روايات

رواية تراتيل الهوى الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ديانا ماريا

رواية تراتيل الهوى الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ديانا ماريا

رواية تراتيل الهوى البارت الثامن والعشرون

رواية تراتيل الهوى الجزء الثامن والعشرون

تراتيل الهوى
تراتيل الهوى

رواية تراتيل الهوى الحلقة الثامنة والعشرون

عم الصمت على الجميع وسقطت الملعقة من يد سروة التي تنظر لعمتها بصدمة.
عقد نصير حاجبيه مجيبًا باستغراب: وإيه جاب وقت الكلام ده دلوقتي يا سميحة؟
رفعت سميحة كتفيها وقالت بصوت جاف: أنه خلاص المشكلة اللي كنا عاملين عليها كل ده خلصت وكل واحد يقدر يروح لحاله ويشوف حياته أحسن، مشكلة سروة اتحلت وتقدر تكمل حياتها براحتها، تاج يشوف حاله وحياته اللي اتعطلت من ساعة ما جه.
نهضت سروة عن الطاولة وهي تقول بهدوء مصطنع: عن إذنكم.
ثم ذهبت لغرفتها بينما رن هاتف والدها فاعتذر ونهض هو أيضًا وهو ينتهد بانزعاج، استند تاج بمرفقيه على الطاولة وشبك يديه ببعضهما والتفت بوجهه لوالدته يقول بهدوء: ليه؟
ردت سميحة عاقدة حاجبيها بتعجب: ليه إيه؟
رفع تاج حاجبه ورد بجدية: والله؟ طيب ليه قولتِ اللي قولتيه دلوقتي؟
اشاحت سميحة ببصرها بضيق: وإيه الغلط في اللي أنا قولته؟ مش ده الصح والمفروض؟ أنت اتجوزتها علشان تساعدها وهي مبقتش محتاجة مساعدة مش لازم تنتبه لنفسك وتشوف حياتك اللي وقفت دي.
ظهر عدم التصديق على وجه تاج وقال بدهشة: مش فاهمك! مش فاهمك بجد! إيه اللي غير موقفك كدة؟
تابع بجدية: أنا ملاحظ الموضوع ده من ساعة من امبارح يا ماما بس قولت عادي هتلاقيكِ مضايقة علشاني إنما أنا ملاحظ فعلا أنه موقفك ناحية سروة مبقاش زي الأول، ومستغرب بجد مش دي سروة اللي أنتِ كنت مصرة عليا اتجوزها وكنتِ أول واحدة مبسوطة بالموضوع ده.
نهضت سميحة بعصبية وقد ظهر على وجهها الانفعال وبدأت تجمع أطباق الطعام: أيوا بس ده كان علشان خاطر أخويا وعلشان خاطر تساعدها إيه لازمته تفضل في الجوازة دي؟ مش كفاية حياتك اللي وقفت خالص! ومستقبلك…. مستقبلك اللي هيتدمر بسبب دخولك السجن.
تهدج صوتها مع آخر كلماتها وارتعشت يدها وهي تمسك بالطبق فنهض تاج ومد يده يأخذه منها ثم يضع يديه على كتفيها حتى يجعلها تلتفت له ثم مسح دموعها التي انهمرت على وجنتيها بحنان.
قال تاج بنبرة جدية ممزوجة بالعتاب: وتفتكري اللي عملتيه ده الصح؟ أنتِ مخدتيش بالك سروة اتجرحت إزاي؟ وخالو اتحرج إزاي؟ مهما كان سبب الجوازة دي وتمت إزاي ده مبقاش مهم خلاص المهم أنها مش لعبة في ثانية هنركبها وفي ثانية هنفكها.
أخذ نفسًا عميًقا قبل أن يتابع بصلابة: أولًا يا ماما حياتي موقفتش ولا حاجة حياتي موجودة وزي ماهي ولا مستقبلي اتدمر كمان بسبب السجن أنا خرجت براءة يعني دي مش هتأثر على حاجة في مستقبلي وحتى لو أثرت أنا مش ندمان على اللي أنا عملته أنا عملت اللي أي رجل مكاني كان هيعمله علشان يجيب حق مراته وبنت خاله قبل أي حاجة أنتِ متخيلة أني أدخل ألاقيه بيحاول يكرر فعلته القذرة مرة تانية؟ هو لو مكنش مات أنا كنت قتلته ألف مرة ومرة ولو رجع بيا الزمن مش هغير حاجة في اللي حصلت.
ثم نظر في عيونها بصرامة: كلامك مكنش وقته ولا لزومه سروة لسة بتبدأ تفوق لنفسها وتتخطى الماضي مكنش ينفع تفكريها كل شوية بمشكلتها وتحس أنها عبئ أما حكاية جوازنا فهو مش حاجة نتناقش فيها بالشكل ده ولا يخص حد غيري أنا وسروة.
قالت سميحة بصدمة: يعني أنت ممكن تقرر تكمل معاها؟
رد تاج بغموض: وليه لا؟ لسة هنشوف الموضوع ده بس في الوقت المناسب.
قالت سميحة باعتراض: إزاي بس يا تاج يعني..
قاطعها تاج بتصميم ممزوج بالحزم: يعني مصير جوازنا أنا وسروة إحنا اللي هنقرره بنفسنا، ولو سمحتِ يا ماما لازم تحترمي خصوصيتنا وقرارنا دي بقت حياتنا مع بعض إحنا اللي هنقرر نعمل فيها إيه.
تنهدت سميحة وهزت رأسها باستسلام فابتسم لها وقَبل جبينها ومازحها: يلا شوفي هتعملي لينا غدا إيه علشان سروة تكمل أكلها اللي سابته.
ابتسمت له وهي تحدق إليه بحنان: ربنا يريح قلبك يابني ويسعدك.
كانت سروة قد دلفت لغرفتها ولكنها كانت تشعر بالضيق لدرجة صعب عليها أن تجلس فوقفت أمام شباك غرفتها، لا تعرف لما تضايقت لذلك الحد من ذكر عمتها للطلاق ولكنها تشعر بشيء يشبه الاختناق يقبض على قلبها بشدة.
دمعت عيناها رغمًا عنها فزفرت بضيق، إن عمتها محقة بالتأكيد لقد أوقف تاج حياته من أجلها وكرس نفسه لمشاكلها حتى كاد ذلك يقضي على مستقبله، يجب عليه الآن أن يلتفت لنفسه ولحياته وفي يوم ما يجد فتاة ليحبها ويتزوجها.
عند ذلك التفكير زادت الغصة في حلقها وشعرت كأن هناك ما يقبض على قلبها فالتفتت وهي تفكر أنها يجب هي أيضًا أن تعود لحياتها الطبيعية، نعم ستعود لعملها مرة أخرى وطموحها وتدفن به كل أحزانها وهمومها وقبل كل ذلك يجب عليها أن تستشير طبيبة نفسية لتساعدها في التلغب على أزمتها وتخطيها وتتخلص من تلك الكوابيس التي تؤرق مضجعها.
سمعت طرق على الباب فقالت بصوت متوتر وهي تمسح دموعها بسرعة: اتفضل.
فُتح الباب وظهر تاج فقالت سروة بارتباك: فيه حاجة يا تاج؟
رد تاج بهدوء: كنت عايز أتكلم معاكِ شوية.
أشارت له بالدخول بتوتر: اتفضل.
ولج للداخل ثم أغلق الباب ورائه فزاد توتر وارتباك سروة من الموقف كما أنها لم تنسى إحراجها من الليلة الماضية، جلس على السرير فوقفت مكانها بحرج.
ربت تاج على المكان بجانبه يحثها: تعالي اقعدي لو سمحتِ متفضليش واقفة.
تقدمت بتردد حتى جلست بجانبه وقد احمر وجهها خجلا.
قالت بصوت خافت: نعم في إيه؟
صمت تاج لدقيقة وهو يحدق أمامه قبل أن يتلفت لها يقول بهدوء: أنا عايز أتكلم معاكِ في موضوع مهم جدًا اترددت قبل ما أكلمك وفكرت وفي النهاية قررت أخلي كل حاجة واضحة وأسيب لك حرية الإختيار.
حدقت إليه سروة بحيرة وتساؤل: في إيه؟
أخذ نفسًا عميًقا ورد عليها بجدية مع بعض الرقة لتخفيف توتر الموقف: سروة إيه رأيك نكمل مع بعض؟
عقدت سروة حاجبيها بعدم فهم: إزاي مش فاهمة؟
ضحك تاج بخفة قبل أن يرد: قصدي نكمل حياتنا مع بعض، يعني جوازنا يبقى جواز حقيقي زي أي جواز عادي ونفضل مع بعض.
اتسعت عيون سروة بصدمة وفتحت فمها بذهول ثم تمالكت نفسها وهي ترد بكبرياء: ودي شفقة ولا عطف؟
رد بصرامة: ولا ده ولا ده، دي حاجة جت على بالي من فترة وكنت مستني الوقت المناسب اللي افاتحك فيه بس نتيجة للي حصل من شوية ده بقى الوقت المناسب.
همست بصوت متحشرج: طب ليه؟
رفع حاجبيه وقال بثبات: وليه لا؟ الصراحة أنا بعد تفكير لقيت أنه جواز العقل أحسن من جواز الحب بكتير وبما أنه مفيش حد بحبه ولا أنتِ عندك حد بتحبيه ليه منجربش ونحاول؟
في تلك اللحظة تذكرت حين كان يهينها قبل أن يتزوجا ويخبرها أن هناك من يحب ولكنها صمتت وهي تسمعه يتابع بلطف: الجواز اللي قايم على الاحترام والتقدير والمودة والرحمة ممكن يدوم وينجح أكتر بالنسبة لي وشخصياتنا شبه بعض حتى طموحاتنا شبه بعض فده بالنسبة لي أساس كويس ممكن نبني عليه مستقبل ده لو أنتِ وافقتِ طبعا.
هزت رأسها بحيرة وردت بصوت خافت يشوبه اليأس: تقدر تختار حد تاني، فيه أحس….
قاطعها بصرامة: أنتِ الأحسن، أنا هديكِ وقت تفكري مش عايز استعجلك بس فيه حفلة بعد أسبوع معمولة على شرفي أنا وشوية من زمايلي اللي كانوا بيدرسوا دكتوراه كمان احتفالًا بينا فلو وافقتِ هتيجي معايا الحفلة وأعرفك على الناس بشكل رسمي أنك مراتي، لأنه محدش يعرف أني اتجوزت وكمان في أي حالة من الاتنين مينفعش أعيش هنا تاني فأنا اشتريت شقة برة كنت قايل لواحد صاحبي عليها وهمضي عقدها النهاردة
نهض فتابعته ببصرها وهو يقول بابتسامة: هسيبكِ تفكري براحتك.
التفتت ليغادر فنظرت سروة للأرض بشرود ولكن على حين غفلة عاد لها ووضع يده تحت ذقنها ورفع وجهها له ثم طبع قبلة على شفتيها، ابتعد عنها وهو يبتسم بخفة: ويمكن دي تساعدك تقرري.
ثم تركها وغادر الغرفة تاركًا إياها في صدمتها، وضعت يدها على شفتيها بذهول وظهر طيف ابتسامة على وجهها، تذكرت كلماته وتصارعت داخلها الحيرة.
شيء فشيء شعرت بشعور من السعادة يتسلل إليها فتمددت على السرير وهي تضحك وتبكي في الوقت ذاته، مازال عقلها يستوعب أن تاج يريدها زوجة له، همس صوت داخلها بأن تلك ربما مجرد شفقة ولكن عارضه آخر فأنه ليس مضطرًا لذلك فلقد أدى أكثر من المفترض عليه نحوها وليس مضطرًا أن يضحي بحياته كلها إن لم يكن يرغب فعلا في اتخاذها زوجة رسمية.
مرت ثلاثة أيام وهي تفكر وفي تلك الأثناء لم ترى تاج إلا قليلاً بسبب انشغاله وخروجه من المنزل أغلب الوقت وحتى حين يلتقيان كان تاج يتصرف بشكل طبيعي تمامًا ففهمت أنه لا يرغب في أن تشعر بالتوتر أو بالضغط عليها وزاد شعورها بالامتنان نحوه.
حتى وجدت نفسها في ليلة تنتظر رجوع تاج للمنزل وحتى حين تأخر الوقت لم تنم لأنها كانت متحمسة لتخبره بقرارها.
حين سمعت صوت الباب الخارجي نهضت بسرعة وخرجت من الغرفة ليظهر تاج الذي يبدو عليه التعب.
ظهرت الدهشة عليه لرؤيتها مازالت مستيقظة وقال بتعجب: فيه حاجة يا سروة؟ لسة صاحية ليه؟
خطت ناحيته حتى وصلت أمامه وقالت بتوتر: الصراحة مقدرتش أنام إلا لما أقولك، أنا فكرت وقررت يا تاج.
تيقظ تاج على الفور وظهر الاهتمام في عينيه منتظرًا إجابتها.
فركت يديها بتوتر وارتباك وهي لا تجرؤ على النظر في عينيه إلا أنها استجمعت شجاعتها وقالت وهي تحدق إليه: أنا موافقة.
اصابه الذهول لدرجة شكت بأن تلك الإجابة التي كان يريدها ولكنه ضحك وهو يتقدم إليها ويحتضنها بين ذراعيه بقوة.
قال تاج بنبرة ارتياح ممزوجة بالرضى: تعرفي كنت بدأت أقلق أنك هترفضي بس ريحتيني.
احمر وجه سروة من الخجل وابتسمت، ابتعد تاج عنها يقول بابتسامة واسعة: من بكرة جهزي حاجتك علشان ننقل على الشقة الجديدة علشان نرتب أمورنا.
أومأت سروة برأسها وهي تبتسم له ابتسامة صغيرة، اقترب تاج منها فازداد التوتر والترقب داخل سروة وأغمضت عينيها بلهفة إلا أنها عادت تفتحها باستغراب حين قبلها أعلى رأسها قائلا بنعومة: تصبحي على خير.
ناظرته بعدم فهم وحيرة فوضع يديه على جانبي وجهها يقول بنبرة هادئة متفهمة: لسة قدامنا طريق طويل مش عايزين نستعجل فيه على حاجة إحنا معانا الوقت نتعرف على بعض أكتر ونرتاح لبعض وأنتِ ترتاحي وتتعودي على الوضع ومش هنعمل حاجة أنتِ لسة مش مستعدة ليها.
في تلك اللحظة شعرت سروة بالامتنان يملأ قلبها ولم تستطع الكلام بسبب تأثرها وحدقت إليه بعيون دامعة مليئة بالامتنان وبشيء….. يشبه الحب!
في اليوم التالي أخبرا والدها وعمتها بقرارهما، كان رد فعل والدها أن استقبل الخبر بفرح بينما استقبله عمتها بتقبل وابتسامة هادئة، انتقلا بعدها للشقة الجديدة التي اشتراها تاج وكانت جاهزة من كل شيء، أخبر تاج سروة أن بإمكانها أن تغير مالا يعجبها ولكن سروة أخبرته أن كل شيء يعجبها ولا داعي للتغيير كما تركها على راحتها بأن نام في غرفة أخرى حتى لا تشعر بالحرج ويتركها على راحتها لحين تكون مستعدة، بدأت سروة تتقبل وضعها الجديد بل وتحبه والأيام التي مضت مع تاج وتعارفهما الذي يبدأ من جديد وروية كشريكي حياة وليس مجرد أقارب يترك أثره الدافئ في قلبها.
أتى يوم الحفلة فاستعدت سروة على أكمل وجه وارتدت فستان أنيق من اللون الأسود وتركت شعرها منسدلًا مع وضعها زينة خفيفة لوجهها فأبرز ذلك جمالها البهي، حين رآها في طلتها البهية الأنيقة لم يستطع إخفاء الانبهار من عينيه ومدحها بكلمات رقيقة مما أدى لخجل سروة وقد احمرت بخجل مضفيًا على وجهها براءة محببة.
وصلوا إلى الحفل في الموعد وقد عرف تاج الجميع سروة على أنها زوجته مما سبب صدمة للجميع ولكن استحسانًا فبرغم عتاب ولوم البعض إلا أنهم هنئوه على حسن اختياره لسروة مما أسعد سروة وزاد من ثقتها في نفسها وقد برر تاج ذلك بأن الأمر حدث بسرعة وكان غير متوقع.
كان الحفل يسير على مايرام وتاج يتحدث مع زميل له بينما سروة تقف بجانبه تراقبه بابتسامة حين اختفت الابتسامة عن وجهه وهو يرى روفان تدخل إلى الحفل، تعكر مزاجه وأشاح بوجهه حين رأى روفان تركز نظراتها عليه وحاول تجاهل وجودها، شعرت سروة بتغير مزاج تاج وقد عبس وجهه ولكنها لم تفهم ما حدث.
بعد قليل وقفت روفان في منتصف صالة الحفل وهي تضرب على الكأس الذي في يدها بشوكة حتى ينتبه لها الناس، حين صمت الجميع وانتبهوا لها.
ابتسمت وعيناها تقع على تاج الذي لم ينظر ناحيتها وسروة تحدق إليها بحيرة.
قالت روفان بمرح وصوت عالي: دلوقتي إحنا مش بس بنحتفل بنجاح السادة الزملاء لا وكمان بحضور الدكتور تاج الدين وحرمه المصون.
لمعت عيناها بالانتقام وهي تُتابع بتحدي: المدام اللي كانت حامل قبل الجواز من واحد غيره!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية تراتيل الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *