روايات

رواية ملاذي وقسوتي الفصل الثالث 3 بقلم دهب عطية

 رواية ملاذي وقسوتي الفصل الثالث 3 بقلم دهب عطية
رواية ملاذي وقسوتي البارت الثالث
رواية ملاذي وقسوتي الجزء الثالث
ملاذي وقسوتي
ملاذي وقسوتي

رواية ملاذي وقسوتي الحلقة الثالثة

“بس النجع هنا مليان بيوت وناس..
وبرغم كده المكان هادي وكل واحد قافل على
نفسه بيته ……”تحدث فارس وهو يتجول بعيناه في اركان هذهِ الغرفة الكبيرة ماتسمى بمجلس قاضي نجع العرب …

 

ابتسم سالم وهو ينفث سجارته مُجيباً بهدوء..
“فعلاً هي دي حيات البدو و الأماكن الصحراويه
مش زي المدينه خالص …”

 

أومأ له فارس بتاكيد ..

 

” ادخل ياحرامي ادخل ….”قال جابر جملته وهو يمسك مؤخرة عنق جلباب صبي في سن
الخامسة عشر عاماً ، دخل به الى سالم وفارس
الجالسين في قاعة المجلس الشاسع …

 

ساله سالم وهو يتفحص الصبي باعين ثاقبة…
“في إيه ياجابر ……ومالك مسكه كده ليه ..”

 

رد جابر بإحترام….وضيق من هذا الصبي…
“الواد ده بيسرق ياكبير التين من لأراضي
وبيبع اللي سرقة في سوق كل اسبوع بعد مايجمع ليه يجي تلات اقفصه من التين ….”

 

ظل يبكي الصبي بخوف ويتطلع على سالم بهلع
ثم بعد ان إنتهى جابر من حديثه ، جثى الصبي
على ركبته امام سالم وقبلى يده قائلاً
بدموع ورجاء…
“عشان خاطر سيدنا محمد بلاش تحبسني ابوس ايدك يابيه ، مش عشاني وللهِ بس عشان خاطر اخواتي الصغيرين..” نزلت دموع الصبي بكثرة وهو يقبل يد سالم الذي نزع يده فوراً عنه ونظر له بعتاب وهو يسأله…
” اسمك إيه ؟..”

 

“اسمي عمرو ….اناا عارف اني غلط لم سرقت بس محدش راضي يشغلني عنده بعد اللي عمي عمله
في ابويه بعد ماسرق ورثه… وطلع ابويه حرامي ، وانا ولله ماسرقت غير من ارض عمي عشان اأكل اخواتي اللي اصغر مني انا عارف ان السرقه حرام
بس كمان اخواتي جعانين وابوي لازم اجبله العلاج
اللي بياخده….حقك عليا ياقاضي نجع العرب بس انا كبير اخواتي وكان لازم اتصرف حتى لو هسرق ..”
مع كل حرف كانت تنزل منه دموع قلة الحيله وندم ولإنكسار ولخوف من قرار سالم وحكمه الوشيك عليه كان ينظر له بترجي، يترجاه ان يتركه فقط لإطعام أشِقّاءُ هذهِ كانت اقصى احلامه ان يطعم من هم اصغر منه مطوقين في عنقه ومسؤول عنهم …

 

نظر سالم له ثم قال بلهجة لا تنم على أي تعاطف
او تأثر معه…..

 

“احكيلي حكايتك ياعمرو عشان اعرف حكايتك قبل
ماحكم عليك بنفسي ؟!..”

 

ارتبك عمرو قليلاً بعد ان علم ان ليس هناك مفر
من عقاب سالم …..
“اناا كبير اخواتي وكنت في مدرسه وكان
ابويا وامي عايشين ومن كام سنه وانا عندي ١١سنه مات جدي وساب لينا عشرين فدان زراعي وبيت جدي الكبير …..وقتها كانت امي مريضه ومحتاجه عمليه ….راح ابويا عشان ياخد ورث جدي من عمي بس عمي استغل احتياج
ابويا وخد الورث بربع التمن ،وقتها ابويا باع بيتنا
الكبير عشان يكمل على فلوس العمليه ومصريف
المستشفى …. لكن امي ماتت بعد العمليه بأسبوع ورجعنا النجع وطلبنا من عمي يساعدنا رفض وأتهم ابويا بسرقه ومن ساعتها النجع كله بيتكلم علينا ان احنا بيت الحرامي وبناكل حرام
ومكنش قدامي حل غير اني اسرق من ارض عمي اللي هي ارض ابويه وعمي نصب علينا فيها وخدها منناا بأرخص تمن…. ”

 

سأله سالم باستغراب…
“وابوك ليه مش شغال….. ليه سابك تسرق ..”

ابتلع عمرو مافي حلقه قال بحرج…
“ابويا بعد موت امي تعب جامد بعدها… وللاسف مبقاش قادر يمشي من الضغط اللي حصله بعد فراق امي ونصب عمي عليه…. طلعت انا عشان اســ…”

نظر له سالم بعتاب واكمل عنه بخزي….
“طلعت تأكل اخواتك حرام وتعالج ابوك من الحرام مش كده ياعمرو ..”

نظر له بندم وايضاً بقلة حيلة …
فالحياة تختبره وهو مزال صغير على فهم اختبارتها له ماذا يفعل ان فقد الشخص الأمان والحنان معاً واصبح مسؤول عن صغار يحتاجون اليه ويتمنون
ان لأ يخزلهم….
رد بصدق عليه ..
“انا عارف اني غلط بس انا كنت عايز اساعدهم بقي طريقه..”

تنهد سالم ببطء ثم اخرج مبلغ كبير من جيب سترته واعطاه الى عمرو قائلاً بهدوء..
“خد ياعمرو دول عشان تجيب الاكل لاخواتك وعلاج ابوك كمان …”

ابعد عمرو يد سالم الممتدة له وقال بضيق
“انا مش عايز شفقه منك …”

نظر سالم لفعلته بصدمه وعصبيته المفرطة معه
في لحديث وايضاً فارس اندهش وهو يسمع الحديث من بدايته ولكن لم يتحدث ظل يستمع ويرى في صمت …..

توجه جابر نحو الصبي صاح بعصبية…
“انت اتجننت ياحرامي إنت ….حد يزق ايد الكبير
كده… ”

رد عمرو بجدية وهو ينظر الى سالم مره اخره تعمّد إلا ينظر او يتحدث الى هذا الجابر الذي لا يتفاهم معه أبداً ..
“انا مش عايز فلوس انا بس عايز اشتغل وصرف على اخواتي ورجعهم المدرسه من تاني ، انا عارف
انك في المصنع بتاعك مش بتعين شباب سنهم صغير بس انا ممكن اشتغل بنص تمن المرتب
الشهري بس الله يخليك شغلني وسامحني على
سرقتي لعمي …”

رد عليه سالم بخشونة …
“مالفلوس دي يااستاذ عمرو بتاعت مرتب الشهر لانك هتشتغل في المصنع من انهارده وكمان هخلي جابر يقدملك في المدرسة من تاني بس منازل يعني هتشتغل في المصنع وتدرس في لبيت واخر السنه هتنجح عشان متزعلنيش منك ،وكمان جابر بكره هينقلك انت واخوتك وابوك لبيت تاني ودي
مش شفقه ده لمصلحتي انا عشان عيني تبقى
دايماً عليك وكمان لان المصنع قريب من البيت ولمدرسه ، فاضل بقه موضوع اسامحك ممكن
اسامحك بس بشرط تنجح في كل حاجه ذكرتها
شغلك….درستك ….إخوتك…. مسئولية
ابوك وراعيتك ليه متقلش ….واكيد لو ثبّت نفسك في كل ده هسامحك ياعمرو …ها قولت إيه..”

ابتسم عمرو بسعادة وقال….
“اوعدك هعمل كل اللي طلبته مني كتر خيرك ..”

اشار سالم بيده الى رجل من رجاله الواقفين بجانبه اتى عليه احدهم
“سيد خد عمرو على المصنع وخلي المهندس علي يعلمه على مكنة الـ*** ..”

اومأ له الرجل وغادر هو وعمرو الى حيثُ المصنع

قال جابر بضيق ….
“ازاي تعمل كده بس معاه ياكبير دى عيل حرامي واكيد بيكدب …”

 

ضيق سالم عينيه ناظراً له بصمت قبل ان يسأله باختصار……
“بيكدب ازاي يعني الأرض اللي كان بيسرق منها
مش ارض عمه ..”

قال جابر بحرج
“ايوا ارض عمه…. ”

“طب يعني مش بيكدب لم إعترف ان سرق من ارض عمه ..”

رد عليه جابر بضيق…
“بس ياكبير احنا هنصدقه في حتة الورث ديه اكيد بيكدب عشان يفلت من العقاب ..”

نظر له سالم قال بشك …
“موضوع الورث ده انا هعرفه من الطرف التاني ”

ساله جابر بتوتر…
“اللي هو مين ؟ .”

رد عليه سالم ببساطة وهو يرمقه بشتكيك…
“عمه ! إيه مالك نبرة صوتك مش مريحاني ..”

رد عليه جابر بحرج ….
“عمه يبقى غريب الصعيدي ….وانا من رأيي
بلاش ندخل سكت غريب الصعيدي بلاش
دا راجل شراني ومش بيسيب حقه دا غير انه من
عرق صعيدي ومش بيتفاهم دايما رصاصه هو اللي
بيرد …..بلاش ياكبير ……”

ابتسم سالم بسخرية ورد عليه بسخط…
“اول مره اعرف ان دراعي اليمين دراع حرمة مش
راجل بشنبات ..”

اسلب عينيه جابر بحرج وهتف باعتذر……
“مش قصدي ياكبير انا مش خايف على نفسي
انا خايف عليك غريب الصعيدي غدار ولو وقفنا
على سكته هـ”

رفع سالم كفه للأمام كعلامةٍ تدل على أخرس
جابر عن المتابعة وبالفعل حينما سكت جابر هتف
سالم بصلابة وحزم……..
“خلّص الحديث لحد هنا غريب الصعيدي لو فعلاً واكل حق عمرو وأخواته يبقى انا اللي هجيبه ..
بس انا هأجل الموضوع لبعد بكره وساعتها هتصل بيك واقولك تجبلي غريب ازاي وعلى فين …”

غادر القاعة الكبيرة وبرفقته فارس يسير معه
وهو يتحدث إليه عن كل ماحدث داخل قاعة المجلس….

رد سالم بجدية….
“كان لازم اعمل كده يافارس إنت نسيت اني عشت
جزء بسيط من حكاية عمرو ، بس انا كان عندي أبويا وجدتي راضيه في ضهري وكمان حسن الله يرحمه كان معايا في كل خطوه فحياتي ..”
تنهد سالم بتعب لعله يقدر على اخراج ماضيه
الأسود مع عمه( بكر) وابنه( وليد )….

فلاش بااااك

“امضي يارافت بقه متتعبناش معاك ..”تحدث بكر شقيق رافت ووالد وليد بإقتضاب …

نظر رافت الى سالم ذو الخامسة عشر بقلة حيله ،
ثم وجه نظره الى شقيقه قائلا بترجي
“مش شايف يابكر ياخويه ان الفلوس قليله اوي
على الارض اللي ببعها ليك …ماانت عارف انها كل
ما أملك في ورث ابونا ..”

رد بكر بجمود ….
“مش عايز بلاش ….وخلي مراتك مرميه في المستشفى مستنيه عفو ربنا وحنية جوزها اللي بيبص على كام مليم زيادة ….مع اني شايف اني بديك اكتر من حقك لانك لأ اشتغلت في اراضي ولأ تعبت مع ابوك في حياتك زيي دايماً عايش في البندر وتعلمت هناك وجوزت وعشت كمان هناك وبعد موت ابوك جاي تطلب ورثك …… عجايب ..”انهى بكر كلامه وهو يمط شفتيه بسخط وسخرية للعينه….

 

ابتسم وليد قائلا بستهزاء…..
“امضي ياعمي بقه ورأنا مصالح تانيه مش نقصين
فقرة الشحاته اللي على الصبح…..”

تقدم سالم بغضب وكادَ ان يلكم وليد ولكن منع تقدُمه والده وهو يهتف له بترجي ….
“خلاص ياسالم خلاص يابني …… عفى الله عم
سلف ..”

صمت سالم ، و وقف بجوار والده بإحترام وظل يرسل الى وليد نظرات قاتله حارقة استقبلها وليد ببرود ساخر وشماته لإذاعة ..

مضى رافت على العقد واخذ نقود عملية زوجته
وخرج من الغرفة الى خارج البيت بأكمله…

كادَ ان يخرج سالم ويتبع والده ولكنه توقف
للحظات واستدار لهم قائلا بصرامه صادقة لا
تناسب عمره…..
“يمكن رافت شاهين هيخرج من نجع العرب وهو لايملك شئ فيه ….لكن سالم رافت شاهين هيرجع نجع العرب وهو اكبر واغنى واحد فيه …واعتبره ده وعد مني ليكم…..”

إنتهى الفلاش باااك

ابتسم سالم وهو يقود سيارته فقد تخلى عن حلمه فإن يكون طبيب مشهوراً في مجاله كي يصل لحلم وهدف أكبر في هذا النجع الكبير وقد حقق ماتمنى في فترة قصيرة وأصبح كما هو عليه الآن !! ….

قال فارس بصدق وإعجاب بصديق طفولته ..
“قدرت توفي بوعدك وبقيت اغنى واكبر واهم واحد في نجع العرب ، بجد تستحق اللي وصلت ليه
ياصاحبي ربنا ياقويك ..”

اومأ له بامتنان …وللحظة اتى في ذاكرته (حياة )وعبثه وعناده معها على مادة الإفطار
ابتسم وهو شارد ابتسامة لاول مره تشق ثغره نعم
فكانت ابتسامة من نوع خاص ! …

قال فارس بخبث بعد ان لمح شروده وابتسامته اليابسة……
“ركز ياشبح في سكه لحسان نعمل حادثه
وبعدين كفايه سرحان كلها ربع ساعه ونبقى قدام البيت ونشوف تيته راضيه مش كنت بتفكر برضو في تيته راضيه …” انتهى فارس من جملته بغمزة مراوغة…

نظر سالم الى الطريق ولم يرد عليه وتلاشت ابتسامته سريعاً…..
______________________________________
كانت تجلس حياة تقلب في شاشة هاتفها ببعضًا من الملل وهي تطلع بين الحين ولاخر على هذهِ الوقحة ريهام التي تجلس تشاهد التلفاز وتضع قدم على الأخره وكانها في بيتها …

قالت ريهام بخبث…
“إنتِ قاعده مستنيه إيه ياحياة ماتدخلي تنامي دا حتى الوقت اتاخر وكل اللي في البيت نامو دا حتى الضيف ده اللي اسمه فارس جه العصر اتغدى معانا ودخل اوضته مطلعش منها…”

ردت عليها ببرود ساخر…
“عنده دم بصراحه ، مش زي ناس قعده هنا من الصبح ودم عندها اتحول لمايه سقعه .. ”

ابتسمت ريهام بضيق على تلميح حياة وقالت بالامبالاة…
“انا من رأييّ تدخلي تنامي وتاخدي بنتك اللي
نايمه على الكنبه جمبك ديه على فوق ..”

زفرت حياة بضيق ثم ابتسمت بمكر قائلة…
“لا انا هستنى سالم عشان احضرله العشا
اصله محضرش معانا الغدى ومن ساعت ماطلع الصبح مرجعش وانا قلقانه عليه اوي …عندك اعتراض ياريهام استنى خطيبي ..”

 

ضحكة ريهام بسخرية قائلة…
“ده إيه البجاحة دي خطيبك قوام كده نسيتي حسن ابن عمي الله يرحمه ابو بنتك ..حكم هنتظر إيه من واحده لا ليها اصل ولا فصل …”

كادت ان ترد وتعنفها ولكن هناك صوت جهوري
صاح بحدةٍ باسم هذهِ الوقحة
“ريــــــهــــــام ..”

نهضت ريهام ووضعت الحجاب بطريقة عشوائية على راسها واتجهت إليه قائله بابتسامة مهزوزة… وصوت ارغمته على ان يكون ناعمًا الى ابعد حد
“حمدال على سلامتك ياابن عمي ..”

اول ما اصبحت امامه مسك ذراعها بقوة
قائلاً بغضب صارم….
“انا مش مية مره قولتلك بلاش تلغبطي
في كلام مع حد من أهلي ..واي حد يخصني… ”

فغرت حياة شفتيها من الكلمة برغم من تشفيها
في ريهام إلا ان كلمة (تخصه )لم تروقها ابداً بل اغضبتها لانها لأ تخصه ولأ يملكها رجل بعد زوجها الراحل !…

نظرت ريهام له بإرتباك ثم قالت باعتذار… ..
“حقك عليه ياابن عمي ، بس انا عصبيه شويه ماانت عارف و…”

“انتِ مش غلطانه فيا انا ، أنتِ غلطِ فى مراتي ولازم تعتذري ليها …”
قاطعها بهذه الجملة التى اثارتها غضباً
داخلها ولكن حاولت الظهور امامه بوجه يملأه الندم وطيبة ثم قالت وهي تلتفت الى حياة…
“حقك عليه يامرات سالم مكنتش اقصد ازعلك .”

شعرت حياة بغصة حاده لأ تقدر على بلعها ليس
من تأسف ريهام ، فهي تعلم انه زائف مثل كلماتها
ولكن كلمة (مرات سالم )نعم ستكون زوجته عاجلاً ام اجلاً ستكون غداً ستكون ملكاً له !..

نظر الى ساعته وهو يقول لها بضيق….
“أنتِ مروحتيش ليه ياريهام لحد دلوقتي…. .”

انحرجت من سؤاله ثم قالت بتلعثم..
“اصل الوقت خدني وانا قعده اتكلم مع حياة فى محستش بالوقت ..”

رفعت حياة حاجبيها من هذه الكاذبة المخادعه
أمامها ….

قال سالم بزفرت حنق…..
“طب اطلعي نامي في اوضتك اللي كنتِ دايماً بتيجي تباتي فيها ..”

نظرت له بإبتسامة رقيقه وهمست برقه ناعمة
“تسلم ياابن عمي …..تصبح على خير ..”

صعدت الى فوق بهدوء وتمايلت في خطوتها ظنٍ منها ان سالم يتطلع عليها ولكن كانت عيناه تطلع فعلاً ولكن على هذهِ الحياة التي حملت ابنتها على يداها متوجها بها الى الأعلى حيثُ غرفتها هي وابنتها ..

اوقفها سالم قائلاً بخشونة
“على فين ؟…”

وقفت ونظرت له باستغراب مجيبه…
“هيكون على فين…. على اوضتي هنام انا وبنتي
في حاجه ..”

نظر لها قال ببرود
“ااه فيه انا جعان ”

ارتبكات قليلاً ثم قالت بهدوء
“طب الخدم كلهم ناموا و…”

 

 

“مين قال اني عايز الخدم… حطيلي إنتِ الأكل ولا صعب ..”رد باقتضاب واقترب منها وحمل ورد
على ذراعه بخفه عكسها تماماً قال بضيق منها …
“بلاش ورد تنام بره اوضتها تاني وتبقي مضطره تشليها على دراعك البنت كبرت واكيد تقيله على أيدك.. .”

نظرت له بعدم فهم …

صعد على السلالم وهتف بأمر بارد…
“حضريلي الأكل وهاتيه على اوضتي ”

اغمضت عيناها بضيق وهي تتمتم بضجر…
“اوضته تاني …استغفر الله العظيم يارب …هو بيتلكك ده ولا اي……”

وضع الصغيرة في غرفة والدتها ودثرها جيداً بالغطاء ثم أخفض الأنوار حتى لا تخشى من الظلام
الكاحل….

توجه فوراً الى غرفته لياخذ حمام بارد يمحي
به اثر تعب اليوم مابين المجلس للمصنع ومناطق
اخره من المفاوضات بين عائلات كبيرة في لنجع
أدى كل هذا الى تأخره خارج المنزل الى نصف الليل ….

ارتدى ملابسه بأكملها ثم مشط شعره امام المرآة وهو يتنهد بتعب قبل ان يستلقي على الفراش بإرهاق منتظر الطعام حتى ياكل وياخذ قسط من الراحه فاليوم كان يدور هنا وهناك بدون ان يأكل او حتى يستريح قليلاً…..

طرق خفيف على الباب رد عليه تعب وارهاق
قائلاً “ادخل …”

دخلت حياة بحرج الى غرفته وجدت سالم مستلقي على الفراش بتعب وارهاق واضح عليه وضعت صنية الطعام على طاولة الصغيرة وقالت بهدوء
“الأكل يادكتور سالم …”

نهض وجلس على الفراش قائلاً بتعب واضح
“حياة مفيش معاكِ برشام صداع ، دماغي وجعاني اوي …”

“عندي بس كل الاول عشان تاخد البرشام وتنام على طول …”قالت جملتها وهي تضع الصنية امامه …..

رد بهدوء وارهاق وطريقة حديثه الهادئة صدمتها
ولكن اقنعت نفسها انه بسبب وجع راسه ليس إلا

“مش عايز اكل معلشي روحي هاتي البرشامه الأول عشان مش هعرف اكل وانا تعبان كده ..”قال بلهجة
هادئه..

ابتسمت وهي تغمغم بداخلها بدعاء..
“يارب تفضل هادي كده دايماً .، يلا هساعدك عشان خاطر بس زعيقك ونصرك ليه قدام الصفرا بنت عمك ..”

حملت صنية الطعام مره اخره بعيداً عنه
ثم قالت بفتور وهي تضع الوسادة على فخذيها
قائلة بحرج …
“ممكن اعملك مساج لراسك وان شاء الله الوجع يروح وتعرف تأكل ولو رجع الصداع تاني خد
برشامه ونام بس انا وثقه ان بعد المساج ده هيروح …”

ظل يتطلع عليها قليلاً اهيَ جاده يضع رأسه في
في أحضانها لم يفعل هذا مع اي امرأه إلا والدته منذ زمن هي من كانت حين يشتكي من راسه يضع راسه في احضانها وتبدأ باصابعها الحنونة تخفي الالم من رأسه بسحرها الخالص …

نظر لها بشك وتعب متسائلاً….
“بتعرفي …”

اومأت له بحرج وابتسامة بسيطة
وضع راسه على الوسادة التي تضعها على فخذيها
حتى لا تزيد الحرج عليها اكثر ….
بدأت تدلك ببطء كل أنشأ ولو صغيره في راسه باللطف وحنان ينبع من اسفل يداها الناعمة….

 

 

شعر وقتها براحه وكان الآلم يمحى بعد لمست اصابعها لكل انشأ في راسه ابتسم براحه وارتخت ملامح وجهه الذي كان يعتريها الإرهاق منذ دقائق فقط …

بعد اكثر من ربع ساعة كان يشعر ان كل الاوجاع أختفت بعد لمساتها الحانية وكاد أيضاً ان يغفى
بين يداها الناعمة ولكن همست له برقةٍ لا تخلو من التوتر……
“بلاش تنام يادكتور سالم كُل الأول وبعدين نام ..”

فتح عيناه محدق الى بنييتان عينيها الامعة ولأول مره يرى هذه الملامح عن قرب جميله ومن ينكر هذا الجمال البسيط المجذب لي اي عين تراها بهذا القرب وبرغم من انها تلف حجابها بأتقان حول راسها الى ان بعد الخصلات تنزل منه حتى تكمل صورت حياة بحق الحياة امام عيناه الشاردة…

ارتبكت من تفحصه الجريء هذا إليها نهضت فجآه قائله بحرج وهي تضع امامه الطعام
“اتفضل كل انا لازم امشي ..”

كادت ان تذهب اوقفها صوته سائلا…
“راحه فين ..”

نظرت له بدهشة وقالت…
“اكيد على اوضتي …”

نظر لها بشك وتسائل..
“إنتِ اتعشيتي؟ ..”

“لا، اصلي مش باكل بليل ….شكراً..”

مسك معصمها واجلسها رغمًا عنها قائلا بتحكم
“مينفعش معايا الكلام ده …تعالي كُل معايا… ”

نظرت له بضيق وهتفت بعناد
“بس انا مش جعانه ،وياريت متغصبش عليا في حاجه انا مش عيزاها…..”

نظر لها بحدةٍ من هذا العناد الذي يظهر دوماً امامه ، قال ببرود عكس مابدخله ..
“يعني إيه ياحضريه بتعصي أومري مثلاً ؟”

كادت ان ترد ولكن لمحة طيف الغضب يحتل
وجهه وعيناه السوداء تذيد سواد قاتم محذر إياها بتحذير مهيب….

ردت بعد الأستغفار قائلة ببعضٍ الهدوء…
“انا مش بعصي اوامرك انا بس عايزه اقول اني ..”

وضع المعلقه في الارز وقربها منها قال بتحكم
“ومتقوليش حاجه كُلي وكفاية كلام ..”

فتحت فمها بصدمه لي تتلقى اول معلقة منه
عنوة عنها حدقت به بغرابه قائله ..
“إنت هتاكلني ..”

وضع المعلقة في فمه هو ايضاً
ورد عليها قال ببرود …
“للاسف مفيش غير معلقة واحده وهناكل منها احنا الأتنين وبما ان حضرتك معترضه انك تاكلي بليل
فأنا من رأيي اكلك بنفسي ….افتحي بوقك. .”
قال اخر جملته وهو يضع في فمها اللحم ..

انحرجت من افعاله وتمتمت قائلة بخجل حتى
تهرب من هذا المأزق ..
“طب انا هروح اجيب معلقه تانيه يعني
مينفعش ناكل من نفس المعلقه …”نهضت وهي تتحدث أمسك معصمها واجلسها مره اخره على الفراش امامه قائلاً ببرود…
“مفيهاش حاجه لو كلناا من نفس المعلقه ..بلاش تحاولي تشتغليني عشان عيب ..”نظر لها بتحذير

ظلت تاكل تارةٍ من يده وياكل هو وعيناه لاتفارق وجهها الخجول ، هو يعلم ان مافعله تحدي وعناد
لها ليس إلا ولكن كان الطعام معها وبمفردهم
لأول مره له احساس من نوع اخر …

قال باستفزاز وهو ينظر لها ببرود
” الحمدلله ……شكراً ياحضريه على الأكل ..”

نظرت له بإمتعاض واومات له بإبتسامة صفراء
حملت الصنية وكادت ان تخرج نداها قائلاً بأمر ..
“ودي الصنية وعمليلي كوبية شاي تقيله ، بس بسرعه قبل ما انام …”

اومات له ببرود ….
وخرجت وهي تلعن نفسها وليوم الذي تزوجت به حسن لتقابل هذا المتعجرف عديم الأحساس ..
ولكن بعد ان دلفت الى المطبخ اتى في بالها
فكرة شيطانيه فأبتسمت بخبث وتوعد له….
…………………………………………………………
وقفت ريهام في شرفة الغرفة تتحدث في
الهاتف بحدةٍ قائله لاخيها..
“يعني إيه ياوليد امشي اليوم كده عادي من
غير حتى ماحاول اوقف الجوازه إنت عايز
تقهرني…..”

رد وليد عليها من الناحية الاخره قال بصرامة
“ماتعاقلي بقه ياريهام اصبري لحد مايتجوزها وساعتها هنوقع مابينهم …وبعدين بلاش تنسي مصلحتنا احنا الاتنين أنتِ عايزه سالم وانا عايز حياة فا نصبر شويه وبعد جوازهم انا أخطط وأنتِ تنفذي ، وحاولي على قد ماتقدري تطولي في القعده عند سالم عشان التنفيذ يبقى اسهل …”

سالته بشك
“طب وابوك هيوفق على قعدتي هنا في بيت
رافت شاهين ..”

ضحك وليد وقال بسخرية…
“ابوكي نفسه تفضلي في بيت رافت شاهين على طول عشان يرجع حبل الود مابينهم ومصالحة تمشي تاني معاهم….يعني لو اتجوزتي سالم ابوكي اول واحد هيستنفع من النسب ده فاركزي إنتِ بس معايا وسيبي حوار ابوكي ده على جنب ..”

****

صعدت الى غرفته وهي تبتسم بمكر وتحمل
بين يداها كوب الشاي الذي طلبه منها….

طرقة على باب غرفته اذن لها بدخول ، دلفت ووضعت كوب الشاي امامه وقالت بهدوء غريب
عليها ..”تأمر بحاجه تانيه يادكتور سالم ..”

نظر لها بشك ثم رد عليها قال بالامبالاة …
“لا شكراً ، روحي نامي بقه عشان الوقت اتأخر
وإنتِ بتصحي بدري ..”

تمتمت بتبرم وهي تخرج من الغرفة…
“ياسلام على الشهامة لسا فاكر ان الوقت اتأخر واني بصحى بدري….حلال فيك اللي هيحصلك بعد الشاي….”

ارتشف الشاي بإستمتاع وبعد ان انهى كوب الشاي
ووضع راسه على الوسادة ليأخذ قسط من الراحة
قليلاً وكاد ان يغرق في نوم إلا انه استيقظ فجأه
وهو يدلف الى المرحاض ممسك معدته التي
تتلوى من داخل بقوة وضطراب مسببه له وجع
غريب لن يرتاح منه إلا بدخوله إلا الحمام….

خرج من المرحاض بعدها بدقائق ممسك معدته
بتعب والارهاق زاد وتضاعف على وجهه…شرد
بعينيه للباب المغلق خلفها وهو يلفظ بتوعد …
“اقسم بالله ماهفوت المقلب السخيف ده ياحضريه

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ملاذي وقسوتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *