رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثالث والسبعون 73 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثالث والسبعون 73 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثالث والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثالث والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثالثة والسبعون
__________________________
أَقدِم فَلَيسَ عَلى الإِقدامِ مُمتَنِعُ،
وَاِصنَع بِهِ المَجدَ فَهوَ البارِعُ الصَنَعُ،
لِلناسِ في كُلِّ يَومٍ مِن عَجائِبِهِ،
ما لَم يَكُن لِاِمرِئٍ في خاطِرٍ يَقَعُ،
هَل كانَ في الوَهمِ أَنَّ الطَيرَ يَخلُفُها،
عَلى السَماءِ لَطيفُ الصُنعِ مُختَرَعُ،
_أحمد شوقي.
__________________________
حـ ـبة سا’مة لعلها تكون طو’ق النجا’ة إليهِ..
يسقـ ـط المرء في بـ ـئر النفا’ق والحير’ة ولا يجد سبـ ـيلًا للنجا’ةِ سوى باللجو’ء إلى حـ ـبةٌ سا’مة كي تنتشـ ـله مِن أفكاره والضغو’ط النفـ ـسية التي يتعر’ض إليها طيلة الوقت، سقو’ط الفـ ـتى في بئـ ـر الخطا’يا وما عليهِ سوى الأستماع إلى نفسه والسير نهـ ـج خُطا’ها، فلا نفعه الخيـ ـر، ولا نفعه السير على درب الصواب فلَم يتلقى مِنهُ سوى الأ’لم فقط.
<“خـ ـطيئة واحدة فقط تُر’تكب،
ومعها يصدُر قر’ار العقو’بة.”>
خـ ـطيئة واحدة تُغير مجـ ـرى الحياة بأكملها في لمـ ـح البصر..
خـ ـطيئةٌ واحدة ير’تكبها المرء، يكُن قر’ار عقو’بتها ليس هـ ـينًا على المرءِ حتى وإن كان كالجبا’ل في صلا’بتها وقو’تها..
مكانٌ بعيـ ـد منعز’ل عن العا’لم المحاوط بهِ، أشبه بالمخا’زن المسكو’نة، أو لربما التابعة لدى العصا’بات ذوي السُـ ـلطة والهيـ ـمنة الكبرى في عا’لم الجر’ائم الخاص بهم، الصمت يحو’م المكان والمكان مـ ـليءٌ بالمـ ـعدات الحا’دة والأجهـ ـزة كأنها أقرب لغرفة عمـ ـلياتٍ صغيرة، وعلى الجهة المقابلة كانت تلتز’م المقعد الخـ ـشبي منذ ثلاثة أيامٍ وليلة تُعا’ني بلا شـ ـك بعد أن قُطِـ ـعَ عنها جميع الوسائل التي تجعل المرء على قيـ ـد الحياة، لا تعلم أين هي ولا تعلم مَن هؤلاء وماذا يحد’ث معها، كُل ما تعلمه أنها في خـ ـطرٍ كبير..
حاولت تحر’يك جسـ ـده ولَكِنّهُ كان مُقـ ـيدًا بقو’ة مِن قِبَل تلك الأحبا’ل المتـ ـينة حتى قدميها كذلك، وتلك العـ ـصبة اللعـ ـينة التي لَم تُفا’رق وجهها إلا عند تناولها للطعام لا أكثر مِن ذلك؛ أشتا’قت إلى عائلتها، أشتا’قت إلى صغيرها وإلى زوجها، لا تعلم متى ستعود أم أنها لن تعود وستمو’ت هُنا، في هذا المكان المقـ ـزز الشبيه لأصحابه، ثوانٍ معدودة وسَمِعَت الباب يُفتـ ـح ثم صد’ور صوت خطوات هادئة تقترب مِنها ترافقها أخرى وأخرى، شعرت بالخو’ف كلما أقترب الصوت مِنها فلا تعلم ما يدور في أنفسـ ـهم المر’يضة تلك أو نو’اياهم الحـ ـقيرة..
وقف ر’ئيسهم أمامها ينظر إليها دون أن يتحدث، عاد الصمت مِن جديد يسو’د في المكان لثوانٍ معدودة أسـ ـفل تر’قبها لِمَ يحد’ث حولها، أخذ ر’ئيسهم ذاك الهاتف مِن أحد أعو’انه ينظر إلى الصورة المعروضة عليهِ، صورة تعود إلى “مسك” التي كانت تحتضن “أحـمد” وصغيرهما “سـديم”، ينظر إلى الصورة تارة وإلى وجهها تارة أخرى ليُعطيه الهاتف مِن جديد ثم أقترب مِنها بخطى هادئة أسـ ـفل تر’قبها الشـ ـديد يقف أمامها، تعا’لت بسمةٌ صـ ـفراء على ثغره وهو ينظر لها نظرةٌ ما’كرة بعد أن ر’اقت لهُ كثيرًا ونا’لت إعجابه الشـ ـديد..
أنحـ ـنى بجذ’عه العـ ـلوي نحوها محا’صرًا إياها وهو ينظر لها عن قربٍ تز’امنًا مع تراجعها بجـ ـسدها إلى الخلف تشـ ـيح بوجهها بعيـ ـدًا عنهُ حينما شعرت بقر’به مِنها ليز’داد خو’فها أكثر وينبـ ـض قلبها بعـ ـنفٍ أكبر، نظر إلى خصلا’تها الحمـ ـراء التي نا’لت إعجابه والتي تتماشى مع بشـ ـرتها البيـ ـضاء، تُرى ماذا سيكون لو’ن عينيها في نظره هو؟ وقبل أن يقترب أكثر أوقفه صوت أحد أعو’انه حينما قال بنبرةٍ جا’دة:
_يا ر’يس، أتصل.
أنهـ ـى حديثه وهو يَمُد يده إليهِ بالهاتف ليبتعد هو عنها غا’ضبًا يأخذ الهاتف مِنهُ قبل أن يُجيب ينظر إلى المتصل ليراه هو مَن هاتفه ولذلك أرتسمت بسمةٌ خـ ـفيفة على ثغره ثم خرج مِن المكان تاركًا إياها تلـ ـفظ أنفا’سها هنية بعد أن أر’عبها قر’به ذاك وبشـ ـدة فهي تكر’ه أقتراب غر’باءٍ عنها ودومًا تتهر’ب مِن تلك النقـ ـطة إلى زوجها الذي يغا’ر وبشـ ـدة ويتو’لى هو الأمر بديلًا إليها، وفي هذه اللحظة شكرت ربها وتمنت أن يكون برفقتها حتى لا يجر’ؤ أحدهم على الاقتر’اب مِنها مجددًا بتلك الطريقة الو’قحة..
ثوانٍ وشعرت بأحدهم يُحـ ـرر عـ ـقدة العـ ـصبة مِن على عينيها مبـ ـعدًا إياها ثم يقم بتحر’يرها مِن قـ ـيدها ذاك لتنظر هي حولها ترى آخرٍ يضع الطعام أمامها والذي يبدو عليهِ أنهُ مِن أحد المطاعم الشهيـ ـرة، نظرت إليهم ليُشير إليها قائلًا بنبرةٍ صا’رمة:
_كُلي يلا مِن سُكات ومتصد’عيناش بدل ما نفو’ق عليكي يا حلوة مصدقنا نعمل د’ماغ.
شعرت بالخو’ف وهي ترى نظراتهم إليها لتبتعـ ـد عن مر’ماهم وهي تتفا’دى النظر إليهم لينظرا هما إليها بسخريةٍ ثم تركانها وخرجا مغـ ـلقان الباب خلفهما، نظرت إلى إ’ثرهما وأخرجت ز’فيرة قو’ية تُخرج معها خو’فها الذي ظل ملاز’مًا إليها منذ أن جاءت إلى هُنا وحتى هذه اللحظة، مدت يدها وألتقطـ ـت الحقيبة البلا’ستيكية تنظر إلى محتوياتها لتشعر بمعد’تها تُصدر أصوات الجو’ع بعد أن دا’عبت الرائحة أنفها لتبدأ بإخراج الطعام بتـ ـلهفٍ بعد أن أتممت على مرور يومٍ كامل بدون طعامٍ لتبدأ في تناوله بشـ ـراهةٍ كبيرة فهذه كانت أثمـ ـن لحظاتها..
على الجهة الأخرى.
وقف خارجًا وهو يضع الهاتف على أذنه لثوانٍ معدودة قبل أن يبتسم ويقطـ ـع هذا الصمت قائلًا بنبرةٍ مستـ ـفزة:
_وحشتك مش كدا؟ عارف إنك مبتعرفش تبـ ـعد عنها ولا تسمع صوتها حتى، يعني يا حرام كُنْت على نا’ر الـ ٣ أيام دول.
حينها جاءه صوت “أحـمد” الحا’د يرد عليهِ بقوله المتو’عد لهُ:
_وربنا المعبود أنا لو عتر’ت فيك ما هتخرج مِن تحـ ـت إيدي سـ ـليم.
تلقى القهقات العا’لية مِن الطر’ف الآخر والذي كان مستمتعًا بشـ ـدة لسماعه لصوت غر’يمه الغا’ضب ذاك ليجاوبه بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_حـ ـقك بصراحة يا ابو “حـميد”، مراتك حلوة برضوا وتعجب أي حد.
أنهـ ـى حديثه المتخا’بث متوا’قحًا مثيـ ـرًا ثو’ران الآخر الذي أشـ ـتعلت نير’ان الغير’ة قلبه ليصر’خ بهِ عبر الهاتف متو’عدًا لهُ بقوله:
_اقسم بالله العظيم لو عرفت إن إيدك الـ**** دي لمـ ـستها لهكون شا’رب مِن د’مك يا *** يا جبا’ن، صحيح ما أنتَ لو را’جل مش هتسـ ـتخبى زي الحر’يم كدا وتقعد ترا’زي فكُل واحد شوية بس هنقول إيه بقى غير إنك ***، وعلى بيا’ض بقى الليلة دي أوعدك إن مراتي هتبقى فحضني وأنتَ هتبقى تحـ ـت ر’جلي بدو’س على ر’قبتك بجز’متي اللي أغـ ـلى مِنك يا ر’خيص.
دام الصمت قليلًا بينهما بعد أن صر’خ “أحـمد” وثا’ر وغـ ـضب ليقطـ ـعهُ “جـمال” الذي أبتسم مجددًا وقال:
_وأنا حابب إننا نتقابل طبعًا ونشوف مين فينا اللي هيخرج سلـ ـيم مِن هنا، أنا، ولا أنتَ وحبايبك.
أنهـ ـى حديثه ثم أبتسم بسمةٌ حقيـ ـرة وأغـ ـلق المكالمة بوجهه دون أن يتحدث بحرفٍ زائد عن ما قاله تاركًا الآخر تشتـ ـعل أودجته غـ ـضبًا بعد أن شعر بأن الخطـ ـر يحو’م حول زوجته آ’بيًا تركها، ألتفت ينظر إلى أولاد عمومته بعد أن تو’عد لهُ على د’ماره وإعادة زوجته مِن جديد إلى أحضانه المحـ ـصنة التي أختر’قها عد’وه بحـ ـيّلُه الما’كرة تلك المرة متعد’يًا على ممتلـ ـكاته الخاصة..
_إيه اللي حصـ ـل؟.
هكذا سأله “عُـمير” متسائلًا يقـ ـطع هذا الصمت القائم بينهم كا’سرًا حِـ ـدة هذا الصمت المـ ـريب الذي ها’جم بيتهم الهادئ دون إنذ’ار، ترك “أحـمد” هاتفه على سطح الطاولة بإهما’لٍ وقال بنبرةٍ هادئة للغا’ية أصـ ـابت ريـ ـبتهم:
_ولا أي حاجة.
ظهرت إمارات التعجُب والاستنكار على أوجه الجميع، فمنذ دقائق كان يصر’خ بالآخر ويتو’عد إليهِ بالو’يل، والآن هادئًا وبشـ ـدة وكأن شيئًا لم يكُن، أنسـ ـحب “ليل” مِن بينهم منز’ويًا عن أعين الجميع وهو يقف في إحدى الأركان المظلـ ـمة يعبـ ـث في هاتفه لدقائق قليلة ثم أنتظر إجابة الطر’ف الآخر الذي لم يتأ’خر في الإجابة وكان مجيبًا إياه ليأتي قوله الهادئ مختـ ـلسًا النظر حوله حتى لا يسمعه أحدهم قائلًا:
_إجهز يا “شـهاب”، “جـمال” و’قع في المـ ـصيدة خلاص.
جملةٌ واحدة كانت كفيلة لتحريك العديد والعديد بداخلهِ، أنتظر هذه اللحظة بفرا’غ الصبر منذ عامٍ ونصف حتى تأتي إليهِ الآن على طبقٍ مِن ذهب تجعله يستعد لاستر’داد حـ ـقه مِن هذا الحـ ـقير المتخاذ’ل الذي طعـ ـنه بسـ ـيفُه غد’رًا في ظهره، أحتـ ـدت نظرته وهو ينظر في نقـ ـطة سو’د’اء غير مصدقٍ لِمَ تلقـ ـطه أُذُنيه قبل قليل، تسارعت وتيرة أنفا’سه وخرج الو’حش الكا’سر المد’فون بداخلهِ على أتم الاستعداد للانقضا’ض على فر’يسته دون ر’حمة أو شـ ـفقة..
_أستعد، “أحـمد” أتصل بيه عشان يهـ ـدده وشكل التهـ ـديد دا هيقـ ـلب جَـ ـد بجد لأنه حالف يرجعها النهاردة، أزاي حـ ـقيقي مش عارف، كل اللي أعرفه إنه هيرجعها النهاردة بس أجهز أنتَ أهـ ـم حاجة وهبعتلك التفا’صيل على الواتساب أول ما نتحرك هديك خبـ ـر … هانت يا صاحبي.
أنهـ ـى حديثه ومعهُ أنهـ ـى المكالمة بعد أن فعـ ـل ما أتفـ ـق كليهما عليهِ ليعود إليهم مِن جديد بكُل هدوء، فيما كان “شـهاب” في هذه اللحظة كما الذ’ئب الجا’ئع فقد رُ’فِعَت أمامه الر’ايا الحمـ ـراء لتجعله الآن على أتم الاستعداد للثأ’ر لنفسه على جميع ما حد’ث معهُ ومرّ بهِ كذلك وعا’ناه و’حيدًا، اقتربت مِنهُ “مَـرْيَم” تُرافقه في جلسته بعد أن أنهـ ـت إعداد الغداء ووضعته على سطح الطاولة لتراه شاردًا على غير العادة لتعقد ما بين حاجبيها تتسأله بنبرةٍ هادئة:
_مالك يا “شـهاب” سرحان كدا ليه ووشك قَـ ـلَب؟.
دقائق مِن الصمت التام بينهما، فيهم نظر إليها نظراتٍ تحمـ ـل في نفسها الثأ’ر والغـ ـضب والضيـ ـق، جاوبها حينما طا’لعته متعجبة بنبرةٍ هادئة ومتو’عدة:
_خلاص يا “مَـرْيَم” هانت، كلها كام ساعة وحـ ـقي يرجعلي، و’قع خلاص فشـ ـر أعما’له.
تر’قبت هي الرد مِنهُ حينما قالت بنبرةٍ هادئة:
_هو.
_بعينه، خـ ـلصت خلاص، حفـ ـر قبـ ـره بإيده وو’قع فيه وإحنا هنرد’مه النهاردة ونر’تاح كلنا مِن القر’ف دا ونعيـ ـش كويسين.
جاءها الرد القا’تل حينما أكـ ـد إليها شـ ـكوكها لتشعر هي بتضا’رب مشاعرها بين الخو’ف والرا’حة، السعادة والطمأ’نينة، نظرت إليهِ بعد أن أزد’ادت نبـ ـضات قلبها وقالت بنبرةٍ هادئة متر’قبة:
_بتتكلم بجد مش كدا؟ يعني خلاص، حيا’تك هترجع لطبيعتها.
نظر إليها هذه المرة حينما سَمِعَ نبرتها التي تحـ ـمل بُحَّة البُكاء ليبتسم بسمةٌ هادئة إليها يرى العبرات بدأت تلتـ ـمع في مُقلتيها ليَمُد كفه يُز’يلها برفقٍ بإبهامه ليجاوبها بنبرةٍ حنونة:
_هترجع إن شاء الله أحسن مِن الأول بكتير كمان، كفاية إنك كُنْتي الجزء الحلو فالضـ ـلمة اللي كانت محو’طاني ومش قا’در أتأقـ ـلم عليها، هتبدأ وتبدأ معاها كُل حاجة حلوة يا حبيبتي.
حركت رأسها برفقٍ لهُ وهي تنظر إليهِ بعينين ملتـ ـمعتين ليسير بإبهامه مِن جديد على جـ ـفنها لتُغمض هي عينيها مستشعرةً بلمـ ـسة كفه على وجهها، لذ’ة جديدة تستشعرها هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة، لذ’ةٌ مـ ـليئة بالد’فئ والحُبّ والرا’حة، لذ’ةٌ طا’ل إنتظارها حتى تكون بهذه الرا’حة والد’فئ، را’قبها هو بعينين تفـ ـيضُ مِن العشـ ـقِ ما يكفي، لأول مرة يرى را’حتها وهدوءها، زا’دت نبـ ـضات قلبه عا’ليًا وهو يُر’اقبها لتعـ ـلو الابتسامة ثغره فرحةً حينما نا’ل لذ’ة هذا الشعور..
ثوانٍ معدودة ونهض مِن مجلسهِ ليجاورها في جلستها ضاممًا إياها إلى د’فئ أحضانه يُلثم جبينها بِقْبّلة حنونة ممسِّدًا على خصلا’تها برفقٍ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_عارف إن مشاعرك متضا’ربة وجواكي صر’اع جا’مد مش عارفة تفر’ضي سيطـ ـرتك عليه، أنا لمَ ببقى كدا باخد قر’ار مخا’لف لجميع القر’ارات اللي بتكون بتحو’م جوايا، عارف إنك خا’يفة عليا مِن المو’اجهة دي ودا حـ ـقك طبعًا اللي حصـ ـل مكانش قُليل بس هطـ ـمنك، أنا هكون بخير يا حُبي متخا’فيش، هاخد حـ ـقي وأرجع عشان أر’تاح وأعرف أبدأها صح.
ر’فعت رأسها برفقٍ كي تُتيح لها الفرصة في رؤيته ليُبادلها هو نظرتها دون أن يتحدث منتظرًا جوابها على ما قاله، وصدقًا هي لم تتردد في ذلك ومنحتهُ بسمةٌ هادئة تسـ ـكُنها الرا’حة ثم تليها قولها:
_كل اللي محتاجاه تاخد بالك مِن نفسك، دا طلبي الأول والأخير عشان خاطري يا “شـهاب” لو بتحبني بجد أعمل بيه، أنا بحبك أوي ورسمت حياتي معاك عشان خاطري متبو’ظش كُل دا.
أتاها جوابه سر’يعًا حينما حرك رأسه برفقٍ موافقًا على حديثها بقوله الهادئ:
_أنتِ عارفة إني مبعرفش أقولك لا، عيو’ني ليكي يا جميلة.
أنهـ ـى حديثه مانحًا إياها بسمةٌ هادئة صا’فية ثم أبتعدت عنهُ قائلة:
_تسلملي عيونك الحلوين، يلا عشان تتغدا مش عمال تقولي جعان ومخليني بجري فالمطبخ عشان خاطر حضرتك.
أنهـ ـت حديثها بضـ ـيقٍ زا’ئف جعله يبتسم ويقم بالتقرب مِنها مانحًا إياها قْبّلة هادئة على خدها قائلًا بنبرةٍ هادئة تحـ ـمل في ثناياها الخـ ـبث:
_وماله، يعني ترضي تسيبيني جعان كدا مش هصعـ ـب عليكي وقلبك يحـ ـن وضميرك يأ’نبك.
نظرت إليهِ بطر’ف عينها نظرةٍ ذات معنى لتراه بدأ تخا’بثه ووقا’حته معها باكرًا وكأن النفـ ـسُ كانت تشتهي لتلك اللحظات حتى تحظى بها وتستأنس بكل لحظةٌ بها بجوار مَن تُحب، وعنها فلَم تكتفي بالصمت إجابة عليهِ ولذلك جاءه جوابها حينما نظرت لهُ وبيدها الملعقة تُقربها مِنهُ تُطعمه بنفسها قائلة بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_مقد’رش، أنتَ حبيبي مش هقد’ر أقسـ ـى ولا أديلك ضهـ ـري وأعمل نفسي مش واخدة بالي.
_لا لا كدا بدأنا نفهم أهو وتمشي معايا على الخط وعشان كدا لازم وضـ ـروري جدًا تاكلي دي مِني عشان مستغـ ـلهاش فرصة لصالحي.
هكذا جاوبها وهو يُمسك بالملعقة يملئها بالطعام ثم نظر إليها وقرّبها مِن فَمِها لتتناولها هي مِنهُ دون أن تُعا’رضه مبتسمة الوجه لترى بسمتهُ أتسـ ـعت برضا وبرفقتها عاد هذا الحبيب العا’شق الذي كانت تعتاد عليهِ منذ زمنٍ، تتعا’لى ضحكاتهما بين الفينة والأخرى يتبادلان أطر’اف الحديث في عدة مواضيع مختلفة، أراد أستغلا’ل تلك اللحظات بشتىٰ الطرق وهو برفقتها، فلا يعلم كليهما ما يخبئ القدر إليهم بعدها.
______________________
<“الإعتر’اف في وقتٍ باكر كنزٌ،
فأن تأتي باكرًا خيرٌ مِن أن تأتي متأخرًا.”>
ترددت عبارة _أن تأتي متأخرًا خيرٌ مِن ألا تأتي_ وفي حضرته كانت لها صياغٌ آخر يليقُ بهِ _أن تأتي باكرًا خيرٌ مِن أن تأتي متأخرًا_ فلا تعلم ما ينتظرك في الساعات المقبلة، لربما تكون مِن بينهم ساعة الحظ..
كان يجلس على إحدى طاولات الكافيه ينتظر قدومه وهو يشعر بالتو’تر الشـ ـديد لمرته الأولى فهذا المجلس سيكون جا’دًا بالنسبةِ لهُ ولا يعلم ماذا ينتظره في اللحظات القادمة وكيف ستتم رؤيته، خو’فٌ ليس لهُ حد’ود وعـ ـقلٌ لا يتوقف عن العمل طوال الليل حتى هذه اللحظة، ز’فر بعمـ ـقٍ وأغمض عينيه كي يحظى بالقليل مِن الر’احة النفـ ـسية والهدوء التي لطالما تمناه ولم يجده حوله، أصبح يشعر أنهُ غريبٌ في أر’ضٍ معلومة، تا’ئهٌ بين قطـ ـيعٍ معلوم الجميع يعلم ماهيته عداه حتى الآن لا يعلم أين هو ومَن يكون وكيف سيجد نفسه بين مئات البشـ ـر، وهذا في الأخير لم يمـ ـنعه مِن أن يسقـ ـط في مـ ـصيدة الحُب..
سقـ ـطت عيناه على رفيقه الذي خرج لتوه مِن المكتب مـ ـغلقًا الباب خلفه بعد أن مازح رفيقه ضاحكًا ليبدأ في الاقتراب مِنهُ بخطى هادئة مبتسم الوجه ليكون مشاركًا لهُ في جلسته قائلًا بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ هادئة:
_أديني فـ ـضيتلك نفسي يا عمّ عشان الموضوع بتاعك دا، قول بقى عايز تتكلم معايا فإيه أنا سامعك.
لا يعلم كيف يبدأ، شعر بالتيـ ـهة وأصبح يبحث عن مخر’جٍ واحد ليساعده على الخروج مِن هذا المسـ ـتنقع المظـ ـلم الذي سقـ ـط في بحو’ره دون أن يرى ويدري ما يحد’ث، حر’بٌ قو’ية نُشِـ ـبَت بداخلهِ جعلته لا يعلم كيف يبدأ وماذا يقول وبأي الكلمات يجب أن يفتتح بها حديثه المُلغـ ـم بالألغا’ز، أصا’به الاضطر’اب وأصبحت نظرته مهز’وزة ومتو’ترة، تضا’ربت وتيرة أنفا’سه وتندى جبينه برغم برو’دة الطقس مِن حولهم ولَكِنّ لم يمنـ ـعه ذلك مِن أن يبدأ في الإنحد’ار إلى مستنـ ـقعه المظـ ـلم..
تعجب “يـزيد” مِن حالته تلك فحتى الآن هو لم يَقُل شيئًا حتى يصـ ـيبه هذا التو’تر والخو’ف والقـ ـلق الذي يراه أمامه الآن، وبرغم ذلك هو مازال يعلم صديقه جيدًا ويشعر بما يَمُر بهِ مِن صرا’عاتٍ عـ ـنيفة واضطرا’باتٍ متو’حشة تلتـ ـهم صاحبها دون سابق إنذ’ار ولا شـ ـفقة، مد “يـزيد” كفه يحتضن كف صديقه مشـ ـددًا عليهِ برفقٍ وكأنه يد’عمه، تلك كانت الحركة الألطف والأحن لتقديم الدعم فقد كانت لها تأ’ثيرٌ كبير على المدى البعـ ـيد خلالها عَلِمَ “يـزيد” أنها ذات تأ’ثير كبير عليهِ..
_أهدى خالص وافتكر دايمًا إن أنتَ صاحب الحر’ب دي، فإيدك توقفها وفإيدك تخليها تكمل، أنتَ صاحب القر’ار دلوقتي، أهدى وخُد قر’ارك.
أنهـ ـى “يـزيد” حديثه الهادئ إلى رفيقه وهو ينظر إليهِ يرى إن كان سيُحدث حديثه فر’قًا الآن عليهِ أم سيخسـ ـر هذه الحر’ب الطا’حنة بداخلهِ، وعنهُ فلن يخـ ـسر تلك الحر’ب، لن يتقبل هز’يمته فقد كان دومًا عا’شقًا للفوز كيف يتقبل هز’يمته الآن وطبع الفوز بداخلهِ يأخذ حيـ ـزًا كبيرًا الآن، دام الصمت بينهما هُنية مِن الوقت فيها حاول “مُـهاب” البحث عنهُ والاستماع إلى الصوت الذي يروق إليهِ ويوافقه على ما يقوله، هذا الصوت الذي يُرضيه بشكلٍ لا وصف لهُ..
وبعد مرور القليل مِن الوقت.
هدأت الأو’ضاع وأحتـ ـل الصفاء عينيه المظـ ـلمة ورو’حه المنطـ ـفئة، نظر “مُـهاب” إلى صديقه الذي كان يتابعه منذ بداية المجلس والذي بدوره قال بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_أنتَ كويس يا صاحبي؟.
لحظاتٍ معدودة وحرك “مُـهاب” رأسه برفقٍ يُجيبه ويؤ’كد على حديثه ليشعر “يـزيد” بالرا’حة قليلًا حينما تلقى الرد المُراد، أبتـ ـلع غصته بتروٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_خليك عارف إنك واحد وبس، مفيش بديل ليك ولا هيكون، رأيك يتفر’ض على كل اللي جواك ويمشي سيـ ـف على رقا’ب الكُل، سـ ـيطر يا “مُـهاب” شوية حاول لمرة واحدة متطاو’عش وتكـ ـسر فأي حاجة حواليك أنتَ قبل ما تضـ ـر نفسك بتضـ ـر اللي حواليك، فكر فاللي حواليك وفنفسك ومفيش داعي لو جَت عليك لحظة معرفتش فيها تسيـ ـطر على نفسك وارد تحـ ـصل بس حاول متخليهاش تد’وم عشان الموضوع ميتصعـ ـبش أكتر.
شعر “مُـهاب” بالحز’ن على ما وصل إليهِ ومَن الذين أوصلوه إلى هذه المرحلة الصـ ـعبة التي فقـ ـد فيها السيـ ـطرة على نفسه، أغمض عينيه وتما’لك نفسه ليصمت ثوانٍ معدودة ثم قال بنبرةٍ هادئة:
_أول حاجة أنا بعتذرلك على اللي حصـ ـل مِن يومين، أنا بجد مَكُنْتش حا’سس بنفسي، أنا كُنْت مش در’يان بنفسي ولا بأي حاجة بعملها، اليوم دا كان ظهور نتيجتنا وكُنْت خا’يف أوي مِنها، لمَ جبتها محسـ ـتش بنفسي وكُنْت مبسوط أوي ومش مصدق، قومت أتنـ ـطط مِن الفرحة وبضحك ودموعي بتنز’ل، أول مرة أفرح أوي كدا وأحـ ـس بلذة الوصول والفرحة، فلحظة يا “يـزيد” أتقـ ـلب عليا لجحـ ـيم، فلحظة أقسم بالله سمعتهم بيتخا’نقوا بره وصوتهم بدأ يعـ ـلى، نقـ ـطة سو’دة محو’رية لغـ ـبطتلي كل حاجة، محستش بنفـ ـسي ولا باللي بعلمه لمَ صوتهم زا’د ز’يادة عن اللزو’م..
_خرجت وأنا سايب نفـ ـسي تعمل اللي هي عايزاه، سيبتها تتحرك بحُـ ـرية زي ما تحب وتعمل كُل اللي نفسها تعمله، بدأت أصر’خ فوشهم، بقولهم أسكتوا، كفاية، أنتوا ليه مبتتعبو’ش مِن الخنا’ق، حتى على أ’تفه الأسباب يا “يـزيد” بيتخا’نقوا، معملوش حسابي فأي حاجة على طول كُنْت بره حساباتهم، فكُل حاجة، إيه يعني لمَ نز’عق أنتَ هتمشينا على كيفك شوية شوية تقولنا أمتى نتكلم وأمتى نسكوت، مش بعيد تمشينا مِن البيت خالص وكلام جا’رح كتير أوي مع إني كُل اللي كُنْت بطلبه شوية هدوء بس مش أكتر، عايز أحـ ـس إني بني آدم بيتعمل حسابه مش مجرد حيو’ان عايش معاهم بياكل ويشرب بس وهما مُلز’مين يصر’فوا عليه، أنا مشوفتش مِنهم غير القسو’ة وبس يا “يـزيد” مشوفتش حنيتهم عليا ولا خو’فهم لو جرا’لي حاجة، كُل واحد كان بيسـ ـعى على حاجة مُعيَّنة بس عمرهم ما فكروا فيا لو دقيقة واحدة بس..
تحوَّ’لت نظرات “يـزيد” وتقا’سيم وجهه إلى الحز’ن والشفـ ـقة على صديقه الحبيب، كلماته قا’سية، ونظرته قا’تلة، ونبرته مُمـ ـيتة، رو’حٌ فا’رقت الجـ ـسد وتركته بلى مشاعر أو حياة، رأى القهـ ـر والحز’ن والعجـ ـز والأ’لم، تلقى المشاعر السـ ـلبية ولم ير’حموا قلبه المُعذ’ب، اضطر’بت أنفا’س “مُـهاب” وأهتـ ـزت نظرته وتضا’ربت مشاعره وتبعـ ـثر كيانه بلمـ ـح البصر وأصبح واحدٍ في أكثر مراحله ضـ ـعفًا وخـ ـيبة، واحدٍ تم قـ ـتله بكُل برو’د ولم يرأ’ف بحاله أحد، قام “يـزيد” بمؤ’ازرته والتخـ ـفيف عنهُ برغم علمه أن هذا ليس سهـ ـلًا على رو’حٍ نا’زفه تنتظر الإغا’ثة مِن بنـ ـي البشر الذين ولوا ظهورهم إليها وتركوها تلقـ ـى مـ ـصيرها الأبدي..
_كان نفسي أحس ولو بـ ١ فالـ ١٠٠ مِن حنيتهم، ١ فالـ ١٠٠ بس واللهِ مَكُنْتش طما’ع فأكتر مِن كدا بس هما مكانوش حنينين لا عليا ولا على أخويا، عايزين يمشونا على كيفهم زي العيال الصغيرة تعمل دا ودا لا، تتجوز دي عشان أنا عايزاها أنتَ ملكش رأي واجب عليك السمع والطا’عة زي العـ ـبيد كدا بالظبط، حياتي صـ ـعبة أوي يا صاحبي لدرجة أنتَ مش هتتخيلها بأما’نة، هما مش أسو’ياء وأنا طلعت زيهم، بس بحاول أعيـ ـش وأعمل الحاجات اللي نفسي أعيـ ـشها زيي زي أي واحد، نفسي أتحب زي ما بحب، نفسي أتشاف على إني مجـ ـني عليه مش جا/ني، على إني مطـ ـيع مش عا’صي، نفسي يفهموا بس إني أتظلـ ـمت وشوفت قسو’ة وجبـ ـروت، نفسي فحد يبقى بيعرف يدي وميستناش ياخد، محتاج جدًا لشخص كدا يديني وميستناش مقابل عشان أنا بأما’نة مش هعرف أدي وأنا لسه بنز’ف، عايز أتد’اوى عشان أعرف أعـ ـيش وأعرف أدي بالطريقة اللي يستحـ ـقها الشخص دا.
هكذا أنهـ ـى “مُـهاب” حديثه بنبرةٍ يا’ئسة ورو’حٌ فقـ ـدت الأمل بلا شـ ـك كان المتسـ ـبب بها بـ ـني البشر، أطـ ـلق “يـزيد” ز’فيرة قو’ية ونظر لهُ نظرةٍ هادئة وجاء سؤاله حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_وأنتَ هل لقيت الشخص دا ومش عارف تقوله ينجـ ـدك ولا لسه بتدور عليه ومش لاقيه؟.
شرد “مُـهاب” يتذكرها حينما جاءه سؤال رفيقه الذي ضر’ب أضـ ـعف الأصوات بداخلهِ دون أن يعلم، تذكرها وتذكر أول لقاء بينهما حينما كانت في حفل زفاف إبنة عمّها وكيف كانت جميلة وجذ’ابة وهو أصبح خا’ضعًا أمام قو’ة تلك الأعين التي أ’سرته وجعلت صورتها محفو’رة داخل ثنايا عقـ ـله وجد’ران قلبه، وفي المرةِ الثانية حينما قام بإنقا’ذها مِن ذاك السكـ ـير وكان في تلك الدقائق أمامها ضا’ئعًا، خصلاتها التي أثا’رت حنـ ـقها حينها وشكرها لهُ على إنقا’ذها ونسيانها لكونها برفقتهِ وفر’ت ها’ربة مِنهُ بعدما شعرت بنبـ ـضات قلبها تتعا’لى دون سابق إنذ’ار ولحاقه بها حتى يُعطيها كوبها يرى تو’ترها الذي أصا’به في إحدى المرات أمامها..
أدرك أنهُ حينها رأى نفسه بها، إنعكا’س صورته ظهر في مُقلتيها اللا’معة، ثوانٍ ولحظات وصلت معها لدقائق كانت الأقرب والأحب إلى قلبه، كلما تذكرها ورآها تَمُر أمام عينيه يسـ ـقط تركيزه بالكامل معها ولا يشعر بنفسه ولا بمَن حوله ويُصبح أمامها هذا المجذ’وب الذي لا يَمـ ـلُك إرادة سوى الإنجذ’اب إليها أكثر وأكثر حتى يسقـ ـط في مـ ـصيدتها وتنغـ ـلق عليهِ لا يجد سـ ـبيلًا للخروج، كان “يـزيد” يتابعه طيلة الوقت يرى تبدل تقا’سيم وجهه يرى أخرى أكثر ليـ ـنًا وحُبًا وهدوءًا حينما ذكر شريك الحياة خصيصًا ليعلم أن صديقه قد وجده ورسم حياته برفقتهِ حتى دون أن يعلم الجواب..
_ماذا أُسمي هذا الحُب؟_ هكذا سأل “مُـهاب” نفسه فمعها إنجذ’ب بطريقةٍ غريبة وسقـ ـط بطريقة أغرب وما رآه كان هذا هو سؤاله على نوعية هذا الحُب الذي يرآه ويعيـ ـشه لمرته الأولى، أتسـ ـعت بسمةُ “يـزيد” أكثر وقد جاء صوته الذي يحـ ـمل بُحَّةُ الخبـ ـث يسأله قائلًا:
_جرى إيه يا “مـو” سكت ليه؟ هي موجودة وأنا معرفش معقولة مكونش على خبر بحاجة زي دي؟.
نظر لهُ “مُـهاب” وهو يشعر بالتيـ ـهة والتخـ ـبط ليرى بسمةُ “يـزيد” الخـ ـبيثة تز’داد أتساعًا على ثغره ليتدارك نفسه سر’يعًا ويتهر’ب مِن حصا’ره بالابتعاد بنظره عنهُ وهو يُحاول الحفاظ على ماء وجهه بقوله متحججًا:
_متحلمش، مفيش حاجة على فكرة أنا بتخيل بس.
_يا و’اد يا لئيـ ـم عليا أنا برضوا، دا أنتَ عنيك فضـ ـحاك يالا مش عليا دا أنا جايبها مِن تحـ ـت أوي، قول مين هي وأنا مش هقول لحد … قول يا’ض عايز أفرح بيك اخلص بقى.
هكذا جاوبه “يـزيد” بنبرةٍ تحمل الخـ ـبث في طاياتها لتجعل “مُـهاب” يبتسم رغمًا عنهُ ها’ربًا مِن النظر إليهِ قائلًا مغلو’بًا على أمره:
_هقولك عشان عارفك ز’نان ومش هتسكوت غير لمَ تعرف.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر إليهِ مِن جديد متعهـ ـدًا على إخباره مثلما قر’ر بينه وبين نفسه ليقول بنبرةٍ هادئة:
_مبدأيًا أنتَ تعرفها أوي.
تعجب “يـزيد” وعقد ما بين حاجبيه وهو ينظر لهُ متسائلًا ليقول بنبرةٍ متعجبة:
_أنا !! هعرفها منين دي أنتَ هتلـ ـبسني مـ ـصيبة أنا خاطب يا عمّ.
أبتسم “مُـهاب” واعتدل في جلستهِ ينظر لهُ قائلًا بنبرةٍ هادئة جا’دة:
_ودا الموضوع اللي كُنْت عايز أكلمك فيه … “يـزيد” أنا بصراحة في واحدة مِن عيلتك بحبها، عارف إني هبقى مجـ ـنون فنظرك دلوقتي بس دا اللي حصل، هي يبان عليها مش سهـ ـلة ومعالم وشها حا’دة وشعرها قصير و..
قام “يـزيد” ببَتـ ـر بقية حديثه حينما قال بنبرةٍ مند’فعة مصد’ومًا:
_”جـويرية” !!.
_هي أسمها “جـويرية”؟.
هكذا رد عليهِ بسؤالٍ آخر ليأتيه سؤال آخر مِن “يـزيد” الذي قال متر’قبًا:
_شعرها لو’نه أسو’د صح؟.
_أيوه هي.
_أهر’ب بسرعة ومِن غير ما تسأل عشانك وعشان حياتك.
هكذا جاوبه “يـزيد” مند’فعًا يقوم بحس صديقه على الهر’ب بأسرع وقتٍ ممكن مِمَّ جعله يتعجب ويسأله قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أهر’ب ليه مش فاهم؟.
أعتدل “يـزيد” في جلستهِ وهو ينظر لهُ ليقول بنبرةٍ هادئة:
_”جـويرية” دي جبا’رة، دي شرشو’حة عيلتنا مبيهمهاش حد وبـ ـت سو’سة كدا ومش سهـ ـلة أسمع مِني أنا اللي بقولك أهر’ب.
تفا’جئ “مُـهاب” مِن حديث صديقه عليها والذي كان ينصـ ـحه بالهر’ب سريعًا قبل أن يسقـ ـط دون أن ينهض مرةٍ أخرى، وعن “مُـهاب” فقد أعجبه كثيرًا حديثه وجعله يتمـ ـسك بها أكثر فهو يُحب هذا النوع كثيرًا ويُحبذه ولذلك جاوبه مبتسم الوجه قائلًا:
_واهرب ليه أنا بحب النوع دا أوي، بصراحة وعلى بلا’طة عشان مبعرفش أخبـ ـي أنا شوفت نفسي فيها، شخصيتها هي شخصيتي المد’فونة ومش قا’درة تخرج، كُل ما بشوفها بشوف نفسي فيها وبحـ ـس بمشاعر كتير أوي قدامها ولاحظت عليها إنها بتكون كدا بس بتهر’ب، كُل ما بتشوفني بتهر’ب بجد مش عارف ليه وإيه السـ ـبب؟.
أنهـ ـى حديثه وهو يسأله جا’هلًا الإجابة بعد أن أفصـ ـح عن ما يكمُن بدا’خلهِ دون أن يُخـ ـبئ شيئًا آخر فهذه أثـ ـمن الفرص إليهِ ولذلك سيقوم بأستغلا’لها مهما كلفه الأمر، فيما أطـ ـلق “يـزيد” ز’فيرة قو’ية وقال بنبرةٍ هادئة للغا’ية يجاوبه على سؤاله:
_”مُـهاب” بُص “جـويرية” بجد زي ما قولتلك، مش ما’يعة ولا بتاعت بنا’ت اليومين دول هي جـ ـد جدًا ومبتهزرش ومش سـ ـهلة أقسم بالله وبتفهم الناس اللي حواليها أوي، هي بجانب باقي بنا’ت العيلة حـ ـقيقي ولا حاجة هي فكفـ ـة وهما فكفـ ـة، أنا بصراحة بستجد’عها وبرغم كدا طيبة ومبتكر’هش حد هي آه ر’خمة شوية ومبتسيبش حد غير لمَ تدا’يق فيه بس جد’عة أوي واللهِ، فيها حتة طيـ ـش شوية وساعات بتهـ ـب مِنها بس بتمشي يعني … أنتَ بصراحة فاجئتني يعني دونًا عنهم متلاقيش غيرها؟ بس أنا عمومًا هدي باباها خبـ ـر لو أنتَ عايز تاخد خطوة جـ ـد.
أطلـ ـق “مُـهاب” ز’فيرة قو’ية هذه المرة وقال بنبرةٍ هادئة موافقًا:
_ياريت تساعدني، أنا و’قعت بسرعة أوي معرفش أزاي بس زي ما قولتلك أنا لقيت نفسي فيها، هي دي اللي هتقد’ر تاخد بإيدي وتشـ ـدني، هتساعدني أوي، وأنا محتاج المساعدة دي، عشان أعرف أديها فالمقابل، تقد’ر تديني رقم والدها وتديه خبـ ـر وتعرفني عشان لمَ أكلمه أعرف أفتـ ـح الموضوع على طول مِن غير كلام كتير … وهطلب طلب مِنك، أول ما أتفق مع والدها عايزك تكون حاضر معايا القعدة دي أنا لو قولت لأبويا وأُمّي مش بعيد يو’لعوا فيا.
_بس هما لاز’م يعرفوا يا “مُـهاب” وييجوا معاك أنتَ بتتكلم أزاي؟.
هكذا رد عليهِ “يـزيد” متعجبًا ليأتيه الرد حاضرًا مِن رفيقه حينما جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال:
_أنا عارف إنهم هير’فضوا وهيفتـ ـحوا الحوار ويتخا’نقوا ودي عايزة تجوزي بنـ ـت أختها ودا عايز يجوزني بنـ ـت أخوه وليلة سودة، فهكلم خالي الكبير وهطلب مِنُه يحضر معايا هو ومراته هما بيحبوني أوي وعلى طول واخدين صفي وهما اللي نصروا “مصطفى” أخويا قدام بابا وماما وخلوه يتجوز اللي هو عايزها، أنا هكون قايل لوالدها طبعًا ومفهمه الوضع وأكيد هيمشي الحال.
دام الصمت بينهما قليلًا خلاله كان “يـزيد” يُفكر في حديث صديقه والآخر ينتظر تلقي الجواب بفر’اغ الصبر والخو’ف مرافقًا إياه فهذه آخر الحلول المتا’حة أمامه لا غيرها ويجب أن يلـ ـجأ لها حتى يستطيع المُضي قُدُمًا ومواصلة خط سيره، نظر لهُ “يـزيد” بعد لحظات وقال بنبرةٍ هادئة موافقًا:
_ماشي يا صاحبي اللي ير’يحك، هسيبها عليك وإن شاء الله تتـ ـيسر وتمشي معاك زي ما أنتَ عايز … هيعوضك قريب أوي.
أنهـ ـى حديثه مطـ ـمئنًا إياه بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه لتلـ ـين تقا’سيم وجه “مُـهاب” الذي أبتسم لهُ ونهض وانهض “يـزيد” معهُ ليقوم بمعانقته شاكرًا إياه على سماعه إليهِ ومساعدته فيما يسـ ـعى لهُ، أبتسم “يـزيد” وبادله عناقه بهدوءٍ ممسِّدًا على ظهره برفقٍ دون أن يتحدث متمنيًا لهُ السعادة والر’احة والاستقرار فهذا ما يُريده.
_______________________
<“تبجـ ـح المرء ليست قو’ته المعهو’دة أمام مَن يتخذ قو’ته في شخصيته.”>
صر’خاتٌ عا’لية وتحـ ـطيم وأصوات الإنكسا’ر يعـ ـلو في أرجاء المكان بعد أن جاءه ر’فضها الذي لم يكُن يتوقعه، ثا’ر وأصبح غا’ضبًا وبشـ ـدة فحديثها لم يروق لهُ بكل تأكيد، يُلـ ـقي عليها السُـ ـباب البذ’يء برغم أن كليهما أخوة ويجب أن يكون الحا’مي الأول لها ولَكِنّ أتخذ المسار الأصـ ـعب حينما تخـ ـلى عن مسؤ’وليته وحما’يته وشها’مته معها وألـ ـقى بها في الطُرُقات المظـ ـلمة في جو’ف الليل تاركًا إياها لمصيـ ـرها، وعنها فقد أبتعدت عنهُ تخـ ـتبئ في إحدى أركان المنزل بعد أن تلقت الغـ ـضب والصر’اخ والضر’ب مِنهُ دون سابق إنذ’ار حينما لم تقم بإرضاءه مثلما كان متوقعًا..
تركت صغيرتها على الأريكة ووضعت بعض الوسائد سريعًا على طر’فها ثم أستقامت في وقفتها وتركتها وأقتربت مِنهُ تُحاول تهـ ـدأته لتبتعد سر’يعًا بعدما ألقى الكو’ب الزجا’جي بعـ ـنفٍ على الأرض ليسـ ـقط بالطبع منكـ ـسرًا إلى أشلا’ءٍ صغيرة، وحينما سقـ ـطت عيناه عليها أقترب مِنها سريعًا يُمـ ـسك بخصلا’تها يجـ ـذبها مِنها بعـ ـنفٍ يشـ ـفي غـ ـليله مِنها لتعـ ـلو صر’خاتها المتأ’لمة ليُسرع هو في كـ ـمكمة فمها يكـ ـتم صر’خاتها ويُشـ ـدد مِن جـ ـذبه إلى خصلا’تها وهو يصر’خ عا’ليًا بها ينهر’ها قائلًا:
_جايالي مِن غير الفلوس يا رو’ح أُمّك !! جايه تعملي إيه مش قايلك سمـ ـسري مِن الشـ ـملول جوزك ١٠ بواكي، عايز أكـ ـيف د’ماغي هكـ ـيفها بإيه دلوقتي أنطـ ـقي !! فين الـ ١٠ بواكي يا بنـ ـت الـ***.
أنهـ ـى حديثه وهو يصر’خ عا’ليًا ثم قام بصـ ـفعها بكُل قو’ته لترن صوت صفـ ـعته إليها في المكان على أ’ثرها سقـ ـطت أرضًا وهي تصر’خ أ’لمًا وتبكي، شعرت بشيءٍ سا’ئل يخرج مِن أ’نفها لتضع يدها على أ’نفها تتلـ ـمسها ثم أبعدتها لترى د’ماءها، أ’لمها قلبها وأزد’اد الجر’ح بداخلها ومعها تسا’قطت عبراتها أكثر على صفحة وجهها فبعد أن تجا’هلت أتصالاته لأيامٍ قام بإرسال ر’جالٍ مسلـ ـحين يأخذونها حينما كانت تتنزه رفقة صغيرتها..
ر’فعت رأسها تنظر إليهِ نظرتٍ تملؤ’ها الكرا’هية تُطا’لعه لتقول بنبرةٍ غا’ضبة تصر’خ بهِ:
_أنتَ هتفضل طول عُمرك *** ومش را’جل … اللي يبعت رجا’لة لأخته ياخدوها بالطريقة دي عشان تجـ ـبرها تجيلك لحد هنا مستغـ ـل عد’م وجود “شـريف” دي متبقاش رجو’لة.
أنتفـ ـخت أودجته وتمَّـ ـلك الغضـ ـب مِنهُ لينحـ ـني بجذ’عه يُمسكها مرةٍ أخرى مِن خصلا’تها ير’فعها بدون ر’حمة لتصر’خ هي ممسكةً بكفه القا’بع على خصلا’تها تحاول إبعا’ده عنها لتسمعه يقول بنبرةٍ حا’دة متو’عدة:
_بقى أنا مش ر’اجل يا بـ ـنت الـ**** ورب العرش لوريكي.
أنهـ ـى حديثه وبدأ ينها’ل عليها بالضر’ب وإلقا’ء السُـ ـباب البذ’يء عليها وهي تصر’خ أ’لمًا علّ مِن مغيثٍ لها ينتـ ـشلها مِن جـ ـنون هذا الحـ ـقير معد’وم القـ ـلب والر’حمة، لا يشعر بنفسه فبات كالمغـ ـيب عـ ـقله عن الو’اقع تمامًا لا يعلم ماذا يفعل فكان تأ’ثير المُخد’ر على عـ ـقله أكبر مِن أي شيءٍ آخر، حاولت الفر’ار مِنهُ ولَكِنّ لم تستطع فكانت عا’جزة عن إبعا’ده عنها، تعا’لى صرا’خ الصغيرة وبكاءها بعدما أستمعت إلى صرا’خ والدتها وخالها الذي كان ينتو’ي على قـ ـتلها اليوم..
في خارج المنزل..
صفت سيارة “شـريف” بسر’عة البر’ق بعدما حاول مهاتفتها ولم يجد ردًا مِنها وحينما قر’ر تتـ ـبُع هاتفها وجدها في منزل هذا الحـ ـقير المدعو في الأوراق أنهُ أخيها، ترجل مِنها مسرعًا وركض تجاه المنزل ليستمع إلى صرا’خها العا’لِ تطلب النجـ ـدة مِن أي عابر سبيـ ـل يمر مِن أمام المنزل ليقف أمام النافذة ينظر إلى الداخل ليرى هذا المجـ ـنون يكاد يقتـ ـلها لتجـ ـحظ عينيه مصد’ومًا ولم ينتظر كثيرًا وبدأ ينظر حوله يبحث عن أي شيءٍ حوله كي يكـ ـسر بهِ النافذة ولَكِنّ لم يجد شيئًا يساعده ولذلك عاد إلى سيارته سريعًا يفتـ ـح صندوقها ليجد عصـ ـاه خشبـ ـية تُسمى في اللغة الدا’رجة _شو’مة_ أخذها وعاد سريعًا إلى المنزل..
وقف أمام النافذة ور’فع العـ ـصا عا’ليًا وأسقـ ـطها على النافذة الزجا’جية بعز’م قو’ته لتنكـ ـسر سريعًا ويُعد الكَرة مِن جديد لينكـ ـسر الجزء الآخر، أبعد بقايا الزجا’ج المكسو’ر ثم قـ ـفز إلى الداخل بخـ ـفة وركض تجاهه يجذ’به بعـ ـنفٍ عن زوجته يد’فعه بعيدًا عنهُ وهو ينظر لهُ بغضبٍ قد تمَّـ ـلك مِنهُ، أصتد’مت الآخر رأ’سه بالطاو’لة ليصر’خ متأ’لمًا ممسكًا بها، فيما نظر هو إلى زوجته وجلس على رُ’كبتيه بجوارها يُبعد خصلا’تها عن وجهها يتفـ ـحص وجهها الذي أعـ ـتلاه إمار’ات الزُ’عر والخو’ف ليرى نز’يف أنفها وفَمِها وو’تيرة أنفا’سها المتسا’رعة التي تدل على حالتها الآن..
سقـ ـط بصره على ذراعيها ليتفحـ ـصهما مذ’هولًا حينما رأى العلا’ما’ت الو’حشية التي كانت تضع وصمتها عليهما بعدما قامت بحما’ية وجهها وتركت بقية جسـ ـدها يتلقى الضر’بات القو’ية العنـ ـيفة مِنهُ دون أن تستطع الفـ ـرار مِنهُ، تمَّـ ـلك الغضـ ـب الشـ ـديد مِنهُ حينما رآها بهذه الحا’لة الصـ ـعبة ليضمها إلى د’فئ أحضانه مشد’دًا مِن ضمته إليها يفر’ض حصو’نه عليها ليسمعها تقول بنبرةٍ باكية مليـ ـئة بالشـ ـهقات المتتا’لية:
_هيمو’تني عشان خاطر الفلوس، عايزني أخد مِنك ١٠ بواكي وأديهومله عشان يكـ ـيف د’ماغه، بعت رجا’لة ياخدوني تحـ ـت التهـ ـديد.
أنهـ ـت حديثها وهي تنخر’ط أكثر في البكاء المر’ير الممز’وج بالأ’لم مِن جانبين، الجانب الجـ ـسدي ثم الجانب النفـ ـسي، أشتـ ـعلت النير’ان بداخلهِ لا شـ ـك في ذلك وأصبح لا يقد’ر على تما’لُك نفسه ليُبعدها عنهُ ينظر إلى الآخر الذي كان يتأ’لم لينهض مقتربًا مِنهُ بخطى و’اسعة منتو’يًا على الشـ ـر معهُ أسـ ـفل نظرات “ناهد” الباكية التي ز’حفت إلى الخلف تنظر إلى زوجها الذي أنحنـ ـى بجذ’عه العلو’ي إلى الأسفـ ـل جا’ذبًا الآخر بعنـ ـفٍ جاعلًا إياه ينهض..
وقف الآخر وهو ينظر لهُ بو’هنٍ ليقم “شـريف” بـ ـلكمه بعـ ـنفٍ في وجهه تليها أخرى تليها أخرى تاركًا الآخر يسـ ـقط أرضًا متأ’لمًا بعـ ـلو صوته، لم تُشـ ـفى نير’انه بعد بل كانت تزد’اد أكثر وأكثر ليقترب مِنهُ مِن جديد جا’ذبًا إياه وهو يصر’خ بهِ يأ’مره بالنهوض لينهض الآخر بجـ ـسدٍ وا’هن وعقـ ـلٌ ضا’ئع ليصر’خ بهِ “شـريف” بغـ ـضبٍ عا’رم كلما تذكر كيف أنها’ل عليها بالضر’بات القا’سية دون ر’حمة قائلًا بنبرةٍ غا’ضبة:
_دا جز’اتك يا ***، دي أقل حاجة ومش مكـ ـيفاني لسه، فاكر نفسك را’جل يالا دا أنتَ بأفعا’لك دي متمـ ـسش الرجو’لة بـ ١ فالـ ١٠٠ … بتبعت رجا’لة يكتـ ـفوا أختك يا *** ويجيبوها تحـ ـت التهـ ـديد عشان مردتش على واحد زيك بيستـ ـعين بيها فالفلوس وبس عشان يرضي نفسه الـ**** ويكيـ ـف د’ماغه على قفـ ـاها، يا شـ ـمام يا بتاع المخد’رات يا صا’يع.
أنهـ ـى حديثه الصا’رخ وهو يلـ ـكمه مِن جديد بعنفٍ وهو يشعر بالنيرا’ن تأكل صد’ره ولا تنطـ ـفئ بل يزد’اد لهيـ ـبها كُل دقيقة، سـ ـقط الآخر كالجـ ـثة الها’مدة بعدما تلقى ضر’بات “شـريف” القو’ية التي أخرج فيها كُل غـ ـضبه المكبو’ت يثأ’ر لزوجته، وكانت هي حاضرة ترى أخيها يتم ضر’به مِن قِبَل زوجها الذي أصبح شخصٍ آخر حينما رآى ما حـ ـل بها على يد هذا الغو’ل المتو’حش عد’يم الر’حمة والمرو’ءة، أبتعد عنهُ “شـريف”حينما أستمع إلى صوت “ناهد” الباكِ ليعود لها محاولًا عد’م الإنحد’ار إلى ما تسو’له لهُ نفسه ليقف أمامها ماددًا كفه إليها..
ر’فعت رأسها تنظر إليهِ بوجهٍ باكِ دون أن تتحدث وتركت لهما يفصحان عمَّ تشعر هي بهِ مِن أ’لمٍ لينظر إلى عينيها يُشجـ ـعها ويُخبرها أنهُ بجوارها، لن يتخـ ـلى عنها ولن يسـ ـمح لأحدٍ بأن يقترب مِنها مهما حد’ث، نظراتٌ صاد’قة وأحاديثٌ صامتة بينهما كانت قائمة، مدت كفها تقبـ ـض على كفه ليجذ’بها برفقٍ إليهِ لتنهض هي مكسو’رة الخاطر والرو’حُ كذلك فلم تكُن تتوقع أن يفعل بها هكذا لمجرد أنها ر’فضت سر’قة زوجها مثلما كان يُريد وتعطيه بعدها النقود، نظر هو إليها ليرى كسـ ـرتها وبصرها المثـ ـبت على الأرض والعبرات التي تأ’بى السقو’ط حتى لا تُعـ ـلن عن كسـ ـرة صاحبتها وخيبـ ـتها الكبيرة في أثنين بدلًا مِن واحدة..
جذ’بها برفقٍ إلى د’فئ أحضانه يضمها بقو’ةٍ بعدما ظن أنهُ سيخـ ـسرها فهي الوحيدة التي يجب أن تظل بجواره فقد وجد نفسه معها ورو’حه بها لن يقبل بفر’اقها مهما حد’ث، وضعت رأسها على صد’ره وضمته باكية بعد أن فقـ ـدت السيـ ـطرة في التحـ ـكم على نفسها وبعد أن أعـ ـلنت أستسلا’مها في حضرته، مسح هو بكفه على ظهرها بحنوٍ بعدما آ’لمه قلبه لرؤيتها بهذه الحا’لة الصـ ـعبة التي لم يتخيـ ـل يومًا بأن يراها بها، ألتفت برأسه إلى الآخر الذي كان سا’قطًا على أر’ضية المكان يتأ’لم يُطا’لعه بتو’عدٍ شـ ـديد فهذا لم يكفيه بعد ومازال يشعر أنهُ لم يُرضي نفسه في رد حـ ـق زوجته ومازال هناك الكثير ليفعله معهُ..
أبعدها “شـريف” عنهُ محاوطًا شطـ ـري وجهها بكفيه وهو يُز’يل عبراتها عن صفحة وجهها بإبهاميه ناظرًا إليها ثم قام يُلثم جبينها بقْبّلة حنونة وكأنه يعتذر إليها على شيءٍ لم يكترفه هو ثم تركها وذهب إلى صغيرته التي كانت يبدو أنها تبكي كذلك ليحـ ـملها بين كفيه محاوطًا إياها بذراعه يُلثم وجنتها الصغيرة يُز’يل أ’ثار عبراتها عن صفحة وجهها ثم عاد إلى زوجته يضمها بذراعه الآخر إلى د’فئ أحضانه ناظرًا إلى الآخر الذي كان يُتابعه بو’هنٍ ليقول بنبرةٍ حا’دة متو’عدة:
_حسا’بنا لسه مخلصش، متفتكرش إني كدا هسكوت لا يا حبيبي مش أنا، نا’ري مبتـ ـطفيش بالبو’كسين دول، هلـ ـففك حوالين نفسك يا وا’طي وبينا المحا’كم، خلي المخد’رات تنفعك يا حـ ـيلتها، شـ ـمام صحيح.
أنهـ ـى حديثه وهو ير’ميه بنظراتٍ مشـ ـمئزة ثم تركه مُـ ـلقى و’حيدًا في المنزل بعد أن أخذ زوجته وصغيرته وخرج، أتجه بها إلى السيارة ليقم بفتـ ـح الباب الأمامي إليها وهو ينظر إلى المنزل خلفه متو’عدًا إليهِ، أغـ ـلق الباب خلفها ثم ألتفت إلى الجهة الأخرى يضع صغيرته في الخلف على المقعد المخصص للأطفال الصغار ثم أحكـ ـم حز’ام الأ’مان عليها ومنحها قْبّلة حنونة ثم أغـ ـلق الباب واستقر بجوار “ناهد” مديرًا سيارته متحركًا مِن المكان دون أن يتحدث..
وقد كانت تلتزم الصمت طيلة الطريق لا تتحدث، عبراتها تتسا’قط بلا توقف وقلبها تحتر’قه النير’ان بداخلهِ دون أن تنـ ـطفئ، فيما كان لا يروقه حالتها تلك وأراد أن يفعل أكثر مِن ذلك حتى تعود لمـ ـعة عينيها التي قام هذا الحـ ـقير بإطفا’ءها بما فعله بها، لم تسأل كيف وصل إليها لم تتحدث في أي شيءٍ كما توقع بل فاجئته بالصمت طيلة الوقت لا تتحدث أو تنظر إليهِ وكأنها أر’تكبت جُر’مًا مشهو’دًا في حـ ـقه..
أختـ ـلس النظر إليها بطر’ف عينه يرى حا’لها الذي لاز’مها منذ وقتٍ، أطـ ـلق ز’فيرة قو’ية وهو لا يعلم ماذا يفعل فثمة أفكا’رٌ شيطا’نية كثيرة تجعله ينحد’ر إلى قا’عٍ يُحاول عد’م الاقتراب مِنهُ مهما كلفهُ الأ’مر، هو يعلم نفسه إن تركها فستر’ميه إلى الهلا’ك بدون عودة، نظر إليها مِن جديد بطر’ف عينيه ليَمُد كفه الأ’يمن تجاه كفها الأ’يسر يُعانقه مشـ ـددًا على قبـ ـضتهِ دون أن يتحدث، أستفاقت هي على لمـ ـسته إليها لتنظر لهُ بعينين ملتـ ـمعتين تحاول تما’لُك نفسها قدر المستطاع حتى لا تنها’ر أمامه ولَكِنّ كلما نظرت في عينيه أرادت الانهيا’ر أمامه والصر’اخ عمَّ يؤ’لمها حتى تهدأ رو’حها المعذ’بة ولو قليلًا فقط..
أشار إليها بعينيه دون أن يتحدث لتترك هي نفسها وتترك عبراتها تتسا’قط على صفحة وجهها كالشلا’لات المنهمـ ـرة تنخر’ط في البكاء المر’ير مر’تميةً داخل أحضانه التي كانت رفيقتها دومًا، لم يبخـ ـل عليها ولم يُفكر مرتين وحاوطها بذراعه يضمها ما’سحًا على خصلا’تها السو’د’اء تاركًا إياها تبكي علّها تهدأ وتنطـ ـفئ نير’انها، لم يُحب رؤيتها يومًا بتلك الحا’لة ولَكِنّ كانت تجارب الحياة أكبر مِنهما بلا شـ ـك ولقنـ ـتهما دروسٍ قا’سية في الحياة مِن أقرب الأشخاص إليهما وكانت تلك كفيلة بأن تجعله شخصٌ آخر أكثر قو’ة وقسو’ة مع مَن هم كذلك..
ضر’بةٌ قو’ية عليها وهو معتر’فٌ بهذا ولَكِنّ ستُعلمها الكثير والكثير، مثلما علمته مِن قبل أن لا أحد آ’منًا وجميعهم خـ ـطرًا كبير وَجَبَ تفا’ديه قدر المستطاع، شـ ـدد مِن ضمته إليها وتركها حتى تهدأ رو’حها المعذ’بة قليلًا وتخـ ـمُد نير’انها قليلًا.
________________________
<“لحظةٌ واحدة يقم المرء باستغلا’لها،
لحظةٌ واحدة أراد فيها النجا’ة حـ ـيًا.”>
لحظةٌ واحدة إما أن تنـ ـصف صاحبها أو تخذ’له..
لحظةٌ واحدة بها يتعـ ـلق مـ ـصير وحياة شخصٍ بر’يء، طـ ـيرٌ أراد الحُـ ـرية دون أن تُفر’ض عليه أيُ قيو’دٍ تحـ ـكُم حركته، وكانت إرادة الحياة أكبر مِنهُ ومِن كُل شيء..
كانت تجلس على أر’ضية المكان تستند بظهرها على الجد’ار المتواجد خـ ـلفها منكـ ـمشةٌ على نفسها بسـ ـبب بر’ودة المكان مِن حولها تُحاول أن تحظى بالقليل مِن الد’فئ دون أيا فائدة كما المتو’قع، فبعد أن ولج إليها رفـ ـضت أن يتم تكـ ـبيلها فقد شعرت بالأ’لم لجلوسها محـ ـكمة بقيو’دٍ لساعاتٍ طو’يلة والآخر قد وافق وهو لا ينتو’ي على خيرٍ البتة فقد كان ير’ميها بنظراتٍ و’قحة أشمئـ ـزت هي مِنها وأنز’وت بنفسها بعيدًا عن أعينهم حتى ترى إلى متى ستظل هنا..
كانت تشعر باليأ’س الشـ ـديد بعدما أخذ جميع أغراضها مِنها بالطبـ ـع لتظل جالسة طيلة الوقت تُفكر في عائلتها، شقيقتيها ووالدها ووالدتها، زوجها الذي بالطبع سيُصا’ب بالجـ ـنون وصغيرها الحبيب الذي بالتأكيد يشتا’ق إليها ويُريدها بجواره، ر’فعت كفها تُعيد خصلا’تها الحمـ ـراء إلى الخلف شاردة الذهن حتى تذكرت أمرًا ها’مًا، كيف لها أن تنسى شيئًا كهذا طيلة الوقت ولم يخـ ـطر على عقـ ـلها، تذكرت أنها تمـ ـلُك هاتفًا آخر صغيرًا للغا’ية يأتي حجـ ـمه بحجم الإصـ ـبع تقريبًا تجعله معها للحا’لات الطا’رئة وتُبقيه بعـ ـيدًا عن حقيبتها..
سارت بكفيها تتفحص جيوب بِنطالها ثم سترتها الثقـ ـيلة لتجد جميعهم فا’رغين، قامت بشـ ـد سحا’ب سترتها إلى الأسـ ـفل قليلًا ثم تفحصت الجيب الد’اخلي لها لتشعر بشيءٍ صغير بداخلهِ، تهـ ـللت أساريرها لتُخرجه سريعًا تنظر لهُ مبتسمة الوجه وغمـ ـرتها السعادة فقد تناست أمره ولم تتذكر إلا في هذه اللحظة، أغـ ـلقت السحا’ب مِن جديد ثم أختـ ـلست النظر حولها بتفـ ـحصٍ لتجد أنها و’حيدة في هذه الغرفة ولذلك سا’رعت في فـ ـتح الهاتف الذي قد أغـ ـلقت صوته وكتبت عدة أرقام ثم وضعته على أذنها تنتظر تلقي رد الآخر..
كانت تدعو أن يُجيبها “أحـمد” فهي تعلم أنه لا يُجيب على الأرقام المجهو’لة بسهولة ولَكِنّ في مثل هذه الموا’قف يجب أن يُجيب على أيُ رقمٍ سيُهاتفه، وبالطبع لم يأتي الرد لتز’فر وتعاود مهاتفه داعيةً بداخلها أن يُجيب، ثوانٍ مِن الرنين المتواصل ليأتيها جوابه لتسعد بشـ ـدة حينما أجابها لتجاوبه بنبرةٍ خا’فتة للغا’ية تقول:
_”أحـمد” أنا “مـسك”.
أصا’بته الصد’مة بلا شـ ـك فلم يكُن يتو’قع أن تُهاتفه هي بنفسها وظن أنهُ هذا الحـ ـقير المدعو “جـمال” ليسمعها تُكمل حديثها بنفس النبرة قائلة:
_أنا بكلمك مِن موبايلي الصغير اللي بيكون معايا على طول، أنا ممعيش وقت كتير ممكن حد يدخل دلوقتي أنا فمكان غريب أوي معرفش فين بالظبط، هو بعيـ ـد شوية على حسب علمي بس في شبا’ك شوفت إن في كنيـ ـسة جنبي بس معرفش أسم الكنيـ ـسة هو على طر’يق في صوت عربيات بيروح وييجي، دا كل اللي أعرفه حاول تد’ور عليا … وخلي بالك هما شكلهم كتيـ ـر هنا على حسب علمي ر’ئيسهم أسمه “جـمال”، متتأخرش عشان خاطري يا “أحـمد” أنا بجد خا’يفة أوي مِن اللي أسمه “جـمال” ده نظراته مش مطـ ـمناني معرفش بجد بيفكر فإيه وعايز إيه.
كان يستمع إليها يُحاول إيجاد هذا المكان الذي يحتوي على هذه المواصفات ليقول بنبرةٍ هادئة متسائلًا:
_طب حاولي تقوليلي أكتر عن مكانك لو في حاجة تانية تقدري تعرفيها وتقوليلي عليها، دوري حواليكي جايز تلاقي حاجة تميز المكان دا؟.
نظرت هي حولها ثم نهضت تبحث حولها عن أيُ شيءٍ لتسمعه يقول بنبرةٍ هادئة متو’ترة ومتسائلة:
_”مـسك” أنتِ كويسة بجد؟.
_طول ما أنا هنا صدقني مش كويسة، أنا بحـ ـس إني فخـ ـطر كُل يوم وعلى طول خا’يفة.
هكذا أجابته بنبرةٍ هادئة للغا’ية وهي مازالت تبحث لتسمعه يقول بنبرةٍ هادئة للغا’ية:
_أوعدك الليلة دي مش هتعـ ـدي غير وأنتِ فحضني، مش هسـ ـمحله يئذ’يكي بأي طريقة، وعد هكون عندك النهاردة.
كادت ستتحدث وتُجيبه ولَكِنّ أوقفها صوت أحد أعو’ان “جـمال” يتحدث في الخارج في أمرٍ ها’م ولذلك أنز’لت الهاتف عن أُذُنها وأقتربت مِن الباب بخطى هادئة للغا’ية دون أن تُصدر صوتًا تقف خلفه تستمع إلى حديثهم سويًا ليأتي قول أحد أعو’انه بنبرةٍ جا’دة:
_هتعمل إيه يا “جـمال”؟ البـ ـت دي هتفضل هنا لحد أمتى؟.
نظر إليهِ “جـمال” وأجابه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_لحد ما الشـ ـملول جوزها ينفـ ـذ كُل حاجة طلبتها مِنُه، أنا حا’طط عيـ ـن عليه تنقـ ـلي أخبا’ره كُلها، يا يز’رع القنا’بل دي فالاما’كن اللي حـ ـددتها، يا يز’رعها لمراته وترو’ح.
جحـ ـظت عينيها بصد’مةٍ كبرى وهي تستمع إلى حديثهم فهو يد’فعه لإر’تكا’ب جرا’ئم الإر’ها’ب في الأماكن التا’بعة إليهم والتي لا يقد’رون هم الوصول إليها وكانت هي الأد’اة إليهم لإجبا’ره على فعل ذلك، سمعتهم مِن جديد حينما قال أحد أعو’انه:
_طب نفضل هنا ولا ننـ ـقلها مخزن الحج “أبو سمـ ـرة” أحسن عشان يبقى أ’مان أكتر بدل ما إحنا مر’مين فمخز’ن “مرقس” وحوالينا صـ ـحرا وبعدينا كميـ ـن يعني فأي لحظة ممكن نروح فدا’هية كُلنا.
_متخا’فش الحكو’مة مبتهو’بش هنا خالص يعني المكان أ’مان وأوي كمان.
هكذا رد “جـمال” عليهِ بنبرةٍ با’ردة، فيما كانت هي مصد’ومةٌ وبشـ ـدة مِمَّ أستمعت إليهِ فهذا ليس بأنسـ ـيٌ قط بل شيـ ـطانٌ يسير بينهم يفعل ما يحلو إليهِ لا يهتم لأحد سوى مصا’لحه الخا’صة فحسب، عادت إلى مكانها مِن جديد سريعًا تلتز’م مكانها وهي تضع الهاتف على أُذُنها تقول بنبرةٍ خا’فتة مزعو’رة:
_”أحـمد” أو’عى تعمل أي حاجة مِن اللي بيقولك عليها دي مش هيقد’ر يعملي أي حاجة، عشان خاطري بلاش تمشي وراه وتنفـ ـذله أي حاجة يقولك عليها الموضوع كبيـ ـر أوي وفي خـ ـطر عليك وعلى شغلك اللي بيقولك عليه دا عمل أر’ها’بي أوعى يا “أحـمد” أبوس إيدك لو بتحبني أنا وابنك بلاش بيهـ ـددك على الفاضي صدقني … وآه أنا عرفت المكان بالظبط بيقول مخز’ن أسمه مخز’ن “مرقس” جنبه كنيـ ـسة وفحتة صـ ـحرا وبعدينا بشوية كميـ ـن ولو عرفت وجيت ملقتنيش هنا في مخز’ن تاني أسمه “أبو سمـ ـرة” تبع واحد مِنهم هتلاقيني هناك، عشان خاطري متتسر’عش يا “أحـمد” دا عايز يخر’ب الدنيا ويقوم حر’ب دا شـ ـيطان أنا سمعتهم بيتكلموا قريب مِني وميعرفوش إني معايا تليفون متحاولش تتصل بيا لو عرفت أنا أكلمك هكلمك ومتبيـ ـنلهوش إنك عرفت أي حاجة عشان خاطري هو ميعرفش إني معايا تليفون تاني، أتفقنا.
أنهـ ـت حديثها متأ’ملةً أن تتلقى الإجابة المُرادة بخو’فٍ يحتضن رو’حها فهي تعلم زوجها يفقـ ـد صو’ابه حينما يتعـ ـلق الأمر بها وبو’لديهما، أعطت كُل شيء وأنتظرت الإجابة التي جاءت إليها بكُل هدوء حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_هنفـ ـذ وعدي النهاردة زي ما أتفقنا، خـ ـلي بالك مِن نفسك أهمـ ـ حاجة وأتصر’في عادي عشان دا شـ ـيطان مبيتخد’عش بسهولة.
_أوعدني تاني إنك مس هتتهو’ر، أوعدني وقولي إنك مش هتنـ ـفذ كلامه ولا تسا’يسُه فأي حاجة بيقولك عليها.
هكذا جاوبته تتأمل في الحصول على مبتغاها بعدما تحشر’جت نبرة صوتها وحينما شعرت أنهُ يتهر’ب مِنها ليأتيها جوابه سريعًا حينما قال:
_وأنا مش عيـ ـل عشان يقولي أعمل دا وأقوله حاضر، أنا فاهم كويس هو عايز يعمل إيه وأنا مش هنا’وله اللي بيسعـ ـى عشانه مهما حـ ـصل، والعـ ـين اللي حا’ططها أتشا’لت مش هيعرف أي حاجة عنّي وهيفضل على نا’ر … وزي ما وعدتك هنفـ ـذ وعدي، خلي بالك مِن نفسك لحد ما أجيلك.
أبتسمت بعدما تسا’قطت العبرات على صفحة وجهها لتقول بنبرةٍ مهز’وزة:
_هستناك، متتأخرش.
أبتسم هو وقال بنبرةٍ هادئة يودعها:
_لا إله إلا الله.
_محمد رسول الله.
هكذا جاوبته بنبرةٍ باكية مبتسمة الوجه ثم أنهـ ـت المكالمة وهي تنظر إلى رقمه الذي كان يُزين الشاشة لتشعر بالأ’لم في هذه اللحظة فلأول مرة تفا’رقه بهذه الطريقة ولا تعلم عنهُ شيئًا، أ’لمها الفرا’ق بشـ ـدة وجعلها تبغـ ـضه وتبغـ ـض التعلُـ ـق بأي شيءٍ يُسـ ـبب الأ’لم عند ر’حيله في النها’ية، أزا’لت عبراتها عن صفحة وجهها بكفها جيدًا وحاولت تما’لُك نفسها سر’يعًا ثم وضعت الهاتف مثلما كان وجلست تنتظر قدومه كما وعدها قبل قليل..
وبعد مرور الوقت..
كان “أحـمد” يقود سيارته متجهًا إلى هذا المخر’ن بعدما وصلته المعلوما’ت الكاملة عن هذا المكان ويجاوره “حُـذيفة” الذي كان يو’صي بعد’م مرور أيُ سيارة هُناك إلا بتفتـ ـيشها جيدًا وإجراء فحـ ـصًا سريعًا على المكان هُناك، وفي الخلف يجلس “علي” الذي كان يجاوره “ليل” الذي كان يُهاتف “شـهاب” الذي جاوبه في النها’ية وتم تأكيد الأمر عليهِ لمجيئه بعد أن سـ ـقط “جـمال” في حفـ ـرته بدون أن يخر’ج مِن جديد بكُل تأكيد..
ساعة ونصف مرت وصل فيها “أحـمد” إلى وجهته المنشو’دة في جو’ف الليل مترجلًا سيارته ينظر إلى المكان مِن حوله ومعهُ أولاد عمومته الذين تفـ ـحصوا المكان مِن حولهم ليأتي بعد ثوانٍ سؤال “علي” الذي قال:
_هي دي الكنـ ـيسة اللي قصدها عليها؟ ممكن متكونش هي.
_لا هي أنا متأكد، المخز’ن جنبها أهو وهما أكدولي على المكان.
هكذا جاوبه “أحـمد” وهو ينظر إلى المخز’ن يرى حا’رسين على بابه ليقوم هو بإخر’اج سلا’حه مِن جيب بِنطاله بكُل هدوء مبتعدًا عنهم بمسافة وجيزة ليقف في منتصف المسافة مصو’بًا سلا’حه نحو الأول لينتظر لحظاتٍ قليلة ليقم بعدها بضر’ب أولى ر’صا’صاته لتختر’ق الأول ثم بعدها كانت تُصـ ـيب الثاني دون أن يصدُ’ر صوتًا ليشعر بالرا’حة تغمُـ ـر صد’ره وهو يراهما مُـ ـلقيان أرضًا فقد تم أمـ ـرهم بإحضارهم سواءًا كانوا أحـ ـياء أو أمـ ـوات..
ألتفت عائدًا إلى أولاد عمومته مِن جديد ليجاورهم في وقفتهم قائلًا بنبرةٍ با’ردة:
_كدا هنعرف ندخل بسهولة.
أنهـ ـى حديثه وهو ينظر إلى المخز’ن متو’عدًا بالهلا’ك الممـ ـيت لـ “جـمال”، ستكون ليلةٌ قا’سية بلا شـ ـك عليهِ.
___________________________
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)