رواية شمس ربحها القيصر الفصل السادس عشر 16 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر الفصل السادس عشر 16 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت السادس عشر
رواية شمس ربحها القيصر الجزء السادس عشر
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة السادسة عشر
بعد مرور يومين ..
وقفت أمام المرآة تتأمل نفسها بضيق فاليوم ستذهب الى منزل قيصر حيث ستقابل عائلته لأول مرة بعد الخطبة ..
كم تكره ذلك فهي تدرك جيدا إنها لن ترتاح هناك أبدا ..
زمت شفتيها بعبوس قبل أن تحمل أحمر شفاهها وتضعه بإتقان على شفتيها وهي تفكر إن كل شيء يجري بسرعة كبيرة ..
سمعت صوت رنين هاتفها فعلمت إنه جاء لتلقي نظرة أخيرة على إطلالتها قبل أن تحمل هاتفها وتضعه في حقيبتها ثم تحمل الحقيبة وتخرج إليه بعدما أغلقت باب المنزل جيدا فعائلتها خرجوا قبلها في زيارة لعائلة عمها ..
ولأول مرة تشعر إن والدتها وأختها محظوظتان بهذه الزيارة فمهما بلغت سماجة وسخافة زوجة عمها وبناتها فلا تقارن بتلك العائلة التي ستزورها بعد قليل ..
خرجت من المنزل لتجده يقف مستندا على سيارته ينتظرها لتسير نحوه برأس مرفوع بينما يتأملها هو مليا بتلك الملابس الأنيقة للغاية رغم بساطة تصميمها فعلم إنها تجيد إنتقاء الملابس في الزيارات المهمة كهذه وهذه نقطة لصالحها بالطبع ..
” مساء الخير ..”
قالتها بخفوت ليرد بهدوء :
” مساء النور ..”
ثم فتح لها الباب لتدلف الى الداخل وهي تفكر إنه يتصرف حقا كرجل نبيل رغم عجرفته وتسلطه المزعجين ..
ركب بجانبها وأدار مقود السيارة بعدما شغلها ..
سألها وهو يقود السيارة :
” كيف حالك ..؟!”
ردت بهدوء :
” بخير ..”
ثم فكرت إنه لم يتواصل معها بعد الخطبة سوى مرة واحدة سأل فيها عن أحوالها وأخبرها بأمر تلك العزومة ..
حدق بها للحظة متأملا ملامحها الساكنة ونبرتها الهادئة قبل أن يعود بأنظاره نحو الأمام متمنيا في داخله أن تكون هكذا على الدوام ..
أما هي فكانت تعبث بأناملها وخاصة ذلك الخاتم الماسي الذي يزين سبابتها وقد عادت بذاكرتها الى الخلف حينما أجبرها على ارتدائه بدلا من ذاك الذي اختارته هي وبالرغم من كونها توعدته كثيرا لكنها لم تفعل شيئا فهي ما إن إنتهت الحفلة حتى ركضت الى سريرها تختبئ به دون أن تفكر بأي شيء آخر ..
بعد لحظات شعرت بالضجر والملل فهتفت بضيق :
” ألا تحب سماع الأغاني ..؟!”
رد وهو يضع تركيزه على الطريق أمامه :
” ليس كثيرا .. بإمكانك أن تفتحي ما تحبينه عن طريق هاتفك ..”
أخرجت هاتفها بسرعة ثم أخذت تشغل إحدى الأغاني التي تسمعها في الآونة الأخيرة ..
لحظات ونظر إليها قيصر بدهشة قبل أن يهتف بها :
” ما هذه ..؟! ”
رد بتعجب :
” اغنية ( بنت الجيران ) .. بالتأكيد سمعتها من قبل .. إنها رائعة وتجعل الشخص يرقص لا اراديا ..”
قاطعها بملل :
” أعرفها لكن لا بالطبع لا أحب سماعها .. افتحي لنا شيئا يستحق السماع او لا تفتحي ..”
رفعت حاجبها بدهشة مما قاله قبل أن تهتف بخفوت :
” معقد ..”
سألها :
” ماذا قلت ..؟!”
أجابت وهي تمنحه ابتسامة صفراء :
” لم أقل شيئا ..”
ثم أكملت بنبرة ذات مغزى :
” بالطبع انت لا تحب سماع هذا النوع من الأغاني .. أنت تفضل أغاني أخرى لناس أخرين كتارا الهاشم مثلا ..”
انقبضت ملامحه كليا فتسأله بمكر :
” ماذا تفضل أن تسمع من أغانيها ..؟! هيا أخبرني ..”
رد بفتور :
” افتحي ما تشائين فجميع اغانيها تستحق السماع ..”
اتسعت ابتسامتها كليا وهي تردد :
” نعم … بالفعل تستحق السماع خاصة تلك الأغاني التي تتحدث بها عن الرجال الخائنين وكيف تنتقم منهم المرأة او المتحكمين وكيف تتحرر منهم ..”
نظر إليها للحظة قبل أن يعاود النظر في نفس الإتجاه وهو يهتف بإقتضاب:
” هل سنحلل أغانيها بدلا من سماعها ..؟!”
كتمت ضحكتها بصعوبة ثم بحثت عن احدى أغانيها المفضلة لتارا لتفتحها وتستمع اليها معه ..
………………:……………………………………..
في قصر عائلة عمران ..
تقدمت كوثر من هند وهي تهتف به :
” خير يا هند .. أخبرتني ليزا إنك تريدنني ..”
” اجلسي يا كوثر ..”
قالتها هند بنبرة جادة لتجلس كوثر أمامها وهي تضع قدما فوق الأخرى فتسمع هند تقول بهدوء :
” زوجة ابنك ستأتي بعد قليل يا كوثر .. ”
قالت كوثر بسخرية :
” أعلم ذلك .. ”
أكملت ببرود :
” ماذا أفعل لها ..؟! هل أجهز فرقة خاصةلإستقبالها ..؟!”
ابتسمت هند وردت متهكمة :
” لم أطلب ذلك منك يا كوثر .. انا فقط وددت أن أذكرك بحسن التصرف معها .. كنتك ستزورك للمرة الأولى وتتعرف عليك عن قرب فلا داعي لأن تظهري لها وجهك الحقيقي .. ”
صاحت كوثر مستنكرة حديثها :
” ما هذا الكلام يا هند ..؟! ما به وجهي الحقيقي ..؟!”
هتفت هند بصوت صارم :
” لا ترفعي صوتك علي يا كوثر ..”
أردفت بجدية :
” عاملي البنت بشكل جيد .. تحدثي معها بلطف وابتعدي عن تكبرك وغرورك المعتادين ..”
قالت كوثر بملل :
” لقد أخبرني قيصر بذلك .. اطمئني يا هند ..”
هتفت هند بفتور :
” من الجيد إن قيصر قوي بما فيه الكفاية ليحمي زوجته منك ..”
قالت كوثر بضيق :
” لا أفهم سبب كرهك لي يا هند .. ليتك تعاملين علياء كما تعاملينني .. حتى رانيا تعاملينها بشكل أفضل .. انا الوحيدة التي تتعاملين معها بهذا الشكل ولا أعلم لماذا ..”
دوى صوت هند القوي في انحاء الغرفة وهي تقول بصوت منزعج :
” ما هذا الهراء يا كوثر ..؟! انا لا اكرهكك بالتأكيد وإنما اكره تصرفاتك .. ثانيا علياء من التي تقارنين نفسك بها .. كوني برقيها وبساطتها ثم تحدثي و عاتبيني لإنني أفرق بينك وبينها او بين رانيا التي لا أراها الا نادرا لكن يكفيني لباقتها ولطافة اسلوبها ..إسلوبك هو من يجبرني على معاملتك بهذه الطريقة يا كوثر ..”
ردت كوثر معترضة :
” كلا يا هند .. انتِ تفضلين علياء لإنه ابنة عمك .. مهما حدث فتظلان ابنتي عم ودمائكما واحدة وتفضلينها على الجميع ..”
هدرت هند بغضب :
” نفس كلامك الأزلي الذي لا يتغير يا كوثر .. تكرهين علياء دائما .. ألا يكفي تصرفاتك معها والتي تجاهلتها هي دوما بسبب رجاحة عقلها .. ؟! لم تتركِ شيئا لم تفعليه يا كوثر .. حتى رانيا وددت أن تدمري علاقتها معها لولا ذكاء رانيا وقدرتها على استيعاب تصرفاتك .. ”
أشاحت كوثر وجهها بضيق بينما قالت هند بجمود :
” حديثك لم يعجبني ابدا لكنني سأتغاضى عنه لأجل ضيفتنا القادمة ..”
نهضت من مكانها متجهة خارج المكان تاركة كوثر تتابع أثرها بضيق وهي تفكر بإنها ما زالت تتحمل هند تلك بعد كل السنوات ..
ألا يكفي إنها تتحكم بكل شيء منذ الصغر حتى في حياة أخوانها الكبيرين ..؟!
دوما كانت هند المسؤولة عن كل شيء وكأنها أساس العائلة ..؟!
الابنة الوحيدة والمدللة لدى والدها و إخوانها فأعطوها سلطة واضحة على الجميع وعندما تزوجت لم يتوانَ زوجها عن منحها كل ما تريده وتتمناه ..
دوما كانت محظوظة والجميع يصغي إليها حتى قيصر يهتم برأيها ويعتبرها عمود العائلة ..
كانت تظن بوفاة زوجها وتولي قيصر المسؤولة سيضع حدا لعمته لكنه فاجئها بالعكس ..
زفرت أنفاسها بضيق وهي تغمغم مع نفسها :
” متى سأرتاح منك يا هند ..؟! متى ..؟! أخبرني يا الله.. ”
………………………………………………………………….
دلفت شمس الى القصر وهي ممسكة بيد قيصر بعدما فوجئت به يقبض على كفها ما ان هبطا من السيارة وتقدما الى الداخل ..
وجدت جاسم يقترب منهما وقد تذكرته فورا بالرغم من كونه لم تره من ذلك اللقاء الذي جمعها بقيصر في القصر الثاني ..
” مساء الخير ..”
قالها جاسم برسمية قبل أن يحييها بنفس الرسمية :
” اهلا بكِ يا هانم .. مبارك لكِ عقد القران ..”
هتفت شمس بهدوء :
” شكرا جزيلا ..”
اقترب جاسم من قيصر وهمس له ببضعة كلمات تحت أنظارها لتجد قيصر يهتف بجدية :
” جيد .. أكد الحجز اذا .. ”
اومأ جاسم برأسه متفهما ثم استأذن منهما ورحل لتسأله بفضول :
” ماذا يعمل جاسم هنا ..؟!”
رد بهدوء :
” إنه ذراعي اليمنى والمسؤول عن كل شيء يخص عملي ..”
هزت رأسها بتفهم ثم سارت معه لتفتح الخادمة لهما الباب وهي تبتسم بنفس العملية فيهتف قيصر :
” مساء الخير .. ”
فترد الخادمة وهي محتفظة بنفس الإبتسامة وملامحها الجذابة نالت إعجاب شمس :
” مساء النور يا بك .. أهلا بك يا هانم .. الجميع في إنتظاركم ..”
اومأ قيصر برأسه متفهما ثم سار معها الى الداخل لتعود ذكريات الزيارة الأولى والوحيدة الى هذا القصر ..
دلفا الى صالة الجلوس ليجدا هناك كلا من هند وكوثر وعلياء وخالد وسوزان ..
نهضت هند ونهض بعدها الجميع ليقترب قيصر منها اولا ويحييها تتبعه شمس التي اقتربت منها على استيحاء لتهتف هند وهي تقبلها من وجنتيها :
” اهلا بك حبيبتي .. أنرتِ القصر بوجودك .. ”
” أشكرك يا هانم ..”
قالتها شمس بحرج بتقول هند بسرعة :
” قولي عمتي كما يناديني الجميع ..”
أومأت شمس برأسها متفهمة ثم تقدم بها قيصر نحو والدته التي حيتها بهدوء غريب فبادلتها شمس تحيتها بنفس الهدوء ..
اتجهت بعدها وحيت علياء التي استقبلتها بنفس الابتسامة اللطيفة ..
” هذا خالد ابن عمي .. لقد تعرفتِ عليه مسبقا عندما بارك لنا في الخطبة ..”
مد خالد يده لها وهو يحييها برسمية :
” اهلا بك .. سعدت بلقائك ..”
ابتسمت شمس مجاملة وهي ترد :
” شكرا .. انا الأسعد ..”
أردف قيصر وهو يشير الى سوزان التي كانت تقيمها بنظراتها :
” وهذه سوزان .. ابنة عمي صالح ..”
” اهلا بك يا شمس ..”
قالتها سوزان بترفع وهي تمد لها يدها على مضض لتبادلها شمس التحية بهدوء ..
جلست شمس بجانب قيصر لتهتف هند بتساؤل :
” كيف حالك يا شمس ..؟! ”
أجابتها شمس بهدوء وقد قررت أن تتصرف على طبيعتها وبثقة كما اعتادت دوما :
” الحمد لله بخير ..”
” لقد كنتِ رائعة يوم الخطبة .. ماشاءالله عليكِ ..”
قالتها علياء بصدق لتبتسم بهدوء وهي ترد :
” أشكرك .. هذا من ذوقك ..”
سألت سوزان :
” هل انتِ من إخترتِ الفستان ..؟! ”
ردت شمس بصدق :
” كلا قيصر هو من إختاره ..”
سأل قيصر سوزان :
” لماذا تسألين يا سوزان ..؟! ألم يعجبك الفستان ..؟! ”
ردت سوزان بهدوء :
” كلا أعجبني بالطبع .. ذوقك رائع حقا .. كما إنه لاق بها كثيرا .. انا فقط سألت لإنني عندما رأيته لأول مرة شعرت إنه ليس إختيارها هي .. أظن ذوقها مختلف نوعا مع ولا ترتدي هذا النمط من الفساتين ..”
سألتها شمس بهدوء :
” وهل رأيتِ ما أرتديه مسبقا حتى تحكمي على ذوقي ..؟! لا أظن إننا إلتقينا من قبل .. أليس كذلك ..؟!”
اتجهت انظار الجميع الى سوزان التي ردت بوداعة مفتعلة:
” انا لم أقصد شيئا سيئا .. انا ..”
قاطعتها شمس بنفس الهدوء :
” انا لم أقل إنك قصدتِ شيئا سيئا .. انا فقط أستفسر عن سبب تفكيرك هذا .. ”
ابتسمت سوزان بحرج بينما صدح صوت هند منهيا هذا الحديث :
” أنت تدرسين الهندسة يا شمس .. أليس كذلك ..؟!”
ردت شمس بجدية :
” نعم ، أدرس في قسم هندسة الحاسوب ..”
” هذا رائع .. سوف يكون لديك مكانا في شركات العائلة في المستقبل ..”
قالتها علياء لتهتف شمس بصوت جاد :
” في الحقيقة لدي طموحات مختلفة قليلا فيما بعد التخرج .. ”
” وما هي طموحاتك ..؟!”
سألتها سوزان بنبرة بدت لها هازئة لترد شمس بثقة :
” أنا أطمح للعمل كمعيدة في الجامعة بعد التخرج وإكمال الدراسات العليا .. أما العمل فلم أقرر بعد كيف سأعمل بعد التخرج لإن تخصصنا فيه عدة مجالات مناسبة للعمل .. ”
هتفت كوثر متهمكة :
” انتِ بالطبع تمزحين .. زوجك يمتلك أكبر شركات في البلاد وانتِ تتحدثين عن العمل كمعيدة ولا أعرف ماذا أيضا .. غيرك يطمح للحصول على أي وظيفة في شركاتنا ..”
ردت شمس بهدوء تحت أنظار قيصر الذي كان يشعر بالضيق من هذا الحوار بأكمله :
” انا لا امزح .. لكل شخص وجهة نظره .. أنتِ ترين العمل كمعيدة شيئا غير مهما لكنني أرى العكس من منظوري الشخصي .. انتِ ترين شركاتكم حلم لأي شخص وانا لا ارى ذلك .. ليس من الضروري أن تتوافق نظرتنا للشيء لكن من الضروري أن نحترم وجهات نظر بعضنا .. ”
نظر إليها قيصر بأعجاب شديد من ثقتها وهدوئها بل وجوابها المنمق ولم تكن هي وحدها من نظرت لها بذلك بل ماثلها الجميع تلك بإستثناء سوزان وكوثر التي أصرت على حديثها وهي تكمل :
” مهما كان فعليك الإعتراف إن اغلب الخريجين حاليا وخاصة المهندسين يطمحون للعمل بل ويركضون وراء اي وظيفة حتى لو كانت في شركة متواضعة بسبب البطالة المنتشرة في كل مكان وعدم توافر فرص للعمل هنا ..”
” وهل هذه مسؤوليتهم أم مسؤولية الدولة التي لا تقوم بتعيينهم بسبب عدم وجود مشاريع عامة تابعة للحكومة من الأساس فأصبحت جميع المشاريع هنا تابعة للقطاع الخاص من شركات داخل البلاد وخارجها وطبعا أصحاب الشركات لديهم معايير خاصة في إختيار موظفينهم عموما والتي تخدمهم هم حصريا لا الخريجين من حولهم ..”
” أنا أتفق معك .. ”
قالها خالد الذي كان يتابع الحوار منذ الأول لتتجه أنظار قيصر نحوه والجميع أيضا ليكمل موجها حديثه لها :
” جميع الشركات مثلا حتى شركاتنا تستخدم معايير محددة ثابتة منذ الأزل عند تعيين الموظفين .. حتى طريقة قبول المقدمين للوظيفة لدينا ما زالت ثابتة لا تغيير فيها ..”
سأله قيصر :
” وما بها طريقة اختيار الموظفين يا خالد ..؟! نحن نختار موظفينا بناء على أسس ثابتة ..”
قاطعه خالد بجدية :
” وما هي هذه الأسس يا قيصر .. ؟! الخبرة طبعا .. اللباقة وحسن التصرف وأشياء اخرى لا داعي لذكرها لإنك تعرفها .. لكن ماذا عن القدرات والمواهب الفذة في العمل لبعض الشباب حديثي التخرج ..؟! ماذا لو ركزنا على أشخاص ربما في الوهلة الأولى تراهم مجرد خريجين عاديين للغاية لكن ما إن نرى عقولهم سننبهر بما يمتلكونه من ذكاء ونباهة وابداع في العمل .. “
سأله قيصر بقوة :
” وماذا تقترح يا خالد أن نفعل بشأن ذلك ..؟! ”
رد خالد ببرود :
” هناك اقتراحات عديدة سأرى أيهم أفضل وأطبقه على فرع الشركة المسؤول عن أدارته مع بداية العام الجديد .. ”
لوى قيصر فمه ورد بضيق مكتوم :
” جيد .. لنرى ستراجيتك الجديدة ماذا ستفعل .. ربما أطبقها أنا أيضا اذا نجحت حقا ..”
” مساء الخير ..”
قالتها لميس التي دلفت الى الداخل تتبعها كلا من حوراء ودينا اللتين ألقيتا التحية أيضا ..
تقدمت لميس نحوها وهي تهتف بترحيب :
” اهلا شمس .. سعيدة بوجودك بيننا ..”
نهضت شمس من مكانها وبادلتها التحية بإبتسامة هادئة لتسمع لميس تكمل :
” انا لميس ابنة عم قيصر .. باركت لكِ في الخطبة لكنكِ بالطبع نسيتني بسبب كثرة الضيوف ..”
” اهلا بكِ .. سعدت بمعرفتك ..”
ابتسمت لميس وهي تجلس على الكرسي الذي يوجد بجانب الكنبة بينما تقدمت دينا وقالت بإبتسامة هادئة :
” وانا دينا اخت قيصر الصغيرة ..”
ابتسمت شمس بخفة وردت :
” نعم تذكرتك .. اهلا بك ..”
بعدها تقدمت حوراء بملامحها الجامدة وقالت ببرود :
” اهلا بك في قصرنا .. ”
ردت شمس بنفس البرود :
” شكرا ..”
قالت هند وهي تشير الى لميس :
” لميس في نفس عمرك يا شمس .. أنتِ في التاسعة عشر .. أليس كذلك ..؟!”
أومأت شمس برأسها لتهتف لميس بها :
” إذا نحن مواليد نفس العام .. صدفة جميلة حقا .. ماذا تدرسين ..؟!”
ردت شمس وهي تبتسم بخفة :
” الهندسة .. ”
” رائع وأنا أدرس الأعلام .. قسم العلاقات العامة ..”
” تخصص جميل حقا ..”
قالتها شمس وهي تبتسم بهدوء وقد شعرت بالراحة نوعا ما اتجاه لميس التي بدت لطيفة كوالدتها ثم بدأت الأحاديث بين الجميع لمدة حتى أتت إحدى الخادمات وأخبرتهم إن الطعام جاهز ..
…………………………………………………………………
في الطريق الى المنزل ..
كانت شمس صامتة وهي تفكر بكل ما حدث اليوم ..
في الحقيقة بعد حديثها مع والدة قيصر لم يحدث اي موقف سيء ابدا ..
كوثر وسوزان لم تتحدثان ابدا ..
خالد هو الآخر كان ملتزما الصمت حتى إنه خرج بعد الغداء بحوالي ساعة متعللا بضرورة ذهابه لزيارة صديقه ..
هند وعلياء لطيفتان كالعادة ..
لميس رائعة وقد تحدثت اغلب الوقت معها وتفاجئت بعلاقتها الجيدة جدا مع قيصر رغم إختلافهما في الطباع ..
فكيف لتلك الفتاة البسيطة رغم قوة شخصيتها أن تتوافق مع قيصر الكريه المتسلط ..؟!
في الحقيقة لميس بالذات تشعر إنها لا تنتمي لهذه العائلة ليس بسبب لطفها ولكن بسبب طريقة تفكيرها وطموحاتها التي علمت عنها الكثير أثناء حديثهما طوال اليوم ..
دينا لم ترها كثيرا فهي خرجت بعد الغداء مباشرة الى درسها الخصوصي ..
اما حوراء فهذه حكاية أخرى ..
متعجرفة مغرورة لا تطاق ..
هكذا فكرت شمس وهي تتذكر ملامحها الباردة و نظراتها الهازئة الموجهة نحوها والتي قابلتها بالتجاهل التام ..
أطلقت تنهيدة صامتة قبل أن تسمع قيصر يسأل :
” هل ستبقين صامتة هكذا ..؟! ليست عادتك ..”
ردت بوجوم :
” صمتي لا يعجبك وحديثي لا يعجبك .. ماذا أفعل أخبرني ..؟!”
سألها بجدية :
” إذا اخبرتك ستفعلين ما أقوله ..؟!”
ردت بجدية :
” بل سأفعل عكسه ..”
ابتسم بخفة لتضم شفتيها بقوة بينما سألها مرة أخرى :
” ما رأيك بعائلتي عموما ..؟!”
ردت بجدية :
” لا أعطي رأيي بشخص رأيته لمرة واحدة .. لقاء عدة ساعات لن يمنحني الحق في التقييم ..”
نظر لها بإعجاب ليسمعها تكمل :
” لكن سأقول رأيي بناء على نظرتي الأولى ..
والدتك لا تحبني ومن الواضح إنها تمثل الهدوء لأجلك ..
عمتك سيدة رائعة وانا معجبة بها كثيرا ..
زوجة عمك لطيفة جدا ..
لميس تبدو رائعة حقا
خالد لن أستطع أن أتبين شخصيته بعد
دينا ايضا مثله
سوزان غير محبوبة رغم جمالها الواضح
اما حوراء ..”
صمتت لوهلة قبل أن تكمل بسخرية :
” هي الوحيدة التي أستطيع تقييم شخصيتها دون الحاجة الى مرات أخرى لرؤيتها ..”
” حقا ..؟!”
سألها بترقب لترد بجدية :
” متعجرفة .. مغرورة .. لا تطاق ..”
نظر اليها بدهشة قبل أن يهتف بغضب مكتوم :
” وماذا فعلت لكِ كي تنعتيها بكل هذه الصفات ..؟!”
ردت بجدية :
“نظراتها تكفي .. ”
رد بوجوم :
” حسنا انا لا أنكر إنها مغرورة و متعجرفه لكنها ما زالت لا تعرفك .. ”
قاطعته بجدية :
” مهما كان .. لا يحق لأي شخص أن يرمي غيره بنظرات استهزاء واضحة كما فعلت هي حتى لو كان شخصا عابرا يمر في الشارع .. لا يحق ابدا .. هذه سخافه حقا .. ”
زفر أنفاسه لتكمل بصدق :
” لم أحبها أبدا .. اسفة ولكنني لا أعرف المجاملة مع شخص لا يستطيع مجاملتي .. كان بإمكانها المجاملة على الاقل لكن تحيتها لي ونظراتها المستفزة واضحة
.. ”
” حسنا دعك منها .. حوراء هكذا مع الجميع تقريبا .. هذه شخصيتها ..”
قالت بسرعة :
” لست مهتمة أبدا .. وحتى لو بقيت هكذا على الدوام لن أهتم .. أشخاص مثلها تجاهلهم هو أكبر إستفزاز لهم ..”
ركز أنظاره على الطريق متجاهلا بقية حديثها بينما نظرت هي من النافذة الى الخارج تفكر كالعادة فيما ينتظرها في الأيام القادمة ..
…………………………………………………………………….
بعد مرور اكثر من شهر ..
كانت تجلس أمامه في احد المطاعم الشهيرة الذي دوما يرتادها ..
حدقت به وهو يضع هدية عيدميلادها أمامها فإدعت عدم الإهتمام وهي تفتحها رغم فضولها الشديد لرؤية ما جلبه لها …
فتحت الهدية لتجد أمامها هاتف أحدث موديل والذي نزل الأسواق منذ أيام معدودة ومعه ساعة ذكية خاصة به تستطيع استخدامها بدلا منه وقت الحاجة ..
حسنا لقد أحسن الإختيار فهي تعشق كل ما له علاقة بالتكنولوجيا ..
أما قيصر فتأمل ملامحها السعيدة ليبتسم بخفة وهو يفكر إنه لم يجلب لها المجوهرات كما يعتاد أن يفعل مع نساؤه بالعادة بل وحتى مع اخته حوراء ووالدته فهو يعرفها جيدا ويعرف إنها ليست من النوع الذي يعشق المجوهرات وإنها ستفضل هدية كهذه على أي شيء آخر ..
” شكرا .. هدية رائعة ..”
أكملت وهي تمط شفتيها :
” لكنها غالية حقا .. لا يوجد داعي لإن تكون هديتك غالية كثيرا ..”
رد بهدوء :
” انتِ زوجتي ولا شيء يغلى عليكِ ..”
نظرت إليه بصمت وعقلها يشرد بعيدا وتحديدا طوال الشهر المنصرم ..
حسنا لقد سافر قيصر بعد العزومة بيومين ولم يعد إلا قبل إسبوع بسبب صفقة مهمة في الخارج ..
وخلال الإسبوع الأخير التقت به ثلاث مرات وكانت تتعامل معه بنفس إسلوبها المعتاد رغم شعور الملل الذي تسلل إليها من هذا الوضع بأكمله ..
كانت تشعر حقا بالرغبة في أخذ هدنة لكنها تعود وتنهر نفسها فهو لا يستحق ..
أفاقت من أفكارها على صوته وهو يقول :
” كل عام وانتِ بخير يا شمس ..”
ردت بهدوء :
” وانت بخير ..”
عاد وقال بجدية :
” لقد أصبحت فتاة عشرينية يا شمس .. أتمنى أن تنضجي أكثر وتستوعبي أهمية المرحلة القادمة من حياتك ..”
” اذا كنت تتحدث من جهة العمر فأنا لا أعترف بوجوده لإن الشباب شباب الروح كما يقولون وأنا روحي ثابتة لا تتغير مهما ازداد عمري .. وإذا كنت تتحدث عن زواجي منك فإطمئن .. أنا سأتزوجك خصيصا كي أجعلك تلعن ذلك اليوم الذي رأيتني به بل وتلعن كل النساء بعدما تسعى جاهدا للتخلص مني ..”
زفر أنفاسه بضيق ثم قال :
” الى متى يا شمس ..؟! هل سنبقى هكذا الى الابد ..؟! انظري نحن تزوجنا .. زفافنا بعد شهرين .. ماذا بعد ..؟! ”
” ماذا بعد .. ؟! سنتزوج وسأجعلك تكره حياتك باذن الله ثم تطلقني وانتهي منك ..”
” هل تظنين الأمر بهذه السهولة ..؟!”
قالها بسخرية قبل أن يكمل بجدية :
” ألا تخافين حقا مني وما سأفعله بك اذا إستمريت على هذا النحو بعد الزواج ..؟!”
ردت بهدوء غريب :
” أتوقع منك الكثير ومستعدة له .. ”
أكملت وهي تبتسم بتهكم :
” ماذا ساتفعل مثلي ..؟! ستضرب ..؟! ستجبرني على تصرفات واشياء لا ارغبها .. ؟! اتوقع منك كل شيء .. ”
” بهذه البساطة ..؟!”
سألها بتمعن لترد ببساطة :
” نعم بهذه البساطة وأكثر … انا لا أخاف منك حقا .. ماذا سيحدث اسوء من إجباري على الزواج بك ..؟! هيا أخبرني ..”
” مشكلتك إنك لا تنسين هذه النقطة بتاتا يا شمس .. ترفضين النسيان والتعايش ..”
” ومشكلتك إنك لا تترك غرورك وتسلطك ابدا .. ترفض التغيير دائما رغم سوء طباعك ..”
أكملت وهي تراقب جمود ملامحه :
” مهما حدث ومهما فعلت وحاولت أن تغريني بتصرفاتك المنمقة وهداياك الثمينة ستظل الرجل الذي هددني بعائلتي أكثر من مرة ولأكثر من سبب .. رجل تزوجته مجبرة لإنني أعلم جيدا إنه لا يمكنني الفرار من سلطته …”
حل الصمت المطبق بينهما لتجده ما زال محتفظا بجموده للحظات قبل أن يشير الى النادل يسأله عن الطعام ..
…………………………………………………………………
بعد مرور اسبوعين آخرين ..
اغلق الملف وهو يعود برأسه الى الخلف متنهدا بتعب ..
لقد أهلكه العمل من جهة وتفكيره بشمس من جهة اخرى ..
لم يرها منذ اسبوعين ..
لم يرغب برؤيتها بعد حديثهما الأخير ..
هناك أشياء بداخله كثيرة .. اشياء لا يفهمها .. حسنا كل شيء يعاكس المنطق .. ولأول مرة يشعر بإنه اخطأ في إجبارها على الزواج ..
لكن لا حل آخر أمامه سوى الإستمرار في هذه الزيجة فهو بالطبع لن يطلقها ..
حسنا ربما عليه أن يتحملها ويتجاهلها كليا أفضل له ..
لكن كيف سيفعل ذلك عندما تعيش معه وتنام على سريره ..؟!
كيف سيتجاهل رغبته بها ويسيطر على إنفعالاته نحوها ..؟!
هي الآن بعيدة لكن عندما تقترب سيكون من الصعب جدا التجاهل ..
أطلق تنهيدة قصيرة قبل أن ينتبه الى صوت رنين هاتفه ففتحه ليجد ريتا تتصل به ..
أغمض عينيه بتعب وهو يتذكر محاولاتها في إقناعه لزيارتها وهو تحدثه عن شوقها له ..
حسنا هو بالفعل يحتاج لها .. يحتاج لإمرأة تريحه قليلا من اعباء هذا اليوم الثقيل وأعباء روحه ..
وبالطبع لا يوجد افضل من ريتا لهذا ..
هي تفهمه للغاية وتعرف كي تجعله يرتاح كليا ..
نهض من مكانه مقررا التوجه إليها وهو يفكر إنه سيجد الراحة هناك بالتأكيد ..
بعد حوالي ساعة كان يجلس في صالة الجلوس في منزلها بينما هي بجانبه تهتف به بصوتها الأنثوي :
” تبدو مرهقا للغاية ..”
رد وهو مغمضا عينيه :
” كثيرا يا ريتا .. العمل لا ينتهي .. المشاكل لا تنتهي ..”
ضمت شفتيها وهي تمنع نفسها من إخباره إن كل شيء يحدث معه بسبب خطبته لتلك الفتاة لتقول بدلا عن ذلك :
” ما رأيك أن تأخذ حماما سريعا .. ؟!”
فتح عينيه ليجدها تقوم من مكانها وهي تهتف بسرعة :
” سأجهز لك الحمام بسرعة ..”
تابعها وهي ترحل ليحمل كأسه ويرتشف منه القليل قبل أن ينهض من مكانه ويتجه نحو غرفة النوم استعداد لأخذ حماما طويلا ينعشه قليلا ويزيل إرهاقه الشديد ..
بعد مدة خرج وهو يلف المنشفة حول خصره ليجد ريتا تتقدم منه وتحتضنه من الخلف وهي تهتف بحب :
“اشتقت كثيرا لك ولوجودك حولي ..”
التفت نحوها يتأمل ملامحها الجميلة عن قرب للحظات قبل أن ينحني نحوها ويقبلها فتتجاوب معه بلهفة فهي انتظرت عودته لها طويلا ..
مرت الساعات وجاء الصباح ليفتح عينيه على صوت جرس الباب ليزفر أنفاسه بقوة وهو ينهض من مكانه جاذبا بنطاله كي يرتديه ..
لحظات قليلة وسمع صوت صياح ريتا فيغلق أزرار قميصه بسرعة ويخرج متعجبا مما يحدث ليتفاجئ بشمس أمامه وهي تبتسم بتهكم قبل أن تنظر إليه بنفور بينما ريتا تقول بصدق :
” والله حاولت منعها لكنها دفعتني وضربتني أيضا ..”
يتبع..
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية شمس ربحها القيصر)
جميله جدااا ااا
جامده جدا
حلوه
الفصل 16هينزل أمته
الروايه حلووووه ننتظر التكلمه