Uncategorized
رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن عشر 18 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن عشر 18 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
![]() |
رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن عشر 18 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم |
رواية أنا والمجنونة الفصل الثامن عشر 18 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم
تفاجئت مهجة بما قاله جلال وعن اسمها الجديد هذا ، ولولا نظرات التحذير التي انطلقت من عينيه ، كانت سألته ما هذا الأسم إنه ليس بإسمها الحقيقيّ .
لكنها تداركت خطأوها ولم تتحدث إلا بهدوء ظاهري ، عندما حدثتها ، زوجة مصطفى محرم .
قائلة لها : أهلاً وسهلاً بيكي …. يا ياسمين هانم ، رسمت مهجة على شفتيها ابتسامة باهتة ، وعينيها على جلال .
قائلة لها : أهلاً بيكي …..فقالت لها زوجة مصطفى : اتفضلي معايا ثم نظرت إلى جلال قائلة : عن إذنك يا جلال بيه هستأذنك في ياسمين هانم .
ابتسم جلال رغماً عنه قائلاً بهدوء ظاهري : اتفضلي .
كادت مهجة أن تصيح به ألا يتركها معها بمفردها ، لكنه أشاح بوجهه بعيداً عنها ، كأنه يتركها لأمر واقع قد فرض عليها من أجل مهمته .
انصرف جلال بصحبة مصطفى محرم ، ليتعرف على أشخاص آخرون ، من رجال الأعمال المهمين .
وقفت مهجة مع زوجة مصطفى محرم وبصحبتها العديد من النساء الأخريات وكانت تقوم بتقديم كل واحدة على حده لها ، إلى ان شعرت مهجة بالضيق بداخلها .
قائلة لنفسها بحنق : شوف يا أختي الستات الأرشانات معديين سن الخمسين وفاكرين نفسهم شباب إللي لابسالي كات والي لابسه بنطلون ضيق ، هوه أنا جاية حفلة إستعراض ولا حفلة تنكرية ، آه لو يسيبني الباشا عليهم لكنت مسكت جزمتي وعطيت كل واحده من دول ، على قفاها علشان تحرم تلبس اللبس ده تاني .
أتت سالي ووقفت بجوار والدتها قائلة بهمس : هيه دي مرات العمدة الجديد مش كده ، فقالت لها بخفوت : أيوة هيه .
اقتربت منها سالي قائلة بخبث : أهلاً بمرات العمدة الجديد ، مكنتش عارفه انه ذوقه متوسط أوي كده ، وكأنه مشافش بنات القاهرة خالص ، حدقت بها مهجة بدهشة وقالت لها بهدوء ظاهري : وليه يعني بتجولي إكده .
فقالت لها باستخفاف : سوري أنا مقصدش بكلامي حاجه ولا إني أضايقك ، بس أنا بستغرب أنه قعد كتير في مصر ورغم كده ملبسك زي أي واحدة عادية .
صُدمت مهجة من كلماتها السخيفة وودت لو صاحت بها وضربتها بعد جذبها من شعرها وانتزاعه لها من مكانه.
أجابتها قائلة برزانة ظاهرية : وآني يعني لازم ألبس زيك إكده علشان أعجبك ، سخطت سالي بداخلها قائلة لها : وماله لبسي لابسه فستان سوارية على الموضة ….. قاطعتها والدتها قائلة لها : سالي حبيبتي عيب كلامك ده ، دي ضيفتنا مش كده .
امتعضت سالي وتركتها وانصرفت ، فقالت لها بإحراج : معلش يا ياسمين هانم ، متاخديش في بالك تصرفات بنتي أصلها مدلعة حبتين .
ابتسمت مهجة بالرغم منها وهي تتوعد ابنتها بداخلها قائلة لها بضيق : خلاص عادي آني مش زعلانة .
مع مرور الوقت شعرت مهجة بالسأم وسط هؤلاء النساء ، فانسحبت من جانبهم بهدوء ، دون أن يلاحظها هؤلاء النسوة .
تذكرت طلبات جلال منها ومهمتها اليوم معه ، فتلفتت حولها بحذر فلم تراه ، شعرت بالضيق قائلة لنفسها : ياساتر راح فين ده ………. لن تنتهي من جملتها فقد بترتها وهي تراه يقف بصحبة سالي ووالدها .
شعرت بالغيظ منه قائلة لنفسها بحنق مضحك : بقى كده يا أبوميه واحداشر ، تقفلهم في وشي أنا وتتكلم عادي كده معاها طب ماشي يا عمدة .
انصرفت مهجة مسرعة في اتجاه آخر واستوقفت احد الخدم وقالت له : أنا عايزة الحمام من فضلك .
أشار الخادم قائلاً لها : من الجنب اليمين هتمشي على طول هتلاقيه في وشك .
شكرته وهي تبتسم ، انصرفت تتلفت على مكتب مصطفى محرم ، بحذر تام مثلما أبلغها جلال .
وصلت لغرفة مغلقة فتحتها بهدوء حذر ، فلم تكن هي ، ففتحت باب آخر بنفس الأسلوب ، فكانت هي الغرفة المقصودة .
صُعقت نوال غير مصدقة ما سمعته من ياسين ، تحجرت عينيها الزائغة على محياه الغاضب قائلة بعدم فهم : إنت بتقول إيه بالظبط ، صاح بها بصوت هادر : بقولك يالا سيبي الأوضة دي دلوقتي ، ها …. فهمتي ولا أقول تاني .
أغمضت عينيها بقلب جريح ، لكي تستوعب ما هي مقبلةٍ عليه فقالت له بصدمة : إنت واعي كويس لكلامك ده .
زفر بقوة قائلاً لها بانفعال : طبعاً إنتي شايفاني شارب حاجه ولا إيه علشان متصدقيش .
ارتبكت نوال من كلماته وقالت له بصوت مهزوز : بس أروح فين دلوقتي الساعة تسعة بالليل .
عقد ياسين حاجبيه بغضب وتحدي وأولاها ظهره قائلاً له بقسوة ساخرة : مليش فيه يا حلوة ، علشان تبقي تتجرأي عليه كويس .
ضمت نوال قبضتيها بعجز ، وشعرت بأن قلبها يكاد يختنق من كثرة نبضاته المتألمة قائلة له : إنت السبب في كل اللي قلته ليك .
ابتسم بسخرية وقال لها بسخط : والله بقى أنا السبب كمان ، طب يالا يا شاطرة امشي من قدامي بسرعة وقدامك نص ساعة بس تلمي حاجتك فيهم وتاخديهم وتمشي .
صرخت به بلوعة قائلة : أمشي أروح فين دلوقتي إنت مبتفهمشي ….. ما أن نطقت بجملتها هذه حتى أمسكها من ذراعها وأتى به خلف ظهرها بقوة وقام بلويه بقسوة قائلاً لها بصوت مخيف : لمي لسانك ده بدل ما أقطعهولك نصين فاهمة ، مش أنا اللي يتعمل معايا كده .
صرخت نوال من الألم من آثار إلتواء ذراعها ، فأزاحها بعيداً عنه قائلاً بصرامة : هديكي مهلة للصبح بس ده آخر كلام عندي .
دخلت مهجة إلى الغرفة ببطء شديد تتلفت حولها ، وبيدها تحمل بطاقة ذاكرة ستضع عليه كل ما تجده على الحاسب الآلي الموجود أمامها ، والأوراق التي ستبحث عنها وستصورها مثلما أمرها جلال بذلك .
أدت مهمتها بنجاح فا من حسن حظها أن الحاسب غير مغلق بكلمة سر ، ما عدا الأوراق لم تجدها كاملة في الخزانة الملحقة بمكتبه ، إذ وجدت نصف ما طلبه منها فقط .
تنهدت بضيق قائلة لنفسها : دلوقتي أبوميه واحداشر هيقفلهم في وشي أكتر ، وهيخنقني يمكن يرتاح مني .
أسرعت في الخروج من مكتبه ، حتى لا يكتشفها أحد ، ما أن خرجت حتى كان جلال يقف بمفرده على مقربة من المكان الموجوده به .
تظاهر جلال في هذه اللحظة ، بأنه لم يراها …. شعرت بداخلها بالضيق منه وهي تتذكر وقوفه بصحبة سالي .
ابتعدت عن طريقه ، متظاهرة بالبرود ، لكن نبضات قلبها تصرخ من هذا الإهمال لمشاعرها .
وقفت بجوار زوجة مصطفى محرم حتى لا يلاحظون شيئاً ، ابتسمت لها قائلة : كنتي فين يا ياسمين هانم .
كادت أن تكشف نفسها وتقول : ياسمين مين … أنا مهجة ، لكن نظرات ثاقبة رأتها تحدقان إليها من بعيد كأنه يذكرها بما عليها أن تفعله .
أشاحت بعينيها عنه قائلةً له : أبداً كنت في الحمام ، فابتسمت إليها مرةً أخرى قائلة : آه طب خدي راحتك عن إذنك هشوف باقي ضيوفي .
ابتسمت لها بالرغم منها قائلة لها : اتفضلي شوفيهم ، كانت عيني جلال تراقب تعابير وجهها وتصرفاتها ، خوفاً من خطأها المحتمل فيما يخص مهمته .
مش معجول إللي بسمعه منيك دلوك يا ولدي ، نطقها عبدالرحيم لولده حسين بصدمة وذهول .
فقال له حسين غاضباً : جاني الخبر من شوي يا أبوي ، هب واقفاً من مكانه قائلاً له بصرامة : إنت متأكد يا ولدي قال له : أيوة يا أبوي .
فكر لحظات ثم قال له بحزم : بِينا دلوك ، علشان نشوف المصيبة دي .
كانت مهجة تقف بمفردها في الحفل ، وجاء شخص ما من وراءها يقول لها باستخفاف : الجميل واقف كده ليه لوحده .
ضيقت حاجبيها بسخط قائلة لنفسها بغضب مضحك : هوه أنا أسيب حوده في مصر يطلعلي غيره هنا .
فلم ترد فقال له : إيه مسمعتنيش ولا إيـــه يا قمر أنا بكلمك ، فالتفتت إليه بغضب قائلة له بنفاذ صبر : سمعت الرعد في ودانك ما تمشي من هنا يالا وهويني بدل ما أفرج عليك الخلج .
اتسعت عينيّ الشخص قائلاً لها : أحب أنا الصنف العنيف ده و….. بتر كلماته عندما فوجىء بمن يلكمه في فكه بقوة ووقع مترنحاً على الأرض من أثر قوتها .
تيبست مهجة في مكانها وهي تحدق فيما يحدث أمامها ، أقبل عليهم مصطفى بانزعاج قائلاً له : خير يا جلال بيه إيه اللي حصل ، فقال له بغضب عارم : المفروض يا مصطفى بيه تبجى تعزم الناس المحترمة وبس مش تجيب ناس جليلة ذوق .
ثم إلتفت إلى مهجة متناولاً يدها في قبضته ، وأسرع بها منصرفاً من أمامه .
فضم مصطفى قبضته وضرب الشخص بقوة مرةً أخرى قائلاً له بانفعال : غبي مش هتبطل خصالك الغبية دي ، حتى في الشغل .
فقال له عادل بألم : أنا آسف مكنتش عارف إنه يعرفها ….. فقاطعه قائلاً له : لأ ومتعاكسش إلا مين مرات واحد مهم زي جلال المنياوي ، اللي بنحاول نتقربله ونضمه لينابأي طريقه ، وإنت تيجي تبوظلي كل خططي في ثانية ، بكره ليه تصريف تاني معاك .
ركبت مهجة بجوار جلال في سيارته عائدين إلى الدار ، تجاهل كل منهما الآخر إلى أن وصلوا المنزل ، فقد فضلت الصمت طوال الطريق ، بعد ما حدث ، فهي لا تنس نظراته لها وكما وعدها بأنه سيحميها ، فقد وفى بوعده لها .
ما أن وصلوا وصعدوا إلى منزلهم حتى دخلت مهجة إلى غرفتها على الفور ، وأسندت بظهرها إلى الباب ، وجاء مشهدين في ذاكرتها ، عنفه مع الشاب من أجلها ومشهد هذه الفتاة التي وقفت بجواره والتي تدعي سالي ومعها والدها .
وبالرغم من ذلك فقد شعرت بغيرة كبيرة بداخلها ، تنهدت بضيق غاضب : ليكي يوم مع مهجة يا اللي إسمك سالي انتي .
سمعت صوت طرقات على الباب وهي تستبدل ثيابها فقالت لها : إدخلي يا نعيمة ….. والتفتت إليها تستكمل قولها : إعمليلي نسكا…. بترت كلماتها عندما وقعت عينيها على عينين حادتين تحدقان إليها وتقف أمامها .
إرتجفت نبضات قلبها مع شحوب وجهها ، من أثر وجوده المفاجىء في غرفتها وقبل أن ترتدي ثيابها كاملة مما جعلها تتوتر من نظرات عينيه ، لقد كانت تتوقع نعيمة ، لكن ظنها خاب .
أسرعت مهجة تهرول إلى المرحاض ، تنهد جلال بضيق من فعلتها ، لكنه تجاهل كل هذا وانتظرها ، لكن غيابها قد طال قليلاً ، فصاح بها قائلاً لها : مهههجة إطلعي بسرعة .
انقبض قلبها قائلة لنفسها : مفيش فايدة من الهروب ، إطلعي وواجهيه ، فتحت الباب بتردد ، ثم وقفت على مسافة بعيدة عنه ، ومشاعر مختلطة تنتابها الآن أمامه .
زفر بقوة قائلاً لها بجمود : فين الفلاشة وفين الأوراق اللي طلبتها منك ، فأشارت بيدها ناحية حقيبتها قائلة له بارتباك : هناك في شنطتي .
أمسك بحقيبتها وأخذ ما أراده ، ثم تذكر ما حدث بالحفلة ، فقال لها غاضباً : إيـــه اللي عملتيه في الحفلة يا مصيبة إنتي ، ارتبكت مهجة قائلة بتلعثم : أني معملتش أي حاجه يا بيه .
اقترب منها بخطوات واسعة بعد أن وضع أشياؤه على الفراش وجذبها من معصمها بعنف قائلاً لها : آني مش جولتلك ونبهتك كتير متعمليش مشاكل .
خشيت منه فقالت له بذعر : مش هوه اللي جه يتحدت إمعاي وآني إضطريت اتصرف معاه بطريقتي ، فهز رأسه غاضباً وقال لها : يعني ما تحدتيش معاه .
هزت رأسها سريعاً نافية ذلك ، تدافع عن نفسها قائلة : لا يا بيه أني كنت بهزؤه وبس .
ضم قبضة يده الأخرى قائلاً لها بحده : مش كنتي نبهتيني ولا جيتي جنبي ووقفتي ، لكن لأ رايحة تجفي لوحدك .
لمعت عينيها بالدموع قائلة له : ما انت مكنتش فاضيلي يا بيه من الهانم اللي كانت واجفة وياك هيه وأبوها .
صُدم جلال بردها عليه وتلاقت أبصارهم لثوانٍ، تراخت فيها قبضته قليلاً دون أن يتركها قائلاً لها : إنتي واعية للي بتجوليه .
هتفت به بعفوية وغيرة قائلة : أيوة واعية للي بجوله ، ولو كان كلامي صُوح ، كنت أخدت بالك مني كويس ، والهانم بتهزأني بسبب خلجاتي اللي مش على الموضة زيها .
اتسعت عينيه بصدمة قوية وغاضبة قائلاً لها : إيــــه اللي بتجوليه دلوك يا غبية إنتي ، أنا طول الوجت عيني عليكي .
فهمست بضيق وغيرة قائلة لها : طبعاً ما هو لازم يبجى عينك عليه ما آني مجنونة وخايف لأبوظلك شغلك يا سعات الباشا .
هزها من ذراعيها بعنف وقسوة قائلاً لها بنرفزة : كفاياكي حديتك الماسخ ده دلوك ، ولو اتحدتتي كلمة زيادة هوريكي الوش التاني فاهمة .
ارتعبت من نظراته المهددة لها وكادت أن يغشى عليها هذه المرة ؛ من قسوته الفائقة هذه المرة .
ثم ألقى بها على الفراش بعنف وتناول أشياؤه مغادراً الغرفة بهم ، وهو يشعر بنار بداخله تريد أن تحرقها .
بكت مهجة بشدة ، على الفراش قائلة لنفسها : هوه آني كده مهما عملت معاك هتفضل معايا بنفس القسوة دي وعمرك ما هتهتم بيه ولا بمشاعري ، ومش هتهتم الا بس بمهمتك وخلاص .
دخل جلال إلى غرفته وأبدل ثيابه بانفعال بسببها وبسبب ما حدث هناك في الاحتفال ، وقف في نافذة غرفته ، يشعر بالجنون والخطر يحوم حولهما هما الأثنين فها قد بدأت المشاكل وهو لا يريد ذلك .
مسحت مهجة دموعها عندما وجدت من يطرق عليها الباب قائلة : إدخلي يا نعيمة ، دلفت نعيمة قائلة لها : عايزة حاجه مني جبل ما أنام يا ست هانم .
هزت رأسها بقوة قائلاً لها : لا شكراً يا نعيمة روحي نامي ، أما هي لم تستطع أن تنام ، من شدة قسوته معها .
دخلت نوال إلى غرفتها متدثرة بالغطاء الوحيد الموجود على الفراش ، تنتفض من البكاء تشعر بالوحدة واليتم ، قائلة لنفسها من وسط دموعها : تعالي بقى يا مهجة ، تعالي وابعدي ياسين المفتري ده عن طريقي ، يارب أنا محتاجالك أوي متتخلاش عني زيهم ، أنا يتيمة ووحيدة ومليش حد غيرك يارب
أجهشت في بكاءً عنيف ، تحاول أن تمتنع عنه لكن خاطرها المكسور منعها عن النوم ، إلا قبيل الفجر بساعة غلبها النعاس ودموعها تغرق وجهها .
استيقظ ياسين مبكراً في الصباح ولم يخرج من غرفته ، بانتظار أن يتركها ترحل من سكنها مثلما طلب منها .
أخرجه من شروده صوت هاتفه قائلاً : ازيك يا حبيبتي صباح الفل ، فقالت له : بقى كده يا ياسين بقالك يومين مكلمتنيش ولا سألت عني .
فقال لها بضيق : معلش شوية مشاغل كده هفضى منها النهاردة وبعد كده هفضالك على طول ، فقالت له مبتسمة : ماشي هصدقك يا حبيبي المرادي إوعى تغيب عني تاني كده ، فقال لها بلهفة : معقولة إوعي تقولي كده .
ابتسمت حبيبته في هيام وأغلق معها الهاتف ، وباله مشغول برد فعل والدته إذا علمت بالأمر ، لهذا عليه أن يسرع في إخراجها من الغرفة قبل أن تستيقظ والدته .
أسرع بتبديل ثيابه ثم غادر الغرفة في طريقه إلى السطوح ، حيث نوال المسكينة التي مازالت نائمة إلى الآن .
استيقظ جلال قبل مهجة ، ورفض أن يفطر قائلاً لنعيمة : إعمليلي بس فنجان قهوة .
حضرتها نعيمة وأدخلتها مكتبه ، جلس أما حاسوبه يرى ماهي المعلومات التي أتت بها مهجة بالأمس .
وجد العديد من العمليات المشبوهة وأسماء أخرى متورطين معه في هذه الأعمال الغير مشروعه.
قال لنفسه : والله ووقعت في إيدي يا مصطفى يا محرم ، بعد قليل غادر مكتبه ، وأبدل ثيابه مغادراً المنزل .
في أثناء لك كانت قد بدأت مهجة في الأستيقاظ من نومها ببطء ، فتحت عينيها ورأت بجانب الفراش ان الوقت تشير الى الساعة العاشرة صباحاً ، هبت من الفراش لتدخل إلى المرحاض .
جهزت لها نعيمة الأفطار ، في هذه الأثناء سألت عن زوجها فقالت لها نعيمة : خرج يا ستي من بدري .
هزت رأسها قائلة ضيق : ماشي يا نعيمة روحي اعمليلي فنجان قهوة بسرعة .
شعرت بالصداع من كثرة بكاؤها بالأمس ، جلست تتناول طعامها بمفردها ، وبدون نفس .
فتح باب المنزل فكان جلال ، الذى ما إن رأته حتى سارعت بالنهوض من مكانها .
فأشار إليها بالعودة إلي المائدة مرةً أخرى لتستكمل طعامها ، جلست مضطرة تحت وطأت نظراته .
تنهد بضيق وجلس يتناول معها طعام الأفطار وأتت نعيمة بإفطار إضافي من أجله .
كان جالساً وهو متجهم الوجه لم تستطع محادثته ، ولاحظ عليها عينيها المتورمتين من كثرة الدموع .
قائلاً لها بجمود : عايزك في كلمتين إكده بعد ما نفطروا ، هزت رأسها بصمت بالموافقة .
أدخلها وراءه مكتبه قائلاً بحده : إجعدي إهنه يالا ، جلست مهجة أمام مكتبه وهي تتساءل عن أي شىء يريدها .
هتف بها بضيق : من دلوك ما أسمعكيش تقولي كلمة يا بيه دي ولا باشا ، وآني نبهتك جبل إكده ومفيش فايدة منيكي واصل .
فقالت له باختصار : ماشي في أوامر تانيه .
زفر بضيق قائلاً بهدوء ظاهري : من اليوم هتبجي تنزلي تحت وتجعدي مع أهلي كمان ، لأني مش هبجى موجود كتير ، بدل ما تجعدي لحالك إهنه وتزهجي ، ومتنسيش تتعاملي امعاي عادي جدامهم .
اضطربت مهجة عند سماع ذلك قائلة له بتوتر : حاضر ….بس آني لساتني مأخدتش عليهم واصل .
فقال لها بضيق : أمي وأبوي مفيش أطيب منيهم ، وأخوي بيبجى معظم الوجت في المستشفى ، وأختي نور خلاص ماشية بكرة على كليتها ، يعني مفيش غيرك إهنه مع أمي وأبوي .
ابتسمت باضطراب قائلة له : فيه حاجه تانية ، هز رأسه رافضاً ثم تركها مغادراً غرفة مكتبه ، وقبل أن يخطو الخطوة الأخيرة خارجها ، وقف وإلتفت إليها قائلاً لها بلهجة تحذيرية : بس إوعاك تنزلي بخلجاتك اللي بتلبسيها إهنه ولا يكون شعرك مكشوف ، ولا تخرجي براة الدوار من غير ما بجى خابر فاهمة ، مفيش خروج إلا إمعاي وبس ويا ويلك مني لو منفذتيش حديتي من دلوك .
ما أن انصرف وأغلق خلفه الباب ، حتى تنفست مهجة الصعداء قائلة لنفسها بعدم تصديق : إيه السجن اللي دخلته ده يا ربي .
طرق ياسين باب غرفة نوال بقوة ، هبت من نومها فزعة قائلة لنفسها بانزعاج : يا ترى مين بيخبط عليه بقلة الذوق دي .
أرجعت شعرها إلى الوراء وفتحت الباب وهي غاضبة قائلة : إيه قلة الذوق …. بترت باقي عبارتها وتبقت في فمها عندما تلاقت أبصارهم معاً .
ارتبكت من تفحصه لها ، وأمسكت بمقدمة منامتها بيدها تداري بها ما تحت رقبتها ، تجهم وجه ياسين قائلاً لها : إيه اللي ينيمك لدلوقتي ، حدقت به غاضبة بقولها : ليه هوه أنا هاخد الأذن منك ولا إيه .
عقد ذراعيه أمام صدره قائلاً لها بتهكم : والله لما تبقى إوضتك تبقى إتكلمي ويالا بسرعة جهزي نفسك في نص ساعة وتبقي ماشية من هنا .
جحظت عينيها ، فقد تناست بالفعل ما حدث بالأمس فاضطربت فجأة قائلة له بحزن : طب إديني ساعة وأنا خلاص همشي من هنا وسيبهالك خالص .
ابتسم ياسين بسخرية قائلاً لها : خلاص يالا مش مهم نص ساعة كمان صدقة زيادة مني ليكي .
ابتلعت ريقها بعدم تصديق ؛ صدور هذه القسوة عنه وبهذه الطريقة الغريبة ، و المهينة .
فضلت نوال الصمت متراجعة إلى الوراء ، مردفاً ياسين بقوله : وأنا في إنتظارك برة إخلصي بسرعة علشان دي آخر مهلة .
جلست نوال على طرف الفراش ، لا تعلم ماذا تفعل بالضبط وإلى أين ستذهب ، وبهذه الحالة البائسة .
أخذت نوال كل ما يخصها ووضعته في حقيبة كبيرة قائلة لنفسها : يا ترى هروح فين ياربي ، بقى معقول كل ده يحصلي من بعدك يا مهجة ، هروح فين بس وأنا لوحدي كده بكت من قلبها ، ونظرت في ساعتها ، ومسحت دموعها بسرعة خوفاً من ياسين وما سيسببه لها من مشاكل .
وقفت أمامه تحمل حقيبتها تحاول أن تكون ثابته أمامه قائلة لها بجمود : أنا خلاص ماشية ومش هتشوف وشي تاني ، بس فيه حاجات في الأوضة بتاعتي هخليها لغاية ما ألاقي مكان بس وهبقى أرجع أخدها تاني .
تمعن ياسين في وجهها ملاحظاً تورم عينيها من عدم نومها جيداً فقال لها باختصار : موافق اتفضلي .
كانت تود أن تصرخ به لكن عينيه المتقدة منعتها من ذلك ؛ سارعت إلى الأنصراف من أمامه بسرعة .
ركضت نوال من أعلى الدرج مسرعة ، محاولة كبح كماح دموعها كثيراً ، حتى لا يراها ضعيفة أكثر من ذلك ، صادف ذلك فتح باب منزل ياسين ، تجاهلت نوال ذلك ، متابعة لخطواتها بسرعة .
لكنها فوجئت بمن تنادي عليها مقاطعة لهذه الخطوات ، قائلة بجزع : نوال …!!!
ارتدت مهجة عباءة وحجاباً وهبطت بالأسفل ، وبصحبتها نعيمة ، كانت خطوات مهجة ثقيلة وبطيئة وهي تتجه صوبهم ، ولولا أنها أوامره لما كانت ، قد نفذتها مثلما أخبرها .
شاهدتها والدته فابتسمت لها قائلة بطيبة : تعالي يا بتي ، تعالي إجعدي ويانا وانتي يا نعيمة إدخلي المطبخ مع سعاد ساعديها في الوكل .
هزت نعيمة رأسها بالموافقة قائلة لها : حاضر يا ستي ، انصرفت نعيمة وجلست مهجة تحاول ضبط أعصابها .
جاءت نور مبتسمة تقول : أخيراً نزلتي تجعدي معانا ، فقالت لها بتوتر : معلش غصب عني ، فابتسمت لها قائلة بخبث : أكيد من العمدة أني خابراه زين ، ما هو لساته عريس بجى وعايزك جنبه طول الوجت ، كادت مهجة أن تقهقه من كثرة الضحك بسخرية من كلمات نور .
فقالت لها مهجة بخجل مصطنع : ما تكسفنيش بجى يا نور ، فقالت لها ضاحكة : واه مفيهاش حاجه يا مهجة ، ده إنتي مرته بردك .
تظاهرت بالخجل والغيظ ينهش قلبها ، قائلة لنفسها : واضح آني والعمدة ننفعوا نمثل في السيما ، مفيش حد يكتشفنا أنا وهوه ، مواهب مدفونه إحنا التنين ومكنتش خابرة .
تداركت نفسها بطريقة مضحكة : مالك يا مهجة كده بتلخبطي صعيدي على مصراوي ليه ما تتظبطي بقى ، ولا الحليوة هوه اللي مخليكي إكده .
قالت لها نور باستغراب : مالك يا مهجة سرحانه ليه إكده ، هزت رأسها سريعاً قائلة لها : أبداً مفيش حاجه .
أتت والدة جلال بالعديد من أنواع الفاكهة وهي سعيده بكونها معهم الآن ، قائلة لها : كلي يا بتي كلي وما تتكسفيش واصل .
فقالت لها بتلقائية : هوه فيه حد يتكسف جدام المغارة اللي آني عايشة جواتها لدلوك .
فقالت لها بعدم فهم : تجصدي إيـــه يا بنيتي ، انتبهت لخطأوها قائلة لها : ولاشي يا إماي آني مجصدش حاجه واصل وآني متجلجيش عليّ هاكل أهوه .
ابتسمت لها وتناولت معهم الفاكهة حتى قالت لنفسها : كُلي يا مهجة كُلي جبل ما ييجي الباشا أبوميه واحدشر يعد عليكي أكلتي كم فص برتقال وكام حبة موزه أكلتيه .
استمتعت مهجة بالجلوس معهم كثيراً ، وسألتها نور قائلة لها باستغراب : ليه جاعدة في وسطينا إكده بطرحة وجلبيه ، مفيش غيرنا إجعدي عادي ، ده حتى الجو حر .
ارتبكت مهجة قائلة لها : بس آني مرتاحة إكده وآني مش حرانا ولا حاجه ، خشيت مهجة أن تبلغها بالحقيقة وأنها بالفعل تود أن تفعل ذلك لكن تنبيهاته تجعلها تعرض عن الأمر .
ضيقت نور حاجبيها قائلة لها بإلحاح : يا بنتي إنتي لساتك عروسة ولازم تعيشي أيامك صُوح .
ارتسمت ابتسامه باهته على شفتيها قائلة بهدوء ظاهري : ماني عايشه أهوه ، متجلجيش عليه .
تدخلت والدتها تقول لها : سيبيها براحتها يا بتي بردك دي مرات العمدة ولازم منأومرهاش بحاجه ونسيبها تتصرف زي ماهي عايزة .
ابتسمت لها مهجة وسعدت بداخلها من كمية الحنان التي تفتقدها كثيراً منذ صغرها لهذا قالت لها بتلقائية : ربنا ما يحرمنيكي واصل يا أماي .
ربتت لها على يدها قائلة لها : دانتي مرت كبيرنا ورافع راسنا ، عجبال ، ما تفرحونا وتجبولنا حفيد صغير يملى علينا الدنيا .
هنا صمتت مهجة ولم تستطيع النطق ، شردت بما تعيشه معه من أيام ثقيلة تمر عليها ، في بعاده عنها ، إنها تحبه لكنه يتجاهلها دائماً ، كأنه لم يتزوج إلى الآن .
جاءت سعاد تقول : الوكل جاهز يا ستي ، فقالت لها والدته : يالا يا بتي يالا يا نور ناكل سوا جبل أي حد ما ييجي من برة .
مر يومين آخرين على مهجة تهبط وتجلس مع والدته وقتاً طويل بدلاً من الجلوس بمفردها وكانت سعيدة لذلك وكانت تتحاشى الخطأ في التعامل ، وخصوصاً أن نور قد غادرتهم وتركت خلفها فراغ كبير .
وكان جلال لا يكاد يجلس كثيراً بصحبتها إلا في الجلوس على المائدة يتناولون الأفطار سوياً دون تبادل كلمات كثيرة متجاهلاً لها ولمشاعرها .
وفي صباح اليوم الثالث لنزولها بالأسفل ، انصرف جلال لعمله بعد تناوله طعام الإفطار معها ، ووقفت هي أمام الخزانة بغيظ وسخط بسببه ، تتفقد ماذا عليها أن ترتدي للهبوط للأسفل .
فلوت شفتيها مزمجرة قائلة بصوت مسموع : والله ما هلبس طرحه ولا جلبيه ولألبس بنطلون وبلوزة زي ما كنت بلبس ، طالما هوه بيعاملني كده ومش طايقني فا بالمرة بقى .
إرتدت بالفعل مثلما قررت ، وابتسمت لها حماتها قائلة لها باستغراب : واه إيه الخلجات دي يا بتي فقالت لها بتوتر : هيه وحشة يا أماي عليه أطلع أغيرها ، فقالت لها : لأ يا بتي مجصدش ، آني بس مستغربة إنها أول مره تعمليها .
فقالت لها بهدوء ظاهري : أصل آني لجيت إن محدش إهنه غيرنا فعلشان إكده لبستهم .
فقالت لها بحنان : وماله يا بتي إجعدي براحتك الدار دارك ولا يهمك ، اطمأنت مهجة لهذا الحديث ، وجلست بحريتها .
مر الوقت عليها ولم تنتبه لميعاد عودة جلال من عمله ، وشاهدته من النافذة ، آتياً صوب حجرة المعيشة الموجودة بها .
فأسرعت مهرولة ناحية الدرج قبل أن يلمحها ، لكنه لمحها بالفعل وهو يدخل غرفة المعيشة .
كادت أن تحدثه والدته ، لكنه كان شارداً ، وتركها وانصرف تحت أنظارها المذهولة .
هربت مهجة ناحية غرفتها ، وأغلقتها خلفها وهي تقول برعب : يا مرك يا مهجة يا مرك ….!!!
طرق جلال عليها باب الغرفة بكل عنفوانه ، قائلاً بغضب : إفتحي يا مصيبة إنتي …..!!!
وفي الأسفل وصلت سيارة كُحلية اللون أمام باب الدار من الخارج لاحظتها نعيمة بترقب واستغراب ….!!!
يتبع..
لقراءة الفصل التاسع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي