رواية أسرار عائلتي الفصل الأول 1 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي الفصل الأول 1 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي البارت الأول
رواية أسرار عائلتي الجزء الأول
رواية أسرار عائلتي الحلقة الأولى
– يعني ايه؟ أنا هعيش بين كل دول؟ انت عايزني اعيش بين تسعة رجاله في بيت واحد؟؟
– دول أهلك ونص الرجاله الي بتتكلمي عنهم هما أخواتك!
قالها والدها وهو ينظر إليها بتعب فصرخت به ثانية ودموعها بدأت تنهمر على وجنتيها:
– وانت كنت فين كل السنين دول؟ ليه اخدتني دلوقتي بعد العذا*ب الي كنت بعيشه في بيت خالي؟
إقترب منها ومسح دموعها بحنان:
– صدقيني يا بنتي أنا مكدبتش عليك في حاجه، أنا مكنتش عارف انك عايشه اصلا! لما سبت مامتك وكنت هاخدك معايا هي وهمتني انك متي وانا صدقتها ومفكرتش في انها كدبت عليا عشان تخليكي معاها.
إبتعدت عنه وعيناها تنظران إلى الفراغ بحيرة:
– انا مش فاهمه حاجه! ماما كانت بتقولي ديما انك مت وانا صغيرة .. انت اتجوزتها ليه وسبتها ليه وازاي مكنتش عارف انا ميته والا حية؟!
تنهد بضيق ثم قال:
– هحكيلك كل حاجه بس مش دلوقتي، المطلوب منك دلوقتي انك تثقي فيا وتثقي في اني لو كنت عارف انك عايشه مكنتش هسيبك ابدا بس خالتك الله يكرمها جاتلي وقالتلي انك لسه عايشه وحكتلي عن كل الظلم والعذا*ب الي كنتي بتعيشيه بعد وفاة مامتك، وخالك ده هحاسبه عن كل الي عمله فيكي بس في الوقت المناسب.
تطلعت إليه بنظرات ضائعة فإبتسم لها بحنان ليطمئنها، وكأن تلك الإبتسامة كانت إذنا منه لترتمي بين أحضانه وتبكي بشدة كل الظلم الذي عانت منه في سنواتها الأخيرة .. ربت على ظهرها بحنان أبوي شعرت به لأول مرة في حياتها، أغمضت عينيها براحة وظلت في أحضانه لفترة قصيرة قبل أن تبتعد فجأة وتعقد ذراعيها أمام صدرها بتذمر:
– بس برضه مش عايزه اعيش في بيت كله رجاله!
أخرج زفيرا طويلا دليلا على نفاذ صبره وقال:
– انتي خايفه من ايه يا بنتي؟ انا موجود واخواتك برضه موجودين وجدك واعمامك واولادهم كلهم، محدش منهم هيفكر يأذيكي بالعكس هما هيحموكي، المفروض تنبسطي لان عيلتك كلها رجاله مش تعترضي!
لوت شفتيها بإعتراض واضح وعدم إقتناع فقال بحذر:
– والا عايزه ترجعي لخالك؟
أجابت بسرعة وفي عينيها خوف ورجاء:
– لااا خلاص! أنا هفضل معاك في أي مكان بس متودينيش ليه تاني!
إحتضنها ثانية وقبل رأسها بحنان قائلا:
– مستحيل اسمح انك ترجعيله حتى لو انتي الي طلبتي مني، مش هسمح لحد يأذيكي وانا موجود بعد كده، وزي ما وعدتك خالك هحاسبه عن كل الي عمله والمرادي مش هسكتله زي زمان!
قال جملته الأخيرة بنبرة غامضة فأبعدت رأسها عن حضنه وتساءلت بإستغراب:
– حصل ايه زمان؟
قرص خدها بمرح قائلا:
– مش قلنا هتعرفي كل حاجه بس في الوقت المناسب.
ثم أمسك بيدها وأضاف:
– يلا نروح للبيت دلوقتي.
– ليه احنا دلوقتي فين؟
– في شقة تانيه طلبت من خالتك تجيبك هنا عشان اتكلم معاكي.
…
دخلت القصر بأعين تكاد تنطق من الإعحاب بجماله وكبر مساحته، وقفت في منتصف قاعة الجلوس وإلتفتت إلى والدها قائلة بعدم تصديق:
– هو ده البيت الي بتتكلم عنه؟! ده كلمة قصر قليله اوي عليه!
إبتسم لها وسألها بحب:
– عجبك؟
أجابت وهي ترفع يديها بسعادة كطفلة صغيرة:
– جدا!
ثم سألت بحماس:
– اوضتي فين؟
– استني أعرفك على العيلة وبعدها هوديكي ليها.
قال ذلك ثم سحبها معه بإتجاه غرفة ما، دخلها وهو مازال يسحبها إلى أن إتضح لها أنها غرفة مكتب ..
كان يجلس خلف المكتب رجل يبدو في الثمانين من عمره، قدمه إليها والدها وإتضح لها أنه جدها عبد الرحمان العمري، كبير العائلة، والذي رغم كبر سنه، إلا أنه لايزال محافظا على لياقة جسمه ورجاحة عقله، لا تنكر أنها إرتاحت له حين رحب بها بحب وحنان.
وبمقابلته يجلس رجلان، أحدهما كان يبدو في أواخر الخمسينات والذي علمت من والدها بأنه عمها الأكبر محمد العمري، إبتسمت له ببعض التوتر لكنه قابل إبتسامتها بنظرة باردة ولم يكلف نفسه عناء الترحيب بها.
شعرت ببعض الخوف منه لكنها تجاهلت ذلك عندما قدم لها والدها الرجل الثاني والذي كان يبدو في بداية الخمسينات وهو عمها الصغير أحمد العمري، رحب بها بشدة وإبتسم لها بمرح جعلها ترتاح من ناحيته أيضا ..
جلست إلى جوارهم عندما طلب منها والدها أن تنتظره هناك إلى أن يجمع الشباب .. والدها هو أكرم العمري والأوسط بين أخويه، يبدو رجلا حنونا ولا تنكر أنها أحبته وأحبت حنانه منذ أول لقاء بينهما .. إبتسمت حين تذكرت كيف كانت تجلس بالشقة بإنتظار خالتها وتفاجأت به يدخل بسرعة ويتقدم إليها ويسحبها إلى أحضانه قبل أن تستوعب أي شيء مما يحدث .. أفاقت من أفكارها على صوت جدها يقول:
– تعالي يا بدور.
إقتربت منه بإستغراب وبعض من الخوف فملس على شعرها بحنان متسائلا:
– انتي لسه خايفه مننا؟
نفت برأسها بصمت لكن نظرة من عينيها هربت إلى عمها محمد بدون قصد ففهم أنها مازالت تشعر بالخوف من ناحيته، إبتسم لها ثم إقترب من أذنها وهمس:
– متخافيش منه، هو طبعه كده وهتتعودي عليه.
أومأت برأسها بإبتسامة ولكنها لم تنطق بحرف، ربما لأنها تشعر ببعض الحرج من وجودها مع عائلة لا تعرفها رغم أنها تنتمي إليها .. شعر عبد الرحمان بذلك فقال:
– تعالي نطلع نستناهم برا لو عايزه.
أومأت برأسها مرة أخرى ثم خرجت وخلفها جدها وعماها، جلست على إحدى الأرائك في قاعة الجلوس إلى أن رأت أربعة من الشباب يدخلون القاعة وخلفهم والدها أكرم يقول:
– دول اخواتك والباقي هينزلوا دلوقتي.
وقفت وإقتربت منهم بتوتر، وقف أكرم بجانبها وبدأ بتقديهم إليها .. أكبرهم هو رسلان العمري، مهندس معماري وهو أكبر شباب العائلة وعمره ثلاث وثلاثون، طالعها بنظرة غريبة دون أن ينطق بحرف ثم جلس ووضع قدما فوق الأخرى وهو لا يزال يطالعها بذات النظرة ..
ثاني إخوتها هو أمجد العمري، أستاذ جامعي في الحادية والثلاثين من عمره، إبتسم لها بحب ورحب بها بشدة مما جعلها تشعر بالراحة بعد أن رأت تقبله لها ..
أما ثالثهم فهو أدهم العمري، مهندس برمجيات في الثلاثين من عمره، كان يبدو لها طيب القلب من الوهلة الأولى لكنه طالعها بجفاء وأظهر لها عدم الاهتمام ثم جلس بجوار أخيه رسلان ..
وأخيرا الأصغر بين إخوتها، آدم العمري، محاسب في التاسعة والعشرين، رحب بها بضيق فقط لأجل والده ثم إبتعد ليصعد إلى غرفته دون أن يهتم بشعور الواقفة هناك ..
دخل بعد ذلك أبناء أعمامها ..
الإبن البكر لمحمد، خالد العمري، محام في الثانية والثلاثين من عمره، نسخة مطابقة لوالده شكلا وطبعا..
أما إبنه الثاني فهو عدي العمري، مترجم في الحادية والثلاثين من عمره، بدا لها عصبيا بعض الشيء وقد كان يرمقها بنظرات مشمئزة لم تعلم سببها ..
ثم يأتي الإبن البكر لأحمد، ياسين العمري، طبيب عظام في سنه الثاني والثلاثين، كان يراقبها بنظرات متفحصة لكنه لم يظهر أي تعبير يشرح ترحيبه بقدومها أو رفضه لذلك ..
ثاني أبناء أحمد هو ياسر العمري، مصمم أزياء في الثلاثين من عمره، لم تلق ترحيبا منه هو الآخر، لكنها تلقت فقط نظرات ساخرة، أيضا لا تعرف سببها ..
أما الإبن الأصغر فهو يامن العمري، مهندس ديكور في التاسعة والعشرين من عمره، رحب بها بلا مبالاة ثم عاد إلى غرفته هو الآخر ..
…
جلست بين والدها وأخيها الذي تقبل وجودها برحابة صدر على خلاف البقية، الآن كسبت محبة أربعة فقط وهم والدها وجدها وعمها أحمد وشقيقها أمجد، أما البقية فلا تعلم كيف ستتعامل معهم، العيش في هذا القصر بين هؤلاء الرجال سيكون صعبا بما أنها الأنثى الوحيدة هنا.
سؤال مر على عقلها فجأة، إذا كانت لا توجد أنثى في هذا القصر فمن يطبخ وينظف ويعتني بأمورهم، فهي تعلم أن معظم الرجال وخاصة الأغنياء لا يستغنون عن الإناث فقط لتقوم بكل تلك الخدمات، وهنا جاءت إحدى الخادمات لتصلها الإجابة على سؤالها فورا، حمدت الله كثيرا فور رؤيتها، فحتى لو كانت خادمة، سيطمئنها وجودها معها.
تقدمت منها تلك الأخيرة لتحدثها بأدب:
– اتفضلي معايا يا بدور هانم عشان اخدك لاوضتك.
تبعتها إلى حيث تأخذها وهي تحاول حفظ تصميم ذلك القصر العملاق، والذي كان مكونا من ثلاثة أدوار، الدور الأرضي يحوي قاعة الجلوس الكبيرة وقاعة الاستقبال المغلقة، والتي من الواضح أنها مخصصة لاستقبال الأشخاص المهمين، ويحوي أيضا على المطبخ الكبير وغرفة الخدم الملحقة به وقاعة الطعام التي تتوسطها طاولة دائرية كبيرة يقف حولها ثلاثة عشر كرسيا لكنهم أصبحوا أربعة عشر بعد وصول بدور، وغرفة مكتب ودورة مياه ملحقة به، أما الدور الأول والثاني ففيهما مجموعة غرف كبيرة متعددة تكاسلت عن عدها لكن من المؤكد أنها فاقت عدد الساكنين بالقصر.
وقفت الخادمة أخيرا أمام غرفة في الدور الأخير وفتحتها ثم أفسحت المجال لبدور للدخول، دخلت لتتفاجئ بغرفة كبيرة تزيد مساحتها عن مساحة شقتها القديمة تقريبا يطبع عليها اللون الأبيض والزهري، رغم أنها كانت تكره هذا اللون إلا أنها أصبحت من عشاقه في هذه اللحظة، ومن ذلك الأحمق الذي سيشغل تفكيره باللون ويغض البصر عن كل ما بالغرفة من حاجات، سرير كبير مريح، مصابيح بأضواء متعددة الألوان، مكتب أبيض ظريف يحمل دباديب كثيرة، مكتبة صغيرة احتوت العديد من الكتب والروايات بمختلف التصنيفات، مكتب ثان عليه حاسوب محمول زهري اللون ومودم للانترنت خاص بها، خزانة كبيرة فتحتها لتتفاجئ بالعديد من الملابس التي كانت تتمنى الحصول عليها حتى لو كانت في الأحلام، خرجت إلى الشرفة التي كانت على شكل نصف دائرة، فوجدت بها مقعدين مريحين وطاولة صغيرة مستديرة بينهما، لفت نظرها منظر الفناء الخلفي لحديقة القصر التي تطل عليها شرفتها وخاصة ذلك المسبح النصف دائري الكبير والذي تكاد تجزم أن مساحته أكبر من مساحة غرفتها هذه.
شعرت بالبرد فعادت للداخل لتجد تلك الخادمة مازالت تقف على الباب تنتظرها إلى أن تكمل إستكشافها، إقتربت منها بدور فقدمت لها الأخرى مفتاح غرفتها ثم قالت:
– خدي شاور دلوقتي في الحمام الملحق باوضتك وبعدها تعالي عشان تتغدي مع باقي العيله.
أومأت لها بدور بإبتسامة:
– اوك شكرا.
بادلتها الخادمة الابتسامة ثم همت بالذهاب لكن بدور إستوقفتها قائلة:
– استني!
إلتفتت إليها في إنتظار ما ستقوله لكنها تفاجأت بها تقترب منها وتقول بمرح:
– اسمك يا جميل!
إبتسمت على مرحها وأجابت:
– كريمة يا هانم.
لوت بدور شفتيها بإعتراض:
– ايه هانم دي؟ قوليلي بدور وبس.
– بس مينفع …
قاطعتها بحزم مصطنع:
– مفيش عندي حاجه اسمها مينفعش! انتي هتقوليلي بدور وأنا هقولك طنط كريمة، تمام؟
أومأت لها كريمة بضحكة:
– حاضر!
وقبل أن تهم بالذهاب سمعت صوتا من خلفها يقول بحدة:
– بتعملي ايه هنا يا كريمة؟
إلتفتت لصاحب الصوت لتجده الإبن الأوسط لأحمد، أخفضت رأسها باحترام وقالت:
– كنت بعرف الهانم اوضتها يا ياسر بيه.
– طيب لو خلصتي روحي فورا.
– حاضر!
نزلت وتركت بدور وحدها وهي تغلي من الغضب على هذا المتعجرف، رمقته بنظرات حادة:
– بتتكلم معاها كده ليه؟
رفع حاجبه الأيمن باستغراب وبعض السخرية:
– دي مجرد خدامه.
صاحت فيه بغضب:
– ولو! المفروض تحترمها مهما كان شغلها، دي في عمر مامتك على فكرة!
رمقها بسخرية ثم ربت على رأسها بابتسامة ساخرة:
– أعتقد أنه المفروض تتعلمي ازاي تتعاملي كوحده من الطبقه الغنيه، وانا هحرص على تعليمك متخافيش.
أبعدت يده عنها بغضب ودخلت غرفتها وأغلقت الباب أمامه بقوة، حرك يده على شعره الغزير بانزعاج ثم نزل إلى الأسفل حيث يجلس الجميع على تلك الطاولة المستديرة لتناول الغداء.
أخذت حماما منعشا وأطالت فيه على غير عادتها، خرجت أخيرا وهي تلف المنشفة حول جسدها فسمعت طرقات قوية على الباب.
اقتربت منه وقالت بصوت عال:
– مين؟
لم يجبها أحد وتواصلت الطرقات فشعرت بالغضب وتجاهلته متجهة لخزانة أحلامها لتبحث عما سترتديه لكنها تفاجأت بصوت الباب يفتح وصوت رجولي خلفه يقول ببرود:
– يعني هنستنى جلالتك كتير عشان تجي تتغدي ونستنى كتير برضه عشان تفتحي الباب؟
يتبع ..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرار عائلتي)