رواية شمس ربحها القيصر الفصل الحادي عشر 11 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر الفصل الحادي عشر 11 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت الحادي عشر
رواية شمس ربحها القيصر الجزء الحادي عشر
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الحادية عشر
الفصل الحادي عشر ..
عاد قيصر الى القصر بملامح مسترخية ليتفاجئ بسوزان أمامه تنتظره في الحديقة الأمامية وملامحها يغلب عليها الغضب والحنق الذي سرعان ما أخفتهما وهي ترسم على وجهها الألم والخذلان بدلا عنهما ..
تقدمت نحوه ليتوقف في مكانه مجبرا حتى وصلت إليه وهتفت بحزن مصطنع :
” ماذا حدث ..؟! هل وافقوا ..؟!”
أردفت وهي تلوي شفتيها بإبتسامة هازئة :
” بالطبع سيوافقون .. أين سيجدون عريس مثلك لإبنتهم ..؟!”
رد بهدوء :
” سيسألون عني ويأخذون رأي الفتاة قبل أن يخبروني بقرارهم ..”
” ومن هي سعيدة الحظ التي إخترتها دونا عن الجميع لتصبح زوجتك ..؟!”
أجاب بصوت مسترخي :
” لماذا تستعجلين الأمور يا سوزان ..؟! سترينها في الخطبة ان شاءالله اذا وافقت طبعا ..”
قالت هازئة :
” هل يعقل أن ترفضك أنت يا قيصر ..؟!”
نظر إليها بتمهل ثم رد ببرود :
” كل شيء وارد ..”
سألته بمقت شديد :
” هل تحبها ..؟!”
قال بنفاذ صبر :
” هل أخضع للتحقيق يا سوزان ..؟! ما شأنك أنتِ إذا كنت احبها او لا ..؟!”
هتفت بدموع مصطنعة :
” أنت تعلم إنني أحبك ومنذ سنين طويلة ..”
هدر بها محذرا :
” انتبهي على حديثك يا سوزان .. لا أقبل بهذا الكلام السخيف ابدا .. ”
” مشاعري سخيفة ..”
قالتها بإستنكار ليرد بحزم :
” مشاعرك سخيفة وغبية ولا وجود لها من الأساس .. احترمي نفسك وإستوعبي إنك تتحدثين مع ابن عمك الأكبر .. ألا تمتلكين ولو قليلا من الأدب والحياء ..؟! ”
همت بالرد مدافعة عن نفسها لكنه أكمل بحسم :
” إياكِ أن تكرري هذا الحديث التافه مرة اخرى حتى لو مع نفسك لإنني لن أتردد لحظة في إخبار عمي بتصرفاتك هذه وسوف يتصرف معك حينها بالشكل المناسب ..”
ابتلعت ريقها بتوجس بينما تركها ورحل دون أن ينتظر منها ردا ..
ضغطت على شفتيها بقوة قبل أن تسير خارج الحديقة متجهة نحو الكراج حيث توجد سيارتها لتجد خالد يهبط من سيارته هناك فتتقدم نحوه تهتف بتهكم :
” هل سمعت آخر الأخبار ..؟! ابن عمك العزيز سيتزوج أخيرا ..”
رد بعدم إهتمام :
” قرار جيد ولكن ما دخلي أنا بكل هذا ..؟!”
صاحت بضيق :
” لا أصدق إنه فضل فتاة غريبة علي .. ”
غمغم خالد بصوت هازئ :
” وكأنكِ ملكةِ عصرك ..؟!”
” تسخر مني يا خالد .. حسنا أشكرك كثيرا ..”
قالتها بحنق من إسلوبه المستفز ليهتف ببرود :
” أنتِ من تجلبين السخرية لنفسك بإسلوبك هذا .. ”
أكمل وهو يتفحص ملامحها المحتقنة بعينيه :
” كفي عن تصرفاتك هذه يا سوزان .. ليس كل ما تريدنه ستنالينه .. استوعبي هذا و اقتنعي به …”
هتفت معارضة :
” بل سأنال كل ما أريده .. قيصر لي .. أنا ابنة عمه وأولى به من تلك الدخيلة .. هو سيكون لي .. لا يحق له تركي لإجل أخرى لا تستحقه ..”
زفر أنفاسه مرددا بغيظ :
” لو قلت على الأقل إنك تحبينه لكنت تعاطفت معكِ قليلا مع إنني أشك أن قلبي قد يتعاطف معكِ أنتِ تحديدا .. لكن بحديثك هذا أنتِ تجعلين شعوري بالنفور والإزدراء نحوك يتضاعف عن قبل .. لا أستوعب حقا إنك تريدين الزواج به فقط كي تحققي رغبتك بتملكه .. سوزان هانم لا تقبل أن تخسر أي شيء .. يجب أن تحصل على ما تريده .. ما هذا التفكير الوضيع بالله عليكِ ..؟!”
هتفت ساخرة :
” انظروا من يتحدث .. خالد المتعجرف ذو الشخصية النزقة الذي لا يهتم بأحد سوى نفسه ..”
” وما علاقة هذا بهذا يا سوزان ..؟! ”
ردت ساخطة :
” بل له كل العلاقة .. انت مثلي تماما تبحث عن مصلحتك اولا .. أنت فقط وليذهب البقية الى الجحيم ..”
قال خالد منزعجا :
” لو كان ما تقولينه صحيحا لما كنت صابرا حتى الآن على العديد من الأشياء التي لا ترضيني بتاتا .. لو كنت هكذا حقا لفعلت أشياء نتائجها كليا سوف تصب في مصلحتي …”
” يا لك من رجل نبيل ..”
قالتها بصوت مستهزء ليقبض على ذراعها مقربا وجهها من وجهه مرددا بتحذير :
” انتبهي على حديثك معي يا سوزان كي لا أقوم بتصرف يؤذيكِ .. انا لست قيصر الذي يتجاهل تصرفاتك الغبية مستوعبا حماقتك ومجبرا على عدم محاسبتك كونك ابنة عمه .. انا لا اهتم بهذا ولا مانع لدي من تأديبك على طريقتي الخاصة ..”
همت بالرد لكنها توقفت وهي تستمع الى صوت حوراء الغاصب يدوي عاليا :
” ماذا يحدث هنا ..؟! لماذا تقفان بهذا الشكل ..؟!”
حرر خالد ذراع سوزان ثم وجه حديثه الصارم لحوراء :
” اخفضي صوتك اولا .. ثانيا .. أين كنتِ يا هانم ..؟! لقد تجاوزت الساعة التاسعة وأنتِ خارج المنزل ..”
اقتربت منه بعينين غاضبتين وقالت بعصبية :
” ماذا يحدث بينكما ..؟! كيف تقفان لوحديكما في الظلام في مكان معزول وتتحدثان بهذا القرب ..؟! ألا تخجلان من هذه التصرفات الحقيرة ..؟!”
” انتبهي على حديثك يا حوراء ..”
قالها خالد منبها لتهزء به :
” انظروا من يتحدث ويهدد أيضا .. قبل أن تطلب مني الإنتباه على حديثي فلتنتبه أنت على تصرفاتك يا خالد بك ..”
” أنتِ يا فتاة .. احترمي خالد الذي يكبرك بأعوام وإحترميني انا ايضا .. ”
قالتها سوزان بغضب قبل أن تكمل :
” ثانيا ، ما شأنك بنا ..؟! لماذا أنتِ منزعجة الى هذا الحد ..؟!”
أجابت حوراء وهي تقاوم بشدة رغبتها في ضربها :
” منزعجة بسبب تصرفاتكما الغير محترمة على الاطلاق ..”
” حوراء ..!!”
صاح بها خالد بصوت جهوري قوي لتضغط حوراء على شفتيها بحنق فتسمعه يشير الى سوزان :
” عودي الى الداخل .. لا خروج في وقت كهذا ..”
همت بمعارضته لكنه كرر أوامره بصوت أقوى جعل جسدي الفتاتين يرتجفان :
” عودي الى الداخل حالا ..”
سارت سوزان بسرعة الى الداخل بينما اقترب خالد من حوراء المضطربة ليميل بوجهه نحوها ناظرا الى عينيها الكحيلتين بقوة مخيفة مرددا بصوت بث الرهبة داخلها :
” كلامك هذا لن يمر مرور الكرام يا حوراء .. لن يمر أبدا ..”
تركها ورحل سائرا نحو القصر تاركا حوراء مضطربة قلقة مما سينتظرها من يد هذا القاسي البارد التي تعرفه جيدا فهو سيعاقبها على حديثها المتهور هذا ..
………………………………………………………………
دلفت ربى الى غرفة شمس وهي تهتف بعدم تصديق :
” هل صحيح ما سمعته يا شمس ..؟! ستتزوجين من قيصر عمران ..؟! أقصد خطبك يعني ..!”
حدقت بها شمس للحظات ثم أشاحت وجهها بعيدا عنها لتقترب أختها منها وتجلس بجانبها متسائلة :
” لماذا تبدين غير سعيدة ..؟!”
” ولماذا يجب أن أكون سعيدة ..؟!”
سألتها شمس بتبرم لترد ربى ببديهية :
” لإن هناك رجل من أهم رجال البلد وأكثرهم ثراءا وشهرة تقدم لخبطتك ..”
هتفت شمس منزعجة من حديث أختها التي لا تدرك أي شيء مما يحدث :
” وهل يجب أن أكون سعيدة فقط لأجل هذا ..؟!”
مطت ربى شفتيها وقالت :
” انا لا افهم ما بك .. ألم تخبري والدي إنك ستفكرين جديا في طلبه ..؟! ألم تقولي إنها زيجة مناسبة وكلام من هذا ..؟! ما بالك تبدين وكأنكِ مجبرة عليها ..؟!”
صاحت شمس بإنفعال:
” لإنكِ تنظرين للأمور من جانب واحد .. طالما هو ثري و معروف وذو مركز فيجب أن أوافق عليه دون تفكير .. مثلك مثل الجميع … تفكرون بنفس الطريقة .. ”
زمجرت ربى بضيق :
“ما هذا الهراء ..؟! بالطبع لا أفكر هكذا .. يعني لو كان هذا الرجل سيئا او تصرفاته مشينة او متكبرا مثلا فسأخبرك أن توافقي عليه فقط لإنه فاحش الثراء .. هل ترين إنني صغيرة عقل وساذجة الى الدرجة التي تجعلني أقيم الشخص بناء على ماله ومركزه وربما شكله ..؟! لا يا شمس .. انا فقط تحدثت بشكل مبدئي كونه عريس مميز .. لكن بالطبع سننتظر معرفة أشياء اخرى عنه كأخلاقه و طبيعة تصرفاته مع إن الأخبار دوما ما تذكره بالخير .. لكن ربما هناك أشياء خلف الستار لا نعلم عنها ..”
تنهدت ربى بصوت مسموع ثم قالت :
” اضافة الى ذلك .. حتى لو كان رجلا مثاليا في كل شيء حتى في اخلاقه .. حتى لو كان رجلا متكاملا من جميع النواحي فأنتِ غير مضطرة الى القبول به اذا ما كنت لا تشعرين نحوه بشيء .. فالقبول من طرفك أهم سبب للموافقة وبعدها تأتي الأسباب الأخرى .. انا حتى كنت أنوي التحدث معك بشأن فارق السن .. فهو يكبرك بأكثر من ثلاثة عشر عاما .. صحيح هو فائق الوسامة والجاذبية لكن فارق العمر يلعب دوره في علاقة اي زوجين وربما فارق العمر هذا يجعل هناك حاجزا بينكما ومشاكل تظهر تدريجيا بسبب إختلافكما في التفكير والإهتمامات وحتى التطلعات .. هذا غير نمط حياته الذي ربما لا يناسبك .. إضافة الى ذلك إن هناك شيء ما يقلقني ويجعلني غير مرتاحة عموما ..”
” شيء ماذا ..؟!”
سألتها شمس بتوجس لترد ربى بجدية :
” إنه إختارك أنتِ كزوجة له رغم الفارق الواضح بينكما في المستوى المادي والاجتماعي اضافة الى فارق السن .. صحيح حالتنا المادية جيدة للغاية وتعتبر فوق المتوسطة لكننا لسنا أثرياء .. كما إنني لم لم أقتنع بحديثه عنكِ وعن رؤيته لكِ في الجامعة .. هناك شيء ما يقلقني لكنني أعاود القول بإنه رجل محاط بأجمل وأهم النساء وبالتالي من المستحيل أن يعبث بكِ تاركا البقية والأهم من ذلك إنه لن يورط نفسه في زيجة فقط كي يعبث قليلا لذا أشعر إنه بالفعل يريدك ..”
نظرت شمس إليها بسعادة خفيفة من تفكيرها الواعي ورجاحة عقلها التي لا يمتلكنها الكثير من الفتيات في عمرها ..
هتفت معتذرة عن إنفعالها السابق عليها :
” أعتذر يا ربى .. لقد إنفعلت عليكِ دون وجه حق ..”
ردت ربى بلا مبالاة غريبة عليها فهي لا ترضى أبدا أن ينفعل عليها أحد أو يصرخ في وجهها أيا كان :
” لا تقولي هذا .. أنا أعلم إنك متوترة بعد زيارة ذلك الرجل .. ”
أردفت وهي تشير بإبهامها نحوها :
” لقد تقبلت إنفعالك علي فقط لإنك حائرة متوترة .. لكن مرة أخرى لن أقبل أبدا وسأرد عليكِ كالعادة ..”
ضحكت شمس بخفة بينما قالت ربى بعقلانية :
” لا ترهقي نفسك بالتفكير .. مبدئيا اسألي عنه جيدا وتأكدي من كل شيء حوله مع إنني أعرف الجواب المسبق فالرجال مثله دوما ما تكون سمعتهم نظيفة ظاهريا لكن داخليا الله وحده يعلم ما يضمرون سواء خير او شر .. ثانيا راجعي نفسك أكثر من مرة كي تعلمي اذا ما كان هناك قبول من ناحيتك او لا وطبعا قابليه وتحدثي معه حتى لو أكثر من مرة وأخيرا لا تنسي صلاة الإستخارة فهي ستساعدك كثيرا في قرارك ..”
أومأت شمس برأسها بينما اكملت أختها بمرح :
” لكن مع هذا لا بأس بأن نتفاخر قليلا بعريسك الغني المعروف أمام أقاربنا وخاصة زوجة عمك وبناتها اللواتي سيموتون غيظا عندما يعلمن بهوية العريس ..”
زمت شمس شفتيها بينما اتجهت ربى نحو الجهاز اللوحي الخاص بأختها وفتحته بعدما أدخلت الرمز السري الذي تعرفه لتسمع شمس تسألها :
” هل نام الجميع ..؟!”
ردت ربى :
” ماما فقط من ذهبت الى النوم دون حتى أن تعد العشاء … بابا يقرأ كتابه كالمعتاد وأسامة يمرح مع أصدقاء على الشات .. أشعر إنه يعيش في عالم آخر غير مهتم بكل ما يحدث ..”
جلست شمس بجانبها تسألها :
” ماذا تفعلين ..؟!”
أجابت ربى بسرعة :
” أبحث عن عريسك وآخر إخباره ..”
ثم بدأت تقلب في صوره وأخباره بفضول بينما شمس تزفر أنفاسها بضيق مما يحدث حتى صاحت ربى فجأة :
” انظري مع من يقف يا شمس .. إنها تارا الهاشم.. النجمة المشهورة .. إنظري هناك عدة أخبار قديمة عن وجود علاقة حب سرية بينهما ومشروع زواج قائم وأخبار أخرى تقول إنهما متزوجان عرفيا .. ”
نظرت شمس بفضول الى تلك الصور المعدودة التي جمعت قيصر بتارا الهاشم .. تارا تلك المغنية المشهورة للغاية والتي إستطاعت أن تحقق شعبية هائلة في سنوات قصيرة ونافست أكبر النجوم في المنطقة رغم سنها الصغير .. جمالها الجذاب ساعدها في ذلك إضافة الى صوتها الرائع و شخصيتها المميزة .. إنها حديث الشرق والأوسط والصحافة في السنوات الأخيرة ..
تأملت قيصر التي يقف بجانبها في أحدى الصور ينظر الى الكاميرا وإبتسامة رزينة تزين شفتيه بينما تارا تبتسم بجاذبية معتادة وعيناها تنظران نحو الكاميرا بثقة وكبرياء لطالما تحلت به على الدوام ..
” أنتِ تحبين أغنياتها كثيرا ..”
ردت شمس بملل :
” نعم أحبها .. ولكن هل سأترك مشكلتي الأساسية وأفكر بتارا الهاشم وعلاقتها المريبة مع المدعو عريسي ..”
عادت ربى تقلب في الصور لتجد صور مختلفة لقيصر أغلبها في مناسبات رسمية لكنها وجدت صورة له بجانب شخص آخر عرفته فورا يقف بجانبه بملابس غير رسمية ويبتسمان بهدوء ..
تجهمت ملامح ربى بحيرة وهي تتطلع الى ذلك الذي يقف بجانبه والذي لم يكن سوى حاتم ..
همت بقول شيء لكنها إمتنعت عن ذلك ثم ضغطت على الصورة لتقرأ ما كتب عنها والذي كان يقول إن هذا الرجل هو حاتم علوان ابن عائلة علوان الشهيرة وصديقه المقرب ..
تكونت الشكوك داخلها لكنها أبت أن تتحدث كي لا تقلق أختها فهي ستكتشف كل شيء بنفسها ..
عادت تقلب في الصور لتجد صور عائلية لأفراد عائلة عمران ثم بدأت تظهر صور متفرقة لأفراد العائلة من أخواته وأخيه وأبناء عمومه ..
نهضت شمس من جانبها ثم اتجهت نحو سريرها وتمددت عليه وأغمضت عينيها حيث شردت بعيدا تفكر فيما ستفعله غدا خاصة مع مواجهة والدتها الأكيدة بينما ظلت ربى تقلب في صور افراد العائلة وحساباتهم بفضول شديد ..
…………………………………………………………………..
في صباح اليوم التالي ..
يجلس الجميع بإستثناء سوزان وحوراء على مائدة الإفطار يتناولون طعامهم بصمت شديد ..
كانت كوثر تقضم طعامها والضيق يسيطر عليها مما حدث ليلة البارحة وعجزها عن معرفة هوية العروس التي إختارها ابنها دون أن يكلف نفسه ويأخذها معه عند خطبتها متحججا إنه ينتظر موافقتها المبدئية قبل أن يذهبوا نساء العائلة لخطبتها ..
تقدمت الخادمة منهم وقالت برسمية :
” حوراء هانم لا ترغب بتناول الإفطار يا هانم .. هي تقول إنها ما زالت تشعر بالنعاس وترغب في النوم لساعات أخرى ..”
هزت كوثر رأسها وأشارت بكفها إليها :
” حسنا .. بإمكانك الذهاب ..”
خرجت الخادمة من المكان بينما هتف خالد بجدية :
” حوراء عادت بعد الساعة التاسعة مساء البارحة يا قيصر .. وددت إخبارك بذلك إذا لم يكن لديك علم .. ”
رد قيصر بنبرة مقتضبة :
” بالطبع أعلم وسمحت لها بذلك ..”
بينما في داخله يتوعد لأخته التي تتعمد الخروج مساءا دون إخباره رغم تحذيره المسبق لها بشأن هذا الموضوع ..
سمع قيصر والدته تحدث خالد بصوت منزعج :
” حوراء ليست صغيرة يا خالد كي تخبر أخيها بتحركاتها .. كما إنك لا يحق لك التدخل ومحاسبتها على تصرفاتها فهي لديها أخ كبير مسؤول عن هذا ..”
رد خالد بهدوء وبرود واضح :
” عندما يفعل قيصر ذلك ولا يتدخل بلميس وبقية بنات العائلة بإستثناء أختيه سأفعل أنا المثل ولن أتدخل سوى بأختي .. ”
همت كوثر بالرد لكن قيصر سبقها وهو يرد عليه بهدوء وقوة :
” انا أفعل ذلك كوني كبير العائلة والمسؤول عن جميع أفرادها يا خالد .. ”
قال خالد بصوت رغم هدوءه يحمل سخرية مبطنة :
” حسب علمي فعمي صالح ما زال موجودا وفي كامل قوته وصحته وهو من يجب أن يكون المسؤول عن كل هذا ..”
قال قيصر بجدية :
” عمك صالح هو من إختار ترك مسؤولية إدارة العائلة بكافة شؤونها لي ..”
” أعلم ذلك .”
قالها خالد بإذعان سرعان ما اختفى وهو يردف بصوت خبيث :
” لكن لا أظن إن هذا سيستمر يا ابن العم .. فهو تنازل عن حقه لسبب محدد الجميع يعرفه جيدا ..”
سيطر الوجوم على ملامح كوثر التي كانت تفكر منذ البارحة بهذا الأمر بينما قال قيصر بلا مبالاة بعدما إرتشف قليلا من الشاي خاصته :
” اطمئن من هذا الناحية ولا تقلق لأجلي .. انا اعرف جيدا كيف أجعل كل شيء يستمر كما هو دون أن يستطيع أحد المساس به ..”
نهض من مكانه بعدما أنهى طعامه ليلقي تحية الوداع ويهم بالخروج حينما سمع صوت والدته تخبره إنها تريد الحديث معه قليلا ..
سار معها على مضض الى غرفة المكتب ليجدها تغلق الباب وتتقدم نحوه تهتف بغضب بالكاد تستطيع السيطرة عليه لكنه يظهر على ملامحها بوضوح :
” أنا غير موافقة على هذه الزيجة يا قيصر .. تحدثنا مسبقا بشأن زواجك وأخبرتك إن سوزان هي من تناسبك وأنت وعدتني إنك ستفكر بها عندما تفكر بقرار الزواج عموما ..”
رد قيصر بهدوء :
” أخبرتك أكثر من مرة عندما أتخذ قرار الزواج يوما ما سأفكر جديا بسوزان في حالة لم تكن هناك واحدة معينة أريدها لكن بالفعل توجد واحدة أريدها .. إذا أنا لم أفعل شيئا يناقض ما وعدتك به ..”
” يا قيصر افهم .. صالح منحك كل شيء برخاء فقط لإنه يظنك ستتزوج سوزان .. ”
قال قيصر بلا مبالاة :
” هل وعدته أنا بشيء كهذا ..؟! هل لمحت له مجرد تلميح حتى ..؟! بالعكس دوما ما كنت أقول إن جميع بنات العائلة أخوات لي وعلى رأسهن سوزان .. هل أنا مسؤول عن تخيلاته وأمنياته المستحيلة يا والدتي العزيزة .. ”
هتفت كوثر بضيق :
” ولكن سوزان مناسبة لك من جميع النواحي .. إنها ابنة عمك .. أكثر من تليق بك وتوازيك في المال والجاه .. ”
” ولكنني لا أريدها .. هل سأتزوج منها فقط كونها ابنة عمي وتليق بي ..؟!”
قالها قيصر بملل من هذا الحديث المتوقع والذي سمعه مرارا من قبل لترد كوثر بعدم استيعاب :
” ألم يكن هذا تفكيرك أيضا ..؟! ألم تقل إنك عندما تقرر الزواج ستختار فتاة من عائلة مرموقة ذات مركز ومستوى راقي من جميع النواحي .. فتاة متكاملة تمتلك الجمال والمال و الشهادة العالية والنسب المشرف .. فتاة توازيك في كل شيء .. أليست سوزان هي من تمتلك كل هذا ..؟! فائقة الجمال .. والدها صالح عمران المهندس المعروف بعبقريته ونجاحاته التي يتحدث عنها الجميع في مجال عمله .. والدتها الطبيبة المعروفة وسمعتها التي وصلت لبلاد الغرب .. سوزان نفسها التي تخرجت من أرقى جامعات امريكا .. أخبرني أين ستجد نسبا كهذا ..؟! هل تلك الفتاة توازي ابنة عمك في مستواها الاجتماعي والثقافي ..؟! ”
رد بهدوء :
” كلا لا توازيها .. لكنني أريدها هي ولا أريد سوزان ..”
” قيصر ..!!”
هتفت بها كوثر معترضة ليرد بحزم :
” اسمعيني جيدا .. لقد اخترت الفتاة التي سأتزوجها ولا أنوي التراجع عن إختياري .. انتهى الأمر الى هنا .. لا أريد سماع كلمة واحدة اخرى .. أنتِ تدركين جيدا إنني لم أتأثر بحديث أي أحد حتى أبي رحمه الله ولن أتأثر أبدا ..لذا لا ترهقي نفسك بحديث لن أفكر به للحظة واحدة حتى ..
خرج بعدها تاركا والدته تتآكل غيظا وغضبا ..
…………………………………………………………………
فتحت شمس عينيها على صوت والدتها تنادي عليها ..
لتعتدل في جلستها وهي تنظر إليها بوجل ثم سألتها بصوت متلعثم :
” متى عدتِ من عملك ..؟!”
ردت والدتها وهي تتأمل ملامحه المنكمشة :
” منذ دقائق .. ”
أكملت وهي تلاحظ وجوم ملامح شمس :
” جئت لأتحدث معك طالما إن والدك لم يعد بعد وأختك وأخيكِ ينامان حتى العصر منذ بدء عطلتهما ..”
” لدي مذاكرة فغدا امتحاني ..”
قالتها شمس بخفوت لترد مها بتهكم :
” أي إمتحان بالله عليكِ .. ؟! الإمتحان الذي لم تذاكري منه حرفا واحدا حتى الآن ..”
ردت شمس بخفوت :
” أنتِ تعلمين ما يحدث معي و يمنعني عن المذاكرة .. ارجوكِ غدا امتحان مهم للغاية .. لا وقت لدي ويجب أن أبدأ مذاكرة الآن حتى الصباح حتى إنه لا مجال لدي للنوم .. ”
نظرت إليها مها بضيق ثم قالت مجبرة :
” حسنا ذاكري .. نتحدث غدا عندما تعودين .. ”
أومأت شمس برأسها متفهمة بينما كانت مها تضغط على اعصابها كي تنتظر حتى الغد وتتحدث مع ابنتها وتفهم منها وفي داخلها تعرف جيدا إنها تريد التراجع عن حديثها المنتظر فلا جرئة لديها بمعرفة ما حدث مع ابنتها في ذلك اليوم لكنها تعود وتفكر إنه لو حدث ما تفكر به ما كانت شمس بهذا الهدوء فتشعر بالراحة تسكنها قليلا..
” تتناولين الطعام معي انا ووالدكِ عندما يعود أم أجلبه لكِ في غرفتك ..؟!”
قالت شمس بسرعة :
” إجلبيه هنا افضل .. لا وقت لدي حقا لكل هذا ..”
” حسنا ..”
قالتها والدتها بإقتضاب ثم خرجت لتنهض شمس بسرعة وتبدأ بحمل ملازم تلك المادة ثم تضعها على السرير وتقرر المذاكرة وهي تشعر بالحيرة الشديدة نحو الملزمة التي ستبدأ بها ..
حسمت أمرها أخيرا وبدأت تذاكر بجدية .. استمرت على حالها حتى الصباح الباكر وهي لم تستطع إكمال نصف المادة حتى …
كانت تقف أمام المرآة تنظر الى وجهها المرهق بضيق وفي داخلها رهبة شديدة من هذا الإمتحان ..
تعلم جيدا إنها ستتجاوزه وتنجح به بسبب سعيها السنوي العالي جدا لكنها لن تحصل به على درجة الإمتياز وبالتالي لن تكون من الثلاثة الاوائل على دفعتها كما أتمنى ..
كانت تشعر بالإنزعاج من كل هذا فلم تجد مزاجا لوضع القليل من المكياج الذي تحتاجه اليوم أكثر من أي وقت آخر بسبب شحوب وجهها وإرهاقه الواضح ..
خرجت من الحمام بعدما جمعت شعرها بكعكة فوضوية ثم تأملت ملابسها لتسحب اول بنطال وتيشرت أمامها وترتديها بسرعة ..
جمعت أغراضها المهمة ووضعتها في الحديقة ثم خرجت مسرعة من المنزل بعدما ودعت عائلتها دون أن تنظر إليهم فلا وقت لديها والأهم لا رغبة لها في الحديث مع احد ..
بعد اكثر من نصف ساعة دخلت الى الجامعة لتسير نحو قاعة الامتحان وهي تقابل كل شخص تعرفه بملامح واجمة مستاءة دون أن تحييه حتى ..
وقفت أمام القاعة وهي تحمل هاتفها وتراجع بعض القوانين المهمة والأشياء التي تحتاجها في الامتحان قبل أن يدق الجرس معلنا عن ضرورة دخول الطلبة الى القاعات فالإمتحان سيبدأ بعد عشر دقائق ..
أخذت نفسا عميقا محاولة السيطرة على نبضات قلبها الهادرة برعب حقيقي لم تشعر به سوى بإمتحانات البكالوريا وهاهي الآن تتكرر لكن بشكل مرعب أكثر ففي المرة السابقة كانت تثق بنفسها وقدراتها اما الآن فهي لم تنهِ نصف المادة حتى ..!!
بعد اكثر من ثلاث ساعات خرجت شمس من القاعة بملامح شديدة الكآبة ..
خرجت من بناية الجامعة لتجد صديقتيها المقربتين تتقدمان نحوها فتسألها إحداهما بقلق :
” ما بك ..؟! تبدين حزينة جدا ..؟! ألم تجاوبي بشكل جيد ..؟!”
أومأت برأسها نفيا والحزن يخيم عليها لتهتف الأخرى بمرح محاولة إخراجها من هذا الوضع :
” حسنا لا تتضايقي .. حتى لو تكوني الثانية على الدفعة كالعام الماضي ستكونين الثالثة او الرابعة .. ”
ردت الأخرى ممازحة :
” لا تحزني يا شمس .. المرتبة الثالثة او الرابعة ليست سيئة ايضا ..”
قالت شمس بضيق شديد :
” اطمئني لا ثالثة ولا رابعة ولا عاشرة حتى .. ”
” هل تقولين هذا كي لا نحسدك يا فتاة ..؟!”
سألتها الثانية بعبث لترد شمس بإيجاز :
” انا الآن لا أرجو من الله شيئا سوى النجاح وإن حدث هذا فسوف أدعوكما على وجبة طعام ضخمة في أشهر مطاعم البلاد ..”
أنهت كلامها ثم تحركت بعيدا عنهما تاركة إياهما يتابعنها بدهشة شديدة ..
اما شمس فكانت تسير بملامح شديدة الحزن بالكاد تمنع نفسها من البكاء فهي كانت تذاكر بإستمرار وحرص شديد منذ اول يوم في هذه السنة الدراسية حيث كانت تطمح لتكون الإولى على دفعتها بعدما كانت الثانية العام الماضي ..
اتجهت نحو الشارع العام حينما سمعت رنين هاتفها فتمنت للمرة الأولى أن يكون هو كي تفرغ غضبها فيه ..
ويبدو إن أمنيتها قد تحققت للمرة الأولى في حياتها فردت عليه بصوت مستعد للعراك وإلقاء كافة الشتائم والمسبات عليه :
” ماذا تريد يا مفسد حياتي ومدمر مستقبلي ومخرب كل لحظاتي السعيدة ..؟!”
” أنا فعلت كل هذا ..؟!”
قالها قيصر بصوت بدا لها مسترخيا لتضغط على أعصابها من رده الهادئ وهي التي كانت تتوقع منه ثورة معتادة على حديثها لتكمل بغيظ :
” وهل يوجد غيرك يا أسوء ما حدث لي في حياتي ..؟!”
سمعته يقول بهدوء :
” يبدو إنكِ لم تحلي جيدا في الإمتحان وتصبين غضبك فوق رأسي ..”
صاحت بغضب :
” نعم هذا ما حدث وبسببك أنتَ .. بسببك لم أستطع إكمال نصف المادة ولم أستطع أن أجيب نصف الأسئلة حتى ..”
أكملت بحسرة :
” كنت أطمح للحصول على المرتبة الأولى هذه السنة لكن بسببك سوف أقيم الأفراح اذا لم أجد إسمي في ذيل القائمة .. ”
” ألهذه الدرجة يهمك أن تكوني من الاوائل على دفعتك ..؟! ظننتك حزينة لإنك سترسبين .. ”
هدرت به :
” بعيد الشر .. رسوب مرة واحدة .. بالطبع سأنجح .. لكنني لا اريد نجاح فقط .. انا اريد أن أكون الأولى على دفعتي فهذا سوف يساعدني بعد التخرج ..”
رد بهدوء :
” لم أكن أعلم إنك طموحة الى هذا الحد يا صغيرة .. على العموم لا تقلقي من اي شيء .. بعد التخرج سوف تجدين جميع الأبواب مفتوحة لك حتى لو نجحتِ بمعدل مقبول وقرار خمسة درجات مساعدة لكِ.. ”
قال كلماته الآخيرة ساخرا ثم اكمل :
” أنتِ ستصبحين زوجتي وكافة شركاتي متاحة لكِ ..”
تمنت لو تلكمه على وجهه في هذه اللحظة لكنها ضغطت على اعصابها وهي ترد :
” ومن قال إنني سأقبل بهذا ..؟! انا أحب أن أعتمد على نفسي في تحقيق ذاتي .. كما إنني لا أطمح الى الوظيفة فقط بل اريد ان أصبح معيدة في الجامعة يا باشا ..”
رد ببساطة :
” وهذه أيضا سهلة للغاية .. لدي أسهم في أكثر من جامعة بإمكانك أن تصبحي معيدة بها وحتى لو أردتِ جامعة معينة لا أمتلك أسهم بها فأستطيع أيضا أن أجعلك معيدة فيها ..”
قالت تعانده :
” اريد جامعة حكومية وليست خاصة ..”
ضغط على اعصابه من طفولتها المغيظة في حديثها ورد بثقة وهدوء :
” أتحدث عن الجامعات عموما .. خاصة وعامة .. أنتِ فقط إختاري وأنا سأحل كل شيء بسهولة .. ”
هتفت ساخرة :
” ماشاءالله .. قيصر عمران هو المصباح السحري لتحقيق امنياتي ..”
تجاهل سخريتها وقال بصدق :
” عندما تتزوجين بي ستصبحين إمرأتي .. تخصيني .. يعني كل طلباتك مجابة وكل ما تريدنه تجدينه عندك بكل سهولة .. ”
” هل تظن إنك تغريني بهذه الطريقة ..؟! هل تظن إنني سأنظر الى الأمور من هذه الطريقة ..؟! سوف أفكر بما سأجنيه من زواجي منك ..؟!”
رد ببرود :
” لا تدعي المثالية يا شمس .. لا يوجد احد لا يتمنى أن يمتلك المركز والسلطة التي تجعله يحصل على ما يريد .. بزواجك مني سوف تحققين كل شيء بسهولة شديدة .. سوف تعيشين حياة مختلفة تماما .. أنتِ حتى سوف تقدمين حياة مختلفة لأخوانك من خلال كونك زوجتي .. فهما سيصبحان بمثابة أقربائي وسوف ينالان من مركزي وسلطتي الكثير ما يطمحان إليه وأكثر .. مهما حدث لا تنكري ما سوف تكسبينه من تلك الزيجة ..”
صمتت ولم ترد بشكل جعله يدرك إن حديثه ترك أثرا بها من الممكن أن يكون جيدا او سيئا .. المهم إنه ترك أثرا مهما ..
قال اخيرا :
” سأنتظرك في مطعم سوف أرسل لكِ عنوانه حالا .. سوف أكون هناك خلال ساعة وقبل أن تعترضي أخذت الإذن من والدك كي أقابلك وأتحدث معك ..”
انهى حديثه وأغلق الهاتف في وجهها لتغمغم بسخرية :
” يا لك من رجل محترم يعرف الأصول .. ”
ثم زمت شفتيها وهي تفكر إن عليها مقابلته بعد قليل للأسف الشديد ..
……………………………………………………………..
في احد أرقى المطاعم في العاصمة ..
كانت شمس تنتظر قيصر بملل وهي تفكر إنه ما زال هناك ثلث ساعة قبل إنتهاء الساعة التي أخبرها عنها ..
شعرت بالنعاس الشديد فوضعت رأسها على الطاولة مغمضة عينيها محاولة الإسترخاء قليلا ..
بعد لحظات دلف قيصر الى المكان ليتجمد مكانه من منظرها هذا فيهز رأسه بإستنكار من وضعيتها تلك الغير لائقة على الإطلاق ..
جلس أمامه وهو ينظر حوله بضيق من أن ينتبه إليهما أحد وتحديدا إليها ليهتف بصوت هادئ :
” شمس ..”
رفعت شمس عينيها الناعستين نحوه فهي لم تغفُ بعد وهذا من حسن حظه ..
نظرت إليه بإمتعاض ثم بدأت تفرك عينيها بطفولية وبلا وعي جعله يغتاظ أكثر ليهتف بها وهو يميل قليلا نحوها :
” اعتدلي في جلستك وانتبهي على تصرفاتك يا شمس .. ”
توقفت عما تفعله وأخذت تنظر اليه بعدم استيعاب قبل أن تكفهر ملامحها كليا وصوتها يصدح بضيق :
” ما بها تصرفاتي ..؟! تصرفت هكذا بسبب النعاس الشديد الذي يسيطر علي .. هل أصبح فرك العينين بشكل عفوي عيب ..؟! ”
كز على أسنانه وهو يرد :
” برأيي هذه التصرفات لا تليق بآنسة رقيقة مثلك ..”
ردت هازئة :
” لا يهمني رأيك .. كما إنني لست رقيقة أبدا .. وددت أن أوضح لك هذا كي لا تنصدم بي مستقبلا إذا ما تزوجتك لا سامح الله يعني .. ”
زفر أنفاسه بضيق ثم قال بهدوء زائف :
” حسنا دعينا من كل هذا .. لقد طلبت رؤيتك كي أتحدث معكِ بشأن زواجنا ..”
أكمل وهو يتأمل ملامحها التي سيطر العبوس الشديد عليها :
” والدك سوف يسأل وبالطبع لن يجد شيئا سوى كل خير .. بعدها سوف يسألونك عن رأيك وأنتِ ستوافقين .. لا داعي للمماطلة .. امتحاناتك سوف تنتهي بعد اسبوعين .. ما إن تنتهي حتى سنخطبك رسميا من عائلتك .. سنقيم خطبة ومعها عقد قران ايضا ..”
حدقت به بذهول من ترتيبه لكل شيء بينما اكمل هو غير منتبها لملامحها الذاهله :
” بعدها بأيام سوف نتزوج في المحكمة .. الزفاف سيكون خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر بعد الخطبة .. كل شيء جاهز بإستثناء الأشياء الخاصة بكِ والتي لن تحتاج أكثر من شهرين او ثلاثة بالكثير لتكتمل .. ”
قالت فجأة :
” والطفل بعد تسعة أشهر ، أليس كذلك ..؟!”
تأملها بتمهل بتلك الملابس الأقل من عادية والتي تبرز نحافة جسدها الشديدة وملامح وجهها المرهقة والذي كان يزداد إصفرارا مع مرور الوقت ..
شعرت بنظراته التي تسير فوق جسدها بتمهل لتبتلع ريقها بينما صوته يرد بنبرة هادئة رائقة :
” هذا يعتمد عليكِ وعلى قدرة تحملك لما ينتظرك يا صغيرة ..”
حدقت به مصدومة مما قاله والتي لم تخطأ تفسيره ليتحشرج صوتها وهي تجيب بعدما أشاحت وجهها بعيدا :
” كف عن هذه الأحاديث ..”
هم بالرد لكنه تجمد مكانه وهو يستمع الى صوت يعرفه جيدا يصدح بسعادة:
” قيصر باشا بنفسه يا هنا .. يا لحظي السعيد ..”
نهض قيصر من مكانه على مضض مرحبا بالمرأة التي يراها لأول مرة بعد أكثر من عامين بينما تأملت شمس نفس المرأة بملامحها الجميلة وطولها الجذاب وجسدها المثير بتمعن حتى فوجئت بها تطبع قبلة طويلة على وجنته تجزم إنها لمست جانب فمه وهي تردف بحبور :
” اشتقت لك كثيرا يا باشا ..”
التفتت نحوها دون أن تنتظر ردا وهتفت به :
” ألن تعرفنا يا باشا .. ؟! ”
نقلت شمس بصرها بين قيصر الواجم وتلك المرأة التي تنظر إليها بفضول شديد ليهتف قيصر بهدوء وهو يشير نحو شمس :
” شمس خطيبتي .. يعني على وشك إعلان خطبتنا .. ضحى صديقة قديمة ..”
الجمود سيطر على وجه كلتيهما فشمس لم تتوقع أن يعرف عنها كونها خطيبته بسهولة ودون أن يتم إعلان خطبتهما رسميا لكنها فهمت إنه يتحداها ويخبرها إنه واثق من إتمام تلك الخطبة للدرجة التي تجعله يخبر ضحى بها ..
اما ضحى فلم تستوعب ما سمعته فكيف لقيصر أن يتزوج بتلك الصغيرة ..؟!
هتفت بسرعة :
” خطيبتك ..؟! حقا يا قيصر ..؟! إنها صغيرة وغير مناسبة ..”
انتفضت شمس مدافعة عن نفسها بتهورها المعتاد :
” ماذا تقصدين بحديثك هذا ..؟! ”
ردت ضحى بتهكم :
” لو كنت تعرفين نساء قيصر باشا قبلك لفهمت ما أقصد ..”
” ضحى ..!!”
قالها قيصر محذرا من التمادي في الحديث لتتقدم شمس نحوها بتحفز وترد بتهكم :
” نساء الباشا .. تقصدين نفسك .. أليس كذلك .. ؟! أنتِ وغيرك من العاهرات اللاتي يعرفهن الباشا خاصتك ..”
شهقت ضحى بعدم تصديق بينما اختفى وجوم ملامح قيصر وظهر بدلا عنه الغضب الشديد لتهتف ضحى بنفور :
” ما هذا الكلام ..؟! يا لكِ من فتاة وقحة .. هل هذه من ستتزوج بها وتمنحها اسمك يا قيصر ..؟! لا أصدق حقا ..”
” يكفي .. اصمتا أنتما الإثنتان ..”
قالها قيصر بحزم وهو يتوعد داخله لشمس بينما ردت شمس غير مبالية بتحذيره :
” هذه التي لا تعجبك يا مدام الباشا خاصتك فعل كل شيء قد يخطر في بالك كي يتزوجني ورغم هذا ما زلت أرفضه .. أنتِ بالطبع لن تفهمي هذا لإنك من تجرين وراءه عادة وليس العكس ..”
جذبها من ذراعها ضاغطا عليها بقوة لتصيح به لا اراديا بشكل جذب انتباه الموجودين :
” اتركني .. إياك أن تلمسني .. كنت أعلم إنك قذر عديم الشريف ..”
توقفت عن حديثها وهي تنتبه أخيرا لملامحه التي احتدت بشكل مرعب فتمتم بتقطع :
” أنا .. أنا ..”
أغمضت عينيها للحظات ثم فتحتها فتظهر عينيها الزائغتين قبل أن تفقد وعيها وتسقط أرضا لكنه تلقفها بين ذراعيه ..
انتهى الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر راح ينزل بحدود الساعة العاشرة باذن الله وكده اكون عوضتكم عن غياب البارحة ..
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية شمس ربحها القيصر)