Uncategorized
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الرابع 4 بقلم نهال مصطفى
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الرابع 4 بقلم نهال مصطفى
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الرابع 4 بقلم نهال مصطفى |
رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الرابع 4 بقلم نهال مصطفى
– ومين الظابط دا ؟!
* يبقي ابن السيوفي .. اسمه هشام السيوفي الظابط اللي مستقصدك من اول ماجيه.
(مهجه) بقلق : انت متأكد من الكلام دا ياغفير الغبره انت .
اتسعت حدقة عيني (زيدان) وهو يجلس علي مقعده
– الظابط دا تجيبلي قراره وتعرفلي اي ميته فهمت عشان حسابه تقل قوي معاي ؟!
* اؤامرك يابيه اؤامرك .
انصرف ( سيد ) من امامه يلملم شتات شمله تاركاً (زيدان) في شروده
مهجه : مالك يازيزو بتفكر في ايه !!
( زيدان ) بحسره : مصيبه لو طلع الظابط دا ملهوش تمن ومعصلج كيف ابوه .
ازداد فضولها
” ماترسيني علي الفوله يمكن اساعدك ياابو( ايوب) ”
رفع عينيه اليها بعيون ضيقه غارقا في تفكيره فاردف
– ناديه عامله اى !!
– ايوووووه مالنا بالسيرة العكره دى .. بتها وماتت خلصنا تحزنلها شويه وهتفوق وترجع اقوى من الاول .. خلينا فى موضوعنا …
– خلينا فى موضوعنا ..
تمزحا سويا وهما يضحكان بصوتٍ مكتوم فى حديقه المنزل الى أن قطع خلوتهم قدوم خالد المنبوذ .. ركل المقعد الخشبي بقدمه قائلا
– اختى مااتت ازاى !!
اعتدلت مهجة فى جلستها متظاهره بالفزع
– ايووه !! ياقاعدين يكفيكوا شر الجايين !
تكورت يده بغل ابرز عروق عنقه من شدة الضغط على فكيه قائلا بنبرة اقوى
– اختى ماتت ازاى يازيدان !!!!
– الطب الشرعى لسه مكلمنى ومأكد انها ماتت بسبب لدغه تعبان !!
– يعنى مش بسبب واحد من رجالتك بس الزفت اللى بتاجر فيه !!
وقف زيدان مستندا على عكازه بهدوء وهو يعدل سترته الفضفاضه وشرع بالتحدث الى أن قطعه هتاف زوجته وهى تقف بينه وبين خالد واضعه يدها اليمنى على خصرها وتلوح له بالاخرى قائلا
– لا بص ياحبيبي متجيش ترمى بلاك علينا انت وامك ست الحجه مش كفايه لامينكم من الشوارع …. اما عن المرحومه اختك قولنا ماتت بلدغة حيه واصلا هى كده كده ميته دى واحده صاحبة مرض خبيث فهيفرق بايه ميته بتعبان ولا غيره ..
ثم ربتت على كتفه بقوة
– اخزى الشيطان ياعين امك وروح ادعيلها واقرأ لها قران وخلى امك ستنا الشيخه تدعلها بدل تلقيح الجتت اللى انت فيه ده …
حر كلماتها اشعلت صوابعه كعشر صوابع ديناميت يود ان يحرقها بهم تلك الانثى تعرف متى تكون السم ومتى تكون الافعى .. ظلت ترمقه بتحدٍ الى ان قرر الانتصار عليها بانسحابه .. فالمعركه معها هزيمه لا محال ..
تراجع خالد شيئا فشيئا وهو يشيع عمه بتيار من نظرات التوعد والتهديد والعتب فى آنٍ واحد .. اردفت مُجهة بكهن ستات
– ماتبحلقش ياخويا .. يلا عشان تلحق تعيط شويه فى حضن امك …
ثم استدارت نحو زوجها تعاونه فى ترتيب سترته بميوعه مردفه
– حقك عليا لو كان عكر دمك ..
بادلها بضحكه شريره : دانت عطيتى الواد من المتنقى خيار .. عفارم عليك يابت..
– تربيتك ياسيد الناس ..
■■■
ادلي الليل ستائره ليتربع القمر فوق عرش سماؤه
في قصر سياده اللواء ( كامل بشير ) جالسه تبتلع غصة احزانها والامها تتألم عينيها المتورمين .. تترقب مجري الدموع منهما الاتي حفروا وديان الحزن علي وجنتيها ..هناك لبعض الأشخاص الذين نلتقى بهم على خط الصدف ان يشكلوا حيواتنا من جديد .. بشخص جديد قد يدهشك انت ..
اردفت سيده في كامل اناقتها راسمه ابتسامه باهته
” وبعدين بقي يا(مياده) !! هتفضلي حابسه نفسك في اوضتك كده كتير ؟! ”
قالت السيده ( سالى ) جملتها الاخيره وهي تغلق باب غرفة ابنتها برفق .. صفف عبراتها باناملها سريعا
” ابدا ياماما .. حابه اقعد مع نفسي شويه بس ”
دنت ( سالي) منها وربتت علي كتفيها بحنو:
” ماينفعش يابنتي حالك دا .. مادام خدتي قرار ابقي قده ، وانتي عارفه ياحبيبتي عمر سعادتك ماكانت هتبقي مع ( هشام ) وانا اضطريت اوافق علي الخطوبه دي عشان مامته ولقيت من ناحيتك في قبول ”
ابتلعت ( مياده ) غصة احزانها بعدما وضعت كفها فوق كف امها باستسلام وضعف
– معاكي حق ياماما كده احسن ( هشام ) محبنيش عشان ازعل علي فراقه .
= اديكي قولتيها ياحبيبتي محبكيش .. يبقي مموته نفسك من العياط ليه ؟
– بس انا حبيته ياماما .. ومكنتش ابدا استاهل منه البرود واللامبالاة دي .. دا حتي محاولش يتمسك بيا .
احتضنتها والدتها بحنان وهي تقاوم اندفاع مياه عينيها
ثم ارتسمت ابتسامه باهته
– طيب يلا تعالي اتعشي معانا تحت .. عشان باباكي يطمن انك بخير .
اومأت ( مياده ) راسها ايجاباً
” حاضر ياماما .. اتفضلي انتي وانا هغسل وشي وافوق كده وهنزل وراكي ”
ربتت الام باسمه علي كتفيها : متتأخريش .. !
– ماما ..
استدارت نحوها بتلقائيه : مالك ياحبيبتي ؟!
– انا عاوزه اسافر امريكا عند مايسه اختي ممكن !!
■■■
داخل كل انسان وطن خاص به .. يجوب بسيارته بين الطرقات و شوارع القاهرة وهو يستمع لمطربته المفضله ( لارا فايبان ) الفرنسيه وكأن لا شيء غريب حدث فى يومه يستحق ان يشغل تفكيره للحظه .. تجرد من كل المشاعر بداخله للحد الذي ظن ان اعضائه توقفت عن مهامها والتقاط انفاسه لتلك اللحظه ماهى الا محاولة فاشله للحياه …
صف بسيارته فوق كوبرى قصر النيل يمشط الطرق باحثا عن شيء لا يعرفه .. اشعل سيجارته ثم هبط من سيارته يراقب حركه المارة والسيارات بوجهه مكتظ لم يمر على شريط عقله اى ذكرى من يومه .. كان يحرق كل شيء فى لفافة تبغه .. رجل غريب للحد الذي يجعلك تظن انه خُلق من طينٍ لم يخلق منه بقية البشر .. رجل سيكوباتى بطبعه ..
عطل عقله العاطل اثر صوت رنين هاتفه .. فرد باهتمام
– هااا يامحمود .. وصلت لحاجه !!
– تقرير الطب الشرعى ظهر …
– واييه ؟!
فاطرق باسف
– لدغة تعبانه ههه .. زى ما زيدان قال .. اوووو امر..
– هنفضل نسكت على الفوضي دى كتير واحنا شايفين كل يوم بنت بتتدبح من القريه !!
– النيابه مش عاوزه غير ادله ..
القى سيجارته وفركها تحت قدمه بغل
– ودى هتكون عندك قريب .. قريب اوى …
قفل هشام مع وكيل النائب العام .. شرع للذهاب فتوقف إثر رنين هاتفه مجددا .. فرد قائلا
– خير يامجدى ..
ركل مجدى باب الثلاجه بقدمه وبيده الاخرى زجاجه المياه
– ياااتش .. ليك عندى خبر طازه ..
– ابشر ..
قهقهه مجدى ساخرا : كان على عينى ابشرك .. بس للاسف مش المرة دى !!
– حصل اى انطق ..
– حماك ونسيبه موصين عليك توصيه جامده.. ومش بعيد تلاقي نفسك بكره على الحدود ولا فى حلايب وشلاتين ..
– اااه مااهى كملت ..
ااردف مجدى ممازحا : خناقه جديده مع مياده .. !!
اجابه بسخريه : تؤ فسخنا ..
– كده انا اطمنت انك هتروح تشتغل مع الهانم سالى النورماندى .. هتبقي مدير اعمال قمر قوى ياهشومى …
– ااه ياخويا اقلها هتترحم منى .. ابسط ..
– ابسط اى بس روح اتنيل وصلح اللى انت عملته .. انا اشتريت بدلة الفرح ياجدع ..
– وانا البس طول حياتى عشان انت تلبس بدلة الفرح !!
– والله خايف عليك .. وابويا كارهنى وكارهك وقابلنى لو وقفلنا فى حاجه تانيه .. لانه مقنع انك مثلى الأعلى فى عطلة الجواز ..
– مستغنين عن خدمات سيادة المحافظ .. اخلع يلا ..
– بكرة الشوق يجيبك ياابن السيوفى … وساعتها هقولك لا شطبنا ..
صمت هشام للحظه وبدون اى رد قفل الهاتف فجاة وبنبره ساخره
– الواد لسع فى عقله !!!!!! فاكرنى خطيبته انا !!!!
&&جروب روايات بقلم نهال مصطفى…&&
■■■
تعبث فى طبقها الفارغ بشرود تحت انظار والديها اللذان ينظران لبعضهم بيأس وقلة حيلة .. هتف اللواء كامل بتوعد
– وحياة كل دمعة نزلت من عيونك لاوريك هشام ده هعمل فيه ايه ..
لم تجرؤ على رفع انظارها اليه اكتفت بأن تنهمر فى مياه حزنها بعجز .. فواصلت سالى قائله
– انا مش عارفه انت بتعيطى على ايه !! فى ايه هشام ده عشان تحبيه ولا كان قدملك ايه !! انا اتصلت بمامته وفهمتها انى اللى هشام عمله مستحيل يعدى على خير ..
رجعت للخلف حامله قفة احزانها لتغادر مجلسهم الذي باتت بطلته .. فوجئت بعايده امامها وخلفها خادمه منزلهم .. فتوقفت للحظه اثر المفاجاه قائله بهمس
– طنط عايده !!
تقدمت عايده خطوة للامام لتقف امامها قائله بحنان
– ممكن تلبسي وتيجى نخرج سوا ..
تدخلت سالى امها بحزم : الموضوع اتقفل خلاص ياعايده .. وياريت تحافظى على ذرة الصحوبيه اللى مابينا … كفايه اللى هشام عمله ..
اردفت عايده بثقه : سالى … مياده بنتى زى هشام ماهو ابنى .. فأنا هستأذن سيادة اللواء ساعه بس هخرج فيها مع مياده نتكلم ..
اطرق كامل باحراج : لولا معزة عماد الله يرحمه كان هيبقالى تصرف تانى .. غيري هدومك يامياده وروحى مع ام هشام ..
تدخلت سالى معارضه ولكن نظره واحده من عيون كامل كانت كافيه ان تُسكتها .. فهتف قائلا
– اتفضلى ياعايده هانم ارتاح على بال ما مياده تجهز …
#فلاش بااك
دخل هشام منزلهم متأففا ثم ركل الباب بقوة ويجر فى ذيول قواه لتعاونه على الوصول لغرفته .. ولكنه فوجئ بامه تنادى عليه بنبرة صوته القويه
– انت عاوز تجننى !! غاوى قلة قيمة يعنى ..
اغمض عينيه متأففا مقاوما لارهاقه
– خير ياست الكل .. صوتك عالى ليه !!
اشارت اليه بسبابتها محذرة
– كلمه مش هتنيها .. هتيجى معايا حالا لبيت اهل مياده نشرح لهم سوء التفاهم ..
التوى ثغره ساخرا
– ده فالمشمش ..
صرخت بنبرة اعلى جرى صداها : هشاااااام .. هتيجى معايا ..
اصطنع التجاهل والبرود
– عاوزانى اجى معاك فين ..
تدخلت رهف سريعا
– عند مياده ياابيه … انت لحقت تنسي ..
– ااه مياده !! الحقيقه فعلا انا نسيت ؟!
ظلت تقاوم بركانها المتوق الذي اوشك على الانفجار إثر بروده
– ورحمه ابوك الجوازه دى هتم يعنى هتم .. واعلى ما فى خيلك اركبه
ابتسم ببرود : وماله .. تمموها وهاتوهالى اوضتى فوق .. عشان مش بحب جو الافراح ..
أعلنت امه عليه الحرب قائله بتوعد
– خليك فاكر انت اللى بدأت ..
#باااااك
– طنط .. طنط عايده انا جهزت .
اردفت مياده جملتها برسميه ممزوجه ببعض من الخجل .. فنصبت عايده عودها متناوله حقيبتها الشخصيه وبابتسامه واسعه
– اى الجمال ده ..
– مرسي يا طنط ..
رفعت عايده انظارها نحو سالى التى تغل دماؤها على مراجل الغضب
– هخطف القمر ده منك نص ساعه وهنرجع الضحكه منوره وشها ..
ثم عادت الى مياده وهى تحتضن ذراعها بحب
– يلا ياحبيبى ……
■■■
بعد دقائق عديده من التردد والوقوف خلف باب جحره امه .. استجمع قواه اخيرا وفتحه مطأطأ الراس .. حزنه محفور على معالم وجهه مغمض مقلتيه المتورمتان خافيا دموعه خشية من أن يحمل امه فوق طاقتها … ولكنها دوما ما تهزم خوفه .. تخشي ان تكون حملا عليه .. هى النهر الذي يعود اليه لينضفىء ..
فوجئ بابتسامه باهته مشقوقه من صخور الحزن الصلبه وهى تقفل المصحف وتقبله متمتمه ببعض الادعيه .. فقالت
– تعالى ياحبيبي .. واقف عندك ليه ..
تعكز على دعم صوتها ليصل لبين ذراعيها مجهشا بالبكاء
– معرفتش احمى خديجه ياام خالد .. انا وعدتها انها هتبقي بخير ومنفذتش ..
كتمت وجعها كعادتها وهى تربت على كتفه
– اجمد ياخالد … اختك اترحمت ياحبيبي .. كان عاجبك وجعها وصراخها فى نص الليل .. انا كنت بدعى ربنا يرحمها مم وجعها .. كده هضمن انها مش هتتوجع تانى .. افرحلها ياخالد
– كنت حاجزلها بره وهنسافر .. بس هى سافرت وسابتنى !! مكنتش عاوزه تشيلنى همها ..
اخرجته من حضنها بقوه .. واردفت بصوت مفعم بالجبروت
– اختك مااتت بسبب لدغه حيه !! صح ياخالد ..
– ده كلام جوزك .. ياعالم اللى مستخبى … بس ورحمة ابويا ما هسكت غير لما اعرف الحقيقه .. وحق اختى هيرجع تالت ومتلت ..
– ماهو الحق هيرجع ياحبيبي بس مش كيف ماانت مفكر ..
– خالد ياولدى قلبى عيقول لى اختك مامتتش زى ما قالوا .. اختككك
هتف مقاطعا : وغلاوتك لو اللى فى بالى صح .. ساعتها هحرق بنى سويف بناسها .. ولا هيوقفنى حد …
اخترقت باناملها ذقنه مكابحه دموع قهرها
– وده هيحصل وانت ضل لعمك اللى بارك على مال ابوك .. استقوى ياخالد واخلع توب القيم اللى ربيتك عليه .. داب فى ايامنا دى ..
ثم حضنته مرة اخرى وفيها انفجر باكيه بلهفة وشوق ام
– متخليش الحزن يكسرك .. خليه قوتك .. بناره احرق بيه الكل ..
ربت على كتفها مستمدا قوته منها
– هو ده اللى هيحصل ….
■■■
تتسلل رهف على اطراف قدمها بحرصٍ شديد تترقب ثبات عيونه المنغلقه وانفاسه الخارجه بهدوء فتأكدت من غوصه فى بحور النوم … اقترب من ( الكمود ) الموضوع عليه اغراضه الشخصيه وهاتفه فتناولتهم بحرص شديد وانظارها متعلقه به ..
اخذت غرضها وبدون مقصد سقطت مفاتيحه ارضا فتجمدت فى مكانها إثر حركه وانقلابه على الجانب الاخر متمتمه كثير من الادعيه بدون فهم خشيه من ينكشف امرها .. واصلت مهمتها بحرافيه ونجحت فى ان تنجو من أسوار غرفته المخيفه واقفه بجوار السلم متخذه انفاسها كشخص نجا من الموت تابعتها بابتسامه واسعه وهى تجلس فوق درجه السلم متابعه مهمتها …
فى احد المطاعم الفخمه على النيل تجلس عايده برفقة مياده محاوله خروجها من حالتها البائسه … قائله
– بصي ياديدى .. هشام حوليه بنات كتير اوى .. وكل واحده بتفكر ازاى تخطفه .. وانت بانسحابك هتسهليلهم الفرصه ..
اطرقت بمرارة خُزى : طنط هشام محاولش حتى يفهمنى .. انا مش فارقه فى حياة هشام .. ومش مجبره افرض نفسها فيها ..
نهضت عايده من فوق مقعدها لتجلس بجوارها
– بس ياعبيطه .. بلاش الشيطان يضحك عليك .. واحده زيك تاخدها حرب .. وهشام لو مكنش بيحبك كان هيستمر معاك كل السنين دى ليه !!
– هشام فاقد نفسه مش عارف هو عاوز اى .. اهى اى جوازة والسلام وكمان دعم بابا وجدى .. هشام مش شايفنى اكتر من صفقه …
شرعت عايده بالتحدث ولكن اوقفها صوت هاتف مياده .. تراجعت عايده بثقه وهى تضع ساق فوق الاخرى
– شوفى مين باعتلك مسدج ..
فتحت مياده هاتفها متأففه كأنها تؤدى مهمه رسميه مجبره عليها .. الى ان رات اسم المرسل فاتسعت حدقة عينيها وعاد سيال الحب يتسرب من تحت جلدها مرة اخرى .. رفعت عيونها لعايده للحظه ثم عادت بشغف تفتح رسالته باصبعها المرتعش إثر اقتحامه عالمها مرة اخرى
( اسمحيلى اعترفلك للمره الاولى واقولك بحبك .. وحقك عليا بس والله كل اللى حصل كان سوء تفاهم .. مش هعرف اشرحلك غير لما اشوفك .. متزعليش وانا واثق فى كوين عايده انها هتقنعك لحد ما ارجع من المهمه اللى طلعت فجاة دى مش عاوز اروح وانت زعلانه منى طلقه تيجى فى نص دماغى معرفش اصالح بعدها .. استحملتى الكتير فعدى دى كمان ياستى .. miss U my little princess.. اعتبريها تصبيره لحد ماارجع .. )
لم تعلم كم من الوقت استغرقته فى قراءة الرساله ولا عدد المرات التى تحاول فيها استعاب هوية المرسل !! ذلك الرجل غريب الأطوار .. شهيا بغموضه اغرقت به حد النخاع بدون ادنى مجهود منه .. فبرسالته هذه قطع مسافه هائله بينهما اعتادت ان تسيرها لوحدها … اتسعت ابتسامه عايده لبوادر نجاح خطتها التى بدت على معالم وجه مياده ..
فاطرقت عايده بغرور
– انا شايفه مفيش لازمه من القهوة اللى طلبتيها ونطلب عشا حلو كده ..
رفعت مياده عينها بذهول
– طنط .. دا هشام !! معقوله …
اتكأت عايده بمرفقيها على سطح المنضده
– ولسه .. هخلى الباقى مفاجأه .. نطلب عشا !!
اومأت مياده ايجابا بفرح شق قلبها وثغرها لنصفين .. عجيب سحر الرسائل الغير متوقعه من اشخاص غير متوقعين ، قادره على خلق جناحين بدلا من ذراعيك لتنقلم من قاع الحزن لقمم قصور الحب .. ان تشعل بك الف ساكن تعمدت اخماده طويلا حتى ظننت انه انتهى .. باتت روحها تغلى فلا تعلم هل كل هذا من غيابه ام من وجوده المفاجئ ..
– هتصل بهشام الاول اسمع صوته!!
اردفت عايده بسرعه : هشام فى مهمه .. واكيد هيخلصها هتتكلموا .. المهم انه رضاك ..
– اااه ياطنط .. ممتصوريش بحبه اد اى الغبى ده !!
اردفت عايده بخبث : ااه ما هو باين .. كام كلمه نسوكى الدنيا بدل منا بهاتى مع نفسي من الصبح على الفاضي ..
احتضنتها مياده بحب وقبلتها
– والله انت اجمل طنط فى الدنيا …
عودة الى رهف التى تتجول بهاتف هشام بحريه فى متجرات البيع لاحدث الماركات العالميه متحدثه مع نفسها
– مممم ااه الفستان ده كان عاجب ست مياده ورفضت تجيبه … ثم قالت مقلدة طريقه مياده فى التحدث .. ” اصله غالى اوى على هشام روفا ” ….
ثم اغمضت عينيها لبرهه بتوعد وهى تؤكد حجز الفستان باسم هشام
– طيب ادفع ياهشام .. عشان تزعل صحبتى تانى ..
ثم فتحت حافظه نقوده مستخرجه ( الكريديت كارت ) لديه ودخلت رقمها حتى اعتلى على ثغرها ابتسامه انتصار وهى تضع ساق على اخرى لتردف بغرور
– والله جيش مصر خسرك يابت ياروفااااا … ربنا يستر على هشام لما يصحى ومايروحش فيا السجن
■■■
عند زياد الذي يتجول فى المستشفى الخاصه التابعه لعائله السيوفى فتوقف متأففا إثر نداء نهى
– زياااد يااا زياد .. انت ما بتردش عليا ليه .
– اووووف خير يانهى .. انت معندكيش شغل !
وقفت امامه مغلوبه على أمرها
– زياد انت وحشتنى .. ممكن اعرف اى سبب المعامله دى !!
– نهى بقولك اى فكك منى ..
– اللى كان ما بيننا !!
– اى اللى بيننا ؟
ردت بنبره اقوى : متستهبلش !! زياد انا لسه بحبك ..
– ااه ماهو باين !!
القت نظره سريعه خلفها لتتأكد من عدم وجود احد ثم امسكت بيده وسحبته خلفها لمكان آمن .. تابع سيرها متسلحا بالتجاهل .. فاردفت بغيظ يتناثر من كل انش بها وهى تقف امامه
– زياد !! انت مش شايف علاقتنا بقيت بارده !! والسبب من مفيش ؟!
دنى منها خطوة هامسا فى اذنها بمنتهى الهدوء
– بارده !! غطيها يانهى … يلا عشان انا عندى شغل ومش فاضي للوكلك الكتير !!
تجمدت الدماء فى عروقها وهى تشعر بالعجز فقدت القدره على النطق الاستعاب الحركه .. دار بجسده متأهبا للذهاب .. فاوقفه ندائها
– ولو قولتلك موافقه على طلبك !!
دار برأسه اليها وعلى ثغره ابتسامه انتصار مردفا
– وقتها الكلام هيتغير .. وهتبقي نهى البنت اللى حبيتها بصحيح …
– طيب يازياد انا موافقه .. المهم اننا نرجع لبعض زى الاول …
■■■
” حفيدة ابليس ”
جالسه بالقرب منه عاقده ساقيها في منتصف مخدعهم مرتديه زيها القصير اللامع وتنظر له بعيون متسعه كالمها .
” فهمتني يازيدو عاوزه اوصلك ايه! ”
ابتسمت ماكره : نقول تاني العقل بيقول امشي سنة ولا تخطي قنة .. بمعني بلاش تضرب ضربتك القوية دلوقتي طلع كميه السلاح ع الاد ياخويا بلاها الضربه القويه وفي التأني السلامه .
اعتدل في جلسته باهتمام
” استني بس فهميني .. قصدك ايه ”
دنت من اذانه اكثر
” قصدي صيد الحكومه قبل ماتصطادك .. قدام الناس كلها زيدان نصير بيشتغل في ايه ؟! ”
رد بتلقائيه : في الارض والمحاصيل
هزت راسها نفيا: واي غيرها ؟!
قال متمتما : الخشب وجذع النخل .
لتقول بحماس : عليك نور .. يبقي تاهت ولقيناها من النجمه تجيب نجار شاطر كده ويفرغ جذوع النخل ويترص السلاح جواه وبنفس الشطارة يقفل عليه .. وعمر الحكومه ماهيخطر علي بالها ان جوه الخشب دا سلاح .. اي قولتك ياابو ايوب !!
غرق في بحر افكاره ثم نظر اليها بعيون لامعه
– يخربيت دماغك .. اي الدماغ دي !!
تمايلت عليه بدلال :” عشان تعرف بس انك ملكش في الدنيا كلها غير مهجه حبيبتك وروحت جريت ورا عيله كده ”
احتواها بذراعه في حنو :” ماانتي عارفه كلها مصالح .. بس بت الكلب دي لعتبها صح ومسيري هوصلها ومش هرحمها ”
– طب واللي يقولك تجيبها ازاي .. تعمله ايه ؟!
قهقهه بصوته الاجش :” اللي يعوزه بس اوصلها ”
نظرت له بعيون ضيقه بدلال :” هقولك بس خليها بكرة عشان النهارده بتاعي اما وانت بس ”
غمز لها بعينه وهو يدنو منها اكثر :” تعجبيني “
■■■
{ فى صباح اليوم التالى }
رفعت ناديه رأسها اخيرا من فوق سجادة الصلاه حاضنه قلبها راجيه منه الصبر والسلوان … وشلال من الدعاوى لابنتها بالرحمه والغفران .. اتكأت على عكاز الانتقام لتواجهه بشاعة العالم خارج غرفتها .. شرعت لفتح الباب ولكنها توقفت فجاة إثر صدى كلمات زيدان مع مهجه ..
– وانت كده ياخوى ناوى تعمل ايه !!
– هروح ابلغ عن الظابط .. اهو الهييه عنى هبابه .. عشان يعرف هو خطف مراة مين
باعجاب اطرقت قائله : هو ده الكلام ..
انتظرت ناديه اختفاء صوتهم حتى فتحت الباب متجهه نحو غرفة ابنها لتستفسر منه عما سمعته ..
“كإنكِ تزدادي في البعد اقترابا فأحببتك بقلب يريد وزمان يرفض فلا اجد حل لذلك الحب سوي ان اكرمه بدفنه”
جالساً في غرفته امام النافذه ينفث دخان سيجارته بضيق وحنقه .. امام عينيه يتفقد صورة اخته خديجه سابحا فى ذكرياته معها .. والصوره الاخري صورة محبوبته … فكلاهما اعلنوا الرحيل فى نفس الليل حتى بات قلبه من شدة الهجران عشًا لمساكن العنكبوت
دخلت امه ( ناديه ) بحنو : انت قاعد ليه وحدك يا ( خالد ) .. هو ده اللى اتفقنا عليه ياحبيبي ..
القي سيجارته من النافذه واستدار الي امه مبتسما ليري علي وجهها اجمل ابتسامه لم يراها علي امرأة بعد ، ذلك الملاك الذي لم يترك الزمن آثارا علي ملامحها بل ترك اثاره علي روحها الحزينه وقلبها المتهالك دائما قائلا
” مافيش حاجه ياست الكل .. عادي كنت بفكر في كذا حاجه كده ”
تنظر له بعيون ضيقه ممازحه : كل حاجه دي اللي هي ( فجر ) !! ولا خديجه !!
تنهد بوجع وهو يجلس علي المقعد المجاور
” عادي بقي اهم مشيوا وارتاحوا من قرف البلد دي ”
– طيب خديجه وكانت كل يوم تفتح شباكها للموت لانها كانت مستنياه .. فجر بقي اللى غريبه !!
رمقها بدهشه : بحسدك على ثباتك لدرجه انى بشك انها بنتك!!
– ايمانى ياخالد … ربنا احن من الكل .. وواثقه انه حقق لاختك دعاها ..
ثم جلست وهي تربت علي كتفه في حنو
” اما فجر عملت الصح ياولدي البت غلبانه ومكسورة الجناح ومكانتش هتخلص من ظلم( زيدان )”
شرد قليلا : عشان كده مقدرتش اقف في طريقها .
التفت لحديثه باهتمام : انت اللي هربتها يا ( خالد ) ؟؟
ارتبك ( خالد ) من سؤالها يريد ان يقص عليها مافعله لكنه تراجع في اخر ثانية
” متقلقيش ياامي .. لو كنت عاوز اعملها كنت عملتها من زمان علي الاقل كنت خلصتك انتِ من ظلم (زيدان) ”
هلع قلبها من كلماته
– متقولش كده يا(خالد) دا مهما كان عمك وهو اللي رباك ياحبيبي .
كانت انفعالاته مكبوته من ذلك الرجل معاون ابليس الذي طفح كيله منه ومن تصرفاته قائلا لها بعصبيه
– انت لسه هتقولى عمى وتدافعى عنه !! رباني من تجارة السلاح والناس اللي بتموت كل دقيقه بسببه! .. كون ثروته دي من قلوب اهل البلد اللي لحد دلوق الميه النضيفه موصلتش بيوتهم! .. اشتري كل الاراضي من الفلاحين بسعر التراب وشغلهم خدم فيها!! بت اخوه لسه مدفونه وبيتمرمغ فى حضن بت بحرى !! .. لا وكمان مرحمش راح يتجوز البت اللي حبيتها ليا ٤ سنين ولما راح معايا نتقدموا لها عجبته اتجوزها هو!! .. ولا انتي ياما بنت عمه اللي استولي علي ارضك وارض ابويا وبقيوا في حسابه و(خالد) بقي شغال عنده مرمطون في اراضي ابويا ومقدموش غير يقول نعم وحاضر والا هيكون ناكر لجميل عمه! .. اللي عملته (فجر) هتعمله غيرها الف وانا واحد من الناس دي مع اول فرصه همشي ومش راجع .
انخرطت عينيها من البكاء علي حال ابنها
– كل دا في قلبك ياولدي وساكت !!
قام يجوب غرفته ذهابا وايابا متوعدا
” كل دا كلام ياما .. لسه الفعل ! مصير الحق هيرجع لصحابه وانا وراه اذا كنتي انتِ ضعفتي بعد وفاة ابويا ووافقتي تتجوزي اخوه ، انا مش هقبل انك تعيشي الباقي من عمرك في سجن (ابن نصير )”
احتضنته وهي غارقه في بحور دموعها متوسله اليه
” بلاش ياولدي بلاش تقف في وش القطر وسيب المُلك للمالك .. انا لما فكرت حسيت انر برميك ف النار ”
ربت علي ظهرها في حنو
” قلقيش عليّ ياام خالد ولدك رجل ومستقوي بالحق ”
كلماته جعلتها تحتضنه اكثر فأكثر كإنها تود اطفاء نيران قلبها بماء حبها له ذلك املها وفلذة كبدها تعويضا عن ما فقدته
■■■
اقتحمت فجر غرفة هشام الذي يقف امام المرآه ينثر عطره الفريد ويهندم ملابسه .. فاردفت قائله بمرح
– اتش اخويا حبيبي .. شوفت مش النهارده كتب كتابك ..
رمقها بنظرة فى المراة ساخرا
– انت لسه مصحتيش من حلمك ..
اتكأت امامه على طرف التسريحه بثقه
– لالا ماانت اللى ما تعرفش انى حققت احلامى وانت غرقان فى النوم ..
نظر اليها بعيون ضيقه محاولا فهم مغزى كلماتها قائلا
– ما تصطبحى !!
لم تكد تجيبه … فرن هاتفه قطع حديثه .. القا الاثنين نظرة واحده على شاشه الهاتف .. استقبلتها رهف بابتسامه انتصار مشيرة بكفها بثقه
– ميااااده ..
انعقد جبين هشام مندهشا
– مياده !!!!!
عقدت ساعديها بتفهم : رد رد …
رمقها طويلا حتى امسكت هى بهاتفه وفتحته ووضعته على اذنه هامسه
– رد …
صدر صوت مياده المتيم بعدما فتحت رهف مكبر الصوت
– كل ده فى المهمه وسايبنى هتجنن عليك ..
اتسعت حدقة عينى هشام مذهولا محاولا ادراك ما حل فوق راسه .. فتقطرت الاهات من فمه .. فاشارت له رهف بمسايره حتى بدا كطالب بليد فى لجنه امتحان لم يعرف اسم الماده ..
بعدت رهف الهاتف عنه هامسه : قولها بحبك يامياده ..
جز هشام على فكيه للحد الذي شعرت فيه رهف بأنه سيضعها بينهم .. فعاود هشام الحديث معها قائلا
– يعنى انت مش زعلانه ..
إجابته بحب : تؤ .. ماانت صالحتنى خلاص ..
تحركت عينيه بحركه عشوائيه واقطبا حاجبيه بجهل تام عن ما تتحدث عنه قائلا بهمس
– مصالحتش حد انا !!
رهف بثقه : مانا قومت بالمهمه دى بدالك ????
مياده بتساؤل
– فى حد معاك ..
ارتفع صوت رهف قائله
– الفستان اللى طلبه هشام وصل !!
– ااه ياستى وصل وكنت مكلماه اشكره …
تدخل هشام سريعا ليهرب من المأزق : مياده سيادة اللواء بيرن اقفلى وهرجع اكلمك ..
– طيب يا هشام.. هستناك …
بمجرد ما قفل مع مياده القى هاتفه ارضا قابضا بغل على شعر رهف التى حاولت التملص صارخه تحت يده مناديه على امها ..
– فهمينى هببتى ايه .
اجابته بارتباك وجسد مرتعش : كلمت بسمه عشان تيجى تحضر كتب كتابك …
ضغط على شعرها اكثر
– بت انت اتعدلى وجاوبى عدل والا هكسر عضمك فى ايدى ..
حاولت ان تلطف الجو متواريه خلف فزعها
– اتش انا صلحتلك الدنيا ووفرت عليك مهمه تقيله اوى .. اشكرنى مش تكسر عضمى ..
زاد من ضغطه على شعرها فارتفع صراخها وهى تضرب الارض بقدميها متوسله
– شعرى ياهشام حرام عليك .. اااه يااماما .. افتح تليفون وانت تفهم ..
دفهها فى منتصف مخدعه متناولا هاتفه فأخبرته بفتح الرسائل … مرت عينه على رسالتها التى ارسلتها لمياده فشعر بأن شعر رأسه يحترق .. كل ما بداخله يثور
– نعمممممممم ياااختى !! اى المحن والكلام الفارغ ده …. miss u .. داحنا اللى هنقرا الفاتحه على روحك لحد ماتبقي miss u ….
زحفت رهف سريعا من فوق الفراش صارخه هاربه من حصار عينه المشعه بالشرار … هتف هشام متوعدا
– والله ياارهف لاربيك .. هتروحى منى فين !!
■■■
{ عودة للوقت الحالى }
– ايوة ياعلى .. خير !!
– انت فينك ياعم الحق مصيبه !!
نهض مفزوعا فلحقت به مياده بعد ما شُحنت بفضول لمعرفة هوية المتصل
– فى حاجه يا هشام!!
اشار اليها بكفه لتصمت مواصلا استماعه لحديث على المنفعل
– طيب طيب انا جايلك حااالااا …..
قطعه على الذي يلهث وياخذ انفاسه بصعوبه وهو يقود سيارته بسرعه جنونيه وتكاد نيران صوته تخترق الهاتف
– يا ( هشام ) البت اللى جبتها من يومين مغمى عليها وقاطعه النفس ..
يرد (هشام) مندفعا وهو يغارد كتب كتابه بدون حساب لاحد
” نهارها اسود ومنيل دانا لسه مفوقتلهاش ”
نهره رفيقه بقوة وبنفاذ صبر
– البت مغمي عليها او شكلها ماتت يا( هشام ) .
ثم اكمل ( علي ) حديثه مذعورا
– العسكري لقاها مرميه في الارض وببترعش وطبعا انت عارف ماينفعش اوديها مستشفي السجن ولا ايه مستشفي .. هندخل في س وج واساءه لاستعمال السلطه ياسياده الرائد ..
اردف بنفاذ صبر : قولت هتصرف ياعلى ..
يتبع…
لقراءة الفصل الخامس : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية ابن الجيران للكاتبة سهيلة سعيد