روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الثامن عشر 18 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الثامن عشر 18 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي البارت الثامن عشر

رواية عازف بنيران قلبي الجزء الثامن عشر

عازف بنيران قلبي
عازف بنيران قلبي

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة الثامنة عشر

قمة العشق هو أن تقضي الليل وأنت تبكي، وتموت قهرا على غيابه وتتوعد بنسيانه وحين تجتمع عينك بعينيه تنسى كل شيئ، وتبتسم فالعشق ماء الحياه، وهو روح من النيران ليطفئ لهيبها المشتعل
❈-❈-❈
قبل ولادة ليلى بساعة
وصل المشفى وهو يضمها لأحضانه، ترجل سريعًا من السيارة وهو يحملها متجهًا بها للداخل، كان يونس ينتظره
دلفت للداخل، وهو يضم كفيها بإحتواء، أمال بجسده يضم وجهها
-“ليلى” سمعاني، عايزك تدخلي الأوضة دي وانتٍ متأكدة من حبي ليكِ، المهم إنتِ عندي
ليلى أتأكدي أنا بحبك
أغروقت عيناها بالدموع ولم تقو على الحديث
وضعت كفيها على أحشائها وانسدلت عبراتها وهي تطالعه فقط، وضع كفيه فوق كفيهاوشعر بضعف الدنيا من آلامها، ليته يستطع أن يمتص آلامها بدلا عنها
احتوى وجهها وهمس بصوتًا حاول أن يكون متزنًا
-هتقومي بالسلامة حبيبي، ليلى أنا عرفت كل حاجة، لازم تقوميلي بالسلامة
ضغطت على كفيه وهمست بآلامها
-راكان أنا خايفة، عايزة ماما، رسم إبتسامة وهو يحاوطها بنظراته
– أنا مش مكفيكِ، لسة طفلة وعايزة ماما
آآهة …خرجت من بين شفتيها ودموعها تجري كالشلال على وجنتيها
أطبق جفنيه وبركان عشقه وخوفه عليها زلزل كيانه فاردف بصوتًا هامس:
-حبيبتي يونس معاكي جوا، متخافيش أنا هستناكي هنا
رفعت عيناها وتقابلت نظراتهما وجدت الرعب على عيناه فتحدثت بصوت مفعم بالبكاء:
-سامحني لو سمحت ممكن مخرجش عايشة…دفعت الممرضة الفراش
فأردف بجوارها
-ان شاءالله هتقومي بالسلامة، امال بجسده ثم طبع قبلة على جبينها
-ليلى أنا هستناكي، تحرك الفراش ويديهما متشابكتين حتى وصل لغرفة العمليات فانزلق كفيها وانسحب الفراش للداخل، ونظراتها متعلقة به، حتى شعر بإنسحاب أنفاسه
فجلس بالخارج وبجواره سيلين تربت على ظهره ببكاء:
-ليلى هتقوم بالسلامة مش كدا، ضمها لأحضانه
-إن شاء الله حبيبتي، ادعيلها ياسلين، انتِ قلبك نضيف ربنا هيتقبل منك
وضعت رأسها بأحضانه تبكي
-انا خايفة عليها قوي ياراكان، أخرجها يزيل دموعها
-سيلي حبيبتي انا محتاج اللي يقويني، بلاش تعيطي، اتصلي بمامت ليلى وعرفيها،
وصل يونس الذي تجهز لدلوفه للداخل، هب واقفا ينظر إليه
-هتكون كويسة يايونس مش كدا، هي مش لسة بدري على ولادتها
ربت يونس على ظهره
-راكان أنا كشفت عليها، لازم عملية عشان دي ولادة قيصيرية، هي كويسة أن شاءالله، الولد مقلوب ابن المؤذية دا
امسكه راكان من تلابيبه
-دا وقت هزار يابني آدم، انزل يديه وهو يرمق التي تجلس تبكي فأردف
-فيه ستات كتيرة بتولد في التامن، متخافش ان شاءالله هتقوم بالسلامة وتتجوزوا ياسيدي، اللي يشوفك دلوقي، مايقولش من كام يوم عامل دراكولا
استدار إليه عندما وجد نورسين متجهة إليهما، فهمس إلى يونس
-مش عايز نورسين تعرف حاجة، وكمان ممنوع حد يدخلها، بلاش أقولك واكدلك
-حياتها في خطر هي والولد أومأ برأسه ودلف للداخل
-إيه ياراكان صحيح ليلى هتولد
جلس ورسم على وجهه الجمود قائلا
-ايوة أخيرا ابن سليم هيجي، وهاخد حقه وحقي
ضيقت عيناها متسائلة
-تقصد إيه ياراكان…رفع نظره إليها
-أمشي دلوقتي مش عايزك تكوني هنا، وأنا كدا كدا همشي مستني حد من أهلها
دنت تحاوط عنقه وهمست أمام شفتيه
-ايه الشو اللي عملته عند البيسين دا
ضيق عيناه متجاهلا حديثها
-عملت إيه مش واخد بالي..جلست بجوار سيلين تطالعه قائلة
-أحضانك ليها، مش دي اللي عايز تنتقم منها
جذبها من رسغها وتحرك بعيدًا عن أخته
-اتجننتي بتقولي إيه قدام سيلين، وبعدين إنت جاية ليه، ياله أمشي من هنا، وإياكِ تجي من غير أذن
وضعت رأسها على صدره
-حبيبي أنا آسفه متزعلش، أنا همشي واستناك تيجي نسهر مع بعض زي زمان
جذب خصرها بقوة حتى اختلطت أنفاسهما ثم همس بجانب اذنها
-الليلة لازم ابارك للمدام اللي فرقت بيني وبين أخويا، وكانت السبب في موته، أمشي دلوقتي وبعدين نتكلم
تحركت بعدما طبعت قبلة على وجنتيه، وصل توفيق يرمقهما بسخرية
-في المستشفى، هو انت مش فارق معاك مستشفى ولا غيره
-أمشي ياروحي وبعدين نتكلم، قالها راكان وهو يرمق توفيق
تحركت وهي تلوح بيديها قائلة
-هستناك ياحبيبي، سلام
نظر توفيق إلى غرفة العمليات
-إيه أخبار حفيدي، وليه بتولد دلوقتي
جلس متكأ بظهره على المقعد، ولم يجيبه فيكفي مايشعر به من خوفًا ..أطبق على جفنيه عندما وصل الجميع وهم ينتظرون خروج حفيدهم، سوى زينب التي لم تعلم بولادة ليلى بأمر من راكان
نهض وهو يتحرك ذهابًا وإيابًا، لا يعلم ماذا عليه فعله في وسط ذاك الحشد، تمنى لو دفع ذاك الباب ودلف، لم يتيح إليه الفرصة للتفكير فدلف عندما وجد الجميع منشغل
دلف بهدوء يبحث بعيناه قابله يونس بعدما انتهى، نظر إليه بذهول
-راكان بتعمل ايه هنا؟!
-ليلى عاملة ايه يايونس، وتأخرت ليه؟!
جذبه متحركًا للخارج من بابًا آخر
-هي كويسة والممرضة اخدت البيبي، عشان نطمن عليه عند دكتور الأطفال، ونشوفه محتاج حضانة ولا لأ ، متقلقش عليها
توقف ممسكًا كفيه
-يونس مش مخبي عليا حاجة مش كدا، سحبه يونس متجهًا لغرفتها ..وجدها تخرج على فراش المشفى لا حول لها ولا قوة، أسرع خلفها
-هتفوق إمتى، نظر لساعته وتحدث
-عشر دقايق متخافش، هي كويسة وكله تمام
-مش عايز حد يعرف إنها فاقت، ممكن سيلين بس عشان كانت خايفة عليها، اومأ برأسه وتحرك يونس للخارج
دلف لغرفتها وجدها مازالت نائمة، جلس بجوارها ممسكًا كفيها ثم رفعه يطبع قبلة عليه
بعد قليل وصلت الممرضة تحمل الطفل بجوارها يونس وسيلين..أسرعت سيلين إليه
-مبروك ياراكان، ابن سليم
حمل الطفل ينظر إليه، رجفة أصابت جسده، وشعور متناقض أستحوز عليه، لا يعلم ماذا يشعر، أهو سعيدًا أم حزينا، لا يشعر بشيئا سوى أن ذكرى أخيه أمامه، همس إلى نفسه
-أيعقل أن أكرهه، ظل يطالع الطفل للحظات، انسدلت عبرة غائرة على وجنتيها، هنا شعر بجمود جسده وعيناه معا، فهز رأسه رافضًا أحاسيسه قائلا لنفسه
-دا إبن اخويا، هو مالوش ذنب دا هيكون أغلى من حياتي، مش اللي فرقنا ابدا، فراقنا كان قدر ومكتوب
رفع الطفل ثم طبع قبلة على جبينه قائلا
-ربنا يبارك فيك، أنا معرفش ايه المفروض أعمله، كل اللي أعرفه وحاسس بيه إنك غالي قوي حبيبي
ضمه لأحضانه واغمض عيناه كأنه يشم به رائحة أخيه الغائبة
كان يونس يراقب حالته، شعر بالحزن عليه، نعم شعور مقيت لعاشق أن يرى ابن حبيبته من رجل آخر، ولكن هنا سيطر حب الأخوة على حب القلب
اقترب يونس يربت على ظهره متسائلا
-راكان حاسس بإيه
رفع نظره بتيه مردفًا
-لو قولتلك كان نفسي سليم يكون موجود دلوقتي وهو اللي يضم ابنه هتصدقني
اقتربت منهما سيلين تبكي على كلمات راكان ودموعه التي انزلقت رغمًا عنه، أكمل راكان وهو يطالع الطفل
-سليم كان ابني قبل مايكون أخويا، وعمري مافكرت اخطف سعادته ابدا، والله يايونس عمري مااتمنيت له غير انه يكون سعيد مع البنت اللي بحبها
حاول يونس تغيير الكلام حينما شعر بتخبط راكان وحزنه الذي ظهر على ملامحه فأردف
-الولد دا شبهي …ضحكت سيلين من بين بكائها وأجابته
-شبه مين هو إحنا ناقصين رخامة وتلزيق
مسد راكان على خصلات الطفل، ثم أردف مبتسمًا
-بس ياحمار الولد شبه عمه، اطلق يونس ضحكة مرتفعة
-ايوة هتقولي، واخد منك الرخامة ولد رزل من وقت مانزل من بطن أمه مش مبطل عياط
رفع نظره للممرضة وهو يضم كفيه
-الولد كويس…أومأت الممرضة برأسها قائلة
-كويس زي الفل
استمع لهمس ليلى …تحرك متجهًا إليها بإبتسامة جذابة خرجت من شفتيه وهو ينظر لعيناها المنغلقة وهي تهمس
-ابني..جلس بجوارها ونزل بجسده إليها يهمس إليها
-انا موجود هنا، افتحي عيونك حبيبي عشان أشوف بيهم جمال الدنيا
سحب يونس كف سيلين وخرج
فتحت ليلى جفنها بتثاقل وجدته قريبًا لوجهها همست
-ابني فين ابني، هو كويس
❈-❈-❈
رفع الولد إليها وابتسم عندما شعر بإحساس عميق وشعورا من نوع خاص، شعور اخترق قلبه وتمنى لو يضمها إلى صدره، ناهيك عن هزة قلبه التي اجتاحت كيانه، فظل ينظر إليها وكأنه غريب عن بلده لأعوام متتالية، واجتاحه الإشتياق واللهفة
وضع الولد بأحضانها هامسا لها
-عقبال لما تجيب ابننا، واللي متأكد منه هتكون بنت زي القمر شبه أمها
برقت عيناها ثم أغلقتها بألمًا، فهمس لها مرة أخرى:
-تفتكري هسامح في حقي ياحبيبي، تؤتؤ ياقلبي، إستني عليا أسبوعين وشوفي حبيبك هيعمل إيه، مش أنا حبيبك برضو، واللي بحب حد قوي، بسمع انه بيحب يجيب منه ولاد كتير أنا مش عايز غير خمسة ستة بس، ولو أكتر معنديش مانع، قالها وهو يغمز لها بطرف عينيه
توقف مجرى الدم بعروقها تنظر إليه بصدمة، فسحبت نظرها بعيدًا عن إختراق نظراته
-راكان ابعد، شكلك شارب حاجة ولا إيه
أدار وجهها بأنامله
-ابعد ياليلى، أكتر من كدا بعد،
استدارت بوجهها بالجانب الآخر
أدارها مرة أخرى يلمس وجنتيها وينظر لملامحها الشاحبه، فأردف بصوتًا مبحوح من كثرة مشاعره التي سيطرت عليه:
– بتبعدي عيونك عني ليه طيب، مش إحنا اتصفينا…رفع كفيها يطبع قبلة عليه
سحبت كفيها سريعًا
-إنت اتجننت قوم مينفعش تقعد جنبي كدا
حاوطها بذراعيه وابتسامة بجاذبية وهو يتطلع عليها بإنبهار لعيناها التي تشبه ظلام الليل وهي تسحره بها …ثم أردف بنبرة رجل عاشق حتى النخاع
– النهاردة الجمعة، هسيبك جمعتين بس ياليالي، وبعد كدا هتكوني في حضني
كست الحمرة وجنتيها مما زاد من سحرها فلم يشعر بنفسه وهو ينزل حتى يلتقط شفتيها
صرخت به بصوتًا متألم، رافعة كفيها لتمنعه حتى شعرت بآلاما تخترق جسدها بالكامل
تراجع خطوة للخلف وهو يشير بيديه، ثم تحمحم كي يجلي صوته الذي تأثر من قربها
-خلاص اهدي يخربيتك هتفضحينا، وهتصحي السحلية اللي جنبك
-آآه بطني مش قادرة، دنى منها
-آسف مكنش قصدي، قالها وهو يجذب كفيها
اجبلك يونس يشوفك
وضعت يديها موضع جرحها
-بطني بتوجعني قوي، خرج سريعًا متجها إلى يونس، دلف الجميع بعدما علموا بإفاقتها
بعد عدة ساعات ذهب الجميع لمنازلهم سوى توفيق، نظر راكان إليه بإستفهام
-هو حضرتك مروحتش ليه؟!
ابتسم بسخرية قائلا:
-مستني اخد حفيدي، البنت اللي جوا دي مش ضامنها، ثم استرسل بنبرة حزينة وعينان منكسرة
-نفسي أخده في حضني ياراكان، ممكن تجيبه يابني عايز اشم ريحة سليم، بكى لأول مرة قائلا:
-حبيبي وحشني قوي، وحياة ابوك عندك تجيبه أشوفه وخده تاني، كل ماادخل لعنده يقولوا نايم
دقق النظر إليه فأشار بيديه:
-تعالى ياجدو شوفه جوا، ليلى نايمة اصلا، بس أقول لوالدتها إنك هتدخل
أومأ برأسه موافقا، ثم دلف للداخل بعد طرقه على باب الغرفة، وجدها استيقظت ومازالت تتألم وتحاول الوقوف بمساعدة والدتها وأختها وسيلين، رفعت نظرها إليه
توجه إليها، وهو ينظر إلى درة وسيلين، خدوا البيبي برة لجدو يشوفه، مينفعش يدخل وهي كدا
ابتسمت سلين واردفت
-اومال انت بتدخل ليه، حاوط خصرها حتى تتحرك بمساعدته يدقق النظر داخل عيناها،واسترسل بعينان تهيم عشقها
-ليلى في حكم مراتي..حاولت الأبتعاد عنه فأردفت:
-راكان مينفعش كدا لو سمحت إحنا لسة متجوزناش، هزت والدتها رأسها
-ايوة يابني اللي بتعمله غلط، لسة مفيش عقد بينكم، لو سمحت يابني بلاش تغضبوا ربنا
تأفف بجذع وهو يردف:
-هو أنا عملت حاجة، أنا بساعدها عشان تمشي، بدل ماتوقع ..تحركت بعض الخطوات معه، ثم جلست تلتقط أنفاسها بتعبًا
تحركت والدتها للرد على آسر، جلس بجوارها يعدل من وضعية حجابها ووضع خصلاتها المتمردة بداخله
-كدا كويس، وضعت رأسها على كتفه حينما شعرت بآلام جسدها وهمست
-عايزة أنام مش قادرة اقعد ولا أمشي
حاول إخفاء إبتسامة قدر المستطاع على إرهاقها حتى لم تشعر بوضع رأسها على كتفها، فرفع ذراعيه يحاوط خصرها
– نامي حبيبي صدري حنين متسع للحبايب كلها
اعتدلت حينما استمعت لكلماته، ونظرت بذهول إلى صدره فرمقته بنظرة جحيمية
-صدر مين اللي يتسع الحبايب، طيب كويس انك فتحت الموضوع دا ياحضرة المستشار
-ليلى المحجوب مش هتتجوز واحد خاطب، ولا حتى مجرد نظرة لأي ست، ودا شرطي ياأما كدا ياإما كل واحد يلتزم حدود نفسه
مش ليلى المحجوب اللي جوزها كل شوية في حضن ست، سامعني، قالتها والكبرياء يعتلي كل ذرة بها
جذب رأسها حتى اختلطت انفاسهما وهي تضغط على آلامها واردف
-اسمعي ياليلى يابنت المحجوب، أنا مباخدش أمر من حد، حتى لو كنتٍ إنتِ،
رفع كفيه يضع خصلة متمردة خرجت من حجابها خلف أذنيها
-أنا آه بحبك، لكن دا مايدلكيش الحق إنك تتمادى..دفعته بارهاق
-تبقى مجنون ياحضرة المستشار، دا أنا ادوس على قلبي وعليك شخصيًا، أوعى تفكرني ضعيفة عشان بحبك، لا ياحبيبي، ساعات الحب بيتحول لحاجات تانية لما الست تشوف الراجل اللي بتحبه بيأذي قلبها
رجفة قوية مرت بسائر جسده من اعترافها بحبه لأول مرة دغدغت مشاعره فكان لكلماتها أثرا على قلبه حتى شعر بدقاته العنيفة تخترق صدره
ابتعد بجسده يطالع نظراتها وشفتيها وهي تتحدث بغضب، رغم أثار الألم عليها، إلا أنها أنثى طاغية الكبرياء تود أن تحطمه بكبريائها
صمتت عندما وجدت نظراته الموجهه إليها
-فيه ايه بتبصلي كدا ليه زي مايكون عايز ترسمني
دنى يحاوطها بذرعيه قائلا بصوته الرجولي
-قولتي لا ياحبيبي هدوس عليك مش كدا
ضيقت عيناها مستفهمة
-شغل الشرطة دا مبحبوش، قول عايز ايه انا تعبت وعايزة أنام
أشار بعينيه قائلا
-عيدي اللي قولتيه كدا…دب الجنون بملامحها، فصاحت باسم والدتها
-ماما تعالي ساعديني عايزة ارتاح، ثم أكملت هامسة
-شكل حضرة النايب متقل في الشرب، ولا اتجنن معرفش
دنى حتى اخترق قانون المسافات بينهم جاذبا رأسها محاولا الثبات بصعوبة حتى لا يقبلها، فهمس بجوار شفتيها
-شارب من حبك كتير ياروحي، فخلينا بعقلي ياست المهندسة، بدل مااقلب جنان حق وحقيقي، حاوطها بنظراته الثاقبة فاكمل حديثه
-هنتجوز ياليلى وفي أقرب وقت، بلاش تخليني ابعت اجيب المأذون دلوقتي ومالكيش دعوة بعلاقتي
تولد الألم بداخلها متحدًا مع غضبها الذي تحول إلى غيرة جنونية على رجل لا تشعر بدقات قلبها سوى معه فقط
لملمت بعثرة مشاعرها التي بعثرها بقربه ونظراته فتحدثت كقطة شرسة متناسية آلامها
-طيب عايزة أعرف هتتجوزني إزاي
جلس عندما فقد سيطرته، فلقد شلت أعضائه
من حركاتها الجنونية، ود لو يعانقها حتى يسحق عظامها، نظر لشفتيها التي تشبه حبة الكريز الناضجة وتمنى تذوقها، مسح على وجهه ولم يتحدث
حرب النظرات كانت المعذرة عن شعور كلا منهما، فتعالت الأنفاس بدقات القلوب، قطع صمتهم هو قائلا
-ليلى مفيش حاجة بيني وبين نورسين ابدًا، وخليكي واثقة في حبيبك، قالها وهو يدقق النظر بعيناها
انكمشت ملامحها بتعبير ساخر مع نظراتها المتهكمة
-دي واحدة السبب في كل حاجة، جت وقفت بكل برود وقالت إنها حامل منك، في الوقت اللي كنت رايحة لعندك عشان اقولك على تهديد امجد، حطمت كل حاجة، وضعت يديها على قلبها
-حطمت قلبي ياحضرة النايب، وانت عملت إيه ولا حاجة
ثنى جسده وقام بحملها فجأة، صرخت به
-تعالي نامي وارتاحي ياليلى وبعد كدا نتكلم، بس عايز أقولك انتِ السبب في كل حاجة مش نورسين ولا غيرها
دثرها بالغطاء وتعمق بنظراته التي تعانقها، حتى أشعرتها برجفة قوية تضرب عمودها الفقري حينما اقترب من وجهها ومازالت ذراعيه تحاصرها قائلا
-لازم ننسى الماضي ونفتح حياة جديدة، وصدقيني لو اتحاسبنا هتطلعي مديونة بكتير، قبل مااقفل على الموضوع دا فيه حاجة لازم تتأكدي منها
-أنا بحبك انتِ وبس، نورسين مفيش حاجة بينا غير شغل وبس
قاطعهم صوت الطفل الذي دلفت به سيلين
-خدي يالولا رضعي الولد، آه صحيح هتسموا إيه؟!
حمحم راكان حتى يتجلى بإخراج صوته متزنا ثم استدار إلى اخته وحمله متجها إليها
-هسميه أمير إن شاء الله، عشان يكون أمير لعيلة البنداري
كانت تطالعه بنظرات صامتة، حقا هو اعترف لها بحبه، أغمض عيناها تتذكر حديثه معها عند المسبح، وأثناء دخولها لغرفة العمليات، والآن
نعم تعشقه بكل كيانها، ولكن كيف لها تصمت أمام جبروته مع الأخريات، تنهدت بألما تطبق على جفنيه، تتمنى حياة هادئة مع طفلها، فتحت عيناها عندما استمعت حديثه
-إيه رأيك في أسم أمير
❈-❈-❈
رفعت نظراتها إليه ودققت النظر به عندما قالت:
-بس سليم كان عايز يسميه على أسمك، رفع نظره إليها بسخرية
-لا مستحيل اسميه راكان، قالها بوجع ثم أكمل
-خلاص هو أمير، عندك إعتراض ولا إيه
-حلو أمير ياليلى…قالتها درة ثم نظرت لأختها
-ماما روحت ياليلى عشان بابا تعبان وآسر كلمها، معلش حبيبتي انا معاكي
-بابا وحشني قوي يادرة، حبيبي لسة تعبان
اومأت درة برأسها
بعد اسبوع من ولادة ليلى
بمكتب جاسر دلف حمزة إليه
-إيه وصلت لحاجة؟!
تأفف بضيق، ثم وضع بعض الصور أمامه
-دول مين، وليه بيراقبوا سيلين ودرة، وكمان نورسين دي عليها علامة إستفهام كبيرة، لازم راكان ياخد باله منها
عند نوح
دلف مكتب والده، توقف يحيى يرمقه بنظرات مستاءة
-لسة فاكر ان ليك أب يادكتور
جلس دون حديث وأردف
-حضرتك طلبتني ممكن أعرف ليه؟!
نهض متجهًا يجلس بمقابلته
– ممكن أعرف مقاطع البيت ليه، لولا مراتك بنت ناس كانت زمانها فضحتك
ابتسم نوح بسخرية فأردف:
-ايوة عارف انها بنت ناس بدليل واخدة تعويض خمسين مليون مش كدا، نهض نوح متجهًا لمكتب والده
-من الآخر كدا يادكتور البنت دي متلزمنيش، وأنا كنت هطلقها لولا هي اللي قالت خلينا فترة قدام الناس، تنهد بحزن ونظر لوالده بوجع
-أنا قولتلك مش هقدر اعيش بعيد عن المزرعة، اصريت اني اتجوز وأقعد في الفيلا، تحرك واقفا أمام والده وأكمل
-أنا زي السمك يادكتور لو طلعت من المية اموت
رفع يحيى حاجبه وتحدث بسخرية
-قصدك البعد عن الباشمهندسة مش كدا يابن الكومي، قال كلمته وهو ينصب قامته بغل واتجه يقف أمامه
-اوعى تفكر أني معرفش انك مشهيص معاها وواخدها الفيلا عندك، بس الصبر حلو
اخذ يتنفس الصعداء، عندما اندلعت ثورة حارقة بجوفه فاتجه لوالده
-غلطان يادكتور، دي مراتي على سنة الله ورسوله ومن زمان قوي، يعني تقدر تقول سبع شهور، كان نفسي افرحك بحفيد بس الصبر حلو
توسعت أعين يحيى الكومي فخطى إليه
-بتقول اتجوزتها، انت اتجوزت البنت دي، انت اتجننت متعرفش ابوها دا بيعمل ايه
كرة من النيران الملتهبة خرجت بنظراته
-دي بقت مراتي، أنا متجوز أسما مش متجوز أبوها
اتسعت عينيه من هول ماتلفظ به نوح وهبت زعابيب غضبه قائلا
-ولما تخلف منها تقولهم ايه، جدكم حشاش، وبيجيب ستات شمال البيت، مين هيكون جدهم ياحضرة الدكتور
تحرك متجهًا للخروج
– هقولهم امهم ست عظيمة بنت نفسها، هقولهم إزاي الست العظيمة دي قدرت تعمل لنفسها كيان، هقولهم ان ابوكم بيعشق امكم دي
استدار بجسده لوالده وأكمل:
-كفاية عليهم يعرفوا حضرتك جدهم يادكتور، قالها وتحرك سريعًا متجها لفيلا والده
عند راكان بمكتبه
جالسا يراجع بعض ملفات المهمة المرتبطة بقضيته، استمع إلى رنين هاتفه
-أيوة يايونس، فيه حاجة ولا إيه ليلى كويسة؟!
على الجانب الآخر أجابه
-راكان فيه واحدة جاتلي وشكلها مش مريحني، زي ماانت اتوقعت، البنت عايزة تعمل إجهاض
رجع بجسده على المقعد يستمع إليه بإهتمام، فتسائل وبعدين
-المهم البنت دي تخيل جات مع مين، مع نورسين، نهض راكان يقف ينظر بالخارج وهو ينفث تبغه
-وبعدين عملت إيه؟!
أجابه يونس:
-رفضت طبعا، الغريب ان نورسين مُصرة على العملية
سحب نفسًا مطولا فاجابه
-يونس إياك تغلط، ولم نفسك وزي ماوعدتك، هتكلم مع سيلين، لكن قسما عظما اي غلط ماهخليك تشوف ضفرها، وفيه حاجة كمان
-متدخلش بين اللي هيحصل بيني وبين مامتك تمام، قالها ثم أغلق الهاتف
اتجه إلى مكتبه مرة أخرى، قاطعه دلوف أحد الضباط
-قاسم الشربيني برة وعايز يقابل حضرتك يافندم…نقر على مكتبه بالقلم للحظات ثم رفع نظره إليه
-خليه برة نص ساعة وبعدين دخله.
.بعد فترة دلف قاسم الشربيني ووجهه عبارة عن لوحة من الغضب والحزن
-دا ايه الشغل اللي مخلي حضرتك تلطعني نص ساعة برة
وضع ساقًا فوق الأخرى، وأشعل سيجاره
-وقتي غالي مش لأي حد، قالها بسخرية
-عايز ايه من ابني يابن البنداري
نهض راكان وجلس بمقابلته
-انت هنا في النيابة، يعني شغل البلطجية بتاعك دا برة، نفث سيجاره وهو يطالعه ثم أكمل
-ابنك غلط ولازم يتحاسب، فمتحاولش ياشربيني، أنا حاشا لله متبلتش عليه
رمقة قاسم شرزا قائلا
-أفتكر جيت لعندك، وانت مقابلتنيش كويس
دنى راكان بجسده، ونظر لمقلتيه
-واتاكد اني ماخدتش عزا أخويا، وناوي أخده قريب، وكله بالقانون، إحنا مش مجرمين
ظلت حرب النظرات بينهم، فنهض راكان
-خدت من وقتي ياقاسم، وزي ماانت شايف معنديش وقت للمجرمين، ممكن تقول مشكلتك لبلطجي يحلها مش لراجل قانون
نهض قاسم بعدما صفعه راكان بكلماته، وصل لدى الباب فتوقف يطالعه بهدوء متحدثًا
-هي أرملة اخوك أسمها ايه، ايوة افتكرت ليلى
ودلعها لولا …قهقهات مرتفعة من قاسم عندما وجد تحول وجه راكان لكرة نارية ، فكان واقع كلماته كنيران ألتهمت صدره، فوصل إليه بخطوة واطبق على عنقه يحادثه من بين أسنانه
-هموتك لو جبت سيرتها، ابتسم بسخرية عليه، رغم شعور بالأختناق فتحدث بصوت متقطع قائلا
-ايوة، ماهي الحب المكنون اللي اتخطف، بس ياترى ليه عشان اتلعب عليها ولا عشان تهديدها بموتك
دفعه راكان بقوة على الحائط حتى اصطدم جسده بعنف فشعر بآلام ظهره فتحدث
-قسما عظما لو قربت منها لأدفنك مكانك، وبلاش تخليني احطك في دماغي
ابتسم بسخرية ثم تحدث بصوته الغليظ
-يبقى اللي وصلني صح، حضرة النايب عاشق مرات أخوه، بس ياترى الكل يعرف ان حضرة النايب مقضيها معها
أخرص ياحيوان، ضغط على زره حتى لا يفقد اعصابه ويقتله
-خد الحيوان دا من قدامي، وإياك تدخله لعندي تاني
تحرك قاسم وهو يعتدل ثيابه قائلا
-خلاص عرفت اللي كنت عايز أعرفه، وامجد هيطلع وبكرة أعرفك قيمة قاسم الشربيني
جلس على مقعده عندما شعر بأن اقدامه أصبحت كالهلام، لأول مرة يشعر بهذا الألم الذي أصابه سوى ألم فراق أخيه
حاول التنفس ولكنه لم يستطع، لفظ الهواء بقوة ثم توقف متحرك للخارج سريعًا وتوجه إلى منزله
استقل سيارته، وقام الأتصال على أحدهم
-ربع ساعة هبعتلك الملف سري على الأيميل، وفيه حاجة كمان، عايز شركة أمن كويسة لو حضرتك تعرف يكونوا عندي بعد ساعة
على الجانب الآخر
-نص ساعة وهتلاقي أكفأ ضباط الأمن، فيه حاجة لازم تعرفها
-جدك بيفكروا يتخلصوا منه، سحب كم من الهواء وزفره ثم تحدث
-عرفت، هو اللي وصل نفسه لكدا
-لا…مش علشان كدا، عشان يوم ماانضربت آخر مرة راح لقاسم وهدده، ادخله من الحتة دي خليه يوقعهم
-تمام، هشوف هنعمل إيه…وصل إلى قصره، ترجل من السيارة سريعا متجهًا للداخل
-فين ماما؟ تسائل بها راكان
-في اوضتها ياباشا، نظر حوله بكل مكان، يبحث عن شيئا ثم تحدث
-مفيش حد يعرف موضوع ليلى غير صحابي بس ودول مستحيل يخنوني، ياترى مين الخاين تذكر حديثه مع فريال منذ فترة
❈-❈-❈
فلاش باك
دلف مساء لمنزل عمه
– مساء الخير ياعمو خالد، فين طنط فريال، خرجت فريال وهي تتحدث بهاتفها، تسمرت بوقفتها عندما وجدته، خطى إليها ينظر إليها بهدوء فتحدث
-ممكن أشرب فنجان قهوة مع مرات عمي الجميلة..ارتعش جسدها من نظراته، فتمتمت بتقطع
-ايوة طبعا، هو أنا أطول، أشرب قهوة معاك، لكن آسفة انا خارجة حالا ياراكان كنت اتمنى اقعد معاك
-لا ..ماهو هنشربها وتمشي ياطنط، قالها وهو يرمقها شرزًا، بدا تصميمه جلي في نظرته، وتضمنت لهجته التي كانت فظة ثم اتجه بنظره لعمه الذي يراقبه
-نعمل حسابك ياعمي ولا لا، نهض خالد يطالعهما ثم تسائل:
-فيه إيه؟! راكان عايز تشرب قهوة مع فريال ليه
جلس وهو يشير إلى عمه
– طنط فريال هتقولنا دلوقتي، ليه ؟!
هزت رأسها رافضة حديثه
-معرفش بتتكلم عن ايه، أخرج زجاجة الدواء ووضعها أمامه وأشار إليها
-طيب لو عايدة عملت كدا هقول معذورة، انما انتِ ليه
جحظت عيناها بذهول وهي تهز رأسها
-لا أنا هعمل ايه، معرفش بتتكلم عن إيه
نصب عوده ونيران مشتعلة بعينيه، وتحدث بحديث يحمل تهديدات واضحة
-الصبح لو مجتيش لعندي وقولتي مين اللي وراكي، صدقيني هنسى إنك مرات عمي
استدار بنظره إلى عمه قائلا
-عرف مراتك اللي كان عايزة تموته دا، ابن الغالي سليم ومراته، ومفيش ذكرى غيرهم، تخيل كدا اللي يجرحهم ممكن أعمل فيه ايه
ارتعش جسدها وهي تهز رأسها كالمجنون
-انتو اللي ابتديتوا، انتظروا وشوفوا راكان هيعمل ايه، كانت طريقته احترافية وهو يتحدث أمامها بثبات على عكس نيرانه المستعيرة
خرج من شروده على رنين هاتفه
-راكان، نورسين كانت من يومين عند قاسم الشربيني في مكتبه، هي ايه علاقتها بيه
اتجه بنظراته الحادة ينظر لكاميرات القصر بالكامل فأردف بقسوة
-دا عش دبابير محاوطنا ولا إيه، دلوقتي عرفت مين اللي قال لقاسم على موضوع ليلى، أخرجه جاسر من شروده
-راكان أنا فرحي بعد شهر، بلاها القضية اللي هتقطع خلفي دي يابني
-راقب قاسم كويس، عينك عليه، وعلى ابنه، خلاص الحكم النهائي بعد أسبوعين اللي متأكد انه هيكون أقل حاجة تأبيدة ان شاءالله، جاسر قاسم مش سهل ..بعد إغلاقه اتجه لغرفة متيمة قلبه، بعدما وجد درة وسيلين بشرفتها
❈-❈-❈
بعد أكثر من شهر
دلف للداخل بعد السماح له، وجدها تحمل طفلها وتتحرك به، تناوله منها، بعدما وضع علبة على الفراش
-شوفي الفستان دا كدا، عشان هتلبسيه الليلة وقت كتب الكتاب
فتحت العلبة، وإذ بها تتفاجئ بروعته
-جميل قوي، تعرف بحب الأستايل دا جدا
اقترب منها وهو يرسمها بعينيه
-ماهو لازم أحس إنك بتحبي إيه وبتكرهي إيه
اعملي حسابك هنروح مزرعة نوح بعد كتب كتابنا، الليلة نوح عامل فرح لأسما
.وضعت كفيها على فمها بذهول
-“نوح” حبيبي، عايز يفرحها
شيعها بنظرة لو تقتل لقتلتها قائلا:
-إيه نوح حبيبي دي، اتجننتي ولا إيه
اقتربت منه ترمقه بنظرات تقيمية
-موضوعك مع نورسين انتهى مش كدا، يعني المخلوقة دي مش عايزة أشوفها قدامي
أشاح بعينيه بعيدا عنها مصطنعا اهتمامه بالولد قائلا
-خلاص قولتلك أنا بعدت عنها، ياريت مش كل شوية تقولي الفيلم بتاعك دا
أشارت لنفسها وتحدثت:
-أنا فيلم ياراكان، بعمل أفلام، عشان ببعد واحدة حقيرة زي دي عن جوزي، يبقى بعمل أفلام
سحبها من كفيها وأجلسها عندما وجد غضبها الذي ظهر على ملامحها
-ليلى قولتلك موضوع نورسين خلاص، بلاش تخليني ازعل منك، بتحسسيني اني حقير قوي، حبيبتي بعد كام ساعة هتكوني مراتي، ودي عندي بالدنيا ومافيها، عايز شوية ثقة ياليلى لو سمحتي
سحبت كفيها وأردفت بصوت مفعم بالبكاء
-اوعى تكسر قلبي ياراكان لو سمحت
دنى منها حتى شعرت بأنفاسه، فاردفت بشفتين مرتجفتين
-يخربيتك ابعد والله هدخل النار بسببك، داعب وجهها بأنفه ..جحظت عيناها فأملت برأسها للخلف حتى كادت أن تسقط
-هندخلها مع بعض ياحبيبي متخافيش، بعد الثواني قبل الدقايق عشان اخدك في حضني
رفعت كفيها تدفعه
-راكان ابعد، الولد بيعيط
رفع حاجبه بسخرية قائلا:
-الله وأنا ماسكك، ماتقومي
لكمته بصدره بضعف
-راكان ابعد مش قادرة…دنى من اذنيها وهمس لها
-هبعد ياروح راكان بس بشرط أسمع منك
“بحبك”
ارتجفت عيناها وابتعدت بنظراتها حينما فقدت السيطرة على نفسها من رائحته التي اخترقت رئتيها، لم يرحم قلبها الضعيف وحالتها فهمس:
-بحبك مولاتي، قالها ثم نهض سريعا متجها للخارج ولكنه توقف
-جهزي نفسك النهاردة لأول مرة حاسس إني عايش ياليلى بلاش تقتلي فرحتي بحاجات وهمية
جاء المساء سريعا
هبطت للأسفل بفستانها السماوي، وبه بعض الفراشات البيضاء، وحجابها الأبيض الذي جعلها كأميرة للأساطير، تحركت إلى أن جلست بجوار والدها ووالدتها..كان يطالعها من حين لآخر،
وصل الشيخ المسؤل عن كتب كتابهما، دقات عنيفة بداخل كل واحدًا منهما، أخذت تتنفس الصعداء، بعدما استمعت لقول المأذون
– بارلك الله لكما وجمع بينكم في الخير
شعرت وكأن ساقيها لم تحملها، عندما اقترب منها قائلا
-ألف مبروك يامدام ليلى…قالها وهو يقف أمامها على بعد بعض الخطوات
هزت رأسها دون حديث، فشعورها الآن لم تقو على وصفه، تحدثت فريال
-معرفش ايه الجواز الصامت دا، هو فعلا مجرد كتب كتاب وخلاص ياراكان، لكزتها عايدة قائلة
ترمق ليلى بنظرات متهكمة
-انتِ متعرفيش دا عشان الولد بس، الفرحة الكبيرة هتكون من جوازة راكان على نورسين مش ياراكان
رمقهما بنظرة اخرصتهم، تحركت زينب مبتسمة
-لا دي فرحتي الكبيرة إن ليلى تفضل مرات ابني مهما حصل، راكان ولا سليم مش مهم الاتنين عندي واحد
نظر إليها بحبور، بعد كلمات والدته وهي بأحضان والدها، تمنى لو ضمها هو لأحضانه حتى يشبع روحه المفقودة ولكن مهلا باقي القليل جدا، هذا ماحدث قلبه به
رفع نظره لوالدته التي نهضت من مقعدها بمساندة سيلين وأردفت
-راكان…توسعت مقلتيه وهو يرى والدته أمامه تقف مرة أخرى على قدميها…أسرع إليها يلقي نفسه بأحضانها وارتفعت شهقاتها
-أخيرا ياحبيبي قدرت أخدك في حضني، وحشتني قوي يابني
انسدلت دموعه بأحضانها
-حمدلله على سلامتك ياحبيبة قلبي، توجه أسعد إليها وهو يستند على عكازه
-حمدلله على سلامتك يازينب…خرج راكان من أحضانها، فاقتربت بخطوات متمهلة من زوجها
-الله يسلمك ياحبيبي..طبع قبلة على جبينها
-الحمد لله ..كررها أسعد عدة مرات
رفعت نظرها إليه
-انت كمان حمدلله على سلامتك، سليم وحشني قوي ياأسعد، نفسي اضمه حتى لو دقيقة زي ماضميت راكان كدا
ضمها لأحضانه، نظر الجميع إليهما بعينان تقطران ألما قائلا بصوته الحزين
-ربنا يرحمه حبيبتي ويصبرنا على فراقه، وبعدين البركة في ابنه يازوزو
-مامي حبيبتي، قالتها سيلين التي أسرعت تلقي نفسها بأحضان والدتها تهمس لها
-ألف مبروك يازوزو وأخيرا راكان اتجوز ليلى، من غير مايعرف إنك كنتي بتمشي قبل جوازه
ابتسمت لها وتذكرت بعد ولادة ليلى وخاصة يوم سبوع الطفل…استمعت لبكائه مع المربية، فاتجهت إليه متسائلة
-والدته فين يابنتي، بيعيط ليه كدا
كانت تهزه حتى تقوم بتهدئته فأجابتها
-مدام ليلى مانمتش خالص، والأستاذ راكان قال ممنوع حد يصيحها، عشان مرهقة، ودلوقتي غيرتله وعملتله رضعته، بس هو مش عايز يرضع من اللبن دا
تناولته زينب وحملته لأحضانها تربت على خصلاته ثم تحركت بمقعدها متجهة إلى غرفة ليلى …بكى الطفل بصوتًا مرتفع، حاولت حمله، فلم تشعر سوى بتحرك قدميها، ابتسمت تنظر للطفل ثم نهضت كطفل يتعلم المشي، رأتها سيلين التي استمعت لبكاء الطفل
-ماما إنتِ وقفتي، ابتسمت لأبنتها وانسدلت دموعها قائلة
-ايوة ياحبيبتي، ماما وقفت، امك هترجع تمشي تاني ياسلين، أحمدك يارب، نظرت للطفل الذي صمت للحظات وهو يضع انامله بفمه
-خدي الولد وديه لليلى عشان ترضعه، وبلاش تعرفي حد دلوقتي حبيبة ماما
قطبت سيلين جبينها
-ليه ياماما، دا راكان وبابا هيفرحوا قوي
نظرت بشرود وتحدثت
-لما راكان يتجوز ليلى يابنتي، ميغركيش كلامه المعسول، دا بيقلب في ثواني ابني وعرفاه أكتر من اي حد…خرجت من شرودها عندما اقتربت عايدة وفريال
-مبروك يازينب، من كتر فرحتك وقفتي، حفيدك هيفضل في حضنك طول الوقت بعد جواز راكان من مرات أخوه
ظل الجميع يتسامرون، جلس عاصم بجوار راكان
-عايز اقولك خلي بالك من ليلى يابني، ليلى طيبة ، يارب تكون عوضها الحلوة، ومتخيبش نظرتي فيك
هز رأسه قائلا
-متخافش ياأستاذ عاصم بنتك وحفيدك في ايد امينة، وبعدين حضرتك عارف مستحيل حد يأذيها طول ماهي في بيت البنداري، مش كدا ولا إيه
بعد قليل صعدت ليلى للأعلى بعدما بكى طفلها …أما هو خرج لمهاتفة أحدهما
-ايوة، سامعك…على الجانب الآخر
-أمجد هرب ياراكان من المستشفى
جز على شفتيه بغضب وهتف بغضب
-هموتك ياجاسر سمعتني، لو مجبتوش قبل الصبح هقتلك يافاشل
مسح على وجهه بغضب، أرجع خصلاته للخلف بقوة حتى كاد أن يقتلعها
-آآه عملتها ياقاسم الكلب، تحرك متجهًا لجده
وجده جالسا مع والده وعمه جلال
-كنت تعرف أن قاسم هيهرب ابنه مش كدا
ارتشف من قهوته بهدوء وأجابه:
-ألف مبروك ياعريس، اطلع شوف مراتك، إنما عايز أسألك يابن أسعد إزاي هتقرب من مرات أخوك، يعني مش هتتخيل سليم قدامك
صاعقة صفعته بقوة حتى شعر ببرودة أطرافه، وتجمد الدم بعروقه، فنظر إلى والده كطفل مشتت، ضائع فرفع نظره وتحدث بلسان ثقيل
-دا اللي قدرت تقوله، مفكرتش غير في إنك تحرق دمي وبس، هستنى منك إيه، لكن عايز أقولك جوازي عشان احمي الطفل وللأسف هحميه من قرايبه قبل أعدائه قالها
وتحرك بساقين متراختين، ونيران تحرق جسده بالكامل، توقف حمزة أمامه
– انا همشي وهسبقك عند نوح، اوعى تعمل فيها عريس الليلة، لما ترجع، عايزين نفرح المنحوس التاني، تحرك خطوتين ثم توقف متسائلا:
-عرفت ان أمجد هرب…فك رابطة عنقه متجها للأعلى دون الرد على حمزة، استغرب حمزة حالته، نظر إلى يونس مستفهما
-ماله دا، دا اللي مستنينه في ليلة زي دي،
قهقه يونس رافعا حاجبه
-من الصدمة، خايف عليه الليلة، حلو فكرة فرح نوح دي أهو نلهيه شوية
دفعه حمزة حتى هوى على مقعده قائلا
-أقولك حاجة يادكتور الستات، أنا مش متفائل وحاسس فيه كرسي هينضرب في الكلوب
قوس يونس فمه قائلا
-معرفش حاسس الكرسي دا هينضرب في وشك ليه …قالها ثم تحرك من أمامه سريعًا
ذهب يونس إلى سيلين التي تتحدث بهاتفها
-تمام بكرة هقول لبابا، وانت كمان سلام
استدارت بجسدها فاصطدمت به
ثورة حارقة اندلعت بجوفه وارد ان يلتهمها فتحدث من بين أسنانه
-بتكلمي مين يابت؟!
دنت بخطواتها ورفعت كفيها تتلاعب بزر قميصه ثم رفعت نفسها وهمست بأذنه
-دا حبيبي هيجي بكرة يطلبني للجواز، عندك مانع، بقولك عشان تحضر نفسك وتقابله ياآبيه
تجمد بمكانه محاولا استيعاب ماقالته، وقف للحظات مكبل الأيدي، وهي تتلاعب على رجولته التي حاولت إهدارها بكل برود
فاستدارت بعدما نظرت إليه ترمقه بتهكم
-ابعد عني يايونس، أنا اتعرفت على واحد راجل وحبيته وهيجي يطلبني من بابا
باتت كلماتها تعصب جروحه التي اشعلتها بلهيب نيران عشقه، فجذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره، ثم جذبها من خصلاتها يهمس إليها بصوت كفحيح أفعى قائلا
-عمرك سمعتي عن الحب وماقتل، دنى حتى لامست شفتيه اذنها قائلا
-هقتلك ياسيلين، ومش قتل عادي ياحبيبي، لا دا هقتلك بحبي ليكي، طبعا عايزة تعرفي إزاي
بلاش أقولك الحبيب بيعمل ايه في حبيبه لما بيفقد اعصابه وبيعرف بخيانته، ودلوقتي مجرد كلامك مع راجل تاني وقولتيله حتى لو بالوهم إنك بتحبيه خاينة في نظري
قالها بعدما جذب رأسها يقبلها بكل عنف حتى ادمى شفتيها، ثم دفعها بقوة، دا عنوان اللي هيحصلك، استني شوفي يونس المغدور هيعمل ايه…قالها متحركا لسيارته، وقادها بسرعة جنونية، جلست سيلين بمكانها تبكي بشهقات وتمسح فمها بعنف
-بكرهك يايونس، والله لاندمك
عند راكان
وصل إلى غرفة ليلى، فتح الباب بهدوء يبحث بعيناه، هو يريدها فقط، يريد أن يشكو آلامه إليها
كانت تخرج من مرحاضها، ترتدي بورنس الحمام، وجدته امامها، ولكن هيئته تنم عن حدوث شيئا له، جلس على الأريكة عندما فقد القدرة على الحركة ينظر حوله، وكأن سليم يطالعه، هب واقفا، ثم سحب كفيها عندما وجدها متصنمة بوقفتها تنظر إليه، حاولت جذب يديها، ولكنه كان المسيطر الأقوى
دلف إلى جناحه، وقفت وجسدها ينتفض، تشعر بالخوف من حالته، رفع نظره بعينيه التي تحولت للون الأحمر من الغضب، شعر بألم تسرب لقلبه عندما رأى الخوف البادي على ملامحها
وضع جبينه فوق جبينها بعدما حاوطها بذراعيه
-ليلى ضميني، حبيبتي عايز احس انك في حضني، ليلى إنت حقي انا، أنا ماخدتش حق حد
رفعت كفيها تضم وجهه:
-راكان مالك، أنت كنت كويس…ظل فترة وهو على هذه الحالة، حتى اعتدل بجلوسه يضمها
-ليلى تعرفي أنا بحبك من إمتى
وضعت رأسها على صدره مطبقة جفنيها
-عايزة أسمعك، عايزة أعرف الراجل اللي وجع قلبي الفترة دي كلها، عايزة أحس بحبك فعلا
ضمها بقوة كأنها ستهرب منه، ثم طبع قبلة على جبينها:
-من يوم ماكنتِ عندي في المكتب، سحرتيني بعيونك، وقوة شخصيتك، استنشق خصلاتها المبتلة مكملا
-وقتها حركتي مشاعر اندفنت لسنين، بقيت عايز أشوفك قدامي على طول، عايز أسمع صوتك، عايز ألمسك، عملت حاجات كتير عشان اللحظة دي
خرجت من أحضانه تطالعه بنظراتها العاشقة له وحده، أزال خصلاتها ووضعها على جانب كتفها، ثم دفن وجهه بعنقها قائلا:
-ألف مبروك ياليالي، أخيرا بقيتي ملكي، كان المفروض أمير يكون ابني أنا، لكن قدر الله وماشاء فعل
اختلج صدرها الكثير من المشاعر المتناقضة
من الخوف والأمان ..نهضت تنظر إلى غرفته لأول مرة
-إحنا بنعمل إيه هنا، أنا هروح اوضتي، بعد إذنك
جذبها حتى سقطت على ساقيه
فضمها لأحضانه واضعًا جبينه فوق جبينها
-ليلى خايفة مني..حاولت الإفلات من قبضته
-راكان وسع كدا، عايزة أروح أشوف الولد
التوت زاوية فمه بإبتسامة عابثة مائلا برأسه ونظراته تتفحصها
-اطبقت على البونس، تغلقه بقوة
-دي مقابلتك ليا بعد اللي قولته…ضمت ثيابها بقوة، عندما وجدت نظراته الثاقبة لجسدها
نهضت من فوق ساقيه فجذبها مرة أخرى وهو يضمها قائلا:
-أسما حكتلي كل حاجة، عرفت كل حاجة من يوم الحفلة لحد قبل يوم الولادة، ثم نزل برأسه يضعها مرة أخرى بعنقها وطبع قبلة، عرفت إنك بتحبيني، وجوازك خوف عليا، ارتفعت دقات قلبها، وارتجف جسدها، حتى شعر بها
فرفع نظره لعيناها المنغلقة
-لدرجة دي كنتِ بتحبيني ياليلى، لدرجة دي وصلت تضحي عشاني.
ظلت مغلقة الجفنبن، وصدرها يعلو ويهبط
ملس على وجنتيها إلى أن وصل شفتيها فهمس بانفاسه الحارة:
حبيبي افتحي عيونك، ليلى..همس بها، فتحت عينها فتقابلت النظرات تهيم عشقا لكل منهما
-بحبك ياليلى…أطبقت مرة أخرى على جفنيها تستمع لهمسه، صمتت الألسن وتوقف دوران الأرض حولهما، كما توقفت عقارب الساعة
فهمست له وهي ترفع أناملها تزيل عبراته العالقة:
-وليلى بتحبك قوي ..هنا جذبها بقوة يسحقها بأعماق روحه، حضنها بكل قوة كأنه يود أن يخفيها بقفصه الصدري، حتى ذابت في احضانه لأول مرة تذوقت قربه، لأول مرة تشعر براحة قلبها، وضعت رأسها بعنقه تستنشق رائحته الرجولية التي باتت تعشقها حتى أصبحت لها ككأس خمر لمسكر، لا يختلف الحال عنده وهو يعتصرها بين ذراعيه القوية يضمها بكل قوة ويستنشق عبيرها كمدمن يتجرع جرعته… استمع لهمسها
-تعبت كتير قوي ياراكان، تعبت لدرجة أتمنيت الموت…أخرجها يحتوي وجهها ويحتضنها بنظراته:
-أنا كمان اتعذبت ياليلى، وحياتك عندي اتعذبت كتير، بس دا غلطنا إحنا الاتنين حبيبي
ضمة قوية مرة أخرى لجسدها ليعبر لها كم يعشقها، فهمس بجوار أذنيها
-بحبك مولاتي..فتحت عيناها ورفعت كفيها على خديه وانزلقت عبرة عبر وجنتيها
-أنا كنت فقدت الأمل في لحظة زي دي ياراكان
احتضن وجهها يطبع قبلة على جبينها
وعد من حبيبك هنسيك أي ألم مرتي بيه
رفع ذقنها ينظر لشفتيها
-مش كفاية عذاب أنا جوزك على فكرة وجه الوقت عشان أدوق الفراولة الطبيعية ..ترنح جسدها بين يديه
وأنزلت بصرها للأسفل
-راكان لازم انزل تحت، ماما وبابا لسة تحت
رفع ذقنها مرة أخرى بأنامله
-طيب مفيش مبروك لجوزك حبيبك، مفيش حاجة تصبره، لحد مانرجع
رجفة أصابت عمودها الفقري، وانفاسه تضرب وجنتيها حتى شعرت بلهيبها، كان يرسمها بعينان فنان بارع في الرسم فاقترب يتذوق كريزيته لأول مرة، لامست شفتيه لأول مرة كرزيتها، ولكن قاطعه طرقات الباب العنيفة
-ليلى …قالتها سيلين بالخارج، توقف وهو يزفر بغضب، بعدما حاول لملمت شتات نفسه من تلك الجنية التي بعثرتها، اطلقت ضحكة بعدما وجدت تغير ملامحه للغضب فتحدث:
-فرحانة ياختي، طيب اجهزي حبيبي عشان خارجين، وبعد مانرجع هعرف اسكتك إزاي استمع لطرقات الباب مرة أخرى زفر بغضب ثم
فتح الباب وهو يصيح بنيران قلبه في إيه:
غمزت له وهي تعقد ذراعيها:
-مكنش اتفاقنا ياراكي أنك تخطف لولا من اول يوم، دفعته متحركة للداخل
-ليلى والدك هيمشي وعايز يمشي، انزلي شوفيه
❈-❈-❈
تحرك راكان للأسفل دون حديث، وهو يسب أخته بداخله
بعد قليل اتجه لغرفة والدته، استمع لصوت شهقاتها، تسمر بوقفته عندما وجدها بأحضان والده
-حبيبي مالحقش يتهنى غصب عني والله ياأسعد، أنا عمري مافرقت بينهم لكن سليم صعبان عليا قوي، البنت اللي كان بيعشقها الليلة هتكون في حضن أخوه، وابنه اتحرم منه قبل مايشوف النور، تفتكر الولد هيقول بابا لراكان، ولا عمو
ربت أسعد على ظهرها بحنان وبكى على بكائها
-أهو راكان هيخاف على الولد غير الغريب يازينب، وربنا يسعده ياحبيبتي نفسي راكان يتهنى بحياته، مسحت دموعها ونظرت إلى أسعد بذهول
-راكان ابني البكري، انت عارف معنى الكلمة ايه، يعني نور عيني وحياتي كلها، عمري مااتمنى له غير السعادة ياحبيبي، مستعدة اضحي بحياتي والله عشان اشوفه سعيد ومتهني، لكن أنا أم وغصب عني الشعور اللي حسيته، اوعى تفكر بقول كدا عشان حاجة تانية، وعايزة أفهمك، راكان ابني أنا غصب عن عين أي حد
تراجع بخطواته للخلف، لم يعلم ماذا عليه فعله أيسعد من كلمات والدته عن حبها له، أم يحزن على كلماته عن سليم
تحرك متجهًا للخارج وجد ليلى تتحدث مع مربية أمير، اتجه إليها
سحب كفيها متجهًا لمكتبه، جلس وأجلسها على الأريكة بجواره ضامما إياها لأحضانه
-حبيبتي فيه حاجة لازم نتكلم فيها
خرجت من أحضانه تنتظر حديثه…ضم كفيها بين راحتيه وتحدث بصوتًا حزين
-مش عايز ماما تعرف العلاقة بينا ايه، يعني بلاش نفهما إننا بنحب بعض، ومش ماما بس، لا البيت كله، عايزة قدامهم العلاقة رسمية شوية، بلاش نوجع قلبها كفاية عليها فراق سليم
ظلت نظراتها تحتضن نظراته بصمت، وعيناه الحزينة، وتحدثت لنفسها
-معقول الشخص القوي البارد دا ، يكون حنين كدا، معقول بيخاف على شعور واحدة تعتبر مش امه، لم تشعر بنفسها إلا حينما اقتربت منه ثم لأول مرة تتجرأ وتطبع قبلة سطحية على شفتيه قائلة بحبك ياراكان …قالتها وتحركت سريعا للخارج وهي تقول بصوتا متقطع من جرأتها
-هجهز عشان نروح لنوح
ورغم خطاها السريعة إلا نظراته لها كانت كلهيب اشتعل للتو وهو يطالع سيرها بقدها المهلك لقلبه، تمنى لو ظلت لدقائق فقط لعلمها كيف تكون قبلة الحياة
إبتسامة على وجهه وهو يتخيلها بأحضانه، قاطعه دلوف العاملة بعد الطرق على باب المكتب
-نورسين هانم برة ياباشا وعايزة تقابل حضرتك
مسح على وجهه بغضب، ثم تحدث
-خليها تدخل ياهدى، واطلعي للمدام قوليلها ماتنزلش غير لما اطلع
دلفت نورسين بخطواتها المتمايلة
-عامل ايه حبيبي، بابا معايا برة عند جدو، جه يتفق بشغل فقولت اجي أشوفك وحشتني
ضيق عيناه متسائلا باباكي انت شغال مع جدي، ليه يعني مش صفوا الشراكة…اقتربت تجلس أمامه على سطح المكتب، وهي تحرك ساقيها العارية ثم نزلت بجسدها حتى ظهر صدرها أمامه بوضوح
وتحدثت بصوتها الأنثوي الناعم
-معرفش هو قالي هيشاركه، فأنا فرحت عشان هشوفك أكتر من كدا
رفع حاجبه بسخرية قائلا
-ليه هو إحنا هنتقابل في الشغل، انتِ عارفة شغلي مش مع جدي
وضعت كفيها وقامت بفك زره قائله
-مايمكن إنت كمان تشارك بابي، ازاح كفيها قائلا
-جاية ليه مش قولت متجيش من غير ماأعرف
نزلت من فوق المكتب تضع رأسها بعنقه تستنشق رائحته
-دي ريحة واحدة ست، إيه ياراكي مش قولت بطلت حركات السهر دي
دفعها بعيدا عنه، تسمرت تنظر إليه
-فيه إيه دا عشان قولت ريحتك حريمي، اوعى ليكون عيشت لحظاتك مع اللي قتلت أخوك
احس بارتفاع ضغط دمه واختنق حلقه
-هو فيه حد ينسى برضو مين السبب في تعاسة قلبي ووجعي على أخويا
جلست أمامه مرة أخرى
-عرفت انك كتبت كتابك النهاردة، إيه ناوي تعلن عن جوازنا إمتى، عملت زي ماقولتلي، وعرفتها أننا انفصلنا
نصب قامته القوية بتكبر وتحرك للأريكة يجلس عليها، ثم قام بإشعال تبغه ينفثه ونيران صدره تحترق كتبغه
-برافو يانور، دلوقتي أمشي لازم اخرج عروستي ونروح حفلة الليلة، واستني مني اتصال هقولك فرحنا إمتى بالظبط
اتجهت تجلس بجواره تضع رأسها بأحضانه
-راكان إنت وحشتني، من وقت الولادة ماتقبلناش ولا مرة، وقولت هتنتقم من مرات اخوك، عشان تتنازل عن الولد بس انت بتوحشني بجد
رفع كفيها يلامس وجهها
-حبيبتي اصبري شوية، لسة النهاردة كاتب كتابنا، ماهو مش معقول هطلب منها تتنازل دلوقتي
هبت واقفة تعقد ذراعيها
-معرفش كان ليه الجواز اصلا وانت قادر تاخده بالغصب، توقف بمحاذتها
-إنت اتجننتِ إنتِ ناسية اني رجل قانون، مقدرش اخد حاجة بالغصب، كان لازم أعمل كدا عشان تتنازل بعد ماأعيشها في جحيم عمرها ماشفته
بالخارج كانت تقف على أعتاب الغرفة تستمع إليهما بعدما صعدت العاملة قبل قليل
دلفت المربية إلى غرفتها
-مدام الباشا بيقولك اجهزي ومتنزليش غير لما يطلع لعندك
قطبت جبينها
-هيطلع لعندي ليه إحنا خارجين، رفعت نظرها للعاملة
– هو في اوضة المكتب ولا راح لماما زينب
-لا يامدام هو مع نورسين هانم في المكتب
صاعقة أصابت جسدها حتى شعرت بعدما قدرتها على الحركة فجلست مكانها لعدة لحظات ثم نهضت متجهة إلى الأسفل
توقفت تستمع إليهما بانين قلبها مشطور،ترنح جسدها خطوة للخلف بأعين مغمضة وشفتين فاغرتين مصعوقة وكأن مااستمعت إليه ارتطم بجسدها حجرا ثقيلا حتى أصاب قلبها مباشرة فأدماه فإذا به ينزف وللحظة توقف الزمن وتمنت الموت في تلك اللحظة
❈-❈-❈
بأنفاسًا مرتجفة وعينان محجرتين بالدموع هرولت لغرفتها وتحدثت للمربية
-هنخرج مع بعض مشوار يانورة، فيكِ تروحي الليلة انا ههتم بأمير
جهزت حقيبته سريعا، وخرجت بروح محترقة وقلبا يتمزق ألما تقاوم رغبة بصرخات عاتية من أعماق روحها الذي أحرقها عاشق قلبها
تحركت من الباب الخلفي للقصر في غفلة عن أمنه الذي ركز إهتمامه على بوابته الرئيسية
أوقفت سيارة أجرة وترجلتها سريعا وهي تكاد تلتقط أنفاسها احتضنت طفلها ببكاء شق الصدور وانسدلت عبراتها الغزيرة على وجنتيها
-حبيبي اهدى هنروح عند جدو اهو، احسنلك من بيت الأفاعي السامة دا
بعد قليل صعد راكان لغرفته وتجهز متجهًا إليها
دلف يبحث عنها ولكنها لم تكن موجودة، اتجه لغرفة اخته، ثم لغرفة والدته، بحث بكافة القصر مع العاملات . .أسرعت سيلين إليه
-ليلى مش موجودة، نظر حوله وتسائل
-يعني إيه مش موجودة ياسيلين، شوفيها عند البيسين كدا
صاح بصوت صاخب على العاملة
-مدام ليلى راحت فين
-معرفش هي قالت هتخرج مشوار مع أمير وحتى خلت المربية تروح
دنى منها يسحبها بعنف
-ايوة مشوار فين وإزاي ومفيش حد دخل ولا خرج من البوابة.. بكت العاملة وتحدثت من بين بكائها
-والله ياباشا مااعرف
قبضة عنيفة اعتصرت فؤاده، حتى هوى ساقطا على مقعده وهو ينظر للكاميرا ويراها تتحرك من الباب الخلفي تحمل الطفل وتتلفت حولها
أطاح بكفيه كل ماقابله على سطح المكتب
-غبية لتاني مرة تتصرفي بغباء، وحياة ربي ماهرحمك ياليلى، توقفت والدتها عندما وجدت حالته
-حبيبي اهدى وعرفني إيه اللي حصل انت زعلتها في حاجة، يعني حاولت تقرب منها وهي رفضت
نظر بذهول لوالدته
-ليه حد قالك اني حيوان، ايوة صح ماأنا حقير البيت دا بس المحترم مات، أنا هجبلك أرملة ابنك، اعرفي من اللحظة دي البنت دي هوريها جحيم جهنم …قالها وتحرك كشيطان يحاربه مؤمن تقي
رفع هاتفه الذي ارتفع رنينه
-فيه ايه ياحمزة انا مش جاي، على الجانب الآخر
-راكان لازم تيجي حالا هنا، الدنيا هنا زفت وأسما هربت ونوح زي المجنون
توقف فجأة بسيارته حتى اصطدم جسده بالقيادة
-يعني إيه هربت؟!
كل اللي اعرفه إن فيه لعبة حقيرة بينهم
مسح على وجهه بغضب
-إيه اللي حصل يانوح، هو هلاقيها منك ولا من بنت خالتك اللي دبحتني دي
-حمزة ليلى هربت ورايح عند باباها أشوفها
بعد قليل وصل إلى منزل عاصم
طرق على باب المنزل ..فتحت درة الباب
-استاذ راكان، فيه حاجة
دقق النظر بملامحها فتسائل بهدوء، رغم نيرانه المستعيرة
-ليلى كلمتك يادرة وياريت متكذبيش عليا
صاعقة نزلت على الجميع، وصل حمزة إليهم
اقتربت سمية متسائلة
-هو أحنا مش كنا عندكوا من ساعتين يابني، إيه اللي هيجبها
تحرك راكان دون حديث عندما علم بعدم وجودها، ثم رفع هاتفه
-هبعتلك رقمين تشوفلي هما فين فورا
أما حمزة وقف أمام درة التي تهرب بنظراتها منه:
-فين ليلى يادرة، ليلى مختفية ومش لقيناها
بكت وهي تهز رأسها
-منعرفش ياحمزة، هي كلمتني وقالت جاية بس أسما اتصلت بيها ومشيت معها، دا اللي قالته
رمقها بنظرات تفحصية وتسائل:
-اوعي تكوني عارفة مكانها ومتقوليش
رفعت نظرها وتسائلت
-هو فعلا راكان كان عايز يتجوزها عشان يحرمها من إبنها وينتقم منها ياحمزة
زفر حمزة بغضب وارجع خصلاته بعنف حتى كاد أن يقتلعها
-انتِ ممكن تصدقي انه يعمل كدا، دا شكل واحد عايز ينتقم، أنا دماغي هتفرقع، الاتنين معذروين، هي كدا هربت من جوزها فاهمة معنى الكلمة، راكان مش هعرف اسيطر فيه عليه
-حمزة ليلى سمعت راكان بيقول كدا لنورسين، بيقول هيتجوزها انتقام عشان الولد ياخده، وكمان عشان هي السبب في موت أخوه
تحرك حمزة للأسفل
-يخربيت حمزة وسنينه ياستي، أنا مبقتش عارف مين الصح، رد على يونس
-ايوة يايونس، لا شوية وهرجع خلي بالك منه
زفر حمزة بغضب، استقل سيارته
باليوم التالي، بعد قضاء ليلة خيم الظلام والحزن على البعض والشماتة على البعض الآخر ..وقفت سارة بجوار سيلين
-حلو المهندس اللي رايحة جاية معاه دا، خدي بالك عشان لو راكان عرف هيدبحك
تحركت سيلين متجهة لوالدتها التي جالسة وكأنها فقدت النطق والحركة، ربتت على كفيها
-ماما حبيبتي أن شاء الله راكان هيوصلهم
بمنزل قاسم الشربيني
قهقهات مرتفعة وهو يستمع إلى الأخبار
-طيب اسمع ياأكس مان عايز الخبر في المواقع الإخبارية كلها، العروس التي هربت من عريسها يوم زفافها
بمكتب راكان جلس ينفث تبغه بشراسة، استمع إلى رنين هاتفه
-الخط فتح ياباشا، وعرفنا المكان، في شقة بالمهندسين باسم آسر المحجوب
-تمام…قالها راكان ببرود أعصاب،ثم نهض متحركا للخارج، وجد الجميع يجلس بالخارج
-ليلى كلمتني وقالت كانت بتغير جوا، حست انها بتخون سليم زعلت من نفسها فقالت تقعد مع نفسها تقرر حياتها، واتفقنا هتكون هنا مجرد ام فقط للولد
قالها وتحرك باقدام متعثرة كأنه يتحرك على جمرات من النيران
رفع هاتفه يستمع إلى حمزة
-راكان انت فين ؟!
عرفت مكانهم ياحمزة نص ساعة وهرجع بيهم
-راكان متتهورش لازم تسمع منها الأول
-اقفل ياحمزة مش عايز حد يقولي أعمل إيه، سمعت لحد ماشربت من البحر
في شقة آسر قبل عدة كانت تحتضن أسما وتبكي
-كان بيضحك عليا ياأسما، قالي بحبك وهو بيخطط ينتقم مني، مسدت أسما على خصلاتها
-أنا بموت ياليلى، الخيانة صعبة قوي
اعتدلت ليلى تنظر إليها
-آسفة حبيبتي نسيت وجعك وشيلتك همي
بكت أسما وتحدثت من بين بكائها
-هعمل إيه دا نصيبي، مش بأيدي حاجة، اللي دبحني انه ضحك عليا، بقاله فترة بيروحلها، ودلوقتي المدام حامل وهو بيوهمني انه ملمسهاش، وفي الآخر يروح يوم فرحنا يقضيه بأحضانها
أنا بموت ياليلى، قلبي وجعني قوي، ياريتني مااتجوزته، لازم أسافر برة البلد دي مش هقدر أعيش
احتضنتا بعضهما البعض ولم يشعر إلا بثقل جفونهما، غفت لعدة دقائق واستيقظت على صوت بكاء طفلها، اتجهت إليه
-حبيبي خلاص ماما هنا، حملت طفلها وقامت بإرضاعه، حتى غفى مرة أخرى، أمسكت هاتفها
-ماما حبيبتي، عاملة إيه
-انت فين يابنتي، كدا تمشي من غير ماتعرفي حد، ليه تعملي كدا
بكت بشهقات وتحدثت
-كنت مفكرة بحمي ابني ياماما، المهم متخافيش عليا، إحنا كويسين، وبلاش بابا يعرف حاجة عشان ميتعبش،أنا عند آسر وهو هيظبط أمورنا ويشوف سفر معاه، متقلقيش عليا
-ليلى حبيبتي درة حكتلي، صحيح راكان ممكن يعمل كدا، مسحت دموعها وصاحت غاضبة.
-متجبيش سيرة البني آدم دا لو سمحتي ياماما، هقفل دلوقتي وكل فترة هطمنك سلام
بعد قليل وصل راكان أمام الشقة التي تمكث فيها، بتلك الأثناء صعد آسر يحمل مايحتاجونه من لوزام وأطعمة، فتح آسر باب منزله ولكنه تصنم عندما استمع لصوت راكان خلفه
-طيب مش تخبط قبل ماتدخل، لم يشعر بنفسه سوى بلكمة بوجهه، استمعت ليلى وأسمى لصوت شجار على باب المنزل فاردت إسدالها واتجهت سريعا للخارج
تصنمت بوقفتها حينما وجدت راكان يسحبه من ثيابه يدفعه بقوة على أرضية المنزل ثم رفع نظره ورمقها بنظرات جحيمية قائلا
-معندكيش قهوة يامدام ولا إيه عايز قهوة سادة

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *