روايات

رواية منعطف خطر الفصل السابع عشر 17 بقلم ملك ابراهيم

رواية منعطف خطر الفصل السابع عشر 17 بقلم ملك ابراهيم

رواية منعطف خطر البارت السابع عشر

رواية منعطف خطر الجزء السابع عشر

منعطف خطر
منعطف خطر

رواية منعطف خطر الحلقة السابعة عشر

دخل المكتب، وعينيه بتفتّش المكان بلهفة، زي اللي بيدور على طوق نجاة من الغرق.
لكنها ما كانتش هناك.
مهاب ومعتصم بس قاعدين، والهدوء ناشر ظلاله على كل الكراسي الفاضية.
وقف في نص المكتب، عينيه تعلّقت بالمكان اللي كانت قاعدة فيه، وسأل بنبرة خافتة، فيها أمل مكسور: هما مشيوا…؟
معتصم قال بهدوء: أيوه… جدهم جه خدهم من شوية.
ما ردش خالد.
سكت… وساب الصمت يتكلم عنه.
قرب وقعد على نفس الكرسي اللي كانت ياسمين قاعدة عليه… كأنه بيطارد ريحتها، أو صدى صوتها اللي لسه عالق في عقله.
مهاب شاف ملامحه، وشاف فيها حاجة غير معتادة.
قال بابتسامة فيها فضول خفيف: مالك يا خالد؟
مدير الأمن كان عايزك ليه؟
خالد اتنهد بعمق، ومسح جبينه بكفّه كأنه بيحاول يمسح التفكير: هاخد أجازة كام يوم…
وهارجع استلم شغلي في الصعيد.
معتصم رفع حاجبه وقال: وانت شكلك زعلان كده ليه؟
مهاب ضحك ضحكة خفيفة وقال: طبيعي يزعل… ده هيرجع الصعيد تاني وقلبه خلاص اتعلّق بالناس اللي هنا!
خالد بص لهم بنظرة جد، وقال بجفاف: مفيش حاجة من اللي في دماغكم.
سكت لحظة، وبص للكرسي اللي قدامه، كأنه لسه شايفها قاعدة هناك، وقال بصوت شبه هامس: المهمة انتهت بالنسبالي…
ولازم أقفل الملف ده بكل اللي فيه…
وارجع لحياتي.
معتصم تبادل نظرة مع مهاب، وابتسم، قبل ما مهاب يرد: طب لو قلتلك إننا هنتنقل معاك الصعيد… هتفضل زعلان برضه؟
خالد بص لهم بدهشة، وكأنهم بيهزروا.
معتصم كمل: جت أوامر إن الظباط اللي شاركوا في القضية دي، هيتنقلوا مؤقتًا لمحافظات تانية…
بعد ما الفلاشة اللي لقيتها اتفُرّغت، واتّضح إن الباشا “عوني” على علاقة برجال مافيا دوليين.
وبعد القبض عليه، بقى واضح إن حياتنا إحنا التلاتة في خطر.
مهاب قال بنبرة هادية وهو بيبص لخالد: وطلبنا من الإدارة إننا نتنقل الصعيد…
واتوافق.
هنستلم شغلنا الجديد في مديرية الأمن .
خالد بص لهم شوية، عقله بيراجع كل كلمة.
وقال باستغراب حقيقي: يعني هتسيبوا كل حاجة هنا؟
وتنقلوا حياتكم معايا للصعيد؟
مهاب رفع كتفه ببساطة وقال: أنا عن نفسي واحد مطلق وعايش لوحدي أساسًا.. يعني مش فارق معايا هنا او مكان تاني!
ومعتصم ابتسم وقال: وأنا أهلي كلهم في الصعيد انت عارف..
صح مش في نفس المحافظة اللي هتنقل لها، بس على الأقل أقرب من المسافة اللي بين هنا وهناك.
خالد رجع بضهره يسند على الكرسي، وهز راسه بتفهم.
كان فاكر إن المهمة خلصت…
لكن الواضح إنها لسه مخلصتش.
ويمكن بدأت من دلوقتي فعلاً.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في المستشفى.
ياسمين كانت ماسكة إيد أحمد بإيد مرتعشة، كأنها لو سابته ممكن يضيع منها تاني. عينيها بتلمع بخوف وارتباك، ولسانها ساكت بس قلبها مليان أسئلة مش قادرة تنطق بيها.
جدها واقف جنبهم، عينه مليانة شوق ولهفة، بس هي كانت رافضة تصدق… قلبها مش قادر يستوعب إن ليها أهل وعيلة، بعد سنين الوحدة.
وقفت قدام غرفة مامتها ، قلبها بيدق بسرعة، وبصوت واطي طلبت من الدكتور تدخل تشوف مامتها.
الدكتور وافق، ودخلت وهي ماسكة إيد أخوها، كأنها داخلة على حاجة أكبر من مجرد غرفة… كأنها داخلة تواجه حياة جديدة.
سماح أول ما شافتهم، عينيها دمعت على طول، وابتسمت ابتسامة تعبانة بس مليانة حياة.
أحمد جري على حضنها وهو بيقول: ماماااا…
حضنته بكل قوتها، كأنها بتحاول تنسيه ساعات الخوف اللي عاشها في حضن واحد.
سألت بقلق وهي بتشوفه بعينيها كأنها بتتأكد إنه بجد: انت كويس يا حبيبي؟ انت رجعت إزاي؟… هو جدك عرف إللي كان خاطفك؟
ياسمين وقفت ساكنة، صوت مامتها زاد توترها، سألتها بعيون بتدور على إجابة ترجع لها توازنها: إيه حكاية جدي دي يا ماما؟ هو إحنا فعلًا لينا جد وعيلة؟
سماح خفضت وشها، والحزن طاغي على ملامحها، كأن الكلام بيقطع في قلبها وهي بتنطق: أيوه يا ياسمين… دول أهل باباكي.
ياسمين اتجمدت في مكانها، صوتها بدأ يرتعش وهي بتقول: وازاي يا ماما متعرفناش؟ ليه خبيتي علينا؟ وليه منعرفهمش كل السنين دي؟!
سماح حاولت تتكلم بس كانت بتنهج من التعب، وشها شاحب ونظرتها كانت بتترجى بنتها تفهمها من غير كلام: ده كان طلب أبوكي… متسألينيش ليه دلوقتي… أنا تعبانة يا ياسمين ومش قادرة أتكلم أكتر.
نظرة ياسمين اتحولت من غضب لقلق، وقلبها وجعها وهي شايفة مامتها بتتعب وهي بتحاول تشرح، قربت منها ومسكت إيدها بحنية: أنا آسفة يا ماما… متتعبيش نفسك بالكلام دلوقتي… أهم حاجة إنك تقومي بالسلامة.
سماح حضنت أحمد تاني وكأنها بتاخد منه طاقة تكمل بيها: روحي رجعتلي برجوع أحمد… الحمد لله يا رب.
ياسمين قربت منها أكتر، وقبلت إيدها بحب ودموع في عينيها وقالت: الدكتور قالي خمس دقايق بس يا ماما، هنقعد برا مستنيين، بس متقلقيش… مش هنسيبك.
سماح همست وهي بتقفل عينيها من التعب: متتعبوش نفسكم… خدي أحمد وارجعوا البيت… وغيروا هدومكم وارتاحوا، وتعالوا بكرة… خلي بالك منه يا ياسمين.
ياسمين خرجت من الأوضة وهي سكتة، بس كل خطوة كانت تقيلة… كانت خارجة من حضن مامتها لحضن دنيا جديدة، مليانة مفاجآت ولسه مش عارفة تحبها ولا تخاف منها.
كان الحاج شرقاوي قاعد مستنيهم في بهو المستشفى، عينه ما غمضتش من ساعة ما عرف إن عنده حفيد وحفيده من ابنه يحيي الغالي.
أول ما شافهم، قام من مكانه بسرعة، وقرب بخطوات متلهفة وهو بيقول بصوت مبحوح بالدموع: اتأكدتوا إن أنا جدكم؟
ياسمين وقفت قدامه بنظرات متلخبطة وقالت بجمود بتحاول يخفي ارتباكها: آه… ماما قالتلي. وقالت كمان إن بابا هو اللي طلب منها متعرفناش حاجة عنكم… مش عارفة ليه، بس أكيد كان بيعمل كده لمصلحتنا.
يحيى ابن عمها، قرب منها بنبرة هادية مليانة مشاعر مختلطة: انتي متعرفيش جدي كان بيحب أبوكي قد إيه… ولما عرف إن ليه أولاد غير كارما، حس إن في جزء من روحه رجعله.
وبص لها بابتسامة خفيفة وقال: احنا كمان معرفناش غير النهاردة… بس اللي نعرفه دلوقتي إنك بنت عيلة الشرقاوي… وأحفاد الشرقاوي مكانهم في بيت الشرقاوي.
ياسمين اتجمدت مكانها وسألت: كارما؟ مين كارما؟
رد يحيى بهدوء: كارما… أختك من أبوكي.
الصدمة ظهرت على ملامح ياسمين، صوتها خرج مخنوق: يعني بابا كان متجوز على ماما؟! أنا مش مصدقة… كل ده كان مستخبي عننا!
الحاج شرقاوي قرب منها بخطوة وفتح إيده كأنه بيستناها تدخل لحضنه: تعالي يا بنت الغالي في حضن جدك … هاتي أخوكي وتعالوا معانا عشان تعرفوا عيلتكم كبيرة قد ايه.
بس ياسمين اتراجعت خطوة وقالت بتوتر: لا… احنا هنروح بيتنا.
يحيى انفعل، وصوته علا من غير ما يقصد: احنا مش بناخد رأيك! ده بيتكم وحقكم… ومفيش حاجة اسمها تعيشي بعيد عن عيلتك!
بس الحاج شرقاوي رفع إيده يوقفه، وقال بنبرة حنونة فيها لوم هادي: براحة عليهم يا يحيى.
يحيى تمتم وهو بيبص بعيد: هي مش مقدرة لهفتك يا جدي… واقفة تعاند وخلاص.
الجد ابتسم بحزن وقال: العناد ده وخداه من أبوها الله يرحمه…
وبص لياسمين بعينين كلها شوق وقال: أنا اتحرمت من ابني… موت أبوكي كسرني. ولما عرفت إن ليه أولاد حسيت إن الدنيا دارت من تاني… نفسي آخدكم في حضني وأشم ريحة ابني فيكم.
كلامه دخل قلب ياسمين زي سهم دافي، ودموعها بدأت تلمع، لكنها لسه مترددة. قالت بصوت مهزوز: أنا آسفة… بس لسه مش متعودة… مش سهل عليا فجأة أصدق إن عندي عيلة.
الجد هز راسه بتفهم: عندك حق… خدي وقتك برحتك، بس متحرمنيش منكم يا بنت الغالي.
سكتت لحظة وقالت بصوت هادي: ممكن تدونا شوية وقت؟ لحد ما ماما تقوم بالسلامة… وبعدها نجي معاكم. وماما تيجي معانا برضه… صح؟
الجد وشه نور وهو بيقول: ده بيتكم، وبيتكم هيبقى منور بيكم وبأمكم يا بنتي.
قرب منها وضماها بحنان، وهي كانت متوترة… بس حسّت بحنانه، وارتج قلبها شوية.
بعدها قرب من أحمد، حضنه بقوة وكأنه بيحضن ابنه يحيى، دموعه نزلت وهو بيتنهد بحُرقة: حمدلله على سلامتك يا حبيبي… رجعت ريحة أبوك في حضني تاني.
ياسمين وقفت تبص له ، ودموعها نزلت بصمت… وهي بتفتكر أبوها، وشعور غريب بين الحزن والحنين سيطر عليها.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
( بعد مرور شهر )
سماح مامت ياسمين خرجت من المستشفى أخيرًا، ملامحها مرهقة لكن قلبها مطمن… ولأول مرة من سنين طويلة، مفيش خوف بيصحيها من النوم.. الحاج شرقاوي طمنها ووعدها انه مش هيبعدها عن أولادها ابدا ، مقابل انها تقنع ياسمين انهم يروحوا الصعيد معاه ويعيشوا في بيت جدهم.
وفعلا راحوا الصعيد والقصر اللي كان دايمًا حِلم مستحيل في خيال ياسمين، بقى دلوقتي بيتها.
التحول كان أكبر من إنها تستوعبه بسهولة.
من بنت كانت بتصحى قبل طلوع الشمس عشان تلحق تحضر الفطار لأخوها وتلحق المواصلات لشغلها، لبنت بتصحى على صوت الخدم وهما بيخبطوا على باب أوضتها يسألوها تحب تفطر إيه.
كل حاجة حوالين ياسمين كانت فخمة لدرجة مخوفاها.
النجف اللي فوق دماغها، السجاد الناعم، السلالم الرخام، أوضتها اللي كبيرة على قد شقتها القديمة كلها…
بس أغلى حاجة بقت عندها دلوقتي… كانت ضحكة أحمد.
أخوها، اللي كانت بتخاف عليه من أقل حاجة، بقى متدلّع في مدرسة خاصة، لابس يونيفورم شيك وبيحكي لها عن أصحابه الجداد، وعن جده اللي مش بيسيب إيده وبيقعد يحكيله عن أبوهم زمان.
الحاج شرقاوي كان بيحاول يعوضهم عن كل لحظة حرمان.
كان بيقعد يسمع لياسمين بالساعات، بيشتري لها كل اللي كانت بتتمناه وهي بتعدي من قدام الفاترينات وساكتة.
حتى هدومها اتغيرت… بقت تلبس فساتين جديدة ناعمة وشيك بدل القديمة اللي كانت عندها.
بس رغم كل الرفاهية دي… قلبها كان لسه متلخبط.
حاسّة إنها غريبة وسط كل الدهب والمجوهرات.
مش قادرة تنسى البيت القديم، وشباك الأوضة اللي كانت بتقف عنده كل ليلة، وتدعي لأبوها في السِر.
وفي وسط كل ده، كان في اسم بييجي في بالها كتير… “خالد”
الظابط اللي غير مصيرهم… واللي فجأة اختفى من حياتها بعد ما خلصت مهمته…

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية منعطف خطر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock