Uncategorized
رواية لمن القرار الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم سهام صادق
رواية لمن القرار الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم سهام صادق
رواية لمن القرار الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم سهام صادق |
رواية لمن القرار الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم سهام صادق
لفظت “شهيرة” عبارتها، فكان لصداها قوة اخترقت قلب الواقفة في سكون تام..، لم تكتفي “شهيرة” بما قالته بل اخذت تُكرره إلى أن شعرت بالأرتياح وهي ترى عينين “فتون” الدامعة من وقع كلماتها عليها.
شعرت “شهيرة” بزهوة النصر وأن غريمتها فتاة ضعيفة في ثوب أمرأة وكما اخبرتها “دينا” إنها تستطيع التخلص منها دون جهد.
ارتفعت أنفاس “فتون” مع محاولتها المُستميته في كبح دموعها، تلاشت المسافة بينهم ومع إحكام “فتون” المئزر حول جسدها وقبضتها المتماسكه به.. ؛ عاد الحقد يشتعل في عينين “شهيرة”
– اوعي تفتكري أنك حاجة ميقدرش سليم يتخلص منها ويرجع لعقله، أنتِ مجرد جسم بيشبع رغبته فيه وبكرة يرميكي لما يزهق ويشبع
وتجلجلت ضحكتها عاليا، تنظر نحو غريمتها الضعيفة الباكية
– اللي زيك ملهومش قيمة
ثم كممت “شهيرة” فمها بكف يدها تنظر إليها بتعاطف مصطنع
– أنا مش عارفه كان فين عقل سليم، لما فكر يتجوز واحدة كانت بتخدم عنده لا وكمان كانت مرات السواق بتاعه
وتحولت نظرتها لتقزز وكأن الحديث يثير غثيانها
– ازاي بيقدر يلمسك مش قادرة أتخيل
شعرت شهيرة بسعادة بالغة وهي ترى قسوة كلماتها فوق ملامحها، أدركت أنها وصلت للنقطة التي أرادتها .. ،طالعتها بكبر تجيده، تُردف بتهكم وسخرية لاذعة
– اظاهر سليم لما بيعاشرك بقوة بيفقد سيطرته وهو بيتخيلك كنتي ازاي في حضن السواق بتاعه
لم تتحمل “فتون” سماع المزيد فاندفعت نحوها تدفعها من أمامها، صارخة بغضب..
تجمدت عينين “شهيرة” نحوها لا تستوعب ما تسمعه تنظر نحو يدها وهي تدفعها
– كفاية، كفاية، اطلعي بره بيتي
لم تكن “شهيرة” وحدها مصدومة من فعلت”فتون” بل السيدة” ألفت” التي توارت عنهم بجانب احد الأركان تتابع الأمر بملامح حزينه
– بيتك
نطقتها “شهيرة” بصدمة، فهذا المنزل كانت هي سيدته يوماً، وكيف لهذه أن تُهينها بتلك الطريقة.. تلاشت لذة النصر من عينيها وعاد الغضب والمقت يحتلهما
– أيوة بيتي ولحد ما يجي اليوم اللي أنتِ مستنيه تشوفيني مطرودة فيه فهو بيتي
وبنبرة قوية كانت تُخبرها رغم ارتعاش جسدها، أمام الواقفة بملامح جامدة
– أنتِ طليقته لكن دلوقتي أنا مراته يا شهيرة هانم
أندفعت شهيرة لخارج الغرفة وصوت صراخها يعلو باسم السيدة “ألفت” ، التي كانت قريبة منها… ،طالعتها السيدة ألفت بتوتر
– فين بنتي، فين خديجة جهزولي حاجتها هاخدها معايا
– لكن يا هانم…
– قولت بسرعة ولا أنتِ مش بتفهمي
ابتعدت عنها السيدة “ألفت” تنفذ لها أوامرها في صمت
شعرت “فتون” بارتجاف جسدها وهي تستمع لأمرها باخذ الصغيرة، خشيت أن تصبح في النهاية هي الملامة بعدما يعلم “سليم” برحيل صغيرته عن المنزل
بدأت أنفاسها تهدء رويداً رويداً إلى أن شعرت بارتياح ولكن ذلك الارتياح قد تبدل تماما وهي تستمع لصوت بكاء الصغيرة وصراخها باسم المربية التي ترعاها و”شهيرة” تصرخ بها
أندفعت للخارج راكضة تنظر للصغيرة التي تحملها إحدى الخادمات و” شهيرة” حانقة من بكاءها
– خديجة
َمدّت الصغيرة يديها إليها، فالتفت شهيرة نحوها ترمقها بوعيد ثم بحثت بعينيها عن السيدة” ألفت” تلك المرأة التي لا تطيقها
– بلغي سليم إن بنتي مش هترجع البيت ده تاني…
وعادت بعينيها نحو “فتون” التي علقت عيناها بالصغيرة وقد اوجعت هيئتها قلبها
– بنتي مش هتعيش مع واحده لا ليها اصل ولا فصل
رحلت “شهيرة”، فدمعت عينين فتون تنظر نحو السيدة ألفت
– ديه اخدتها يا مدام ألفت
طالعتها السيدة ألفت بخوف
– ربنا يستر يا بنتي ومتخدهاش خالص وتنفذ كلامها في النهاية هي في الأول والاخر أمها
واردفت بحزن على حال الصغيرة
– سليم بيه مش هيستحمل يشوف خديجة بعيدة عنه، ده روحه فيها..
انهارت “فتون” فوق درجات الدرج..، تنظر لملامح السيدة “ألفت” وقد فهمت حديثها كما يجب أن تفهم، فإذا وضع “سليم” بينها وبين أبنته بالتأكيد ستكون هي خارج هذا المنزل
…………
فتحت عينيها بتثاقل دون رغبة في الاستيقاظ، داهمتها أحداث ليلة أمس..، فعادت تغمض عيناها هاربة تضم الغطاء نحو جسدها وقد عاد شعور الوجع يقتحم كل جزء من جسدها، بل وعادت كل عقدة عُقد بها فؤادها تعود إليها..،
سقطت دموعها بعدما اقتحم حديثه أذنيها، تتذكر كيف أخبرها إنه سيحررها منه و سينتهي بها المطاف للمرة الثانية بالطلاق
عنفت نفسها على ضعفها تُخبر حالها
– اظاهر يا ملك هتفضل طول عمرك أنتِ الخسرانه، هتفضلي طول عمرك ضعيفة
ولكن عقلها كان يُجيب عليها.. ،فهي ليست ضعيفة بل هي امرأة ضائعة، تائهة في دروب الماضي بقسوته.
وبخطوات ثقيلة كانت تنهض من فوق الفراش، تتجه نحو المرحاض ولكن قدميها توقفت أمام المرآة تنظر لحالتها المبعثرة وذلك الكحل الذي طُبع أثره فوق وجنتيها بعدما اغرقتهما أمس دموعاً قبل أن تسقط في غفوتها.
سقط الغطاء عن جسدها بعدما ارتفعت يدها نحو شفتيها المجروحتين من أثر قبلته التي دمغها بها بقسوة،
لم تتوقف يدها عند ذلك الحد بل انحدرت إلى جيدها ثم عظمة ترقوتها تتلمسهما، وفجأة تجمدت حركتها وهي تراه يدلف الغرفة وعيناه تنظر نحو صنيعه،
أسرعت في التقاط الغطاء تحمي به جسدها؛ ليغمض عينيه متنهداً ثم اقترب منها بعدما سيطر على حاله
– شوفتي بسببك وصلنا لأيه يا ملك، كنتِ هتخليني راجل حيوان مغتصب
– هو أنت كده مش مغتصب يا دكتور
هتفت عبارتها بمرارة وأكملت همسها
– ولا عشان متممتش الجوازة مبقتش راجل مغتصب
شعر بقبضة قوية تعتصر فؤاده ولكنه حاول تجاوز شعوره ليعود “لرسلان” الذي أراد أن يكون عليه ليلة أمس، رجلاً بارداً
– مش حرام إن اخد حقي اللي حلله ربنا ليا، واظن إن أنتِ كنتي قايمة بدور كويس عشان تغريني
وتذكر عبارتها التي أدمت قلبه بل حطمته
– تخليني بريل عليكي وأول ما توصليني لدرجة مش هقدر اقاوم لهفتي عليكي تسحبي نفسك مني عشان تقفي تسقفيلي وتقوليلي اد إيه أنا راجل ضعيف قدام شهوتي..
واستكمل حديثه ساخرا وقد عادت المرارة تسيطر على حلقه وهو يخرج الكلمات من بين شفتيه
– مش ديه نظرية الازازة والعطشان برضوه.. خسارة يا ملك، وصلتنيا لطريق كل واحد فينا بقى موجوع بزيادة
– أنت عايز تطلعني وحشة في النهاية، كلكم عايشين دور الضحية وملك هي اللي اللازم تقدم وتدي وتسكت، ملك لازم تكون معطاءة، ملك هي البديل في كل حاجة، انا بكرهك وبكره ناهد وكاميليا هانم وبكرهكم كلكم حتى بابا الله يرحمه خليتوني أكره عشان كان ضعيف وضيعني معاكم وضيع امي وخلاني اتربي وسط عيلة افتكرت إنها بتعطف عليا إحسان ..
انحدرت دموعها وانهار جسدها حاولت التماسك ولكن خانتها قدماها وقبل أن تسقط أرضاً كانت يداه تلقفها، ضمها إليه..؛ فهمست بضعف
– بنت اترمت على الرصيف، عشان يعرف أبوها يقنع بنت الحسب والنسب إنهم لقيوها بالصدفة..، بكرهك يا رسلان
لم تعد تتبع أي عتاب لها إلا وتخبره إنها تكرهه، رغما عنه كان يبتسم وهو يضمها اكثر إليه يهمس لحاله
– الطريق قدامنا طويل يا بنت عبدالله
…………
نظرت “بسمة” نحو الباب الذي أغلقه خلفه للتو بعدما دلفت تلك الحسناء الشمطاء وقد اعطتها ذلك المسمى بعد نظرة الكبر التي القتها نحوها ، اقتربت من الباب بفضول ولكنها شعرت بالغضب من تصرفها الوقح ولكن فضولها غلبها في النهاية وعادت تقترب
– خوفك عليا بيدل إنك لسا بتحبني، ادينا فرصة يا جسار ارجوك
– جيهان كفاية خلاص، علاقة وانتهت زي اي علاقة زوجية
– أنت قاسي أوي يا جسار، عرفت تخليني احبك لدرجة مبقتش عايزة حاجة غيرك ومهما اتوسل ليك مش قادر تسامحني وكل ده ليه عشان ماضي أنت حكمت على طرف واحد فيه إن هو المظلوم
– و رسلان يا جيهان
بهتت ملامحها وهي انكشف السر الأخر، وعلى ما يبدو أن “ملك” أخبرته بالأمر حتى تظل أمامه دوما ملاك..؛ حقا كل يوم يزداد كرهها لها بل وتحقد عليها وتتمنى أن تظل طيلة حياتها هكذا من رجل إلى آخر دون أن تعرف لها طريق وحياة
– ملك هي اللي قالتلك
واردفت بحقد لم تستطيع السيطرة عليه
– مافيش راجل فيكم محبهاش، مش عارفه هي عايزه إيه أكتر من كده
امتقع وجهه وقد ازداد غضبه وهو يستمع لحديثها عنها ولم يشعر إلا بصرختها بعدما قبض فوق ذراعها المكدوم
– دراعي يا جسار حرام عليك
– كل ما احط ليكي عذر يا جيهان، الاقي كل حاجة بتظهر قدامي، لدرجادي أنا كنت أعمى ومغفل
دفعها عنه، فاسرعت نحوه تلتقط ذراعه
– جسار أنت لازم تسمعني، بلاش تحكم عليا من غير ما تسمعني
ولكن “جسار” كان يفتح الباب دون أن ينظر إليها..شهقت “بسمة” فزعا بعدما ارتطم جسدها بجسده ، فرمقها بمقت يقبض فوق ذراعها بقوة
– هتوقع إيه من واحدة زيك غير التصنيت
جرها خلفه دون توقف ولم يعبئ بصراخ “جيهان”، كانت “بسمة” مصدومة مما سمعته وما يحدث..، فهو يجرها خلفه رغم أنه أتى بها لهنا حتى تعمل لدي زوجته
التوت قدم “بسمة” من شدة سرعة خطواته، فصرخت حانقه
– أنت بتجرني كده ليه
ترك ذراعها يدفعها داخل المصعد
– اخرسي، مش عايز اسمع ليكِ صوت بدل ما أبلغ اخوكي بمكانك ويجي ياخدك واخلص من مصيبتك
ابتلعت “بسمة” لعبها وتراجعت للخلف بخوف، ففتحي شقيقها لن يرحمها، خرج من المصعد فاتبعته وهي لا تعرف إلى أين ستذهب معه وعندما توقفت أمام سيارته نظرة إليه
– اركب ولا هتسبني هنا
لم يعطيها جوابً بل صعد سيارته ينتظر دلوفها..، طالت وقفتها كما طال إنتظاره فعاد صراخه يتعالا
– أنتِ غبية ما تركبي ولا أنا غلطان.. الأفضل اسيبك تغوري في ستين داهية
دلفت “بسمة” للسيارة خشية من قراره الاخير..، فهي لا تريد منه إلا مأوى اما العمل فستدبر حالها، اندفع بسيارته وهي مصدومة من تلك الحالة التي اصبح عليها ودون أن تشعر وجدت نفسها تهمس وهي تتذكر كيف تغيرت ملامحه بعدما غادروا المصعد قبل دلوف الشقة وقد وقف يُحدق بهاتفه بعد أن تعالا رنينه بنغمة قصيرة
– اكيد الرساله اللي جاتله على التليفون
كان “جسار” يشق الطريق بجنون، يتفادي السيارات بسبب سرعته.. فاتسعت عينين “بسمة” وهي تري السيارة القادمة نحوهم
– العربيه هتخبط فينا، هنموت
تفادي “جسار” السيارة فتنفست الصعداء لكن سرعان ماعادت لهيئتها المذعورة
– هتدوس الراجل، هتدوس الراجل، الراجل مات
وضعت بكفها فوق عينيها خشية من رؤية موت الرجل ولكنه كان يتفادي كل شئ بمهارة.
التقطت أنفاسها بصعوبة بعدما توقفت السيارة أخيراً
– الحمدلله ممتناش…
القت بنظراتها نحوه بعدما استند بظهره فوق السيارة، قطبت جبينها وقد عاد الفضول إليها
– إيه اللي حصل..، ما كان عايز يدي فرصه لمراته.. الصراحة هي ست حلوة اوي تستاهل الفرصه، بس شكلها مش محترم ديه قبلتنا بقميص نوم ميتلبسش..، مش جوزها يا بسمة أنتِ إيه اللي بتحكي فيه ده
عادت تُخاطب حالها وقد تناست وجودها بالسيارة وعدم فهمها لشئ
– بس هو مكنش موجود لبساه بقى لمين..، لا لا هي شكلها اصلا مش مؤدبة لا وصابغة شعرها
مجرد لقاء واحد وقد التقطت كل شئ من تفاصيل “جيهان “..
نظرت نحو مرآة السيارة حتى ترى هيئتها هي الأخرى، فلم تستمر بالتحديق بملامحها لأنها دوما تنظر لحالها بعين النقص، زفرت أنفاسها دفعات متتالية تزم شفتيها تذمراً فما الذي دفعها لتقحم هذا الرجل في مصيبتها وهو لديه الكثير من العقد.
قررت الخروج إليه بعدما طالت جلستها، لطم الهواء وجهها فشعرت بالأنتعاش وهي تنظر حولها ولكي تجعله ينتبه عليها كانت تتبع طريقتها التي تراها مناسبة
– يا سلام الجو جميل اوي، محتاج كام سندويتش وازازة عصير وحاجة نفشرها ونستمتع..
أنتبه “جسار” على حديثها بعدما خرج من دوامة أفكاره وتلك الرسالة الطويلة التي بعثها إليه “رسلان” يخبره بما فعله ويطلب منه مسامحته بالطريقة التي يراها…
لم ترى بسمة منه أي بادرة إنه أستمع لحديثها.. ؛ فاستمرت في إلقاء كلماتها
– إيه ده البحر هناك اه..
– شايفه نفسك في صحرا، ده أنتِ في اسكندرية
تمتم أخيرا، فابتسمت هي ولكن سرعان ما أنبت حالها واخفت ابتسامتها
– خليني اشوف هوديكي فين
انتبهت على حالة الأعياء التي أصبح عليه، فاقتربت منه وقد أطرقت عيناها ندما لعبئها عليه
– شوف أنا عارفه إن عندك مشاكل كتير ومش ناقص مشكلتي، أنا بس محتاجة مكان اقعد فيه.. حتى لو أوضه بس اتحامي فيها من الشارع ومش عايزة حاجة تانيه منك.. أنا متعودة أتمرمط
ودمعت عيناها وهي تتذكر والدها ودفئ فراشها
– بس متعودش على نومة الشارع
غز قلبه بعض التعاطف، فاطرق رأسه يُدلك جبينه إرهاقاً
– اكيد سمعتي كلامي أنا وجيهان، يعني عرضي ليكي أنتهي لأن خلاص أنا وهي مفيش حاجة تقدر تصلح بينا اللي حصل
اماءت برأسها، فلمعت عيناه بقسوة وهو يتذكر كيف استغفلته منذ البداية
– الكلام اللي سمعتي ميطلعش بره، وأنا عند وعدي هساعدك
أسرعت في مسح دموعها تنظر إليه تقسم له بصدق
– لا متخافش سرك في بير
تأملها للحظات وهو يشك في وعدها
– ليا صديق عنده مطعم،هطلب منه يشغلك
فلمعت عينيها فها هو قد وجد لها عملا
– طب وهعيش فين
طالعها في صمت مُفكراً ولكن احتفظ بجوابه وهو يصعد السيارة مُشيراً إليها بأن تصعد هي الأخرى.
………..
بهتت ملامحها وهي تستمع لعرضه المخزي دون رحمه، كان مُسترخي في حديثه وكأنه يعرض صفقة عمل وليس زواج.
أطرقت “جنات” عينيها نحو فنجان القهوة الذي نظرت إليه بمرارة وتمنت لو كانت قهوتها سادة المذاق حتى تتجرعها دفعة واحدة لترثي معها حالها
– شايفك ساكته…، أقول العرض عجبك..
هتف “كاظم” عبارته بعدما اعتدل في جلسته يرمقها بكبر، رفعت “جنات” عينيها نحوه تنظر لجمودة ملامحه ولذلك الكبر الذي يطغى عليه..،حاولت الثبات والعودة لجنات التي تعرفها، جنات التي تأبّى الاذلال وبصعوبة كانت تجلى حنجرتها، تهتف بمرارة لا تعلم سببها
– ليه كل ده، أنت مش محتاج فلوس..
طالعها متهكما، ثم أسبل جفنيه يستند على الطاولة
– كويس إنك عارفه إني مش محتاج فلوس، بس اللي متعرفهوش عني إني مبحبش حد ياخد مني حاجة من غير رغبتي او يقف ليا ند ، وأنتِ أختارتي اللعب مع الشخص الغلط
– ده حق أبويا واظن والدك اعترف ليك إنه فعلا اخد حقه
ضحكة ساخرة خرجت من بين شفتيه؛ فتراجع للخلف يستند بظهره على المقعد ومازالت ضحكته تعلو وكأنها القت نكته على مسمعه وليست حقيقة
– جودة باشا اعترف بالحقيقة لأنه مبقاش يملك الأرض، الأرض ديه ملكي أنا..مشتريها منه يعني حقك عنده هو مش عندي
الجمها حديثه للحظات ، ولكن سرعان ما كانت الحقيقه التي تغافلت عنها حينا جمعت بعض المعلومات عن تلك العائلة تقتحم عقلها..، ف “كاظم النعماني” يعتبر هو المتحكم في زمام الأمور جميعها
سأم من صمتها ينظر نحو ساعة معصمه وقد ضاق صدره
– أتمنى أسمع قرارك في أقرب وقت، بس لو رفضتي العرض يبقى ترضى ب التلاته مليون واتمنى مشفوكيش تاني وتنسى صيلتك بالعيلة
شعرت بالمهانة وهي تستمع إليه.. ، فتبدلت ملامحها المستكينة لملامح واجمة حانقه
– ميشرفنيش إن يبقى ليا صلة بعيلة بتسرق حقوق الناس
تجمدت عيناه نحوها بعدما القى بالمال فوق الطاولة
– القرار معاكي يا أنسه جنات، يا اما الفلوس او عرض الجواز
غادر ” كاظم” المكان حانقا لا يصدق إنه عرض الزواج على أمرأة بل وجعلته يخضع عن قرارته حتى لا يخسر شراكة “سليم النجار” بعدما تدخل بالأمر
أشار لسائقه أن يظل مكانه ثم دلف نحو مقعده مشيرا إليه بالتحرك، وقبل أن تتحرك السيارة كانت عيناه تتجة نحوها وهي تغادر المطعم متجها نحو سيارتها الصغيرة ذو الطراز القديم المصطفة
رمقها بنظرة مُستهزءة ويقينه يزداد أنها ستوافق على عرض الزواج حتى تنال نسبتها الضئيلة بل وستسعي لتنال المزيد فهي ليست إلا فتاة طامعة ولكنها للأسف تلاعبت مع الشخص الخطأ.
………………
وقف “فتحي” أمام ذلك الفندق الذي تمت فيه حفل الزفاف..، طالع المكان بوجه مكفر ثم نظر خلفه للمعلم “وجدي”
– هندخل هنا إزاي، مش بعيد يطلبوا لينا البوليس
دفعه “وجدي” بقبضته، يهتف إليه متوعداً
– اختك أو الفلوس اللي لهفتها، المعلم وجدي ميتنصبش عليه
– الله يحرقك يا بسمة الكلب، الاقيكي بس وهشرب من دمك
عاد ” وجدي” يدفعه بقبضته الغليظة
– أنت هتنوح زي النسوان، ادخل خلينا نعرف اختك اختفت فين..،
واردف بمقت ينظر إليه شزراً
– يومين بتماطل معايا، اتاريك مش عارف مكانها…
ثم بصق اسفله
– أخص على الرجالة والرجولة
غلت الدماء في عروق “فتحي” فطالع المكان متمتما بوعيد
– اعرف هي فين بس..، ومش هيطلع ليها صبح الفاجرة
– طب يلا يا سبع الرجال، ادخل اتصرف مع الواقفين
شجعه ” وجدي” ولكن “فتحي” خرج إليه خالي الوفاض، مُطرق الرأس..، رمقه “وجدي” بنظرات ساخرة ثم دفعه عن طريقه،
اتبعه ” فتحي” الذي وقف مذهولاً وهو يري الطريقة التي يتعامل بها ” وجدي” وكأنه رجل ذو مكانة عالية وليس رد سجون مثله.
تجمدت عينين “فتحي” أمام إحدى الشاشات الخاصة بكاميرات المراقبة، وهو يري شقيقته تتحرك نحو إحدى السيارات في جراح الفندق؛ فصاح وهو يشير نحوها
– ايوة هي ديه…
ارتكزت عينين الموظف الذي ساعدهم في الدلوف لتلك الغرفة ليُكمل تتبع الفتاة.. ؛ فاتسعت عينين” فتحي” ثانية
– ده نفس الراجل اللي كان بيجي الحارة..،ايوة انا فاكره
طالعه “وجدي” حانقا
– اختك المحروسة هربانة في عربية راجل، لا وقايلي بنت بنوت وواخد مني خمس الاف جنية..، فلوسي يا فتحي الكلب
بدء العراك بين الرجلين، ليتوقف العراك بعدما اندفع الموظف نحوهم يدفعهم نحو الخارج
– انتوا عايزين تقطعوا عيشي، روح دور على اختك مدام عرفت الراجل اللي ركبت عربيته
توقفوا خارج الفندق.. لينظر “فتحي” نحو “وجدي” الذي أخذ يطالعه بشر
– أسبوع واحد بس وهجيبها ليك يا معلم
فقطب “وجدي” حاجبيه يرمقه ماقتاً، يشك بحديثه
– لو مجبتهاش صاغ سليم، ده أنا واعد صاحب الكباريه تكون بنت بنوت، الزبون عايزاها كده
التمعت عينين “فتحي” بوعيد يخبره بما سيفعله بها، إذا أضاعت شرفها
– هقتلها وهشرب من دمها
…..
اقتباس من الفصل القادم
******
انتفضت من غفوتها تنظر حولها بخوف بعدما استمعت لسقوط أحد المقاعد..، ارتجف قلبها ذعراً وهي تبحث عن هاتفها القديم تفتح كشافه لتنير عتمة المكان الذي تغفو فيه
– مين هنا…
عم السكون المكان ولكنها كانت تشعر بالريبة، حاولت طمئنت نفسها وهي تُخاطب حالها
– يمكن تكون قطة دخلت المطعم يا بسمة، نامي متقلقيش
عادت لغفوتها تضم الغطاء لجسدها بعدما أطمئنت على أحكام حجابها فوق شعرها
ولكن هناك أنفاس كانت قريبة منها ثم لمسات أخذت تتحرك فوق فخذيها..انتفضت بكل قوتها تنظر لصاحب تلك العينين والزجاجة التي يحملها بيده وقبل أن يخرج صراخها كان يجثم فوقها بكل ضخامته
– دخلتي مزاجي يا قطة، وأنا اللي بيدخل مزاج عنتر النمر مبيخرجش منه
الرواية حصري فقط لجروبي وصفحتي على الواتباد والصفحة هنا ولا احلل نقل الرواية بلاش سرقة وقلة ضمير حتى لو بتكتبوا اسم عليها
ودعت المكان الذي كانت تحبه يوماً ، لتتعلق عيناها به وهو يُصافح الحارس ويعطيه مفتاح المزرعة المكلف بشئونها. شقت السيارة طريقها لتنظر له وسؤال واحد كان يدور بعقلها
– هنعمل إيه مع الخدامة اللي ممكن تنقل كل حاجة لكاميليا هانم
وصمتت قليلًا تُجلي حنجرتها من شدة توترها، ثم أردفت
– وخصوصاً وإحنا نعتبر في حكم المنفصلين
ابتسامة ساخرة شقة طريقها نحو شفتيه، لم يعقب على حديثها ولم يعُطي لها إجابه..، ولكن مع ضجرها من صمته وتجاهله، استطردت
– مش عايزين الولاد يتأثروا بحياتنا
تنهد في صمت
– ملك أنا أغلب يومي في المستشفى أو العيادة، لو كنت الأيام اللي فاتت موجود كتير حواليكي
وأبتلع مرارته يُعطيها الإجابة صريحة
– كان عشانك، كنت عايز أعوضك لكن ملك الجديدة مش قادرة تسامح
أتخذت دور العتاب ولكن قبل أن تردف بشئ
– ملك أنا وعدتك هطلقك بعد ست شهور وهسيبلك الولاد تربيهم ، حريتك مني مش بعيدة يا ملك
حاولت أن تستشعر السعادة وهي تراه يهتف حديثه بمرارة، ولكن السعادة أصبحت بعيدة عنها منذ أن باتت ندوب الماضي عالقة بفؤادها.
توقفت أخيراً السيارة أمام البناية، طالعها ثم ترجل من سيارته حتى يخرج حقائبهم التي كانت مُعدة نحو رحلة أكبر،
اتبعته وقبل أن تنتبه نحو شئ، كان ” فتحي” يهتف اسمها بعلو صوته
– فين أختي، طليقك اخدها فين
– أنت بتقول إيه، شكل حبسك كام يوم مأثرش فيك
حاول “فتحي” إزاحة يديه عنه، وعيناه عالقة بملك التي أتخذت “رسلان” درع حامي لها
– اسأل مراتك يا باشا، مراتك هربت أختي مع طليقها يوم فرحكم
صاح بها “فتحي”، مما جعل سائق “كاميليا” وحارسها الشخصي ينتبهوا على الأمر ويندفعون خارج السيارة المصطفة بانتظار سيدتهم ..، تفاجأ رسلان باحاطتهم له وقطب ما بين حاجبيه ولكن سرعان ما تلاشت تقطيبته ينتبه على صوت صراخ فتحي وقد بدء البعض ينجذب لحديثه
– ولا أحنا عشان ناس على قد حالنا يا باشا تعملوا فينا كده، أنا عايز اختي يا باشا
– قولتلك أختك منعرفش عنها حاجة
بهتت ملامح “ملك” خوفاً على بسمة واندفعت للأمام بعدما أخذ الحديث يتحول للشجار
– فين بسمة..، عملت فيها إيه.. انت يوم الفرح كنت ضربها علقة موت
وعادت عيناها نحو “رسلان” تنظر إليه برجاء
– خليهم يقبضوا عليه يا رسلان اكيد هو السبب في هروبها
علقت عينين “فتحي” بهم، فبعد أن كان هو صاحب الحق..، أصبح متهما يُحيطه رجلان ضخام الجثة، هاتف حاله بحنق
– جاي تتعارك مع ابن الوزير، هتروح اللومان ومحدش هيعرف عنك حاجة يافتحي
وفي لحظة خاطفة ، كان فتحي يهرول مغادراً المكان
– ده هرب يا باشا
توقفت “ملك” عن البحث في حقيبتها حتى تجلب هاتفها وتُحادث “جسار”
– أنا لازم اكلم جسار، فتحي ده شراني ممكن يأذي
القت عبارتها وتقدمت أمامه غير عابئة بحديثها الذي أشعل الغيرة داخله، قبض فوق كفيه بقوة مشيراً للرجلان
– اتمنى محدش يعرف بلي حصل دلوقتي
فهم الرجلان حديثه، واماءوا برؤسهم قبل أن يعودوا لمكانهم في إنتظار سيدتهم
غامت عينين “رسلان” بالغضب بعدما اتبعت عيناه تلك التي وقفت أمام مدخل البناية وعلامات الأرتياح تعلو شفتيها
– ما الهانم لازم تبقى مرتاحة، مافيش بطل قدامها خير السيد جسار العزيز
ورغم عدم كرهه لجسار إلا أن الغيرة كانت تقتل فؤاده، وخاصة إنه كان يوما ما زوجها وتكن له الأحترام
– بجد يا جسار ساعدتها، بسمة غلبانه اوي.. ، أنت متعرفش فتحي ده كان بيعمل فيها إيه
اخذت تخبرة ببضعة مقتطفات وبعض المواقف التي حضرتها ورأت فيه معاملته لشقيقته
– اطمن عليها ديما ارجوك لحد ما اعرف اجيلكم اسكندرية
التقط “رسلان” اخر حديثها، فامتقع وجهه بشدة وهو يتقدم أمامها نحو المصعد بعدما سبقه حارس البناية بالحقائب وبارك لهم بحفاوة
انتظر بضيق حتى انهت حديثها مع جسار العزيز، وقد فهم من نهاية حديثهم أن “جسار” يُخبرها بأن تبتعد عن الأمر حتى تهدء الأمور وبسمة سوف تُحادثها
انتفخت اوداجه وهو يستمع إلى تنهيدتها القوية ورغما عنه كان يضغط على أزرار المصعد بقوة
– قلبي مش مطمن عليها، وجسار قالي بلاش تيجي اسكندريه دلوقتي ليعرف فتحي طريقها
– وإيه كمان
أخذت تُخبره عن قلقها وحزنها على حال “بسمة” وعما فعله جسار معها وكيف وجد لها عملاً
– جسار باشا طبعا بطل مغوار
هتف عبارته بعدما توقف المصعد، فطالعته لتُدرك أنه يكاد أن ينفجر بوجهها..، ورغما عنها كانت تبتسم داخلها، رسلان يتمالك شعوره كرجلاً حتى لا تُسئ الأمور بينهم.
تقدمت أمامه بدلال لا تعرف لما تفعله..، ولكن رؤية حنقه يجعلها تشعر بالنصر وبأنوثتها وهي تراه يضبط نفسه بصعوبة من أجلها
وبين رغبة القلب وندوب الماضي كانت هي عالقة في نقطة فاصلة
والصدمة الكبرى كانت أمامه وهو يفتح باب الشقه، ويرى والدته وخالته وقد فهم سبب وجود سائق والدته وحارسها الشخصي
اتسعت عينين “ملك” وهي ترى كلتاهما والصغار أمامهم يلعبون باشياءهم وناهد خاصة من تلاعبهم في صمت ووجه شاحب.
…………..
تتهدت “كاميليا” أسفه وهي تطالعهم، تبرر لهم موقفها وقد انسابت دموعها في ألم
– خالتك تعبانه يا رسلان، ديه اختي مقدرش اكون قاسيه عليها واشوفها بتترجاني اجيبها عندك
وطالعت “ملك” التي انهارت فوق أحد المقاعد، بعدما علمت بمرض ناهد وقد هزمها المرض
– أنا عارفه يا ملك إننا عملنا فيكي حاجات كتير وحشه، حرمناكم من بعض، بس أنتِ مش زينا ولا قلبك قاسي.. ناهد السرطان تمكن في جسمها ومبقاش فاضل كتير
وانهارت باكية، ترثي شقيقتها الوحيدة..، لا تُصدق ما حدث معها هذه السنوات
– موت مها خلاها متتمناش حاجة غير الموت..أنا مش قادرة أصدق إن كل ده بيحصل لينا
خرج صوتها مُجهداً تنظر نحو نظرات “رسلان” الجامدة إليها، يشك بالأمر ولكن “كاميليا” قطعت شكوكه وهي تُخرج له بضعة أوراق وتحاليل من المشفى تضعها أمامه
– لو فاكر إني بعمل تمثيلية عليك، فالتحاليل والتقارير الطبية قدامك يا دكتور
تعلقت عينان “رسلان” بالتقرير وقد تلاشي جموده، رفعت “ملك” عينيها نحوهم وهي ترى نظرات كاميليا اليائسة نحو ولدها الذي غيره الزمن وجعل قلبه قاسي
– من حقها تفضل جانب احفادها..
واردفت بمرارة
– في يوم من الأيام هي ربتني حتى لو محبتنيش بس كان ليها فضل عليا
انصدمت ملامح “كاميليا” من حديثها وسرعان ما كانت تبكي حسرة وندماً وتقترب منها
– أنا مش عارفه اقولك إيه يا ملك، بس ناهد بتموت خلاص وحلمها تقضي الأيام الأخيرة مع ولاد مها..، صعب اللي حصل ليها.. ،ناهد كان روحها في مها وراحت منها
كانت خير من يعلم أن ناهد كانت شديدة التعلق ب” مها “، فقد ذاقت مرارة التفرقة ونبذة حتى لا تأخذ ما رسمته “ناهد” لابنتها
ولو يعلم المرء أنه لا ينال من الدنيا إلا ما هو مُقدر له، لترك كل شئ يأتي إليه بسلام.
تنهد “رسلان” وهو يُطالعها، فكلما أراد أن يُقنع قلبه بالتخلي.. كان يغرق أكثر في حبها.. مازالت “ملك” خاصته كما هي بريئة، حنونه وذو عقل صلد لا يعرف ما يُريده
تركت لهم الغرفة وقد غامت ملامحها بالحزن وهي ترى “ناهد” جالسة أرضاً تُلاعب الصغار وقد ركض الصغار إليها يهتفون لها
” ماما”
انحنت “ملك” نحوهم تحملهم وعيناها لا تفارق عينين ناهد الحزينة
– حبايب ماما وحشتوني أوي
والصغار بين ذراعيها ومُتعلقين بعنقها، يخبروها إنهم يريدون طعامهم
والصورة التي تمنت أن ترى “ناهد” فيها أبنتها يوما، كانت ترى فيها “ملك” التي سعت بكل الطرق لحرمانها مما ارادته لابنتها
غادر “رسلان” هو الأخر الغرفة وخلفه “كاميليا” ودون أن يهتم بأحد كان يتجه نحو ملك وصغاره يداعبهم مازحاً
– وبابا فين من كل ده، ولا مامتكم ليها الاحضان والحب وأنا بره الحسبه
حملهم عنها، يُداعبهم بحديثه والصغار يمنحوه ذلك الحب الذي حرم نفسه منه يوماً
دمعت عينين “ناهد” بحسرة وكذلك “كاميليا” ، ولكن كاميليا كانت تبكي سعادة، لقد تغيرت حياة أبنها وأحفادها
وملك لم تكن غافلة عن نظراتهم التي تفهمها، كان قلبها يؤلمها ولكنها كانت تتغلب على حقدها نحوهم فمن ترعاهم هم أبناء شقيقتها، شقيقتها التي كانت ضحية لأحلام “ناهد”
…………
صعدت السيارة بحماس بعدما أنهت دروسها بالجامعة وقد نالت معدل عالي في تلك المادة التي ساعدها في دراستها
– هنروح المؤسسة يا هانم، سليم بيه منبه عليا اخدك هناك
تلاشي حماسها، لتنظر نحو السائق بتوتر، صحيح أن “سليم” أخبرها أن تذهب لهناك ذلك اليوم الذي أتت فيه “شهيرة” وخربت لها سعادتها، ولكنها تمنعت عن الذهاب فهي في النهاية ستغادر حياته عندما يكتشف خطأه بالزواج منها
او كما قالت لها شهيرة سيكون قد أشبع رغبته كحال الكثير من الرجال.
تعالا رنين هاتفها باسمه، فهو منذ رحلة سفره لم يحادثها.. ،توترت وهي تضع الهاتف فوق اذنها تستمع إليه
– وحشتيني
همس عبارته باستكانه سلبت قلبها ، لتُسبل اهدابها بخجل وقد تضرجت وجنتيها بالحمرة
– طبعا مدام متصلتش بيكي، ف أنتِ مكنتيش هتاخدي الخطوة ديه
ارتبكت من حديثه، وبتلك النبرة التي يُحادثها بها وكأن لا شئ قد حدث
– أصل
ابتسم وهو يتسطح فوق فراشه مُرهقاً من كثرة أعماله يسمعها
– خديجة يعني…
تنهد وهو يتذكر ما علم به وقد أخبرته به السيدة “ألفت”
– فتون السواق هياخدك المؤسسة.. وحازم هيحطك وسط زمايل ليكي جاين يتدربوا، فتون لازم تختلطي أكتر مع الناس وتفهمي أزاي تعرفي تواجهي
ورغم الشكوك التي اقتحمت فؤادها بعدما تجاوز حديثه عن خديجة وفعلت شهيرة ، إلا أن إصراره في منحها فرصة نحو مستقبلها كان يشعرها بالامتنان إليه، فمن أهتم لامرها من قبل لا أحد إلا هو
– بس حازم عارفني وعارف أنا كنت إيه زمان
هتفت عبارتها بمرارة، فهذا الصديق تتذكره تماما وتتذكر لقاءها به وكيف عاملها تلك الليلة التي طلبت فيها مساعدته حينا مرض هو.
ضحك وهو يستمع إلى تذمرها الطفولي، ورغم إداركه إنها لا تريد إقتحام عالمه بسبب الماضي إلا إنه كان يُصر نحو ذلك
– لا متخافيش من حازم أنا اه موصي عليكي في تدريبك لكن كمعاملة محدش يقدر يجي عليكي ولا يزعلك، أنتِ زوجة سليم النجار
شعور لأول مرة تُجربه، شعور له متعة وهي تسمعه.. رفرف قلبها وقد عاد هذا الرجل يغزو كيانها مجدداً، شعر بتخبطها فقرر إنهاء محادثتهم حتى لا يجعلها تتخبط أكثر
– حببتي مضطر اقفل دلوقتي لكن هكلمك بليل اطمن عملتي إيه
ضمت الهاتف إليها ومازالت دقات قلبها تدق كالطبول، اغمضت عينيها قليلا ولكن سرعان ما كانت تفتحهما وهي تستمع للسائق
– وصلنا يا هانم
تعلقت عينيها بالبناية التي تشغل مساحة في إحدى المناطق الراقية، لم تكن شاهقة الأرتفاع فهي عبارة عن طابقين ولكنها كما سمعت من “أحمس”، أن لها سيط كبير ومن يحصل على تدريب فيها يكون قد خطي أول خطواته نحو مستقبله وليته يحصل على فرصة كهذه وهذا ما ستطلبه من “سليم” حين يعود.
ترجلت من السيارة وقد عاد إليها شعور الخوف من هذا الوسط الذي دخلت إليه من قبل مجرد زوجة سائق وخادمة صغيرة..، ومع كل خطوة من خطواتها كانت رهبتها تزداد إلى أن أصبحت في الداخل.
التفتت حولها وهي تظن أن الأعين عليها وكأنهم يشيرون نحوها ويتحدثون عنها، ولكن الكل كان مشغول في عمله،
ابتسمت وهي تنظر نحو ملابسها فهي لم تعد تشعر بأقليتها وسط الناس، ف “سليم” لا يحرمها من شئ بل يغدق عليها بالكثير.
نفضت رأسها وهي تشعر بالحنق من حالها، فقد عادت فتون الصغيرة تعد محاسنه وقد تناسي قلبها إنه يحصل على مقابل كل هذا وهي تُسلم له جسدها كل ليلة يُريدها بها.
رسمت ابتسامة يتخللها التوتر واقتربت من إحدى الموظفات تُخبرها عن موعدها مع السيد “حازم”بخصوص تدريبها
– ممكن اسم حضرتك يا فندم
– فتون
وقبل أن ترى الموظفه هل لديها بيانات عنها، كان حازم يقترب منها مرحبا
– أهلا يا فتون، المؤسسة كلها نورت بيكي
تعجبت الموظفه من ترحيب رئيسهم وما زادها دهشه وهي تستمع لاسم “سليم” صاحب الأكبر نصيبً وسلطة في هنا، ولكنه لم يعد يهتم بعمل المحاماه إلا إنها استمعت إنه كان يتصف بالدهاء والمكر
– سليم اللي مبقاش يتصل بيا، هريني اتصالات، فتون وصلت فتون استلمت تدريبها
اشار إليها برفقته، يتحدث معها ببساطة ادهشتها.. ،شعر بنظراتها المستغربة إليه، فتنحنح حرجاً
– أنا عارف إن لقائنا زمان مكنش أد كده
واردف وهو يقف في المساحة الواسعة التي تضم عدد من المحامين الزملاء والمتدربين
– دول زمايلك يا ستي
ونظر إليهم يخبرهم ببساطة
– أنضم ليكم فرد جديد ومش أي فرد
انتبه الجالسين وبعض الواقفين لحديث رئيسهم وقبل أن يردف بشئ أخر، أسرعت في همسه بصوت خافت
– بلاش يا استاذ حازم
– لكن سليم
تعلقت عيناها به راجية
– لو عرفوا إني مراته المعامله هتتغير وأنا عايزه اكون فرد زيهم من غير تميز
ولأول مرة حازم يكتشف نظرته في الناس خاطئة، لقد ظن إنها مجرد طامعة مستغلة، اماء برأسه وعاد يُطالع موظفينه يجلي حنجرته وتمتم مازحاً
– استاذه فتون لسا طالبه في الكلية، ويمكن لأول مرة المؤسسة تسمح لانضمام الطلبة ومش هيكون اكيد اخر مره، لازم نشجع الشباب
القى عبارته الأخيرة وهو يصفق بيديه بتلك الحركة التي اعتادوا عليها منه حينا يُريد إنهاء حديثه
– يلا يا شباب نرجع لشغلنا والقضايا بتاعتنا
وبالفعل بدء الجميع بالتحرك، فأشار هو نحو فتون
– ابدأي اكتشفي المكان وزمايلك ومكتبي الكل عارفه
واخفض صوته
– ربنا يستر من ردة فعل سليم لما يعرف إن عرفتك ليهم مش زي ما هو عايز
ورغما عنها كانت تضحك على طريقة حديثه المذعورة، إذا علم سليم برغبتها
……………
– بسمة، بسمة تعالي شوفي الزباين
هرولت بسمة نحو الطاولة التي أشار إليها السيد “صدقي”، ذلك الرجل العجوز ذو القلب الطيب
دونت الطلبات بابتسامة هادئة تسأل الجالس
– أي أوامر تانية يا فندم
– شكرا
وهكذا كان عملها طيلة اليومين منذ أن جاء بها “جسار” لهنا،
تنهدت بأرهاق عندما اتي موعد راحتها تنظر نحو زميليها وهم يتناول طعامهم
– الشغل النهاردة كان كتير اوي، الواحد رجله وجعته من الخدمة
استمع السيد ” صدقي” لحديث “سميرة” العامله
– ما تقولي ماشاء الله يا سميرة
واقترب العجوز منهم وجلس يتناول معهم الطعام
فهتفت سميرة حرجاً من سماعه حديثها
– مش قصدي يا حاج
– الصراحه ده وش بسمة الحلو علينا
هتف بها العجوز وهو يطالع “بسمة” التي اطرقت عينيها نحو طبقها، وكما مدحها العجوز كان يمدحها زميلها ” ماجد” هو الاخر مما أزاد حنق “سميرة” نحوها
– اه والله يا حاج، ياريتها كانت اشتغلت من زمان هنا
وبسمة تزداد خجلا من مديحهم، ولكن تلك الجلسة التي يملئها البهجة لم تستمر طويلا وصوت أحدهم يعلو بالمكان،
تهللت اسارير “سميرة” سعادة وهي تستمع لصوت “عنتر” عكس السيد” صدقي” الذي شعر بالضيق لمجئ وحيده الذي جعله يكره الأبوة ويكره تلك الساعة التي انجبه فيها
– هو ماله المطعم فاضي كده ليه
ونظر نحو وجه بسمة
– عندنا وجه جديد في المطعم، مش كنت تقولي يا حاج
وطالع “ماجد” الذي اخذ يتناول طعامه دون اهتمام لوجوده، ثم نظر نحو “سميرة” غامزا إليها وقد تلاشي عبوسها سريعا بعدما أبعد انظاره عن بسمة
– مش قولتلك مليون مرة لما تشوفني تقوم تقف
صاح بها “عنتر” بكبر، بعد أن دفع مقعد “ماجد” الذي شعر بالحرج، طرق الحاج “صدقي” فوق الطاوله بقوة
– ويقف ليه، اقعد يا ماجد كمل اكلك
ونهض عن مقعده يجذب ذراعه
– جاي ليه، مش قولتلك مليون مرة ده مكان أكل عيش
– إيه المعاملة ديه يا حاج ده أنا ابنك حتى
– ابني، يا حاسرة.. ابني راجل خمورجي بتاع نسوان صارف فلوس ابوه على سرمحته
تأفف عنتر حانقا، فدلك رأسه بضيق فقد بدأت اسطوانة والده اليوميه
– عايز فلوس يا حاج
ولكن صياح السيد “صدقي” جعل بسمة التي لم تعتاد على الأمر تتشبث بمقعدها، اقترب منها “ماجد” يطمئنها
– متعودين على كده، قومي نكمل شغلنا في المطبخ
نهضت بسمة ترافق ماجد، فلوت سميرة شفتيها متمتمه
– لا حنين يا واد
استمرت محاضرة السيد ” صدقي” لبضعة دقائق ولكن في النهاية كان “عنتر” يأخذ المال قبل رحيله
– ياريت مشوفش وشك هنا تاني ولا في البيت
ضحك عنتر ملئ شدقيه
– خايف على السنيورة الصغيرة اللي متجوزها مني يا حاج، لا أخص عليك..
تنهد السيد “صدقي” واتجه نحو المطبخ يُباشر على الأطباق التي سوف تُعد للمساء
ابتسمت سميرة وهي ترى المكان قد اصبح خاليا، فركضت إليه قبل مغادرته
– عنتر
ارتفع حاجبيه وهو يلتف إليها، يدرس تفاصيلها بعينيه، تقدمت منه بغنق بعدما حررت البعض من ازرار قميصها العلوية حتى يظهر نحرها بسخاء
– هتمشي من غير سلام ولا كلام
لم يمهلها “عنتر” المزيد من الحديث فكان يجذبها نحو أحد الأركان المتوارية يمنحها ويمنح نفسه ما يُريد.
وشهقة خرجت مصدومة من بسمة التي ارتجف جسدها وهي تراهم في ذلك الوضع
أسرعت بخطواتها نحو المطبخ بعدما سقط دلو الماء من يدها، أسرعت سميرة في هندام قميصها وترتيب خصلاتها
– يالهووي ديه ممكن تفضحني قدام الحاج صدقي، يا فضحتك يا سميرة
– سلام يا سمورة، وابقى اتعملي أنتي مع البت ديه
رحل دون أن يعبأ لشئ كعادته، فتنهدت “سميرة” بخوف وعادت للمبطخ تبحث عن بسمة بعينيها متوعدة لها إذا فضحتها
…………..
أنتهي الأجتماع أخيراً وانصرف رؤساء الأقسام حتى مديرة فرعه تلك الإيطالية الحسناء قد انصرفت.
تراجعت خديجة بمقعدها ترمقه وهو جالس باسترخاء وقد أنفض الجميع من حولهم
– اظن الأجتماع خلص يا سيد “أمير”
ابتسم وهو يسمع نداءها لاسمه، فنهض عن مقعده وقد ظنت إنه سينصرف ولكن جراءته قد اذهلتها وهو يقترب من باب الحجرة يغلقه
– أنت بتعمل إيه
– بتتجاهلي رسايلي ومكالمتي، كل ده ليه؟
ومال نحوها حتى اختلطت أنفاسهم، ولوهلة كانت خديجة تشعر بالضياع وبرفرفة قلبها نحو مشاعر قد وأدتها منذ زمن
– خديجة أنا مش عارف ازاي وامتي بقيت مجنون بيكي، أنا المفروض أرجع مصر بعد اسبوعين
همس بحروفه ينظر في عينيها مسحوراً
– شايف في عيونك كلام كتير
وبقوة كانت تنهض عن مقعدها تعود لصلابتها،صارخه
– اطلع بره والصفقة اللي بينا تعتبر انتهت
وفي لحظة لا تعرف كيف تمت، كان يأسرها بين ذراعيه يُعانق شفتيه بشفتيها.. ، سقطت في دوامة المشاعر، سقطت في منطقة اللاعودة، لقد جعلها تتذوق مشاعر جديده عليها
تمالكت حالها بصعوبة وهي تدفعه عنها بكل قوتها تنظر إليه وهو يلهث أنفاسه
– بره مش عايزه اشوف وشك تاني، بره
– خديجة أنا أسف
واقترب منها اسفا ولكنه توقف مكانه وهو يري نظرتها الحازمة
– بشمهندسه خديجة يا استاذ، وزي ما سمعت بره
غادر “أمير” المكان وهو يُدرك خطأه الفادح وتسرعه.
انهارت فوق مقعدها ودقات قلبها تتسارع تلوم حالها بجنون
– غبية يا خديجة غبية
وفي بكاء مرير كانت ترثي سنوات عمرها، تتذكر تلك الليلة التي أغتصبت فيها وانهارت أحلامها معها واتخذت دربً لم تكون تهواه يوما
” سيدة أعمال ذات اسم ساطع، لم يكن هذا ما ارادته ولكن
هل لنا القرار ؟ “
…………….
– مش معقول يا جنات هتواقفي على عرضه
هتفت بها “فتون” بعدما مسحت يديها بعد إعدادها لإحدى أصناف الحلوى، وقد انشغل أحمس بالاهتمام ببعض الزبائن
– جنات أنا استحالة اصدق إنك تقبلي بالمهزلة ديه
– هقبل يا فتون، هقبل عشان اكسر مناخيره
حدقت بها “فتون” وقد قطبت حاجبيها بغرابة
– مش قادرة أصدق إن ده السبب الوحيد يا جنات
توترت “جنات” وقد أدركت اكتشاف فتون لسببها الحقيقي
– أنتي تعرفي كاظم النعماني من أمتي يا جنات
اطرقت جنات عينيها تُخبرها بصدق
– لما كنت بشتغل في شركة السياحة..، كان صديق السيد فؤاد صاحب الشركة
وتنهدت بمرارة حقيقية
– لكن عمره ما اخد باله مني..
– ولو فضل طول عمره مش واخد باله منك يا جنات هتعملي إيه
ورغم صعوبة الجواب إلا إنها ابتلعت ريقها بمرارة
– هخرج أكيد كسبانه من الجوازه ديه وابقى سيدة أعمال بحق
استغربت “فتون” حديثها الذي القته ببساطة ثم اردفت بحماس
– أشغل أحمس معايا وأنتِ تمسكي الشئون القانونيه ونبقى نساء مستقلين
ورغم الحماس الذي كانت تتحدث به إلا أن “فتون” لأول مرة كانت تفهمها..، “جنات” ضائعة مثلها ومثل الكثير من النساء ورغم قوة جنات إلا إنها تحتاج للحب، للعائلة
تعالا رنين الهاتف، فطالعت “فتون” هاتفها ثم انسحبت متمتمة بخفوت
– ده سليم
ابتسمت جنات وهي ترى ابتسامتها وخجلها عند ذكر اسمه وكيف اصبحت هيئتها وملامحها بعدما منحها “سليم” الحب،
وجزء داخلها كان يُريد لها أن تصبح هكذا وجزء أخر يخبرها أن لا تدلف بقدميها نحو حياة رجلا لا يحبها ويُقدم لها الزواج كعرض.
تلك المرة صدح هاتفها برسالة، نظرت للاسم فشعرت بالدهشة من رؤية اسمه لتفتح الرساله وتنظر نحو محتواها بعينين شاردتين
تجمدت اصابعها فوق الهاتف ولكنها كانت قد اتخذت القرار، لتُسطر بجوابها ببضعة أحرف
” موافقة”
وعلى الجانب الاخر، كانت ضحكات “كاظم” تعلو مع جمودة ملامحه وهو يري جوابها
– اوعي تقولي إنك كسبت الرهان ورفضت العرض
القى كاظم هاتفه نحو “جلال” يُعطيه الإجابة يقرأها، فانبسطت ملامح جلال وعلت السعادة وجهه ، فهو يُريد أن يستمتع برؤية عذاب أمرأة حتى يُسكن خيبته ويؤكد لحاله يوما بعد يوم أن النساء جميعهن طامعات
– للأسف خسرت يا صديقي، وأنت الكسبان
واردف بوعيد وهو ينهض عن مقعده بوجه خالي من المشاعر
– هي اختارت تدخل اللعبة وهتخرج منها خسرانه لا بفلوس ولا زي ما وقفت تناطح قدامي بالشرف والضمير
– هتمم جوازك منها
تمتم جلال متسائلاً، فارتفعت شفتي “كاظم” بابتسامة خبيثة
– كاظم النعماني مبيطلعش خسران من حاجة
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي