روايات

رواية جاريتي 3 الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 البارت التاسع والثلاثون

رواية جاريتي 3 الجزء التاسع والثلاثون

رواية جاريتي 3 الحلقة التاسعة والثلاثون

كان يجلس داخل غرفته بعد ان عاد من بيتها … و اخيرا لقد اصبحت خطيبته … اخذ نفس عميق براحه و هو يفكر فى كل ما حدث خلال تلك المدة لقائه بنور .. و تعلقه و انجذابه لها و رغبته القوية فى التقرب منها .. و معرفة قصتها و المساهمة فى علاجها و خروجها مما كانت فيه … هوسه و ظنه الكبير انه يحبها … و خروجه خارج تلك الدائرة بعد لقائه ببلسم … أخرج هاتفه و أتصل بعزيز و حين أجابه قال
– اولا انا عايز اعتذر لحضرتك على كل المواقف القديمة البايخة اللى عملتها
ليضحك عزيز و هو يقول
– ولا يهمك انت زى ابنى و مقدر الحالة اللى كنت فيها
– شكراً لتفهمك موقفى … و أسف كمان مرة …. و بصراحة أنا كنت عايز أطلب من حضرتك طلب
قالها صهيب بشئ من الرجاء ليجيبه عزيز سريعا
– أكيد
– عايز أزور نور
قالها صهيب سريعاً … ليقابله الصمت لعدة ثوان ثم اجابه عزيز قائلا
– حاضر … هجبلك تصريح زيارة
شكره بشدة و أغلق الهاتف و هو يفكر .. إنه لن يتخلى عنها و سيظل يهتم بها و يراعيها .. و يطمئن عليها
توجهه الى الشرفة ليجلس على كرسيه الوثير الذى هجره منذ مدة طويلة جلس عليه بأسترخاء و ضغط ذر المساج و اغمض عينيه و هو يفكر هل عليه ان يقص على بلسم قصة نور … او يجعل ذلك الشئ سره الصغير بعيد عن الجميع
شعر بيد تربت على كتفه ليفتح عينيه ينظر الى والده الذى ينظر اليه بأبتسامة سعادة و فخر … ليوقف الكرسي و وقف سريعاً و ظل صامت ينظر الى والده الذى قال
– مبروك يا ابنى .. متعرفش انا النهاردة سعيد و فخور بيك قد ايه
لينحنى صهيب و قبل يد والده بأحترام و هو يقول
– الله يبارك فيك يا بابا … كمان عايز اعتذر لحضرتك على كل اللى حصل الفترة اللى فاتت و القلق و الخوف اللى عيشتكم فيه
ليقترب جواد من ولده و ضمه الى صدره و هو يقول بحنان أبوى
– أنت نور عينى و دنيتى كلها يا صهيب … فرحتك فرحي و حزنك حزني يا أبنى .. و وجعك كان بيقتلني … بس اهم حاجة انك رجعتلنا من جديد .
اخفض صهيب راسه بخجل و هو يقول موضحاً
– انا مكنتش عارف نفسي فى الفترة دى … كنت تايه فى دوامة كبيرة .. متخيلتش يوم انى ممكن اكون فيها … بس الحمد لله رجعت بسرعه
شعر جواد ان صهيب لن يقص عليه اى شئ .. و لن يخبره بقصة تلك الفتاة .. و كيف تعلق بها و كيف تخلص من ذلك الحب … فقال بمراوغة
– مش ناوي تقولى ايه اللى خلاك تقرر تخطب بلسم
رفع صهيب عينيه ينظر الى والده …. و ابتسم ابتسامة صغيرة و هو يقول
– لقيتها بلسم لكل جروحي …فقررت اخطبها
ليضحك جواد بصوت عالى … ثم قال و هو يغادر الشرفة
– ماشى يا ابن ميما .. انا عارف مش هقدر أخد منك اى معلومة انت مش عايز تقولها ابنى من زمان و عارفك
و غادر الغرفة تصاحبه ضحكات صهيب المرحة التى كانت تجعل قلب الأب يقفز فرحاً بسبب اشتياقه لها حقاً
**********************
كان يسير ببطئ شديد يستند على عكاز و تسير هى بجانبه … تساعده على صعود الدرج بعد ان صعد كل من محمود و زين .. فقد كان عند الطبيب و قد طمئنه انه خلال أسبوع سوف يفك عنه تلك الجبيرة فى ساقه بعد ان فك له الجبيرة ذراعه و شفى جرح عنقه و لكن تلك الجروح فى وجهه تركت اثار فى وجهه و تلك الاثار تشعره بالضيق … ابتسمت وهى تتذكر كلماته لطبيب التجميل حين اخبره عن ذلك (( المرهم )) انه سيخفى تلك الاثار مع الأستمرار فى استعماله بشكل منتظم
– يعنى المرهم ده هو اللى هيرجعلى وسمتى من تانى ؟!
ثم اشار الى زينة و هو يقول بصوت عالى
– انت مش شايف خطيبتى عامله ازاى … شوفلى حل
و قال جملته الاخيرة بصوت عالى … لتعلوا صوت ضحكتها التى تحاول كتمها لينظر اليها بضيق فصمتت تنظر اليه بشئ من الخوف لكنه لم يقل شئ هو فقط أدار وجهه الى الجهة الأخرى … و نفخ بضيق شديد
لتنادى عليه بصوت هامس ثم قالت
– ممكن تقعد هنا نتكلم شويه قبل ما نطلع فوق لو سمحت
نظر إليها من جديد و أخذ نفس عميق و هز رأسه بنعم لتبتسم ابتسامة صغيرة جعلت ضربات قلبه تتقافز بسعادة ساعدته ليجلس على احدى درجات السلم و اراحت قدمه المجبرة و جلست بجانبه تسند ذراعيها على ركبتيها و كفيها اسفل ذقنها و قالت
– تعرف يا محمد ساعة الحادثة انا حسيت بإيه
نظر إليها بأهتمام لتكمل هى دون النظر إليه
– حسيت بوجع جامد قوى فى قلبى … وجع خلانى افتكر كل اللى مريت بيه زمان خلانى انسى للحظات انى زينة الخارسة … زينة اللى متلقش بكابتن محمد عادل المشهور اللى كل البنات بتجرى وراه و تتمنى نظرة منه
قطب جبينه بحيرة و ضيق لتكمل هى دون ان تنتبه له
– فاكر يوم الماتش اللى كان عندنا ؟
همم بتفهم لتكمل هى قائله
– انت كنت واقف بتدور عليا و انا كنت واقفة بسمع كلام معجباتك … اللى نفسها تتجوزك .. و اللى نفسها بس تتعرف عليك و تصاحبك … و اللى بيحسدك على شهرتك و جسمك الرياضى و البنات الكتير اللى معجبين بيك
صمتت لثوانى تحاول التقاط أنفاسها … خاصة مع دموعها المتلاحقة … و كان هو يستمع إليها و من داخله يتألم و يشعر بكم العذاب التى كانت تعانيه فى صمت … اكملت هى و كأنها تريد التخلص من حمل ثقيل وضع فوق قلبها لسنوات
– حسيت ساعتها انى قليلة أوووى .. وانى مستهلش انى اكون معاك بأى صفة لا صديقة و لا حبيبة و لا زوجة و لا بأى شكل … كنت بتوجع لا انا قادرة ابعد عنك .. و لا قادرة افضل معاك و انا حاسة بالنقص و انك تستاهل الأحسن
اخدت نفس عميق و ابتسمت و هى تكمل
– تفتكر الجروح اللى فى وشك دى هتأثر فى يوم على نجوميتك و معجبينك
قطب حاجبيه و هو يقول بأقرار
– ميهمونيش فى حاجة و لا يفرقوا معايا اصلاً …. و بعدين انتِ من يوم يومك أغلى حاجة فى حياتى و عمرى ما فكرت انك اقل من اى حد ده أنا أصلاً كنت ديما خايف من إنك تكونى شيفانى كبير و فرق السن يحسسك إنك المفروض متبقيش معايا .. كان حلمى اسمع صوتك و لو كنت اعرف ان حادثة زى دى ترجعه كنت عملتها من زمان مش علشان انت اقل من إنك تكونى معايا لا علشان أنتِ تستالى تكونى سعيدة و أعتقد أنا كمان أستاهل إنى أسمع صوتك و أسمع أسمى منك و أسمع كلمة بحبك كمان
اتسعت ابتسامتها و هى تقول
– تعرف أحلى حاجة فيك ايه …. انك بتحول اى احساس سلبى جوايا لايجابى .. و على فكرة بقى
صمتت لثوانى ظل هو ينظر اليها بفضول و تشوق لتنظر الى عينيه و قالت بأبتسامة
– الجروح دى خلتك باد بوى … و انا بحب الباد بوى أوووى
و وقفت سريعا تنظر اليه بتحدى …. ليضحك بصوت عالى و حين هدأت ضحكاته قال
– كده مش هتخلينى استخدم المرهم خالص
انحنت تنظر الى وجهه و قالت بعد ان غمزت له بشقاوه
– عز الطلب على الاقل نبعد شوية المعجبات بدل ما اخليك تبطل كوره خالص
ليعود الى الضحك من جديد بصوت عالى … لتمد يدها له ليضع يديه بين يديها و استند على عكازه و وقف على قدميه حتى يصعدا إلى البيت و كل منهم بداخله يعد الاخر بذل كل الجهد المطلوب لإسعاده
****************************
فى صباح اليوم التالى وصل صهيب الى الشركة الابتسامة ترتسم على محياه بسعادة كبيرة شعر بها جميع من يراه و حين دخل مكتبه و أول شىء قام به طلب من السكرتيرة جمع الموظفين جميعا فى غرفه الاجتماعات الكبيرة ….. كان الجميع يشعر بالإندهاش فمثل هذه الاجتماعات تحدث مره كل عام فقط لتحديد ما حدث كل عام و تقيم الموظفين و تحديد المكافئات و تحديد خطة السنة الجديدة
كانت بلسم لا تستطيع استيعاب سبب ذلك الاجتماع و لكنها لم تتحدث مع أحد … من الأساس هى تشعر بالخجل من الحديث عما حدث أمس فلا تعلم ماذا سيكون رد فعلهم .. او احساسهم تجاهها .. خاصة وهم طول ذلك الشهر المنصرم يتجنبون الحديث معها و كأنهم يخشون غضب صهيب عليهم
بعد دقائق دلف صهيب الى الغرفة و بين يديه علبه كبيرة و ضعها على سطح المكتب الجانبي و اقترب من طاوله الاجتماعات و وقف ينظر الى الجميع بأبتسامة واسعة ثم قال بمرح
– انا عندى خبرين مهمين جدا عايز ابلغكم بيهم
همهمه بسيطة صدرت عن بعض الموظفين ليكمل صهيب كلماته
– الخبر الاول .. ان فى صفقة كبيرة جدا الشركة هتدخلها … و هيكون مكسبها كبير .. و المكافئات عليها هتكون كبيرة جداً جداً و الكل مستفيد
صفق الموظفون بسعادة و تعالت الهمهمات و المناقشات الجانبيه … طرق صهيب بأطراف أصابعه على سطح الطاولة و هو يقول
– الخبر التانى بقى … بالنسبه ليا اهم من الخبر الأول
ثم اشار الى السكرتيرة و هو يقول بأمر
– وزعيهم
توجهت السكرتيره الى العلبه الكبيره التى دخل بها صهيب منذ قليل و فتحتها و بدأت تمر على الموظفين تعطى لكل فرد منهم ظرف و معه قطعه شوكلاته فاخرة لتعلوا الهمهمات و تحولت النظرات تدرجيا الى بلسم التى كانت تشعر بالحيرة و عدم الفهم حتى انتهت السكرتيرة من جميع الموظفين و وصلت امام بلسم و اعتطها الظرف الاخير
حين فتحته شهقت بصوت عالى حين و جدت داخله كارت دعوة لحفل خطوبتها هى و صهيب مرافق لصوت صهيب يقول
– امبارح انا طلبت الأنسة بلسم رسمي من والدها … و دعوة الخطوبة بين اديكم … اتمنى منكم كلكم تدعولنا بالتوفيق
كانت تشعر بخجل كبير و وجنتيها تكاد تشتعل من كثرة ذلك الخجل .. رغم سعادتها الكبيرة
بذلك التصرف منه … كم أشعرها بأهميتها لديه و إنه حقا سعيداً و فخوراً بأرتباطه بها و رغم عنها كانت نظرات السعادة الموجه له يراها الجميع و لا يخطئها احد ليغمز لها بشقاوة .. لتخفض راسها سريعاً ليبتسم صهيب بسعادة ليغادر الموظفين الواحد خلف الآخر و هم يهنئون صهيب و بلسم التى ظلت جالسة مكانها ليقترب منها و جلس على الكرسى الذى بجانبها و ظل ينظر اليها و يتأملها و هى تنظر أرضا بخجل
– حبيت العالم كله يشاركنى فرحتى … و اولهم موظفين الشركة و بصراحة كنت هموت لو معملتش حفلة خطوبة كبيرة و عزمت كل الناس فيها
نظرت اليه بأبتسامة سعادة و هى تقول
– انا مش عارفة اقول ايه .. طبعا انا مبسوطة جدا بكل اللى انت عملته ده .. بس انت مش اتسرعت مش يمكن تكتشف اننا مش لايقين على بعض .. انك مثلا اتسرعت لما خطبتنى .. ان مكنش ينفع ترتبط بموظفة عندك … على فكرة انا مش بقلل من نفسى انا عارفة قيمة نفسى كويس و عارفة انى استاهل كل خير … بس انا هنا بتكلم عنك انت
كان مع كل كلمى تقولها يرتفع حاجبيه بإندهاش حتى قالت كلماتها الاخيرة ليضحك بصوت عالى و هو يقول
– مغرورة
– لا انا مش مغرورة بس واثقة فى نفسى .. و عارفة انى استاهل ديما الأحسن .. بس عايزة أطمن و أرتاح
ظل صامت يستمتع بذلك الحديث بقوة شخصيتها .. هو يحتاج الى ثقتها .. إيمانها بنفسها هو صهيب جواد الهاشمى كان ينقصه بلسم رغم انها بلسم لكل جروحه و حرمانه .. الا انها ايضا ثابتة و اثقة قوية داعمة … لا تهتز قادرة على المواجهه حتى لمخاوفها … اخذ نفس عميق و قال بهدوء
– انا متأكد من قرارى … لانى متأكد انى محتاجك فى حياتى … و على فكرة الإحتياج ده حاجة مهمة اووى و كمان مسؤلية … و مسؤلية كبيرة كمان… مش هقول بحبك دلوقتى لانى عايز لما اقولها أكون حاسسها بكل كيانى …. لكن أنا محتاجك و سعيد بوجودك فى حياتى و مش عايزك تبعدى عنى ابدا
شعرت من داخلها انه يريد ان يقول شئ ما لكنه يخشى من البوح به الآن ظلت تنظر اليه بصمت ليقف و هو على وجهه ابتسامه و قال بمرح
– اتفضلى بقى يا انسة على مكتبك متفتكريش انك علشان بقيتى خطيبتى هيكون فى تهاون معاكى
فوقفت سريعا ليسقط ذلك الملف الذى كان امامها وكادت ان تنحنى ليشير لها ان لا تفعل و انحنى هو يجمع الاوراق لتتراجع هى خطوتان للخلف و هى تنظر اليه يجمع الاوراق ثم وقف و هو يقول بأبتسامة
– دى عادة بقى ديما توقعى الورق
ظلت تنظر اليه بابتسامة و قالت بمشاغبة
– مش مع كل الناس … معاك انت بس
و اخذت الملف من يديه و غادرت غرفة الاجتماعات سريعا ليبتسم بسعادة وهو ياخذ نفس عميق براحة
***********************
كانت تحمل اغراض كثيرة و هى عائدة من السوق .. هى لا تعلم لما لم يحضر هذا الأسبوع و لا الأسبوع الماضي .. لم تستوعب حتى الان نظام كليته …. لكنها اشتاقت له .. رغم حديثهم المستمر يومياً … كانت تلك الأبتسامة العاشقة ترتسم فوق شفتيها .. وهى تتذكر كلماته و غزله لها .. لقد استطاع ان يزيل كل الحواجز من خجل و خوف و جعلها تشعر معه بالثقة و الأمان … شئ ما وقف أمامها أخرجها من أفكارها السعيدة لتنظر بأندهاش الى فتون التى تبتسم ابتسامة صفراء ..هى تشعر بها جيدا كم هى حقودة .. بداخلها شئ سئ تجاهها و تجاه صفي .. لا تعلم سببه ولكن هى واثقة ان هناك سر كبير خلفها انتبهت من افكارها على كلمات فتون
– الى واخد عجلك يتهنابوا
فقالت نسيم بابتسامة واسعة
– حجه و لازم يتهنى بيه … كيفك يا عمة
قالت الاخيرة بشئ من السخرية لتقطب فتون حاجبيها بشر وهى تقول
– عمة لية ؟ شايفه الشعر الأبيض غطى شعرى ولا خطوط الشيب فى وشى .. ده الفرج بينى و بينك مش اكتر من سنتين
لتبتسم نسيم ابتسامة بمكر و هى تقول
– خمسة يا عمه .. و بعدين مش بالسن ده انى بحترمك مش انتِ مرت عمى عتمان يبجى لازمن اجولك يا عمه
ظلت فتون تنظر اليها بشر ثم قالت من بين اسنانها
– و مالوا … احترميني … زى ما جوزك بيحترمني
ثم اقتربت منها و همست بصوت كفحيح الافعى
– ابجى خدى بالك منيه و هو نايم اصله بيرفس الغطى .. كمان حاولى تخليه يلبس الچلبيه و هو نايم علشان ديما بينام صدره عارى و ممكن يچيله برد
قطبت نسيم حاجبيها بأندهاش من كلمات فتون كيف تعرف عادات صفى فى النوم إنها حتى الان لا تعلم كل تلك الأشياء عنه .. فكيف علمتها هى … لتبتسم فتون بسعادة ماكرة و اكملت قائلة و هى تمر جوار نسيم
– يارب تجدرى تتهنى باللى ماكنش ليكى
و غادرت سعيدة بما اشعلته داخل قلب نسيم من نار الشك و الغيرة …. و ايضا كان بداخلها نار تشتعل و تتصاعد تحرق احشائها بألم الخيانة و الغدر … ألم صفعة لم تنساها يوما بل و تتذكرها كل ليله و هى بين يدى عتمان … يتمتع بها و بجمالها و يشرب من رحيق شبابها التى كانت تتمنى ان تهبه كله الى صفي … هو من حلمت بأن تكون بين ذراعيه هو من كانت تود لمساته فوق مفاتنها .. هو من كانت تريد ان يتنعم داخل احضانها بما يعيشه اخيه الآن
لن تغفر له ما حدث لها لن تغفر له تفكيرها أن تلك اليد التى تحاوطها كل ليله ليست يده و تلك الشفاه التى تتغزل بها ليست شفاهه .. لن تنسى له انها تركها لأخيه .. و كأنها جاريته و ملك يمينه يهبها لمن يشاء و ظنه بها انها ستقول سمعاً و طاعة .. لن تكون فتون ان جعلت السعادة تطرق بابه و بابها .. لن تكون فتون إن جعلته ينعم بين أحضان تلك الصغيرة .. كما حرمها على نفسه و جعلها زوجة أخيه ستحرم عليه السعادة بين أحضان عروسه و لو كان آخر شئ تقوم به .
****************************
كان يجلس أمام الفتاتين ينظر اليهم بسعادة … انه يرى اليوم شئ جديد بينهم يرى حب حقيقى بين توأمتين متمثالتين فى الشكل رغم اختلاف طباعهم لكن كل منهم تكمل الآخرى بشكل غريب …. أخذ نفس عميق و هو يقول
– احنا لسه مكملين جلساتنا … لكن انتو تقدروا ترجعوا بيتكم .. و هيكون فى جلسة واحدة كل اسبوع لحد ما اطمن ان كل حاجة تمام
ظلت ليل صامتة تفكر فى كلماته حين قالت شمس بتردد و توتر
– هو .. هو يعنى … يعنى أنا
– انتِ ايه يا شمس ؟
قالها بأستفهام يحثها على الحديث دون خوف … لتأخذ نفس عميق ثم قالت بصوت خفيض
– هو أنا ممكن أرجع تانى أذى أختي بأى شكل ؟
كانت ليل تنظر اليها بأندهاش … و كان رحيم ينظر اليها بأبتسامة حانية فهو كان ينتظر سؤال كهذا حتى يتأكد ان أحساسها الطيب و حبها الكبير الى أختها تملك قلبها بالكامل و سيكون قادر على مواجهة تلك النرجسية الموجودة فى طبيعة شخصية شمس
– طالما انتِ مش عايزة ده يبقا عمره ما هيحصل .. خدى بالك من حاجة يا شمس
كانت تنظر اليه بأهتمام .. و تركيز شديد ..ليكمل هو بهدوء
– انتِ فى ايدك تحمى نفسك من انك ترجعى لشمس القديمة .. انتِ فى ايدك تفضلى محافظة على الرابط اللى بيربطك بأختك .. استمرى فى قربك من ربنا ديما فكرى فى الحاجات الإيجابية .. خليكى ديما قريبة من والدك و والدتك .. اتكلمى ديما معاهم .. و لو حسيتى ان فى اى حاجة و لو بسيطة مضيقاكى متسكتيش عنها متفكريش فيها لوحدك .. احكيها لأختك أو لأهلك و صدقينى و قتها ديما هتحسى براحة و عمر اللى حصل ما هيتكرر تانى ابدا
فى تلك اللحظة اقتربت ليل من اختها و ضمتها الى احضانها و هى تقول
– و انا أوعدك هفضل جمبك على طول .. ديما هتكلم معاكى … هحس بيكى و عمرى عمرى ما هزعل منك
لتضمها شمس و الدموع تغرق عينيها و ظلت تهمس لها بأنها اسفة لم تتوقف عن قول تلك الكلمة كلما سمحت لها المواقف … ليبتسم رحيم بسعادة و راحة و نظر الى أيمن الواقف فى احدى النوافذ يتابع جلستهم فى حديقة القصر ليأخذ نفس عميق براحة وهو يلتفت ينظر الى زوجته التى تجلس بالقرب منه و قال
– جهزى نفسك يا ملك هنرجعك بيتنا … بس لازم اروح له الاول
************************************
كان يشعر بشوق كبير لها يتمنى لو أنه يجلس داخل طائره حتى يصل سريعاً لقد مر شهر لم يأخذ أجازة .. يريد ان يراها كما كان يتخيلها كل ليله ناعمة رقيقة … خاصة و هو يتذكر هيئتها يوم عقد القران … خصلاتها السوداء الطويلة وعيونها التى يزينها الكحل الأسود ليجعلها ساحرة جذابة خطفت أنفاسه من أول لحظة وقعت عينه عليها
و أخيراً وصل القطار و كأنه كان يسير فوق روحه … ذهب سريعا الى البيت … القى التحية على والدته … و جلس معها قليلا بين نظرات فتون المبتسمة ابتسامة لا يفهمها و تشعره بعدم الراحة واحساس بأنها تخبئ شئ سئ جيدا
وقف و هو يقول لامه بأدب
– بعد اذنك يا امى هروح أطل على نسيم
هزت الحجة صفية رأسها بنعم و قالت بهدوء مع ابتسامة سعادة
– روح يا ولدى … و سلملى عليها و جولها تاچى بكرة هعملها ضاچن البامية اللى نفسها فيه
هز راسه بنعم وقبل يديها و غادر بعد ان القى نظرة خاطفة على فتون التى نظرت اليه نظرة شماته او انتصار لم يستطع تفسيرها
وصل الى بيت الحج مختار و استقبله وهدان بترحاب كبير و ادخله القاعة الداخلية و ارسل احد البنات لنسيم تخبرها بوجود زوجها
كان ينظر الى باب القاعه بشوق و لهفة لاحظها اخيها ليبتسم بهدوء وهو يقول حتى يجعله ينتبه لوجوده
– سنه فاتت اهى يا صفى و كلها ثلاث سنين و تتخرچ
نظر اليه صفى بتشتت ثم ابتسم وهو يقول
– اه و الله يا وهدان ربنا يهون و يمر على طول … عايز اتچوز بجا
ليضحك وهدان بصوت عالى و هو يقول بمرح
– متستعچلش يا واد عمى يعنى اللى اتچوزا خدوا ايه
ليضحك صفي بصوت عالى و هو يقول بمرح و بصوت منخفض
– وطى صوتك يا اخوى لحسن مرتك تسمع و تبيتك فى الغيط النهاردة
علت ضحكات الاثنان فى نفس اللحظة التى دلفت نسيم فيها الى الغرفة لتبتسم بسعادة وهى ترى زوجها و أخيها يضحكان سويا و كأنهم أصحاب منذ الصغر …. حين لاحظ وهدان وقوف أخته عند الباب ليقف على قدميه و هو يقول
– و أهى مرتك جات امشى انى بجا
و غادر سريعا ليقف صفي ينظر اليها بأبتسامة رقيقة تزين وجهه الأسمر لتقترب عدة خطوات حتى وقفت امامه و هى تقول بأبتسامة رقيقة
– حمدالله على السلامة
– الله يسلمك يا نسيم صافي
لتتلون وجنتيها بحمرة الخجل ليقترب هو منها خطوتان و رفع يديه يلمس وجنتها الحمراء بأطراف أصابعه و هو يقول
– لو كنا فى مكان تانى و زمن تانى كنت قطفت تفاح خدودك بشفايفى
لتشهق بصوت عالى حين أدركت معنى كلماته لتبتعد خطوتان للخلف و هى تهمس
– جليل الأدب
ليضحك بصوت عالى و هو يقول
– انا لازم أكون جليل الأدب يا نسيم صافي … و بعدين انتِ حلالى يعنى يحجلى أجل ادبى
نظرت اليه بغضب مصتنع و ابتعدت عنه خطوة اخرى ليقترب هو خطوة واحدة و قال
– خلاص متزعليش ابجا محترم و مؤدب … تعالى اجعدى بجا خلينا نتكلم شويه لانك وحشتينى جووى
نظرت اليه بطرف عينيها و توجهت الى الاريكة التى كان يجلس عليها اخيها منذ قليل وجلست بخجل و حياء يجعلها فى عينه أجمل نساء الكون عاد ليجلس فى مكانه و هو يقول
– طمنينى عليكى يا نسيم صافي
نظرت اليه و هى صامته تتذكر كلمات فتون … و تفكر هل تسأله الآن و تجعله يشرح لها معنى كلماتها ام تصمت و تنتظر ان تتضح الصورة مع الوقت … و لكنها تعود و تفكر هل ستتحمل الصمت مع كل تلك الافكار التى تدور داخل عقلها .. و كل تلك الصور التى تتشكل أمام عينيها حين تفكر فى كلماتها
كان ينظر اليها بأندهاش خاصة مع طول صمتها فقال بأستفهام
– مالك يا نسيم .. ايه اللى شاغل بالك ؟!
رفعت عيونها اليه و قالت بهدوء
– ينفع اسألك على حاچة ؟
هز راسه بنعم و قال سريعاً
– اكيد اسألى
صمتت لثوان ثم اعتدلت تنظر الى عينه و قالت بهدوء رغم تلك النار التى تشتعل داخل قلبها
– فى كلام مرت أخوك جالته و عايزة افهم منك معناه
قطب صفى حاجبيه بأندهاش و من داخله شعر بالخوف .. هل من الممكن ان تكون فتون قد تهورت وقصت على نسيم كل شئ … هل اخبرتها قصتهم القديمة … انتبه من افكاره على نظرة شك فى عيون نسيم ليقول سريعا
– جولى جالتك ايه مضايجك جوى كده
ظلت صامته لعدة ثوان ثم قصت عليه كل ما قالته فتون … كان تقطيبه حاجبيه تزداد انعقادا مع كل كلمة تقولها .. و غضبه يتصاعد مع تخيل تأثير تلك الكلمات على نسيم … و ما كان غرض فتون الأساسى و هى تقول تلك الكلمات صمتت و هى تشعر من داخلها بالخوف فحالة صفى الان لا تنبئ بخير ابدا وقف و هو يقول
– انى نفسى معرفش اذا كنت بعمل اجده و انا نايم و لا لا … كيف تتكلم هى فى حاچة زى دى
صمت لثولنى ثم قال
– انا اسف يا نسيم بس حجيجى انا ما فهمش هى جالت الكلام الماسخ ده ليه … و غرضها منيه ايه … بس اللى لازم تفهميه زين
وقفت امامه تنظر اليه بأهتمام ليقول هو بصدق استشعرته هى بكل احساسها
– عتمان بنسبه ليا أبوى و أخوى … عتمان علشانى ضحى كتير .. وانا مش الشخص الندل اللى ممكن يبص لمرت أخوه …. انا عندى استعداد أموت فداه … و لازما تعرفى ان هى عندى زيها زى أمى تمام … متحرمة عليا ليوم الدين … لكن لو هى فى دماغها حاجة تانية فالحجة صفيه كفيلة أنها تخرچها من دماغها و للأبد
صمت وهو ينظر اليها ينتظر ردها على كلماته بتوتر وقلق و خوف .. و كانت هى من داخلها تشعر بصدق كلماته لكن لا تعلم لماذا تشعر ايضا ان هناك شئ ما غير واضح و ان هذا الامر سوف يتكرر … لكنها ابتسمت ابتسامة صغيرة و قالت
– انا مصدجاك … و مش عايزاك تكون مضايج .. وانا واثجه انك هتحل الموضوع
ثم صمتت و ابتسمت بمشاغبة قائلة
– عاملة محشى ورج عنب تأكل ؟
ليبتسم ابتسامة صغيرة و وهو يقول
– أكل .. هو أنا أطول أكل من يدك
ابتسمت بخجل و غادرت سريعا لتختفى تلك الابتسامة عن وجهه و تتحول نظراته الى شرر من نار ستحرق فتون اذا كان ما يفكر به صحيح
*************************************
اذا كان يظن ان تلك الفترة التى ابتعدت فيها عن عمر اسوء فترات حياتها … فهو كان مخطئ أن مريم تلك الأيام كانت مجرد شبح يقف على قدمين … لا تأكل لا تغادر النافذة و كأنها تنتظر حضوره … أخذ محمود نفس عميق بضيق ليقترب منه محمد الذى يسير ببطئ بسبب تلك الجبيرة التى مازالت تلف قدمه وهو يقول
– يعنى ملوش قرايب أصحاب … جيران يا محمود
نظر محمود الى أخيه و قال بعد تفكير
– من وقت حادثة مراته الأولى و هو بعد عن كل أصحابه .. و قرايبه
ثم صمت لثانيه واحدة و قال بشئ من التفكير
– بس انا فعلا مسالتش حد من الجيران .. كنت بس بروح اخبط عليه
و تحرك من فوره ليأخذ هاتفه و مفاتيح سيارته و غادر البيت تتابعه نظرات محمد الذى يشعر بالعجز و ايضا يشعر انه هو السبب في حالة اخته السيئة
تحرك فى اتجاه غرفتها طرق الباب برفق … ثم دلف لانه يعلم جيدا انه لن يسمع منها أى رد على طرقاته
اغلق الباب خلفه … أمام خديجه التى كانت تجلس على الأريكه الكبيرة تستمع الى حديثهم … دون ان يشعر بها أحد و لا أن يرى احد تلك الدمعات التى كانت تسيل فوق وجنتيها … لتخرج هاتفها و تتصل به … انها حقا بحاجه اليه
*********************************
كان يجلس داخل السياره الكبيره التى سوف توصله الى البيت … لقد اشتاق لأمه و أبيه و أخته و بالطبع اشتاق اليها لكنه لم يذهب اليها اولا حتى لا يزيد من حنق والدته اتجاه حبيبته … ليستريح اليوم معهم و غدا يعود اليها
علا صوت هاتفه بالنغمة المخصصة لها فأبتسم بسعادة و هو يجيبها قائلا
– قلبى الصغير لا يتحمل .. انا اكيد أمى دعتلى ساعه فجرية و قالت روح يا اسر يا ابن فرح
صمت فجأه حين وصلت الى اذنه شهقات بكائها ليقول سريعا
– مالك يا خديجة أنتِ بتعيطي ليه ؟
ظلت تبكي بصوت عالي تخرج بها كل ما بداخلها من خوف و إحساس بالوحدة و الفراغ … أحساسيس كثيرة لا تستطيع التحدث عنها أو اخراجها من قلبها .. كان يشعر و كأنه مكبل لا يستطيع التحرك فقال
– خديجة بالله عليكى اهدي .. فهمينى فى ايه .. خديجة انا جايلك حالا .. مسافه الطريق و هكون عندك
كاد ان يطلب من سائق السيارة التوقف حين وصله صوتها يهمس بأسمه … ليجيبها سريعا
– نعم يا قلب و روح أسر … مالك يا خديجة فى ايه .. طمنيني أبوس أيدكِ
اخذت عدة أنفاس متلاحقة ثم قالت
– محتجالك أووى … حاسة إنى وحيدة .. أنا تعبانة أووى .. أوى
– أنا هنزل من الأتوبيس و هرجعلك حالا
قالها سريعا لتقول هى
– لا .. استنى بس .. روح أرتاح … و اطمن على طنط وعمو … و تعالى بكره .. بس ابقا تعالى عند أبله مهيره علشان انا هروح عندها النهاردة .. لأنى مش متحملة أفضل هنا أكتر من كده
صمت يحاول استيعاب كلماتها .. هل ضايقها أى من أخوتها … هل حدث شئ بينهم لا يعرفه
– أيه اللى حصل يا خديجة أنا بدأت افقد أعصابى حد من أخواتك زعلك
صمتت لثوانى ثم قالت
– انا مش فى حسابات أخواتى أصلا يا أسر … أنا عايزة أمشى لان البيت ده مش بيتي … أنا مليش مكان فيه
شعر بألم قوى داخل قلبه .. لكن عليه ان يخرجها من تلك الحالة التى تؤلمها .. فهو لا يعلم جيدا أبعاد ما تقوله و لا يعلم ما طبيعة علاقتها بأخوتها … ولكن ليقوم بواجبه نحوها
– خلاص يا حبيبتى … بكره هكون عندك بس هتروحى لطنط مهيره ازاى دلوقتى
– هتصل بأبيه سفيان يبعتلى عربية
اجابته بهدوء رغم استمرار شهقاتها .. ليقول
– طيب كلميه حالا و انا فى انتظارك
و انتظر عدة ثوان حتى عادت اليه و هى تقول
– خلاص هيبعتلى العربية حالا
ابتسم و قال بمرح كمحاولة لتهدئتها و الترويح عنها حتى يلتقيها غدا
– طيب يا ستى تحبي اجبلك ايه معايا و انا جاى شوكولاته .. و لا مصاصة
لتضحك ضحكة صغيرة و هى تقول
– انت جاى لخطيبتك و لا جاى تزور بنت اختك
ليقول بعمق و صدق
– جاى اشوف بنتى .. و حبيبتى .. و بنت اختى و كل حاجة ليا فى الدنيا
صمتت بخجل امام كلماته التى رغم بساطتها الا انها لمست روحها المجروحة بإحساسها الدائم بعدم اهميتها بأنها رقم زائد لا مكان له … اخذت نفس عميق ثم اغمضت عينيها و هى تقول بكل احساسها
– ربنا يخليك ليا يا اسر … انت ربنا بعتك ليا علشان عارف انا قد ايه وحيدة و محتجاك
كلمات من المفترض ان تسعده لكنها المت قلبه بشدة جعلته يشعر بقبضه قوية تعتصر قلبه .. و شعور بداخله يزداد يجعله يريد ان يذهب اليها و ياخذها الى بيته يحتويها بين ذراعيه يجعلها ملكة على حياته و يجعل من أيامها سلاسل من الفرح و السعادة و الراحة … ان يجعلها تشعر بأهميتها و بكيانها .. يعيد اليها روحها
– و يخليكى ليا يا عمر أسر .. و روح أسر … و اميرة قلب أسر … بكره هكون عندك من بدرى علشان نقضي اليوم كله سوا .. و استعدي لمفاجئات كتير
ابتسمت بسعادة .. واستمر طوال طريق عودته الى البيت يتحدث اليها يضحكها يقص عليها ما كان يحدث بينه و بين صفي من مزاح … حتى اخبرته ان السيارة قد وصلت و انها ذاهبة الى منزل اختها الان .
*************************
دلف محمد من الباب ينظر الى أخته الصامتة الحزينة الشاحبة بحزن شديد …. ظل واقف امام الباب ينظر اليها بداخله إحساس يتصاعد بأنه سبب كل ما حدث و للآسف هو عاجز تماما عن مساعدتها … بأبسط الاشياء و هو البحث عن عمر و ايجاده و اعادته لها
اخذ نفس عميق ثم اقترب منها حتى وقف خلفها مباشرة .. ظل على صمته و هى ايضا لم تتحرك او يصدر عنها اى حركة تدل على احساسها به … وضع يديه على كتفها لتنتفض بفزع و نظرت اليه بخوف ليرفع يديه امام وجهه و هو يقول
– انا محمد …. اسف انى خضيتك
هزت راسها بنعم ثم عادت بنظرها الى النافذة من جديد … ليهمس بجانب أذنها
– أسف يا مريم أنا السبب فى كل اللى حصل ده .. و للاسف عاجز عن انى اصلحه
لم تنظر اليه و لكنها قالت بصوت جامد لا روح فيه
– مش انت السبب يا محمد .. انا اللى كنت غبية .. انا اللى اذيته و غلطت فيه انا اللى الغلطانة … انا الغلطانة
لم يستطع الرد على كلماتها … ولم يجد الكلمات التى تسعفه حتى يهون عليها ما هى فيه ….. ليضع عكازه جانبا و تحرك خطوة واحدة بصعوبة ثم حاوطها بذراعيه بقوة لتنحدر دموعها التى كانت حبيسة عينيها منذ عرفت بما حدث ليشدد من ضمته لها ليعلوا صوت بكائها فوق صوت باب الغرفة الذى اغلق بقوة و باب البيت التى اغلقته و هى تغادر البيت دون ان ينتبه لها احد ومعها دموعها .
**************
كانت تجلس معه اما مدير دار النشر الذى يتفق معه على روايته الجديدة تنظر اليه بسعادة كبيرة فها هو حلم جديد يتحقق .. ها هى خطوة جديدة فى سلم تقدم و نجاح أواب التى تجعلها تشعر بالفخر كونها جزء من ذلك النجاح و سبب احيانا فيه
نظر اليها بأبتسامة واسعة ثم قال موجهاً حديثه الى صاحب الدار
– ان شاء الله اسم الكتاب هيكون (( فجر ))(( شمس تشرق بقلبى ))
لتظهر معالم الصدمة و الأندهاش على وجه فجر مع ابتسامة سعادة و عدم تصديق ليكمل كلماته التى جعلت قلبها يرفرف عاليا
– و عايز كمان الاهداء فى أول الكتاب يكون
و مد يديه و امسك ورقه و قلم و بدء يكتب و هو يقول بصوت هادىء
– حلم حياتي انتِ و أملي … نور صباحي و شمسي
فجر يشرق كل صباح …. يجدد احلامي و غدي
منذ الصغر يدك بيدي …حلم اصبح حقيقة فى غدي
كلمة شكر لا تكفيكي …. فأنتِ أنا وأنا أنتِ
كانت دموع السعادة تتجمع فى عيونها … و هى تنظر اليه بسعادة لا تستطيع الكلمات شرحها ولا و صفها … حتى تلك الدمعات التى تسيل فوق و جنتيها لا تكفى كتعبير عن حبها الكبير له
نظر اليها بأبتسامة واسعة خطفت نبضات قلبها و هو يقول
– الاهداء ده ضرورى جدا يا أستاذ لانه لصاحبة الفضل فى خروج الرواية دى للنور
اجابه صاحب الدار بابتسامة واسعة
– تحت امرك يا استأذ أواب … كل اللى أنت عايزه هيحصل
غادرا سويا من دار النشر .. و يده تحتضن يديها لتقف امامه و قالت
– عالم خاص انت …. فيه احلامى تتحقق
امسٍ انت وغديٍ …. و حلم جميل منذ مهدى اراه
كن لى حياة مليئة بالحب …. اكون لك فجر مشرقاً
كان يستمع الى كلماتها بسعادة كبيرة فلأول مرة يستمع منها لأبيات شعرية وكم هو سعيد بها و بكلماتها ليرفع يديها الى شفتيه و قبلها بحب وسط نظرات عينيها السعيدة و العاشقة
*****************************
وصل محمود الى مكان سكن عمر مره اخرى … و لكن تلك المرة لن يعود الا به ….. ترجل من السيارة و صعد من جديد ليطرق باب بيته و كما توقع لا رد … ظل واقف امام الباب يفكر هل يطرق باب جاره و يسأله عنه ام ينزل إلى الشارع و يسأل المارة هل رأه أحد
وقف أمام سيارته ينظر الى المارة وعقله سارح فى محاولة للتفكير بطريقة عمر اين سيذهب فى تلك اللحظه اقترب شاب صغير يبدوا عليه انه العامل فى تلك القهوة التى تتوسط الشارع
– آامر يا أستاذ .. انا كل يوم و التانى بشوفك تيجى هنا و تمشى انت عايز مين
انتبه له محمود وقال مباشرة
– متعرفش استاذ عمر اللى فى الثالث راح فين او ممكن الاقيه فين ؟!
صمت الشاب قليلا و هو يفكر ثم قال و هو يشير الى المسجد
– اسأل الشيخ عبدالله إمام الجامع هو أقرب حد ليه
و غادر سريعا …. ليعتدل محمود فى وقفته و توجه الى المسجد و قف عند الباب و خلع حذائه و دلف الى الداخل يبحث بعينيه عن الشيخ عبدالله لتقع عينيه عليه نائم فى احدى جوانب المسجد لحيته طويلة ملابسه مشعثة … و ايضا بدون قدمه الصناعية

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جاريتي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *