روايات

رواية صفقة حب الفصل العاشر 10 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب الفصل العاشر 10 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب البارت العاشر

رواية صفقة حب الجزء العاشر

صفقة حب
صفقة حب

رواية صفقة حب الحلقة العاشرة

“تغيير جذري”
إندهشت نور وقالت ضاحكة :
– ههههههه جيبتي التايهة اها هيخطب قريب
وضعت سلمى الشطيرة على الطاولة بصدمة وقالت بفاجئة :
– إييييه !!
عادت نور بظهرها إلى الخلف، تنهدت وقالت بأريحة :
– اها ربنا يسعده يا رب
كاد الفضول أن يقتلها لمعرفة من التي ملكت قلبه .. فحاولت كشف ما في صدرها دون أن تثير إهتمامها وقالت :
– متعرفيش هيخطب مين
رد نور :
– سارة زميلته في الكلية
زميلته ! إذا المعرفة جيدة بينهم لكي يقدم على هذه الخطوة، تبقى سؤال يكاد الفضول ينهش في أعماقها، وﻻ تعلم لما تشعر بالخوف من الإجابة .. فقالت سلمى بتساؤل وعدم إكتراث مصطنع :
– على كدة بيحبها بقى ؟
زفرت نور وقالت بتفكير :
– على ما أعتقد بيحبها، أصله مبيتكلمش عليها كتير .. هانت وترتاحي من مقبلته أسبوع عشان ترتيبات الخطوبة
سهمت سلمى فجأة بعد حوار نور، كانت تبدو طبيعية من الخارج إنما من الداخل تشعر بالغرابة من نفسها .. على إحساسها بالضيق المفاجئ لما سمعت من خبر خطبته، وإنه من الممكن يحبها، حاولت بقدر الإمكان أن تزيل هذه الفكرة من رأسها وسوف تتعامل مع الخبر بلامبالاه كأنه شئ عادي .
**************
مر أسبوع ولم يحدث طارق سلمى في هذه الفترة، ذهب بصحبة أسرته ليتقدم لسارة، فتم قراءة الفاتحة .. فلم يكن محمود يروق له تصرف ابنه، لكنه تركه يفعل ما يريد فهو في نهاية المطاف من يتحمل نتيجة أختياره، فتركه يتحمل المسؤلية قليلاً .
وكانت علاقة سلمى وطارق جافة للغاية كالعادة بعد ذلك، ناقر ونقير .. فقد تغيرا أكثر بعد معرفة كلا منهم إرتباط الأخر .. وعند عودتهم للعمل معا ﻻ يتحدثان إلا في الضروريات ﻻ أكثر .

 

 

 

مر أسبوعان حاول طارق التقرب من سارة أكثر، على الرغم من محاولتها تبادله نفس الشعور .. بدأوا في تجهيز ترتيبات حفلة خطبتهما .. وعلى ذلك فقد أجل موعده الأخير مع سلمى، التي شعرت بالضيق بداخلها ولكنها تصنعت اللامبالاه وعدم الأكتراث لشعورها بأقصى ما يمكن، وفضلت التركيز مع عاصم ومستقبلها معه فهو في نهاية المطاف زوج المستقبل وشريك حياتها القادم، ﻷن كتب كتابهم يقترب ويجب أن تشغل تفكيره قليلاً عن طارق .
يوسف دائماً ما يطمئن على أخبار نور دون أن تلاحظ، ولكن سلمى من ﻻحظت إهتمامه بها .
إنشغال عاصم بأعمال الشركة، وبين الحين والآخر يتهاتفون عبر مكالمة ﻻ تتعدى ثلاثون دقيقة فقط ﻻ غير .. محاولة منه أن يكون لطيفاً معها حتى موعد عقد قرانهما .
*************
يوم الخطبة، كانت في قاعة كبيرة وكل الحضور من كبار رجال الأعمال، وعلى رأسهم هاشم الجوهري .. محمود وتهاني يستقبلون المدعويين، بينما الأخيرة كانت تحاول إظهار البهجة في هذه المناسبة السعيدة، لحظة خطبة أبنها الوحيد .. فهي غير راضية عن هذه الزيجة بالمرة وﻻ تعرف كيف تلتقط السعادة في مثل هذا اليوم .
نور كانت ملازمة لطارق في كل شئ هي وإيهاب، الذي كان سعيد حقاً لفرحة صديقه .. فأعتبر ما مر كأن لم يكن، إلى أن أقبل عليهم يوسف مؤخراً مهنا إياه لخطبته، فأراد طارق سؤاله عن حضور سلمى ولكنه تراجع في نهاية المطاف، فشعر بأنها لن تأتي .
ترددت سلمى كثيراً قبل ذهابها إلى الحفل، ﻻ تعرف سبب تغير حالها من دهشة عليها بما يلازمها شعور غريب من الضيق الغير مفهوم، لمجرد خطبته .. فكرت كثيراً عدم مجيئها إلى الحفل، ولكن ﻻ لن تكرر نفس فعلته الحمقاء بها، فقررت مواجهته وتحدي نفسها ﻻ شخص أخر، وإنه مجرد حفل ﻻ أكثر وعدم الإكتراث لأي شئ، وبالفعل ذهبت برفقة والدها وأخيها .
طارق وسارة جالسين في مكان العروسين مبتسمين بعضهم لبعض عندما يختلس كل منهم النظر إلى الأخر .. ولكن في بعض الأحيان تشرد منه وتبقى ساهمة يبدو عليها القلق، إلى أن تذكرت أخر مكالمة أجرتها مع شخص غريب، بعدما قام طارق بتوصيلها إلى المنزل وهي تفكر بحواره .. تناولت هاتفها وأجرت مكالمة
صاحت سارة بعصبية قائلة :
– ألو كنت فين من ساعتها برن عليك من شوية مبتردش ليه ؟
أجابها صوت من الجانب الأخر بنبرة هادئة :
– مفيش يا حبيبتي في الشركة هكون فين
ثارت به سارة بنفس الأسلوب :
– صحيح إللي سمعته ده ؟!
رد بعدم فهم متسائلاً :
– سمعتي إيه ؟
صاحت سارة بنبرة جافة :
– أنت هتستعبط عليا هو في غيره !
ضحك وهو يقول بنبرة إستفزازية :
– ههههههه أنتِ عرفتي ! طيب مفيش مبروك ؟!
شعرت بالضيق الشديد من ضحكته الساخرة، فصاحت به بعدم تصديق :
– أنت بتهزر كمان ! دي أخرة حبي ليك تسيبني بالسهولة دي !

 

 

 

صاح بها بجدية مصطنعة وهو يقول :
– أسيبك إيه يا عبيطة هو أنا أقدر أستغني عنك
أردفت سارة بشك وعدم أطمئنان :
– طيب أما نشوف
قبل أن تكمل حديثها قال سريعاً بإهتمام :
– ألا صحيح عرفتي أزاي ؟
تنهدت وهي ترد بضيق :
– مش مهم عرفت ازاي كفاية إني عرفت وخلاص
حاول تغيير مجرى الحديث فقال :
– ماشي يا سارة وأخباره معاك إيه ؟
ردت بسخرية :
– شوف المفاجأة بقى الظاهر كدة قريب هتخطب يا حبيبي
عاصم بدهشة :
– إيبييه خطوبة ؟
ردت سريعاً بتحدي :
– آه أتخطب ما أنت هتتجوز وتعيش حياتك مش من حقي أعيش حياتي أنا كمان وﻻ إيه ؟
ﻻ يعرف ماذا يقول فهي محقة، فما له أن يرد بضجر وتحدي هو الأخر :
– مممممم ماشي يا سارة على البركة بس عارف إنك هتاخدي كفايتك ومصلحتك منه وهترجعيلي تاني
إستفز سارة طريقة حديثه .. فأنهت معه المكالمة بضيق :
– اممممم طيب أقفل دلوفتي طارق ويتنج سلام
ظلت غارقة في شرودها وبحر أفكارها إلى أن إنتشلها طارق بصوته وهو ينادي عليها
– سارة ..سارة روحتي فين ؟
إنتبهت له وقالت بعدم تركيز :
– ها أنا معاك أهو
إبتسم طارق وقال برقة :
– بتفكري في إيه أنتِ مش معايا خالص
ارتسمت سارة على ثغرها إبتسامة مصطنعة :
– معاك بقلبي يا حبيبي
ضحك طارق بشدة وهو يصيح مداعبا :
– الله أكبر كان فين الكلام الحلو ده من زمان

 

 

 

ردت معاتبة والبسمة تحتل شفاتها :
– هو أنت كنت بتسيبلي فرصة أكلمك أصلا، وبعدين ادينا بقينا مع بعض على طول أهو
مسك طارق يداها وطبع عليها قبلة رقيقة وهو يقول باسما :
– ربنا يخليك ليا يا حبيبتي
ردت سريعاً بنفس البسمة :
– ويخليك ليا أنا كمان
*************
الجو العام مليئ بالفرحة من جانب العروسين، إلى أن بدأت بأصوات الموسيقى والأغاني تعلو في المكان .. قام طارق وسارة المنطقة المخصصة للرقص ومعهم أصدقائهم .
تجلس سلمى على طاولتها ساهمة ﻻ تتحرك .. ونور تقف من بعيد بيداها هاتفها تلتقط بعض الصور ومقاطع الفيديو للحفل، ﻻحظت بقرب أحدهم ناحيتها ومتمعن بها جيداً، إلى أن سمعت صوت تعرفه ينادي بأسمها :
– آنسة نور
قطعت شرودها وهي تقول بفجئة :
– أستاذ يوسف خضيتني
إبتسم وقال وهو ينظر إلى حلبة الرقص :
– مش مشتركة معاهم ليه ؟
قوست نور شفاتها للأعلى وقالت بلامبالاه :
– ﻻ مليش في الجو ده ثم مش شايفني بصور
ضحك يوسف ثم قال بتساؤل وجدية :
– بس شكلك مش مبسوط
تنهدت نور بحزن ثم سهمت في الفراغ قائلة :
– عادي خطوبة اخويا وأنا فرحانة عشانه بس مش مرتاحة
شعر يوسف بنبرة الحزن تتسلل على صوتها، فأردف بجدية وإهتمام :
– ليه كده ؟
زفرت نور وهي ت د بحيرة :
– مش عارفة .. عموماً مادام بيحبها يبقى خلاص ربنا يسعده ودي نهاية أي أثنين بيحبوا بعض
نظر لها يوسف بعمق وأطال نظرته، فقال بإبتسامة عذبة ونبرة حب :
– عقبالك إن شاء الله
شعرت نور بإحراج شديد من نبرة صوته، التي خرقت قلبها هي وكلماته البسيطة .. حاولت الخروج من الموقف سريعاً، فردت بإرتباك :
– احم ميرسي وحضرتك كمان ونفرح كلنا بسلمى يﻻ نروحلها قاعدة لوحدها
سبقته بخطوات سريعة وهو يبتسم بشدة من خجلها وإرتباكها، الذي يجذبه نحوها أكثر .. تجعل قلبه يخفق بشدة .
ذهبوا لسلمى فلم يجدوها !! ..
**************

 

 

 

مر الحفل بسلام بالتهاني والقبلات، أصطحب طارق سارة للإحتفال بخطبهم سوياً وبمفردهم، وعاد كل حي إلى حيث آتى .
فكرت سلمى كثيراً فيما حدث بالحفل وهي تشعر بالضيق، فمنذ إن عادت إلى المنزل وهي شريدة، متكئة على وسادتها تفكر .
تجلس سلمى على طاولتها تشاهد طارق وسارة يرقصون (سلو) .. عرض عليها يوسف الرقص معه ولكنها أبت بسبب لم تكن في حالة مزاجية سيئة، لمجيئها رغما عنها .
بعد الإنتهاء من الرقص، قررت مباركته لكي تثبت لنفسها بأن ما يحدث لن يشكل فارقا معها، وإن وجودها مجرد تأدية واجب ليس إلا .
نهضت سلمى وسارت تقترب منه، وهو نظره منصب عليها إلى أن ﻻحظت سارة وإشتعلت الغيرة في قلبها
أقبلت عليه بإبتسامة صغيرة :
– مبروك يا أستاذ طارق
بادلها الإبتسامة قائلاً :
– الله يبارك فيكِ عقبالك أنتِ كمان
ردت وﻻ تزال تلك البسمة تزين وجهها بتحدي :
– قريب جدا متقلقش .. مبروك يا عروسة
ردت سارة بإبتسامة باردة وضيق :
– الله يبارك فيكِ

 

 

 

شعرت سلمى بالضيق من طريقة ردها، لذلك قررت أن تنهي الحديث سريعاً وترحل على الفور .. فردت بلامبالاة :
– احم تمام قلت أجي أباركلك قبل ما أمشي
تجهم وجه طارق وشعر بالضيق فجأة لمجرد عدم وجودها، فرد بلهفة وإهتمام :
– تمشي ليه بس ؟
ردت بنفس الأسلوب :
– عادي بس مليش في الجو ده أوي ثم ده واجب بردو وﻻ إيه
طارق عاتب نفسه على الشعور بهذا الإحساس، في المقابل تلقى البرود في الرد .. فدافع عن مشاعره قائلاً بالإكتراث :
– امممم اكيد طبعاً
سلمي :
– امممم طيب عن أذنك
**************
قطع شرودها صوت الباب، إنتبهت وأذنت بالدخول .. أعتدلت في جلستها بينما يوسف دلف للداخل باسما :
– لسة صاحية
ارتسمت على ثغرها بسمة صغيرة، فقالت بهدوء :
– تعالى يا يوسف
إقترب منها بخطوات هادئة وجلس على طرف فراشها قائلاً بإهتمام :
– أنتِ كويسة يا سلمي مشيتي بدري ليه ؟
إبتسمت بسخرية ثم قالت بهدوء :
– امممم متقلقش عادي صدعت قلت أروح أحسن
لم يصدق ما تقول، فتلك البسمة الساخرة خلفها الكثير، فتسائل بشك :
– متأكدة إن مفيش حاجة مضيقاكِ؟
هزت رأسها نافية على الرغم أنها تعرف بأن ستارها إنسدل قبل ذهابها للحفل .. أكتفت بالصمت، إنما هو حاول نبش ما بداخلها ليعرف أكثر قائلاً :
– طيب يعني مكنتيش عايزة تزوغي من الحفلة ؟!

 

 

 

رمقته بنظرتها الغاضبة وتحولت من حالتها الهادئة إلى بركان ثائر كان خامدا وتحول لمجرد كلمة لتقول :
– أنت عارف كويس إني مكنتش عايزة أحضر ثم روحت عشان بابا وأنكل محمود ميزعلوش
ضحك يوسف تلطيفا للحديث، فلم يقصد البتة إثارة غضبها فقال على الفور :
– ههههههه طيب خلاص مضايقيش نفسك كده، مفيش فايدة فيكوا حتى المناسبات مش طايقين بعض
زفرت سلمى بضيق كي تنهي هذا الحوار بهدوء :
– ماشي تصبح على خير
خرج يوسف من غرفتها وعادت إلى وضعها الأول، وهي تشعر بغرابة إحساسها بالضيق .. فقررت ان تترد تلك الفكرة من رأسها وتنسى ضيقها منهم .. مدت يداها لتغلق النور وخلدت للنوم في سلام .
**************
وصل طارق الفيلا قرابة الواحدة بعد منتصف الليل، ترتسم البسمة شفتاه من بهجة تلك السهرة التي قضاها مع سارة .
وجد الجميع نيام، فبدل ثبابه وأستحم بعد إنهاء مكالمته معها .. كان سعيدا بالخطوة التي أقدم عليها، في نفس الوقت يحاول ترجمة نظرات سلمى له، هل هي عند أم تحدي أم ماذا ؟ .
تبدلت قسمات وجهه من فرحة إلى تسهييم .. وبدأ يسأل نفسه
“يا ترى أنا إللي عملته ده صح وﻻ غلط ؟ فعلا بحب سارة وﻻ مجرد إحساس وهمي وخلاص ؟ فعلا بحبها وﻻ أنا بنتقم من إحساسي وﻻ لنفسي ؟ اكيد الخطوة دي هتبان مصيرها في الاخر ”
إلى أن غلبه النوم من كثرة التفكير .. مر أسبوعان والحياة أختلفت عليهم بكل المقاييس، بدأ طارق وسلمى الهروب من بعض وتجنب مقابلتهم، حتى في العمل كانت تتعمد سلمى تجاهل نظراته وعدم الإطلاع عليه، ولكن قد يخطف أحداً منهم نظرات خاطفة للآخر دون أن يشعر بذلك … إلى أن جاءت خطوة غيرت مجرى حياتهم على الإطﻻق .
**************
في فترة تجنب سلمى التعامل مع طارق، حاولت من الناحية الأخرى الإقتراب من عاصم بإعتباره شريك حياة المستقبل فيما بعد، وزوجها المستقبلي ﻻبد أن تتقبل واقعها المفروض عليها وتفيق من أحلامها .
عاصم ﻻحظ هو الأخر بتغير سلمى إلى الأفضل قليلاً وإندهش من تغيرها المفاجئ كثيراً، فبادلها القرب أيضاً، ولكن مازال من لديه خصلة لن تزول عنه في النهاية، فخيانة المشاعر عرق دساس ﻻ نستطيع التخلص منه سوى بقطعه .
ذات يوم خرجت سلمى من مكتبها متجهة إلى مكتب عاصم، تحتاج توقيعه على بعض الأوراق .. قرعت على الباب ودخلت على الفور، أفلتت ما تحمله بين يداها وفاها فاغر من الصدمة .. عيناها متسعة دهشة والدمع يسيل من مقلتيها بغزارة لما رأته من مشهد قاس على قلبها بشدة .

 

 

 

لم تصدق بأن ما تراه هو عاصم يقبل السكرتيرة الخاصة به بهيام وهي مستسلمه له ، تفاجئ لصوت أرتضام الملفات أرضاً ولم يستطع اللحاق بسلمى، التي ركضت مسرعة على الفور بعدما أن رمقتهما نظرة أحتقار .
ركض عاصم خلفها متجهاً إلى مكتبها فلم يجدها، عاد لمكتبه وتناول مفاتيح سيارته وهاتفه وسترة بدلته وركض سريعاً كي يلحق بها ..
قاد سيارته وأخذ يبحث عنها إلى أن وجدها .. ظل يسير خلفها إلى أن وصلت لمنزلها، نزلت وهي منهارة من البكاء وهو خلفها ينادي عليها .. جذبها من يداها ليوقفها قبل أن تصعد درجات السلم .
قال عاصم مبرراً
– أستني يا سلمى متفهميش غلط
ازالت قبضته من معصمها بكل غضب .. صاحت به بعصبية مفرطة وﻻ يزال الدمع ينهمر من عيناها :
– أنت مستوعب إللي بتقوله ! أفهم غلط إيه بعد إللي شوفته ده ! .. الهانم في حضنك وبتبوسها وعايزني أفهم صح بتاع إيه ده .. أنت إيه يا اخي مفيش دم مبتحرمش
أصبح في مأزق كبير ﻻ يعرف الخروج منه، فقد رأته متلبساً بالفعل .. نظرت له شزرا وإستحقار فلا يوجد مبرر لفعلته، قامت على الفور بنزع الدبلة وخاتم الخطبة وألقت بهما في وجهه بعنف وشدة ثم تركته وركضت مسرعة إلى الأعلى، لم تعطيه فرصة واحدة للحديث سدت عليه جميع منافذه .. أستجمع ما تبقى من كرامته ورحل .
إنهارت من البكاء حتى غطت في نوم عميق، كي تهرب من واقعها المحزن الذي لم ترا فيه يوم جيد على الإطﻻق .. قررت بالفعل إخبار والدها إنفصالها وهي تعرف إن مثل هذه الخطوة سيغضب منها هاشم كثيراً، فخطبتهما كانت أساس بنى عليه علاقته مع حامد .. فسوف تثار مشكلة كبيرة على تلك الفعلة بكل تأكيد .
لكن بلا فلن تكترث للنتائج المترتبة لما يحدث الآن، فقد أكتفت منه ولن تستطيع تحمل أساليبه الخادعة بعد، فقد سأمت منه .. إذا فليكن ما يكون .
قامت من فراشها وبكل تحدي تناولت هاتفها وأتصلت بنور .. يجب أن تطفئ نار قلبها المشتعل بالحديث مع أحدهم كي تشفي غليلها منه، ولن تجد أقرب من نور وأخيها .. أتفقن على اللقاء في منزلها بعد الإنتهاء من العمل، وبالفعل وصلت في موعودها .
صعدت إليها وجدتها غاضبة للغاية، وأثر الدمع طابع على وجنتيها .. ضمتها إلى صدرها وهي تحاول فهم ما حدث، فهي لم تفهم شئ من صراخها وعصبيتها .
ربتت نور على يداها برفق كي تهدء من روعها قليلاً وهي تقول :
– ممكن أفهم سبب عصبيتك إيه دلوقتي ؟

 

 

 

ردت سلمى وكأنها لم تسمع شئ .. بشئ من الغضب الشديد :
– وأنا قلت إنه أتغير وأنصلح حاله شوية .. بس أقول إيه ديل الكلب عمره ما بتعدل أبداً، أنا إللي غلطانة زي الهبلة أسامح مرة واتنين وتلاتة عشان ميحصلش مشاكل بس المرادي ﻻ ﻻااااااا على جثتي أرجعله تاني
ألتفتت إلى نور وصاحت بعصبية :
– الحيوان إللي أسمه خطيبي بيخوني رابع وﻻ خامس .. المرادي بقى غير كل مرة متلبس رسمي، ومع السكرتيرة تاني البيه بيبوسها وحاضنها .. الواطي ياربي .. أعمل إيه ها أعمل إيه أكتر من كده قربت منه عشان أتنيل على عيني وأقدر أكمل حياتي معاه لكن ده ميطمرش فيه حاجة أبداً
تسمع نور لحديثها بإهتمام وﻻ تصدق أن الأمر وصل لهذه الدرجة، فهي الأخرى قد أكتفت من تصرفاته، حاولت تهدئة روعها قليلاً فقالت بضيق وحزن على حالها :
– حيوان يا بنتي ميستهلش دمعة من عينيك أبداً، يروح في داهية أنتِ أستحملتي وجيتي على نفسك كتير أوي عشانه .. كفاية بقى يا سلمى
ردت سلمى بنفس الحالة :
– ومين قالك إني هكمل معاه تاني، أنتِ بتهزري ؟! إن شالله الشركة بإللي فيها تولع بس مش على حساب كرامتي أكتر من كده .. خلعت الدبلة والخاتم ورميتهم في وشه، بكرة هبعتله كل حاجته مش عايزة حاجة تربطني بيه، كويس إنه حصل كده قبل كتب الكتاب وألا كنت أتورطت توريطة سودة
قالت نور بنبرة تشجيعية :
– جدعة كويس إنك عملتي كده ومش مهم أي حاجة تانية .. بس هتقولي لأنكل هاشم إيه
نظرت لها وقالت بتحدي :
– هقوله كل حاجة ومش هخاف منه وﻻ من أبوه .. هستنى بس لما يرجع .. أسمعي يانور مش عايزة طارق يعرف أي حاجة عن الموضوع ده بالذات .. تمام !! أومات نور رأسها إيجاباً ثم قالت بثقة :
– ميكونش عندك فكرة
زفرت سلمى بأريحة وهي تفكر بيما سوف تفعل فيما بعد .
**************

 

 

 

في المساء عادت نور إلى المنزل وهي تشعر بالغيظ الشديد من عاصم ، وكانت على وفاق مع سلمى لتركها له في الوقت المناسب قبل عقد قرانها عليه .
لما سمعت تعاني صوت قفل الباب أيقنت إنها نور .. فنادت عليها وأقبلت عليها على خير العادة بوجه يشوبه الضيق .. جلست قربها ووجدت والدها حاضراً أيضاً .
سألها محمود عن سبب وجومها أخبرته بما حدث .. زفر بضيق وهو يخبط كف بأخرى :
– ﻻ حول وﻻ قوة إلا بالله بقى الحيوان يعمل فيها كده
أقبلت تهاني بحزن قائلة :
– واطي صحيح مش مكفيه أنها مستحملاه وجاية على نفسها عشان أبوها .. بس أقول إيه هو أول مرة يعملها
تفاجئ محمود من تلك الكلمة اﻷخيرة فقال بذهول :
– هو كمان نيلها أكتر من مرة ! .. أومال بعد الجواز هيعمل إيه، هاشم مش هيسكت من رد فعلها
شعرت نور بالضيق أكثر فإنفعلت قائلة :
– يعمل إللي يعمله يا بابا كفاية كده .. بس أهم حاجة سلمى أشترطت عليا إن طارف مايعرفش حاجة عن الموضوع ده خااااالص خالص ..

يتبع ..

اترك رد