روايات
رواية ظل السحاب الفصل الخامس 5 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الفصل الخامس 5 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب البارت الخامس
رواية ظل السحاب الجزء الخامس
رواية ظل السحاب الحلقة الخامسة
: انت مربي معيز عندك؟
سألت حين سمعت ذلك الصوت من ورائها ينادي، ليرى مراد فتاة تقترب منهما وتقول بنبرة رقيقة
: مراد، وحشتني
رمقتها فريدة من منبت شعرها إلي أخمص قدمها باشمئزاز واستنكار
همست من بين أسنانها: وحش لما يلهف ودانك!
لتقترب منه أكثر وتهتف بدلال: معقول أغيب فترة متسألش عني!
مراد بجمود: جرا إيه يا بسنت، مالك ف ايه؟
لتعدل من نبرتها: مفيش، جاية اطمن عليك مش انت ابن خالتي ومن حقي أسأل عنك برضو؟
تلوي فريدة فمها وتهمس باستهجان: حِكَم!
لتنتبه بسنت لوجودها وتسأل: مين دي يا مراد؟
لم يعير سؤالها اهتمامًا بل نظر لفريدة وأردف: خلاص إنتي يعتبر اتعينتي ومن بكرة تستلمي عملك
عقد ما بين حاجبيها متعجبة، عن أي عمل يتحدث!!
ليكمل: ههلي عماد يكلمك ويفهمك نظامي
لم يعطها فرصة لتسأل، بل جلس وتابع تصفحه ع الحاسوب، دون حتى الاهتمام بتلك المتبرجة الواقفة بجواره …
ذهبت فريدة من منزل مراد، ثم صعدت إلى سيارة أجرة ف طريقها إلى الدورة التدريبية ..
جلست بسنت لتردف بابتسامة: أخبار شغلك إيه يا مراد؟
: اشمعنى؟
أجاب دون النظر إليها، لترد قائلة: أصلي كنت عايزة آجي أشتغل عندك .. أنا سمعت إنك طردت معتز، وأكيد انت دلوقتي محتاج حد ف الشركة بداله، وانا مستعدة أقوم بالمهمة دي!
قالتها مبتسمة، ثم رفع ببصره لها، ليهمهم ويقول : وانتي بقا هتقدري ع شغلي؟
أجابت بحماس: طبعاً، صدقني الموضوع مش صعب للدرجة، كل حاجة بتيجي بالممارسة!
تنهد: ع العموم أنا عامل اختبار قدرات، واللي يستحق المنصب دة هينجح فيه .. فلو حابة تقدمي معنديش مانع
امتعض وجهها لتقول باغتياظ: بس أنا مش هدخل مع حد اختبارات، وأنا بنت خالتك يعني أكيد استحق، وانت مش هتآمن لحد أكتر مني؟
نهض ليهتف بصرامة: والله دة اللي عندي، والموضوع مالوش علاقة بصلة قرابة، وانتي لو واثقة من نفسك مش هتقولي كدة!
وقفت ثم علقت حقيبتها وهي تردف بوجه منتفخ بعد أن خاب أملها: ماشي يا مراد، وافتكر إنك كدة بتخسر قرايبك، سلام
لم يعبأ بها، ليحول عينيه ع الطعام الذي وضعته فريدة ع الطاولة الزجاجية، ثم ينادي ع عفاف ليأمرها بتحضيره ع السفرة حتى يتناوله.
______
: وانتي بقا روحتي اعتذرتيله عشان مقتنعة إنك غلطانة، ولا ف حاجة ف دماغك؟
سألت الجدة فريدة، وهي تضع الطنجرة فوق العين المشتعلة ع البوتجاز، لتجيب بهدوء
: بصي يا ريدة مش هنكر إني اتماديت معاه، وكمان بابا طلب مني أعتذر، وأنا ماحبتش أرفض له طلب
ضيقت الجدة عينيها وهي تتفحصها بتمعن، لتتعجب فريدة
: ف إيه يا تيتة مالك بتبصيلي كدة ليه؟
بحيرة: مش عارفة، شكلك ناوية ع حاجة
كادت لترد، لكن قاطعها نغمة هاتفها، لترفعه ع أذنها وترد
: ألو! …
: آنسة فريدة! معاكي عماد جابر، مدير الشؤون عند مراد باشا الحديدي
: أهلاً يا استاذ عماد، في حاجة؟
: كنت بكلمك عشان أبلغك مواعيد العمل
تعجبت: عمل إيه معلش؟
حمحم: مش إنتي وافقتي تبقي الطباخة الخاصة لمراد باشا؟
هتفت مستنكرة: نعــم؟ امتى دة بقا؟
: من يومين، إنتي لحقتي تنسي؟ المهم يا ريت من بكرة الساعة 7 ونص تكوني عنده ف الڤيلا، سلام
أغلق الخط ثم نظرت فريدة ف اللا مكان معقدة الحاجبين، لتنكزها الجدة بكوعها من الخلف وهي تضع الكبده المقطعة بالطنجرة
: إيه روحتي فين؟ ومين اللي كان بيكلمك؟
التفت لها: دة واحد شغال عند مراد، بيقوللي إني لازم أروحله بكره الصبح عشان أستلم الشغل عنده
: يلا مبروك عليكي، أديكي رجعتي تشتغلي تاني
هتفت بحنق وهي تمسك بالمعلقة الخشبية من الجدة: مبروك إيه بس يا تيتة، أنا أصلاً مردتش عليه إذا كنت موافقة أو لأ!
رمقتها بطرف عينها بنظرة لعوب: اطلعي من دول، دة انتي تلاقيكي ما صدقتي.
: تيتة…!
هتفت بها وهي تعقد وجهها كالأطفال، لتتابعها الجدة بضحكة، ثم رجعت فريدة لتقليب الكبدة بحنق
______
: وأخيراً يا عم شفيق، مراد باشا اقتنع بفريدة
صاح بها عماد بمرح ف ردهة الشركة، ليتعجب شفيق
: ازاي!! دة كان رافض تماماً الموضوع خصوصاً بعد ما جاتله الشركة؟
: حصل، بس الغريب بقا، إنها جات عنده الڤيلا واعتذرت وهو سمحلها تشتغل، وزمانها عنده دلوقتي بتعمله أول أكله عشانه
هتف العم شفيق بدهشة أكبر: معقولة؟ دي لو عملت كدة يبقى بنت أبوها بصحيح” قالها متبسمًا
_____
عند الساعة التاسعة صباحًا، هبطت فريدة من سيارة أجرة، لتمر من خلال البوابة الرئيسية بعد أن عرفها البواب،
ثم تحركت نحو الباب لتجد سيارة مراد تتحرك من الجراچ، ليراها هو وينزل من سيارته قبل أن يصفع بابها، ويتقدم نحوها بوجه عابس..
هتف بتذمر: انتي إيه اللي أخرك! انتي مش عارفة ان معادك الساعة سبعة ونص؟
تعجبت من انفعاله، لترد قائلة: هو انت بتزعقلي؟
هتف بنبرة جلية: أيوة .. ودي آخر مرة تتأخري فيها، أنا مبحبش حد يعارض كلامي، مفهوم؟
: لا مش مفهوم…
عارضت بشدة لتردف: انت مشترتنيش عشان تديني أوامر وأنفذها، أنا لما كنت ف المصنع…
قاطعها بحدة هزت بدنها: المصنع حاجة، وهنا حاجة تاني .. انتي هناك كنتي بتشتغلي من غير ما أعرف، إنما هنا أنا اللي معينك، يبقى تسمعي كلامي من غير مناقشة
اغتاظت ثم صاحت: لا مش هسمع كلام حد، ومتزعقليش كدة
رفعت سبابتها، ليعقد جبينه، وشعلة الغضب تلمع من عينيه
همس بهدوء أربكها: انتي بتعلي صوتك عليا؟
ابتلعت لعابها، ثم أردف بنفس نبرته: ادخلي جوة، واستنيني لما أرجع من الشغل، وحذاري لما آجي وألاقيكي مش موجودة!!
انهى كلامه ليتحرك ويصعد السيارة ثم ينطلق ذاهبًا لعمله .. تقف هي كالصنم غير واعية مما حدث توًا
متمتمة: دة باينله هيبقى مرار طافح يا ولاد…
لتدق جرس الباب، وتدلف بعد أن فتحت إحدى العاملات، ثم تتقدم نحوها عفاف وتسأل
: إنتي الطباخة الجديدة!
لترد محذرة: لا مهو شوفوا هتبتدوها كدة من أولها، اقسم بالله آخد بعضي وأمشي
توترت عفاف بعدما تذكرت تحذيرات مراد الصارمة بعدم التعرض لها حتى بالكلام المزعج، رغم كونها لم تقصد الإساءة ..
حمحمت: بعتذر، تسمحيلي أتشرف بإسمك؟
ابتسمت: فريدة عز الدين
: طب تعالي هاخدك المطبخ، اللي هيكون شغلك فيه
قالت وهي تتحرك تجاه المكان، وتابعتها فريدة من خلفها .. ليدخلان غرفة واسعة محاطة برفوف المطبخ، وأجهزته،
لقد أثار انبهارها شكله جميل ومرتب، نظيف، به كامل ما تحتاجه هي لتجهيز أفخم وألذ طهية،
أشارت عفاف للذين يعملون بالمنزل معرفة إياهم واحدًا تلو الآخر، خصوصًا المساعدين … الآن أصبح لديها مساعدين بعدما كانت هي ف المصنع مجرد مساعدة ليس إلا!
لن تنكر أن هذا جعلها تشعر بالغرور قليلًا، ضحكت بداخلها عما تفكر فيه .. حتى أنها نسيت صياح مراد لها،
ألقوا التحية عليها، مع نظرات استغراب لصغر سنها وحجمها أيضاً، فهي ليست بسمينة ولا طويلة، بل طولها متوسط، ووزنها معتدل…
: بصوا يا جماعة بالصلاة ع النبي كدة، عايزين نتعاون مع بعضينا، وما يبقاش فيه نقط سودة جوة قلوبنا من ناحية بعض .. وع رأي الاستاذ اللمبي «اللي منك مني وانت مني يا عم» قشطة !.
الجميع نظر لها بعدم فهم، لكنها تابعت: أوعوا تفتكروا عشان بقيت ريسة عليكم كدة ممكن اتكبر وأتقنعر .. ابسليوتلي، احنا شعارنا ف الحياة «من تواضع لله رفعه»، وعشان كدة أنا هنا!.
قالتها وهي ترفع بيدها بفخر، حتى جعلت أحدهم يضحك عليها .. فردت نفسها ثم حمحمت وقالت لعفاف
: بينا يا حاجة عفاف نشوف شغلنا
_______
: هي فريدة هتتأخر؟
سأل عز وهو جالس يتناول طعامه
الجدة: مقالتش .. هو صحيح اللي اسمه مراد دة مرجعكش انت ليه؟
التقط لقمه واضعًا إياها في فمه: ويرجعني ليه؟ أنا الحمد لله دلوقتي بشتغل ف ورشة ومبسوط
: بس كان أقلها، طلب انك ترجع بعد ما فريدة اشتغلت عنده!، بدل البهدلة اللي انت فيها دي
: لا، انا مش متبهدل كدة أنا مرتاح أكتر!
تنهد الجدة وهي تنظر لإبنها باستنكار
________
انتهت فريدة من إعداد الطعام ناظرة إلى ساعة يدها، لتندهش..
: يا نهار ورد أحمر، الساعة 3 العصر!
خلعت المريلة التي كانت ترتديها، ثم خرجت من المطبخ، وضبطت ملابسها ثم تهم بالذهاب .. ليدخل مراد من الباب ليراها قبل أن تغادر..
مراد: انتي رايحة فين!
: ماشية .. وأنا جهزتلك الغدا مش باقي غير يتحط ع السفرة
كادت أن ترحل لولا أن أوقفها بيده: هتمشي ازاي! أنا مش قولتلك تستني لغاية ما أرجع!
عقدت يدها: وأنا قولتلك لأ، ولا هو انت عايزني أأكلك ف بوقك!
قالت ساخرة ليصطك فكيه بحنق: اسمعي أنا أكره ما فيا أن حد يتلامض معايا، ف الأحسن ليكي تسمعي وانتي ساكتة!
هتفت بضيق: انت عايز إيه، دة انت بني آدم غريب
دخل إلى الردهة، لتتابعه وتتحرك خلفه بتذمر، ثم يجلس قبالها ويقول
: أي حد بيشتغل هنا، المفروض إنه ما يخرجش من غير إذني، والمفروض حضرتك زيك زيهم…
تنهد ليتابع بعملية: خلينا نتكلم عن مرتبك .. خمس آلاف جنيه كويس؟
انفرجت شفتيها بذهول: بتقول كام!! خمسة عشان أطبخ بس؟
رد متعجبًا: أه، قليل ؟
استنكرت: قليل !! دة كتير أوي، أنا لو كنت باخد فلوس بالشكل دة من يوم ما اتعلمت الطبخ كان زماني بنافسك
: أي واحد ممكن يوصل للي هو عاوزة طالما بيجتهد ف عمله!
ابتسمت بإعجاب، من الواضح أنه اجتهد كثيرًا حتى وصل لما هو عليه الآن ..
هتف متسائلًا وهو يميل للخلف ع ظهر الأريكة: ها كويس المبلغ ولا تحبي أزوده؟
: كويس
: تمام .. نيجي بقا للمواعيد .. هيبقى من الساعة 8 الصبح للساعة 8 بالليل
انكمش وجهها استنكارًا وهي واضعة يدها ف خصرها: نعم نعم نعم؟؟؟؟ قول تاني كدة عشان مسمعتش!!، طب ما بات عندك بالمرة جات ع سواد الليل يعني!
قالت ساخرة ليرد ببساطة: معنديش مانع
: نعم يا روح أ…
ابتلعت بقية كلمتها حينما رأت نظرة حادة بعينيه، لتردف قائلة بحنق
انت بتغريني بالفلوس عشان تضغط عليا يعني؟ .. طب انا مش موافقة ومش عايزة أشتغل عندك، جبلك بقا حد يرضى يقيم عندك ف البيت
التفتت لتذهب لكنه أوقفها بصرامة: استني هنا… آخر مرة تحاولي تمشي وأنا بكلمك، سامعة!!
صرخ بها لتنظر له بصدمة، ثم همهمت: أنا فعلًا غلطت لما جيت عشان أعتذرلك، كان لازم أسيبك تخبط راسك ف الحيط .. وغلطت أكتر لما جيت أشتغل هنا،
يغور شغلك لو هتستعبدني، أنا بنت ناس مش واحدة واقعة ف عرضك وهموت ع الكام ملطوش اللي هتديهم ليا!
صاحت بقوة حتى انتبه جميع العاملين .. قبض مراد ع راحة يده، ليتجهم وجهه، وازداد تنفسه بشكل أرعبها، فتراجعت هي للخلف بخوف من نظراته .. هل يجب أن تركض فورًا؟
عم السكوت بالمكان، هناك فقط نظرات بينهما، لتقطعها هي بصياحها الباكي كالأطفال قبل أن تقول..
: والله حرام اللي بتعمله ف بنات الناس دة، ربنا مش هيسامحك
ليتعجب الآخر، ثم يصيح بها بانزعاج من أنينها: خلاص، روحي دلوقتي من هنا
أعطته ظهرها، وهي تبتسم بمكر أنها أخيرًا استطاعت أن تفلت من فيضانه ..
همست لنفسها وهي تتحرك مغادرة: قال 8 بالليل قال، تمن عفاريت يلبسوا اللي جايبينك……….
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ظل السحاب )
كملي ياقمر