رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم البارت السادس والثلاثون
رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الجزء السادس والثلاثون

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الحلقة السادسة والثلاثون
يفهمني بطريقة شديدة الغرابة كما لو إننا نتشارك عقلاً واحدًا لأن قَلبي في أمان معه وهذا أدفئ ما يشعر به المرء وما يعيش عليه .
#مقتبسة
وما الحياة إلا محطاتٌ عابرة، قد يضطر المرء أحيانًا للمكوث طويلًا في محطة تبعده عن وجهته أو أن يتأخر القطار الذي ينقله إليها بفعل ظروف خارج نطاق قدرته أو أن يجبر على تغيير مساره قليلًا لكنه في النهاية سيصل طالما لا زال يملك الطريق لذلك.
#مقتبسة
______________
“والله الواد عمرو هو السبب قصدني تاني في الموضوع و انا…
أغلقت الهاتف في وجهه ثم قامت بحظره بعدها أتت برقم عمرو وقامت بالاتصال به على الفور مما جعله يجبب عليها بكبرياء بمجرد أن رأي اسمها يزين هاتفه:
-إيه عرفتي إني هخطب علشان كده نارك قامت واتصلتي؟ بس أسف يا أستاذة إيناس أنا…
قاطعته إيناس بغضب واضح وهي تقف في أحد الجوانب:
-أخرس خالص ما تخطب ولا تولع أنا مش فارق معايا من أساسه، وبعدين مدام الباشا بيخطب اللي المفروض هو راجل بس طبعا الرجولة عندك أنك تتشطر علي اللي معاك، مخلي صاحبك الزفت محمود كل شوية يتصل بيا ليه؟….
جاءه صوته بمنزلة صفعة:
-أنتِ مش في بالي أصلا محمود إيه اللي بخليه يتصل بيكي أنتِ اتجننتي ولا بتخرفي تقولي إيه؟.
قالت إيناس وهي تحاول الحفاظ على صوتها رغم ما تسمعه منه وهي لا تصدقه حقًا فيما يقوله:
-أنا مش بخرف يا سبع البرمبة، الحيوان صاحبك اللي كلمتني من عنده لما كنت عملالك بلوك علشان عايز تبعت فلوس للعيال اتصل بيا مرتين وكل مرة من رقم مختلف قال إيه أنتَ اللي قولتله يتصل بيا علشان يتوسطلك ونرجع، بلاش تعمل نفسك من بنها..
رد عليها رد مختصر:
-الكلام ده محصلش بقولك هخطب أساسًا..
ثم أسترسل حديثه بوعيد كبير وهو يتحدث بنبرة لم تفهمها لكنها أصابتها بالذهول:
-وأنا لغيت فكرة رجوعنا هو أنا هفضل أتذلل ليكي يا ست هانم ليه اللي خلقك مخلقش غيرك؟ أنا ولا خليك حد واسطة ما بينا ولو عايز ارجعلك في مليون طريقة أحسن من أني ادخل صاحبي ما بينا، أنتِ بقا اللي بتقولي حوار أنا مش فاهمة ولو اللي في بالي صح محدش هيرحمك مني…
ردت عليه بـ رد قاطع:
-أخر مرة بقولك يا عمرو لا أنتَ تتصل بيا ولا حد من طرفك يتصل بيا وإلا والله ما هيحصل كويس…
كاد أن يعقب على حديثها لكنها أغلقت الهاتف وقامت بحظره على الفور تحاول التفكير في كل ما حدث الفترة الماضية….
تحاول التفكير في كل شيء حتى في المكالمتين التي وردت من هذا الرجل، حتى أن أمر الرقم الذي قام بإرسال هذا المقطع لها والذي لم يتكرر الأمر ثانيًا…
هل الأمر له علاقة به أيضًا؟…
شعرت بالارتباك الشديد والقلق…
لكنها حاولت السيطرة على نفسها والذهاب إلى عملها فهي متأخرة وتلك المكالمات قامت بتأخيرها أكثر في الوقت الذي كان يجب عليها أن تظهر إلتزامها كونها الاسبوع القادم سوف تنتهي فترة التدريب وتبدأ فترة العمل الحقيقية.
______________
منذ ما حدث وهي لم تتحدث معه…
هو فقط يأتي ويحاول الحديث معها وأن يجعلها تميل له حتى أنه يعتذر لكن لا حياة لمن يُنادي…
الحمل كان ثقيلًا عليها لم تستطع أبدًا حمله بمفردها، ترغب في أن تخبر أحد ما ينتباها ولا تعرف من تخبر؟؟؟؟
ليست لها صديقة مقربة إلى تلك الدرجة التي تجعلها تخبرها شيئًا هكذا، كما أنه من سابع المستحيلات بأن تخبر والدتها بالأمر هذا سوف يزيد من كرهها إلى حمزة ورفضها لتلك العلاقة التي لا تشعر بأنها قامت بقبولها من الأساس، كما أن اللوم والعتاب كله سوف يقع على عاتقها…
من تخبر مشكلتها؟؟
أتى شخص في عقلها لكنها لا تعلم مدى صواب الأمر، وهي شقيقته ياسمين!!!
حسب ما كان يخبرها به هو على علاقة قوية ومتينة بها، وتبدو شقيقته من النوع الهادئ العاقل؛ وشقيقته أكثر شخص لن يشعر بالشماتة بهما!!
بل من الممكن أن تساعدها بطريقة غير مباشرة..
أصبحت لا تعلم ما هو الصواب وما هو الخطأ لكنها سوف تفعل حتى أنها التقطت هاتفها وأخذت تبحث عن رقمها ثم قامت بالاتصال بها على الفور وأخذت في انتظار الإجابة…
بعد مرور بضعة ثواني أجابت ياسمين عليها:
-الو..
ردت عليها سامية بتوتر:
-الو، ازيك يا ياسمين عاملة إيه؟.
جاءها صوت ياسمين هادئ ولكنه مندهش من اتصالها في العادة ليس بينهما تواصل إلا وقت حفل زفافها:
-الحمدلله بخير، أنتِ إيه اخبارك الدنيا تمام؟
ردت سامية رغمًا عنها:
-الدنيا مش تمام ولا أي حاجة تمام يا ياسمين أنا كلمتك من قلة حيلتي وعلشان مش لاقية غيرك اكلمه ولا عايزة اتكلم على اخوكي بالشكل ده قدام حد لأنك مهما كان اخته.
قالت ياسمين بنبرة غامضة:
-في إيه يا سامية بالظبط أنا مش فاهمة حاجة منك…..
-أنا هقولك في إيه…
ولجت سامية إلى صلب الموضوع دون أي مرواغة لكنها حاولت بقدر الإمكان أن تختصر، ذكر الموضوع يزعجها هي لا تعرف حقًا ما تفعله وما تنتظره منها..
سمعت رد عجيب من ياسمين لم تنتظره هو تحديدًا هي لم تظن بأن الأمر لن يدهشها ولن تستنكره أو على الأقل أن تدافع عن شقيقها مثلا أو أن تجادلها…
-وأنتِ منتظرة مني أقولك إيه يا سامية؟ ولا مستنية مني إيه اعمله؟؟ منتظرة مني اروح اقوله بتعمل كده ليه؟؟؟…
هي لا تعلم ما الذي تنتظره منها حقًا لكنها رغبت في أن تفعل أي شيء بدلًا من جلوسها هكذا وحيدة.
أسترسلت ياسمين حديثها بنبرة جامدة:
-لو قادرة تتعايشي مع الوضع ده تمام لو مش قادرة اطلقي أنا مفيش في أيدي أي حاجة اعملها…
في الحقيقة كان في بعض الاوقات يجب عليها أن تفعل شيء لكنها لم تفعل بسبب خوفها وبسبب تلك النقطة تحديدًا لا يقع على عاتقها فعل أي شيء…..
تمتمت سامية برد مختصر:
-سلام..
أتاها الصوت من الجهة الأخرى:
-سلام.
ثم انتهت المكالمة التي لم يفهم أحد غايتها لكنها كانت بالرغم من ذلك تحمل أكثر من معنى…
ولم يكن لديها طاقة للتفكير في الأمر، هي لا تعرف هل حقًا الأمر بتلك السهولة التي حاول زوجها أن يشرحها؟!!..
أم أن الأمر كبيرًا حقًا مثلما لم تقبله الفطرة الطبيعية وهي رؤية تلك الأشياء…
هل الأمر عاديًا وهي تضخم الأمر؟؟
هي تشعر بالحيرة الشديدة ولم تعد تفهم أي شيء، نهضت من مكانها ثم قامت بتشغيل التلفاز لعل صوته يغطي على صوت أفكارها هي حتى لم تعطى اهتمام أي قناة تلفزيونية هي من تحتل الشاشة كل ما كان يهمها هو صوت يعلو عن صوت أفكارها…
أخذت تقوم بترتيب المنزل الذي لم يقوم أحد ببعثرته من الأساس بعدها أخذت تصنع الطعام رغم فقدانها للشهية.
لم تسمع صوت فتح ثم بعدها إغلاق الباب بسبب صوت التلفاز العالي جدًا لكن فجأة توقفت عن قطع الخضروات حينما توقف صوت التلفاز هنا تركت ما كانت تفعله ثم خرجت من المطبخ لتجده واقفًا والريموت بين يديه وبمجرد أن شاهدها تحدث بطريقة طبيعية وكأنه لم يحدث شيء بينهما:
-إيه الصوت العالي ده كله، أنتِ بتسمعي الجيران معاكي ولا إيه؟
لم ترد عليه…
بل تركته وولجت إلى المطبخ تستكمل ما كانت تفعله ليأتي خلفها بانزعاج من تجاهلها له..
ووقف خلفها مباشرًا ليستند بذقنه على كتفها مما جعلها تزفر بضيقٍ مغمغمة:
-لو سمحت أبعد عني.
تمتم حمزة بنبرة خافتة:
-يعني لغايت أمته هتفضلي منكدة على نفسك و عليا كده؟.
أستدارت له سامية هاتفة بانزعاج واضح:
-هو أنتَ ليه بجد بتتعامل كأن الموضوع عادي وأنا اللي مكبراه..
رد عليها حمزة بهدوء:
-علشان دي الحقيقة فعلا الموضوع عادي وخلاص اعتذرت منك وصدقيني أنا هحاول اتغير ومش هتفرج على حاجة تاني؛ خلاص بقا مش معقول مع أول مشكلة تقابلنا في حياتنا نقف قصادها كل ده..
وضع وجهها بين كفيه تاركًا قُبلة على جبهتها:
-حقك عليا، أسف متزعليش مني ولا تخلي الفجوة ما بينا تكبر أكتر من كده..
تحدثت سامية بنبرة بدت بها ضعيفة فهي حقًا تحبه ولا تقبل بالفشل، كما أنها ليست لديها الطريقة الصحيحة حتى تتعامل في وضع هكذا:
-اوعدني أنك مش هتشوف الحاجات دي تاني…
رد عليها حمزة ببساطة وكأنه وعد يقدر الوفاء به:
-اوعدك..
ثم أسترسل حديثه بنبرة فضولية وعيناه تجول في أنحاء المطبخ:
-عاملة إيه على الغداء بقا؟؟؟
________________
اليوم يشاركها مكان لم يكن يذهب إليه إلا برفقة دياب الذي كان سبب حبه للطعام هنا الذي بالمناسبة لا يختلف كثيرًا عن الطعام الذي يصنعه لكنه أحب المكان هنا..
من الممكن لأن الأمر يختلف قليلًا في مشويات خطاب الأمر يتم التركيز فيه على شوي اللحوم والدجاج وبعض الطواجن والأطباق لكنه غير مختص بتلك الأمور الذي يقدمها “المسمط”.
كانت الأطباق موضوعة أمامهم وسلمى تنظر لهم متفحصة أياهم وهذا كم الدهون الغير مبرر التي تراه أمامها أوشك على أن يفقدها عقلها…
لم تكن تصدق بأنه حينما أخبرها بأنه سيأخذها مكان جديد غير الأماكن التي ذهبا إليها كثيرًا لتناول الغداء أن ينتهي بهما المطاف إلى هنا….
هتفت سلمى بنبرة جادة وهي تنظر على تلك الطواجن الفخارية:
-أنا هقول لعم زهران على اللي بتعمله ده..
ضحك نضال متحدثًا بنبرة جادة بعض الشيء:
-كده دخلتي في منطقة خطر بالنسبالي ابويا بيعتبرهم منافسين، حتى كان لسه بيفكر يعمل حاجة شبة كده…
خلع ساعته والدبلة المتواجدة بين أصابعه ثم وضعهما على الطاولة ثم قام بفك الزر الموجود في نهاية كم قميصه يبدو أنه يستعد لتناول الطعام…
سألها نضال بجدية:
-أنا طلبتلك فراخ مشوية علشان ترتاحي بس اعتقد مش هتكون حلوة أوي هنا بس بلاش قرفة وكلي بقا وذوقي واستطعمي الاكل بلاش نظرات اللي نازله أكل من كوكب المريخ دي…
هتفت سلمى تحاول أن تظهر سبب اعتراضها:
-انا معنديش مشكلة ومش بقرف من الحاجات دي على فكرة أنا كل مشكلتي عندي تحفظ مع كمية الدهن اللي ساح والزيت اللي الراجل كان عمال يحطهم وهو بيسوي بالذات في الطاسة الأخيرة دي قدامنا.
رد عليها نضال نبرة لم تفهمها:
-هو ده مش دهن أو اسمه مش كده بس مش دي مشكلتنا…
تحدثت سلمى بنبرة هادئة وهي تنظر له فهو جالس بجوارها بالفعل لم يكن أمامها:
-نضال أنتَ بجد اعتقد الحرق عندك حلو أوي ما شاء الله أنا لو مكانك وبأكل الحاجات دي أو طريقة أكلي زيك كان زماني معدية الـ مئة وخمسين كيلو مستريح مش باين عليك…
تمتم نضال لنبرة هادئة:
-خلاص نسيبنا من حصة التربية الرياضية دي…
ثم وضع يده وهو يمسك الملعقة في الطاجن الفخار الذي يتواجد أمامه هاتفًا:
-يلا ذوقي بقا اوعدك أن ده من أحلى طواجن ابةرق العنب بالكوارع اللي ممكن تشوفيها في حياتك بعد بتاعي طبعًا.
أنهى حديثه ثم قرب الملعقة من فمها وهنا هتفت سلمى معترضة بارتباك وخجل طفيف:
-خلاص يا نضال أنا هتعامل وبعدين صعب أوي محشي وكوارع مع بعض..
قال نضال بإصرار:
-ذوقي بس وبعدين يعني مكلتيش كوارع في حياتك قبل كده؟…
ردت عليه سلمى بنبرة هادئة وهي تنظر إلى يده وما يتواجد فوق الملعقة:
-بأكلها أحيانًا مسلوقة عادي هي والشوربة بس مش كده وبعدين هتوقع على الخمار…
-يبقى كلي..
فتحت فمها، ثم أدخل الملعقة بداخله وابتلعت الطعام حتى تنتهى من إصراره وهنا ضحك نضال من التعبير الذي يتواجد فوق وجهها….
تمتمت سلمى وهي تحاول أن تتناوله فهو مازال يحمل حرارة الفُرن:
-حلو أوي بس أول وأخر معلقة.
هذا بعدما قامت بتناول نصف الطاجن معه وجعلها تتذوق الأشياء الأخرى قصرًا كان الأكل لذيذًا لا تنكر ولكن الأمر هذا سيجعلها تخضع إلى تكثيف التمارين والسير لمدة طويلة..
انتهى الطعام وتناولت الشاي معه…
ثم قام نضال بدفع الحساب هنا غمغمت سلمى بنبرة هادئة لكنها مرهقة نوعًا ما:
-يلا نمشي بقا حاسة أننا اتأخرنا وأنا صاحية من بدري أوي النهاردة…
رد عليها نضال بنبرة هادئة وهو يعقد ساعديه:
-ماشي خلصي الشاي ونمشي بس يعني هنتأخر نصاية كده هاخدك مشوار.
ضيقت سلمى عيناها وهي تسأله بفضول ودهشة في الوقت ذاته:
-مشوار إيه ده؟.
-هو لازم اسئلة وخلاص يا سلمى؟.
ردت عليه سلمى موضحة:
-عادي عايزة أعرف رايحين فين هو مشوار يعني ملهوش اسم ولا مكان.
تحدث نضال بنبرة عادية:
-عادي هو يعني أنا هخطفك يا سلمى ولا هسرق أعضائك؟ هو مفيش ثقة أبدًا؟..
قالت سلمى بعفوية وعبارة خرجت منها بشكل جعله يفتح فاهه:
-أنا بثق فيك طبعًا، لكن كونك انسان، لكن كراجل مثقش أوي بصراحة يعني في العموم مش علشان أنتَ نضال با علشان أنتَ راجل..
فيلسوفة عصرها….
ما الذي تتفوه به حقًا….
عبارتها جعلته يضحك رغمًا عنه؛ لكن في الحقيقة سلمى مفعمة بانعدام الثقة في من حولها وهذا استطاع رؤيته منذ ارتباطه بها تقريبًا هي لا تستطيع أن تبني علاقة ثقة قوية مع من حولها مهما بلغت درجة حبها لهم وهذا لاحظه بنفسه…
سلمى ليست لديها أصدقاء في العموم مقربين وهذا التمسه دون أن تصرح به من خلال تعامله معها اليومي…
رد عليها نضال رد تلقائي:
-بس أنا جوزك مش راجل من الشارع بس بغض النظر المقولة اعجبتني والله بغض النظر عن كل ده بس عجبتني..
يبدو أن حديثها لم يكن موفقًا هو يستهزئ بها…
تنهد نضال ثم أردف بنبرة هادئة:
-هاخدك مكان هتعرفي لما تروحي ومتقلقيش أنا جوزك لو في نيتي حاجة هقولك في وشك مش هخطفك في حتة مقطوعة.
أتسعت عيناها وكادت أن ترد عليه لكنه قاطعها وهو يقوم بفتح هاتفه….
قام بتشغيل الكاميرا ثم أقترب منها بجسده متمتمًا:
-تعالي نأخد صورة علشان احنا مش بنتصور خالص مع بعض.
ابتسم وأخذ الوضعية لكنها مازالت تنظر له ببلاهة لا تصدق سرعة انتقاله من أمر إلى أخر مما جعله يأخذ الصورة وهي تنظر له بشكل عفوي ثم غمغم:
-يلا يا سلمى…
رفعت بصرها وحاولت الابتسام حتى تأخذ تلك الصورة معه….
بعد مرور نصف ساعة….
كانت تراقبه وهو يتحدث مع الرجال التي تعمل في المكان الذي كان جميلًا أكثر مما يبدو عليه في الصور التي كان يرسلها لها…
ترك الرجل يستكمل عمله ثم أتى هاتفًا بنبرة تبدو هامسة لا يسمعها سواها:
-إيه رأيم في المكان؟ حبيت تيجي أنتِ أول حد يشوفه قبل يوم الخميس، سلامة لسه حتى هيجي بكرا يشوفه حبيت أشاركك بغض النظر عن كل أفكارك وظنونك المنيلة فيا…
ابتسمت له بحرج ثم أردفت بتمني حقيقي:
-ربنا يوفقك يا نضال أنا مبسوطة علشانك أوي، ان شاء الله تكون خطوة ليك كويسة مع دياب يارب…
تحدث نضال بتمنى هو الأخر نابع من فؤاده الذي بات يشعر بحق ولذلك يجعله في بعض الأوقات يتخلى عن غضبه ويتعامل بحكمة:
– آمين يارب و ان شاء الله يخلينا لبعض ونفضل العمر كله مع بعض…
____________
-شوفتي صحتك ووشك ردوا ازاي وفي المستشفى اهتموا بيكي فعلا أنتِ كنتي بتهملي في صحتك أوي يا ماما..
قالت حور تلك الكلمات بينما الأطفال يلعبون بألعابهم وإيناس شاردة تمامًا بعد المكالمة التي حدثت في الصباح….
ها هي تقوم بـ طي الملابس بعدما قامت بجمعهم من فوق الأحبال….
هتفت حُسنية تحاول رفض فكرة أن صحتها قد تحسنت في المستشفى:
-لا أنا وشي رد واتحسنت لما رجعت البيت وبقيت هنا وسطكم..
فتحت حور عيناها على أخرها وهي تنظر لها:
-طب عيني وفي عينك كده يا حُسنية…
قالت حُسنية بضجرٍ:
-بقولك إيه يا بت أنتِ متقعديش توشي ليا؛ يلا روحي ذاكري وشوفي وراكي إيه تعمليه الامتحانات على الأبواب…
قامت حور بتقطيع التفاح الذي يتواجد أمامها ووضعت طبق أمام الصغار وفي الوقت نفسه أعطت طبق إلى والدتها التي أخذت تتناوله:
-وليه النكد ده بقا؟..
ثم أسترسلت حديثها:
-أنا كنت حاسة أن لما دكتور ماجد هزر معاكي أنه عايز يقعدك يوم كمان كنتي هتقومي تمسكي في رقبته…
تحدثت حُسنية على مضض:
-أنا مبحبش هزار الدكاترة ده..
ردت عليها حور بدفاع كبير:
-لو سمحتي اتكلمي عنهم حلو مش يمكن أكون منهم، وبعدين ده الدكتور عسول أوي ولا دكتور جواد سكر…
ضحكت حُسنية ثم أردفت:
-دي حقيقة فعلا الاتنين كانوا كويسين، أصل سبحان الله في دكاترة تشوفيها كده يمرضوكي من طريقة الكلام بس وفي دكاترة برضو لسانها حلو وبيريحوا اللي قدامهم، يارب أشوفك زيهم يا بنتي يارب…
ابتسمت لها حور وهي تتمنى حقًا..
بأن تتحقق دعوة والدتها….
ثم جالت بأنظارها ناحية إيناس التي على ما يبدو مازالت نفس القطعة بين يديها منذ مدة ولم تقم بطيها…
تحدثت حور بصوتٍ عالي افزعها لكنه أضحك الصغار في مشهد عجيب:
-إيناس…أنتِ فينك..مش معانا ليه…
انتفضت إيناس مغمغمة:
-بطلي تجحشي، وبعدين هكون فين يعني ما أنا قدامك أهو بطبق الغسيل…
أردفت حور تحاول اختبارها:
-طب أحنا كنا بنقول إيه؟؟
ردت عليها إيناس بنبرة جادة بعدما انتهت من القطعة التي تتواجد في يدها وأخذت واحدة غيرها:
-معرفش كنتم بتقولوا إيه أنا مش مركزة بطبق الغسيل بقولك.
تمتمت حور وهي تشاكسها كالعادة:
-بطبقي الغسيل بودنك يعني ولا إيه؟ وبعدين يعني إيه اللي واخد عقلك؟، بس في كل الأحوال هكون أحسن منك وهقولك كنا بنقول إيه كنا بنتكلم عن السكر..
ضيقت إيناس عيناها وقالت بنبرة أثارت ضحك حُسنية والصغار المشاهدين للحوار بأعين ماكرة:
-ليه هو غلي تاني ولا إيه؟؟ أنا بقلق من أزمات الزيت والسكر دي.
ضحك الجميع مما جعل إيناس تغمغم بعدم فهم:
-أنتم بتضحكوا على إيه مش فاهمة؟…
تحدثت حور وهي تحاول التوقف عن ضحكاتها بصعوبة:
-أبدًا أصلك أنتِ في حتة واحنا في حتة تانية، احنا كنا بنتكلم عن دكتور ماجد ودكتور جواد والسكر دي كانت كناية عن دكتور جواد علشان البلاغة مأثرة عليا شوية……
نهضت إيناس من مكانها متحدثة بنفاذ صبر:
-خليكي أنتِ في السكر وقومي طبقي الغسيل وكمليه أنا هدخل أنام علشان مصدعة شوية مدام مش بتعملي حاجة ولا بتذاكري…
بالفعل توجهت إيناس صوب الغرفة وكان يسير خلفها الصغار لا يعرفون كيف يتركون والدتهم ثانية بعدما تنتهي الحضانة التي قامت بالتسجيل لهما فيها ولم يذهبا إلا يومان…
منذ مدة اشتركت فيها حينما كان يرسل لها طليقها النقود ولم يذهبا كثيرًا لكنها تحدت خوفها عليهما حتى يعتادون هذه الحياة قبل أن تقوم بالتقديم لهم في العام الدراسي الجديد..
أردفت حور بحماقة:
-هو أنا قولت إيه يزعلها؟؟؟
تمتمت حُسنية بنبرة كئيبة بعدما كانت الضحكة لا تفارقها بسبب حوارها مع صغيرتها:
-مش عارفة بس واضح أن في حاجة ضايقتها….
ثم أسترسلت حديثها بندب أمومي بحت:
-معرفش ليه البت دي الدنيا ليه جاية عليها كده مع أنها غلبانة، ومشكلتها هي ودياب أنهم مبيتكلموش كده من نفسهم إلا لما ينفجروا….
نهضت حور بخفة وجلست على فخذي أمها وكأنها طفلة صغيرة متمتمة بدلال:
-علشان تعرفي أنك مجبتيش غيري.
حاولت حُسنية أن تبعدها عنها بصعوبة مغمغمة وحور تقبل وجنتيها بالقوة:
-يابت بس كبستي على مرواحي ده أنا لسه خارجة من المستشفى…..
…بعد مرور ساعة تقريبًا…
تركا الصغار والدتهما وخرجا للجلوس مع جدتهما وخالتهما بعدما ادركا بأن والدتهما عابسة الوجه، كان جواد طفلها ترك الباب مفتوحًا مما جعل حور تدخل بسهولة ثم أغلقت الباب خلفها..
فأعتدلت إيناس في الفراش ثم قامت بجمع خصلاتها التي تبعثرت بسبب تقلبها في نومها بواسطة الشريط المطاطي، كانت حانقة وهي تتحدث:
-هو الواحد ميعرفش ينام له ساعة في البيت ده؟.
غمغمت حور بنبرة جادة:
-بقولك إيه متاخدنيش بالصوت قولي وانطقي مالك، هو أول ما قولت جواد وشك قلب ليه هو الراجل ده عملك حاجة؟…..
تحدثت إيناس بنبرة مغتاظة:
-هيعملي إيه يعني؟ وبعدين هو ملهوش علاقة بـ قلبة وشي.
على العكس هي تراه رجل جيد..
حينما تعاملت معه عن قُرب….
يبدو أنه رجل ذو قلبٍ رحيم عكس التحفظات التي كانت لديها عليه حينما كانت تسمع عنه من حكاوي أحلام والتي بالرغم من ذلك كانت في بعض المواقف تنصفه أمامها من دون معرفة شخصية هي دومًا تقف مع الحق..
الجميع يتحدث عن طيبته وأخلاقه…
وهو لم يفعل معها حتى الآن غير كل شيء جيد…
تمتمت حور بنبرة حنونة:
-احكيلي وقوليلي مالك طيب، هتحكي لمين غيري هو أحنا لينا إلا بعض؟؟..
كانت صادقة من لها غير شقيقتها لكنها تحدثت بشكٍ مغمغمة:
-بس أنتِ لسانك فالت يا حور ومش بتعرفي تمسكي نفسك..
قالت حور تحاول أن تنفي عن نفسها تلك التهمة:
-لا جربيني المرة دي بس..
-جربتك كتير وكل مرة بتنيلي الدنيا.
هتفت حور بنبرة جادة:
-صدقيني الظروف اللي بتكون ضدي لكن أنا مش فتانة أكيد…قولي مالك و والله ما هقول لحد اديني حلفت اهو وأنا عمومًا مش قد إني أصوم ثلاث أيام.
لم يكن لديها خيار لذلك تحدثت بالفعل وأخبرتها بما حدث في الصباح من مكالمة هذا الرجل لها وبعدها قامت بالحديث مع طليقها…
كانت حور تسبهما وتلعنهما…
غاضبة وبشكل كبير…
غمغمت حور بتردد:
-ما نعرف دياب..
تحدثت إيناس بقلق حقيقي:
-يعني أنا مش بحكي كل ده علشان تقوليلي أكلم دياب ما أنتِ عارفة لو قولتله هيودي نفسه في داهية وهو مش بيفكر…
قالت حور تحاول التفكير في حل أخر:
-خلاص بسيطة نغير الرقم إيه رأيك؟ مش هو معهوش إلا رقمك اللي الحيوان ده اتصل عليه من عنده وبيكلمك عليه كل شوية من أرقام مختلفة يبقى نغير الرقم..
ردت عليها إيناس بتردد:
-بس الرقم ده قديم ومعايا من وأنا في الجامعة…
قاطعتها حور ساخرة:
-ياختي هو حد يعرفك غيرنا؟ اللي عايز يوصلك هيوصلك بألف طريقة دلوقتي، وبعدين أنا شايفة أن ده الحل المثالي..
قالت إيناس بقلة حيلة وهي تحاول التفكير فيما تقوله شقيقتها:
-تفتكري؟؟..
هل هذا هو الحل حقًا؟!!…
______________
في اليوم التالي..
تجلس في العمل ككل يومٍ..
تحاول أن تنهى الأشياء الواقعة على عاتقها، غير الاستفسارات الكثيرة التي تأتي من المرضى ومن مرافقينهم…
صدع صوت هاتفها قامت بتجاهله حينما وجدت بأن المتصل حور لأنها معتادة على الاتصال كثيرًا في الغالب بدون سبب، واستمرت في عملها لكن لم تمر دقيقة وكانت حور تتصل ثانية…
هنا قلقت إيناس من أن يكون حدث شيء لوالدتها تحديدًا..
لذلك أجابت عليها:
-ألو يا حور في حاجة حصلت ولا إيه؟.
سمعت شيء من شقيقتها مما جعلها تتحدث بنبرة متوترة وصدمة حلت عليها حينما أخبرتها شقيقتها بما حدث فمن المفترض بأن تذهب حور برفقة هدير بعد درسها حتى يأتيا بالصغار من الروضة:
-يعني إيه مش موجودين؟ يعني إيه اللي بتقوليه ده……….
تفوهت شقيقتها تخبرها بما حدث مما جعل وجهها يتلون تمامًا وتنهض من مكانها بارتباك وهي تصيح بجنون:
-خلاص أقفلي دلوقتي اقفلي أنا جاية…
نهضت شيرين من مكانها بينما باقي الفتيات حاولن استكمال العمل مع الناس الواقفة أمامهم..
أردفت شيرين وهي تضع يدها على كتف إيناس التي أصبحت شاحبة كالموتى في ثواني:
-في إيه يا بس يا ايناس بتصوتي كده ليه؟..
كانت إيناس تعبث في هاتفها تحاول أن تأتي بالارقام المحظورة وأتت برقمه ثم قامت برفع الحظر ثم اتصلت به لتجد هاتفه مغلق…
أخذت تلعنه وهي تخبر شيرين:
-الحيوان راح خد العيال من الحضانة، راح خدهم من الحضانة أنا اللي بغبائي قولتله اسمها وعنوانها اما كان بتبعت المصاريف…وموبايله مقفول كمان..والحضانة محدش كلمني ادوله العيال لما وراهم بطاقته وأنه أبوهم.
فهمت شيرين الأمر بأنه يعود إلى طليقها لكنها حاولت بأن تبث الطمأنينة بها متمتمة:
-اهدي بس اهدي يمكن عايز يشوفهم ويرجعهم بس متقلقيش….
أردفت إيناس بنبرة كئيبة وهي على وشك أن تفقد عقلها:
-إيه فاق دلوقتي وافتكر العيال بعد إيه؟ هو ولا عايز يشوفهم ولا نيلة الله اعلم هو ناوي على إيه، حاسة أن هيجرالي حاجة أنا لازم امشي ولازم اتصل باخويا….
تمتمت شيرين بنبرة هادئة:
-ماشي اهدي بس وروحي قولي لمدام نادين وعرفيها اللي حصل وهي هتديكي الإذن بس اهدي علشان متروحيش وأنتِ بالحالة دي في النهاية هو أبوهم هيعملهم إيه يعني؟؟..
هتفت إيناس بنبرة ساخرة من كلمات صديقتها وهي تقوم بلملمة أشيائها من على الطاولة وتضعها في الحقيبة بشكل عشوائي ويداها ترتعش بشكل جعل شيرين هي الأخرى تقلق عليها بشكل كبير:
-أنتِ متعرفيش حاجة……
تمتمت شيرين بارتباك شديد وخوف كبير عليها رغم أن المدة التي تجمعهما ليست طويلة أبدًا لكنها باتت مقربة منها وفي النهاية هي امرأة تحتاج المساعدة وتشفق على حالتها:
-طب هنشوف لو مدام نادين رضيت تديني إذن وامشي معاكي هاجي معاكي على الأقل أوصلك لغايت البيت أنا قلقانة عليكي تمشي لوحدك…
بالفعل أخذت الأذن وكان أول شيء فعلته بمجرد خروجها من المستشفى برفقة صديقتها هي اتصالها بشقيقها وكأن أول عبارة خرجت من فمها:
-الحقني يا دياب..
________________
مكالمة شقيقته كانت تكفي.
بأن يترك عمله في مشويات خطاب بعدما اتصل بـ مصطفى الذي يعمل بعده بأن يأتي ويستلم منه الآن ولحسن الحظ كان يتواجد في منزله الذي يتواجد في نفس الشارع.
أتى خلال ربع ساعة تقريبًا ورحل دياب متوجهًا صوب المنزل الخاص بـ شقيقته سابقًا والآن أصبح يخص عمرو…..
ذهب إلى هناك وأخذ يقوم بقرع الجرس لكن ليس هناك من يجيب عليه…
-ماشي يا عمرو يا ويلك لو أنتَ جوا وعامل نفسك مش سامع..
أنهى حديثه ثم هبط على الدرج واصطدم به عند بوابة العمارة هذا ما جعله يمسكه من ياقته هاتفًا:
-أهلا وسهلا…
رد عليه عمرو بجفاء وهو يحاول أن يبعد يده عنه:
-خير يا دياب إيه اللي جابك هنا؟ هو مفيش غيري ولا إيه؟.
-بُص يا عمرو أقسم بالله أنا المرة دي مش عايز أمد ايدي عليك….
ثم أشار ناحية وجهه متمتمًا بعدما ترك ياقة قميصه:
-لأن عدى شهور ولسه ايدي معلمة على وشك مش عايزة تروح، فقولي العيال فين وهاتهم علشان نختصر على بعض وقت كبير عليا وعليك، وأنا هعتبر أنك العيال وحشتك وفوقت فجأة وحسيت أنك عايز تشوفهم…
تمتم عمرو بسخرية:
-بقولك إيه يا عم دياب حل عني أنتَ مش كل شوية تيجي تعمل النمرة بتاعتك، عيال وملكوش عندي العيال عند ستهم، وهو ده مكانهم الطبيعي مهوا أنا مش هقعدهم مع واحدة ماشية على حل شعرها وقاعدة تلاغي في صاحبي لم اختك ياخويا الأول بس….
لم يكن هذا حديثه بل حديث محمود الذي أخذ يقنعه بكل هدوء بأنه لم يتصل بطليقته مطلقًا بل على العكس تمامًا هي من كانت تتصل به دومًا وهو يحاول صدها لكنها كانت مستمرة في ذلك…
هو اقتنع بحديثه لأنه لم يكن يصدق بأن صديقه المقرب قد يفعل هذا به….هو صديقه منذ الطفولة يستشيره في كل شيء في حياته..
لم يكن هناك أي مفر من يد دياب التي طالته وقد جن جنونه بمجرد سماعه تلك الكلمات منه؛ هو يطعن في شرف شقيقته، هذا قد يجعله يصل إلى أن يلقى حتفه على يده دون أن يرف له جفن حتى…
تجمع الناس حولهما وحاولا أن يخلصا عمرو من يد دياب الذي حاول الدفاع عن نفسه وأعطاه لكمة…
لكنها لم تجعل دياب يكف أبدًا وهذا ما جعل عمرو يزيد من اتهاماته الباطلة التي ليس لها أي أساس من الصحة……
حتى لا يمتلك دليل بها سوى افتراء صديقه على طليقته والدة ابنائه وكلما يزيد من اتهاماته كان هذا يجعل دياب يزيد من لكماته ويفقد أعصابه بشكل أكبر بكثير….
أمسكه دياب من ياقته بعدما ابتعد عن الراجل الذي كان يمسكه ويحاول فض الاشتباك بينهما:
-وديني عند صاحبك ده حالا وإلا قسمًا بالله هقتلك……….
________________
منذ أن عادت من العمل برفقة صديقتها شيرين التي أتت معها حتى المنزل وهي تبكي وتنوح وتصرخ بأنها ترغب في أطفالها وفي نفس الوقت تخاف من أن يتورط شقيقها في مصيبة لكنها لم يكن لديها سواه أن تتصل به في موقف هكذا…
تحدثت حُسنية بلوم وقلق كبير على ابنها:
-يعني كان لازم تكلميه هو الأول ياست هانم؟ مكنش ينفع تكلميني وتعرفيني أنتِ وحور خلتوني زي الاطرش في الزفة..
رغم الحزن المسيطر على الأجواء تحدثت حور التي كانت تجلس على المقاعد وبجوارها تجلس هدير التي أتت معها:
-هو كل حاجة حور وخلاص حتى لو معملتش حاجة دي مبقتش عيشة دي أنا روحت أجيب العيال واللي حصل إني ملقتش حد فاتصلت بأمهم مالي أنا بقا..
قالت حُسنية بغضب واضح وغيظ فهي لا تتصرف بمنطقية الآن هي أم خائفة وقلقة على ابنها حالها يشبه حال ابنتها المكلومة بعدما تم أخذ أطفالها منها:
-خلاص اخرسي هو أنتِ لسه هتجادليني؟؟؟..
صمتت حور بعدما لكزتها هدير بأن الوقت لا يسمح مجادلتها حتى ولو كان الحق معها…
بينما شيرين كانت صامتة فهي تشعر بالحرج لأول مرة تأتي هذا البيت وفي وقت مثل هذا…
أردفت إيناس بحسرة شديدة وهي تبكي:
-يعني خلاص مش هشوفهم تاني؟ هو أصلا بيعرف يأخد باله من نفسه علشان يأخد باله منهم..
حاولت شيرين مواساتها متمتمة بنبرة هادئة:
-اهدي يا إيناس هو أكيد مش عبيط مفيش راجل بيحب المسؤولية كلهم بيحبوا يهربوا منها ولو هو عايزهم من الأول مكنش أصلا سابهم الشهور دي كلها…
قالت ايناس بنبرة تائهة:
-اومال عمل كده ليه؟.
-بيعند وخلاص..
هذا ما قالته شيرين بينما حُسنية نهضت من مكانها متمتمة بترحاب ليس في وقته ولكنها تحاول إلهاء نفسها:
-أنا هقوم اعملك شاي يا بنتي..
قالت شيرين بتردد:
-مش وقته يا طنط وبعدين أنا مش عايزة حاجة تسلمي يارب.
تحدثت هدير وهي تنهض من مكانها برفقة حور:
-خليكي أنتِ يا طنط وأنا وحور نعملكم شوية ليمون كده وهدوا أعصابكم ان شاء الله خير ودياب يجيب خبر كويس….
أردفت حُسنية بنبرة عالية فالأمر أتى في عقلها فجأة:
-فين يا بت يا هدير موبايلي أكلم نضال يروح يشوفه فين أنا مش قادرة اقعد كده وهو مبيردش عليا ولا بيريح قلبي….
جاءت هدير بهاتف والدتها التي طلبته ثم أتصلت بـ نضال مغمغمة بنبرة هادئة:
-ازيك يا نضال يا ابني عامل إيه؟….
رد عليها وسألها عن أحوالها هنا أردفت حُسنية بأسى:
-الواد دياب اختفى في موضوع حصل مع إيناس وطليقها، حاول تشوفه فين علشان مش بيرد عليا أصلا وأنا قلقانة يكون هبب حاجة ما أنتَ عارفه بيحب يوقع نفسه في المصايب..
_______________
بعد العديد من الاتصالات منه ومن والده الذي كان يجلس معه أثناء اتصال والدة دياب به…
إلى حين أن تكرم دياب أخيرًا وبعد ساعة تقريبًا من القلق الشديد ليخبره بأنه في قسم الشرطة…
“ايوة يا نضال أنا في قسم ***** تعالى”.
وذلك الخبر هو ما جعله ينهض على الفور من الجزارة برفقة أبيه متوجهين صوب قسم الشرطة الذي أخبره عنه وهناك حاول زهران حل الأمور بشكل ودي رغم جهله بالأمر لأن دياب لا يرغب قول أي شيء…
كان عمرو ليست لديه مشكلة ويرغب في التنازل أما محمود رفض وبشدة التنازل بعد هذا الجرح الذي احدثه دياب في وجهه..
كان زهران يقف بجوار نضال ودياب هاتفًا:
-يا ابني اتكلم فهمني حصل إيه بالظبط عشان اعرف اتصرف الـ*** ده مش عايز يتنازل ومصمم يكمل ومعاه شهود من المحل بتاعه.
رد عليه دياب برد مقتضب وهو يضع الثلج على جبهته الذي أتى به نضال من أجله…
نعم هو أحدث بهما أضرار ضخمة لكنه أصيب أيضًا…
-مش فارقة يعمل اللي يعمله.
يرغب زهران في ضرب رأسه في الجدار لكنه حاول الثبات وهو يخبره:
-حلو أنك تدافع عن اخواتك وتكون ضهرهم بس اللي مش حلو أنك تضيع نفسك لأن امك واخواتك ملهمش غيرك يا ابني اتكلم علشان نلحق نتصرف أنا حتى اتكلمت معاهم أنتَ مقولتش حاجة جوا…
لم يعطه رد بل ظل صامتًا….
مما جعل زهران يسير بضعة خطوات تاركًا أياه بعدما أدرك بأن هذا الشاب لن ينقذ نفسه والحماقة والغضب يحتلونه الآن لذلك بعدما ابتعد عن أنظارهم أرسل رسالة مختصرة على الواتساب إلى ابنه نضال..
“ابعتلي رقم أمه أو حد من اخواته لو معاك”
حينما صدع صوت نضال معلنًا عن وصول رسالة وجدها من أبيه لم يفهم ما يريد فعله لكنه يثق بأنه سيفعل شيئًا ولم يكن لدي نضال أي رقم سوى رقم السيدة حُسنية لذلك أرسله له بهدوء أثناء شرود دياب الذي لا يعطي أي شخص تركيزًا…
خارج قسم الشرطة…
قام زهران بالاتصال بالرقم المرسل إليه من قبل ابنه لترد عليه حُسنية:
-ألو مين معايا؟
رد عليها زهران بهدوء:
-أنا زهران أبو نضال احنا لقينا دياب متقلقيش عليه…
-الله يخليك يا أبو نضال والله تعبناكم معانا طب اديهوني..
تمتم زهران بنبرة بدت طبيعية:
-حاضر بس هو متعصب دلوقتي لكن هو كويس متقلقيش اديني بس إيناس عايزها في موضوع…
رغم شك حُسنية بأن يكون ولدها بخير…
يبدو أن هناك شيء لا يرغب زهران في قوله لها لكنه في ذات الوقت أصابها بالطمأنينة حتى ولو بنسبة بسيطة..
لذلك سمعها تنادي على ابنتها إيناس تخبرها بأن تأتي……
بعد مرور نصف ساعة….
وفي المكان الذي يجلس فيه محمود الذي كانت رأسه ملفوفة بالشاش الطبي…
محمود تفوه بكلمات جعلت دياب على وشك قتله بالفعل لولا الشباب التي تعمل معه في متجره “الصالون الرجالي” تفوه بكلمات غير صحيحة تشبه تمامًا الكلمات التي قالها إلى عمرو لكنه لم يدرك الفارق بين عمرو ودياب………
بأن أحدهما تسمح له رجولته بأن يتفوه أمامه ويسب في عرض أمرأة كانت على ذمته لمدة سنوات وأم طفليه والآخر على استعداد أن يقتله بسبب كلماته…
تمتم زهران بهدوء:
-هو أنتَ محمود؟..
رفع محمود بصره إليه متحدثًا بسخطٍ:
-أيوة أنا محمود ومين أنتَ كمان؟؟..
رد عليه زهران ببساطة:
-أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا المعلم زهران خطاب..
عقب محمود على حديثه بغضب ونفاذ صبر:
-ايوة يعني مين برضو حضرتك؟..
-أنا جايلك بخصوص دياب…
قال محمود بقوة وغضب كبير يفتك به بسبب الكدمات والجرح الذي احدثه فيه، جسده كله يؤلمه مثل كرامته:
-اه قول كده بقا أنا أول ما دخلت وأنا شامم ريحة مش كويسة في الموضوع وبعدين أنا مش هتنازل لو هو اللي باعتك قوله الكلمتين دول أنا هسجنه…
تحدث زهران ببرود شديد يستعمله في الوقت الذي يحب:
-مش هو اللي باعتني، وبعدين الريحة اللي شمتها هي اللحمة وواضح أنها غريبة عليك يلا مش ده موضوعنا…
ابتلع ريقه ثم استرسل حديثه بثبات:
-مش دياب اللي باعتني بس أنا بقولك اتنازل لأن الموضوع هيكون محضر قصاد محضر..
ضحك محمود مستهزئًا وهو يغمغم:
-ليه محضر قصاد محضر؟ هو أنا اللي جيت لغايت مكان شغله وأكل عيشه وضربته وفتحت دماغه…
هز زهران رأسه نافيًا:
-لا طبعًا مش أنتَ اللي عملت كده بس عملت حاجة تانية، إيناس جاية في الطريق وناوية تعملك محضر…
رغم القلق الذي شعر به إلا أنه قال بعنجهية:
-تعملي محضر ليه ان شاء الله هو أنا اللي واخد عيالها؟ ما طليقها موجود يروحوا يعملوا اللي عايزينه في بعض أنا مليش دخل بيها..
تحدث زهران موضحًا:
-لا الموضوع مش كده هي هتعملك محضر بأرقامك اللي أنتَ اتصلت بيها عليها مرتين ولا ثلاثة باين وهيبان أنه انتَ، لأنك بتشهر بيها وسجلات المكالمات بتتجاب بسهولة دلوقتي غير الخطوط اللي هو رقمك الشخصي ورقم المحل يعني مش أرقام غريبة، وهتعملك محضر بالرسالة اللي بعتها ليها من رقم المحل اللي كان فيها فيديو مش ولا بد زيك كده….
قصت إيناس كل شيء إلى زهران ولم تشعر بالحرج فهي لن تنتظر أن يحدث إلى شقيقها شيء بسببها…
وأقسمت بالفعل بأن الأمر لن يكن مجرد تهديد بل هي سوف تفعل وتأتي وتقوم بالشكوى عليه وتدلي بإفادتها إذا لم ينتهي الأمر…
علمت بأنه حتى هو من أرسل هذا المقطع لها…
أخذت تبحث في قائمة المحظورين ولم يكن هناك غيره تقريبًا وقتها بحثت عنه في أحد البرامج الشهيرة وعلمت بأنه الرقم الخاص بمحل عمله…
تمتم زهران وهو يسترسل حديثه:
-تقوم تتنازل وتخلص من الحوار ولا نخليها محضر قصاد محضر وساعتها دياب هجيبله محامي وهيبقى رد فعله طبيعي على واحد بيعاكس اخته وبيعمل اللي أنتَ بتعمله….غير طبعًا سمعة محلك اللي هتكون في الطين…
بعد مرور ساعة ونصف تقريبًا…..
كان دياب يدخل من باب المنزل بمفرده….
بعد الكثير من التوصيات إليه من قِبل زهران ونضال بأن يتحلى بالصبر وأن يهدأ وشقيقته ليس لها ذنب…
اقتربت منه إيناس ووالدته بمجرد دخوله ولم يتحلى بالصبر أبدًا كما تم نصحه بل أمسك إيناس من ذراعها بقوة ألمتها وهو يصيح:
-انطقي وقوليلي ايه اللي حصل من الأول وإلا هرتكب جناية أقسم بالله أنا على تكة…
جاءت والدته وهو حاولت أن تبعده يده عنها وكذلك حور…
هتفت حُسنية بنبرة متوترة وخائفة من ابنها:
-اختك ملهاش ذنب في حاجة والله العظيم يا ابني..
صرخ دياب بغضب واضح:
-ملهاش ذنب في حاجة ازاي؟ هو جاب رقمها منين من الأساس…
كان يصيح ليس بسبب الشك ولكن رغبة في الفهم فهو طوال اليوم لم يكن يفهم أي شيء شعر بأنه في عالم أخر..
حاولت إيناس النطق وهي تنظر له بذعر واضح:
-والله أنا ولا كلمته ولا غيره هو عمرو اللي اتصل بيا من عنده من كام شهر وأنا رديت عادي لما كان رقم غريب قولت اشوف مين حتى مقعدتش ادي واخد في الكلام أنا كنت مبلكه عمرو وهو قالي أنه عايز يبعت مصاريف العيال على المحفظة وكان فعلا بيبعت كل اسبوع مصاريف لغايت ما قطع الموضوع…وماما كانت عارفة كل حاجة والله
صرخ دياب بجنون:
-وأنا كنت فين علشان متبلغنيش؟؟؟؟ هو في راجل محترم يكلمك من تليفون صاحبه وأنا *** مش هنا أصلا علشان حد فيكم يعبرني ويقولي…لو كان عايز يبعت فلوس فعلا للعيال مبعتهاش ليه مع أي *** من عيلتهم لغايت هنا ولا جه هو لغايت هنا…
أردفت حُسنية بتوتر وهي تخبر ولدها:
-محبناش نعمل مشكلة يا ابني ومكنش في أي حاجة….
كاد دياب أن يجذبها من خصلاتها ولكن حُسنية منعت يده وهي تخبره:
-والله اختك ما ليها ذنب في حاجة يا ابني اهدي بس واسمعنا..
صاح دياب بنبرة غاضبة:
-عرفنا جاب رقمك منين قوليلي كلمك امته وازاي…
ردت حور بدلًا من شقيقتها التي أصابها التبلد بدلًا من الصراخ وأن تخبر شقيقها بكل شيء يكفي بأنها تشعر بالقلق على أطفالها:
-هو اللي كلمها من رقم غريب متعرفهوش غير الأولاني وقالها أنه عمرو عايز يرجعها وهي هزقته وبلكته ومرضتش تقولك علشان متحصلش مشكلة…
تمتم دياب ساخرًا:
-حتى العيلة الصغيرة عارفة وأنا زي الاطرش في الزفة معرفش أي حاجة ولا ليا لازمة وسطكم..
تحدثت حسنية وهي تحاول أبعاده بصعوبة فالشياطين تتراقص أمام عينه:
-يا ابني والله احنا مكنش قصدنا حاجة غير أننا مش عايزين مشكلة تحصل وكنا…
قاطع دياب حديث والدته بغضب كبير:
-كل ده ومحصلش مشكلة؟؟؟ كل ده يحصل من ورايا وتقوليلي محصلش مشكلة، مهوا أخرة سكوتكم ومحدش فيكم يعبر الـ *** اللي في البيت ولا يعرفه اللي بيحصل هو اللي وصل عيل *** ملهوش لازمة يقول أن بنتك بتلف على صاحب طليق جوزها قدامي…….
في نهاية الحديث كان يرغب في الفتك بها مرة أخرى لكن جسد والدته وحور منعه من ذلك…..
صرخ مرة واحدة ثم تركهما وغادر المنزل…
تحت بكاء الثلاثة نساء…
أثناء هبوطه خرجت ريناد من باب الشقة وكانت على وشك الصعود إليهم بسبب الأصوات التي تسمعها هي وبهية التي كانت ترتدي خِمارها في الداخل….
تمتمت ريناد بقلقٍ:
-دياب في إيه؟ إيه الزعيق ده كله؟ أنتم كويسين؟؟………..
نظر لها بغضب ولم يتفوه بحرف وأخذت تنادي عليه وكانت على وشك أن تلحق به لولا أنها رأت بأنها لا ترتدي شيئًا في قدمها….
جاءت بهية من الداخل متمتمة:
-هو دياب ده اللي نزل؟؟
قالت ريناد بخوف حقيقي عليه وعيناها متعلقة بطيفه:
-أيوة هو…
تمتمت بهية برجاحة عقل:
-واضح أنه اتخانق معاهم فوق تعالى اقفلي الباب ونطلع نشوف في إيه ربنا يسترها……
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم)