضتى ، تعالى ورايا وأنتى يا سيجو روحى لأنا وفاء خليها تلبسك هدومك علشان تيجى معايا يا روحى هوديكى الملاهى
أطاعت الصغيرة أمره ، بينما تبعته حياء لغرفة أخرى تبعد كثيراً عن غرفته ، ففتح الباب ودعاها للدخول ، تجولت بعيناها فى الغرفة فهى لم تطأها من قبل ، ولكنها غرفة مرتبة ونظيفة بها كل وسائل الراحة والرفاهية
بعد أن أنتهت من التجول بعينيها فى أرجاء الغرفة ، عادت ونظرت إليه من جديد ، وجدته يمعن النظر بها بشرار يتطاير من سوداوتيه ، ولم يكتفى بذلك بل أغلق الباب وعاد إليها ، كأنه لا يريد أن يستمع أحد للحوار الذى سيدور بينهما ،فعلى الرغم من شعوره بالضيق منها ، إلا أنه لن يجعل أحد يتطلع على حياتهما الشخصية
أنتظرت خطوته التالية ، ولكنه أكتفى بالوقوف على مقربة منها دون المحاولة منه بالإقتراب أكثر أو أن يلمسها ، فأصبح الصمت ثقيلاً وجو الغرفة خانقاً على الرغم من تيار الهواء المنعش القادم من النافذة
سأمت من وضعهما الصامت فبادرت بسؤالها :
– هو أنت بتبصلى كده ليه ؟ وليه جبتنى هنا ومخلتنيش قعدت معاك فى أوضتك ؟
كأنه كان بإنتظارها أن تفتح فمها وتقول أى كلمة ، ليكون لديه الحجة الكافية لينزل بها عقابه الذى بدأ بهدير صوته الناقم :
– وعايزة تقعدى معايا فى أوضتى ليه ، علشان تكملى عمايلك وتبقى فخورة أوى بنفسك وأنتى بتضحكى عليا
لم يكتفى بصياحه ، فقبضتاه الممسكتان بذراعيها ، كأنهما على وشك كسر عظامها ، جعلتها تجفل من شعورها بالألم وهو يكمل حديثه:
– بقى تكونى معايا وفى حضنى وأنتى مخططة أنك تسبينى وتمشى أستغفلتينى وإستغليتى ضعفى من ناحيتك وعملتى عملتك ومشيتى وكأن اللى سبتيه ده ملوش لازمة ولا أى قيمة غير أنك تلعبى بمشاعره كل شوية ، هى مشاعرى ملهاش تمن عندك للدرجة دى ، متخيلتيش إحساسى لما أقوم من نومى وأدور عليكى ألاقيكى مشيتى
دمعت عيناها من شعورها بالألم وقالت برجاء :
– راسل أنتى قربت تكسر دراعى حرام عليك
ضغط أكثر بأصابعه على ذراعيها ، جاعلاً شعورها بالألم مضاعفاً ، فجز على أنيابه قائلاً بدون إكتراث :
– ده ميجيش حاجة جمب اللى لسه هعمله فيكى يا حياء لأن أنتى اللى وصلتى علاقتنا لكده
تركهابجفاء فرفعت يديها تدلك ذراعيها ، وعيناها تتحداه أن يكون صادقاً بتنفيذ قوله ، فضمت شفتيها وعادت تنفرجان بشبح إبتسامة وهى تقول بتحدى سافر :
– حبيبى مش هتقدر تعمل فيا حاجة لأن عارفة أنك بتحبنى صح
أرادت ختام حديثها وإثبات صحة قولها ، وأن تجعله يدرك حقيقة الأمر بينهما ، بأن وقفت على أطراف أصابعها وأشرأبت بعنقها ولفت ذراعيها حول عنقه ، ودعته بدهاء لإحدى جولات العناق ، فلم تحسب حساباً لأن يدير الدفة لصالحه وأن يجعل السحر ينقلب على الساحر ، فمن ظنته سيخوض العناق ويجعلها تشعر بمدى سيطرتها على قلبه ووجدانه ، جعلها هى من تتلهف لأن يهبها العناق
فأحكم سيطرته على مشاعرها الثائرة ، وجعلها تتلمس منه الحنان والدفء ، فتمرغت بوجهها فى كتفه وصدره ، كهرة صغيرة وديعة ، تريد من صاحبها أن يلاطفها
فهمس بأذنها قائلاً بدفء:
– وحشتك ؟
هزت رأسها مراراً قائلة بلهفة وشوق:
– أوى أوى يا حبيبى
رفعت وجهها إليه وأغمضت عينيها ، فضربت أنفاسه وجهها تكاد تحرق بشرتها البضة ، ولم يعد يفصلهما سوى إنش واحد ، فسمعته يقول بصوت كالصقيع :
– بس أنتى مش وحشانى يا حياء ، وأنا دلوقتى خارج مع سجود وإيلين ، فياريت أرجع ألاقيكى ملتزمة بأوضتك ومكانك
تركها فجأة ، ففتحت عيناها على الفور ، وجدته يبتعد عنها قبل أن يكمل العناق بينهما ، بل بدا متفاخراً بصده لها ، وجعلها تشعر بتلك الإهانة التى سبق وأذاقته منها ، خرج من الغرفة وسمعت صوت إدارة المفتاح بمقبض الباب ، ويبدو أنه سيجعلها سجينة غرفتها ، فإجتاحها شعور عارم بالسخط ، وهى تفكر بمعنى قوله أن سيتركها ويذهب مع أخرى ويصطحب الصغيرة معهما ، فهى لن تجعل أحد يشاركها به أو بالصغيرة مهما كلفها الأمر فهما عائدان لها بالأساس
_____________
أنتظرها لما يقرب من النصف ساعة خارج إستديو التصوير الفوتوغرافي الخاص بها ، يحدوه الأمل بأن تنتهى سريعاً ، ليخبرها بما لديه ، قبل أن يفقد شجاعته ، التى حاول غرسها بنفسه الضعيفة المتعلقة بآمال زائفة ، يود لو يبرأ منها بالقريب العاجل ، ففى البداية كان ينتظرها بغرفة جانبية صغيرة ، ولكن عندما أصابه السأم والملل من الإنتظار ، قرر الخروج من الإستديو ليستنشق بعض الهواء ، لحين إنتهاءها ، ظل يراقب مرور السيارات وقراءة اللافتات المعلقة على البنايات السكنية ، تخص أطباء أو مهندسين أو محامين ، حتى حفظها عن ظهر قلب ويستطيع الادلاء بكل ما تم كتابته على اللافتة
نفخ بضيق ومسح وجهه مغمغماً:
– وبعدين بقى فى القاعدة دى
سمع صوتها يأتى من خلفه قائلة بإعتذار :
– كرم بجد أسفة أن أتأخرت عليك ، بس النهاردة الشغل فى الاستديو كان كتير
إستدار إليها كرم يبتسم بإبتسامة هادئة ، خلافاً لذلك الصخب الذى يعتمل بقلبه جاعلاً إياه ينبض نبضات خائفة ، وربما تسرب ذلك الخوف بخلاياها ، حتى شعر بألم بمعدته ، كمن ذاهباً لأداء إمتحان صعب ، ويخشى الإخفاق به
فقال بتوتر حاول أن يداريه خلف إبتسامته الجذابة :
– ولا يهمك يا نورهان أنا كنت جاى علشان كنت عايز أتكلم معاكى فى موضوع مهم
قالت نورهان وهى تبتسم بأمل :
– خير موضوع إيه ده
نظر كرم حوله لتقييم المكان ، هل هو صالحاً للحديث أم لا ؟ ولكن وجد أن وقفتهما هكذا لن تصلح بأن يتحدثا بهذا الأمر الذى سيتعلق عليه مصير ثلاثة أشخاص ، هو وهى وهند ، فكان من المفترض أن هذا الأمر ينتهى منذ بضعة أيام ، ولكنه أفتقر للشجاعة التى تجعله يخوض بالأمر ، فإجازته القصيرة التى جاء بها للإسكندرية ، إستطاع مدها لوقت أخر ، لكى يمنح نفسه الوقت الكافى بوزن الأمور
وضع يديه بجيبى بنطاله ، ليخفى إرتجافهما وهو يقول بهدوء ظاهرى :
– ممكن نقعد فى أى مكان علشان نعرف نتكلم
حركت رأسها بالإيجاب وهى تقول باسمة :
– أه طبعاً فى كافيه قريب من هنا بس ثوانى أجيب شنطتى وكمان أكلم البنت اللى بتشتغل معايا أقولها تخلى بالها من الإستديو على ما أرجع
انتظرها حتى عادت ثانية ، وعبرا الطريق للجهة الأخرى ، حتى وصلا للمقهى ، فبعد أن أوصى بالمشروبات وجاءتهما على وجه السرعة ، رفع كرم قدح القهوة ، الذى اراد أن يمنحنه شئ من الشجاعة والقوة ليقول ما لديه
وضع القدح من يده وهو يقول بإرتباك :
– هو الموضوع يا نورهان أن أنا كنت حابة أقابل باباكى ومامتك علشان أخطبك بس الصراحة فى حاجة كنت عايزك تعرفيها
تألقت عيناها ببريق البهجة والسعادة لعلمها بنواياه ، إلا أنها فضلت تركه يكمل حديثه ، فعاد مكملاً لحديثه وهو يجفف وجهه بمحرمة ورقية ، كأنه يشعر بالحر الشديد أو أن وجهه غارق بالعرق ، على الرغم من أن الجو داخل المقهى مائل للبرودة قليلاً بسبب مبرد الهواء
– هو اللى كنت عايزك تعرفيه أن أنا متجوز بنت خالتى وهى حالياً لسه على ذمتى بس هننفصل قريب جداً
بصقت ما بفمها بعد سماع تصريحه بأنه متزوج ، نظرت حولها تخشى أن يكون رآها أحد وهى هكذا ، فمسحت فمها وهى تقول بإستنكار :
– يعنى متجوز وجاى عايز تخطبنى إزاى يعنى
أخذ كرم نفساً عميقاً وزفرة براحة وهو يحاول شرح ما قاله :
– أنا كنت متجوز بنت خالتى لأسباب تقدرى تقولى عائلية بس كان جواز على الورق بس يعنى إحنا معشناش مع بعض زى أى اتنين متجوزين ، وقررنا ننفصل قبل ما سافر الأقصر وبعد كده قابلتك
– أنت بتحبها يا كرم
قالتها نورهان فجأة ، وأزدرد كرم لعابه ، خشية تصريحة بصحة قولها ، فظل صامتاً وتبسمت هى بهدوء وقالت برصانة :
– شكلك بتحبها يا كرم ، ولو ده حقيقى يبقى حرام تروح تظلم واحدة تانية معاك وأنت قلبك مع واحدة تانية ، يبقى كده بتحطم ٣ قلوب قلبك وقلبى وقلبها ، أنا مش هنكر وهقولك فعلاً من ساعة ما شوفتك فى القطر وأنا أعجبتك بيك وكمان مكنتش أعرف بموضوع جوازك ، لكن دلوقتى مقدرش أن أوافق على علاقة عارفة أنها هتبقى خسرانة ، لأن باين عليك أنك بتحبها فلو كده خليك معاها
– بس دى عملت معايا كتير وعملت غلطة متتغفرش
قالها كرم وهو يشيح بوجه عنها ، فنظرت إليه مطولاً ، وأخذت كوب الماء ترتشف منه ، لعلها تهدأ من شعورها بخيبة أملها
ولكن ذلك لم يمنعها من أن تقول بثقة :
– ربنا غفور رحيم ، وكل بنى أدم بيغلط ربنا بيديه الفرصة ويسامحه ليه أنت مش عايز تسامح ، عارفة ان إحنا بنى أدمين ومش ملايكة علشان ننسى الإهانة بسهولة بس برضة ربنا خلق فى قلوبنا رحمة ، يعنى يبقى ربنا فاتح بابه لكل عبد بيغلط ونيجى إحنا نسدها فى وشه ، فعلشان كده حاول تديها وتدى نفسك فرصة تانية ، ومتحاولش تداوى علاقة مكسورة بجرح تانى هتسببه لواحدة تانية وخصوصاً لما تعرف أن قلبك لواحدة تانية صدقنى دى تبقى إهانة ووجع ليها ، فعلشان كده بقولك أسفة يا كرم على أن أقبل أن أتخطبلك أو اتجوزك ، بس سعيدة أن قابلتك وأتعرفت عليك سلام
نهضت نورهان من مكانها ، وراقب رحيلها من المقهى ، فحديثها جعله يدرك أى حماقة كان سيرتكبها الآن ، فهى محقة بشأن ذاك الظلم الذى كان سيقع عليها ، إذا تمت خطبتهما وعلمت بشأن حبه لإبنة خالته ، ولكن عودته لهند ، كأنها السهل الممتنع ، إذا أطاع رغبة قلبه ، فكبرياءه جريح من أفعالها وأقوالها السابقة بحقه ، فماذا يفعل حتى ينهى تلك الحيرة الغارق بها ؟ فظنه بأنه سيخوض علاقة جديدة ، تجعله ينسى ما لقاه بحبه الأول ، ذهب أدراج الرياح
________________
لطالما سمعت عن تلك العبارة ” كل شئ مباح بالحرب والحب” ، ففكرت لما لا تجيد إستخدامها لكى تعيده إليها ، فعقابه وغضبه منها مؤلماً ومؤذياً لقلبها، ولكن ماذا كانت تظن ستكون حالته بعد عودتها ؟ فهل ظنت أنها ستجده فاتحاً لها ذراعيه ، لتغوص بينهما وتبدى أسفها ويخبرها بأن كل شيء سيكون على ما يرام ، فهى حقاً ساذجة القلب والعقل ، فما حطمته بيديها لا تستطيع جبره بسهولة ، فكم من مرة أخبرها بأنه إذا تعرض للخداع ، فلن يقوى على تحمل ذلك ، بل سيصبح بلا قلب ، وهكذا كان حاله معها الآن
وقوفها بالشرفة الملحقة بغرفتها ورؤيتها له يمتطى جواداً وعروسه المدللة تمتطى جواد أخر ، ويتنزهان سوياً بتلك الحديقة الشاسعة ، جعلا من الصعب عليها إعلان هزيمتها بسهولة ، حتى لو سلط على عنقها السيف ، فما عليها سوى أن تتبع نهج أخر
– صبرك عليا يا راسل أنت والغندورة إيلين بتاعتك دى
خرجت من الغرفة وهى لا تلوى على شئ ، حتى وجدت نفسها بحديقة القصر ، بمنتصف تلك الرقعة الخضراء ، القريبة من حظيرة الخيول ، وقفت مكانها ورأته قادماً بجواده ، دار حولها بحركة دائرية ، وهى تتبعه برأسها ، حتى كاد يصيبها بالدوار من فعلته
– نازلة الجنينة تعملى إيه يا حياء مش قولتلك متخرجيش برا أوضتك إلا لما أقولك
قال راسل ببرود وخشونة ، وهو يمسك لجام الجواد بحزم ليجعله يكف عن الحركة ، ولكن ربما ثار الجواد من فعلته فشب على قوائمه الخلفية ، فصرخت حياء وسقطت أرضاً ظناً منها أن الجواد سيدعسها بأقدامه
– حياء مالك فى إيه ، أنتى خوفتى
نطق راسل عبارته بقلق ودقات قلبه تهدر بخوف ، خاصة بعد سماعه صوت صيحتها الخائفة ،فحركت حياء رأسها بالإيجاب ، وعيناها دامعتان ، ترك راسل الجواد على الفور وخر راكعاً بجانبها ليعلم هل أصابها مكروه نتج عن سقوطها على الأرض ؟
تقدمت إيلين بجوادها فقالت ببرود وعيناها ترمق حياء:
– مالك يا حياء خوفتى من إيه مش شايفة يعنى الحصان جه جمبك ولا حاجة ، شكلك بتدلعى
صوتها الناعم المفعم بالبرود والسخرية ، كان مدعاة لأن تصير حياء أكثر جرأة خاصة الآن وهى تتضع ذراعيها حول عنقه وتقول بهمس متألم :
– أنا خوفت أوى يا راسل لدرجة حسيت لما وقعت رجلى أتجزعت ومش قادرة أقف عليها
وضع راسل ذراع أسفل ساقيها وذراع خلف ظهرها ، فرفعها عن الأرض بخفة ، ليذهب بها إلى غرفتها ، كتمت إبتسامة بكتفه وهى تراه يحملها بحنان ، عادت تنظر لإيلين من خلف كتفه ، فأخرجت لها لسانها لتغيظها ، كمن تريد إيصال رسالة إليها ، من أنها مازالت تملك تأثيراً على وجدانه
وصل بها للغرفة ووضعها بمنتصف الفراش ، جلس بجانب قدميها وأولاها ظهره ، فرفع قدمها الذى أشارت إليه بأنها تشعر بألم به ، فتحسسه بيده وهو يقول بجدية :
– حاسة أنها بتوجعك أوى كده
أماءت برأسها دلالة على أنها تشعر بالألم ، فمطت شفتيها كأنها ستبكى :
– أه حاسة أنها بتوجعنى أوى تفتكر نكلم دكتور ييجى يشوف رجلى
أجابها راسل ، وهو منهمك بفحص قدمها قائلاً بتهكم :
– دا على أساس أنك متجوزة سباك ، اومال أنا إيه مش دكتور برضه
لم تستطع أن تكتم نهدة قوية وعميقة ، أنسلت من بين شفتيها ، تعبيراً عن تلك النيران التى شبت بقلبها ، فكل لمسة منه جعلت دماءها تسير حارة بعروقها ، فزاد بإنهماكه بفحص قدمها ، حتى وجدها تستريح برأسها على ظهره المنحنى
فقالت بهمس ناعم والشوق يختلج بصوتها :
– بحبك أوى ووحشتينى أوى يا حبيبى ، لسه مش عايز تسامحنى
كف راسل عن كل حركة يفعلها ، فتصلب جسده لبرهة ، فببطئ غير من وضعية جلوسه وأصبح مواجهاً لها يحدق فى وجهها بصمت ، فلم تكتفى بقولها ، إذا أخذت أناملها تسير على لحيته ببطئ ، كأنها تعزف نغمة هادئة من تراتيل العشق
أنتظرت أن يقول شيئاً ، ولكن ظل صامتاً يحدق بوجهها بتعبير مبهم ، ولكنها تفاجأت به يشدها لصدره ، فأحست بمشاعرها تبعث حية وهى بين ذراعيه ، ولكن تلك الكلمات التى صبها بأذنيها لم تمت لتلك الحالة من الهيام التى ظنت أنها تلبسته فجأة ، إذ شعرت بالمهانة من حديثه القاسى
فجز على أنيابه قائلاً بحقد على نقطة الضعف ليه :
– مفكرانى لما تعملى عمايلك دى هصدقك ، أنا عارف أن رجلك كويسة ومتجزعتش وأن لما وقعتى محصلكيش حاجة ، بقيتى شاطرة أوى فى الضحك عليا زى ما كنتى بتعرفى تأثرى عليا ، لكن دلوقتى نجوم السما أقربلك من أن أنا أرجعلك زى ما كنت يا حياء
صمت لهنيهة فعاد مستطرداً بإبتسامة ساخرة ماكرة :
–بس لو حاسة أنك مشتاقة ليا أوى كده معنديش مانع أقضى معاكى الليلة دى ومش هزعلك، وأهى هتبقى ليلة زى اللى مروا ، وهحاول أعمل نفسى أن مبسوط أن إحنا مع بعض
دفعته عنها فهى لن تتحمل سماع إهانة أخرى منه ، ولكن لم تكن دفعتها قوية حتى يبتعد ، إذ أحكم ساعديه حولها ، فراحت تتخبط بين ذراعيه ، وتضربه بقبضتيها على صدره ، فكان النصيب الأكثر من ضرباتها المتلاحقة بموضع قلبه
فقال ببرود رغم ما يشعر به من ألم :
– أضربى فى قلبى كمان يا حياء لأن يستاهل أنه خان عهده معايا ورجع يدق من تانى وحبك
كفت عما تفعله بعد سماع قوله ، فرمقته بعينان دامعتان وهى تقول بندم :
– عارفة أن وجعتك بس غصب عني يا حبيبى غصب عنى
– وإيه اللى غصبك يا حياء علشان عرفتى مين أهلك ؟ ولا علشان أهلك طلع اصلهم يهود ، ولا علشان الشاب اللى قولتيلى أنه شريكم فى المكتب المفروض أنه أخوكى ولا علشان إيه قوليلى
قالها راسل بهدوء ، فأنتفضت من مكانها بفزع ، كيف علم هو بكل هذا ؟ وماذا يعلم عنها أيضاً
فجحظت عيناها وهى تقول بدهشة :
– أنت عرفت كل ده إزاى ومنين وإزاى عرفت المعلومات دى
ضم كفيها بين يديه ، محاولاً التحدث بروية قدر ما سمحت له أعصابه الثائرة :
– لما قابلتك وخرجتى من البيت خرجت وراكى لقيت ركبتى عربية مع واحدة عرفت بعد كده أنها بنت أدريانو ، لقيتك رجعتى معاها على بيتها ، فالأول افتكرت أنها ممكن تكون صاحبتك أو تعرفيها ، بس الموضوع مدخلش دماغى ، رجعت على القصر وقولت لوالدى على أنك موجودة فى بيت أدريانو ، خلى رجالته يراقبوكى ، وكمان غزل قالت أن الشامة اللى على إيدك زى الشامة اللى كانت على إيد أخو ادريانو ، وأن ممكن يكون فى رابط بينك وبينهم وده اللى عرفناه أن ديفيد دانيال إسكندر رجع إسكندرية وهو أساساً مقضى معظم حياته فى صقلية وأنه على طول ملازمك ، فأستنيتك تقولى أى حاجة بس فضلتى ساكتة وجه توقيت معرفتك لأهلك مع توقيت أنك سبتينى بحجة أنك مش عايزة تعيشى معايا بعد اللى حصلى ، فلو ده صح خبيتى عليا ليه وإحنا مفيش عداوة بينا وبين أهلك ومكنش يهمنى هم اصلهم إيه اللى كان يهمنى أنتى وبس ، بس لقيت مكملة فى عمايلك فقوليلى يا حياء فى إيه بالظبط علشان حاسس أن فى حاجة مش مظبوطة
سحبت يديها من بين كفيه ، وتركت الفراش ووقفت أمام النافذة وأولته ظهرها قائلة بنهدة عميقة :
– لا فى حاجة ولا غيره ، مفيش غير اللى أنت قولت عليه ، أن خوفت أنك تعرف أن أهلى أصلهم يهود ومعاملتك تتغير معايا فقولت أسيبك أنا قبل ما تسيبنى
ترك مكانه هو الآخر وجذب ذراعها ، ليجعلها تستدير إليه ، فصاح بوجهها قائلاً بنفاذ صبر :
– أنتى ليه مصرة تستخفى بيا وبعقلى يا حياء ، أنا خلاص مبقاش عندي صبر ليكى تانى
زفرت حياء بخفوت فقالت وهى تربت على وجهه :
– ممكن تقفل باب النقاش فى الموضوع ده ولو عايز تتقبل عذرى اللى قولته تمام ، هترفض يبقى متحاولش تسألنى تانى علشان معنديش حاجة تانية أقولها
ترك ذراعها وخرج من الغرفة ، وجد إيلين قادمة عبر الرواق الطويل ، فسألته عن وجهته :
– رايح فين يا راسل
وضع يديه بجيبى بنطاله قائلاً:
– هنزل ألعب إسكواش تيجى تلعبى معايا
حركت رأسها بالإيجاب قائلة بإبتسامة :
– تمام بس أدينى ربع ساعة وهحصلك على الملعب تحت
أماء راسل برأسه ، فيما رآى صورة حياء منعكسة بإحدى المرايا ، فإن كانت ستظل على صمتها ، لا يحق لها معاتبته على ما سيفعله، ذهبت إيلين إلى غرفتها لترتدى ثياب رياضية ملائمة ، وذهب هو لغرفته ، وبعد إنتهاءه سبقها إلى ذلك الملعب الذى كان له منذ صغره
بدأ اللعب بتسلية لحين مجئ إيلين ، فعندما هم برفع يده بالمضرب وجد من تحكم يدها حول معصمه ، حدق بوجهها وانتظر أن تقول ما لديها ، وعندما لم يجد لديها النية للحديث
سألها ببرود :
– عايزة إيه يا حياء وماسكة فى إيدى ليه كده
أخذت المضرب من يده وأطاحت به من يدها وهى تقول بغيرة قاتلة :
– كمان جاى تلعب معاها إسكواش دا أنت حتى مفيش مرة عرضت عليا أن ألعب معاك اللعبة دى
إبتسم راسل قائلاً بتسلية :
– عايزة تلعبى معايا يا روحى بس كده عيونى بس لازم أعلمك إزاى تلعبيها
أخذ مضرب ووضعه بيدها اليمنى ، فى حين أنه وقف خلفها وأحكم سيطرته عليها ، فوضع رأسه على كتفها وقال من بين أسنانه :
خليكى إيدك مشدودة على المضرب ولازم يبقى عندك مهارة فى تسديد الضربات كده
بدأ برمى الطابة ، يحركها هى معه يميناً ويساراً لصد الكرة ، حتى كاد يشعرها بالدوار من كثرة عنفه وفرطه بالحركة ، كأنه لا يحسب حساباً كونها محكومة بين ساعديه وقدميها تكاد لا تلامس الأرض
فصرخت به بالنهاية :
– كفاية حرام عليك دماغى لفت مفكرنى عروسة لعبة بتلعب بيها
أفلتها من بين ذراعيه ، فألتقطت أنفاسها وسعلت عدة مرات ، كأنها تشعر بالإختناق ، وضع المضرب على كتفه وهو يقول بغرور :
– مش أنتى اللى عايزة تتعلمى لعبة الإسكواش كنت بعلمك غلطت
– وهو ده إسمه تعليم
قالتها حياء وهى تضع يدها على صدرها ، فلو إستمر الحال هكذا ، سيقتلها بالغيرة قبل أفعاله معها ، وجدت إيلين قادمة ترتدى زى رياضى بتنورة قصيرة ، فشهقت بعد رؤيتها وعادت تنظر لزوجها ، الذى يبدو عليه أنه غير مهتم بدهشتها أو صدمتها ، بل كانت الطامة الكبرى ، بأن بدأ اللعب سوياً وجلست هى تشاهد ما يفعلانه ، وكلما أرتفعت تنورة إيلين،تكاد تصاب بالجنون ، فما يحدث عذاب لا يضاهيه عذاب أخر ، فقلبها يحترق بنيران اللوعة والغيرة ، ولكنها غير قادرة على أن تقول شيئاً
_____________
إستردت سهى صحتها وعافيتها ، التى كانت بحالة مزرية بالأيام الماضية ، فالعناية الشديدة التى تلقتها من الخادمات ، كانت أقرب للإعتناء بملكة سيتم تتويجها على عرش الحكم قريباً ، وكلما حاولت إبداء كفايتها من إعتناءهما المبالغ به ، لا يأتيها رداً منهما ، سوى أنهما تفعلان ذلك بأمر من سيدهما ، ففكرت من يكون هذا السيد ، الذى إستطاع تخليصها من ذلك القبو القذر ، بعدما كانت على شفير الموت ، فهى امتنعت عن الطعام والشراب ، حتى ينتهى أجلها أفضل من ذلك المصير الأسود والمجهول ، الذى كان ينتظرها
جلست إحدى الخادمات تمشط لها شعرها ، ضمن أمور الدلال التى تم توصيتها بأن تفعلها من أجلها ، على الرغم من إعتراض سهى ، وأنها أصبحت قادرة على الإعتناء بنفسها ، ولكن كالعادة جاءها الرفض الصارم منها
بعد أن أنتهت الخادمة ، قالت بإبتسامة هادئة:
– كده خلصنا هجبلك حاجة تاكليها
صاحت سهى بإعتراض :
– لاء أرجوكى كفاية أنا لسه واكلة من نص ساعة ، أنتوا تقريباً بتزغطونى مش بتأكلونى ، أنتوا ناويين تدبحونى على العيد ولا إيه
قهقهت الخادمة وردت قائلة :
– لاء بس البيه قال ناخد بالنا منك كويس لحد ما تقومى بخير
إلتفتت لها سهى وهى تقول بإلحاح :
– مين البيه ده وليه محدش فيكم راضى يقولى هو مين أنا عايزة أشوفه علشان أشكره
لم يكن لدى الخادمة التصريح بأن تفصح عن هوية مضيفها ، لذلك تركت مكانها وقالت وهى تتجه صوب الباب :
– معنديش أوامر أقولك هو مين ، أنا بس كل الأوامر اللى عندى أن أخد بالى منك
خرجت الخادمة وعادت سهى تستلقى على سريرها ، وزاد فضولها لرؤية منقذها ، وأن تعلم هويته ومن يكون ؟ لذلك نهضت من على الفراش وأخذت ثوب من تلك الأثواب التى جاءتها ، فأرتدته ووضعت حجابها وخرجت من الغرفة بحذر وحرص، ظلت تلتفت حولها لترى أى أحد ، ولكن كأن البيت مهجور ، فأين الخادمتان اللتان كانتا تعملان على رعايتها ؟ وأين هو ذاك السيد الذى تحدثتا عنه ؟
فبالحديقة وبمكان جعله عمرو كخلوة خاصة ، كان جالساً بتأفف ، فكتفه المصاب جعله يشعر بالألم بذراعه ، فنصحه الطبيب بتعليق تلك الذراع بعنقه ،حتى يلتئم جرحه بصورة تامة ، ولكن كان ذلك عائقاً ،لعدم أخذ حريته بوضع مسحوق الهيروين أمامه وتنظيمه ، لأخذ جرعة كافية منه لتسكن تلك الآلام التي يشعر بها
تبسم أخيراً بنجاحه فى تنظيم تلك الصفوف من المخدر ، ولكن ما كاد يهم بإستنشاقه ، حتى وجد الورقة تطيح من أمامه ويتناثر المسحوق الأبيض على الأرض
رفع وجهه ونظر بعينان عاصفتان لسهى صارخاً بها :
– إيه اللى عملتيه ده أنتى مجنونة
نظرت إليه سهى بغضب ، فهل هو من أنقذها ؟ فتلك ليست مفاجأة سارة على الإطلاق ، فدمدمت بسخط :
– هو أنت اللى أنقذتنى وكمان مدمن مخدرات ، وأنا اللى عمالة أدور عليك علشان أشكرك ، بتعمل فى نفسك ليه كده مش عارف أن الحاجات دى ممكن تدمرلك صحتك حرام عليك
هب عمرو واقفاً وصاح بأحد الحراس :
– أنت تعال خدها خليها تروح بيتها وأنتى متعمليش فيها بتاعة مواعظ ومصلحة إجتماعية اتفضلى روحى بيتكم وياريت مشوفش وشك تانى
– واحد قليل الأدب والذوق
غمغمت سهى بعبارتها همساً ، ورأت الحارس يشير لها بأن تتقدمه ليعيدها لمنزلها ، رفضت بالبداية أن تتحرك من مكانها ، فعلى الرغم من جفاءه وأسلوبه الغير مهذب ، إلا أنها ممتنة له لإنقاذها من مصير مجهول ، ولكن من سينقذه هو من تلك الحالة من الضياع ، التى يبدو أنه يعانى منها
سارت بجوار الحارس ولكن ظلت تلتفت خلفها من وقت لأخر ، وبأخر مرة وجدته ترك مكانه وربما عاد للداخل ، ففكرت بما ستقوله لأباها وزوجته عن إختفاءها بالأيام الماضية ، ومن سيصدق أنه تم إختطافها وهى بتلك الحالة الآن من ثياب أنيقة ومهندمة ، ولايبدو عليها أى أثر لما حدث ، فمهمتها صعبة للغاية فى إقناع أهلها ، ولكنها لم تنسى أن إقناع عمرو بالاقلاع عن تعاطى المخدرات سيكون أشد صعوبة
_______________
ملأت الغرفة أصوات الصيحات والصرخات الصادرة من الحراس ، الذين تم نجاتهم من الهجوم على المنزل ، لينتهى بهم المطاف بغرفة التعذيب ، التى أعدها أدريانو من أجل معاقبة من يعصى أوامره ، أو أن يحيد عن شريعته ، فتلك المرة لم يوكل أحد من رجالة ببمارسة أساليب التعذيب البشعة ، بل هو من قام بتعذيبهم الواحد تلو الأخر ، يساعده بعض رجاله فى مناولته الأدوات الصلبة والقاسية ، التى ما أن يشعر أحد بأثارها على جسده ، تكاد تنتزع روحه من جوفه قسراً
بعصا غليظة كان يبرح أحد الحراس ضرباً وهو يصرخ ملأ جوفه :
– إزاى حد يتجرأ ويدخل بيتى وياخد البنت وأنتوا موجودين ولو بنتى كان جرالها حاجة فى الوقت ده كنت هقطعكم حتت وخلى الكلاب تاكلها ، أنطق قول مين اللى عمل كده وإزاى قدروا يدخلوا
طفرت الدماء من فم الحارس ، شأنها شأن ما ملأ جسده من آثارها ، فجاهد على أن يخرج تلك الكلمات من بين شفتيه الداميتان :
– والله العظيم حاولنا نرد الهجوم على قد ما قدرنا ، بس منعرفش مين اللى عمل كده كانوا مغطيين وشهم وإستغلوا قلة عددنا فى البيت ، بس الظاهر مكونش عايزين حاجة من هنا إلا البنت اللى كانت هنا
صمت الحارس ليلتقط أنفاسه ، فعاد صارخاً بألم من تلك الضربة التى تلقاها على صدره ، وربما تسببت بكسر أحد ضلوعه ، ولم يقوى على التحمل ، فتدلى رأسه بحالة من الإغماء وهو منتصب القامة موثوق القدمين واليدين لأحد الجدران
ألقى أدريانو العصا من يده ، وهو يسب ويلعن بصوت مسموع ، وخرج من الغرفة ، وهو يفكر بما قاله الحارس ، حاول التفكير بكل أعداءه ومن يمكن أن يكون فعل ذلك ؟
فأعداءه لا حصر لهم ، ولكن يعلم أن لا أحد منهم قادر على إقتحام منزله ، فإن كان قانون الإجرام يحكمهم ، فهناك بعض القواعد التى لا يستطيعون خرقها ، كأن يشن أحدهم هجوم على الأخر بعقر داره ، حفاظاً على أرواح ساكنيه ، فالقتال والعراك يكون بساحات العمل ، والأسر الخاصة بهم ، خارج نتاج التصفية ، ولكن أحياناً يكون خرق تلك القواعد متعة لديهم ، فأولاً وأخيراً هم مجرمون من الطراز الأول وليسوا من الهواة
ولج لداخل المنزل ، وقابل ديفيد الذى يبدو عليه يتأهب للخروج ، فنظر إليه غاضباً من جعل كل الأمور بغيابه تخرج عن السيطرة ، كالهجوم على المنزل ، وترك شقيقته تعود لمنزل زوجها وهو يقف مكتوف الأيدى
نظر إليه من رأسه لأخمص قدميه قائلاً بغضب شديد:
– بسلامتك رايح فين دلوقتى يا ديفيد بيه
زاغ ديفيد بنظره عن وجه عمه ، ورفع يديه يغلق أزرار سترته وهو يقول بفتور وبرود :
– خارج يا عمى كنت عايز منى حاجة ولا إيه
طار صواب أدريانو من برود إبن شقيقه ،فما كان منه سوى أن أقترب منه ودفعه ناحية الجدار ، واضعاً ذراعه أسفل عنق ديفيد كأنه على وشك خنقه
فصرخ بوجهه قائلاً بحدة:
– إيه البرود اللى أنت فيه ده كله مش واخد بالك من المصايب اللى حصلت وحضرتك حاطط إيدك فى الماية الباردة
زرقاوتيه المتسعتان أثر ضغط ذراع عمه على عنقه ، كانت أشبه ببحر هاجت أمواجه ، فدفعة جافة من يديه ، إستطاع بها رد ذلك الهجوم المفاجئ من عمه
فأجابه والشياطين كلها تلبسته دفعة واحدة:
– عايزنى أعمل إيه قولتلك ساعة اللى حصل فى البيت مكنتش هنا ، وبخصوص حياء فكان حكم قانونى ولازم تنفذه ، وأنت عارف مليش فى أمور شغلك علشان أحاسب حد من الحرس بتوعك، فياريت متحاسبنيش ، وأنت لو فكرت فى موضوع حياء هتلاقى فيه فايدة ، يعنى لو هم عرفوا إن إحنا أهلها هيبقى لينا حجة ندخل ونخرج من قصر النعمانى يا عمى ، وأنت قولت أن رياض النعمانى كان فى صداقة بينه وبين جدى وأنت وبابا كنتوا أصحاب إبنه وجدى ، يعنى مش هيمانع أن يكون فى صلة بنا وبين حياء وإن كان عليها هى هتخاف تقولهم على الحقيقة ، فبكده تعرف توجع عدوك فين ، مش أنت دايما تقول خلى صديقك قريب وعدوك أقرب
رآى أدريانو أن ديفيد محق بقوله وتفكيره ، لأنه سيصبح بينهما وبين عائلة النعمانى مصاهرة ، وربما سيتحقق أنتقامه كاملاً ، إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها
فما فعله بديفيد منذ برهة ، أراد محوه بأن ربت على كتفه بإستحسان لتفكيره :
– دا أنت طلعت داهية فعلاً يا ديفيد
إبتسم ديفيد قائلاً بزهو وتفاخر :
– تربيتك يا عمى وعن إذنك عندى مشوار مهم
خرج ديفيد من المنزل ، فرآى أدريانو بيرى يبدو عليها أنها بصدد الخروج هى الأخرى ، فنظر إليها متسائلاً:
– أنتى راحة فين يا بيرى
أجابته بيرى بفتور :
– عندى حفلة خطوبة النهاردة ، ويادوب ألحق أراجع على كل التجهيزات باى
لم تنسى طبع قبلة على وجنته ، فخرجت من المنزل وهى تشعر بالحزن والكأبة بعد عودة حياء لزوجها ، ولكنها سعيدة من أجلها وتتمنى لها الحظ السعيد ، وأن لا تعانى من سوء الحظ مثلها
وصلت لتلك القاعة التى سيقام بها حفل الخطبة ، فقابلت العروسان وبدأ الحفل مثلما تم ترتيبه ، ولكن بلمحة خاطفة منها بوجوه المدعوين ، سقط كوب المشروبات من يدها ، فأغلقت عيناها وفتحتها لتتأكد أن من تراه جالساً حول تلك الطاولة بأخر القاعة هو حبيبها ” عبد الرحمن” ذلك الحبيب الغائب والذى لم تراه منذ سنوات وجدته جالساً برفقة فتاة يمزح معها ، يرتدى قميص أبيض وهذا لونه المفضل ، ويضع سترة باللون الرمادى على كتفه الأيسر فقط ، فهى تعلم أنه لا يهوى إرتداء السترات بشكل كامل
فهل هو متزوج الآن ؟
هل تركها من أجل فتاة أخرى ؟
وجدت قدميها تسير بخطى ثابتة حتى وصلت لتلك الطاولة، فنادته بصوت مرتجف :
– عبد الرحمن
سمع إسمه ورفع وجهه ليرى من تلك التى تناديه ؟ فتصنمت ملامحه بعد رؤيتها ، وظلت عظمة نحره تجرى صعوداً وهبوطاً ، دلالة على أن يبتلع لعابه بتوتر شديد
ولكن قبل أن تفه بكلمة أخرى ، كان تاركاً مكانه بسرعة ، وخرج من القاعة مهرولاً ، تعجبت من صنيعه وركضت خلفه ، فقبل أن يختفى عن عينيها بصورة نهائية ، كانت قابضة على ذراعه الأيمن
إلتفت إليها ورأى بعينيها إتهام صريح عبرت به بكلماتها التى تحوى ألماً وحزناً:
– دلوقتى عرفت أنت أختفيت ليه علشان أتجوزت صح نسيت وعودك ليا بسرعة ولقيت واحدة تانية تحبها مش كده
إنزلقت دمعة من إحدى عينيه وهو يقول بجمود :
– أيوة صح كده يا بيرى
بدون وعى منها ضربته بقبضتيها على صدره ، فهى قضت أوقاتها حزينة بإنتظار سماع أى خبر عنه ، وهو لم يكن عابئاً بها ، أمسكته من تلابيب ثيابه ، فأنزلقت سترته التى كان يضعها على كتفه الأيسر
شهقة ألم خرجت من حنجرته ، عندما انكشف أمره ، ففغرت فاها وتحسست مكان ذراعه الأيسر المبتور حتى أعلى مرفقه
فعادت تنظر إليه وقالت بصدمة ودهشة :
– إ ايه ده دراعك إيه اللى حصله
ضم شفتيه بألم وعاد قائلاً بغصة مريرة:
– أبقى أسألى باباكى يا بيرى على اللى عمله
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية لا يليق بك إلا العشق)