Uncategorized
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى |
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الخامس عشر 15 بقلم نهال مصطفى
فزع زيدان من منتصف مخدعه كالملدوغ وهى يسب ويلعن بألفاظه الخارجه .. نهضت مُهجة النائمه بجواره وهى تترقبه بأهتمامٍ شديد هامسه :
– اهدى يا اخويا مفيش حاجه مستاهله ..
تجاهل زيدان مواسيتها متابعا
– افهم .. ازاى هربت منكم يابهايم !!
– والله جنابك مشينا وراهم ومعرفناش نمسكوهم ..
هبت زعابيب غضبه ناهرا
– عشان اغبيه وانا غلطان إنى وثقت فى شويه اغبية زيكم ..
اوشك أن يقفل هاتفه ولكنه توقف إثر جمله مسعود هاتفا
– بس يابيه ولد السيوفى مضروب في كتفه .. و كمان راحو المينا ..
تدلت اقدام زيدان العاريه من فوق الفراش وهو يرتشف كأسا من النبيذ ويستمع لقول مسعود الذي بث الامل بجوفه مرة آخرى .. لا زالت مهجة تترقب رده وما الذي جعله ينهض من فراشه ملهوفا .. فاتسعت حدقة عينيها عندما رأته يقول بنبرة آمرة
– طيب بص عاوزك تقلب المستشفيات عليه .. طالما متصاب اكيد هيروح اى مستشفى قريبه .. وكمان عاوزك تفتشلى كل الشاليهات اللى على الشط وقريبه من المكان اللى راحوه .. فاهم يامسعود …
ركض مسعود نحو سيارة الخفر بعجل وهو يقول
– اوامر جنابكك .. طبعا فاهم ..
نهض مُهجه لتلحق بزوجها وتحتوى كتفه كاحتواء الافعى لفرع شجره وهى تقول بفضول
– اى المهم اللى قومك من جمبى ؟!
– البهايم ضيعوا البت من يدهم ..
انعقد مابين حاجبيها بامتعاضٍ
– زيدان ممكن اعرف البت دى تهمك فى ايه !! اشمعنا هى اللى متمسك بيها كده ؟!
التوى ثغر زيدان ساخرا وهو يتذكر بعض المواقف بينهم فقهقه
– هى الوحيده اللى وقفت قصادى واتحدتنى ..
– تقوم تتجوزها ؟!
– منا لو مجوزتهاش كان هيتجوزها خالد .. وكل ألاعيبى كانت هتفشل !!
تركت ذراعه بعد ما اشواك الغيرة غُرست بقلبها
– يعنى مش بتحبها ؟!
رج السؤال كيانه فتدارك زيدان قوه الموقف سريعا إثر ملامحها المشتعلة .. وهو يقول متغزلا
– حد يكون معاه المكن ويبص لقطع الغيار !!
وضعت كفيها على خصرها قائله بعدم تصديق
– زيدددددددددان !!
تحمحم بخفوت وهو يرمقها من راسها للكاحل
– احممم تصبحى على خير يا مُهجة …
تركها فى قلب نيران غيرتها المُهلكه وانصرف قبل ان يخمدها .. فأى مخاطر يمكن التغلب عليها الا غيرة النساء أن لم تُطفئها ستأكلك أنت اولا … ظلت تتابع خطواته بعيون ضيقه حتى وصل لفراشه متهيئًا للنوم وهى تقول لنفسها
– طيب يا ابن نصير .. بتحبلى واحده من دور عيالك !! على جثتى !!
■■■
لكل شبر فى الارض وله اسراره التى تتعلق بيذول ارواحنا حتى نعود إليها .. احتل الصمت حلقتهم الصغيره إثر قُنبلتها الموقوته التى فجرتها على آذان الجميع .. الى أن رسي بهم ( اللانش ) قرب الشاطىء .. التفت زياد الى فجر التى تكورت حول نفسها دافنه وجهها بين ركبتيها .. والى رهف الجالسه بقرب هشام لتتاكد من سلامة جرحه .. والى آهات هشام المكبوته التى اشتعلت حرارتها على وجهه المُحمر .. فاردف بنفاذ صبر
– تقريبا هو ده الشاليه .. يلا ننزل ..
تحركت رهف بصحبة هشام وهى تحتضن ذراعه اما عنها فدخلت فى غيبوبة صمتها التى فزعت منها إثر صوت زياد القوى
– انت كمان عامله نفسك مش سامعه … يلا لما نشوف اخرة البلاوى اللى بتتحدف علينا دى ايه ؟! .
وقف هشام على حافة اللانش ولاول مرة يرمقها بنظرة شفقها نفض غبارها سريعا وهو يتقدم بقدمه اليمنى ليضعها على الحجر الكبير الذى رسي بقربه اللانش .. وبلهفة أم ركضت رهف خلفه لتلحق به الا أن اختل اتزانها فسقطت علي ركبتها صارخه بألم تردد صداه ممسكة بركبتها
– الحقنى يا زياااااد …
تجاهل هشام حريق كفته ودنى من اخته التى تتضرع الما وتضور وجعا
– اااه رجلى ياهشام هتموتنى .. !!
ركض زياد متلهفا صوب اخته ليرى ركبتها
– ورينى طيب اوعى ايدك ..
لازال صراخها يرتفع : مش قادره … الم فظيع يازياد ااااه …
شظايا الندم تقرض فى حواف قلبها فمن الظلم ان تشترك فى معركه سيقتل فيها اخاك .. هبطت من اللانش واقتربت من رهف وهى تربت على كتفها
– طيب قومى اسندى عليا ممكن يكون جذع خفيف وانت مكبره الموضوع !!
ناحت متأوهه وهى تتشبث بقميص زياد
– هموووت يا زياد اتصررف مش قااااارده .. نار فى رجلى ..
رفع زياد انظاره بحزن
– للاسف شكله كسر .. ولازم رجلها تتجبس حالا ..
من قلب النار التى بداخله ادرف قائلا
– يلا خدها على اقرب مستشفى ..
زياد بحيره: هشام جرحك لازم يتنضف !!
تعكز هشام على ما تبقي من قوته معاندا طبيعة جسده قائلا
– متشغلش بالك بيا .. يلا انجز وخلص وابقي تعالى. .
– ياهشام حرجك لازم اشوفه الاول ..
بادر صراخ رهف وتاوهها اعتراض هشام الذي زفر باختناق
– هات بس المفتاح وروح وديها المستشفى واتصل ببسمة تجيلها .. وابقي ارجع يلا مافيش وقت …
انحنى زياد باستسلام وهى يحمل اخته بين يديه مجبرا .. ساعدته فجر فى وضعها باللانش … فلحق زياد بها وهو يشير بسبابته على الشاليه لهشام ..
– الشاليه اللى فى وشك ده ياهشام وانا هتصرف وابعتلك دكتور .. ارتاح انت بس ..
جر هشام ذيول آلامه المكبوته متجاهلا كل شيء .. ولازالت فجر تقف مع زياد الذي تناول هاتف رهف قائلا بنبره ضاجره
– خلى التليفون ده معاك .. وتخلى بالك من هشام واى حاجه تبلغينى .. فاهمه ..
اومات بالايجاب وهى تلحق هشام فى خُطاه … تحرك زياد باللانش تحت سمفونيه صرخات رهف المتصله حتى فاض كيله قائلا
– خفى زن … انت ايه اللى جابك معانا اصلا …!!
■■■
وصلت فجر الى اعتاب الشاليه فوجدته ملقى بجسده فوق الاريكه يتصبب العرق من كل إنش بوجهه ويحتضن ذراعه وهو يجز على فكيه بألم فاض به الحال ان يتحمله .. محاولا ان يخفف علقم آلامه بالتملص فوق اوتار الوجع … فمهما تراكمت عليك الاحزان والمصائب عليك ان تتحترم غريزه البقاء ..
اغرورقت مقلتيها بالدموع إثر ما يكبته بجوفه .. فاقتربت منه وتسكعت عينيها بين دروب وجهه المثيره للشفقه وهى تقول
– ممكن اساعدك ازاى؟!
جز على اسنانه متأوها
– أنك تختفى من وشي ..
– فى حالتك دى مش وقت عند خالص !!
جملتها كانت عباره عن فيتامين لتمرده .. فوثب قائما ليفك لزرار قميصه بعشوائيه وينزعه امام انظارها للحد الذي جعلتها تندهش من وقاحته .. بات امامها عاري الصدر الا ان كتفه مغطى بالدماء ..
تسلقت انامله برفق لتتحسس جرحه فتفجرت نيران انين على هيئه صرخه عاليه .. جثت على ركبتها لتتفقد جرحه فشهقت واتسعت مقلتيها
– الرصاصه فى كتفك ؟! مش مجرد جرح ..
يتصبب الحرق من جسده كله وارتفعت درجه حرارته فجن عقلها .. ركضت نحو هاتف رهف لتستغيث بزياد ولكنها وجدته بكلمه سر .. القته بعشوائيه متأففه ولم تمنع دموعها من الانهيار فاقتربت منه
– الرصاصه لازم تطلع !!
قطم شفته السفليه وهو يتراجع للخلف متخذا انفاسه بصعوبه بالغه وهو يقول
– هتقدرى !!
تأملته طويلا حتى استقرت فى حلقها غصة الخيبه وهى تقول
– قصدك انى ………… !!
تحدث بنبره القابض على الجمر
– الرصاصه ما ينفعش تقعد اكتر من كده .. سخنى سكينه ..
جميع الظواهر الكونيه انهالت على قلبها مزق قلبها إربا إثر ما أمرها به .. تركت عبراتها تغسل وجهها وهى تترقب الامه التى نخرت قواه حتى بات هشا للغايه .. اطرقت بصوت كسيح
– مستحيل …………
■■■
– انا هتجنن .. محدش فيهم بيرد ..
تجوب بسمه ذهابا وايابا تحت انظار سامر المشتعله بلهيب الانبهار متناسيًا حجم كوارثهم .. فنحن لا نحب الا عندما ننبهر .. القت الهاتف بنفاذ صبر موجهه حديثها لعايده
– وبعدين يا خالتو. .. ده محدش فيهم بيرد ..
– ولادى لو حصلهم حاجه أنا بنفسي هروح ابلغ عن البنت دى..
اردفت عايده جملتها وهى تجلس على المقعد المجاور لسامر الذي تدخل سريعا
– مادام عايده .. اى تصرف عشوائى هيضر مش هيفيد .. ولو حضرتك عملتى كده جايزه المهرجان ممكن تتسحب منك خاصة انك عرفتى الدنيا كلها باوصول فجر وانها راجعه من اوروبا …
ذكاء سامر لفت انتباه بسمه التى هتفت مؤيده لكلامه .. زفرت عايده باختناق
– والحل ياسامر !! حط نفسك مكانى .
– الحل ان حضرتك تروحى تنامى وانا هنزل ابات فى العربيه تحت عشان اكون مطمن عليكم ..
عايده بامتنان : لا روح انت ياحبيبي ملكش ذنب .. ومتورطش نفسك مع ولاد السيوفى .
اتسعت ابتسامة سامر ولمعت عيونه التى التهمت بسمه وهو يقول بصدرٍ رحب
– منا خلاص اتورطت …..
لم تنتبه بسمه لجملته الاخيره لانها ركضت على رنين هاتفها كالملهوفه
– الووو زياد !! انتوا بخير ؟!
يقف زياد امام استقبال المستشفى
– بسمه هبعتلك لوكيشن المستشفى تعالى عليه حالا ..
– طمنى طيب فى ايه ؟!
– رهف رجلها اتكسرت وعاوزه تتجبس وانا لازم ارجع لهشام جرحه بينزف ..
ثار عقل بسمه من صواعق الاخبار التى يبخها زياد فالتفتت نحو عايده التى تقف متلهفه لاي خبر يطمئنها ولكن اصيب شكوكها فى صمام اليقين عندما صرخت بسمه
– رهف فى المستشفى وهشام متعور. .
وثب سامر بلهفه : يلا يلا هاجى معاكم ..
عايده بلهفة ام : يلا ياسامر والنبى اطمن على ولادى !!
استدار زياد ليغادر المشفى ولكنه سرعان ما عيون رجال زيدان جمعته فحاول التوارى منهم قدر الامكان ولكن خطاهم كان على مسار خطاه ببحرافيه .. يأس زياد فى أن يغادر المشفى فعاود الاتصال على هاتف رهف دون جدوى .. فقرر ان يستغيث بصديق له يعالج هشام … وعلى حده كان رجال زيدان يخبرونه بتواجد زياد فى أحد المشافى .. فجهر قائلا
– عينكم ما تغفلش من عليه والا ما هيكفينى فيكم دمكم …..
■■■
خرجت فجر من المطبخ حامله بيدها سكينه باتت كجمره من نار إثر حده لهيبها .. وهى ترتعتش .. حاصرها الخوف من كل صوب وحدب .. آهات مُلتاعة صاحبت نبرتها المرتعشه وهى تلتقط انفاسها بتثاقل .. وصلت عند هشام الذي اوشك على فقد انفاسه وهى تقول بهلعٍ
– اعمل ايه …
بسط كتفه باسترخاء متحدثا بكلمات متقطعه
– طلعى الرصاصه الاول بالسكينه الصغيره وبعدين اكوى الجرح …
بات جرحه ينزف وبات كل جسدها يخر دماء الخوف .. كل ما يقترب سن سكينتها منه تتراجع باكيه .. غارقه فى بحور ندمها وتأنيب نفسها .. تراه يضور وجعا وهى العلاج .. نهرها بنفاذ صبر
– انجزى ….
مره ما بعد العشره من المحاولات الفاشله استجمعت كل بقايا ضعفها لتتعكز عليهم فلم يعد لديها قوه ما تُجمعها .. تعالت انفاسها وظلت تلهث وترتجف وتتراجع تارة وتتقدم اخرى .. أغمضت عينيها للحظه وهى تأخد انفاسها سريعا مردده بأن بين الجبن والشجاعه ثبات القلب ساعه .. عزمت امرها على ان تغرس سكينتها متجاهله تأوهاته التى تمزق القلب وتخرج الرصاصه بكل ما اوتيت من فشل فلا يتاح لها الا النجاح ..
هدأ صخب قلبها عندما خرجت الرصاصه من جسده شاكره ربها بصوت يهذى .. انخفض صوت تاوهات هشام التى كانت تقضم من عمره قائلا
– يلا اكوى الجرح ولو اغمى عليا متقلقيش كام ساعه وهفوق …
جحظت مقلتيها إثر ما قاله وهو يضع قماشه بفمه .. تغلفت روحها بالهلع مرة اخرى وهى ترمقه راجيه .. اغمض هشام عينه منتظرا ان تكمل مهمتها .. فسقطت عينها على السكين الذي لازال يحترق .. وعلى ضعفه امامه فنهضت كالملدوغه
– مش هقدر …
رفع القماشه ليتحدث بكلل
– جرحى هيتسمم وهموت …
شعرت بانخلاع قلبها من جذوره اثر جملته .. وكأن حقل صبار بات يستمد مراره من لعابها .. سبحت بعينيها الباكيتان فى بحور ضعفها .. انتابتها عاصفه من الخوف رجت قلبها تحديدا وهى تقترب منه لتكمل مهمتها الشاقة .. تشبثت بمقبض السكينه ثم رمقته بعينيها الهالكتين .. فلم يباردها اى رد سوى الاستسلام .. تدريجيا وبارتعاش بلغ ذروته تترقب لهب السكينه وهو يقترب من جرحه وبمجرد ما لمس جلده انفجر صارخا بقوة هزت جدار المكان ..
لم تمتلك من امرها شيئا سوى البكاء معه .. انتهت مهمتها اخيرا وهى تراه يستكين .. تغوص جفونه فى غيبوبتها .. فالقت ما بيدها منتفضه ازدردت ريقها برعب والم حارق يتوهج دخانه من قلبها وملامحها تصرخ بحزن يتجاوز ال٩٠ عاما وهى تتفقد حالته التى لا حول لها ولا قوه .. بصوت كسيح
– هشام … انت كويس ؟!
ولكن بدون فائدة تحسست درجه حرارته وجدتها مرتفعه جدا .. ركضت لتجرى له كمدات لتخفضها وتنظف جسده من قطرات الدماء التى كسته … وبين كل لحظه والاخرى تتحسس نبض وضربات قلبها الغير منتظمه ..
ولكنها توقفت عند اثر جرح فى جنبه الايسر ظلت تتحسسه باناملها بلهفه وقلب ثائر ودرب من المشاعر المدججه بالشوق والعتب واللوم والفقد والخوف .. فاقت من شرودها على صوت طرق الباب فنهضت كالملدوغه .. تسير على اطراف قدمها خائفه وهى تقول بصوت خفيض
– مين .. ؟!
ثم رفعت نبرة صوتها قليلا
– مين بيخبط ؟!
اتاها صوت ذكورى : دكتور رؤوف من طرف دكتور زياد ..
فتحت الباب متلهفه وهى تستغيث
– انت اللى بعتك زياد !!.. تعالى تعالى هشام جوه مغمى عليه …
فحص روؤف حالة هشام وانتهى من ضماد جرحه ثم استدار نحو فجر المرتعشه وهو يقول مبتسما
– أنت اللى عملتى كده ؟!
لازالت ترتعد خوفا : هو اللى قال لى .. وقال لى كمان ممكن يموت لو معملتش ..
ضب الطبيب عدته وهو يقول
– برافو عليك والله .. عموما هو هيفضل نايم للصبح وهيصحى احسن وانا هجيله تانى اغيرله على الجرح ..
تشبثت بطرف كم الطبيب متلهفه
– يعنى هو كويس ؟!
– هو زى الفل ونايم .. متقلقيش .. ولو حرارته ارتفعت تانى اديله الحقنه دى .. سلام عليكم ..
انصرف الطبيب بعد ما بث فى قلبها نسائم الطمأنينة .. راقت لها فكره الجبوس على ركبيتها ارضا بجواره تتامله تارة وترعاه تارة اخرى .. فتلك المرة حالت نظراتها من القلق الى الاعجاب بكل تفاصيله ..
اغتنمت فرصة نومه لتبتلع ملامحه عن قرب وهى تتفحص وجهه الممتلىء بالكدمات غير قادره على ايقاف ارتعاشة شفتيها .. احتضنت كفه الخشن وهى تتامل تقسيماته حتى اعتراها الصخب فكلما تطلعت اليه ملأت بفوضي داخليه لم تعلم من اى ثقب تسربت لصميم قلبها ..
تركت يده بعد مرور كثيرا من الوقت واحضرت له غطاء من الداخل ليدفء .. ظلت ترعاه بعينيها عن بعد حاولت ان تخفف من برود كفيها بالنفخ فيه ثم احتكاكهم ببعضهم وهى تتاكد من قفل النوافذ .. فقلت سترتها وانكمشت حول نفسها لتنام على المقعد بجواره …
اشرقت شمسه بعد ليل كاحل لم ينعمها بالراحة فكل ما تغفو جفونها تنهض مفزوعه ليطمئن عليه الى ان غابت شمسها وغاصت فى النوم صباحا …
انات من الالم الخفيف احتلت جسده فتحرك بصعوبه وهو يزيح الغطاء بعيدا .. فسقطت عيناها على تلك الصغيره المنكمشه حول نفسها لترعاه .. زام ما بين حاجبيه وهو يطيل النظر بها .. ثم عادت انظاره لبؤرة اوجاعه يتحسسها مصدره تأوه خفيف افزعها .. فارتطمت انظارها بمعالم وجهه الحاده وهى تقول بلهفه
– انت كويس صح ؟!
– هو اى اللي حصل ؟!
اعتدلت فى جلستها باستغراب : انت مش فاكر ؟!
– لا .. وفين زياد ورهف ؟!
وثبت قائمه محاولة الاقتراب منه ولكنه افشل مخططها فتوقف مكانها وهى تقول
– ارتاح بس وانا هحكيلك اللى حصل ..
بحزم : مش عاوز اسمع منك اى حاجه … انا لازم امشي ..
جحظت مقلتيها
– تمشي فين .. انت مطلوب القبض عليك !!
اشتدت نبرته: منا لازم الحق الكارثه دى ؟!
توقفوا على نور شاشة محمول رهف .. فركضت نحوه سريعا وفتحته قائله
– ايوه يا دكتور زياد ..
يهبط من سيارته : هشام عامل اى ..
بادر هشام بالرد : طمنى على رهف ..
دخل زياد عمارة مجهوله : رهف تمام ولسه موصلهم البيت .. المهم يا هشام خليك عندك متتحركش .. وسامر ومجدى بيحاولوا يحلوا المصيبه دى .. البوليس وزيدان قالب الدنيا عليك ..
هتف متعضا : زياد مش هشام السيوفى اللى يهرب ..
توقف زياد بنفاذ صبر : يومين ياهشام لحد ما نلاقي حل للبلوة دى .. متقلقش هنتصرف .. استحمل .. المهم جرحك تمام ؟!
– طيب يا زياد … خلى مجدى يكلمنى عشان تليفونى نسيته فى عربية سامر …
– زياد متشلش هم .. وانا هبعتلكم اكل .. هشام ورحمه ابوك مش عاوز جنان ارسي كده وهتتحل .. يلا سلام ..
تحولت نظرات فجر من التوسل الى الانتصار وابتسامه خبيثه
– عشان تبقي تسمع كلامى ..
اشار اليها بسبابته : انت بالذات الاحسن ليك مسمعش صوتك عشان معنديش مانع ان الجريمه تبقي اتنين ..
– انا كنت خايفه عليك على فكره ..
دفعها من امامه بقوه متجها نحو المرحاض
– لا ياختى خافى على نفسك .. وسعى كده ..
عيونها احرقت ظهره بنظرات اليأس
– انا هقعد مع الكائن ده يومين ازاى بس ؟!!!!
وصل زياد الى باب شقه فاخرة ودق جرسها ولم ينتظر كثيرا ففتحت له الباب بملابسها التى لا تخفى شيئا .. اكلها بنظراته قائلا
– ما صباح الورد. .
زفرت ناريمان باختناق
– انت لسه فاكر ؟!
حاول ان يدنو منها مشتاقا ولكنها وضعت كفها لتفشل مخططه قائله
– الست امك مقدمه فيا بلاغ ..
انحنى ليقبل كفها بشوق ويطفىء نيران غضبها
– ما انت اللى غلطانه يا نيموووو .. حد ينسحب قبل المهرجان كده !!
سحبت كفها باغتياظ : ماانت لازم تساعدنى ..
– اعمل اى يعنى .. ؟! وبعدين انا مش جاى هنا عشان توجعيلى دماغى والله همشي ..
تشبثت بملابسه متلهفة
– لالا خلاص متمشيش .. انا اسفه .
غمز لها بطرف عينه وهو يلتهمها بنظرات خاليه من اى حب .. فهمست فى اذنه بهيام فجر طاقاته الدفينة بعدها
– بس عندى طلب صغنن أد كده !!!!
■■■
خرج هشام من المرحاض وهو يبحث عن قميصه .. فعشوائيه لفتت انتباها .. فسألته
– بتدور على حاجه ؟!
– قميصي فينه ..
سكتت للحظه ثم قالت : اصلى لقيته مش نضيف فغسلته شويه كده يكون نشف ..
زفر باختناق : ممكن ما تعمليش حاجه تانى من دماغك ..
التزمت صمتها وتناولت الوساده المجاوره لها ووضعت على ركبتيها تراقبه بعيون تعمد ان يتجاهلها كثيرا .. جلس امامها وهو يتحسس جرحه بتعبت تعمد اخفائه .. ولكنها هتفت قائله
– الدكتور هيجى يشوفك بالليل ..
تجاهل سؤالها وواصل فك الضماد .. وتناول المطهر لينقى جرحه تحت اهاته المكبوته .. فرددت بصوت خفيض
– اى مساعده ؟!
تجاهل ايضا سؤالها ولازال منغمسا فى تنظيف جرحه .. زفرت باختناق ثم تحركت لتجلس بالقرب منه بعد تردد واطرقت باسف
– أنا اسفه !!
رمقها بطرف عينه ثم بعد انظاره عنها
– على ايه ولا ايه !
حكت كفيها بارتباك : على كله .. مكنش قصدى كل ده والله ..
– تمام .. اسفك غير حاجه ..
لازالت نبرته فى الحديث جافه .. فردد بتلقائيه
– لا ..
– يبقي قلته احسن وتخرسي ..
اتسعت انظارها والقت الوساده من يدها متجهه نحو المرحاض تحت انظاره المنجذيه اليها دوما … لم تكد تصل الى الحمام فعادت بوجه شاحب وهى تنتفض .. رفع انظاره نحوها قائلا
– حصل اى ؟!
بهدوء خطت وعادت لتجلس امامه ولازالت اعينها مشحونه بكلامٍ .. انتهى هشام من ضماد ذراعه .. فلم يمنعه فضوله من سؤالها
– رجعتى ليه ؟!
راى نظرة الفزع بانظارها ورعشة شفتيها اثناء الحديث وهى تقول
– اصل فى عنكبوت فى الحمام ..
زام ما بين حاجبيه متعجبا : وفين المشكله ..
اوشكت مقلتيها أن تذرف بالدموع وهى تقول
– عندى فوبيا ..
رفع حاجبه مستنكرا وبنظرة لا تخلو من السخريه
– نعم ياختى ؟!
خدشت دمعتها وجنتها فتلقتها بطرف كمها
– خلاص ما تحطش فى بالك ..
رجع عليه الاسعافات الاوليه التى احضرها الطبيب فوق المنضده وصمت للحظه .. فشعر بالشفقه على حالها وهى تخفى خوفها وتلقى انظارها هنا وهناك خشية من ان يهجم عليه شيح ما تخافه .. فسألها
– ايوه يعنى هتفضلى كده عشان عنكبوت !!
– كده ازاى ..
لكَ الكلام بفمه : دانتى حتى مغسلتيش وشك ..
– منا مستحيل ادخل وهو جوه؟!
ضاقت نظرته : هو مين ؟!
– اوووف خلاص متشغلش بالك ..
زفر هشام وهو ينهض نحو المرحاض ليقضي على شبح مخاوفها فهتف قائلا
– فينه ؟!
اتت خلفه لتشير له باصبعها كالطفله : اهوو اهو الحق موته ..
احتلت الغرابه ملامح هشام .. فواحده بقوتها لم تخش الوقف امام شخصه مجرد عنكبوب يحولها لطفله !!
تقدمت على اطراف قدميها تتأكد من انه تم الانتهاء من عدو وتترقبه بعيون صقريه اثارة نوعا اخرا من الدهشه بعقل هشام وهو يقول ببرود
– تحبى اقعد معاك احرسك ؟!
فزعت كالملدوغه : ايه ؟! تقعد فين ؟! لا طبعا اتفضل خلاص هو مات على كده متشكره ..
قفلت فى وجههه الباب وهو تتمتم بكلمات غير مفهومه
– ناقصه هى قال اقعد معاك احرسك !!!
■■■
– يامجدى ممكن افهم اى اللى هببه ابن عمك ده ..
بضجر هتف اللواء نشات جملته وهو يتكا على مقعده الجلدى.. فوصل مجدى تحت منزل عايده وهو يقول
– والله سوء تفاهم وهنحله معاليك ..
نفذ صبر نشأت : ابن عمك طلعوا قرار بوقفه عن العمل واحالته للتحقيق بعد ما كل الادله بقيت ضدته
مجدى باختناق : والحل جنابك ..
نشات : بص يا مجدي تعالى لى او وصلنى بهشام لحد ما نشوف المصيبه دى هترسي على ايه !!
وصل مجدى لشقه عايده ففتحت له بسمة متنهده
– مجدى فى اخبار عن زياد وهشام ؟!
– هو كمان زياد هارب؟!
هزت رأسها بالنفى لتصلح ما فهمه
– مختفى من الصبح.. انا قلقانه عليه ..
– زياد ما يتخافش عليه .. المهم رهف كويسه !
– اهى جوه ادخل شوفها ..
كانت تجلس امام التلفاز وتأكل مقرمشات للتسالى كأن بيتهم بات خاليا من اى مصيبه .. فتأملها مجدى قائلا
– حمد لله على سلامتك ..
تركت ما بيدها هاتفه بصوت طفولى
– شوفت اللى جرالى ..
دخل غرفتها وامسك بمقعد التسريحه ونصبه بجوارها وهو يقول
– اهى ذنوب بتخلص ..
رفعت حاجبها : ايييييه ..
– بقول سلامتك ياجميل ..
اتسعت ابتسامتها : الله يسلمك يا مجدي.. شوفت رجلى بقيت تجبسه ازاى؟!
تمعن النظر بساقها المغلفه بالجبس قائلا
– شالله انا وانت لا ..
اطرقت بخجل : بعد الشر عليك ..
– بتوجعك ..
– شويه.. بس لما شوفتك خفيت ..
– ياوعدى !! هما عاطوكى اى مع الجبس خلوكى تطلعى الكلام الحلو ده !!
– يوووه بقي متكسفنيش ..
نهض من مكانه واحتضن كفها بشوق يلتهمه وطبع قُبلة حاره بداخله سرت قشعريره بجسدها
– خضتينى عليك ياجزمه ..
اتسعت ابتسامتها : بجددددد!
– هتستهبلى !! وتعملى نفسك مش واخده بالك هكسر دماغك
قطعت بسمه خلوتهم والقلق محتل ملامحها
– مجدى انا قلقانه على زياد .. مابيردش ..
■■■
– شوفت بقي طلبى صغنن ازاى !!
انتهى من ارتكاب افعاله الدنيئه ولازالت ناريمان مُلقاه على ذراعه وتلفح صدره بشعرها الطويل وهى تقول جملتها الاخيره .. فهتف زياد
– انت عاوزانى اقف قصاد امى عشانك ؟!
– انا ماقولتش كده .. انت بس هتطلعنى من القضيه .. كلم حد من صحابك يكتب تقرير ان وشي فيه مشاكل ومكنش ينفع اطلع للكاميرات .. وامك قولتلها كده ورفضت .. بس يكون التقرير بتاريخ قديم .. عشان خاطرى يازيزو ..
صمت لبرهه محاولا إيجاد حلا فاردف باستسلام
– هساعدك ياناريمان .. بس بشرط !!
استندت بذقنها فوق صدره العاري وترمقه بعيونها الواسعه
– انت تأمر يا زيزو ..
– تقوليلى السبب الحقيقي اللى خلاكى متحضريش المهرجان!!
■■■
خرجت فجر من الحمام مرتديه ملابسه نفسهم .. فسقطت عينها على هشام الذي يلتقط المقبلات بعشوائيه من داخل الاكياس .. فجلست بحواره لتسائله
– مين بعت الاكل ده ؟!
اتكأ هشام للخلف وهو يتأمل جمالها بدون مستحضرات التجميل وشعرها المبلل المنسدل خلف ظهرها فتجاهل كل هذا و بعد صارع طويل مع نفسه قرر ان يفجر غضبه قائلا
– انت ما قولتليش ليه انك متجوزه من الزفت ده ؟!!!!!
يتبع…
لقراءة الفصل السادس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية ابن الجيران للكاتبة سهيلة سعيد