روايات

رواية حرب سقطت راءها الفصل الثالث 3 بقلم نور زيزو

رواية حرب سقطت راءها الفصل الثالث 3 بقلم نور زيزو

رواية حرب سقطت راءها البارت الثالث

رواية حرب سقطت راءها الجزء الثالث

حرب سقطت راءها
حرب سقطت راءها

رواية حرب سقطت راءها الحلقة الثالثة

” طفـــــــــلة بيــــن مخـــــالب الشـــر ”
[[قلوب لا تعرف الرحمة حتى وإن كان الضحية طفلة لا تفقه شيء فى عالمهم ]]

فتح باب الشقة ليرى “قُدس” تقف أمامه متوترة وعينيها تتحاشي النظر إليه من الخجل ووجنتيها حمراء كالفراولة من حياءها ، سألها بدهشة من قدومها إلى شقته لأول مرة:-
_ فى حاجة يا قُدس؟

_ ممكن اتكلم معاك، أنا عندي مشكلة ؟
قالتها بتلعثم شديد ، نظر إلى أرتجفها وعلم أنها تخفي شيء كارثي فقال بحدة:-
_ طب أطلعي فوق وأنا هغير هدومي وأجيلك

أستدار ودلف إلى الداخل رافضًا دخولها إلى شقته باتًا ورأسه تشعر بدروان خفيف ورعشة فى جسده أعتبرها من الأرهاق، لكنه صُدم عندما سمع صوت غلق الباب وهى خلفه تتحدث قائلة:-
_ أبيه

ألتف بدهشة من دخولها إلى شقته وهو يعيش وحده وأقترب منها غاضبًا يقول:-
_ أطلعي برا، وقولتلك هجيلكِ

وقفت خلف الباب بعنادٍ وتحدٍ وهى تعلم أنه لن يلمسها أبدًا وقالت بشجاعة تغمرها بقوة:-
_ أبيه أنا بحبك

فزع من كلمتها وأتسعت عينيه بصدمة ألجمته ليعود خطوة للخلف وعينيه تحدق بعينيها الخضراء بصدمة وكأن كل أطرافه شلت مكانها من كلمتها وكلماته رفضت الخروج من حلقه من شدة الصدمة وكأن الشمس ظهرت من الغرب الآن، تحدثت بصدمة :-
_ أي؟

تخلت عن الباب بظهرها وأقتربت نحوه بضعف وقلبها يسيطر عليها الآن بخفقانه المجنون لأجله وقالت بدفء ونبرة صادقة بريئة:-
_ بحبك

أتسعت عينيه على مصراعيها من هول الصدمة التى ألجمته وجمدت لسانه، أرتجف صدره بقشعريرة الأشمئزاز وعينيه تحملق بها بقوة ثم قال مُتلعثمًا من ربكته:-
_ إنتِ واعية إنتِ بتقولي اى؟

هزت رأسها بنعم موافقة على هذا الحديث واعية بعقلها بما يتفوه به لسانها، دقات قلبها تخفق بجنون بين ضلوعها الصغيرة ثم وضعت يديها على صدره بدلال تقول:-
_ واعية جدًا يا ابيه جارحي، أنا بحبك وكل دقة فى قلبي مجنونة بيك وعقلي مبيفكرش غير فيك

ضحك ساخرًا وهو يقول:-
_ ولازمتها أى ابيه وسط القرف اللى بتقوليه دى يا قُدس هانم

_ يا أبيه أنا

وضع سبابته فى وجهها يمنعها من الحديث بتحذير وعينيه يتطاير منها الشر نحو الفتاة الصغيرة وقال مُقاطعًا إياها:-
_ بلا ابيه بلا زفت، أنا لو سمعتك بتقولي الكلام دا تاني هقطم رقبتك مبقاش ألا حتة عيلة مفعوسة زيك تتكلم عن الحُب والغرام

نزعت سترتها عن جسدها الضئيل لتظهر فستانها الأزرق القصير الضيق على جسدها يظهر مفاتن جسدها الطفولي وهى فتاة لم تتجاوز السادسة عشر عامًا فى عرين مراهقتها وشعرها الأسود الحريري مُسدول على الجانبين يزيدها جمالًا، اتسعت عينيه على مصراعيها أكثر من تصرفها وهى تحاول إغراءه بجسدها فأقترب نحوها بعد أن انحنى يجلب السترة ليُلبسها إياها من جديد لكن من إنحناءه شعر بدوران فى رأسه ليمسك ذراعها من الصداع فسألته بقلق:-
_أبيه جارحي… أنت كويس؟؟

_قُدس!!!
قالها بتلعثم وصوت مبحوح مع أنفاسه العالية التى تشق طريقها للخروج فنظر إلى كأس العصير وتذكر عصير الفراولة الذي قدمه “عماد” لها وحديثه عن الزاوج بها بالاكراه وجسده الذي يحترق ، ليترجم عقله أن “عماد” صنع الفخ للصغيرةو وهو من وقع به، خدره بمنشط فدفعها بقوة قبل أن يفقد سيطرته كاملًا:-
_ أطلعي برا
دمعت عينيها بخوف من القلق عليه واقتربت أكثر وهى لا تفهم سبب هياج جسده وهو يفك أزرار قميصه من نار جسده، وضعت يدها على كتفه بقلق وتناديه قائلة:-
_ أبيه أنت كويس؟؟ أطلبلك الدكتور

صُدمت بفزع حين جذبها من ذراعها بقوة إلى احضانه بالقوة وهى تصرخ بذعر وخوف وتقول:-
_ أبيه… لا أنا قُدس…. أبيه أرجوك….

فتح عينيه بصعوبة من التعب ليُصدم عندما وجدها بجواره بفستانها الممزق وهو عاريًا والفتاة غائبة عن الوعي فتمتم بفزع:-
_ يا نهار أسود… قُدس.. قُدس

لم تُجيب عليه، ارتدى ملابسه سريعًا وحملها إلى المستشفي بخوف عليها هذه الفتاة الصغيرة التى تركها جده أمانة لديه حتى يخرج والدها من السجن، فتاة لم تبلغ السادسة عشر ذنبها الوحيد أنها وقعت فريسة فى طريق الجارحي صاحب الثلاثون عامًا، خرج الطبيب صديقه من الغرفة وقال:-
_ أنت اللى عملت فيها كدة؟
_هى حصلها اى؟
قالها “جارحي” بفزع ويديه ترتجف بقوة ليُجيب صديقه قائلًا:-
_ دا أغتصــ ـاب يا جارحي ولقاصر… أنت اللى عملت كدة؟؟

أتسعت عينيه وهو لم يرتكب جريمة بهذه البشاعة من قبل، تلوثت طاهرته بسبب غدر أحدهم الذي وضع المخدر له، أحدهم سلب طاهرته وسرق عذرية فتاة بريئة بطريقة بشعة فتمتم بغضب:-
_ هم!! محدش غيرهم عملها عائلة أبو النور اللى عملوها ولازم يدفعوا الثمن

_ ايوة بس فى بنت جوا أتعرضت لهتــ ـك عرض، وأنا للاسف بلغت البوليس يا جارحي…

قالها صديقه وهو لا يقوى على خيانة القسم الذي اقسم به من أجل صديقه، لم ينهي جملته سوى ووصل ضابط الشرطة أمامه يتهمه بجريمة لم يكن يومًا يرتكبها وهو ابن لأمام جامع وتخرج من جامعة الأزهر وحافظًا لكتاب الله لكن غدر البشر اصابه بسهمٍ مسموم بالندالة والغدر والمكر…

فى الداخل كانت “قُدس” فى حالة صدمة وما حدث يتكرر أمامها بذعر ،سحبها بقوة إلى أحضانه وأنهل عليها بقبلات القوة وهى تترجاه أن يتوقف:-
_ أرجوك… أبيه أنا قُدس

لم تقوى على الصراخ بين يديه ويديه تسلل إلى سحاب فستانها لكنه كان يقاوم فدفعها من جديد بعيدًا عنه وقال بصعوبة بعد أن سقطت على الأرض من الوجع وحرارة جسده:-
_أهربي منى يا قُدس

حاول الفرار منه بخوف يتملكها الآن لكنه سحبها من جديد من قدميها وحملها رغمًا عنها ليتذوق شفتيها الناعمة يمنعها من الصراخ أو الحديث وقبضتيها الصغيرتين تضربه بقوة حتى أسقطتها على الفراش وبدأ يقبل عنقها ويقول:-
_ سامحيني… العصير السبب

_أبيه أنا قُدس حرااام
قالتها بضعف ودموعها تنزل على وجنتيها بحرارة وترتجف بقوة من قوته البدنية وجسدها الصغير ضعيفًا جدًا أمامها ، صرخت بفزع حين مزق فستانها….

بدأت تلهث بقوة حتى حقنتها الممرضة بالمهدأ وفهمت خبث “عماد” مع ذكرياتها وأنه من فعل هذه الكارثة وحتما وضع شيء فى العصير بقذرته لتجهش فى البكاء بقوة ….
دخل عليها ضابط الشرطة وقال بهدوء:-
_ عاملة أى دلوقت؟

لم تتحدث معه وأنكمشت فى ذاتها ليقول ببسمة خافتة:-
_ أنا هنا عشان أساعدك وأجبلك حقك من اللى أذاكِ

بدأت ترتجف بقوة وهى لم تفهم قدر الأذي الذي لحق بها، ألتف الجميع على صوت أرتطم شيء قوى وكان العسكرى سقط على الأرض من ركلت “الجارحي” ووجهه يتطاير منه الشر والغضب ألم يكفي ما حدث به وطاهرته الذي نجسها أخاه بقذرته والآن الصغيرة، تحدث الضابط بغضب سافر:-
_ أنت أتجننت أنت هنا مُتهم؟

_ أعلى ما فى خيالك أركبه
قالها بحدة صارمة ثم أقترب منها ولأول مرة يخالف مبادئه وطاهرته حين حملها على ذراعيه بملابس المستشفي ، تشبثت بعنقه بضعف رغم خوفها فوقف أمامه ضابط الشرطة يمنعه وقال:-
_ أنا هنا عشان أقبض عليكِ

رفع “الجارحي” رأسه بغرور شديد وقال بحدة صارمة لا يهاب شيء:-
_ أنا أسمي الجارحي أبو النور أنزل الأزهر أو الغورية وألف من يدلك عليا لكن دلوقت أنا لازم أرجع البيت ترتاح زى ما الدكتور أمر…. وهى أهم مليون مرة منك أو حتى من منى

أقترب ضابط الشرطة منه بعنادٍ وكطيف يسمح لمهتم بأن يأخذ المجنى عليها أو يتطاول عليه بالحديث فقال:-
_ أنت مكانك السجن

نظرت إليه بفزع وكيف يعاقب على شيء من غدر البشر ، من واجب عليه المعاقبة هو “عماد الدين” الذي ألحق بهم هذا الفخ فقالت بهمس وصوت مبحوح:-
_ بس هو معملش حاجة

نظر الضابط لها بدهشة وتنهد “الجارحي” بهدوء وعقله على وشك الأنفجار من هذا الذنب الذى أرتكبه ليسألها الضابط من جديد:-
_ مُتأكدة أن مش هو اللى عمل كدة؟ طب مين؟

دفنت رأسها فى عنقه بخوف من هذا الرجل الذي يتحدث عما حدث بلا مبالاة وهو كارثة لحقت بها؟ابعده “الجارحي” عن الطريق وقال:-
_ عن أذنك يا حضرة الضابط

لم تكن تريده أن يذهب للسجن كوالدها ويتركها كما تركها والدها وحيدة، فلن يبقي لها أحد، عاد بها للمنزل وكانت “هدير” أستيقظت وهكذا “وصيفة” ليخبرهم فأسرعوا لها وقالت “هدير”:-
_ حصل أى؟

كانت خائفة جدًا مما حدث وكيف تخبرهم بما حدث بها فقالت:-
_ مفيش أغمي عليا على السلم وأبيه وداني المستشفي

ضمتها “هدير” بلطف وأخذتها للداخل ، سحبتها من بين ذراعيها وهو يحدق بالصغيرة وما زال لا يُصدق بأن هذا حدث ولأول مرة تدخل بين أحضانه أو يلمس فتاة ، صعد كالمجنون إلى شقة والده وكان “عماد” يجلس على السفرة يتناول الإفطار فأنقض عليه يلكمه بقوة حتى نزفت الدماء من وجه “عماد الدين” من قوة “الجارحي” وضربته تحمل الوجع والأشمئزاز الذي بداخله، خرجت “خديجة” و”فؤاد” على صوت الشجار وصراخ “عماد” وصعدت “مديحة” و “وصيفة” على الصوت ، سحبه “فؤاد” بعيدًا عن أخاه وقال:-
_ فى أى أنت أتجننت يا جارحي؟

صراخ بالجميع وعقله لا يستوعب ما حدث:-
_ أنا اللى أتجننت ولا أبنك النجس هو اللى أتجنن ….

_ حصل أي؟
قالتها “مديحة” بفضول وخوف ليقول بعناد وهو يحدق بها:-
_ إنتِ السبب ، لكن لا، وعزة وجلالة الله ما هتجوزها يا عماد لو أنطبقت السماء على الأرض

نظر الجميع بذهول وعن من يتحدث فتنحنح “عماد” بخوف بعد صعود “حمدي” ليقول:-
_ أنت مالك يا جارحي؟

لكمه مرة أخرج وسط صراخ الجميع وقال:-
_ قُدس لا، أنت فاهم لو حكم الأمر أني أقتلك هقتلك لكن جواز من قُدس لا

أتسعت أعين الجميع وأولهم “حمدي” الذي صعق من الحديث وكيف لرجل فى نتصف الثلاثينات أن يرغب بزواج من طفلة فى السادسة عشر، دمعت عيني “الجارحي” بضعف وخوف من الأخرة وقال بتهكم:-
_ حرام عليكم… نجاستوني بزبالتكم ، وسختوني بذنب لو عيشت عمري كله أكفر عنه عمر ربنا ما هيسامحني يا شوية شياطين… لكن لا، وعزة وجلالة الله واللى خلقني وخلقكم لأدفعكم كلكم ثمن الذنب دا وما هيعز لا قريب ولا غالى لأني معزتش علي حد

غادر المكان ولم يفهم أحد على ما يتحدث وأى ذنب أرتكبه، لكن نظر الجميع إلى “حمدي” وهو يفكر فى شيء واحد زواج “عماد الدين” من “قُدس” وكيف فكر بها هكذا…..

____________________________

كانت حزينة وباهتة مما حدث ،لا تذهب لدروسها ولا مدرستها، منقطعة عن الطعام وسجينة غرفتها تدعي المرض، لا تعرف ماذا سيحل بها الآن؟ لا تتحدث مع أحد وتلاشت بسمتها العفوية وقتلت روحها البريئة ، حاولت “ليل” مرارًا أن تتحدث معها لكنها رفضت وكبحت حزنها ووجعها بداخلها، أم “الجارحي” كان يسمع أخبارها من “ليل” و”حمدي” فى الحديث دون أن يسأل حتى لا يلفت الأنظار له، يعلم أنها ضعيفة وحزينة ولم تتوقف عن البكاء وباتت ذابلة، لكنه لم يجرأ على الحديث معها أو الأطمئنان، خرجت من غرفتها بعد أسبوعين من الحادثة لأول مرة ولا تقوى قدميها على حملها لتقول:-
_ عمتو

نظرت “هدير” لها بحماس وفرحة تغمرها وأخيرة الصغيرة تحركت فقالت بلطف:-
_ يا روح عمتو ، تعالي يا قُدس

_ أنا عايزة أروح ازور بابا
قالتها بضعف ففهمت “هدير” أنها الآن لن تبوح لأحد سوى والدها، فأومأت إليها بنعم لتعود الصغيرة إلى غرفتها ……

__________________________
كان “عماد” جالسًا فى ملهي ليلي مع أصدقائه وحزين على فراقها وهو لم يلمح طيفها مُنذ أسبوعين وقال بوجع:-
_ وحشاني يا عادل

_ يا عم كبر دماغك العيلة كلها دلوقت عرفت وجدك وأبوك مستحيل يجوزهولك ، وبعدين ما حوالك البنات زى الرز ومن الجمال مفيش أتنين محبكتش يعنى فراشتك الصغيرة

ضربه “عماد” بضيق شديد وقال:-
_ يا غبي، البنات اليومين دول كلهم خاينين ومفهموش واحدة متلمستش لكن قُدس لسه بريئة متفهمش يعنى أى علاقة مع راجل ، دى أنا هأخدها وأنا واثقة أنها متلمستش ولا عرفت غيري، هأخدها أربيها على أيدي

ضحك صديقه على تفكيره وقال:-
_ شيطان يا عماد

تبسم “عماد” بسمة حزينة وأكمل شربه من المنكر …..

________________________

فى السجن كانت “قُدس” تجلس مقابل والدها الذي وضع يديه على رأسه من الخيبة والصدمة التى لحقت به بعد أن أخبرته بما حدث، كانت تبكي بوجع وحزين طفولي فقال:-
_ إنتِ مش فاهمة حاجة يا قُدس، إنتِ فى مصيبة، إنتِ هتفضحي يا بنتى

لم تتفوه بكلمة واحدة وأتكفت بالبكاء فأشار إلى “هدير” بأن تقترب فجاءت نحوه بفضوب يقتلها وماذا حكت “قُدس” لوالدها ليبكوا الأثنين معًا؟ فقالت بقلق:-
_ مالكم ؟

_ كنتِ فين يا هدير؟ أمنتك عليها وسبتها معاكِ أمانة ؟ كنتِ فين لما سرقوا شرف بنتي؟
قالها بحسرة تغمر قلبه بينما لجمت “هدير” بصدمة قاتلة ونظرت إلى “قُدس” بصدمة قاتلة وقالت:-
_ أنت بتقول أى؟

أخبرها بما حدث لتفرغ “هدير” وأنتفضت ذعر من قذارة ما حدث وكيف للـ “الجارحي” أن يفعل هذا لتقول:-
_ الجارحي!!! لا مستحيل ميعملهاش وأنت عارفه كويس

ضرب يديه ببعضهم وقال:-
_ أهو عملها… عملها يا بنت أبويا وضيعتوا شرف بنتي

صُدمت “هدير” مما حدث ولا تعرف ماذا تفعل الآن وكيف تُعيد ما سُلب؟ عادت للمنزل مع الصغيرة بحزن يغمرها وتشفق عليها، عاجزة عن فعل أى شيء فأقتربت من والدها “حمدى” وجلست مقابلة تقوله :-
_ بابا كنت عايزاك فى موضوع

أجابها بهدوء والفضول يغمره:-
_ قولى

_ أنا كنت عايزة أخد قُدس ونسافر أى بلد تكمل تعليمها برا
قالتها بهدوء شديد ليُصدم والدها من الخبر فتابعت “هدير” بجدية:-
_ بصراحة البنت تعبانة جدًا ومش قادرة تعيش هنا، حكاية حُبها للجارحي وعماد اللى عايز يتجوزها هى عايشة هنا فى ضغط كبير ومش قادرة تكمل ودا اللى خلاها تطلب تزور باباها ، وهادي طلب مني أعملها اللى هى عايزاه وأسافر معاها

صمت الجد بعجز شديد ولا يصدق أن حفيدته الآن لم تعود بالعيش هنا معهم…

_______________________

وقف “الجارحي” فى المحل وسمع شجار بين زبون والعامل فقال بحدة:-
_ أى دا بتزعق ليه؟

_ عشان بتشغل عندكم بهايم
قالها الزبون بحدة وأنفعال ليصرخ “الجارحي” الذي أصبح أكثر حدة بعد ما حدث وقسوته التى باتت السكين تجرح كل ما يلتقي به:-
_ أنت راجل مهزق وأمشي بقي إحنا معندناش قماش ليك هو أى الرزق واقف عليك يعني ، غور يا عم من هنا كتك القرف

عاد إلى مكتبه مُنفعلًا ليجد جده شاردًا فقال بضيق:-
_ مالك يا حج؟

تنهد “حمدى” بحزن يغمره وقال بخفوت:-
_ عايزاك تشترى شقة أو بيت فى انجلترا

دهش “الجارحي” من حديثه وقال بفضول:-
_ دا أشمعنا

_ عمتك هدير هتسافر هى و قُدس عشان تكمل تعليمها برا
قالها بحزن يمزقه من فراق صغيرته ليُصدم “الجارحي” من قرار هروبها وأعتدل فى جلسته يحدق بجدته ولم يسأل عن السبب بل يعرفه جيدًا أن الجريمة التى أرتكبها بحقها هذا عقابها أن تغادر عالمه كاملًا، تلك الصغيرة التى أعترفت بحبها له ليلتها الآن تفارقه نهائيًا ….
تحدث بتلعثم شديد قائلًا:-
_ هتسافر

رفع “حمدي” رأسه بأنتباه إلى “الجارحي” وقال بهدوء مُتسائلًا:-
_ هى مين فيهم؟ سؤالك عن عمتك هدير ولا قُدس

أنتبه “الجارحي” لطريقة سؤاله فهو لم يهتم سوى بالصغيرة وفضح أمره هذا السؤال ليقول بتلعثم:-
_ حضرتك وافقت على سفرهم وعمي هادي عنده علم

_ هى راحت له وقالتله أنها مش مرتاحة فى بيتنا وطلب أنها تسافر
قالها بحزم شديد وتمني لو يخبره أن الصغيرة تهرب بسبب حبه القائم بداخلها أو هذا ما يعرفه الجد، غادر “الجارحي” المكتب بحزن شديد وصعد إلى سيارته حزينًا وهو يعرف السبب الحقيقي لهروبها، لقد سلبها عذريتها وسرق شرفها، هذه الصغيرة تهرب منه هو لكن هى ستهرب وتعيش حياتها وتكمل تعليمها لكن ماذا عنه كيف سيعيش بذنبها ويكفر عما فعله بها؟ ………

_____________________

صُدم “عماد” بخبر سفرها وأن كل شيء تم بدون أن يعرف أحد فقال بصدمة :-
_ هتسافر

تحدثت “أسيا” بحدة صارمة قائلة:-
_ بسببك يا خلفة تعر ، رايح تبص لعيلة من دور عيالك ، دا على كدة بقي أنا لازم أسفر بنتي كمان وأخاف عليها من نجاستك

لم يهتم لتوبيخها له وكل ما يشغل تفكيره هو صغيرته التى ستسافر غدًا ولم يخبره أحد باى دولة ستذهب ، خرج من الشقة مُنفعلًا ليقابل “الجارحي” على الدرج فقال بضيق شديد وصوت مُرتفع:-
_ عمل اللى فى دماغك صح، هربتها مني مش كدة

ألتف “الجارحي” له وهو يحمل بداخله بركان من الكره والحقد بسببه وقال بهدوء:-
_ أنا ماسك نفسي عنك بالعافية وعزة وجلالة الله يا عماد لو جبت سيرتها مرة تاني قصادي لأقتلك

صعد من أمامه قبل أن يقتله حقًا لأجلها ودلف إلى شقته بحزن ، جلس على الأريكة ومدد جسده بعد أن أعتزل غرفته نهائيًا من يومها ولا يصدق أن فراشه كان أرض المعركة التى هُزم عليها ، فتح هاتفه على محادثتهما ويحاول أن يرسل لها لكنه تراجع وترك الهاتف بضعف، تمنى لو يمكن الأعتذار أمامهالكن هل سيفيد الأعتذار بشيء…..

جمعت “قُدس” كل أغراضها فى الحقيبة و”ليل” تجلس على الفراش تبكي لفراق صديقتها الوحيدة وقالت:-
_ دا قرارك النهائي يعنى

_ متقلقيش يا ليل أنا هكلمك على طول ، أنا ماليش حد غيرك، بس كدة أحسن

تحدثت “ليل” بحزن شديد وقالت:-
_ مكنش حُب من طرف واحد اللى هربك كدة يا قُدس

دمعت عيني “قُدس” وجسدها ما زال يتذكر لمساته وقوته والكدمات التى لحقت بها فى ليلتها، ذهبت لتعترف بالحُب وعادت مكسورة وروحها مسلوبة منها، تحدثت بلطف تخفى دموعها:-
_ معلش بقي إبتلاء من ربنا

خرجت من الغرفة لترى “هدير” فى أنتظارها ليودعه “وصيفة” وحمدى” والأثنين يبكوا بحزن لفراق الصغيرة ولحظات الوداع دائما تملأها الدموع والوجع، غادرت فى السيارة مع السائق إلى المطار….

________________________

كان فى المحل يحبس نفسه فى المكتب بلا عمل وهو يعلم ان الآن وصلت إلى المطار، غادرت دون أن يودعها وهى ما زال يخفى من لقاءها أو مقابلتها، ظل فى المحل حتى حل الليل وبدأ العمال فى الإغلاق ليغادر معهم وعاد إلى المنزل فوجد “ليل” تنتظره على الدرج لتقول:-
_ أخيرًا رجعت

نظر إليه بهدوء وبرود شديد قائلًا:-
_ فى حاجة يا ليل ؟

_ قُدس سافرت
قالتها بهدوء ليُجيب عليها ببرود أكثر وغرور قائلًا:-
_ عارف

_ أنا بكرهك يا جارحي ، بكرهك لأنك السبب وبسببك أنا أتحرمت من صاحبتي الوحيدة
قالتها بحزن شديد فنظر إليها وقال بتلعثمخائفًا أن تكون “قُدس” أخبرتها بما حدث:-
_ بسببي!!

أعطته الرسمة التى رسمتها “قُدس” له وكتبت عليها “Love”
وغادرت من امامه ليحدق بالرسمة وهذه الكلمة الصغيرة ليُدرك أن الجميع كان يعرف أنها تُحبه وهو الجاهل الوحيد هنا، لم تخطأ عندما أعترفت بحبها له ليلتها فكانت صادقة جدًا بهذا الأعتراف وتذكر إغماءها وكيف فقدت وعيها عندما سمعت خبر خطبته وبدأ عقله يربط الأحداث ببعضها، هذه الصغيرة أحبته بقلبها النقي لكن صُدمت الحقيقة كيف أحبت رجل يكبرها بضعف عُمرها ؟…….

___________________________
خرج “هادي” من السجن مُرتدي قميص أزرق وبنطلون جينز وشعره الأبيض وعيونه الخضراء التى ورثتها ابنته منه فوجد “وصيفة” فى أنتظاره ومعها “حمدي” و”الجارحي” وفور رؤيته له أشتعل بداخله نار الغضب مما فعله بأبنته لكنه كبح هذا الغضب حتى لا يفضح أمر صغيرته ، عانقته “وصيفة” بقوة وسعادة تغمر قلبها لخروج أبنها ، أنحني ليقبل يد أمه وأبيه وتجاهل “الجارحي” نهائيًا ….
عادوا معًا إلى العمارة وكانت “مديحة” تقف مع “أسيا” و”خديجة” وأخيه “فؤاد” رحب الجميع به فقالت “مديحة” بضيق:-
_ حمدالله على السلامة يا ابن جوزى

_ أهلا يا مرات أبوه
قالها ببرود شديد ثم قال بهدوء:-
_ أنا طالع بيتى أرتاح شوية

صعد إلى شقته بالطابق الثالث ودلف إليها وأول شيء فعله أتصل بصغيرته يطمئن على حالها فأجابته “هدير” بنبرة دافئة:-
_ حمد الله على سلامتك يا حبيبي

_ الله يسلمك يا هدير ، فين قُدس؟
قالها بقلق على صغيرته فقالت:-
_ فى جلستها جوا مع الدكتور، من يومها وهى بتعاني من كوابيس بليل وقررنا نعالج الصدمة دى بالعلاج النفسي ، نص ساعة وتخلص

شعر بالقلق على طفلته وقال:-
_ أنا ليا حساب معاه وحق بنتى أنا مش هسيبه

وضعت “هدير” قدم على الأخرى وهى فى الأستراحة الخارجية للعيادة وقالت:-
_ هى أتكلمت مع الدكتور وفعلا أتضح أن من كلامها عن تصرفات جارحي أنه مكنش فى وعيه وفعلا زى ما قالتلك عماد اللى عملها الفخ وخطط أنها تكون معاه ليلتها وأتاكدنا من دا لما عرفنا أنه عايز يتجوزها وشكله كان ناوي يتجوزها بالطريقة دى ، طريقة أنه هيستر عليها ويصلح غلطته لكن القدر نجدها منه

_ اه نجدها منه عشان تبقي فى حضنه أخوه الجارحي
قالها بأنفعال شديد وفى الحالتين ابنته تأذت من الأخين لتقول “هدير” بهدوء:-
_ هادي أنت أخويا وقدس بنتي اللى أنا مخلفتهاش وربتها وهى حتة لحمة حمراء لما رجعتلي بيها من المستشفي مولدة وروحت دفنت أمها، يعنى بخاف عليها وعايزة حقها أكثر منك لكن جارحي كان ضحية زى قُدس ولو فى حد لازم يدفع تمن الخسة والندالة فهو عماد وبس ، كلنا عارفين مين الجارحي وأنه مكنش فى وعي متخدر يعنى ضحية هو كمان له حق

خرجت “قُدس” من الغرفة فتبسمت “هدير” وهى تقول:-
_ أهى قُدس خرجت

ركضت “قُدس” بسعادة فور سماعها لاسم والدها لتتحدث معه بفرحة تغمرها وقالت:-
_ بابا ، حمدالله على سلامتك

_ الله يسلمك يا نن عيني ، وحشتيني يا بنت الاه
قالها بدلال وبسمة تغمره من سماع صوتها فتبسمت أكثر بحماس وقالت:-
_ وأنت كمان يا حبيبي وحشتيني ، البلد هنا جميلة جدًا والمدرسة اللى عمتو هدير قدمتلي فيها حلو أوى

تبسم بأريحية على سعادة أبنته وقال:-
_ تعيشي وتتبسطي يا حبيبتي ،ركزي بس فى مذاكرتك ودروسك

أومأت إليه بنعم وظلت تتحدث معه كثيرًا……

_______________________________

كانت “مديحة” جالسة فى الصالة تستشيط غضبًا مما يحدث وقالت:-
_ طبعًا أخوك اللى على الحجر طلع وهيستولى على كل حاجة من تاني

_ جرا أي يا أمى إنتِ مش لاقية حاجة تنكشي فيها ولا أى؟
قالتها “اسيا” بضيق من تفكير أمها لتنظر “مديحة” لها بغضب وقالت:-
_ أنا

أبتسمت “أسيا” بجدية وقالت بمكر:-
_ أه ، أى مش إنتِ برضو اللى أقترحتى على عماد تجوزيه قُدس، وتعمله اللى عملته

أتسعت عيني “مديحة” على مصراعيها بصدمة ألجمتها وكيف لأبنتها أن تعرف فقالت بتلعثم:-
_ إنتِ ؟

_ أنا سمعتكم ويا خوفي ليكون كره الجارحي دا والذنب اللى اتكلم عنه وسفر قُدس يبقي وراءه مُصيبة حصلت من الفخ اللى وقعته البت فيه، ما هو الجارحي مش هتغير 180 درجة كدة ويكره عماد أكثر ويضربه الضرب دا كله ويحلف ليقتله عشان عماد عايز يتجوز قُدس
قالتها بضيق شديد وعقلها يحاول أن يفهم ويترجم ما حدث فأبتلعت “مديحة” لعابها بصدمة وخوف شديد يتملكها …….

__________________________

كان المحامي يجلس فى المكتب داخل المحل مع “هادي” و”حمدي” ويسجل بعض الأوراق فوضع الساعى القهوة وخرج ثم تسلل خارج المحل وأتصل على “مديحة” لتُجيب عليه بضيق:-
_ نعم

_ الحج جاب المحامي وقاعدين وجواه بقالهم أكثر من ساعة ووجاب أوراق الأملاك كلها
قالها الساعي بصوت خافت خوفٍ من أن يسمعه أحد لتُصدم “مديحة” بفزع وهى تُتمتم بخوف:-
_ يبقي اللى خايفة منه حصل ، حمدي هيدي كل حاجة لوصيفة وابنها ، لا أنا مش هسكت على حقي ….

أغلقت الهاتف مع الساعى وهى تقول:-
_لا يا حمدى ، كله إلا دا ، وصيفة سرقتك منى زمان ودلوقت هتسرق منى فلوسك ومالك وأطلع أنا بقي من كل دا ، لا ……

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حرب سقطت راءها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *