روايات
رواية ظل السحاب الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الفصل الثاني عشر 12 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الحلقة الثانية عشر
: والله العظيم، لأوريك يا مراد يا حديدي، من هنا ورايح ماحدش هيقفلك غيري، هو انت فاكر نفسك مين؟ سلفستر استلوني؟ جاتك وكسة
كانت تتمتم بها فريدة وهي تسير بحنق وسط المرر الذي يتصل بالدرج، وقبل أن تخطو أول سُلمة أوقفها صوت نيرة من خلفها..
: استني يا فريدة رايحة فين يا بنتي؟
اقتربت منها ثم التفتت فريدة وهي تضيق عينيها استنكارًا ثم أردفت: يعني عايزاني بعد اللي حصل أفضل تاني؟
: الله طب مانتي عارفة إنه هيعترض ع وجودك!
: بس مش بالطريقة المهينة دي، دة اتمادى معايا أوي
صاحت دون إدراك، ف عصبية وضيق، لتردف نيرة بلين: طب خلاص اهدي، وحقك عليا
اعترضت: لاااا.. حقي أنا هعرف آخده من البقف ابن اخوكي بس يصبر عليا .. دة أنا هعرفه ازاي يحترمني بعد كدة..
قالتها بتوعد صارم حتى حالت ابتسامة شيطانية ع وجه نيرة لتسأل ف شغف: هتعملي إيه! ها؟
: كل خير
نظرت إلى اللا مكان رافعة أحد حاجبيها تعِد نفسها بألا تتركه حتى يعتذر عن جميع أخطاءه التي ارتكبها في حقها!.
_________
وصل لحجرته بالفندق ورمى بسترته غضبًا، ثم جلس ع الفراش وهو زامم الشفتين بوجه متجهم .. وهو يكن الحقد الدفين لتلك الشيطانة التي تظهر أمامه في كل مرة وتقهره بوجودها سواءًا كان أو بكلامها وأفعالها..
لتهدأ تقاسيم وجهه قليلًا عندما يستمع لنغمة تنبيه من هاتفه، ليسرع بإخراجه من السترة التي ألقاها بجواره، ويضغط لفتحه، ثم يبدأ بالإستماع لذلك الإشعار..
“مرااااد…”
ابتسم أول ما سمع صوتها المرح، ليتابع استكمال التسجيل: “كل سنة وانت طيب يا باشا .. كل سنة وانت جنبي .. كل سنة وانت أهلي وناسي، وقلبي ونبضه .. طبعاً أنا لازم أكون أول واحدة تهنيك بعيد ميلادك، والساعة دلوقتي 12 بالظبط .. شوفت بقا ازاي أنا فاكرة .. عايزة أقولك إني بحبك أوي أوي أووووي، وإن لو كانت ليا أمنية ف حياتي هتكون انت وبس.. يلا سلام بقا أشوفك بكـرة أممممواه”
لينتهي من سماع صوتها المُسجل، وليظهر خط من الدموع في عينيه، ثم فرك عينيه بقوة حتى لا تهبط ويصبح واهيًا..
يميل بظهره للوراء ليستلقي ع الفراش، ثم فتح معرض الصور من الهاتف لتظهر صورها، ويعود بذاكرته للوراء..
: الجميل عامل ايه النهاردة؟
سأل مراد الذي كان ع ثغره بسمة هادئة، لتجيب رغد بنفس الابتسامة: الحمد لله، أحسن بكتير من الأيام اللي فاتت
: ولسة…
: لسة إيه تاني؟ أنا رجلي بقت كويسة أهو! حتى شوف
نهضت من مكانها وظلت تقفز عاليًا لتظهر له أنها قد تحسنت بالفعل .. اقترب مراد منها بسرعة ليوقفها..
: اهدي، أنا عارف انك بقيتي كويسة، بس دي أوامر الدكتورة!
كانت نبرته صارمة بعض الشئ، ممزوجة ببعض الخوف تلاحظه هي وتسأل متعجبة..
: هو ف إيه؟ الدكتورة قالتلك حاجة عليا؟
: حاجة إيه؟
: معرفش بس انت بتعاملني بطريقة غريبة أوي، بتجبلي أكل كتير وبتهتم بيا ولا كإنك حد من أهلي أو تعرفني من سنين !
حادثته وهي تترقب نظرات عينيه، ليقترب منها بلطف ويهمس: أنا فعلاً حاسس اني أعرفك من زمان، واهتمامي بيكي دة عشان…
: عشان إيه؟
همست بقلب مضطرب، ليجيب وهو يقرب وجهه منها، حتى كادت المسافة بينهما تنعدم
: أكيد يعني عشان حاسس بالذنب إني خبطتك بعربيتي!
قالها ببساطة، خالف توقعها للإجابة، لتبتعد عنه وهي تدب قدمها أرضًا .. حاول مراد لجم ضحكته لغضبها الطفولي..
ثم استدار لها وهو يحاول تغيير مجرى الحديث: إيه رأيك نخرج نتمشى سوا، دة حتى الجو مناسب أوي للخروج؟
: لا الجو برد
قالت بجفاء ليرد بحماس وهو يتقدم منها: مهو دة أحسن حاجة، انا عن نفسي مابحبش الخروج غير ف الشتا!
لتنعته ف سرها: مهو عشان بارد زي شخصيتك!.
: قولتي حاجة؟
سألها كأنه قد سمعها، لتتلجلج نبرتها: ها؟ لا أبدًا، مقولتش
: طيب يلا
خرجا الإثنان .. وبعد وقت كانا يسيران معًا فوق أحد الكباري، كان الجو قارصًا والسحاب يملأ السماء .. ويبدأ الرعد بإصدار أصوات أرعبتها، مع بريق البرق الخاطف قد جعلها ترتعش ..
ليسألها بهتاف: مالك؟ بردانة ولا إيه؟
بنبرة متثاقلة تجيب: لا، بس خايفة، ما تيجي نروح!!
ليضحك مراد ع جبنها: انتي بتخافي من الرعد!
أجابت بطفولية: أيوة صوته مرعب أوي
ثم تبدأ الأمطار الغزيرة بالنزول، والتي بللت ملابسهما مع أجسادهما فورًا..
لتهتف: أهي كملت…
ثم يهمان بالركض تفاديًا المياه التي تتناثر ف كل مكان حولهما، حتى وجدا شجرة يستطيعان الاختباء تحت أغصانها..
حالت ع رغد الرعشة، ليخلع مراد سريعًا معطفه الجلدي، ويضعه ع ظهرها حتى تدفأ..
هتفت بعتاب: شوفت إصرارك وصلنا لفين؟
ليبتسم ثم يردف: يا عبيطة دي مغامرة حماسية، انتي مبتحبيش المغامرات ولا إيه؟
بوجه باكٍ: لأ، أنا عايزة أروح وشكل الدنيا مش هتهدى دلوقتي!
ضحك: أحسن خلينا نفك شوية
وفجأة قد دلف إلى المياة التي تتناثر فوق رأسه كالشلال، وظل يدور بمرح حتى أغرق جسده بأكمله ..
: يا مجنون هتاخد برد
صاحت غير مصدقة ما يفعله، ليرد وهو يفتح ذراعيه مستمتعًا بقطرات المطر التي تهطل عليه: بس يا جبانة، مفيش أمتع من إنك تقفي تحت المطر أصلاً
علقت عينيها عليه حين ثبت مكانه يسمع هدير المياه الذي يرخُّ عليه وحوله .. انتبهت لوهلة ع وسامته والتي زادته المطرة جمالًا فوق جماله،
ظلت تترقب حركاته وهم مغمض الجفنين، غارقًا ف عالم بعيد غير مبالٍ بنظراتها، وبعد لحظات من السكون فتح نصف عين ليلاحظ تأملها به بشرود.. تحرك بخطوات بطيئة حتى وقف صوبها مباشرة وهي ما زالت سارحة به دون وعي، كأنها مغيبة عن الواقع..
بقى الآخر يتفحص ملامحها بهوادة حتى سكنت الأمطار .. ليقترب من شفتيها ويهمس برفق
: هتفضلي سرحانة فيا كدة كتير، كإنك أول مرة تشوفيني؟
وأخيرًا تحركت مقلتيها بعد أن عادت لطبيعتها، وتردف بتلعثم
: أنـ..أنا، انتـ..هو
ضحك: انتي بتتعلمي النطق جديد؟
ليقترب ويهمس: مش كبرنا ع الكلام دة؟
أخفضت رأسها خجلًا، وهي تحاول تفادي نظراته التي تجعلها لا تقدر على تمالك حالها أمامه..
ليحاول هو التطرق إلى شيئًا آخر: تعرفي إن عيد ميلادي بكرة؟
رفعت بصرها لتردف بدهشة: بجد! كل سنة وانت طيب
قالت بابتسامة ليتمتم بعد أن أعطاها ظهره وخطا بقدمه للأمام: لسة فاضل نص ساعة ع 12
تحركت نحوه لتقول بعفوية: خلاص لما تيجي الساعة 12 هقولهالك!
التفت لها وهو يحك عنقه: بس مش هينفع حاف كدة!!
بعدم فهم: يعني إيه؟
حمحم: عاوز هدية!!!
همهمت ثم فكرت لثوان حتى رأت أمامها امرأة معها ورود، هرولت إليها بسرعة تحت استغراب مراد .. لتعود إليه بعد لحظات وترفع يديها بوردة حمراء تشبه وجنتيها..
: أنا عارفة أنها هدية بسيطة، ومش ف قيمتك، بس دة اللي أقدر أقدمهولك
ابتسم لطيبتها، ثم التقطها منها بحب ولطافة، ليتمتم برقة
: دي أغلى هدية جاتني لغاية دلوقتي، دة كفاية إنها من حد قمور زيك يا رغد
احمرت وجنتيها من اطراءه اللطيف ثم أردفت: مش هنمشي بقا !
توسعت ابتسامته حتى ظهرت أسنانه البيضاء ثم قال: يلا نمشي***
أفاق مراد من ماضيه وهو يجعد وجهه حزنًا، وعينيه لا تريد فراق ملامحها، قلبه كأن يدًا تقبض بقوة عليه حتى فتت لحمه..
حاول النهوض فتثاقلت خطواته، ثم دلف للمرحاض ليأخذ حمامًا باردًا؛ حتى يستعيد توازنه
______
: طب مش المفروض برضو تتصلي عليه وتعايديه؟
تمتمت فريدة لـ نيرة عبر الجوال بنبرة يكسوها الأسى، لترد الأخرى قائلة بنبرة مبحوحة من البكاء
: نفسي بجد أكون معاه ونحتفل؛ بس أنا مش عارفة هو قاعد فين!
: أكيد الأستاذ عماد يعرف!
قالت بثقة وحماس ثم أردفت الأخرى: أنا سألته قبل كدة، وقال لا ما يعرفش
: بس ممكن يبقى عرف، انتي حاولي ولو عرفتي روحي متسيبهوش، نفسي ابقى معاكم بس بابا مش هيوافق يخرجني ف الوقت دة!
: أعدي عليكي آخدك؟
همت بالرفض: لالالأ، كفاية اللي حصل الصبح، بلاش نعكنن عليه يوم عيد ميلاده كمان!
ضحكت نيرة من بين همها لتردف: معاكي حق
: يلا سلام…
ثم قبل أن تغلق الهاتف استذكرت شيئًا: صحيح فكرتيني، انتي قولتي إنك مش متجوزة وآنسة، ازاي الكلام دة؟
: دي حكاية طويلة، هبقى أحكيهالك ع رواقة
: هي العيلة دي، كل اللي فيها عنده حكاية ولا إيه؟ مفيش حد معاشش قصة؟ دة انا شكلي وقعت في بحر حواديت وقصص حزينة!
قهقهت نيرة ثم قالت: بتقولي فيها، ولسة .. يلا اسيبك تنامي
أغلقت الخط، ثم تمتمت فريدة: ومين يجيله نوم وسي مراد محتل دماغه!
_______
يجلس ع الأريكة ويفرد ساقيه ع طاولة صغيرة موضوعه أمامه، والحاسوب فوق قدمه منهمكًا ف آخر مشروعاته .. أمامه مجموعة من النماذج التي وضعها المهندسين، يحاول إيجاد النموذج المناسب الذي سيقدمه للمناقصة..
قاطع تركيزه صوت طرق الباب، نهض من مكانه ثم تحرك ناحيته ليفتح الباب فيتفاجأ بصوت هتاف عالي..
: Happy birthday to you, Morad
نيرة، عماد، والعم شفيق يقفون أمامه ومعهم كعكة العيد ميلاد .. ليدخل مراد ويعطيهم ظهره
وتدلف نيرة خلفه وتقول ف حنو: كل سنة وانت طيب يا مراد، عقبال مليون سنة يا حبيبي
وتضع قبلة رقيقة ع وجنته، ثم يهتف عماد بمرح
: مبروك يا باشا، عقبال ما ابارك لك نهار فرحك يا غالي
ثم يلتقط تفاحة من فوق الطاولة ويقضمها، ثم ينتبه لمراد يشزره بعينيه، فيضعها بمكانها كمان كانت
العم شفيق: كل سنة وانت طيب يا مراد يابني
ويعطيه هدية، لتمتم مراد بهدوء: متشكر
اقتربت نيرة منه وهي تقول: مهانش عليا أسيبك تقضي اليوم دة من غير احتفال، وكمان انت مضايق مني! .. فقولت أضرب عصفورين بحجر وأعملك مفاجئة
أردفت ببسمة ماكرة ثم قال وهو يمط بكلماته: كويس إنك عارفة اني مضايق!
عقدت ما بين حاجبيها لتغمغم: خلاص بقا يا مراد متبقاش رخم، اعمل حساب اني عمتك وليا حق عليك!
: طب انتوا عرفتوا مكاني ازاي؟
سأل ليجيب العم شفيق: أصل عماد كان مراقبك وقالنا
ابتلع عماد لعابه، ثم مثل أنه لا ينتبه لحديثهم، وانشغل ف أكل التفاحة خصوصًا أن مراد قد رمقه بحدة..
لتديره إليها وهي تردف: المهم يلا نقطع التورتة بقا
احتفلوا جميعهم مع بعضهم البعض، ثم عاد كل واحدًا منهم إلى بيته، رغم رجاء نيرة له بأن يعود معها، لكنه أبى بشدة فما زال غاضبًا مما حدث..
________
: كملي بقا الحكاية يا ست نيرة !
هتفت فريدة وهي تضع القدر ع النار الذي به ماء .. ثم التفتت للحم الموضوع ع الطاولة الرخامية لتبدأ بتقطيعه..
تنهدت نيرة وهي تجلس فوق نفس الطاولة ولكنها متزحزحة قليلًا، ثم تبدأ باستطراد الحكاية …
يجلسان الاثنان في مكان عام .. لترشف رغد من كوب العصير برفق ثم تهتف ل مراد الذي بدى شاردًا بصوت عالي قليلًا..
: أنا صحيح نسيت اسألك، انت بتشتغل إيه؟
ليلتفت برأسه لها ويرد: إيه يا بنتي خضتيني!
قال مازحًا لتعتذر رغد: أنا آسفة، صوتي علي غصب عني!
أخفضت جفنيها ويضحك لتصرفها: دة انتي هبلة أوي، يعني معقول حد يتخض من صوت البلبل الرقيق دة؟
ابتسمت خجلًا: شكرًا
: يا خواتي ع خدود الحليوة اللي شبه الفراولاية المسكرة
داعبها بكلماته، حتى تكونت بقعتي حمراء ع وجنتيها ..
ثم أجاب عن سؤالها: أنا يا ستي أبقى ظابط مخابرات****
انصدمت حتى أنزلقت الطنجرة من يديها لتهمس بهدر: مراد كان ظابط؟!!!!!…..
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ظل السحاب )