Uncategorized
رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع بقلم دعاء الكروان
رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع بقلم دعاء الكروان
![]() |
رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع بقلم دعاء الكروان |
رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الرابع بقلم دعاء الكروان
ذهبت سهام إلى زينة فوجدتها قابعة بغرفتها تنتقل بين صفحات المجلات بملل شديد ، فأخبرتها بأن على باشا يريد مقابلتها فى أمر هام ، عقدت حاجبيها بتعجب؛ فهى تعرف علي و تحدثت معه مرارا أحاديث عابرة فى اﻻوقات القليلة التى كانت تنزل فيها لصالة الملهى ؛ و لكن لم يسبق و أن طلبها خصيصا للتحدث معها ؛ فأردفت سهام قائلة :
ـــ ما تروحيله يا زينة و انتى تعرفى هو عايزك ليه ؟
قطبت جبينها تخمن سبب طلبه مقابلتها :
ـــ غريبة أوى .. ليكون عايزنى عشان …
قاطعتها سهام سريعا مصححة لظنها السيئ به :
ـــ ﻻ ماتخليش مخك يروح لبعيد ..على بيه راجل محترم و بيعتبرك زى بنته و عمره ما اتكلم عليكى ف حاجة زى كدا و ﻻ حتى لمحلى مجرد تلميح .
ابتسمت بسخرية و أردفت باستهزاء :
ـــ ها .. هو فى راجل محترم هييجى هنا برضو ..؟!
أثارت هذه الكلمات حنقها فصرخت بها:
ـــ جرى ايه يا بت ؟ ..بتتبطرى ع المكان اللى لحم كتافنا كلنا من خيره و ﻻ إيه ؟
اضطرت أن تخضع لأمرها حتى ﻻ تتمادى ف حديثها اللاذع العقيم عن فضلها فى تربيتها و تحملها لأعباء مصاريفها و دراستها و فضل هذا الملهى الليلى عليها و قالت باستسلام :
ـــ خلاص يا خالتى انا رايحاله اهو ..يختيى ؟؟
أجابتها و هى تضع يديها على خصرها مردفة بغضب وغيظ :
ـــ يك خوت … انجرى يلا.
انصرفت زينة الى حيث المكان الذي يجلس به على الرفاعى و عندما وصلت اليه وجدته منكبا على هاتفه بتركيز فى احد مواقع التواصل الاجتماعي ، فحمحمت قائلة :
ـــ احم… إزيك يا على باشا ؟!
رفع ناظريه من الهاتف و كاد أن يرد عليها ، إﻻ أن الكلمات توقفت بحلقه عندما رآها تقف أمامه بطلة تخطف اﻷنفاس من فرط براءة ملامحها و جمالها اﻷخاذ فى آن واحد رغم حشمة ملابسها.
أدرك حينها أنه قد أحسن الاختيار ؛ فمن يرى زينة و طفولة ملامحها و براءتها ﻻ يمكن أن يصدق أنها نشأت و تربت فى ملهى ليلى ، و بذلك لن يكتشف يوسف خدعته بسهولة .
بينما كان شاردا فى بحر أفكاره اللعينة ، استفاق على هزة بسيطة من يد زينة ، فحمحم بحرج :
ـــ آسف يا زوزة سرحت شوية ..
أشار الى المقعد المقابل لمقعده قائلا:
ـــ إقعدى إقعدى واقفة ليه ؟؟
احتدت نبرتها قليلا و هى تسأله :
ـــ خير يا باشا ؟ .. كنت عايزنى ف إيه ؟
ـــ رفع حاجبيه قائلا باستنكار :
ـــ يا بنتى إقعدى هو أنا هاكلك ؟!
أومأت باستسلام و هى تجلس قائلة :
ـــ حاضر يا باشا .. آدى قاعدة ..
أدار دفة الحديث بمقدمة ماكرة حتى تطمئن له و لا يثير ريبتها قائلا :
ـــ اﻷول يا زينة ، قوليلى انتى أخبارك إيه ؟ مبسوطة هنا ؟!
رمقته باستغراب :
ـــ ﻻ مؤاخذة يا باشا يعنى… إيه ﻻزمته السؤال دا ؟
جحظت عيناه تعجبا من دهائها فأدرك حينها أنه لن يكون من السهل عليه اقناعها بلعبته، فأردف بإعجاب من ذكائها:
ـــ باين عليكى ذكية و مش سهلة كمان ؟
أومأت بثقة و نسجت بعض الكلمات التى أظهرت ما عانته من قهر قائلة:
ـــ الدنيا علمتنى ما آمنش لحد بسهولة .. الناس كلهم غدارين ، و بالذات بقى الرجالة .
عقد ما بين حاجبيه متسائلا:
ـــ ليه بقى ؟! ..حد منهم غدر بيكى ؟؟
ابتسمت بسخرية مريرة و بسطت له كفها تحصى على أصابعها بشجن و غصة مريرة تقف بحلقها:
ـــ يااااه .. أبويا غدر بأمى ، و عم سيد الله يرحمه ربانى و غدر بيا ف اﻻخر لما كان عايز يشغلنى ف الكباريه ، حتى جلال غدر بيا لما عملى احتكار و حكم عليا يا أتجوزه هو يا مفيش جواز خالص ،
اقتربت منه أكثر برأسها مردفة بخفوت:
ـــ أقولك حاجة كمان يا باشا ؟! .. كل الرجالة اللى بيسهرو هنا ؛ كلهم غدارين و خاينين و ما يملاش عينهم اﻻ التراب
رفع حاجبيه باندهاش مردفا و هو ينفث الدخان من فمه ببطئ :
ـــ ياااه .. دا انتى مليانة من ناحية الرجالة أوى..
صمت لبرهة يقلب كلماتها برأسه يحاول أن يجد لهذه المغارة القابعة أمامه مدخلا تمكنه من الوصول لأعماقها فاستأنف حديثه بغموض:
ـــ حبيتى قبل كدا يا زينة ؟
قهقهت زينة على إثر هذا السؤال حتى أنها لم تستطع اﻻجابة عليه من فرط الضحك ؛ فقال لها علي باستغراب:
ـــ إيه يا بنتى هو انا بزغزغك ؟! و ﻻ يكونش قولتلك نكتة و انا مش عارف ؟!
ردت عليه بصوت منقطع من الضحك :
ـــ ههههه .. انت بتقول فيها يا باشا ، ههه أما دى حتة نكتة ؟؟ .. ههه ، قال أحب قال ؛ مفيش راجل يستاهل انى أحبه أو أفكر فيه حتى .. يعنى بعد كل اللى قولتهولك دا و لسة بتقولى حبيت ؟؟!
ابتسم على براحة و إطمئنان بعدما سمع منها هذا التصريح، فذلك كل ما يتمنى ان يسمعه منها ؛ و كأن كل الخيوط تتضافر من أجل تنفيذ مخططه ضد غريمه يوسف . و راح يملى عليها ما يريده منها ..
فى لندن …
أجرى يحيى مكالمة هاتفية مع عمار…
بدأ حديثه بمرح قائلا :
ـــ إزيك يا عمورى عامل إيه ؟؟
ـــ والله كتير منيح يا يحيى ، إنت ايشلونك ؟
ـــ أنا كمان منيح .
ضحك عمار لتقليده المرح و أردف:
ـــ طالعة من تِمَّك بتجنن .
ـــ تسلم يا حبيب قلبى ، ها علاء زميلك جيه و ﻻ لسة؟
ـــ ايه ايجا اليوم مع صفوت بيك و بنته كمان .
ـــ تمام أوى ؛ يعني هنسهر سوا الليلة؟
ـــ إن شاالله .. بس خلينا نسهر بالكافيه ؛ ﻷن ديما خانم بنت صفوت بيك راح تكون موجودة بالكافيه بالمسا ، و أبوها وصانى دير بالى عليها لحتى ما يضايقها حدا .
عقد حاجبيه باستغراب:
ـــ و أبوها ما ياخدش باله هو منها ليه ؟
أردف عمار موضحا :
ـــ ﻷنه بفترة المسا بيكون مشغول شوى باجتماعاته مع الجالية الفلسطينية هون بالكافيه .
ـــ خلاص اوكى يا عمورى .. بشوفك المسا بالكافيه .
ضحك على تقليده للكنته مردفا :
ـــ أوكى فى انتظارك يا زلمة ، باى …
عودة لعلى الرفاعى و زينة فى الملهى الليلى …
تململت زينة فى جلستها فى انتظار سماع طلبه فاردفت بنفاذ صبر:
ـــ مش هتقولى بقى يا باشا عايزنى ف إيه ؟
اعتدل بجلسته و استند بذراعيه على الطاولة و اقترب برأسه و أردف بهمس و تركيز:
ـــ عايزك تساعدينى ف حاجة تهمنى أوى ، و انا مش هبخل عليكى باى حاجة. . يعنى م اﻻخر كدا طلباتك أوامر ، بس خلى همتك معايا كدا ، و دماغك مصحصحة للى هقوله و تركزى معايا كويس أوى.
قطبت جبينها باستنكار و احتدت نبرتها قليلا قائلة:
ـــ مش أفهم اﻷول حاجة ايه دى اللى عايزنى فيها ؛ و بعدين أشوف هوافق و ﻻ ﻷ ؟!
ـــ رمقها بغيظ مردفا :
جرا ايه يا زوزة ؟ .. هتسوقى عليا الدﻻل من أولها كدا ؟
تراجعت حدتها و لانت نبرتها قليلا ثم قالت :
ـــ العفو يا باشا مش القصد ، بس فهمنى ع العوبارة و ان شاء الله مش هنختلف .
تنهد براحة قائلا :
ـــ أيوة كدا خليكى معايا ع الخط .
أومأت برأسها بالايجاب و أردفت باستسلام :
ـــ و أنا تحت أمرك يا باشا .
راح يقص عليها عداوته مع يوسف و ذلك الفيديو الذى يهدده به ، و بالطبع لم يخبرها بحقيقة شخصية يوسف ، و إنما زيف لها الحقيقة و لوثها بسواد قلبه و سريرته مستغلا نقطة نفورها من الرجال و انطباعها السيئ عنهم قائلا:
ـــ فى منافس ليا ف السوق عنده مجموعة شركات كبيرة ، حاططنى ف دماغه ، و مبوظلى صفقاتى و مناقصاتى ، و اﻻدهى بقى انه ماسك عليا فيديو ﻻ مؤاخذة يعني ، و عايز يفضحنى بيه
زاغت عيناه فى الفراغ و أردف و هو يصتك أسنانه بغل و كبرياء:
ـــ و انا بقى عايز أربيه و أعرفه مين هو على الرفاعى و ازاى يستجرا يعمل معايا أنا كدا.
انكمشت ملامحها باستغراب مردفة بعدم فهم:
ـــ و أنا دخلى ايه فى دا كله يا باشا .
أجابها بنفاذ صبر :
ـــ إسمعينى للآخر و متقاطعنيش يا زينة .
أومأت له زينة بالايجاب دون ان ترد و طالعته بأعين متسعة من شدة التركيز .
أردف يشرح لها و الغل يملأ قلبه و يفيض:
ـــ دلوقتى انا عايز أعمله فيديو زى اللى بيهددنى بيه .. وانتى اللى هتساعدينى فى كدا .
جحظت عيناها من الصدمة و رمقته بازدراء حين فهمت سوء نيته وكادت ان ترد عليه و لكنه سبقها قبل ان تتحدث مصححا سوء فهمها :
قبل ما تتكلمى و تقولى اى حاجة ، انا عارف ان انتى مالكيش ف الشمال ، انا عايزك بس توقعيه ف حبك و واحدة واحدة هتسحبيه لهنا و انا عليا الباقى ، متخافيش مش هورطك في حاجة كدا و ﻻ كدا لاسمح الله .. ها قولتى ايه ؟
عقدت حاجبيها بريبة مردفة:
ـــ يعنى يا باشا من وسط كل البنات اللى هنا اللى يوقعو اجدعها راجل ؛ تختارنى انا اللى عاملة زى المدب مع صنف الرجالة ؟!
على باقناع :
ـــ يا بت البنات دول كلهم كروت محروقة و معروفين و بعدين كلهم أشكالهم يعنى أستغفر الله العظيم زى اللى نازل عليهم غضب ربنا ..تؤتؤ ماينفعوش خالص .
صمتت لبرهة تفكر ثم سألته و القلق مسيطر عليها :
ـــ اممم.. هو بييجى هنا يا باشا ؟؟
على :
ـــ ﻷ ، عمره ما دخل اﻻماكن دى .
قطبت جبينها باستغراب :
ـــ إزاى بقى ؟ .. هو فى راجل غنى مبيدخلش الاماكن دى ؟
أردف بخبث و دهاء حتى يشحنها بكرهه و يثير اشمئزازها ناحيته:
ـــ أصله عامل فيها راجل مستقيم عشان يحبب الناس فيه ، و هو مقضيها من تحت لتحت ابن اللذين . يوسف دا مش سهل ، اللى يتعامل معاه يفتكر انه جد و مالوش ف الهلس ، و هو مقطع السمكة و ديلها وﻻ حد دارى بيه ، عشان كدا عايزه يبان على حقيقته اللى عاملى فيها شيخ دا.
انكمشت قسمات وجهها باشمئزاز :
ـــ إخييه ، مبكرهش ف حياتى يا باشا أد الراجل المنافق دا.
إستطاع على بحِنكته و دهائه أن يُثير حماستها و يُحفزها نفسيا لتتحدى نفسها فى الايقاع برجل يَدَّعى الاحترام و الفضيلة كما لَقًنها منذ قليل، فأردفت بحماسة:
ـــ انت كدا هتشوقنى انى أظهره على حقيقته و أجيب مناخيره اﻷرض… عشان تعرف بس إن عندى حق ف كلامى عن غدرهم ، نفسى أقابل راجل محترم بجد مش بيمثل اﻻحترام .
أجابها بمكر الثعالب و خبث الشياطين :
ـــ ما أظنش هتلاقى يا زوزة .
تحفزت أكثر لبدأ التحدى و أردفت :
ـــ اه… المهم يا باشا هنبدأ إمتى و هعمل إيه بالظبط ؟.. فقد أعجبتها هذه اللعبة، أما على فقد تفاجأ كثيرا من حماستها ، و لكنه كان فى قمة سعادته ، فاﻷمور تسير معه بمنتهى السلاسة كنصل السكين الحار الذى يذيب قالب الزبد فور انغراسه بها ، فلو كان ينوى خيرا ما كانت اﻻمور لتسيير معه بهذه السلاسة .
راحت زينة تستمع بكل آذان مصغية لما يمليه عليها هذا الشيطان اللعين ، ينفث سمه فى أذنها و يجعلها تظن بيوسف أسوأ الظنون ، و أخذ يلقنها دورها كما لو كانا سينفذان مسرحية تقوم هى بدور البطولة و يقوم هو بتأليفها و إخراجها .
إطلع الاثنان على السيناريو المتفق عليه ، و اتفقا على بدء التنفيذ فى الغد القريب ، كما إشترطت عليه زينة أن تحصل على مبلغ مالي كدفعة أولى نظير هذه المهمة ، و أﻻ يعرف جلال بهذه اللعبة حتى ﻻ ينكشف أمرها أو يقوم بمضايقتها أو حتى يساومها على ما سوف تحصل عليه من مال .
غادر على الملهى الليلى بعدما إكتمل مخططه اللعين على أفضل ما يرام، و اتفق مع زينة على تفاصيل اللعبة و طريقة الدخول الى عالم يوسف سليمان.
بينما زينة غادرت إلى غرفتها فشهقت بفزع و اخذت تتفل فى صدرها عندما باغتها جلال بامساكها من رسغها و هى تقبض على مقبض باب غرفتها صارخا بها: ـــ انتى استأذنتينى قبل ما تنزلى الصالة ؟ ها ؟!
سمعت سهام صراخه فأسرعت اليهما بهلع خوفا من أن يكشف اتفاقها مع على فأردفت مدافعة عنها بصياح يتوارى خلفه قلقها البالغ :
ـــ جرى ايه يا جلال، يعنى ما تفكش عن نفسها شوية ؟ دى يا حبة عينى محبوسة ف اﻻوضة بين أربع حيطان ، و بعدين زينة مايتخافش عليها ، آه . .
نظرت لها تغمزها بعين واحدة و تلكزها بكوعها بخفة:
ـــ مش كدا و ﻻ إيه يا زوزة؟
ردت بارتباك طفيف :
ـــ أومال يا خالتى .. ما أنا علطول بقوله كدا بس هو بقى اللى محكم رأيه ما انزلش من غير إذنه.
رمقته باستعطاف و دلال مصطنع:
ـــ و بعدين انت مكنتش هنا ، فأخدت اﻹذن من خالتى .
أردفت سهام مغيرة مجرى الحديث حتى تلهى جلال عن أمر نزول زينة إلى صالة الملهى بدون إذن منه ..
مردفة بتساؤل:
ـــ أﻻ صحيح انت كنت فين يا واد ؟ ما شوفتش خلقتك م الصبح ؟
نسى او تناسى أمر زينة مؤقتا و أردف بسعادة بالغة : ـــ اسكتى ياما ، أما انا جاتلى حتة شغلانة !! .. حاجة كدا آخر أوبهة .
ردت عليه متصنعة الجهل بهذا اﻷمر :
ـــ شغلانة ايه دى يا واد فرحنى ..
أجابها بغبطة و حماسة :
ـــ فرد أمن ف شركة كبيرة أوى ياما ..
و لكنه قطع كلامه و هو يزم شفتيه بضيق مردفا بأسف:
ـــ بس صاحب الشركة مشترط عليا ياخدنى تدريب شهرين بحالهم مدفوعين اﻻجر قبل ما يسلمنى الشغل ، قال ايه عشان اكون قد المسؤلية.
شعرت زينة بارتياح تام فها هى سوف تقوم بمهمتها بحرية كما انها ستتحرر من أسر جلال الجاحد و تحكمه بها كما لو كانت احدى ممتلكاته الخاصة، انفرجت أساريرها بسعادة جاهدت أن تخفيها و أردفت تقنعه:
ـــ و ماله يا جلال ؟ ما تروح يا خويا عشان حتى نتفشخر بيك كدا ف الكباريه .
رمقها بغيظ قائلا بحنق:
ـــ أه يختى جاتالك ع الطبطاب عشان تصيعى براحتك .. مش كدا ؟
زمت زينة شفتيها بضيق مردفة بأسف حقيقى :
ـــ اخس عليك يا جلال ، بقى انت تعرف عنى كدا ؟ ..
فتحت باب غرفتها سريعا و عينيها محتقنة بالدموع و لكن لحق بها جلال ممسكا بمعصمها قائلا بضيق من نفسه :
ـــ إستنى بس يا زوزة .. مش قصدى أزعلك و الله ، بس انا زعلان انى هفضل شهرين بحالهم مشوفكيش.
أكمل بنبرة حانية و ابتسامة حب صادقه تشق وجهه:
ـــ دا انتى مبتغبيش عن عينى و قلبى لحظة يا زينة ..
أحست بصدق كلامه فهى تعلم أنه يحبها و يغار عليها فأردفت بخفوت :
ـــ خلاص يا جلال محصلش حاجة ، بس يا ريت تبقى واثق فيا شوية أكتر من كدا .
أجابها بصوت خافت معتذرا :
ـــ خلاص بقى مايبقاش قلبك اسود كدا ؟! .. فين اﻻبتسامة الحلوة بتاعت احلى زوزة ف الدنيا ؟؟
إبتسمت زينة له و أطرقت رأسها بخجل من كلماته الغزلية ….
مساءً بتوقيت لندن …
ذهب يحيى ليقضى سهرته مع صديقه السورى عمار فى المقهى العربى كما اتفقا سابقا ، و عندما دخل الى المقهى دار بعينيه في المكان لكى يرى صديقه ، و لكنه لم يجده فذهب لزميله المناوب له علاء لكى يسأله عليه .
يحيى :
ـــ فين عمار يا علاء .
علاء :
ـــ راح تلاقيه بغرفة تبديل الملابس ، عم بيبدل تياب الدوام ، لسة لهلا مستلم منه المناوبة .
يحيى :
ـــ اوكى ، هستناه على اى ترابيزة برا . شكرا
علاء :
ـــ عفوا .
و كاد يحيى أن يغادر هذا المكان ليجلس باحدى المقاعد الخارجية ، إﻻ أنه سمع صوت شجار بين فتاة و شاب فراح يتابع هذه المشاجرة بفضول ..
الفتاة بعصبية مفرطة:
ـــ أنا إلى ساعة عم فهمك إنى ما بدى أتعرف فيك .. اتركنى لحالى بقى بليز .
قبض الشاب على رسغها مردفا:
ـــ ﻻ ايمت راح تدللى على بهاى الطريقة .
نزعت يدها من قبضته بعنف ثم أردفت بحدة و هى ترمقه باشمئزاز :
ـــ لك انت من وين بتعرفنى لحتى تحاكينى هيك ؟؟
اغتاظ يحيى كثيرا من تطفل هذا الشاب السمج على تلك الفتاة ، و لم يستطع أن يسيطر على هياح أعصابه الذى أثاره ذلك السمج و اندفع نحوه و أمسكه من تلابيبه و قرب و جهه من وجه ذلك الشاب قائلا بغضب مكتوم مصتكا فكيه بعصبية :
ـــ هى مش قالتلك مش عايزة تتعرف يا روح امك ؟؟
رمقه الشاب بأعين متسعة من الخوف و المفاجأة فى آن واحد مردفا بنبرة مهتزة:
ـــ و انت شو دخلك بها يا زلمة ؟؟
أجابه بنبرة مخيفة :
ـــ أختى ، ممكن تغور بقى من هنا ؟
لم يقتنع الشاب بذلك فقطب جبينه باستنكار مردفا:
ـــ ايشلون خيتك ؟! .مو انت مصرى ؟
أبلغه من العصبية أقصاها فشدد من قبضته على تلابيبه و هزه بغضب مقربا وجهه من وجه الشاب مردفا بزئير أسد متحفز للانقضاض على فريسته :
ـــ و انت مال أهلك ؟ .. انت هتغور من هنا ياض و ﻻ أشلفطلك وشك اللى انت فرحان بيه دا ؟
رد عليه الشاب متلجلجا من هيئته المتحفذة لضربه ضربا مبرحا :
ـــ خلاص يا زلمة راح روح ، ﻻ تعصب حالك هيك ؟
يحيى بنبرة متهكمة :
ـــ طب يلا يا شطور من هنا ، يلا يلا ، أخذ يرددها و هو يدفع ذلك الشاب خارج المقهى .
بينما تلك الفتاة كانت تقف ترمق يحيى بانبهار من موقفه و جرأته فى دفاعه عنها رغم أنه ﻻ يعرفها و ﻻ تعرفه ، و لم تنبث بكلمة فقط تراقب يحيى و هو يدفع ذلك الشاب للخارج.
التفت لها يحيى و رمقها بنظرات خاوية و وجه جامد لا ينم عن أى تعبير مردفا بأدب:
ـــ ممكن تتفضلى معايا هناك أقولك كلمتين بس؟!
أشار الى إحدى الأركان الخاوية بالمقهى، فأومأت له بالايجاب دون رد و سار بها الى حيث أشار ، بينما هى كانت تسير معه باستسلام تام منافى لشخصيتها المتمردة حتى استوقفها قبالته و رمقها بغيظ و احتدت نبرته و هو يؤنبها قائلا:
ـــ و انتى .. ما تحترمى الحجاب اللى على راسك دا و البسى لبس واسع شوية ؟ .. ﻻزمته ايه الحجاب دا اللى يا دوب مغطى شعرك بالعافية ، و ﻻ البنطلون دا ؟ دا مرشوش عليكى يا ماما مش ملبوس ؟ ..لبستيه إزاى أصلا؟؟
أثار توبيخه اللاذع غيظها و تناست سحر انبهارها بموقفه، و اصتكت فكيها بغضب جم قائلة :
ـــ و انت شو دخلك فينى ؟ ليش مهتم كل ها الأد بتيابى ؟
جحظت عيناه من جوابها فاردف بتهكم :
ـــ انتى عبيطة يا بنتى ؟ تياب ايه دى اللى ههتم بيها؟ ثم انتى إزاى تقعدى فى وقت زى دا لوحدك ف الكافيه؟
أجابته بعصبية تليق بطبيعتها المتمردة :
ـــ يا الله. .انت شو دخلك فينى؟ !..ياللى بيشوفك معصب هيك راح يفكرك بيى او خيى ، لك حتى البابا ما بيدخل ف ستايل تيابى .
إغتاظ يحيى كثيرا و أحس ببعض الندم على مدافعته عنها و صاح بها مشيرا بسبابته على صدره :
ـــ أنا فعلاً غلطان انى اعتبرتك اختى و عملت معاكى اللى كنت هعمله مع اختى ، بس الظاهر ان الموضوع كان عاجبك و انا جيت قطعت عليكى.
جحظت عيناها و فغر فاها من وقع عبارته اﻻخيرة ، فاستطكت أسنانها بغضب جم و رفعت كفها لكى تضربه على وجهه و لكن يد ما سبقتها و أمسكت بكفها قبل أن تتمكن من ضربه.
يتبع….