رواية ديسليكسيا الفصل الثاني 2 بقلم أسماء عبدالهادي
رواية ديسليكسيا الفصل الثاني 2 بقلم أسماء عبدالهادي
رواية ديسليكسيا البارت الثاني
رواية ديسليكسيا الجزء الثاني
رواية ديسليكسيا الحلقة الثانية
ركض بأقصى سرعته ليلحق بها بعدما لاحظ جلوسها على فوهة السطح وربما تطيح من أعلاه في أي لحظة ….وصل في اللحظة المناسبة كانت عندها قد وقفت أعلى السور فأسرع إليها وأمسك بيدها ومن ثم زفر براحة أنه استطاع اللحاق بها قبل أن تسقط
أنزلها لتقف أمامه ومن ثم خاطبها بصرامة لألا تفعل ذلك ثانية
_ينفع اللي عملتيه ده … اوعي تكرريه تاني انتي فاهمة ولا لا .
نظرت له ببراءة كقطة وديعة فهي طفلة تحمل أعين قط مسكين
_أنا عملت إيه أنا كنت قاعدة على السور شوية ولما عجبني المنظر وقفت علشان أشوف كويس
زم شفتيه من تلك الطفلة البلهاء كيف لها أن تصعد الى هنا من الأساس ألا تخشى أن تسقط…لذا هتف ساخرا
_وانتي مش خايفة لتقعي ورقبتك تتكسر
هتفت بابتسامة امتلكت قلبه بوداعتها
_تؤ تؤ مش خايفة
ابتسم على براءتها وروحها المرحة فهتف بتحذير
_طب إوعي أشوفك تاني طالعة فوق هنا …المكان ده ممنوع للطلبة ..الكبار بس اللي مسموح يطلعوا هنا ..يلا اتفضلي انزلي.
رمقته بنظرة مطولة خالية من التعابير لم يستطع تفسيرها قبل أن تغادر ..فعمد هو إلى الباب الخشبي وأحكم غلقه حتى لا يتسني للأطفال فتحه والصعود الى السطح مرة أخرى
_______
وصلت إلى فصلها متوجهة مباشرة إلى مقعدها والتي تجلس به وحدها فلا أحد يريد أن يجلس معها أو يصادقها ليتركوها تشعر بالوحدة الشديدة رغم أن عشرات الأطفال يحيطون بها
وجدت زملاءها بالفصل يقومون بطي الاوراق بعشوائية ومن ثم يرشقونها به ومن ثم يهتفون ساخرين منها
_الغبية أهي الغبية أهي
نظرت إليهم بضيق واغرورقت عيناها بالدموع بصمت فلم تجرؤ على فتح فمها
وما ان وصل معلم المادة حتى كان الجميع يجلس معتدلا في مكانه …ليلاحظ أوراق كثيرة مبعثرة حولها فيتسائل من تسبب بتلك الفوضى، فيشير الجميع عليها بالإجماع …لتحملق بهم غير مصدقة …فتجد المعلم ينهرها بشدة ان فعلت ذلك ثانية ويطلب منها أن تقوم بجمع تلك الأوراق ووضعها في السلة … فاضطرت لأن تفعل بعد أن رمقت زملاءها بضيق شديد .
_______
كتب المعلم جملة على السبورة وبدأ يسأل من يمكنه قراءتها … رفع الجميع يده بما فيهم هي ليختارها المعلم لتقرأ تلك الجملة التي كتبها ..لكنها لم تستطع وظلت تتهته لفترة دول أن تصل
فكتب المعلم جملة أخرى فتفشل في قراءتها مرة أخرى
ليستاء المعلم منها ويطلب منها الجلوس والانتباه إلى ما يقوله والى ما يقرأه زملاءها
طلب المعلم من طالبة أخرى قراءة ما كتبه فقرأته بسهولة … ومن ثم اوقف طالب أخر فأجاب بشكل جيد..فأراد المعلم أن يختبرها ثانية وطلب منها قراءه الجملة لكنها تعثرت في بعض الحروف وقامت بالتهجئة بشكل خاطئ ليضحك كل الطلبة عليها ويعلوا صوت قهقهاتهم …فتصاب بالاحراج وتخفي رأسها بين يديها
وبقيت على هذا الحال بقية اليوم الدراسي.. تخفض رأسها لأسفل لا تريد أن ترى أحد أو يراها أحد ….انتظرت أن ينتهي اليوم الدراسي بفارغ الصبر حتى تخرج من هذا المكان الذي باتت تختنق منه ولا تشعر فيه بالراحة أبدا
______
انقضى اليوم أخيرا فانتظرت أن يرحل الجميع ويغادروا الصف ..ثم نهضت هي بعد أن ارتدت حقيبتها على ظهرها وتوجهت للخارج ظنا منها ان الجميع غادر لا تعرف أنهم يدبرون لها المكيدة بالخارج
فهي ما ان خطت قدماها لخارج فصلها حتى وجدت بعضا منهم يرشقونها بأكياس العصير وبقايا الطعام الذي معهم ..فاتسخت ملابسها وأصبحت في حالة يرثى لها.
وقفت مزهولة من فعلتهم لفترة ومدت شفاها لأسفل وهي تشاهدهم يضحكون على هيئتها المزرية ويسخرون منها …لم تشأ أن تبكي أمامهم حتى لا يحصلون على مبتغاهم من الشماتة فيها وانتظرت صامتة مكانها إلى أن انتهوا من قهقهاتهم وبدأوا ينصرفون واحدة تلو الآخرى .
رغما عنها فرت دمعة من عينيها تحسرا على حالها وحزنا على ما حدث لملابسها وبالفعل هي لن تخبر والدتها بما حدث حتى لا تنال وابلا من التوبيخات لأنها تركتهم يدنسون ثوبها هكذا .
وصلت المنزل وقبل أن تلج … خلعت قميصها المدرسي الوردي اللون ودسته في حقيبتها حتى لا تلحظه أمها .
انتبهت لها أمها فرمقتها بضيق
_انتي خلعتي هدومك ليه كدا!!
حاولت هي أن تخترع حجة بغية ألا تخبر أمها الحقيقة فقالت بصوت متلعثم
_الجو حر …وكنت زهقانة فخلعته يا ماما .
اقتربت منها أمها وضربتها على رأسها بغضب
_إنتي عبيطة يابت.. تخلعي هدوم المدرسة في الشارع كدا وتمشي بهدوم البيت اللي تحتها…أبوكي لو عرف مش هيعديها على خير.
_خلاص خلاص يا ماما مش هكررها تاني .
حركت أمها رأسها باستياء
_طب …اتحركي على أوضتك غيري هدومك دي وأغسلي إيدك علشان تتغدي وتكتبي الواجب.
تنهدت مطولا ثم تحركت لغرفتها أبدلت ملابسها بأخرى بيتيه وراقبت أمها لتجدها مشغولة بالمطبخ …فأخرجت قميصها المتسخ من الحقيبة وركضت إلى الحمام ..لتغسله بالماء والصابون جيدا …
لاحظت أمها غيابها في الحمام فهتفت منادية عليها
_بنتعملي ايه عندك في الحمام كل ده
تلعثمت وتوترت وبدأت تتصبب عرقا
_بب.. بساعدك ياماما وبغسل هدوم المدرسة .
استغربت أمها لذلك فهي أول مرة تقوم بذلك لكنها لم تعطي بالا كثيرا للأمر… وهتفت بلا مبالاة فهي منشغلة بمسؤليات المنزل التي لا تنتهي.
_طيب تعالي يلا علشان تتغدي .
مشت بتثاقل نحو طاولة الطعام وبدأت بتناول الغداء بدون شهية تذكر لكنها على أية حال انهت طبقها كله حتى لا تثور امها عليها
_
بعد الطعام طلبت منها أمها أن تحضر دفاترها وكتبها كي تنهي واجبها …لم ترد هي أن تفعلها لكنها أتت بهم كما طلبت منها أمها… وكعادة أمها ما إن رأتها ترص أدواتها على الطاولة استعدادا لحل واجبها المنزلي ..حتى نهضت من مكانها وتركتها تنهي واجبها وحدها وذهبت هي لتنهي أعمالها المنزلية التي لا تنتهي أبدا .
وكعادة الصغيرة لا تستطيع قراءة ما المطلوب منها لحل الواجب ..فتحله بطريقة عشوائية جدا ..تدون بعض الحروف التي تعرفها فحسب.. لم يستغرق الأمر منها وقتا ..لتغلق دفاترها وتضعها في حقيبتها مرة أخرى وتنهض لتلعب بدميتها التي تحبها ولا تفارقها حتى عند نومها .
أسماء عبد الهادي
انتهى اليوم سريعا لتشرق الشمس معلنة عن بدء يوم جديد مليىء بالأمل مفعم بالحياة لكنه بالطبع ليس كذلك عليها
أبت أن تستيقظ لحتى لا تنهض للمدرسة لكن مع إصرار أمها عليها .. نهضت بتثاقل شديد وارتدت ملابسها بروتينية مملة وركبت مع والدها سيارته لحتى يُقلها إلى مدرستها… تلك المدرسة التجريبية الخاصة الذي ألحقها والدها بها متمنيا أن تحظى ابنته بمستقبل تعليمي باهر ..لكن تُراه هل يعرف مستوى ابنته!!! هل يهتم بمراجعة دروسها معها… لا إنه لا يفعل فهو منشغل بعمله الذي هو مكنب عليه طوال ساعات النهار ولا يعود إلا عندما يبلغ منه التعب مبلغه فيعود للمنزل لا يرى أمامه فيتناول طعامه ويغط في نوم عميق… قد تكون الدقائق الأولى من النهار والتي يوصلها فيها والدها للمدرسة هي الوقت الوحيد التي ترى فيها والدها
وصلت صفها وجلست مكانها …ليستعلم المعلم عن الواجب فتسلمه دفترها بهدوء تماما كما فعل الجميع..ليصححه المعلم وهو جالس في مكانه على مكتبه أمامهم .
وعندما وصل الى دفترها نادى عليها… علم الجميع أنها ربما بالتأكيد قد حلت واجبها خطئا فهم يعرفون أنها لا تفقه شيئا ..لتنهض هي من مكانها بعد ان ترمقهم بضيق لنظراتهم الشامتة نحوها .
شبكت يدها ببعضهما وتقدمت من المعلم بهدوء دون ان تنطق
ليهتف هو بعد أن أشار لها على الحل الذي خطته بيدها
_ايه ده .
هتفت ببراءة شديدة
_ده حل الواجب يا مستر
رفع بصره نحوها وتحدث بانزعاج
_وانتي مسمية اللي كتبتيه ده حل!!
حركت رأسها لأعلى وأسفل بمعنى نعم .
ليحاول المعلم التحكم في أعصابه ويرمقها بضيق وهو يناولها دفترها.
_بعد كدا ..اطلبي من حد من أهلك يساعدك في حل الواجب.
تناول دفترها منه وهتفت بهدوء
_حاضر يا مستر
ثم عادت إلى مكانها ثانية ولكن قبل أن تعود إلى المقعد الخاص بها في آخر الصف ..مدت زميلة لها قدمها أمامها فلم تنتبه له فسقطت على وجهها مرتطمة بالأرض …لينفجر الجميع ضاحكا عليها
لكنهم سرعان ما صمتوا في الحال بسبب نظرة المعلم الصارمة لهم ثم هتف بجدية لها
_ ركزي وانتي ماشية علشان متتعوريش
نهضت بتأوه ..لم تكن السقطة قوية كفاية الا أنها آلمتها …لترمق تلك الفتاة التي كانت السبب في ذلك بغيظ ثم استقرت في مقعدها بهدوء.
حان وقت الاستراحة ليخرج كل منهم الساندويتشات الخاصة به ويبدأ في التهامها … أخرجت شطيرتها وما ان وضعتها على فمها حتى وجدت من يدفشها من الجانب لتسقط الشطيرة أرضا وتناثرت محتوياتها لتصبح غير صالحة للآكل .
فاض بها الكيل فوقفت لتنتقم من تلك الفتاة التي افسدت عليها وجبة الفطور الخاصة بها … لتجد الفتيات كلهن يقفن مع الآخرى ضدها
فتراجعت للخلف وتخلت عن تلك الفكرة ومن ثم ركضت بأقصى سرعتها لخارج الفصل تجري وتجري …نزلت الدرج عدوا إلى أن وصلت الى فناء المدرسة فاستندت بيدها إلى السور ووجهها للحائط وتركت لأعينها العنان لتبكي بحرية….وحدها …بعد برهة وجدت أن الآخرين سينتبهون إليها فمسحت دمعاتها سريعا وفضلت أن تبحث عن مكان حيث تكون وحدها فلم تجد سوى سطح المدرسة
فصعدت من نفس المكان الذي صعدت منه المرة السابقة وهي فتحة أخرى جانبية لم ينتبه اليها المعلم ولم يسدها جيدا.
صعدت إلى السور وجلست تأرجح قدمها إلى أسفل لتشعر أنها حرة بعيدة عن تلك التنمرات التي تتعرض لها …بعيدة عن سخرية الآخرين عليها ووقوفها وحدها تخشاهم ولا تستطيع رد الظلم عن نفسها.
لم يلحظها أحد ولم ينتبه لها أي معلم فظلت في مكانها مستمتعة بالمنظر من أعلى متناسية تماما أن للاستراحة وقت محدد وها هو انتهى منذ نصف ساعة بل انتهى اليوم الدراسي وهي على وضعها ..انتبهت وهي ترى الطلاب يغادرون المدرسة ..فنزلت على الفور بزعر تخشى ان يغلقوا المكان عليها ويتركوها حبيسة بالداخل
وصلت الى صفها تلهس من التعب والخوف تود ان تأخد حقيبتها لحتى تخرج من البوابة بسرعة
لكنها صعقت عندما رأت
…….
#ديسليكيا
#أسماء_عبد_الهادي
توقفت عن الركض وبدأت تسير ببطىء وهي ترى محتويات حقيبتها كلها على الأرض ودفاترها كلها ممزقة بالكامل …لم يكن هنالك وقت كافي لأن تحل الصدمة على قسمات وجهها ،فبسرعة كبيرة جمعت كل متعلقاتها بعشوائية داخل الحقيبة وركضت مرة أخرى لتخرج من المدرسة بأكملها
وما ان خرجت واطمأنت أن المدرسة لن تـغلق عليها وتحبس بها وحدها …حتى توقفت عن السير ووقفت مكانها برهة وتذكرت دفاترها وما فعلوه بها ..فضمت شفتيها بغضب شديد وقررت ألا تقف مكتوفة الايدي وأن ترد لهم الصاع صاعين فهي لن تسمح لهم بالمزيد بعد الآن.
تابعت سيرها نحو منزلها …فاستقبلتها أمها المشغولة بأعمال المنزل كعادتها…وبكلماتها الروتينية البحتة رددت نفس الكلمات التي تُسمِعها لها كل يوم
_بسرعة غيري هدومك واغسلي إيدكي علشان أحطلك الغدا.
فعلت ما طلبته منها أمها لا لأنها تستوعب كل هذه التعليمات المتتابعة وانما لأنها أعتادت على ذلك كل يوم …وجلست الى المائدة تنتظر أن تضع لها أمها الطعام …جلست أمها على المقعد المجاور وبدأت تشارك ابنتها في وجبة الغداء .
ابتلعت هي ريقها وقررت أن تتحدث
_ماما أنا عايزة ..تفاتر جديدة
تركت أمها طبقها ونظرت لابنتها وهتفت باستغراب
_ودفاترك اللي معاكي راحت فين …ملحقتش تخلص
أخذت نفسا عميقا ثم قالت لتخفي الحقيقة
_انا قطعت تفاتري القتيمة علشان الواجب غلط… ومستر العربي عايزك تحلي معايا الهوم ورك علشان مش بعرف أحله
“ملحوظة بطلتنا الصغيرة عندها مشكلة في نطق حرف الدال..فتقوم بنطقه تاء “
زفرت الأم بحنق
_اووف …هتفضلي طول عمرك متعرفيش تعملي حاجة لوحدك أبدا… امتا هتكبري بقا وتعتمدي على نفسك .
لم تلقي بالا بما قالته أمها لأنها بالأحرى لم تفهم ما كانت تقصده فهتفت بهدوء
_ يعني هتحلي معايا الواجب يا ماما ؟
زمت الأم شفتيها وأشاحت بيدها بقلة حيلة
_هحله وأمري لله .
بعدما أنهت طعامها عمدت الى غرفة المكتب الخاصة بزوجها وأحضرت دفاتر أخرى غير تلك التي ادعت ابنتها انها مزقتها
وجلست جوار ابنتها مرة أخرى
_جبتلك دفاتر جديدة… اوعي تقطعيهم تاني مفهوم؟؟؟
حركت رأسها بأنها ستفعل
لتأمرها أمها أن تذهب وتجلب حقيبتها لترى ما هو الواجب التي عليهما حله اليوم
فأحضرتها في الحال واشارت لأمها على الصفحة التي طلب منها المعلم حلها
فما كان من أمها إلا أنها كتبت الإجابة بالقلم الرصاص على الكتاب وطلبت من ابنتها ان تنقل ما كتبه بخطها هي في دفتر الواجب
لتقول هي لتتأكد
_اكتب اللي كتبتيه ده في التفتر؟؟
_ايوة يلا اخلصي مش فاضية ورايا غسيل
_حاضر
بدأت الصغيرة تنقل ما كتبته أمها حرفا حرفا بداخل الدفتر الجديد
لتصرخ أمها بها فيبدو أنها لأول مرة تجلس جوار ابنتها وتشاهد ما تكتبه فانصدمت بالحقيقة التي كانت تغفل عنها… فهي وجدت ابنتها تكتب الأحرف بطريقة معكوسة فمثلا الجيم تكتبه وكأنه حرف S كبيرة وبداخله نقطة
_ايه اللي انتي بتهببيه ده !!
ردت بهدوء وتلقائية شديدة
_بنقل اللي انتي كاتباه يا ماما .
أمسكت أمها الممحاة وبدأت تمسح الحروف الخاطئة التي كانت تكتبها ابنتها ..وقالت بحزم وهي تتذكر كومة الغسيل التي تنتظرها
_أتفضلي عيدي كله من الأول تاني ….واكتبي كويس انتي فاهمة!
قالتها الأمر وهي تتركها وتذهب عائدة لعملها المنزلي.
لتبدأ الفتاة بالكتابة بنفس الطريقة السابقة فهي لا تعرف غيرها .
انهت ما بيدها وأعادت حاجياتها الى حقيبتها وقامت تلعب بدميتها في ارجاء المنزل
لتنادي عليها أمها
_خلصتي الواجب
_اااه خلصته
اطمأنت الأم بأن ابنتها انهت واجبها …لكن هل تأكدت أن ابنتها فهمت الأسئلة وطرق الحل؟؟؟
هل تأكدت أن ابنتها تستطيع القراءة بشكل صحيح؟
هل تأكدت ان ابنتها تستطيع الكتابة بشكل صحيح ؟
كلا لم تفعل ولن تفعل …فالبطبع هي لا تضع ابنتها وتعليمها في قائمة اولوياتها المزدحمة كلها بتنظيف وترتيب المنزل
ترى إن تركت البيت فقط لنصف ساعة دون تنظيف هل كان ليشتكي؟؟؟
أسماء عبد الهادي
في صباح يوم جديد
أوصلها والدها الى المدرسة بروتينية شديدة …يجلس جوارها لكن عقله ليس معه فعلى ما يبدو أنه يفكر في شىء ما بدا مهما من ابنته التي تحدثه منذ أن استقرت جواره بالسيارة وهو يهز رأسه لها رغم أنه لم يسمع شيئا مما قالته ابنته
لم تجد الفتاة البريئة أي رد من والدها …فهزت كتفيها بقلة حيلة وانشغلت بالنظر عبر النافذة الى أن اوقف والدها سيارته أمام بوابة المدرسة
تنهدت بضيق مسموع لكن بالطبع لم يسمعها والدها وعبس وجهها لمجرد تذكر ما تفعلنه زميلاتها معها .
فتح لها والدها الباب وأوصاها أن تهتم لنفسها وتأكل فطورها وتستمع جيدا لدروسها وانصرف سريعا وكأنه كان واقفا على جمرة من نار ..
دلفت المدرسة ومن بعيد وجدت شلة الفتيات المتنمرات عليها يقفن جنبا الى جنب…ففضلت عدم المرور من جوارهم وبقيت مكانها تختبىء خلف الحائط الى أن يرحلوا .
لكن شاهدها أحد المعلمين وطلب منها
_بسرعة روحي أقفي في الطابور …الطابور هيبتدي حالا
أومأت برأسها وانتظرته الى ان ابتعد وظلت مكانها لم تتحرك الا بعدما انتهى الطابور وصعد كل التلاميذ الى صفوفهم
رغم أنها تحب التمرينات التي تؤدونها في الطابور … تحب تلك الحركات والتصفيقات الإيقاعية كثيرا ..الا أنها فضلت عدم الاشتراك بغية ألا تقف جوار الفتيات المزعجات
بعدها بدأت تتحرك بتثاقل نحو صفها وما جعلها تنفخ بضجر أكثر هو رؤيتها لمعلم مادة الإنجليزية يدلف الصف
تلك المادة التي لا تفقه فيها شيئا ولا حتى حروفها الابجدية فالمادة بالكامل بمفرداتها وقواعدها اللغوية هي لا تفهمها
وقفت امام باب الصف تقدم قدم وتؤخر الأخرى فلاحظها المعلم فحثها على الدخول
_come on….
لم تفهم عليه وبدأت تلتف حولها لتنظر الى من يتحدث ليشير اليها هي بضيق
_انتي … ادخلي بسرعة .
وما ان دلفت وكادت أن تعبر من أمام مكتب المعلم حتى قالت إحدى الفتيات وتدعى سالي مشيرة إليها
_مستر … حضرتك كنت طلبت منها تسمع كلمات الليسون اللي فات على البورد.
تذكر المعلم ذلك والتفت إليها وطلب منها أن تمسك القلم وتبدأ في كتابة ما حفظته على السبورة
بدت مترددة لا تدري ما تفعل لكنها على أي حال تناولت القلم من المعلم والتفتت للسبورة لتكتب
لبتسم سالي رافعة شفتها العليا بشماتة وخبث فهي متأكدة أنها لن تستطيع كتابة حرف واحد
وقد كان فبطلتنا لم تستطع كتابة اي شىء فبدأ المعلم في مساعدتها بقوله الحرف الأول من الكلمة لكنها فشلت حتى في رسم شكل الحرف بصورة صحيحة فحرف a من الحروف القلائل التي تعرفه في اللغة الإنجليزية الا أنها أحيانا تكتبه بطريقة معكوسة دون عمد منها
ليغتاظ المعلم منها ويطلب منها أن تردد خلفه الكلمة لحتى تكتبها بصورة صحيحة
_ريبيت أفتر مي (قولي ورايا) آبل ..apple 🍎
لم تفهم ما يقصده فهو يتحدث بالكامل بالإنجليزية فكيف لها ان تفهم ما يطلبه منها ..لذا نظرت له بصمت
ليكرر مرة آخرى كلامه ليظل الصمت حليفها .فينفجر الطلاب بالضحك كالعادة عليها
ليصرخ فيها المعلم بنفاذ صبر
_قولي ورايا وخلصيني apple
_app..eele
_no, قولي apple
_a..pple
_ doll
_toll
_no, doll
_toll
حاول المعلم كظم غيظه بينما هي تنظر بغضب لطلاب صفها الذين يسخرون منها .
استاء المعلم من تلك الطالبة البليدة وأمرها أن تجلس مكانها وتخرج كتبها وتستمع اليه جيدا …ثم تكتب ما سيكتبه على السبورة عدة مرات
لم يعي عقلها الصغير تلك الأوامر الكثيرة التي طلبت منها في وقت واحد فلم تفهم سوى أول أمر فقط فذهب للتخت الخاص بها وجلست بهدوء وما زالت حقيبتها مستقرة على ظهرها ….ليصيح بها المعلم
_سمعتي أنا قلت إيه …ولا كمان مبتسمعيش.
نظرت له باستغراب لماذا يصرخ عليها هكذا هي نفذت ما قاله وجلست في مكانها
لتهتف سالي ساخرة
_معلش يا مستر .. أصلها غبية ومبتفهمش
غضبت غضبا شديدا من تلك الفتاة التي تسمي سالي وانتهزت خروج المعلم من الصف فعلى ما يبدو أنه ذهب ليخبر المدير بأمرها
ونهضت من مكانها وانتظرت انشغال سالي بكتابة شيئا ما بدفترها وقامت بالضغط على رأسها …ليصطدم رأسها بالمقعد بقوة فتصرخ سالي من الألم وما يزيد صراخها هو رؤيتها لقطرات من الدم تسيل من أنفها
فزاد الهرج والمرج بداخل الصف ومعظم الطلاب التفوا حول سالي بخوف وقلق
فتراجعت هي لمكانها وجلست بهدوء وكأن شيئا لم يحدث .
أما هناك في مكتب المدير ..جلس معلم اللغة الإنجليزية يشتكي مستواها
فلم تكن تلك الشكوى الأولى الذي يتلقاها المدير بذلك الشأن فاستدعى معلم اللغة العربية ايضا ليشاركهم الحوار
ليهتف المدير باستياء
_ مستر سامح .. انت كلمتني في الموضوع ده قبل كدا وطلبت منك تبلغها بإحضار ولي امرها نناقشه في مستوى بنته
_ايوة حصل يا مستر ..قلتلها اكتر من مرة ولا حياة لمن تنادي…. البنت مبتفهمش يا مستر
حك المدير ذقنه وهتف بتفكير
_لا الوضع ده زاد عن حده …اتفضلوا على الكلاسز بتاعتكم وأنا هتصرف.
انصرف المعلمون الى صفوفهم لمتابعة حصصهم بينما استعدى المدير … السكرتيره الخاصة بمكتبه فحضرت على الفور
_افندم يا مستر شوكت
_في طالبة عايزك تشوفي الملف بتاعها وتجيبي رقم والدها وتكلميه وتأكدي عليه يجي بكرة يقابلني .
أومأت له برأسها بعملية
_تمام يا مستر .
أعطاها اسم الفتاة ورقم صفها فتابعت هي بحثها في خزانة الملفات الخاصة بالطلبة ….الى أن وجدته وفعلت ما طلبه منها المدير .
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
أسماء عبد الهادي
لنعد لبطلتنا الصغيرة
كالعادة لم تمرأها سالي لها وعندما عاد المعلم للصف مرة أخرى …استدعت دمعاتها وذهبت اليه تدعي ألم أنفها الذي زال من مدة وشكت سوء فعلتها
فلم تسلم هي من توبيخات المعلم ونظراته الغاضبة لكنها لم تهتم كثيرا لذلك فالأهم عندها أنها حققت انتقامها من سالي وردت لها ولو جزءا بسيطا مما فعلته هي بها من آذى .
انتهت حصة اللغة الثقيلة على قلبها وحان وقت أكتر مادة تفضلها على الاطلاق وهي التربية البدنيةBE
حيث فيها تلعب وتلهو بحرية وليس مطلوبا منها أن تحفظ او تقرأ او تكتب
تحمست كثيرا وخاصة أنها تفوز في سباقات العدو لأنها الاسرع من بينهم ولا أحد منهم يستطيع اللحاق بها
توجهت الفتيات إلى خزائنهن وبدلن ثيابهن لاخرى خاصة بالرياضة
ووقفن جميعهن في صف واحد أفقي أمام المعلمة…التي أملت عليهم بعد التعليمات..قبل البدء في مزاولة التمرين
ثم أمرتهم بالركض حول الملعب ٣مرات بدءا من اليسار
فاستعد الجميع لذلك ورمقتها سالي بنظرة ساخطة قبل أن تبدأ بالجري.
وجدتها المعلمة هي الوحيدة تنطلق في الركض في الاتجاه المعاكس …فزفرت بضيق وهتفت بغضب تظن أنها تعمدت أن تتخلف عن الآخرين
_شوق …ايه اللي انتي بتعمليه ده
وقفت المسكينة محلها ولم تدري ما الخطأ الذي اقترفته لتنظر لها المعلمة بغضب هكذا الا عندما وجدت نفسها وحيدة وبقية صفها يركضون في الاتجاة الآخر فحاولت أن تعود ادراجها لتركض في اتجاههم
لتهتف المعلمة بحزم
_اتفضلي اقعدي في الاستراحة هنا انتي ممنوعة من المشاركة في التمرين دا
رمشت شوق عدة مرات ونظرت لمعلمتها بحزن
لتشير لها المعلمة نحو المقعد ..فتمشي شوق بخفوت مطأطأة رأسها لأسفل فالمعلمة حرمتها من المشاركة في أحب نشاط لها … ولسبب هي لا تعرفه ..ولا دخل لها فيه …ليس ذنبها أنها لا تستطيع أن تفرق بين الاتجاهات ليس ذنبها أنها لا تعرف اليمين من اليسار .
سقطت دمعاتها تباعا وهي تشاهد زملاءها يركضون بمرح ونشاط
استغلت سالي عبورها من أمامها لتقف وتخرج لسانها لشوق بغية الشماتة فيها وإثارة غضبها
فما كان من شوق الا أن قامت لتهجم على سالي بكل ما تحمله في قلبها من غيظ وغضب بسبب حرمانها من احب نشاط لقلبها.. فما كان ينقصها هو سماجة تلك الفتاة ومضايقاتها الدائمة لها
لذا انقضت عليها لتوقعها ارضا وتصعد فوقها ومن ثم تشبعها أرضا ولم ينجد سالي من غضب شوق سوى المعلمة التي أمسكت يد شوق سريعا قبل أن تطال سالي من أول ضربة
أوقفتها سريعا وساعدت سالي على أن تنهض على قدميها ومن ثم اطمأنت عليها وهي تنخفض بجسدها نحوها وتهتف باهتمام
_سالي حبيبتي انتي كويسة!!!
انزعجت شوق من لهفة المعلمة على سالي في حين أنها لا تستحق ذلك الحب فهي فتاة شريرة خبيثة
انتبهت شوق وهي ترى المعلمة تنهرها وتؤنبها على ما فعلته فضمت شفتيها بحزن والتفتت ببطىء لتعود ادراجها لتجلس مكانها وحدها على المقعد ولا أحد يبالي ولا يشعر بها .
يتبع…
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ديسليكسيا)