روايات

رواية ديجور الهوى الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى البارت الرابع والثلاثون

رواية ديجور الهوى الجزء الرابع والثلاثون

ديجور الهوى
ديجور الهوى

رواية ديجور الهوى الحلقة الرابعة والثلاثون

أشعر إن سعادتك مسؤوليتي، وحمايتك مسؤوليتي، كأن حبي إليك وكلّني لأكون ملاكك الحارس.
#مقتبسة
تخطو شمس بخطوات ثابتة في الشقة الذي أخبرها عنها ثائر او شريف فهي لا تعلم ما الاسم الصحيح الذي يجب أن تناديه به..
على اي حال تغيير اسمه لا يغير عشقها له، لذلك الرجل الذي تعشقه يتصرف بشكل سريع وغريب بالنسبة إليها، هي تعلم كل العلم بأن الشقة ليس بها هذا الأثاث هي ليست “شقة مفروشة” مثلا ولكنه في يوم واحد اختفى فيه عاد يخبرها بأن تخرج بحقيبة سفرها في الخامسة فجرًا لترحل معه…
يبدو أنه أنهى كل هذا في يوم واحد….
لأول مرة تجد شخص يفعل كل ذلك من أجلها، لم تعتاد على تلك المعاملة أبدًا، يكرمها بشكل يجعلها تظن أنها لا تستحقه حتى بعدما عرفت حقيقته والتي لم تزيدها إلا فخرًا بالرجل التي وقعت في عشقه، بل هو أنبل من الصورة التي كانت في عقلها، تضاعف عشقها له…
ولكنها باتت خائفة أكثر من خسارته..
خائفة من حدوث أي شيء له…
هي لا تتحمل فكرة أن يزج في السجن، رجل مثله، دافع عن شقيقته بل صدقها، الآن أصبحت الرؤية واضحة أمامها، من يصدق شقيقته بتلك السهولة ويفعل كل ذلك من أجلها لا يستبعد أن يقوم بمساعدة أمرأة مثلها رغم كونها راقصة!!.
هو رجل عجيب، لكنه يستحق أن تهبه قلبها وكل شيء بها، لكن اليوم كان به شيء مختلف هو منزعج وبشدة تشعر به ولا تعلم السبب..
بعد أن رحل حارس البناية وتركهما في الشقة بمفردهما…
فقد أعلن ثائر لحارس البناية ومالكها بأنها زوجته وتم عقد قرانه عليها منذ مدة، ولكن توفت والدتها وبقيت بمفردها وبالطبع تأجل حفل الزفاف بسبب هذا الأمر….
لذلك هو يرغب أن تكون بجانبه وفي مكان أمن، لذلك قام بتأجير الشقة الأخرى، حتى أنه اخبره بأنه لفترة مؤقتة حتى موعد زواجهما ووقتها ستذهب إلى بيته ولأنه طبقًا للاصول لا يصح بأن تتواجد في منزله في تلك الظروف وقبل الاشهار…
وصدقه الرجل تحديدًا لأنه يعلمه منذ خمس سنوات وبينهم الكثير من المصالح…
كان شريف في الشرفة يدخن سيجارته التي أصبحت لا تفارق يده منذ سنوات ويزيد الأمر معه عند ضيقه وغضبه…
أقتربت شمس منه متمتمة بنبرة هادئة من أسفل نقابها:
-البواب حط الشنط ومشي.
كان منهما حقيبة سفرها وبعض الأكياس البلاستيكية وأشياء قام شريف بشرائها من أجلها، أطعمه وخضروات، لحوم، بعض المنظفات، مناديل ورقية، الأشياء الضرورية التي يحتاجها أي منزل ليصبح مؤهل للمعيشة.
لم يجب عليها بل أستمر في تدخينه وهو يراقب الرائح والغادي من الشرفة، فرفعت نقابها بكل حماقة سائلة أياه بتردد:
-مالك يا ثائر..
رفع جسده الذي كان يستند به على السور الحديدي قائلا بغضب:
-هقولك مالي علشان اخلص من زنك، اتنشر ليكي فيديوهات أكتر وبقيتي تريند أكتر من الأول…
كانت نبرته شبة صارخة هزتها بالفعل، وكانت نبرته مجروحه وغاضبة إلى أقصى درجة حينما رأى المقاطع أمام عينه بل دون وعي منه قبل أن يحطم الهاتف في أقرب -مما أدي إلى انكسار شاشته- قام بقراءة بعض التعليقات من الرجال التي أصابته بالغليان…
تمتمت شمس تنفي عن نفسها التهمة بكل حماقة وكأنها ظنت أنه يشك بها:
-والله ما اعرف حاجة أنا طول الوقت في البيت عندك ومرجعتش ولا رقصت ولا اعرف حاجة أنا حتى معيش الا الموبايل الصغير بتاع مريم ومش بفتح موبايلي مقفول من ساعتها..
حك مؤخرة رأسه بضيق متمتمًا بانفعال:
-متعرفيش مين اللي بيتهبب ينشر الفيديوهات او يصورك؟!.
هتفت شمس بتوتر كبير وحرج لأول مرة تستشعره:
-معرفش، انا مكنتش بركز في حاجة زي دي، وبعدين انا مش عارفة مين اللي بينشر ليا حتى في المرة الأولى مكنتش عارفة مين اللي عمل كده وعبدة قالي أنه ممكن يكون حد من اللي موجودين في الفرح.
تمتم شريف بنبرة صارخة بعد بحث طويل في المساء حاول فعله:
-اللي مصورك، مصور باحترافية مش حد بيصور بعشوائية موجود في فرح لا مش بس باحترافية ولا اكونت واحد اللي منزل ده اكتر من اكونت واكتر من حد في نفس الوقت، مش حد منزل بالصدفة وهما هما الناس اللي كانت منزلة ليكي أول مرة…
قالت شمس بقلة حيلة هي تعلم ما يشعر به الآن:
-اسفة اني دخلت حياتك، وحقيقي مكنتش عايزاك تحس بكل ده، بس صدقني والله انا عمري ما كنت احب ان ينزلي فيديوهات ولا اصلا كان في حد بينزلي حاجة معرفش ليه في الفترة الاخيرة ده بيحصل من ساعة ما قولت هبطل وكأن الدنيا بتعاندني، انا كده مش هعرف أنزل الشارع تاني أنا قولت الناس نسيت وهرجع اتعامل.
ابتلعت ريقها ثم غمغمت بنبرة حمقاء:
-انا شايفة أنك مش متحمل انا هرجع البيت وخلاص وهتصرف معاهم.
صاح شريف قائلا بنبرة جادة وتحذير:
-أنتِ مش هتتحركي من الشقة دي، ولا هتنزلي من هنا مهما كان السبب كل اللي تعوزيه تقوليلي وأنا هجيبه ليكي او هبعتلك مرات البواب وحتى دي تفتحي ليها بالنقاب اياكي حد يشوف وشك أنا قولت ليهم انك مراتي وكاتبين الكتاب متعمليش لينا مصيبة…
قاطعته شمس بلهفة حقيقة وهي تبتسم كالبلهاء:
-بجد قولتلهم كده يا ثائر؟! يسمع من بوقك ربنا.
نظر لها متحدثًا بانفعال حقيقي رغم رغبته المجنونة في الضحك حقًا:
-أنتِ في ايه ولا أيه؟!! في أيه ولا في أيه بجد؟!!!..
أبتلع ريقه ثم تحدث بنبرة واضحة:
-اللي قولته يتنفذ يا شمس والله لو عملتي عكس كده أنتِ حرة، ومجرد ما اخرج من هنا تقفلي الباب عليكي بالمفتاح، الحاجات اللي جبتها هتقضيكي فترة كويسة وانا علطول معاكي لو في أي حاجة رني عليا وكلميني علطول، وحوار الفيديوهات ده أنا ليا صرفة معاه..
سألته شمس باهتمام:
-ليك صرفة معاه ازاي؟! هتعمل ايه؟!.
عقب شريف بتفسير وذكاء:
-مش أنتِ بتقولي من ساعة ما قولتي هتبطلي والفيديوهات بتتنشر؟!.
هزت رأسها في إيجاب قائلة بعفوية:
-ايوة.
تمتم شريف بنبرة هامسة:
-هي كده وضحت شوية بس لو طلع اللي في بالي صح أقسم بالله ما هحله.
هتفت شمس بعدم فهم:
-أنتِ بتقول ايه مش فاهمة؟!.
قال بعدم أكتراث وهو يخرج من الشرفة وهي تتبعه:
-متاخديش في بالك اهم حاجة تعملي اللي قولتلك عليه، انا همشي دلوقتي.
سألته شمس باهتمام وهي تنظر له:
-هتروح فين؟!.
تمتم شريف ساخرًا:
-لا ما أنتِ متصدقيش نفسك أنك مراتي أو ليكي علاقة بيا علشان كل شوية تسأليني السؤال ده اسكتي واتقي شري وبعدين انا مبحبش حد يقولي أنتَ رايح فين وجاي منين.
وضعت شمس يديها في جانبيها قائلة بعنجهية في غير مكانها او موضعها:
-هو انتَ تطول يا حبيبي أصلا؟! ولا تطول ولا تحلم أنك تكون جوزي أنتَ اللي مصدق نفسك؛ ده انا شمس.
سألها بسماجة:
-يعني ايه شمس يعني؟!.
عقبت شمس بجدية:
-معرفش يعني ايه، بس يعني تلزم حدودك ومتفتكرش انك ماسك عليا ذلة…
نظر لها شريف نظرة ذات معنى لتستكمل حديثها بفخر واستفزاز لم يكن في موضعه:
-انا فيديوهاتي بقت عند الناس كلها الحمدلله يعني مش محتاجة حد يمسك عليا ذلة ولا غيره، الناس كلها ماسكة دلوقتي.
قال شريف وهو يكز على أسنانه ونظر لها نظرة اخافتها حقًا:
-أنا شايف أنك تخرسي ومسمعش حسك لاني بجد مش هستحمل طولة لسانك وعينك القوية دي النهاردة خالص.
هزت رأسها في احترام وهي تقول بنبرة لا تليق مع حديثها منذ دقيقة، متبعة مقولة (من خاف سلم) فهي لا ترغب في أن تكون (القتيلة) رقم اثنان:
-خلاص حقك عليا، عيلة عبيطة وغلطت متاخدش على كلامي.
ثم غيرت الموضوع متحدثة بجدية:
-أنتِ مقولتش ليا ايجار الشقة بكام وكل التكاليف دي.
تمتم شريف متحدثًا بعدم تصديق:
-أنتِ مجنونة؟! فاكرة اني هاخد منك فلوس؟!.
هتفت شمس بتهكم:
-ومتاخدش ليه يا هارون الرشيد ولا يا نجيب يا سويرس؟! خلاص عرفنا انك غني ومعاك فلوس بس مش ملزم تصرف عليا انا معايا فلوسي، وبعدين أنتَ كمان متصدقش انك جوزي ولا ملزم تصرف عليا.
قال قبل أن يذهب ناحية الباب ويفتحه:
-يا صبر أيوب اللي ابتلى.
هتفت شمس بإصرار وهي تسير خلفه:
-استنى هنا أنا بكلمك..
خرج من الباب وأغلقه خلفه بلا مبالاة بحماقتها، تلك المرأة حقًا هي عقابه وملاذه في الوقت نفسه…
لم يذهب ويتحرك من أمام البابز إلا حينما استمع تلك الأصوات التي تعلن بأنها توصد الباب جيدًا من الداخل وتنفذ كلماته…
______________
-بقى كده يا كمال..
تمتم كمال باستغراب وهو يضيق عيناه فما الذي حدث؟!
-في ايه؟!.
هتف توفيق بعتاب غافلًا عن فردوس التي تهبط على الدرج والكلمات اخترقت أذنيها:
-يعني مقولتش ليا أن داليا حامل، لولا اني كنت بتكلم مع عزت بالصدفة وعرفت مكنتش هعرف؟! بقى تخبي علينا الاخبار الحلوة دي…
-مبروك يا كمال…
كانت تلك عبارة فردوس التي خرجت منها بكبرياء على الرغم من الدموع التي تتواجد في عينيها…
وقبل أن يستوعب كمال كلماتها كانت هي تزيد من نبرتها حدة:
-مش كنت تقولنا، مخبي علينا ليه ده احنا حتر كنا هنفرح ليك؟!.
المباركة الثانية التي يتلقاها منها..
كانت الأولى وقت أخباره لها بأنه سوف يتزوج، مباركة جافة غير مبالية لم تحسب حساب وقتها بأنه سيفعل حقًا، كانت تظن أنه مجرد تهديد فحسب..
لكن الثانية تعبر عن هدوء ما قبل العاصفة لم تخرج منها جافة أبدًا بل أكد لها الخبر صحة ما حدث خلال تلك الفترة وكأن قلبها الأبلة كان يحاول استبعاد فكرة بأنه اتخذ أمرأة غيرها زوجة، والآن الدليل موجود واضح بشكل لا يستطيع أحد تكذيبه..
كُلل زواجه بأخرى بحملها المنتظر…
وهي خير من تعلم رغبته في الإنجاب……
كانت توفيق صامتًا من المشهد وتمنى لو أنه صمت لو لعدة دقائق لم يكن ليتسبب في مشكلة ولكنه لم يرى فردوس..
كان يرغب في عتاب حفيده بأنه اخفى خبر هكذا عنه، لم يتخيل من الأساس بأن فردوس سوف تكون مستيقظة في هذا الوقت الباكر!!
لم يراها يومًا تقف أمامه في تلك الساعة…
قبل أن تسمح لدموعها بالفرار قالت بنبرة مكتومة:
-انا مش رايحة خلاص هطلع اكمل نوم وهبقى اروح بليل….
حسنًا وقت ادعاء القوة والصلابة، بل اللامبالاة قد ذهب إلى هنا وليس بوسعها حتى إطلاق (زغروطة) كما فعلت في السابق….
صعدت بخطوات سريعة وتوجهت صوب غرفتها وكان كمال يقف مكانه التمثال، ليس بوسعه قول أو نطق كلمة!!!
لولا جده الذي أخرجه من دوامته قائلا بنبرة معتذرة رغم أنه لم يقصد ولكنه شعر بأنه يجب عليه الإعتذار:
-حقك عليا يابني مجاش في بالي أن فردوس هتكون صاحية دلوقتي او أنها نازلة وراك.
مكانة كمال عند توفيق مختلفة، مختلفة جدًا لأنه يدرك حجم المسؤولية المتواجدة دومًا على عاتقه، حسنًا هو أكثر من كان يكره فردوس وشقيقها ولكنه أكثر من يحسن معاملتها من أجل كمال فقط..
من أجل كمال يسمح بوجودها في منزله ومهما فعلت لا يتدخل، من أجل كمال لأنه يعلم مكانة فردوس لديه…
كان هذا الوضع في البداية ولكنه للحق اعتاد على تواجدها وباتت فرد من أفراد منزله وهذا حدث من اجل كمال بدأ يتقبلها..
هتف كمال بنبرة سريعة قبل أن يسير بضعة خطوات ثم يصعد على الدرج متوجهًا إلى غرفتهما مؤخرًا بعد أن ظلت لسنوات غرفتها هي وحدها…
-ولا يهمك.
قالها بصدق لأنه يدرك بأن الخطأ ليس خطأ جده رُبما الخطأ يخصه هو وحده لأنه أخفى الأمر لبضعة أيام فقط…..
تمتم توفيق بعد رحيله بنبرة هامسة:
-ربنا يصلح الحال…
____________
“لستُ حزين، ولكنني مُرهق فأنا لم أعد قادر على أن أعود كما كنت فتلك الأحداث التي حدثت قد فعلت الكثير بجوف قلبي”
#مقتبسة
فتح باب الغرفة ليجدها جالسة على طرف الفراش تبكي تترك لدموعها العنان وتحررها، انفطر قلبها..
تمزق لألف قطعة وقطعة، الآن الأمر واضحًا..
واضحًا بشكل يؤلم قلبها بأن هناك طرف ثالث رُبما هي الطرف الثالث الآن، هي العلاقة الغير مكتملة، الغير قوية، علاقة كل ما تبقى منها ذكريات الماضي التي لم تتخطاها لكن يبدو أنه فعل هو وبسهولة….
وحتى ولو يفعل انتهى الأمر..
-فردوس..
مسحت دموعها بأناملها وتجنبت النظر له قائلة بنبرة حادة بعض الشيء:
-اطلع برا يا كمال، اطلع برا وروح شغلك وسيبني…
تمتم كمال بنبرة مختنقة:
-فردوس ممكن نتكلم.
نهضت لتصيح بانفعال:
-الكلام خلص من بدري يا كمال خلص من بدري اوي.
صاح هو الآخر بسخرية ليس منها بل لأنه لا يمر يوم عليهما بدون شجار وكأنه كُتب عليهما:
-بعد ما زغرطي وبعد ما اتجوزت كنتي منتظرة ايه اللي يحصل؟! ما دي نتيجة عِندك ونتيجة اللي احنا فيه.
تمتمت فردوس بابتسامة ساخرة:
-صح المشكلة فيا، حقك عليا، على العموم مبروك ويتربي في عزك يا حبيبي، ياريت بقا تطلقني والمرة دي أنا بتكلم بجد..
قال كمال بتصميم:
-مش هطلقك يا فردوس…
هتفت فردوس بجنون حقيقي تلك المرة:
-هطلقني غصب عنك يا كمال لو مكنش بمزاجك، المرة دي غير، المرة دي بينت الحقيقة اننا مش هننفع نكمل مع بعض يا كمال، مش هينفع ده انا اللي بقيت طرف تالت، انا اللي علاقتي بيك مبقاش ليها لازمة، أنتَ لقيت اللي تديك كل حاجة خلاص.
سألها كمال بعصبية مُفرطة:
-وكان بسبب مين؟ أنتِ عارفة اني معملتش كده من يوم وليلة ولا حتى شهر، ولا حتى سنة، سنين طويلة وأنتِ مش معايا مفيش حتى لو أمل ضعيف كان يخليني أحس انك هتعملي أي حاجة علشاني، حتى مرضتيش تبعدي يمكن كنتي تريحيني، صغرتيني بدل المرة ألف، وبتعاقبيني أنا…
“طوال هذا الوقت لم يتوقف هاتفه عن الرنين”
صاحت فردوس مستنكرة اتهاماته:
-أنا مش هتكلم معاك في حاجة، أنا اللي غلطانة في كل حاجة براحتك مدام أنتَ شايف كده يا ملاك، طلق الشيطان بقا وعيش حياتك وهاتها هنا بدالي قعدها في اوضتي كمان، ما هي شايلة في بطنها ابنك، لكن فردوس هي اللي هتتمسح باستيكة كأنها مكنتش موجودة..
صرخ كمال منفجرًا بها:
-أنتِ اللي مصممة تعملي كده، ومصممة تبعدي عني في كل مرة مش المرة دي بس، المفروض أعمل ايه علشان ابين ليكي اني بحبك ومحبتش واحدة غيرك؟! ايه اللي المفروض اعمله؟!!! فهميني ايه التصرفات اللي المفروض الواحد يعملها اكتر من كده علشان يبين ليكي انه بيحبك وانك اهم حاجة في حياته؟!!!!..
تنهد ليقول بألم ونبرة صادقة:
– ده انا حتى مش عارف أفرح بحملها زي أي راجل بيستنى خبر زي ده بسببك، انا مبقتش عارف افرح باي حاجة حتى لو كنت مستنيها بسببك، في حين أنك معملتيش أي حاجة غير اللوم والعتاب وبس..
كادت أن تتحدث حينما أخرج هاتفه من جيبه ليجد صديقه يتصل به فاليوم هو يوم هام في البنك ويجب عليه الحضور ويبدو أنه تأخر…
تمتم كمال بنبرة منهكة ومتعبة لكنها متوعدة في الوقت نفسه:
-انا ماشي واعملي حسابك اني لما ارجع هنتكلم وأن الكلام مخلصش ومش أنتِ اللي هتبدأي وتنهيه كل مرة بمزاجك.
-مفيش نقاش المرة دي هتكسبه يا كمال لازم نخرج خسرانين نهاية الطريق خسارة مهما حاولت، فالخسارة القريبة أفضل.
ثم تحدثت فردوس بنبرة منفعلة للغاية:
-ولا أنتَ عايز تعيش دور سي السيد واحدة تخلف ليك والتانية اللي بتحبها تفضل معاك أنتَ أناني بشكل بشع…..
حقًا رغب كمال في تحطيم رأسها على كلماتها المزعجة ولكنه رحل، رحل قبل أن تخرج منه تصرفات غير مسؤولة لن يستطع ان يكون كمال الهادئ طوال الوقت هو لديه طاقة لها حدود…
_____________
“صباح الخير”.
جملته الصباحية التي تخرج منه حينما يلتقي بالعاملين معه في المكتب فلم يكن يخص ملك بها وحدها
وبنبرة جامدة أو عملية كان يتحدث بجدية وكأنه لم يكن هذا الرجل الذي كان يتواجد معها ومع صديقتها ليلة أمس في المستشفى.
“النهاردة هتروحي ال***** هطلعي ورق ******”.
“في ملف تراجعيه”
الكثير من الأوامر خرجت منه بطريقة متسلطة كعادته معها، مع بشرى ومع الجميع ولكنها لم تتوقعها اليوم بعد ذهابه معهما، يبدو أنه يحافظ على علاقاته حسب المكان، ففي العمل هو جاد لأقصى حد وتفهمت هذا…
وبعد رحيله أخذت تنهي ما يتواجد على عاتقها وما يكلفها به؛ وبين الحين والأخر تراقب مقعد بشرى الفارغ ومقعد مراد ايضًا لتشعر بالضيق الشديد من غياب الأثنان معًا….
وبوجه أخر في نهاية اليوم كان هلال يأتي ويقف أمام مكتبها سائلا أياها بهدوء واهتمام كبير وكأنه عاد مرة أخرى لذلك الشخص الذي كان يتواجد معهما ليلة أمس…
يبدو أنه يتحول إلى رجل أخر حسب توقيت مدينة لا تعرفها…
ولكن هناك به مشكلة…
-عرفتي حاجة عن بشرى؟!.
تمتمت ملك بنبرة عادية:
-لسه مكلماها من شوية كان هيدخلوا عمو منير العمليات.
سألها هلال باهتمام:
-كل حاجة تمام يعني؟!.
هتفت ملك بنبرة عفوية:
-ان شاء الله زمانه خرج من العمليات وان شاء الله يقوم بالسلامة، لو حضرتك عايز تطمن عليها رقم بشرى في جروب الواتساب.
قال هلال بلامبالاة:
-لا ملهوش لزوم أنا قولت أطمن منك كملي شغلك.
أنهى حديثه ورحل وهي تراقب طيفه متأكدة من أن هذا الرجل غير مفهوم…
لكن هي تراه مهتم وبشكل كبير لا تستطيع نكران تلك النقطة، الوضع غريب، ولكنه يهتم بأمر بشرى هذا ما تعرفه..
“بعد مرور ربع ساعة تقريبًا”.
كان هلال يعبث في جهات الإتصال التي تتواجد في المجموعة على “الواتساب” ليس بعادته تسجيل رقم كل من يعمل معه، هو يكتفي بإلقاء المهام على الدردشة الجماعية لتصل إلى الجميع حتى حينما يتحدث مع شخص بعينه يكون أمام الجميع، فأخذ يبحث في الأرقام عن أي علامة مميزة قد تظهر له تخبره بأن هذا الرقم يخصها..
ولحسن الحظ بعد بحث طويل استطاع الوصول إليها عن طريق كتابة اسمها أسفل الرقم وحينما ضغط على الملف الشخصي الخاص بها وجد صورتها ظاهرة بشكل واضح يبدو أنها قامت كالجميع بتسجيل رقمه..
فقام بالإتصال بها، لتجيب عليه بعد ثواني ..
“الو”
تمتم هلال بنبرة هادئة:
“الو، ازيك يا بشرى عاملة ايه؟!”.
جاءه صوتها الخجول:
“الحمدلله بخير، في حاجة في الشغل؟!”.
كان سؤالها سريع وواضح جدًا لم تمهل نفسها وقت لتسمع ما يريده، بالتأكيد يتصل بها من أجل العمل، لكنه خيب ظنها حينما أجاب عليها..
-لا مفيش حاجة أنا بطمن عليكي وعلى والدك عرفت من ملك انه دخل العمليات.
“اه خرج الحمدلله”.
-الحمدلله، لو احتاجتي اي حاجة قوليلي او في اي حاجة اقدر اعملها مش هتأخر.
أصابها بالدهشة لا تفهم حتى سر عرضه، هو بمحافظة وهي بمحافظة أخرى وليس بينهما من الود ما يجعلها حينما تحتاج شيء تترك أهلها وأقاربها ومعارفها وتتصل به هو!!
هذا الرجل معتوه حقًا!
أو به شيء لا تعلمه، لكنها مجبرة على الرد بدبلوماسية:
“شكرًا لحضرتك، ويعني كنت حابة ابلغ حضرتك اني مش هقدر اجي طول الاسبوع ده على الأقل يعني لو…….”
قاطعها متحدثًا بنبرة صادقة:
-براحتك، ارجعي لما تحسي ان والدك كويس، مع السلامة…
باستسلام كانت تجيب عليه:
“مع السلامة”.
________________
ليلة مرت عليها نائمة بأحضان رجل حنون اكتشفته فقط تلك الليلة!!
لو فعل معها ما فعل..
وقال لها ما لا يصح قوله..
يكفي معاملته الجيدة مع فهد التي لا يفعلها أي شخص في موضعه، حتى أنها حينما تحاول أن تضع نفسها مكانه لا تجد نفسها قد تتقبل أمر فهد خصيصًا…
وافق على أنه يضمه ويشعره بحنان أب حقيقي له…
ونام فهد سعيدًا بشعور طفل طبيعي يشعر بالأسرة والصورة المكتملة، رُبما لا يستوعب عقله احتياجه هذا ولكنها تفهمه، هي أكثر من تفهمه..
مهما حاول الجميع ان يعوضها غياب والدها أو غياب وجوده في حياتها لم يستطع أحد ان يملأ فراغه، كما لم تستطع هي وشريف أن يشعروه بأن حبهم له كافي…
نهضت في الصباح وتناولت الفطور معهما وبعدها أخذت تنهض وتحضر ملابسها وكان سند لها داغر حتى وصولها إلى المرحاض لتغسل وجهها وتبدل ملابسها…
ورحل فهد حتى يلعب مع أبناء ام شيماء…
طلبت أفنان من داغر أن يأتي بعكاز لها حتى تتحرك بأريحية أكثر ولا تزعجه، كان هذا تعقيب تخفي به خجلها الصريح من هذا القرب وتواجده معها في كل خطوة…
لكنه أخبرها بكل هدوء انه يرغب في هذا..
ويرغب في أن يكون هو عكازها…
وكانت تلك أكثر كلمة رائعة سمعتها من شخص…
وليس أي شخص..
ولكنها لم تبدي أي رد فعل بل أصرت وهو تجاهل رغبتها، خرجت من المرحاض وكانت ارتدت ملابسها كاملة وكان هو ينتظرها ليمسك يدها ويحاوط خصرها وتستند عليه حتى وصلا إلى الفراش.
فتمتمت افنان بنبرة متوترة مستغلة غياب فهد:
-أنا عايزة اروح اشوف ماما واتكلم معاها أنا مستغربة أنها مجتش..
هتف داغر بنبرة عادية وجادة:
-اللي عرفته مش سهل سبيها تستوعب الموضوع.
قالت أفنان بنبرة جادة لا تتحمل الصمود:
-وديني ليها..
بعد تلك الكلمات لم يستطع أن يرفض طلبها…
ساعدها حتى تصل إلى الغرفة…
تركها بعد أن جلست على الفراش في غرفة والدتها التي كانت تقضى فرضها عند دخولهما..
رحل داغر تاركًا لهم مطلق الحرية في الحديث…
وبعد دقيقة تقريبًا من رحيل داغر…
كانت منى انتهت من صلاتها ثم استدارت بمقعدها لتجد أمامها أبنتها أقتربت منها وربتت على فخذيها بحنان:
-سلامتك يا بنتي، اسفة على عجزى اني مش قادرة اساعدك بس داغر قايم بالواجب.
تمتمت أفنان بنبرة مترددة:
-الله يسلمك يا ماما متقوليش كده..
قاطعت منى حديثها قائلة بنبرة ساخرة من حالها فهي تعاتب نفسها بشكل كبير:
-أنا عاجزة من زمان مش من دلوقتي، كنت عاجزة لما ماخدتذ بالي من اللي بيحصل مع بنتي، عاجزة لما صدقت اللي ابني عمله، عاجزة اني مكنتش فهماكم، ولا عرفت أعمل حاجة.
في نهاية حديثها أخذت الدموع تهبط من عيناها لترفع أفنان أناملها وتمسحها رغم أن دموعها هي من بدأت في النزول:
-الذنب مكنش ذنبكم الذنب كله ذنبي؛ انا اللي غلطت من الأول، وغلطت اكتر لما فضلت اخبي.
تمتمت منى بعد ابتسامة حاولت رسمها متذكرة نصيحة كمال بأنه ليس من مصلحة أي أحد الحديث في الماضي تحديدًا مع أفنان، هي غاضبة كأي أم وترغب في معاتبهم جميعًا ولكنها أدركت بأن الحرب قد انتهت وحسمت النتائج لا يصح محاولة إشعالها من جديد تحديدًا بين من تلقوا الصدمة والعقاب سويًا….
-خلاص يابنتي متقوليش كده أنتِ غلطتي وكلنا بنغلط.
قالت أفنان بذنب عميق ان يهدأ إلا حينما يشعر الجميع بالسعادة التي حُرمت عليهم:
-حياة الكل أدمرت بسببي يا ماما.
قالت منى بثبات:
-كله مقدر ومكتوب محدش بيأخد أكتر من نصيبه في الدنيا دي، وده نصيبهم وحتى اللي لسه هيحصل هو نصيبهم.
تمتمت أفنان بنبرة قلقة:
-أنتِ زعلانة مني طيب؟!.
تحدثت منى بجدية محاولة ألا تتحدث في الماضي قدر المُستطاع ما حدث قد حدث:
-مفيش أم بتزعل من عيالها دايما بتكون زعلانة عليهم، ولو زعلت بيكون عتاب مش زعل، أنا بس قلبي واجعني وقلقانة من اللي جاي وبدعي لربنا يريح قلوبكم كلكم ويطمني عليكم واشوفكم مرتاحين البال، كلكم تعبتم…
ثم قالت بنبرة ذات معنى:
-ياريت كل واحد الغشاوة اللي على عنيه تتشال ويشوف ويفكر في اللي جاي وبس..
_______________
مرت سنوات..
مرت سنوات ولم تسمح لنفسها بهذا الانهيار، كانت ترغب في أن يعرف الجميع بأنها أمرأة قوية وتسعى إلى أخذ حق شقيقها من كل من تعاون في الأمر وأخفى القاتل بل حرمت جسدها ونفسها ومشاعرها على معشوقها وزوجها لوقت طويل جدًا لأنه مشترك في الأمر…
لكن أين تلك المرأة القوية التي خلقتها حول نفسها الآن؟!!، وهي تجلس على فراشها منذ الصباح لم تتوقف عن البكاء، بل رفضت تناول أي شيء…
تبكي بقهر كبير، الوجع الذي تشعر به ليس هينًا أبدًا، وحينما أخبر توفيق (دعاء) بما حدث في الصباح حتى تذهب إلى فردوس وتواسيها فهي تغلق باب الغرفة عليها منذ رحيل كمال لم تخرج منها…
وها الآن تجلس أمامها دعاء على الفراش ترمقها بنظرات حزينة وأسى كبير، أتت بالطعام ولكنها لم تجد الجراءة الكافية حتى لمواساتها وهي ترى أعينها المتورمة، ووجهها الأحمر..
منهارة انهيار أقوى من انهيارها السابق ليلة زفافه.
كأنها وجدت الدليل الحي الذي يظهر بأنه بات زوج لاخرى..
له حياة هي لا يتواجد مكان لها فيها..
تمتمت فردوس بنبرة ساخرة وبمرارة وهي تمسح دموعها حينما وجدت دعاء المصدومة والصامتة تجلس أمامها:
-ايه ساكتة ليه معندكيش خطة جديدة؟! معندكيش اي حاجة ناوية تنصحيني بها؟!.
حاولت دعاء المرح معها متحدثة بنبرة خفيفة ولكنها كانت حزينة على حالها:
-ما أنتِ مكنتيش بتنفذي اللي بقوله.
هزت فردوس رأسها بتفكير مما جعلها تتحدث بنبرة متهكمة:
-معاكي حق يمكن لو كنت نفذت كلامك كان حياتي اتغيرت، يمكن كان زماني حامل ونخلف انا وهي ورا بعض وعيالنا يتربوا سوا…
أدركت دعاء الحزن العميق خلف كلمات فردوس والقهر الشديد التي تشعر به هي حقًا غير قادرة على مواساتها، مما جعل الدموع تهبط من عيناها رغمًا عنها فسألتها فردوس باستغراب وهي تمسح عيناها بمنديل ورقي وتراقب دموع دعاء:
-طب انا عارفة انا بعيط ليه من الصبح، بتعيطي أنتِ ليه بقا مش لاقية خطة بديلة؟!.
في بعض الأحيان نضطر أن نلجأ إلى السخرية لعلنا نخمد الألم الذي يتواجد في صدورنا…
تحدثت دعاء بنبرة جادة وصادقة إلى أقصى حد هي لم تتخيل حقًا بأن فردوس باتت تهمها:
-علشان مش عارفة اهديكي ولا لاقية كلام اقوله، بس يعني اللي حصل كان متوقع و….
قاطعتها فردوس بنبرة جامدة:
-مفيش داعي يا دعاء صدقيني تقولي حاجة الموضوع انتهى، الحكاية انتهت ولازم يطلقني والمرة دي أنا مصممة خلاص أنا اللي بقيت زيادة في حياته والدخيلة عليها مش هي انا مبقاش ليا لازمة لازم انسحب باللي باقي ليا من نفسي….
_____________
“لو كنتي عايزة أهلي يعرفوا أو فردوس تعرف بالأخص كنتي تقوليلي في وشي وأنا كنت هعرفهم مدام دي رغبتك، وانا مكنتش منتظر علشان بخبي، كل الحكاية اني كنت منتظر الفترة اللي الدكتورة قالت عليها أنها تعدي”.
“كنتي قولتي أنتِ عايزة أيه افضل من الحوارات وأنك تدخلي اخوكي في الموضوع”.
“الموضوع كان أبسط من أنك تلفي اللفة دي كلها”.
صفعها كمال ألف مرة في مكالمته بكلماته الحادة وكان بالفعل غاضب إلى درجة كبيرة، فهي في نهاية الليلة خضعت إلى كلمات جهاد، فهي شعرت بالشك لن تنكر بأنه يخفي الأمر عن زوجته، ووافقت على خطة جهاد البسيطة لكنها لم تتخيل أن تنفذ في اليوم التالي مباشرة، بل هي لم تقتنع بالشكل الكافي لتفعلها، بل أخبرتها بأنهما سيفكرا في الأمر……
ليدركها هو ولم يصدق بأن الأمر بمحض الصدفة، ليس بين عزت وجده حديث قوي ليتحدث معه وفي الوقت نفسه يخبره بحمل شقيقته….
على الرغم من هدوء كمال، بل معاملته الجيدة للجميع إلا أنه يفهم كل شيء يدور حوله، ليس بأحمق، بل هو يملك من الدهاء والذكاء الذي يجعله يربط المواقف ببعضها….
أنهى مكالمته معها يخبرها بأنه لن يأتي اليوم لأنه غاضب منها ومن فعلتها، ولم تستطع تجميل الأمر في الواقع ولم تكذب عليه لكنها حاولت الدفاع عن نفسها لكنه لم يسمع منها، مخبرًا أياها بأن اكثر شيء أحبه فيها حينما أتى بغرض طلب الزواج منها صراحتها المطلقة ومقولتها الشهيرة “بأن أقصر خط بين نقطتين هو الخط المستقيم” كان يحترم جرائتها وصراحتها ومعرفة ما تريده ولكن تصرفاتها فيما بعد أظهرت عكس ذلك…
مما جعله يغلق المكالمة بضيق واضح تلك المرة، لتخرج من الغرفة تنادي على جهاد التي أتت في الصباح كعادة كل يوم تقوم بمساعدتها في رعاية والدة زوجها..
-في ايه بتنادي ليه؟!.
تمتمت داليا بانفعال واضح:
-هو أنتِ اتكلمتي مع عزت وخلتيه يقول لجد كمال؟!.
هزت جهاد راسها قائلة بتلقائية:
-أيوة مش احنا اتفقنا على كده بليل قبل ما امشي؟!.
صاحت داليا بجنون وغضب:
-لا احنا متفقناش يا جهاد احنا قولنا لسه هنشوف اه اقتنعت بكلامك بس مش أني اصحى تاني يوم الاقيهم عرفوا…
قالت جهاد بنبرة هادئة فهي تظن بأنها تقوم بمساعدتها حقًا:
-أنا افتكرتك موافقة وطريقة كلامك كان بتبين كده وبعدين أنتِ متعصبة كده ليه؟! اهدي، أنتِ شايلة في بطنك..
تمتمت داليا بنبرة ساخرة:
-صح هتعصب ليه؟!!! اتعصب علشان أنتِ عملتي اللي في دماغك حتى من غير ما تاكدي عليا ولا تقولي اي حاجة يعني لولا مكالمة كمال أنا مكنتش هعرف..
هي كانت ترغب في مساعدتها، كانت ترى بأنها انسانة سلبية وترى بأنها خانعة لزوجها، لذلك حاولت الحديث مع عزت تخبره برغبة داليا بمعرفة أهل كمال لأنه يخفي الأمر وهذا يزعجها، لا تمتلك نية سيئة ولكنها يبدو أنها تصرفت بسوء لا تعلم…
ولكنها ترى بأنها لم تفعل شيئًا يستحق غضبها هذا…
هتفت جهاد بنبرة عادية:
-الموضوع مش مستاهل زعيقك ده كله اهدي، ولا هو اتخانق معاكي علشان كده عفرتك؟!.
تحدثت داليا للمرة الاولى بنبرة صارخة وجادة إلى أقصى حد:
-ملكيش دعوة ومتدخليش في أي حاجة تخصني تاني يا جهاد.
لم تعتاد على الحديث مع اي شخص بتلك الحدة تحديدًا جهاد زوجة اخيها وصديقتها المُقربة في الوقت نفسه مما جعل جهاد تشعر بالضيق والحزن الشديد وظلت جالسة على الاريكة اليوم كله حتى لم تنتبه إلى أطفالها أما داليا كانت تجلس بغرفة والدتها التي كانت حالتها الصحية متدهورة إلى أقصى درجة…
وظل البيت هادئ وصامت وحينما جاء والد داليا لاحظ الصمت الذي يعم الأجواء ولكنه لم يسأل…
لم يكسر الصمت الذي يعم البيت سوى صراخات داليا….
________________
“ليست قبلاتي لكِ هو الحب فقط بل أن أختم انتمائك لي إلى الأبد، فأنا احتاج قبلات منها حتى تطيب نفسي من اذاها، فلا بأس بقبلة منك تهدأ ضجيج قلبي المتهالك شوقاً إليك”
#مقتبسة
بعد أن انهى عمله في البنك عاد إلى المنزل مرة أخرى، ولم يذهب للحديث مع جده، بل ذهب ليطمأن على حال شقيقته ولكنه علم بأنها في غرفة والدته فقرر أن يأتي وقت لاحق..
وليذهب إلى معذبة فؤاده فهو طوال الوقت لم يركز في عمله ولا حتى في الاجتماع كل ما كان يفكر به هي، لم يكن يعلم هل من الصواب حديثه مع داليا أم لا ولكنه لم يحب دخول أطراف في علاقتهما بل كان سيقوم باحترام قرارها لو اخبرته بكل وضوح بالأمر فهو كان غاضب بسبب فردوس وبسبب فعلة داليا وبسبب لوم جده الذي عاتبه بأنه يفعل هذا كله من اجل فردوس، لا يدري ما الخطأ الذي اقترفه؟!..
الكثير من الأشخاص يفضلون عدم إخبار الجميع بأمر الحمل في بدايته تحديدًا حينما يخبرهما الطبيب عن ضعفه هو يقسم أنه في بادئ الأمر لم يقصد شيء…
ولج إلى الحجرة ليجدها جالسة في مكانها على الفراش وبجانبها الكثير من المناديل الورقية المستعملة، أعين متورمة وبشرة حمراء كل الإشارات تعبر حقًا عن حزنها، وهذا ليس من عادتها فهي في أكثر شجار بينهم حدة كانت تظهر له بعدها بأقل من ساعة بأفضل مظهر وبأفضل حال لتخبره بأنها لا تكترث له…
لكن الآن تخلت عن هذا القناع، هي تعلم موعد عودته ولم تلملم شتاتها أو حتى تتصنع بأنها في حالة لا مبالية بل تركت لنفسها العنان بأن تكون أنثى حزينة فقط هي ليست المرأة الحديدية…
الغريب أن عشقهما لا يقل كلما يظن هو نفسه بأنه فقد بريقه او حتى اهتمامه، ورغبته به وبوجودها جواره وشغفه بالحياة معها تبرهن له الأيام بأنه كاذبًا، أما عنها هي لم تفلح حتى في النجاح في الانفصال عنه…
لم ينجح كرهها الشديد لشقيقه ورغبتها في الانتقام في جعله يخرج من قلبها أحيانًا تعاتب نفسها رُبما لو كانت ابتعدت عنه في السابق حينما عرض علبها الانفصال لكانت أستطاعت نسيانه أليس يقولون “البعيد عن العين بعيد عن القلب”؟!..
رُبما لو كانت ابتعدت عنه كانت نجحت في أن تتخطاه…
جلس بجانبها على الفراش بهدوء وبجسد متعب ونفسية مُدمرة، فهم لا يخبرون الإنسان إلى أين يذهب حينما يشعر بأن كل الأماكن لا تناسبه…
لما لا يصنعون مكان يذهب إليه من ترفضه كل الأماكن؟!..
صمت..
صمت..
دقيقة تلو الأخرى تمر، لا يصدق بأنه مر أكثر من عشرين دقيق ولم يتفوه أحدهما بحرف على غير العادة الذي يهجم أحدهما على الآخر…
والابشع أنه يتألم في هيئتها التي تفصح عن انهيار كبير حدث منذ الصباح وإلى الآن، غير المرأة التي تعمل في المنزل أخبرته حينما سأل عنها بأن تلزم غرفتها منذ الصباح ورفضت بأن تتناول الطعام….
هتف كمال بنبرة جادة بعض الشيء:
-يعني ايه فايدة أنك تقطعي أكل؟!.
بهدوء مميت كانت تجيب عليه:
-أنا عايزة أطلق، والمرة دي انا بتكلم بجد، طلقني وريحني ملكش دعوة بأكل ولا لا.
سألها كمال بهدوء يحسد عليه:
-ليه؟!.
نظرت له بسخرية هل هو يدعي عدم المعرفة؟!.
أم انها متزوجة من شخص أخر والمشكلة قائمة بينها وبين أخر..
أجابت فردوس عليه بنبرة متهكمة متصنعة الابتسام:
-علشان حياتنا سعيدة ومثالية وجميلة، مشوفتش في حلاوتها فأنا من كتر الفراغ القاتل والرغبة في التجديد واني اعيش تجربة مختلفة اني اكون ست حرة ومطلقة، فياريت تنفذ رغبتي وتخليني أجرب عالم المطلقات…
تحدث كمال بنفاذ صبر:
-فردوس أنا مش بهزر..
قالت بانفعال واضح حتى أن عروق رقبتها قامت بالظهور، وشُدت أعصابها:
-أنتَ مش بتهزر يا كمال بس بتستعبط.
ترك هرائها وعاد يسألها بنبرة مهتمة وحازمة:
-عايزة تطلقي ليه؟!.
قالت فردوس بمبررات ضعيفة:
-أنتَ خلاص اتجوزت ومراتك حامل وأنا وجودي هنا ملهوش لازمة معتقدش إني هعرف ألاقي أخوك بعد السنين دي كلها وخلاص خلصت احنا مننفعش لبعض…
صاح باسمها:
-فردوس..
تمتمت فردوس بألم رهيب ومشاعر فياضة نادرًا ما تسمح لها بالظهور:
– أنتَ أتجوزت ومراتك حامل أنا اللي بقيت متطفلة علي حياتك مبقاش ليا مكان فيها، وأنا مش عارفة أتحمل ده، أنا بحبك ومش قادرة أستمر ان في واحدة بتشاركني فيك، ومش هكمل، مش هكمل يا كمال بالطريقة دي…
قد يكون رجل ساذج حينما يفرح بتلك العبارة من أمرأة زوجته من سنوات حتى ولو بقى زواجهما حبر على ورق، ولكنه فعل كالاحمق وشعر بالسعادة..
لا تتفوه فردوس الجديدة التي بات يتعامل معها كثيرًا، فهي لا تصرح بحبها إلا نادرًا…
لا يتذكر حتى أخر مرة سمعها تقولها…
أقترب منها وضع يده خلف رأسها لينظر لها لبضعة ثواني لم تفهم بها رغبته أو ما يريده سوى بريق ووميض ظهر بعينه…
لم يكن عليها أن تسأله عن رده على كلماتها ومتى سينفذ رغبتها؟!..
بل كان الرد صادم وعجيب..
الرد هو أنه جذبها له لثم شفتيها بشفتيه أخذًا أياها في قبلة لم تختبرها قط، قُبلة عميقة شغوفة…
يده تثبت رأسها، ويده الاخرى تقربها منه…
يقبلها بعنفوان كبير…
حسنًا لم تعد اكلماته القدرة على حل الأمور بينهما….
لم تعد الكلمات تكفي لشرح المأساة التي يتواجد الاثنان بهما، أو حل الأمر بينهما، رُبما الحل هو قُبلة..
لعل القبلة تشرح لها عن مدى حبه، عن اعتذاره، عن شغفه، عن تمسكه بها، لعل القُبلة تشرح لها ما يتواجد بكلمه وعجزت كلماته عن وصفه..
رُبما القبلة هي الحل السحري، الذي لم يجربه من قبل سوى أثناء نومها يتذوق بها شفتيها، ولكنها كانت رائعة ومختلفة عند استيقاظها وشعوره بانفاسها واضطراب مشاعرها….
لعل القُبلة تخبرها باحتياجه، بعدم رغبته في التخلي عنها…
لعلها الحل…
ابتعد عنها لثواني يستند بجبهته على جبهتها سامحًا لها وله بالتنفس…..
تحدثت بأنفاس مسلوبة وبأعين مغلقة مازالت تحت سحر قُبلته:
-أنا عايزة ا…
قاطعها وهو يغزو شفتيها بشفتيه للمرة الثانية…
لو بات قتيلًا من أجل تذوق طعم شفتيها لن يتردد…
أبتعد عنها وهو يلهث قائلا بمشاعر ثائرة وتوسل رهيب لعل النجاة في السماع، لعله قلبه يهدأ، لعله يجد ضالته بين كلماتها:
-قولي أنك لسه بتحبيني يا فردوس تاني قولي أن اللي كان ما بينا مماتش ولا السنين قدرت تموته، ولا اللي حصل قدر يموته…
دون وعي منها كانت تجيبه باستسلام جعله يفقد عقله بالكامل:
-أنا بحبك يا كمال، بحبك أوي، بس والله ما هينفع….
عاد يُقبلها مرة أخرى كالمجنون، طعم شفتيها ينسيه كل شيء، كيف لها أن تحرمه منها؟!!.
كيف لها أن تكن بتلك القسوة مع قلبه الذي لم يتمنى وصال أمرأة بقدرها…
تلك المرة حاولت أن تبادله والدموع تهبط من عيناها رغمًا عنها هي في صراع رهيب بين قلبها وعقلها…
صراع سيفتك بها يومًا ما هي متأكدة…
حينما شعر بدموعها تلامس وجنتيه توقف عن تقبيلها وكأنها أرادت أن تذكره بمرارة الواقع، لكنه لم يستسلم كانت قبلاته شغوفة إلى أقصى درجة، حتى أنها لوهلة شعرت باستجابتها معه بطريقة لم تختبرها من قبل….
تلك المشاعر لم يكن لأحد سلطان ولا شخص فيهم قادر على أن يوقفها أبدًا..
لكن طرقات لحوحة للغاية على الباب..
لم يستجيبا لها في البداية ولكن الطارق كان مُلحًا وتحدث فهد الصغير من خلف الباب:
-فردوسة أنتِ نايمة ولا ايه؟!.
أمسكت قميصه تحثه عن الابتعاد حينما سمعت صوت الصغير واستجاب لها بصعوبة فهو كان ماخوذًا تحت سحرها..
ابتعد متأففًا إلى أقصى درجة لا يعلم هل ينقصه أن يقطع أحدهم لحظاته معها، ألا تكفي هي وحدها ليتدخل أحد يبعدها عنه؟!.
ألا يعلمون أن لحظاته مع زوجته ليست قصيرة فحسب بل معدومة!!!!!!
هو فقط يختبر قُربها وينعم بمذاق شفتيها للمرة الأولى….
نهض ليفتح الباب ليجد فهد مبتسمًا يحمل صينية طعام علي وشك أن تسقط منه وهو يحملها بيد واحدة وباليد الاخرى يطلق الباب…
لياخذها منه كمال بعفوية ووجه عابس جدًا..
سأله فهد بابتسامة واسعة:
-فردوسة صاحية؟!.
-ايوة.
كان هذا رد فردوس التي أتت من خلف كمال، ليتحدث الصغير بنبرة هادئة ولطيفة، فهو يدين لها بليلة سقوط والدته وكما أعتاد من والدته بأن يرد الدين وأن يعامل من عامله جيدًا ووقف بجانبه بالمثل..
ولشيئًا ما هو يشعر بالراحة تجاهها رغم تحذيرات والدته
-انا عرفت أنك مكلتيش من الصبح من طنط دعاء، وقولت اجيبلك الأكل علشان تأكلي…
كز كمال على أسنانه متحدثًا بانفعال طفيف حاول كبته ولم يستطع:
-كتر خيرك والله.
أخذت فردوس الصينية من يد كمال تتجنب النظر به متحدثة بنبرة هادئة مستغلة تواجد الصغير:
-هأكل لو أنتَ كلت معايا..
تمتم فهد بتردد يتذكر نصائح والدته:
– بس أنا كنت رايح ألعب مع ريم ومع…
قاطعه كمال وهو يضع يده على كتفه:
-ايوة يلا شوف أنتَ كنت رايح فين وأنا هأكلها….
تحدثت فردوس واضعه يدها على كتفه الآخر وكأنها تستنجد به من طوفان مشاعرهما:
-لا سيبه هيقعد معايا لغايت ما أكل…
هتف فهد بحيرة:
-اعمل ايه بقا أنتم زهقتوني..
تحدث كمال وفردوس في الوقت ذاته:
-زهقناك؟!!!!..
هز رأسه في إيجاب ولكنه تراجع ليقول بنبرة هادئة:
-خلاص هقعد مع فردوسة لغايت ما تأكل..
راقب كمال الصغير وهو يدخل إلى الغرفة ويذهب إلى الاريكة ليجلس بجانب فردوس ليتنهد كمال تنهيدة منزعجة…
وصدع صوت هاتفه ليخرجه من جيبه وكان المتصل هو داغر، أجاب عليه:
-خير؟!
“أنا عايز أتكلم معاك أنتَ رايح الشركة ولا لا؟!”
نظر لها وهو يتحدث في الهاتف:
-كنت من خمس دقايق مش هروح بس هتنيل اروح دلوقتي..
“ماشي هجيلك على هناك بعد العشاء علشان عايز أتكلم معاك”
أخذ يرمق الصغير سبب فساد لحظتهما بانزعاج جلي قبل ان يذهب إلى المرحاض وبعدها يغادر الغرفة بأكملها ويغلق الباب بعصبية بعض الشيء..
ليسأل فهد فردوس:
-هو مضايق ليه؟!.
عقبت فردوس ببراءة لا تليق بها:
-هو علطول مضايق…
ابتسم الصغير على حديثها بينما هي كانت فى عالم أخر مازالت تحت تأثير هذا التواصل، ليس من الممكن أن يكون هذا الرد على رغبتها في الطلاق!!!!
هل من المفترض ان يكون الرد هو تبادل القُبلات؟!..
حاولت أن تتناول الطعام وتكبت مشاعرها لا يجب أن تحرر بهذا الشكل لأنها مصممة على الانفصال!!
اسكتها بأكثر مسكن فعال لم تجرب فعاليته من قبل…
ولكن إلى متى؟!
ستظل المشكلة قائمة لن تقبل الاستمرار في علاقة كهذه باتت هناك أسرة في حياته ولن تتحمل أبدًا…
ذهب كمال إلى غرفة أفنان وداغر ليخبرها بأن فهد في غرفة فردوس ليعطيهما إنذار حتى لا يطيل بجلسته هناك حتى لا يتفوه بأي شيء…
_____________
في الشركة بعد ذهاب العاملين..
الوقت الذي يتجمع فيه الاثنان…
يجلس داغر أمام على المكتب بينما كمال في عالم أخر مما جعل داغر يسأله:
-مالك يا كمال في حاجة مزعلاك؟!.
هل هو شيء واحد؟!.
بل هي مجموعة أشياء تزعجه…
لكنه تحدث بنبرة عادية:
-مفيش حاجة متشغلش بالك، المهم كنت عايز تتكلم في ايه؟!.
هتف داغر بنبرة مقتضبة:
-نتكلم في انك روحت القاهرة ليه عند شريف ومقولتش ليا حاجة ولا حتر أخدت رأيي.
تحدث كمال بنبرة واضحة وساخرة إلى أبعد حد:
-رأيك معروف يا داغر مش هيختلف كتير عن رأي جدي ولا رأي شريف، كلكم رافضين وشايفين أنه ده هيجيب مشاكل أكتر، معرفش أنتم شايفين فردوس عاملة ازاي ولا هي مين علشان تتسبب بفضيحة؟
غمغم داغر بعقلانية وهو ينظر له:
-أنتَ اكتر واحد عارف فردوس، واكيد مش قصد اي حد أن فردوس هتعمل كده، بس الفكرة أنه هو أحنا مش هنقدر نحسب رد فعلها ولا هنقدر نعرف هي هتتصرف ازاي فعلا وقتها لما تعرف الحقيقة كاملة، خصوصًا لما تعرف أن فهد ابن اخوها، ده هيخرب الدنيا أكتر وممكن تعوز تنقل نسبه لاخوها عارف ده معناه ايه؟!…
أبتلع ريقه ليقول بنبرة واضحة وكلمات يقصدها:
-يعني كل اللي عملناه ملهوش لازمة السنين اللي فاتت.
تمتم كمال بشفافية فهو الشخص الوحيد الذي يستطيع البوح له بأمر هكذا هو داغر لأنه يفهمه وصديقه المقرب:
-فردوس هتقتل شريف، فكرة انه يتحبس سنة او سنتين ولا خمسة مش هتشفي غليلها، لازم تعرف الحقيقة لان لو معرفتش بالعكس رد فعلها هيكون أكبر بكتير.
تحدث داغر بنبرة هادئة محاولا أن يصل إلى حل:
-ممكن نوصل لحل وسط.
سأله كمال باهتمام:
-ايه هو الحل الوسط؟!.
تمتم داغر بنبرة متهكمة:
-لا أنا مش ساحر أنا بفكر معاك أننا لازم نلاقي حل وسط، نعرف فردوس الحقيقة بس في نفس الوقت نضمن رد فعلها، او مش شرط تعرف الحقيقة كاملة يكفي تعرف نصها، بس متعرفش بوجود فهد او تفضل عارفة حقيقة انه ابني.
نظر له كمال بعدم فهم لا يدري الغرض الحقيقي من تلك الكلمات وكأن داغر قرأ هذا في عينه ليوضح أكثر:
-انا مش بعمل كده والله علشان موضوع الخلفة، بس أنا متأكد ان اي حد في مكانها هيتعلق بفهد اكتر وهتعوز تنسبه لاخوها وممكن تعتبره هو اللي باقي من ريحته، وده هيفتح أبواب احنا قفلناها يا كمال.
أبتلع ريقه ليتحدث بعدها بجدية:
-لازم نوصل لحل وسط نعرف فيه فردوس الحقيقة ونضمن رد فعلها في الوقت نفسه، لازم يكون كلامنا موزون او بمعنى اصح كلامك معاها، ونكون حاطين لكل حاجة احتمال علشان لو حصل ايه نعرف نسيطر على الموقف..
يبدو أن داغر يسعى جاهدًا ليصل إلى حل يرضي جميع الأطراف ولكنه دون أن يدري قام بتعقيد الأمر كله في عقل صديقه…
حقًا ما الحل؟!!..
تحدث كمال باستسلام وتعب حقيقي:
-ربنا يحلها من عنده، يحلها علشان انا مش عارف احلها ومش عارف ارضيهم كلهم..
-ربنا هيفرجها احنا بس نفكر مع بعض، أنتَ مروح فين النهاردة، وصحيح مبروك على حمل داليا.
تمتم كمال بنبرة عادية:
-الله يبارك فيك.
وشعور بالضيق راوده هنا…
يخشى أن يكون غير عادلًا مع داليا، هل الموقف الذي أخذه معها اليوم صحيحًا أم لا؟!.
هل كان يجب عليه أن يذهب إلى زيارتها في كل الأحوال..
دائمًا ضميره يقوم بتأنيبه لأن قلبه يميل إليها، ويخشى أن يكون مقصرًا مع الأخرى رغم محاولته للعدل بينهما لا يستطيع، هو ليس لديه على قلبه سلطان..
كان يحاول أن يعدل في المبيت، وفي المصاريف، حتى حينما قام بشراء ذهب والدة فردوس ودفع ثمنه دون أن تدري من أجل انهاء منزل العائلة، قام بشراء أكثر من قطعة ذهبية مختلفة تساوي عدد الجرامات التي أتى بها من أجل فردوس، كهدية إلى داليا حتى لا يشعر بالذنب!!
حتى يومها اندهشت داليا من تلك الهدية الباهظة والتي في الوقت نفسه لا يصادف اليوم نفسه أي مناسبة ولكنه أخبرها وقتها بأنه قرر شراء هدية لها دون سبب..
لكنه مهما فعل لا يستطيع أن يشعر بالراحة يخاف من أن يكون ظالمًا لأن كفة فردوس في قلبه لا تقارن، هو يحترم داليا ويقدرها جدًا، الأيام القليلة التي قضاها معاها كانت حسنة المعشر امراة تفهم الرجل الذي يتواجد معها بنظرة، تحترم صمته، بها كل الصفات الجيدة التي يتمناها اي رجل ولكن قلبه مقيد بعشقها…
لا يعلم هل عليه الذهاب أم لا؟!
لم يكن عليه أن يفكر طويلًا لكن اتصال من داليا وكأنها خرجت من أفكاره، أجاب عليها بهدوء تحت نظرات داغر..
-ألو.
أتاه صوت جهاد من الهاتف فلم تكن داليا المتصلة بل داليا في عالم أخر…..
-امته ده حصل؟! أنتم فين؟!….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *