رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السابع والثمانون 87 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السابع والثمانون 87 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت السابع والثمانون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء السابع والثمانون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة السابعة والثمانون
يا من سكنت القلب بلا استئذان،
وطرقتَ باب روحي ففتحتُ لك بلا شرط…
يا من كلما زاد ظلامي، لاح نورك في أطراف قلبي…
وكلما أرهقني السعي، كان صوتك في داخلي يقول: “أنا معك”.
لم أكن أهتدي، حتى هداني عشقك،
ولم أكن أبصر، حتى غمرتني عنايتك،
فعرفت أن السكون لا يكون إلا بقربك،
وأن الحيرة لا تزول إلا عند قدميك.
أراك في النسيم، في الدعاء المتهامس،
في دمعة صادقة، في لحظة خلوة، في قلبٍ هائمٍ بك لا يريد إلا رضاك.
كل الدنيا تزول، وتبقى أنت،
يا من إذا أحب عبده، أنزل عليه سكينة، لا تشبه سكينة أحد.
_ارتجال.
_____________________________
في ليلة، خد’عت الجميع بصفاء جوّها وبرودتها،
ليلة كانت قا’سية، مو’جعة، نا’زفة،
ليلة تمناها العقل لو كانت ضمن أحداث خيالية، درامية، تصويرية،
ليلة ظنّ فيها الجميع أن كُلّ شيءٍ أصبح بخير، كُلّ شيءٍ أصبح كما كان يأخذهم المسار،
ليلة كانت مليئة بالصرا’خ، والبكاء، والأ’لم، والنز’يف، والجرو’ح، والإنتكا’س، واليأس،
ليلة برغم صعوبتها، برغم شـ.ـدة أ’لمها، كانت يكسـ.ـرها اللطف مِن الغوث، وكأن وجوده يُحدث الفارق..
<“ليلة نا’زفة على الجميع، ليلة حملت عنوان النكـ.ـسة.”>
تظن أن النكـ.ـسة التي يحملها عنوان هذا المشهد تعود إلى إحدى البلدان التي أنتكـ.ـست في قديم الأزل، ولكن عنوان تلك النكـ.ـسة كانت لشا’بٍ كإزدهار الزهور في ربيعها الأول..
في مكانٍ أشبه بالجنة،
على شاطئ البحر، كانت الألوان مُريحة للأعين، وأجواءها كصفاء السماء بعد ليلة شتوية قا’سية، كانت الرمال ذهبية اللون لامعة، حين تنعكس أشعة الشمس عليها في الظهيرة يزداد توهجها، وكأنها تجذب أنظار الجميع لها، والبحر الوا’سع طويل الأمد أمامها، بزُرقتهِ وأموا’جه الهادئة التي تر’تطم بالصخو’ر بين الحين والآخر، والسماء الصافية مِن فو’قه يتوسطها القمر الفضي في ليلة شهدت على حُبّ هذا الثنائي..
كان الهواء بهِ لفحة برو’دة، يقشعر لها البدن، وتستمتع بها الر’وح، تلك اللحظة التي ينتظرها المرء لاستغلا’لها، لترك وصمته عليها، حتى يتذكّرها كلما زارتهم هذه الليلة، كانت “أيسل” تقف في مواجهة “حُـذيفة”، النظرات هي التي تتحدث بعد أن ألتزمت الألسنة الصمت، لفحات الهواء كانت تصطد’م بهما بين الحين والآخر، وكأنها كانت تشجعهم على التحدث وكسـ.ـر حِدَّ’ة هذا الصمت..
_عايز أقولك حاجة أحتفظت بيها جوايا مِن أول مرَّة أدتيني فيها الفرصة وحسستيني بالقبول مِنك، اليوم دا كان مش زي أي يوم عدى، كان بالنسبة لي وقتها أنا كُنت عامل زي العيل الصغير اللِ كان بيحا’رب عشان ياخد حاجة حلوة، وأول ما خدها بقى أسعد طفل فالعالم، أنا كُنت زي الطفل دا وقتها، فالأول كُنت خايف أكون أنا اللِ متعـ.ـلق فأحلام مش بتاعتي، فحاجة مش ليّا، وقتها الشيطا’ن بدأ يرسملي كُلّ مخاوفي قدام عيني، وأنا مش جامد، كُنت بخا’ف وبسمعله ساعات، لدرجة إنِ كُنت بقعد بالساعات مش عارف أنام مِن كُتر التفكير، أصل أنا مش هكد’ب على نفسي، أنا حبيتك فعلًا، حبيتك وخلاص رسمت حياتي كُلّها معاكي، لجأت لربنا وقتها وفضلت أدعيله، يا ربّ لو حُبّها هيو’جعني أبعدها عنّي، مش هستحمـ.ـل الو’جع دا..
_بس بعدين لقيتك بتقرّبي أكتر، أكتر، أكتر، وكأن ربنا عايز يقولي أنا مبأ’ذيش عبا’دي، وقتها أتطمنت، أرتحت شوية، وسو’سة الشيطا’ن هتقل شوية، حاولت كتير أوي أشغل نفسي بحاجات تانية عشان مفضلش مركز معاكي، بس غصـ.ـب عنّي قلبي كان بيحن ليكي، أستنيت كتير أوي، كُنت برغم حُبّي ليكي شايفك قا’فلة على نفسك، عاملة حد’ود بينك وبين العلا’قات ودا مبعدنيش بالعكس، شـ.ـدني ليكي أكتر، فضلت مستني لحد ما جه اليوم اللِ قولتلك فيه بحبك بدون خو’ف، بدون قيو’د، بدون شعور الفقد’ان، أنا فضلت مستنيكي كتير أوي يا “أيسل”، استنيت لحد ما قلبي تعـ.ـب وبدأت أحسّ باليأ’س، جيتي على آخر لحظة كُنت خلاص هفقـ.ـد الأمل فيها.
كلماتٌ خرجت صادقة، صريحة، دون تز’ييف، كلماتٌ خرجت مِن القلب وصلت إلى قلبها، نظرة عيناه لم تكذُ’ب، ونبرة صوته كانت أصدق مِن أيُ شيءٍ آخر، إن حاولت الشعوب التفريق بينهما، فستكون محاولتهم تبوء بالفشـ.ـل، مدّت يَدها نحو يَده تُمسك بها بلطفٍ، كان كفها د’افئ، يقابله برودة كفه، وكأنه أقسم على إذا’بة تلك الثلوج بد’فئها، بسمةٌ حنونة منحته إياها، ولمعة عينٍ صادقة كانت جوابًا عن مشاعرها نحوه..
_عارفة إنِ أتأخرت عليك كتير، بس كُنت محتاجة وقت، محتاجة تفكير أعمق، أكتر مِن أي حاجة، عشان أعرف أنا محتاجة إيه، بس هصارحك بحاجة حاولت أد’فنها جوايا ومقدرتش، أنا كُنت مشد’ودالك، حتى لو شوفت مِني تحفُظ وحد’ود، أنا معرفتش أضحك على نفسي، شوفت نفسي معاك، وحاولت أشوف إذا كُنت بحب غيرك، بس كُلّ مرَّة كُنت بحسّ فيها إنِ بحبك أنتَ، وكُلّ الطرق بتوديني لطريقك، كأن كُلّ حاجة بتقولي إن طريقي هو طريقك، بصراحة بقى أنا قررت أأكد مشاعري ومشاعرك معايا فاللحظة دي، أنا بحبك، ومعرفتش أحب حد غيرك، أنتَ ضلِ، ووَنَسي، والمعنى الحرفي لكلمة أمان، مش عايزاك تسيبني مهما حصل بينا، أنا مش هقدر أتخيّل حياتي مِن غيرك، أوعدني إنك متسبنيش يا “حُـذيفة”.
كان الجواب في كلمة، في بسمة، في لمعة عين، في نبرة صوت دا’فئة، كان الرد قد جاءها على بساطٌ أحمدي حينما قال بنبرةٍ هادئة ود’افئة:
_وعد.
تلاشت الرؤية تدريجيًا، ورن صداه بهذه الكلمة، وأختفى مِن أمامها كهفوات الريا’ح التي لا تُرى، فتحت “أيسل” عينيها ببطءٍ، الأصوات بعيدة عنها، والرؤية مشو’شة، كانت مستلقية على الفراش في غرفة “حُـذيفة” ويجاورها “زين” الذي لم يتركها لحظة منذ أن وصلهم خبر ما حدث، كان ينظر لها طيلة الوقت والخو’ف في عيناه، منذ أن أخبره الطبيب بحالتها والخو’ف رفيقًا لها..
_”حُـذيفة”.
برغم كُلّ ما رأته وحدث أول أسمٍ خرج مِن بين شفتيها هو أسمُه، وكأنها تنتظر جوابه عليها، تنتظر سماع صوته حتى يطمئن قلبها وتُثبت لنفسها أن ما رأته كان مجرد كابو’سًا أسو’د، حاولت النهوض ولكن منـ.ـعتها يَد أخيها الذي نهض وقال بنبرةٍ متلهفة:
_”أيسل” أنتِ كويسة، خلّيكي زي ما أنتِ متتحركيش أنتِ لسه تعبا’نة.
ترقرق الدمع في المُقل وأصا’ب الخو’ف قلبها حينما رأت أنها في غرفة “حُـذيفة” وفوق فراشه بدلًا عنهُ، كان كفها الأيسر مقبو’ضًا، وكأنه يحمـ.ـي شيئًا يخشى زوا’له، أر’خت قبـ.ـضتها برفقٍ حتى أصبح كفها مفرودًا، لترى خاتم زواجه مقسو’مًا إلى نصفين بين راحة كفها، وقد عادت ذاكرتها قليلًا إلى الخلف تتذكّر ما حدث قبل أن تفقـ.ـد و’عيها..
قبل ساعة،
كان “حُـذيفة” قد عاد مِن جديد مثلما أعتادوا رؤيته، وبعد أن أنقـ.ـذه هذا الحبيب الذي لن يتأخر حينما أستغاثوا بهِ، بدأ يشعُر بو’خزات خفيفة على صدره، ظنّ في بادئ الأمر أنها أمرٌ عادي، ولكن في منظور الطب ليس عاديًا، بدأت الو’خزات تشتـ.ـد عليه حتى أصبح لا يستطيع كتما’نها أكثر مِن ذلك، بدأ يأخذ منحنى الانحد’ار، بدأ يُعلن سقو’طه دون أن يبوح بهِ، وما جعل الأمر يزداد سو’ءًا السعال الذي فرض سيطـ.ـرته عليه..
لم يعُد يستطيع أخذ أنفاسه بشكلٍ طبيعي مِمَّ جعله يضطر إلى كتـ.ـم أنفاسه حتى لا يشعُر بهذا الأ’لم السا’حق، استغاثت بالأطباء والمشرفين على حالته والخو’ف يُسيطـ.ـر على قلبها بعد أن رأت حالته تسو’ء، حضر الطبيب المشرف على حالته وأمرهم في الحال بنقله إلى غرفة الرعاية المشد’دة بعد أن بدأ الأكسجين يقـ.ـل بشكلٍ تدريجي داخل صدره، نُقِلَ إلى غرفة الرعاية سريعًا بعد أن بدأت عضـ.ـلة القلب تضعـ.ـف والجر’ح بدأ يُسبب لهُ أ’لمًا ليس عاديًا..
_شيلوا الدبلة مِن إيده.
_مش راضية تخرج يا دكتور.
_يبقى تتقـ.ـص مفيش حل تاني.
هذه كانت آخر كلماتٍ تسمعها “أيسل”، وآخر لحظة تراه فيها، عادت بذاكرتها إلى هذه اللحظة، وسقـ.ـطت أول دمعة مِن عينها، ومعها إصرارًا غير عادي للذهاب إليه والاطمئنان عليه بنفسها، جلس “زين” على طرف الفراش وهو ينظر إليها، نظرته كانت تحمل الشـ.ـفقة عليها، وقلبه كان يشارك قلبها الأ’لم وكأنه قطعة خبزٍ وتشاركا بها سويًا، مدّ كفه الأيسر تجاهها، ولامست أنامله بشرتها النا’عمة، مسح برفقٍ عَبراتها التي بدأت تتسا’قط كز’خات المطر في ليلة الشتاء القا’سية، وكأنها تبوح عن أ’لمٍ قا’سٍ لا تستطيع وصفه..
_أنا حاسس بيكي، مش كلمتين عشان أواسيكي بيهم، دا شعور نابع مِن القلب، وأنا أكتر واحد حافظك، وعارف بتفكري فإيه وحاسّه بأيه، أنا كمان زعلان عليه، اللِ بيعدي بيه مش سهل ولا هو بالبساطة دي، الموضوع مش زي شكة دبو’س صغيرة وخلاص، دي رصا’صة مختر’قة جسـ.ـمه فمكان حسا’س مسؤول عن حركته، رصا’صة واحدة قادرة تنهـ.ـي مستقبله وتنهـ.ـيه هو شخصيًا، الموضوع كبير ولازمله وقت وصبر، أنا عارف إنك بتخا’في عليه وعارف إنُه مُهم عندك ومش مجرد زوج وخلاص، الشيخ اللِ موجود برَّه دا أنا معرفهوش، بس أنا مش شايف غير إن كُلّ اللِ حصل لـ “حُـذيفة” دا هو السبب فيه.
كلماتٌ بسيطة جذ’بت حواسها بالكامل إليه، نظرت إليه والدموع في عينيها، وعادت تتذكّر مقابلتها مع “رمـزي” وكيف كان الخو’ف والتوتر يتمـ.ـلّكان مِنْهُ حينما تلقى هذه المكالمة مِن “ليل”، وحتى حينما ولجت إليه ورأته أمامها يبتسم وينتظر قربها مِنْهُ، مِن المستحيـ.ـلات أن يكون هو المتسـ.ـبب فيما حدث إليه، عادت تسمع “زين” الذي قال والشـ.ـك يملؤه تجاه “رمـزي”:
_فكري فيها شوية بهدوء مع نفسك يا “أيسل”، “حُـذيفة” كان كويس وزي الفُل وبدأ يتحسن وياخد خطوة لقدام، معرفش دا ظهر منين وعمل إيه خلّاه يوصل للمرحلة دي.
الأ’لم يسكُن في أعماق رو’حها، يتفاقم بداخلها بسرعةٍ كبيرة وهي لا تستطيع أن تقف أمامه أو تواجهه، في هذه اللحظة هي تحتاج إلى الداعم، إلى اليد التي لا تُفلـ.ـتها، إلى المعونة، إلى الطمأنينة، وبرغم تلك الأصوات، صوتٌ واحد كان لهُ السُلـ.ـطة عليها، الصوت الذي صر’خ بها يُطالبها بهِ، الصوت الذي سيُقدم لها الدافع للوقوف مجددًا على قدميها لأجله..
_أنا محتاجة أروح لـ “حُـذيفة”، عايزة أتطمن عليه بنفسي.
أخذت القرار وأنتهى النقاش، فلن تستطيع أن تظل في مكانها بهذه الطريقة، لا تتحرك، ولا تُقدم يَد المعونة، حاول “زين” أن يمـ.ـنعها كي ترتاح قائلًا:
_”أيسل” أنتِ لسه تعبا’نة مينفعش، أنتِ واخدة مُخد’ر عشان ترتاحي أكبر وقت ممكن دلوقتي مينفعش تتحركي هتد’وخي ومش هتقدري تقفي على رجلك.
عنيـ.ـدة، وهذا هو طبعها، لا تستمع لأحد، لا تترك شيئًا يعر’كل سيرها، أرادت رؤيته بنفسها وستراه حتى وإن كانت لا تستطيع أن تقف على قدميها بالشكل المطلوب، و “زين” تحت هذا الإصرار خضع لها وقدّم يَد المعونة إليها محيطًا إياها بذراعه وممسكًا بيَدها بالأخرى دون أن يتحدث..
كانوا جميعهم يجلسون أمام غرفة الرعاية المشد’دة، ينتظرون منذ ساعاتٍ أن يتلقون أخبارًا سارّة تُسعد قلوبًا أهلـ.ـكتها الأ’لم، كانت “نوران” تجلس فوق المقعد المعدني، تبكي بصمتٍ بعد أن رأت حالة ولدها تسو’ء بكُلّ لحظة، ويجاورها “عبدالله” الذي كان يُلازم الصمت بعد أن حاول السيطـ.ـرة على نفسُه العديد مِن المرات، وكان أبيه يجاوره واقفًا على قدميه خا’ئفًا على حفيده، كانت “روز” تجوب في المكان والخو’ف ينهـ.ـش صدرها، و “ليل” الحفيد يقف أمام النافذة الزجا’جية ويجاوره “رمـزي”، ينظر إلى رفيقه دون أن يتحدث، وذاكرته تعود للخلف، لتلك اللحظات التي كانا يتشاركون فيها الضحك والمزاح..
_هيقوم، بمشيئة ربنا هيقوم وهيقف على رجليه تاني، دي كُلّها ابتلا’ءات مِن ربنا عشان يختبر إيمان العبد لِيه، أنتَ مش غريب وهصارحك باللِ حاسس بيه دلوقتي، جوايا إحساس بالذ’نب تجاه “حُـذيفة”..
نظر إليه “ليل” في هذه اللحظة بعد أن أستمع إلى حديثه دون أن يتحدث، وكأنه يسأله بعيناه عن السبب، وجاءه الجواب على بساطٍ أحمدي حينما أكمل “رمـزي” قوله:
_مكانش لازم أعمل كدا دلوقتي، لسّه خارج مِن العمـ.ـليات مكملش يوم على بعضه، جر’ح كان مفتو’ح وخيا’طة مكانتش سهلة عليه، بس أنا برضوا مكُنتش عايز أسيبُه كدا، أول ما دخلت الأوضة لقيتها متبهد’لة، حا’دف الممرضين والدكاترة بكُلّ حاجة حتى طبق الأكل مسلمش مِنُه، الحل الوحيد اللِ كان قدامي إنِ أرقيه، مكانش قدامي حل تاني أعمله، وهو صِعِب عليّا، اضطريت أرقيه وقتها عشان ميأذ’يش حد تاني، يمكن نفـ.ـضة جسـ.ـمه أول ما إيدي لمسـ.ـته ور’عشته أول ما بدأت أرقيه كأن ما’س كهر’بي مسك فيه أ’ثرت عليه، الموضوع مش سهل وأكيد عمله مضا’عفات، بس دي أول مرَّة تحصل برضوا ما أنا ياما رقيت بني آدمين ومحصلهمش أي حاجة مِن دي أشمعنى مع “حُـذيفة” يحصل كدا.؟
في هذه اللحظة أخرج “ليل” زفيرة عميقة ولم يجد ردًا مناسبًا يقوله إليه، فماذا سيقول وكيف يُخبره أن ذلك ليس ذ’نبه وأن ما فعله هو الأصح، رفع كفه الأيمن وربّت فوق ظهره برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنتَ معملتش غير الصح، وأنا اللِ طلبت مِنك ترقيه مهما كان اللِ هيحصل، أنتَ معملتش حاجة تحسسك بالند’م، ومكانش ينفع نسيبُه بالحالة دي ودا كان الحل الوحيد حتى لو فيه أذ’ى مؤقت لِيه، متشيلش نفسك الذ’نب عالفاضي يا “رمـزي” … بس أنا في سؤال بيدور فدماغي مِن ساعة ما شوفتك خارج مِن عنده ومش لاقيله إجابة غير عندك، لمَ خرجت كان فيه نظرة حزن وو’جع فعنيك، عيونك دمعوا للحظة وبعدين كملت كأن مفيش حاجة، أنا عارف إن البني آدم لمَ بيتسحـ.ـرله لمَ بيواجه شيخ بيقول كلام مش صح، أو بيو’جع اللِ قدامه بالكلام، أو حتى يحاول يئذ’يه عشان أنا أتمـ.ـسيت قبل كدا، هو “حُـذيفة” وهو ممسو’س عارف حاجة إحنا منعرفهاش و’جعك بيها.؟
إن كان كتابًا مفتوحًا لن يعلم هذه التفاصيل، وكأنه أختر’ق عقله وقراء ما بهِ، أو وكأنه سـ.ـكن قلبًا رآه ينز’ف مِن شـ. ـدة الأ’لم، وضعه “ليل” أمام صورته الحقيقية التي يسعى للهر’وب مِنها وعدم مواجهتها، كان “ليل” يترقب رده ويركز على عيناه التي لوهلة تا’هت وبدأت تضـ. ـعف وتُظهر أ’لمها، تأكدت شـ. ـكوكه بعد أن رأى تلك النظرة، وتلك الوجفة التي خـ. ـطفت لحظة مِنْهُ وسيطـ. ـرت على كفه..
_”رمـزي” أنا متأكد إن هو قالك حاجة و’جعتك، صارحني وقولي.
أراد معرفة ما حدث بعد تلك الحالة، ولكن هو لم يتحدث، أو بمعنى أدق مـ.ـنعه أصوات العائلة في الخلفية والذين أعتر’ضوا على مجيء “أيسل”، اقتربت “ميرنا” مِنها تقوم بمساندتها قائلة:
_إيه اللِ قومك مِن عالسرير بس يا حبيبتي أنتِ لسه تعبا’نة ومينفعش تتحركي دلوقتي، جبتها ليه يا “زين”.؟
نظر إليها “زين” وجاوبها بقلة حيلة بعد أن فشـ.ـل في إبقاءها قائلًا:
_مسمعتش الكلام وأصّرت إنها تيجي تشوفه بنفسها.
تركتهم “أيسل” وتقدّمت بخطى هادئة مِن النافذة لرؤيته والاطمئنان عليه، وقفت أمامها واستقر كفها فوق زجا’جها، رأته طر’يح فراشه، لا يتحرك سوى صدره الذي يعلو ويهبط ببطءٍ، وكأن الهواء أصبح عـ.ـبئًا ثقيـ.ـلًا عليه، جذعه عا’ري، تحاوطه أسلا’ك كثيرة، مِنها مستقرًا فوق صدره، ظاهر كفه الأيمن يختر’قه إ’برة طبية محاوطة بلاز’ق أبيـ.ـض طبي، ويَده اليُسرى كان بسبابته جها’زًا صغيرًا رمادي اللون، وأخيرًا قنا’ع الأكسجين الاصطناعي يعانق وجهه..
كان مغـ.ـيبًا عن العالم بالكامل، في عالمٍ آخر غير ذلك، عالم يضمه هو وحده، ترقرق الدمع في المُقل بعد أن رأته بتلك الحالة وشعرت بأ’لمٍ سا’حق يسكُن في حلقها يمنـ.ـعها مِن التفوه بحرفٍ واحد، نظر “زين” إلى “رمـزي” الذي مازال متأ’ثرًا بتلك السمو’م التي لا تُفار’قه وتجعله يتأ’لم طيلة الوقت دون أن يمـ.ـلُك العقار:
_على فكرة أنتَ السبب، لولاك مكانش زمانه دلوقتي فالعناية ولا كان حصله مضا’عفات.
أتجهت جميع الأنظار نحو صاحب هذه الكلمات القا’سية، ثمّ إلى المـ.ـتهم الذي مِن المفترض أنَّهُ يلعب دور المنقذ، كُلّ الأنظار أصبحت مصوّبةً نحو “رمـزي”، وكأنه المتـ.ـهم الوحيد أمامهم في تلك اللحظة، نظر إليه “رمـزي” يرى المقـ.ـت في عيناه وكأنهُ يُخبره أنَّهُ لا يتقبّلُه ويراه مذ’نبًا، ولكن لم تمكث تلك النظرة طويلة بعد تدخُل “ليل” الذي وقف بوجه رفيقه مد’افعًا عنهُ بقوله الصا’رم:
_مش عايز أسمع أي كلمة با’يخة تتوجّه للر’اجل دا مهما حصل، لولاه كُنا فمرحلة أسو’أ دلوقتي على فكرة، “حُـذيفة” كان ممسو’س وكان مبهد’ل الدنيا لا “أيسل” سلمت مِنُه ولا دكاترة ومشرفين عرفوا يقرّبوا مِنُه، هو الوحيد اللِ سمحله يقرّب، وهو مكانش قدامه غير حل واحد عمل بيه غصـ.ـب عنُه، يترقي ويتعـ.ـب شوية ويقوم ولا يتساب وتخر’ب أكتر ما هي خر’بانة؟ أنا اللِ قولتله يروحله ويرقيه مهمًا كان اللِ هيحصل، بدل ما نشكره نقعد نقـ.ـطم فيه وهو فيه اللِ مكفيه يعني؟ اللِ عنده كلمة حلوة يقولها اللِ معندهوش يفضل ساكت ..!!
كان الحديث موجّهًا بعين الإعتبار إلى “زين” بعد أن لمح “ليل” نظرته إلى “رمـزي” ومـ.ـقته إليه، ألتفت ينظر إليه وواساه بنبرةٍ هادئة:
_حقك عليّا يا صاحبي، بعتذرلك بالنيابة عنُه، أنا مش عارف مِن غيرك كُنا هنعمل إيه، أغلب الشيوخ نصا’بين، وأنا لمَ أستعنت بيك كُنت مطمن عليه معاك، عشان عارف إنُه هيكون فإيد أمينة.
برغم الأ’لم الذي يسكُن رو’حه، وبرغم النز’يف الذي لن يتوقف، وبرغم كُلّ ما يشعُر بهِ في هذه اللحظة أبتسم لهُ وكأن شيئًا لم يحدث مِن قبل وربّت فوق ذراعه برفقٍ مجيبًا إياه بنبرةٍ هادئة:
_مش زعلان، أنا مقدّر مشاعر كُلّ اللِ موجودين هنا، وغصـ.ـب عنهم هيفكروا كدا أنا مش بعتب على حد ولا بزعل مِن حد فوقت زي دا، أنا حاسس بيهم وعارف إن اللحظة صـ.ـعبة و “حُـذيفة” ميقلّش عنك حاجة فقلوب الناس الطيبة دي، ربنا يقومه بالسلامة ويشفيه هو وغيره، “حُـذيفة” مش مجرد صديق، هو فمكانة أكبر مِن دي بكتير، ربنا يُلطف بيكم يا ربّ ويطمنكم عليه ويرجع يقف على رجليه تاني.
لحظة مؤ’ثرة تعجـ.ـز فيها الألسنة عن قول أيُ شيءٍ، شَعَر “ليل” أمامه بالعجـ.ـز فما كان عليه سوى أن يضمه، نهضت “نوران” واقفة ثمّ تقدمت مِنهما بخطى هادئة بعد أن شَعَرت بأنها يجب عليها أن تشكُر هذا الشا’ب الذي أنقـ.ـذ ولدها ولم يطـ.ـمع بالمال كغيره، وقفت خلفه وقالت بنبرةٍ بها بُحَّة البُكاء:
_أنا محتاجة أشكرك على اللِ عملته مع أبني.
ألتفت “رمـزي” إليها بجسـ.ـده بعد أن أستمع إلى حديثها، أبتسمت “نوران” في وجهه وقالت بأمتنانٍ شـ.ـديدٍ لهُ:
_شُكرًا على وقفتك جنب أبني، وإخلاصك لِيه، ولأمانتك وجدعنتك معانا، أنا صحيح معرفكش ولا شوفتك قبل كدا، بس أرتحتلك أول ما شوفتك قدامي، وشك فيه القبول، تجبـ.ـر اللِ قدامك يحبك ويحترمك غصـ.ـب عنُه، شُكرًا إنك لحـ.ـقت أبني مِن مستنـ.ـقع زي دا، مبيجيش مِن وراه غير التعـ.ـب، وعايزة أقولك متحسسش نفسك بتأنيب الضمير عشان أنتَ معملتش غير الصح وبس، حكاية إنتكا’سته مقدر ومكتوب منقدرش نقول حاجة غير الحمدلله وندعيله، ربنا يحميك ويبعد عنك شـ.ـر ولاد الحر’ام ويجبـ.ـر قلبك ويجعلك فكُلّ خطوة سلامة ويفتحلك أبواب الرزق كُلّها، أنتَ على رأي “حُـذيفة” غوث، ربنا بيبعته لعباده مِن السما، حقيقي تسلم البطـ.ـن اللِ شا’لت وكبرت.
شعوره الآن لا يوصف أمامها بعد سماعه لهذه الكلمات التي تركت وصمتها في رو’حه وقلبه، برغم الحزن المخيم على أنفسهم وعلى المكان بالكامل ولكن أبتسم، أبتسم لها بعد أن أصبحت عيناه تكسوها الدموع، فحديثها وكأنه عقار يشفي آلا’م الصدور مِن أول جر’عة مِنْهُ، نبرة صوته كانت وكأنها تبوح عن شـ.ـرخٍ في رو’حه لا يستطيع مداواته حينما قال:
_بشكر حضرتك على الكلام الحلو دا فحقي، أنا عملت اللِ كان لازم عليّا أعمله، وهو إن شاء الله هيخف ويعدي مِنها، “حُـذيفة” قوي ومبيقبلش الهز’يمة مهما حصل، هيرجع إن شاء الله.
نظر “عبدالله” إلى أبيه الذي كان يُجري مكالمة هاتفية يعتذر فيها للمتصل عن عدم مجيئه، عقله لا يتوقف عن التفكير في هذا المسكين الماكث في الداخل، فحتى الآن لا يُفكر في أيُ شيءٍ سوى استرداد هذا الحق مهما كانت العو’اقب و’خيمة.
_________________________
<“فُتِحَتْ الأبواب مِن جديد، وازداد الشوق.”>
القلب كما الباب، لا يُفتح سوى لحبيبٍ أو عزيز، ولا يُغلق إلّا حينما ير’فض زائره، وكان قلبها مُعـ.ـلَّقًا بين شوقٍ قا’تل، وفرا’قٍ قا’سِ..
بعد مرور شهر على آخر مقابلة جمعت بينهما،
فُتِحَ الباب بعد مرور شهر على غيابه، لأول مرَّة تُقرر اقتحا’م خلو’ته دون أن تنتظر الإذن مِن أحدٍ، مع أول د’فعة مِن كفها إلى الباب أنتشرت رائحة المكان خارج الغرفة، وكأنها كانت حـ.ـبيسة ظلا’مها وتهللت أساريرها حينما تلقت الحُـ.ـرية، رائحة مليئة بالذكريات، مليئة بالد’فء، ومليئة بالحُبّ، وقفت عند مقدمة المكان، وكأن قدميها تخشى الولوج واقتحا’م مكانًا ليس بمكانها..
الظلا’م يُسيطـ.ـر على الغرفة، وهدوء غريب يُلازم المكان، وكأن خلو’ته مـ.ـيتة، لا حياة فيها بدونه، ألوانها با’هتة، وكأن القسو’ة تغـ.ـلّبت عليها وأعلنت سيطـ.ـرتها على كُلّ شيءٍ، طافت عيناها في المكان بأكمله، وكأنها تستكشف تحفة فنية لأول مرَّة لها، عيناها ألتقتت كُلّ شيءٍ، الذكريات، ماضي أفتقدت وجوده، وضحكة صافية ترن في الأذن تكُن نابعة مِن صـ.ـميم القلب..
صر’اعًا طا’حنًا نُشِبَ داخلها في هذه اللحظة، صوتين صر’خا مع بعضهما فجأةً يقفان في مواجهة بعضهما بالمر’صاد، صوتًا يأمُرها بالولوج فهذا حقها مثله، وصوتًا آخر يمـ.ـنعها مِن الولوج فتلك وقا’حةً مِنها، وبين الاثنين عَلِـ.ـقَتْ هي وأصبحت سـ.ـجينة نفسها، ولكن مع هذا الصر’اع الطا’حن وُولِدَ صوتٌ جديد يقف أمامهما بالمر’صاد يُعطيها الأحقية الكاملة لفعل ما تُريد دون أن تنتظر أن يأ’مرها أحدًا..
وَلَجَت بالفعل لداخل الغرفة بعد أن قررت تنفيذ ما تُريد مهما كانت عوا’قبه، فهي خلو’تها كذلك وحقًا لها، أضاءت مصابيح المكان بالكامل، ومعها أتضحت الصورة وثبتت الرؤية، رأت عالمها أمام عينيها وكأنه يُقدم لها مساعدة لمداواة تلك الثقو’ب، كانت تسير بخطى هادئة للغاية، عينيها تجوب في المكان، وأناملها تُلامس اللوحات الخاصة بهِ برفقٍ، وكأنها تخشى إفسا’د فنُه، توقفت أمام مساند خـ.ـشبية مُعلَّـ.ـقة على الحائط، عيناها أحتضنت كُلّ ما يخصه بحُبٍّ شـ.ـديد، وكأنها ترى كُلّ شيءٍ مِن جديد..
شهاداته التي أكتنزها في آخر مشاركة لهُ في المعرض، وميداليته الذهبية التي فاز بها منذ عامين حين شارك في مسابقة الفروسية، ودرع شُكر وتقدير لتطوعه لدار أيتام خاص بالفتيا’ت، حتى هذا الكأس الثمين الذي يمـ.ـلُك مكانة خاصة في قلبه، هذا الكأس الذي لن يأتي مثله مجددًا، كانت تبتسم بفخرٍ ولمعة السعادة في عينيها وهي ترى أسمه منحو’تًا على الذهب اللامع، وكأن أسمه مقدسًا..
تركت هذا الجزء الخاص بهِ وانتقلت إلى لوحاته الثمينة التي كان بعضها مُعـ.ـلَّقًا على الحائط، وبعضها فوق الطاولات الصغيرة، اقتربت مِن مقعده الخاص أمام مسند لوحي خـ.ـشبي، ونظرت إلى الطاولة الصغيرة التي كانت يعلوها أدواته بالكامل، تفحصتهم قليلًا بمللٍ فرض سيطـ.ـرته عليها حتى رأت ورقة بر’دية مستطيلة مخبوءة بينهم، وكأنها تخشى أن تُكشف أمامها، في هذه اللحظة كُلّ ما سيطـ.ـر عليها هو فضولها، هو كان أقوى مِن أيُ شيءٍ آخر..
مدّت يَدها بحذ’رٍ شـ.ـديد نحوها وكأنها تخشى الإمساك بها، لا تعلم لِمَ ستفعل ذلك ولكن تعلم أن هذا إرضاءًا لفضولها، كانت ورقة بر’دية مطوية، وكأنها تحمل سرًا خطيـ.ـرًا تخشى أن يعلم بهِ أحدًا غير صاحبها، صرا’عًا وسقـ.ـطت هي في بحو’ره بعد أن أصبحت ما بين الصواب والخـ.ـطأ فر’يسة، ولكن كان لفضولها دوره في هذه اللحظة يجعلها تَود فتحها في الحال ورؤية محتواها..
ببطءٍ شـ.ـديد فتحتها بحذ’رٍ وكأن ما بين يَديها قنبـ.ـلة نو’وية وليس مجرد شقفة ورقية مِن المؤكد أن يكون عدم أهميتها أكبر مِن أهميتها نفسها، ولكن ما كان بداخلها ليس مجرد نقـ.ـشًا حبـ.ـري على ورقة بر’دية فحسب، بل هو شغفًا، حُبًّا وعشقًا، ما كان بها كانت حياة أخرى لصاحبها لا أحد يستطيع أن يفهمها بتلك السهولة، رأت عينيها مرسومة بد’قة مبا’لغ بها، وكأن عينيها شيءٌ مقدس لا يجب أن يُخـ.ـطئ بهِ..
أهدابها، عينيها الخضـ.ـراء، الكحل الأخضـ.ـر الذي أبرز رونقها، وكأنها جنة على أرضه، عينان خلقهما الرب، وأبداع هذا الرسام في رسمهما بهذه الدقة، وأسفلهن نُقِـ.ـشَ بكلماتٍ لطيفة وأحرفٍ عربية جعلتها وكأنها مخطوطة فرعو’نية..
_عينيها وطنٌ، فيهن يسكُن بستانٌ مِن الورود، وبأعماقهن وجدتُها جنتِ.
لم تكُن تعلم أن عينيها تمـ.ـلُك هذا السحـ.ـر الخاص بها، لم تكُن تعلم أنَّهُ عاشقًا لهن لهذا الحد، بل الكلمة الأكثر وصفًا لهُ هو هو’سه بها، بسمةٌ واسعة شـ.ـقت شفتيها بجر’اءة، ولمعة خاصة ظهرت فيهن وكأنهن ياقوتًا لامعًا تحت أشعة الشمس الذهبية التي تعامدت عليه عمدًا لإظهار جماله السا’حر للجميع، لا تُصدق ما تراه، ولا تُصدق أن هذا حقيقي، تظهر لها وكأنها مرسومة منذ أعوامٍ طويلة، وليست وكأنها منذ قريب..
أخرجت هاتفها مِن جيب سترتها الشتوية الزهرية وقامت بإلتقاط صورة لها، نظرت إلى الصورة وأبتسمت برضا ثمّ قررت إرسال رسالة قصيرة لهُ تقول بها:
_لأول مرَّة أكتشف إنِ بحبك أوي كدا، مش عشان البُعد اللِ بِنْا، عشان الفن اللِ علقـ.ـتني بيه وعشقك لعيوني اللِ خلّاني بقيت حباهم.
رافقها تلك الصورة التي ألتقطتها بهاتفها، أرسلتها إليه وأغلقت الهاتف وتركته مجددًا فوق سطح الطاولة وعادت تنظر إلى تلك الرسمة بوجهٍ مبتسم تتأملها وكأنها ترى فنًا مِن نوعٍ خاص.
___________________________
<“لا أبرح حتى أبلُغ.”>
هواية وسـ.ـكنت في أعما’ق رو’حه منذ الصغر، عشقه للخيول لم يأتي مِن الفراغ، بل سكن رو’حه قبل قلبه، لأول مرَّة بعد غياب عامٍ كامل يعود إلى تلك النقطة، إلى هذا الشغف، وتلك الراحة، هُنا حيث ينتظره هذا الحبيب، ينتظر أن يعود إليه، أن يُخبره أنَّهُ أشتاق إليه..
فُتِحَ الباب الخـ.ـشبي العاز’ل بينه وبين الحُـ.ـرية، ونُزِ’عَتْ قيو’ده، وكأن الأ’لم الذي كان يلحق بجسـ.ـده يتفـ.ـكك، خرج مرفوع الرأس، جسـ.ـده مشد’ود، والغرور صاحبه، يسير بشموخٍ يليقُ بهِ، أشعة الشمس تعامدت على جسـ.ـده، ظهر بريقه وتوهجت لمعته وكأنه ينا’فس جميع الخيول في الجمال، جسـ.ـده البُني الفا’تح، وخصلاته الطويلة الناعمة التي تتطا’ير بفعل نسمات الهواء حين يبدأ الركض..
وقف أمام “عادل” أمامه يَديه خلف ظهره وجسـ.ـده مشد’ودٌ، وكأنهما مستنسـ.ـخين، مدّ “عادل” ذراعه ملامسًا بكفه وجه حصانه الحبيب الذي سَعِدَ بهذا الترحاب وبدأ يخفض ويرفع رأسه بفرحةٍ يَلُذُ بها بعد غيابٍ فتـ.ـك قلبه، أبتسامة لطيفة أرتسمت فوق شفتيه ولمعةٌ جذا’بة ظهرت في عيناه السو’د’اء جعلته أكثر جاذ’بية ووسامة، أخرج زفيرة عميقة وقرر كسـ.ـر حِدَّ’ة هذا الصمت بقوله:
_وحشتك صح؟ حقك عليّا غيابي كان خارج عن إرادتي كانت سنة صعـ.ـبة أوي وتقيـ.ـلة على قلبي، بس عارف، أتختمت ختمة حلوة أوي طبطبت على قلبي..
رفع ذراعه الأيمن أمام عينان حصانه حيث يستقر خاتم خطبته الفضي ببُنصره وقال بنبرةٍ هادئة وابتسامة جميلة تزين شفتيه:
_خطبت البنـ.ـت اللِ بحبها فاكرها؟ اللِ قعدت أحكيلك عنها كُلّ يوم لحد ما زهقت مِني ساعتها.
صوت صهيل خفيف نبع مِن حصانه الذي رفع رأسه قليلًا وأخفضها مجددًا، وكأنه لا يُصدق أن هذا قد حدث أخيرًا، أبتسم “عادل” ومازحه قائلًا:
_مصدقت أنتَ عشان تخلص مِني مش كدا؟ بعينك ياض مش هسيبك وهفضل فوق د’ماغك.
عاد الحصان خطوتين إلى الخلف وهو يصهل بخفةٍ وكأنه يُعا’رضه ويخبره أن يبتعد عنهُ، ولكن الاستسلا’م ليس مِن سماته ولذلك أبتسم مجددًا بسمةٌ ما’كرة هذه المرة واقترب مِنْهُ بخطى هادئة يفصـ.ـل المسافة القائمة بينهما بقوله:
_بعينك ياض، ولو فكستلك هتتقمص، والدلع مش هتشوفه تاني ووقتي كُلّه هيتشغل وأنتَ مش هتتحمـ.ـل الفر’اق دا، فكر حلو أحسن ليك.
وحين أنهى حديثه وردته مكالمة هاتفية تقطـ.ـع الحديث بينهما، أخرج هاتفه مِن جيب سترته ونظر إلى المتصل ليراها هي، بسمةٌ هادئة أرتسمت فوق شفتيه وجاوبها بنبرةٍ هادئة بقوله:
_مساء الفُل، لسّه جايب فسيرتك دلوقتي حالًا واللهِ.
جاءه الجواب مِنها حينما قالت بنبرةٍ هادئة ووجهٍ مبتسم:
_بجد؟ وبتتكلم عليّا مع مين بقى.؟
نظر “عادل” إلى “فرانسيس” الذي كان يُتابعه بعيناه وكأنه يُخبره مع مَن تتحدث أنت، رفع كفه مجددًا يمسح فوق وجهه برفقٍ وكأنه يعلم سر هذه النظرة، جاوبها بنبرةٍ هادئة وهو يُتابع “فرانسيس” بعيناه:
_مع حد بحبه أوي ومقدرش على زعله، مسيري فيوم أعرفك عليه.
جاءه جواب “ترتيل” التي قالت بنبرةٍ هادئة:
_قريب إن شاء الله، لو بتعمل حاجة ممكن أكلمك وقت تاني، أنا بصراحة كُنت قعدة مع أخويا وبنتكلم فجَت سيرتك فالكلام وقالي إنُه محتاج يكلمك يعني.
تلقى طلبها بترحابٍ شـ.ـديد حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_أكيد طبعًا، أديهوني.
كانت مكالمة مليئة بالوِد مِن كلا الطرفين، حاولوا كسـ.ـر الحو’اجز والتقرُب، حاولوا خوض هذه الحر’ب، حتى تُطفأ نير’انها، ويهدأ لهـ.ـيبها، وتُشرق شمسُ الحُـ.ـرية، حيث تكون حُـ.ـرية بلا احتلا’ل.
__________________________
<“الليلة كان هُناك منافسًا جديدًا لليل في سكونه.”>
ليالِ باردة، مو’جعة، ورو’حٌ مرهفة، غادرت السعادة حياتهم، وحلّتهم النكـ.ـسة أجمع، في أواخر ساعات اليوم الثاني، كان “عُميـر” يجلس فوق الأريكة في شقته، أثاثٌ رقيق وألوانٌ تُريح الأعصا’ب، وسكون يسود المكان بشكلٍ مُهيب، كان يتكـ.ـئ بمرفقيه إلى رُكبتيه، عيناه شاردتين، وعقله مشوّ’ش، جسـ.ـده حاضرًا وعقله ليس في هذا العالم، وفي الخلفية صوت المذياع الصغير، ينشر ابتهالات عشقها القلب في المكان كا’سرًا حِدَّة هذا الصمت..
مولايا قد نامت عيونٌ،
وعيون رحمتك لا تنامُ،
يغشى البريةَ جفوةٌ،
ويبيت وحدَك لا تنامُ،
سبحانك، اللهم إني سائلٌ،
أتراك ترحم من عصاك وجار؟،
إني دعوتك يا كريمُ تكرُّماً،
فاقبل دعائي يا مجيب دعاء.
كانت تقف على عتبة باب غرفة صغيرتها تنتظر إليه، عينيها تحمل مِن الحزن ما يكفي لعامين قادمين، منذ تلقيهم الأمر وما حدث إلى “حُـذيفة” وهي تراه يجلس هكذا طيلة اليوم، لا يتحدث، لا يستمع، لا يُفكر سوى بشيءٍ واحدٍ فقط، طيلة الوقت يستمع إلى الابتهالات التي كان يسمعها “حُـذيفة” طوال اليوم وكأنه يُثبت لنفسُه أنَّهُ مازال هُنا، لن يرحل، لن يتركه وحيدًا، هو يعلم ماذا يعني لهُ لن يجر’ؤ على كسـ.ـر قلبه حتى وإن كانت مجرد فكرة عابرة..
كان قلبها يؤ’لمها وهي تراه هكذا وتشعُر بالعجـ.ـز في نفس الوقت، ماذا ستقول وكيف ستداوي جراحه، وبماذا ستواسيه، ولكن كانت هناك دومًا طريقة وحيدة لمواساته لم تفشـ.ـل يومًا، تحركت مِن مكانها أخيرًا بعد صرا’عٍ طا’حن بينها وبين نفسها تفصـ.ـل المسافة التي كانت بينهما، لأول مرَّة تراه بهذه الحالة ولذلك شَعَرت بالعجـ.ـز، جاورته في جلسته وهي تنظر لهُ دون أن تتحدث، تراه شاردًا منذ قرابة العشرون دقيقة مِمَّ أصا’ب قلبها بالخو’ف عليه..
رفعت كفيها تُبعد ذراعيه وهي تنظر إلى عيناه مباشرةً بحزنٍ د’فين، استسلـ.ـم أمامها ولم يستطع معا’رضتها أو الوقوف أمامها، كأنه ر’يشة خفيفة تنقُلها الريا’ح بين الحين والآخر دون أن تجر’ؤ هي على الاعترا’ض، رفعت ذراعيها وحاوطت كتفيه وتواسيه بقولها الهادئ:
_هيقوم ويبقى كويس صدقني، ربنا رحيم بعباده ما علينا دلوقتي إلّا إننا ندعيله يعدي مِنها على خير ويقوم بالسلامة، مفيش حاجة نقدر نقدمهاله غير الدُعاء يا “عُميـر”.
ولكن لم يُجدي حديثها نفعًا، فقد رأته يُحاول تمالُك نفسُه حتى لا ينجر’ف خلف ر’غباته ويُطاوع هذا الصوت الذي يد’فعه للاستسلا’م وفقد’ان الأمل، رأت أن الكلمات لن تنفعه ولن تُشفي جرو’حه فهي تعلم جيدًا ماذا يعني لهُ “حُـذيفة” وبالتالي الأمر لن يكون هينًا، أخرجت زفيرة عميقة ونهضت واقفة في مكانها وقالت بنبرةٍ هادئة:
_هجيبلك كوباية ميَّة وراجعة.
تركته وحده في صرا’عات نفسُه الداخلية، حتى هذه اللحظة الشيطا’ن كان يتولى الأمر على أكمل وجه، يخلُق أفكارًا لا آخر لها داخل عقله ويقنعه باحتمالية حدوثها في أيا لحظة، هذه هي مُهِمَتُه بلا شـ.ـك، إغو’اء البشر، تحركت عيناه واستقرت فوق هاتفه الذي كان موضوعًا على سطح الطاولة أمامه، ينظر إليه وصوتًا قويًا بداخله يُخبره أن يفتحه ويشاهد صفحته، وأمام ر’غبته لا يُقا’وم، أخذ الهاتف بالفعل وبدأ إبهامه يطرق برفقٍ على شاشة هاتفه..
ليست مجرد صفحة على موقع التواصل الاجتماعي، بل هي أشبه بجلسة نفسية، مَن يدخلها مهمو’مًا يخرج مرتاح البال، ها هي جلسته النفسية تبدأ، كان يضع صورته بحُلّته السو’دا’ء، تلك الصورة التي ألتقطها لهُ “يزيد” في ليلة زفاف “شهـاب”، وفي الخلفية الأخرى صورة بخلفية بُنية فاتحة كُتِبَ فوقها بلونٍ بُني دا’كن _أصبر، كما صبر “أيوب”_ ..
وقبل أن ينجر’ف خلف كلماته ويطوله سحـ. ـرها جذب أنتباهه شيئًا ما، تلك العبارة التي قام بتغييرها في نفس ليلة الحا’دث، هو يحفظها عن ظهر قلب، قام بتغييرها وكأنه كان يشعُر بأن شيئًا ما سوف يحدث، _أغيبُ وذو اللطائف لا بغيبُ_ … لأول مرَّة يراها، وكأنها رسالة صغيرة مخـ.ـفية، بدأ يشاهد جميع منشوراته على التطبيق الشهير “فيسبوك” حتى وقف أمام آخر واحدٍ قام بنشره..
وقف موسى أمام البحر، والعد’و خلفه، ولا مخرج…
لكنه لم ينهز’م، بل قال بكُلّ يقين: كلا إن معي ربي سيهدين،
ثق بالله، ولو اجتمعت عليك الأرض ومَن فيها.
#موسى_كليم_الله
آخر منشورًا تم نشره ومِن بعدها أنقطـ.ـع الوصال، جلست “غدير” بجانبه مجددًا وهي تَمُدّ يَدها بكوب الماء قائلة:
_أشرب شوية ميَّة، أعصا’بك تعبا’نة بقالها ٣ أيام مِن ساعة اللِ حصل.
أخذه بالفعل مِنها وارتشف القليل مِنْهُ وبعدها تركه على سطح الطاولة أمامه، نظرت إليه “غدير” قليلًا ثمّ لّفت ذراعيها حول كتفيه مجددًا وقالت بنبرةٍ هادئة:
_هيخف صدقني، وبُكرة تقول “غدير” قالتها كلمة.
نظر إليها بطرف عينه وكأنه يُريد إجابة تأكيدية على قولها، بينما اصطدمت عيناها بعيناه وفورًا منحته بسمةٌ حنونة وأكدت على قولها:
_صدقني، أنا واثقة فربنا ثقة كبيرة أوي.
أخرج زفيرة هادئة وأكد على قولها بقوله الهادئ:
_أتمنىٰ يا “غدير”، “حُـذيفة” أخويا، يعني أقبل أي حاجة فيها ضـ.ـرر فيا أنا عادي بس هو لا، مبتحمـ.ـلش بصراحة.
ربّتت فوق كتفه برفقٍ وجاوبته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_أنا عارفة صدقني هو إيه بالنسبالك، وعشان كدا بقولك تفائل.
هزّ رأسه برفقٍ وكأنه يؤكد على حديثها، دومًا حديثها يُشعره براحة غير عادية، وكأنه عقار يشفي جرو’حًا لا تُرى بالعين المجردة، أراح رأسه فوق كتفها، علّ هذه الهمو’م تنزاح قليلًا عن عا’تقيه، فهو حتى هذه اللحظة لم يلُذ بتلك الراحة إلا معها هي، وعنها، فلم تستطع أن تر’فض لهُ مطلبًا وضمته فورًا تمسح على رأسه برفقٍ، وكأنها تُزيح كُلّ ما يتسـ.ـبب في إيلا’م رأسه حتى وإن كان غير مرئيٍ.
_أنا هُنا أيها الحبيب، هُنا أنا أمكث،
هُنا هي راحتك التي تبحث عنها،
وملاذك الذي تلجأ لهُ إن فاض بكَ،
هُنا ها أنا، وطنك، وأمنك،
إن تضامنت الشعوب جميعها ضـ.ـدك،
فستجد الدعم مِن رفيق الدرب وحده،
حيثُ لن يُفـ.ـلتك، ولن يتخلىٰ عنك وإن كانت نحـ.ـره فد’ائًا لك.
____________________________
<“خطوة واحدة مِن الملك مِن الممكن أن تُغير كُلّ شيء.”>
الخطى ليست بسهلة على المرء،
خطوة واحدة يتخذها الملك،
وحركة بسيطة يفعلها،
لرُبما تكون هينة،
ولكن لم تكُن،
إلا خطوة،
المو’ت ..!!
فقد الملك قدرته في السيطـ.ـرة على نفسه، وأعلن عن قيام الحر’ب وتصـ.ـفية الحسابات، كُلّما نظر إلى حالة رفيق دربه يجـ.ـن جـ.ـنونه وتبدأ الأفكار السو’د’اء تضر’ب رأسه، كان يقف أمام نافذة غرفته يتابعه دون توقف، وكأن عيناه إذ غفـ.ـلت عنهُ سيتبخـ.ـر كالر’ماد، كانت عيناه مثبتة على شاشة جها’ز المؤشرات، تتابع الخط الذي يصعد ويهبط بهدوء، كانوا يجلسون في الخارج والألسنة لم تتوقف عن ترديد الأدعية..
اقترب “رمـزي” مِنهم بخطى هادئة وإثر النعاس ما زال مسيطـ.ـرًا على عيناه، جاور “ليل” في وقفته وسأله بنبرته الناعسة:
_لسه متحسنش.؟
أبعد “ليل” عيناه عن هذا الجها’ز ونظر في وجه “رمـزي”، لا يملُك جوابًا جديدًا لقوله إليه كما المعتاد ولذلك اكتفى بهزّة صغيرة ينفي قوله، زفر “رمـزي” بعمقٍ وقال بنبرةٍ يائسة:
_لا حول ولا قوة إلا بالله.
نظر بعدها إلى “ليل” الذي همس بنبرةٍ تحمـ.ـل في ثناياها الو’عيد والشـ.ـر:
_مش هسيبه، المرة دي لو حد منـ.ـعني عنُه يستحمـ.ـل اللِ هيجر’اله.
جاوبه “رمـزي” بنبرةٍ هادئة، حاول فر’ض سيطـ.ـرته عليه ولجـ.ـم نو’بة الغضـ.ـب التي أجتا’حته فجأةً بقوله:
_”ليل” دي لحظات شيطا’ن، متسمعلهوش عشان متروحش فد’اهية، فينا عقل نفكر بيه ونعقلها صح.
نظر إليه “ليل” مجددًا وطبـ.ـق على أسنانه وهمس إليه بقوله:
_خر’اب بخر’اب، هو د’مرلي صديق طفولتي ودا’س عليا وعلى عيلتي ومشـ.ـفقش على الطفل اللِ بقى يخا’ف مِن ضِله، أنا مش هفكر بعقلي تاني خلاص، وبالذات مع اللِ زيُه.
_لا إله إلا الله يا أخي، وعشان خاطر الطفل دا أعقلها.
هزّ “ليل” رأسه ولأول مرَّة يُعا’رضه في شيءٍ ليُجيبه بنبرةٍ مليئة بالإصر’ار:
_مش هيحصل، وعشان خاطر أبني أنا مش هعقلها، عقلتها مرَّة ودفعت حق مشاريب مش بتاعتي يا عمّ “رمـزي” خلصت.
بدأ “رمـزي” يشعُر بالأمر الذي بدأ يتخذ نطاق الخروج عن السيطـ.ـرة، ضر’ب على كفيه وألتفت ينظر خلفه ليرى رفيقه “يـوسف” يقترب منهما بخطى هادئة حتى جاورهم قائلًا:
_في إيه، متنشـ.ـنيش ليه كدا.؟
تولى “رمـزي” الأمر ورد عليه مشيرًا تجاه “ليل” قائلًا بنبرةٍ حا’دة:
_شوف نو’بة الجـ.ـنون دي عشان أنا مش حملها، عايز يروح يقتـ.ـل الرا’جل يا عمّ “يـوسف”.
نظر إليه “يـوسف” ثمّ نظر إلى “ليل” وقال ببساطة صدمت “رمـزي”:
_طب ما يقتـ.ـله، ابن *** ويستاهل الحر’ق إيه المشـ.ـكلة يعني.
وببطءٍ شـ.ـديدٍ ظهرت تعبيرات، وبسرعة ظهرت أخرى، ظهرت ببطءٍ بسمةٌ خفيفة على شفتيه وتحوّ’لت نظرته إلى أخرى أكثر مكـ.ـرًا بعد أن أتفق معهُ “يـوسف”، والصدمة القا’سية وعد’م الاستيعاب مِن قِبَل “رمـزي” الذي وقف أمامه يُعنـ.ـفه بنبرةٍ منفـ.ـعلة:
_أنتَ بتقول إيه يا “يـوسف”؟ أنتَ أكيد مجـ.ـنون ..!!
نظر إليه “يـوسف” بوجهٍ مبتسم وجاوبه بنبرةٍ هادئة استفـ.ـزت “رمـزي”:
_لا مش مجـ.ـنون، اللِ يعلـ.ـم عليك عـ.ـلم عليه ودو’سه، مبقاش فيه الطيبة دي يا “رمـزي”.
تحدث “رمـزي” بنبرةٍ حا’دة يرد عليه:
_لا في بس أنتَ اللِ طا’يش وبتحب اللِ يجـ.ـرك معاه ..!!
أخرج “يـوسف” زفيرة عميقة وألتزم الصمت، يعلم أنَّهُ إن دخل في جد’الٍ مع “رمـزي” فلن ينتهي إلّا بفوز واحدًا منهما وهما في الأصل عنيـ.ـدان لن تصل بهما المركب لبـ.ـر الأ’مان، ولكن قبل أن تشـ.ـتد الأمور بينهما كان “ليل” لهُ ردًا حينما تركهما ورحل، أنتوى على الهلا’ك ولن يتردد في إشعا’ل الأمور، ألتفتا لهُ ينظران إليه وكلاهما في هذه اللحظة اجتمعا في فكرٍ واحد، لا داعِ لينتظر جوابًا، فهو صاحب هذه الحر’ب، رُفِعَت الرا’يات، واشتـ.ـعلت الحر’ب، فالخيول حُـ.ـرة في ميادينها الآن.
_______________________________
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)