رواية ظل السحاب الفصل السابع والأربعون 47 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الفصل السابع والأربعون 47 بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب البارت السابع والأربعون
رواية ظل السحاب الجزء السابع والأربعون
رواية ظل السحاب الحلقة السابعة والأربعون
الصمت كان سيد الموقف .. وجوه الجميع متأثرة في ذهول مما حدث أمامهم .. لقد رفعت يدها على من؟ عبد العزيز التهامي، رجل الإجرام الخفيّ والممول الأكثر مبيعًا للإرهابيين!
يضع راحة يده فوق وجنته، ينظر لها في غموض، وشرارات مهلكة تتطاير من عينيه، فيهمس بصوت مميت..
: انتي قد اللي عملتيه دة؟
ورغم نبرة صوته الهادئة لكنها كانت ترسل رعبًا لأي أحدًا سوى تلك التي تحاوط جسدها بنار الكره، وما زالت تتطلع إليه بمقلتين لامعتين بالقوة.. فترد عليه بثقة
: أنا طول عمري بعمل الحاجة اللي أنا قدها!
لقد استفزته وجعلت الدم يضخ الغليل داخل شرايينه، جز أسنانه فيرفع يده ليصفعها ويرد لها الإهانة، لكنها قد رفعت يدها تمسك بمعصمه وتدفعه بعيدًا، فترفع سبابتها محذرة بقوة..
: أوعى تنسى نفسك بعد كدة وتطلب مني أكون خاينة .. فاكر الكل زبالة شبهك!! وهيضعفوا عشان شوية ضفادع استسلموا لك، آخرهم يعيشوا في مستنقعاتك القذرة!
هتفت باحتقار شرس .. انحبست الدماء بوجه التهامي، وعينيه تجحظان بغضب، تلك الحمقاء الصغيرة قد استهزأت به وجعلته أضحوكه أمام الجَمع!! سوف تتلقى عقابًا بحجم الإهانة التي سببتها له..
صرخ بأعلى صوته الغليظ وهو ينظر لها بأعين مشتعلة
: داغــر
عندما استمعت هذا الاسم ارتعدت أوصالها، فوضعت يديها فوق فمها تكتم الصرخة التي كادت تنطلق من حنجرتها .. أقرت عينيها نحو الباب لترى الذي جعل حياتها جحيمًا يدلف كالذئب، يرتدي ملابس سوداء، ويغطي وجهه بقماش ولا تظهر إلا عينيه..
شعرت فريدة بالتي تتراجع للخلف وعلامات الرّوع قد سيطرت على ملامحها .. تعجبت من اضطرابها لكنها فهمت أن هذا الشخص على معرفة سابقة به .. عادت تنظر إليه فتجده بلمح البصر قد وقف قبالها بعينيه المخيفة،
لم تتأثر بل استخفت به ورمقته باستحقار .. لتجده يرفع كمه فيظهر ذلك الوشم المرسوم على ساعده بطريقة أثارت اشمئزازها، كمن رسمه ليخفي جرحًا أو حرقًا، لكن الرسمة كانت شنيعة..
امتعض وجهها ونفرت به بعيدًا .. أعطى التهامي إشارة له بيده التي ربتت فوق كتفه، ثم عاد ببصره إليها وأمسكها من ذقنها بعنف وجرها معه.. لتصرخ قائلة
: ابعد عني يا زبالة
سحبها تقريباً لمنتصف المكان تحت نظرات رعب من رغد، وأخرى متشفية من هؤلاء الذين قد أغوتهم الشياطين..
________
: يا ساتر يا رب..
همس عز عندما شعر برجفة تسري في قلبه، لتقف فورًا نيرة التي كانت تجلس برواق الجناح، وتسأله بقلق
: مالك يا عز؟
نهض سريعًا ودلف للداخل، ثم فتح الخزانة وأخرج أمتعته ليقول بحسم وهو يشعر بالاضطراب
: أنا لازم أرجع لبنتي دلوقتي حالاً، قلبي بياكلني عليها!
لم يكن بيد نيرة حيلة غير أنها توافقه، خاصة أنها شعرت بشئ غريب أيضًا وكانت نبرة مراد ترسل الارتياب لقلبها عندما حادثته وطلبت منه أن يجعلها تحادثها، فتحجج لها..
اقتربت منه وقالت وهي تمسك بملابسه وتضعها فوق الفراش
: خليك انت، أنا هوضب الشنط
أمسك كتفها ليهمس بنبرة لينة: معلش يا نيرة، أنا عارف إنه مش من حقي أرجع دلوقتي خصوصًا إني دة أول يوم لينا، بس بجد بالي مشغول أوي على فريدة!
أمسكت بكفه، لتردف معاتبة: اخص عليك يا عز، فريدة دي بنتي اللي مخلفتهاش!
تبسم لها وهو يضم وجنتيها بين يديه بلطف، ثم تابعت هي تحزم الأمتعة
________
صرخات عالية تطلقها فريدة وهي معلقة بالهواء بحبل مربوط حول رسغيها، معلق بحلقة حديدية موصولة بسلسلة موصولة بالسطح، والطرف الآخر من الحبل مدلدل للأسفل بيد ذلك الداغر الملثم،
صرخاتها زادت أكثر ورعبها قد تمكن منها بالأخص أنه يوجد أسفل قدميها وعاء كبير ممتلئ بمادة كيميائية تغلي كالمهل، تذيب العظام .. يقوم هذا الذئب البشري بألاعيب حقيرة لإخافتها .. يخفف قبضته عن الحبل قليلًا، فتدنو هي للأسفل حتى يربكها ويتلذذ بصرخاتها التي تُبكي رقائق الطبيعة، وليس قلوب قد انتزعت الرحمة منها،
هتفت نانسي بشماتة وهي تقترب من التهامي
: خليها بقا متعلقة كدة زي الدبيحة!
ليحرك رأسه نحوها وهو يقول بابتسامة ماكرة
: وبعد شوية داغر يسيب الحبل ويشويهالنا ف الزيت، وبكدة ضمنا غدانا!
أصدرت الشياطين قهقهات صدحت عاليًا.. بينما كانت رغد تود أن تخرج من هذا المكان سريعًا فبالتأكيد التهامي سينتقم منها مثلما فعل مع فريدة، حيث أنها لم تنفذ ما قاله لها بل قد صارحت مراد بالحقيقة!
ليتذكرها ويعود برأسه إليها، ثم يتقدم صوبها مباشرة، مع كل خطوة كانت عظامها ترتجف، وملامح وجهها شحبت..
ليهمس لها بنبرة جعلت جسدها يتراقص مثل القصبة
: بقا بعد اللي عملته معاكي، بتخونيني أنا؟ مقدرتيش التهمة اللي شيلتها عنك زمان؟ أخص عليكي بجد!
كان يتصنع الاستياء الشديد .. فيكاد يسمعها تتوسل بصوت متلجلج
: أرجوك سامحني، أنا..أنا غلطت، بس متعملش فيا حاجة
انكمش وجهها بملامح باكية، فما تراه أمامها جعلها تشعر بالخوف، هي ليست فريدة كي تقاومه، وإلا ما كانت لتترك مراد طيلة هذه السنوات، وتظل تحت رحمة هؤلاء المجرمين!
تابع هو في تمثيله بنبرة خبيثة: بس أنا زعلت منك يا رغد، وانتي عارفة زعلي شكله إيه!
أجهشت هي باكية وعينيها قد اغرورقت ثم أشار التهامي لأحد رجاله فجاء وأمسك بها يجرها للخلف تحت بكاءها الشديد .. بينما الأخرى حاولت ضبط أنفاسها وأعصابها التي بدأت تنفلت منها .. تتصبب عرقًا وبدنها اضطرب تمامًا كلما لاعبها الآخر وترك طرف الحبل المعلق يهبط..
تحرك شفتيها المرتعشتين ببعض الأدعية وقراءة “آية الكرسي” ، وأول آيات سورة “يس” وآخر سورة “البقرة”
هكذا أبيها كان دائمًا يعلمها أن تقرأ تلك الآيات وسوف يرسل الله لها الطمأنينة والسكينة، ويبعث إليها حصن الأمان..
تحاول بقدر المستطاع ألا تفقد عزيمتها.. أخذت تردد قوله تعالى «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون».
فتستمع إلى صياحه اللعوب من الأسفل
: إيه يا فريدة لسة جامدة زي مانتي، ولا خلاص تعبتي وقررتي تتعاوني معانا؟
رفعت جفنيها تنظر إليه بغمط وكره، لتقول برجفة في صوتها، نظرًا للحالة التي بها
: إنسان رخيص، وساقط
ضحك التهامي، ثم قال مؤكدًا: يعني أفهم من كدة إنك مش هتتصلي بمراد وتقوليله ييجي عشان ينقذك!!
وقبل أن ترد عليه فريدة اقتحمت سيارة البوابة التي خلعته ففر واصطدم ببعض رجال الحراسة وتسقطهم أرضًا، ليندفع الجميع بأجسادهم ينتبهون على هذا الذي يهبط من السيارة كالنمر، وعينيه تطلق لهيب مدمر، بأنفاسه المتأججة التي تقتل ذرات الأوكسجين بالمكان،
لتصرخ عليه بهلع: مراد
رفع عينيه للأعلى ليجد عشقه معلقة أمامه، بوجهها الذي هربت منه الدماء .. رج قلبه من بين ضلوعه .. يهددها صاحب الوشم الذي قد تذكره على الفور حينما وقعت عينيه عليه.. تذكر تلك النظرة نفسها التي حفرها في عقله منذ أكثر من ستة أعوام وجعلته يطوف في دائرة وهمية دمرت جزء كبير من حياته..
صرخت رغد بذعر لتوقظه من سرحانه: الحقني يا مراد
خطفها بنظرة سريعة إليها، فهي الآن ليست الأهم بحياته .. هناك أخرى يجب عليه إنقاذها .. هم سريعًا يهرع نحوه كي ينقذ حبيبته لكن بعض الرجال اعترضوا طريقه، بعد أن أعطاهم التهامي إشارة،
وقف ينقل نظره إليهم باستهانة ثم بدأ بالتشابك معهم، ويقوم بضربهم واحدًا تلو الآخر حتى انتهى منهم سريعًا .. ضربات قلبه تهلكه، يود لو يصل إليها بلمح البصر .. كل ما حدث كان بسببه، ليته لم يقحمها في كل هذا، ليته عرفها قبل كل هذا ..
عندما رأى داغر أن مراد سيكون بلحظات أمامه، لعب بآخر بطاقة بين يديه .. رمقه بنظرة لعوب قبل أن يقوم بإفلات الحبل حتى يضطرمه ويربكه.. صرخة قوية جلجلت عقله، بينما يشاهد أمامه جسد فريدة يسقط للأسفل،
ليهدر هلعًا: فــــريـــدة!
انطلق هرعًا كالصاروخ يلحق بالحبل قبل أن تسقط في ذلك البرميل اللعين، قفز عاليًا ثم هبط لأسفل يمسك به ليشده بقوة وهو يلفه حول مرفقه بإحكام كي لا ينفلت منه، وتصبح هي بمكانها..
ازدادت أوتار قلبها وحاولت ضبط أنفاسها السريعة لكنها فشلت وأغمي عليها بسبب التوتر والفزع..
صاح عليها مراد بهلع وهو يستلقي بظهره على الأرض
: فريدة، متخافيش يا حبيبتي أنا جنبك ومش هسيبك! فريدة… فريدة
ظل يصرخ باسمها هادرًا، بنبرة يكسوها الألم والفزع، وضربات قلبه تكاد تكسـر جدران صدره .. فتفتر ثغور عثمان وابنته الحية بابتسامات تشفي، وفي أعينهما فرح وشماتة، على حاله وهو خائف أن يخسر حبيبته الثانية في نظرهم أمام عينيه كما حدث سابقًا..
هذا المشهد يشفي الغليل قليلًا في قلوبهم الضغينة .. تحرك داغر نحو رغد وكمش يده على خلفية عنقها فتتأوه، ثم أخرج سكين ليضعها على رقبتها ويصيح مهددًا إياه بسخرية..
: وريني بقا هتقدر تنقذ مين فيهم!!
قفز قلب رغد وصرخت بخوف: الحقني يا مراد، هيموتني
أصبح الوضع سيئًا بل هو في غاية الخطورة .. بين نارين، حبيبته المكبلة بطريقة تنهش في وجدانه، والأخرى التي أقحمت رغمًا عنها في تلك اللعبة.. وعليه أن يختار بينهما من ينقذها!.
___________
وصل الإثنان إلى ڤيلا مراد ليدلفون من خلال البوابة الرئيسية، ويتحركون بهرولة إلى الباب الداخلي .. لاحظت نيرة وجود معتز مع العم شفيق، فهتفت بقلق وهي تتقدم نحوهمها..
: معتز.. عم شفيق، مالكم قاعدين كدة ليه؟ مراد فين
فيلحقها عز الدين متسائلًا عن صغيرته بقلبٍ متذبذب
: وبنتي فريدة فينها!
: نيرة انتوا إيه اللي جابكم!!
وقف وسأل العم شفيق مستنكرًا واليأس حاوط نبرته .. فجال عز في المنزل يبحث عن طيفها، ثم سار متوجهًا للدرج ظنًا منه أنها بالغرفة .. ليوقفه صوت هتاف العم شفيق وهو يتقدم بخطوات..
: استنى يا عز، فريدة مش فوق!
تسمر مكانه لبرهة ثم عاد أدراجه وتحرك نحوه وهو يحاول الربط على قلبه، فهمس يتسائل بنبرة مهزوزة
: مش فوق ازاي؟ امال راحت فين؟
صمت العم شفيق وهو لا يدري كيف يخبره بما حدث مع ابنته .. فينتبه على صوت عز وهو يهتف باضطراب
: ما ترد عليا يا عم شفيق، بنتي فينها ولا جرالها إيه وعايز تخبي عليا!!!
رد العم شفيق قائلًا بتردد: اهدى يا عز، فريدة…
: فريدة اتخطفت يا عم عز
أجاب معتز الذي يقف خلفهم، فتخترق الكلمة فؤاده كالرصاصة..
________
طال مراد عن الرد ليتيقن شكوك التهامي أنه سيختار من ساندته وليس من تآمرت عليه وتخلت عنه بإرادتها.. فدفع هذا لاحتقان الدماء بوجهه، فأمر سريعًا بعض الرجال الهجوم عليه ومحاولة إبراحه ضربًا
بالفعل نفذ الرجال الأمر ثم شرعوا في الضرب بأرجلهم بطن مراد وتكسير عظامه كي يترك الحبل، لكن لن يفعلها مهما حاولوا، متمسك به لآخر نفس يخرج من صدره..
طلب التهامي من عثمان ونانسي الجلوس يشاهدون هذا العرض الذي يحدث لأول مرة أمام عينيهم وليس داخل شاشة عرض.. بالفعل جلس جميعهم يستمتعون بما يحدث، كمن يشاهدون عرض تلفزيوني!
اشتد الوجع على مراد لكنه يقاوم ويعارضهم بكل قوته .. وكما يقولون “الكثرة تغلب الشجاعة” فمهما كنت قويًا وأمامك أخصام كثيرة تحتاج ليد تعاونك كي تقوم مجددًا، وتحارب لأجل الحصول على طريق النجاة!
وبلمح البصر كان الوكر ممتلئ بعربات الشرطة، مع تميم وعاطي وعماد، وغيرهم من الضباط والجنود .. هذا أدى إلى إرباك العامة..
وقف تميم فوق السيارة وهو يرفع بسلاحه فيصيح مستهجنًا
: كلكوا عليه يا ولاد الكلب!
ثم بدأ الاشتباك سواء بإطلاق النار أو بالأيدي .. نهض مراد بطريقة احترافية، وأمسك بأضخم شخص من الذين استغلوا عجزه وضربوه بلا رحمة،
ثم لف الحبل حول رقبته وأحكم ربطه، حتى اختنق تمامًا وتحول وجهه للون الأزرق .. وتركه كي يذهب وينقذ رغد من الوغد الآخر..
في حين أن فريدة التي ما زالت معلقة استفاقت من إغمائها ورأته يتقدم نحو رغد تاركها دون أن يحاول إنقاذها هي أولًا، لتشعر بخيبة أمل كبيرة، سالت دموعها بضعف، وهي تشعر بشرخ وفجوة تتسع في قلبها.. غير الألم الذي لحق بذراعيها بسبب الثقل عليهما.. على عكس السبب الذي يجبره على فعل ذلك!!
بينما الآخرين يناضلون ضد المجرمين، ويقاتلون بكل مهارة عالية .. حاولت نانسي هي وأبيها التسلل أثناء انشغال الجميع .. لكن لمحهما عماد وركض خلفهمها، ليخرج السلاح صوبهما ويقول..
: ع فين العزم إن شاء الله! مش تستنوا تشوفوا آخر المسرحية، ولا انتوا ملكمش ف الأكشن!!
سخر منهما، فابتلع الإثنان لعابهما بصعوبة .. صاح وليد وهو يتصارع مع أحد الأوغاد..
: الحق التهامي يا عاطي بسرعة، وأنا والشامي هنتصرف مع الكلاب دول!
هرول مسرعًا خلف التهامي الذي حاول الاختباء والهرب .. بينما مراد يسير في خطوات متزنة وحذرة، وهو يقترب من رغد التي ما زال ممسكًا بها هذا الداغر .. تمتمت باسمه وهي متوجسة خيفة.. فأشار إليها بعينيه ألا تقلق..
: خليك مكانك يا مراد، وإلا…
صاح عليه وهو يشدد على السكين، لكن لم يأبه مراد بل بلمح البصر كان أمامه .. أزاح رأس رغد لتقع على الأرض وأمسك رقبت داغر براحة يده، وباليد الأخرى قبض على يده الممسكة بالسكين..
سار يزيحه بغضب للخلف حتى دفعه بكل قوة فيسقط على أحد المقاعد الخشبية .. يستدير بسرعة لينقذ فريدة دون حتى الإطمئنان على رغد التي ألقاها أرضًا ..
أخرج المسدس ورفع يده ليصوب مراد نحو الحبل حتى يُقطع وتسقط إليه فريدة، ضرب طلقة نارية بخشية، وما أن رأي الحبل قد انفصل عنها قفز مسرعًا يتلقاها قبل أن تسقط في البرميل، لتقع هي فوق ذراعيه، ويأخذها بعيدًا يضمها بقوة ليتأكد أنها بخير ولم يصيبها أذىً..
فيهمس هلعًا وهي بين أحضانه: انتي كويسة يا فريدة؟
لم ترد عليه بل حبست ألمها داخل قلبها وصمتت .. فانتبه مراد على رسغيها المقيدين، فأبعدها عنه برفق ليسارع فورًا يفك وثاقها..
ليأتي هذا الذئب البشري من خلفه ويلف معصمه حول عنقه بقوة، ويسحبه للوراء، فصرخت فريدة بهسيتريا وجنون وهي ترتعد من الخوف على حبيبها..
حاول مراد فك ذراعه وهو يشد يده بقوة عن عنقه والآخر يقاومه .. ليضربه مراد بمرفقه في بطنه بقوة، حتى رجع للخلف متألمًا..
استدار مراد ينظر له بوهيج حراري سكن مقلتيه .. أطلقت شرارة جمرية داخل قلبه ضخت اللهيب لسائر جسده، وقبل أن يتيح له الفرصة يبدأ بالقتال، اندفع مراد ولكمه بقوة وغل يخرج كم الغضب الذي تلبسه منذ اليوم المشؤوم،
لكمة وراء الأخرى، يوكزه في بطنه، وبقبضة يديه الإثنان يضرب صدره بجم قوته حتى احتبست أنفاسه داخل رئتيه..
ثم رفع يده يسحب القناع عن رأسه ليرى وجه هذا الدنيء .. فما أن رفعه عنه اشمئز من المنظر القبيح الذي يراه، فكانت ملامح وجهه مشوهة للغاية.. ليلكمه داغر على فكه، وأدخل ساعده أسفل ذراع مراد ليقوم بلويه، لكن مراد كان أسرع وضربه برأسية قوية جعلت أنفه يسيل منه الدم..
ثم بعد ذلك قلب الحركة وأصبح مراد من يلوي ذراعه ويشدد عليه بقوة حتى صار يصرخ كالطفل .. وقعت عيني مراد على سكين على الأرض دنا منها يلتقطها، فصاح بخشونة..
: فريدة، خبي وشك!
لم تعرف ماذا ينوي أن يفعل لكنها انصاعت لأمره واستدارت بوجهها .. وما أن رآها التفتت بظهرها قطع ذراعه دون تردد وانبثقت الدماء بغزارة، وصرخاته رجت الجدران .. ولم يكتفي مراد بذلك بل مال بجذعه ليرفعه فوق ذراعيه وتحرك نحو البرميل الذي يغلي بشدة، فرمي به فورًا بداخله…
تحرك نحوه عاطي وربت على كتفه: مراد، احنا قبضنا على التهامي خلاص بس اضرب برصاصة في رجله وهو بيحاول يهرب!
استدار إليه واكتفى بهز رأسه، ثم عاد إلى فريدة يضم وجنتيها بين كفيه يسألها في حنو
: انتي كويسة يا حبيبي؟
أزالت يده عنها بعنف فاستغرب فعلتها، ليرفع بصره إلى عينيها المشتعلتين ويسمعها تقول بلهجة حادة
: أنا مش حبيبتك، حبيبتك اللي وراك، اللي سبتني متعلقة عشان تنقذ حياتها!!
أشارت إليها بعينيها بغيظ، ليعقد حاجبيه ولا يعرف عن ماذا تتكلم!!
: فريدة انتي بتقولي إيه؟
سألها متعجبًا، فترد بجمود وهي تمسك بذراعيها الذي أصابهما التشنجات العضلية والوترية
: بقول اللي أنا شوفته بعينيا، مهمكش حياتي بس لما الخطر حاوطها هي جريت عليها تنقذها!!
تنهد مراد بضجر، ثم قال بهدوء: فريدة بلاش تظلميني، أنا معنديش أهم منك ف حياتي!
اشتد الألم عليها وبدى على وجهها قبل أن تقول ساخرة
: فعلاً بدليل إنك محاولتش تنزلني أنا الأول!
حاول الاقتراب منها حتى يشرح لها، ويرجوها بعينيه
: فريدة والله أنا كان لازم أعمل كدة عشان أبعده عنك، ولو دة محصلش حياتك كانت هتتعرض للخطر!
كان الوجع أقوى منها فجلست على الأرض رغمًا عنها، لكن اندفع هو يلحق بها وصاح بهلع
: إسعاف بسرعة!
___________
قبض على جميع المجرمين بما فيهم نانسي وأبيها والآن هم بالنيابة يتم التحقيق معهم .. حتى رغد تجلس على مقعد خشبي بجوار مكتب النائب العام، ويديها مقيدة بالأصفاد..
وصل مراد إلى النيابة مع صديقيه، سار بالممر متوجهًا نحو عثمان ونانسي.. ليقف معتز الذي كان معهما ويهمس
: مراد..
قاطعه بيده وهو ينقل نظرات استنكار بينهما، فقال
: عاجبكم الحال اللي وصلتوا له دة؟ مبسوطين إن آخرتكم هتكون السجن؟..
نانسي كانت تجهش بالبكاء على ما وصلت إليه، ليوجه بعد ذلك حديثه لعمه
: وانت يا عمي، خدت إيه من حقدك وغلك اللي دمرت بيه نفسك ومستقبل بنتك؟
قال بامتعاض، ثم أردف: نانسي عيلة صغيرة، ملقتش اللي ينصحها، إنما انت طول عمرك راجل أناني وحاقد على غيرك، وكان ممكن معتز يخسر مستقبله كمان بسببك!
رفع عثمان رأسه ليهمس من بين أسنانه وهو يحاول ألا يبين ضعفه
: انت جاي تشمت فيا يابن يوسف؟
ضحك مراد ساخرًا: حقيقي أنا مشفق عليك أوي، بعد كل اللي حصلك ولسة بتكابر، يا راجل حتى خليك متصالح مع نفسك واعترف بغلطك!
دنا بجذعه ليهمس له بنبرة ماكرة وهو يلامس أوتار الخوف لديه
: بس مش مهم أنا هوصي عليك لما تدخل السجن، دة لو يعني لحقت توصل لزنزانتك!
تجمدت الدماء في عروق عثمان .. وهو يتطلع إلى عينيه التي تجعل قلبه يخفق اضطرابًا .. رفع جسده ليرمقهم باحتقار واشمئزاز، ثم تحرك ليذهب فاستمع لهمسها
: مراد!
التفت إليها ببطء ينظر لها بطرف عينه ثم يستدير بجميع جسده .. نهضت من مكانها وهي تتوسله بدموع
: متسبنيش يا مراد، انت وعدتني هتساعدني!
رد بهدوء: وساعدتك!
حاولت أن تلمس يده، لكنه لم يسمح لها وأبعدها عنها
: مراد أنا عارفة إنك لسة بتحبني!
قالت وهي تشدد على آخر كلمة، فضحك هو بألم
: يا ريتني لا عرفتك ولا شوفتك، انتي بغباءك دمرتي نفسك قبل ما تدمريني! عارفة لو الزمن رجع بيا اليوم دة أنا كنت ساعدتك بس ما كنتش أديتك قلبي لأنك مش أهل للثقة!
تنهد ثم أردف ببساطة: أنا اكتشفت اني اتبرعتلك بقلبي لمجرد إنك كنتي محتاجة حد يساندك، والمفروض كنتي صنتي المعروف وحكتيلي الحقيقة، لكن انتي كان غرضك بس تخرجي من الورطة اللي حطتك فيها الدنيا،
ليرفع بسبابته وهو يحاول التحكم بنبرة صوته
: لكن… لكن مش معنى كدة إنك تجرحي غيرك، عشان هتكوني برضو ظالمة!
بكت بدموع: غصب عني
هز رأسه نافيًا: كان قدامك فرصة واتنين وتلاتة!
فأكمل بهمس خشن: أنا عمري ما حبيتك، وإلا ما كانش قلبي سيطر عليه حد بعدك! ولو عاوزة تعرفي حقيقة اني قفلت كل البيبان قبل فريدة! هقولك إني كنت حاسس بالذنب إنك روحتي بسببي إنما عشق.. في دة لفريدة، فريدة.. وبس!!
كاد يهم بالذهاب فتوقف عندما تذكر شيئًا والتفت إليها
: بالمناسبة…
اقترب وهمس لها في أذنها: الشخص اللي كنتي فاكرة إنك موتيه، لسة عايش ومحصلوش أي حاجة!!
ابتعد عنها ورسم بسمة بسيطة ثم ارتدى نظارته وتحرك ليذهب، حاولت رغد ايقافه لكنه لم يعطيها فرصة لذلك .. وجد التهامي يترجل من مكتب النائب العام .. خطى أمامه وهو يقهقه ساخرًا.. لم يتأثر التهامي بتلك الضحكة بل كان رافعًا أنفه وفي عينيه غرور،
وعلى حين غرة قد صفعه مراد بقوة، حتى يهينه وجعله يخفض رأسه..
رفع سبابته يأمره بصرامة: متطاولش على أسيادك، وبص ف الأرض أحسن رقبتك تتكسر!
ليشعر بعدها التهامي بالغضب وحاول الهجوم عليه وهو يصرخ لكن سحبه الأمن بعيدًا، بينما يود الإفلات منهم عنوة..
_____________
تجلس فوق الفراش تستند برأسها على وسادة ناعمة مرفوعة قليلًا..
: حاسة بإيه دلوقتي يا حبيبتي؟
تساءلت نيرة التي تجلس بجوارها على السرير، فقالت بتأفف
: أنا تمام، هخرج امتى بقا!
: النهاردة، بس اهدي!
ردت متبسمة، فنفخت فريدة الهواء من فمها بضجر، ليدق الباب وينفتح فتدخل نرمين، وتتحرك صوبها تحتضنها بلهفة
: فريدة، وحشتيني
وقابلتها الأخرى بنفس اشتياقها: انتي أكتر يا نرمين .. أنا وحشتني كل حاجة، ونفسي أرجع المجموعة من تاني، بس خلاص كل دة هيتصلح، وهرجع فريدة بتاعة زمان
لم تفهم نيرة المغزى من كلامها، ونبرتها التي تلوح لشئ ترتابه.. وتتمنى الا تفتعل حماقة تخسر بها ما تملكه.
___________
وبعد وقت ليس بطويل عادت فريدة إلى منزلها بعد إلحاح وضغط طويل على والدها والذي رافقها بالطبع وترك نيرة مع مراد بعد أن استئذنته .. رغم كونها لم تود أن يبقى هو ونيرة مفترقين عن بعضهما ف الوقت الحالي خصوصًا أنهما لم يتنهيا من قضاء وقت كافي سويًا!
لكنها لم تطيق أن تجلس ببيت مراد بعد كل ما حدث .. اليوم هو بدء امتحانها تحاول بقدر الإمكان أن تخرج الطاقة السلبية التي تؤثر عليها، وتعود كما كانت في السابق، لكن ذلك الوجه الوسيم دائمًا ما تره أمامها بالورق الذي تدرس به،
مهما حاولت لا تستطيع محيه من ذاكرتها .. ليقرع الباب ويقطع شرودها، فتنهض من على الأريكة وتسند المذكرة فوق الطاولة .. وتسير متوجهة نحو الباب تفتحه، فتتسع عينيها عند وقوع بصرها على الذي يقف بكامل وسامته بملابسه الشبابية التي تبرز عضلات ذراعيه القوية،
ونظارات الشمس التي أعطه لمسة جمالية رائعة، مع شعر ذقنة الذي قد بدأ ينمو لتوه .. كل هذا أثار جنونها، وجعل لسانها يتلجم لبرهة.. حتى استمعت لصوته الرخيم
: بتبصيلي كدة ليه؟
همس لها بمكر وهو يكشف عن عينيه الزمردية التي ستصيبها بالعمى قريبًا بسبب لمعانها الغريب!
حاولت هي أن تتماسك فهتفت بجمود مزيف وهي تكتف ذراعيها أمام صدرها
: انت إيه اللي جابك؟
: في بنوتة لطيفة تقابل شاب جميل واقف على باب بيتهم بالطريقة الشرسة دي؟
قال بنبرة صوت رقيقة وبأسلوب راقي جعل قلبها يخفق بشدة .. لن تنكر أبدًا هي تصبح واهية وكقطعة حلاوة تذوب سريعًا .. ضغطت على نفسها لتكون قوية، فأردفت ساخرة
: ومالك شايف نفسك عليا أوي كدة!!
: لقد قال لي أحدهم أني أمتلك بعض الوسامة، وأنا حقًا أصدقه!
رد عليها باللغة الإنجليزية وهو يغمز بأحد عينيه ويمرر أصابعه فوق شعره بغطرسة مصطنعة .. فانفرج ثغرها لتحاولت سريعًا أن تجد جملة لترد عليه، فقالت بتلعثم قليلًا
: لكنني أراك غير وسيم، بل إنك تشبه الحمار الوحشيّ
: نعــم؟!!!!!
صاح بصوت أجش باللغة الأم، فتراجعت للخلف باضطراب، ثم التفتت لتدلف للداخل سريعًا قبل أن تضعف صلابتها وتحتضنه .. لقد اشتاقت لذلك المغرور حقًا، مهما حاولت أن تكابر لن تستطيع،
فهو بالأخير قد سيطر على جميعها .. تفرك أناملها بتوتر، فيقترب من خلفها ويهتف بأنفاس تصفع عنقها بحرارة دافئة
: وحشتيني!
التفتت فجأة بوجه كشر، فتسائل متعجبًا: إيه؟ مالك زعلانة كدة؟
تحركت خطوتين لتقول باستهجان: انت بجد بتسألني زعلانة ليه؟ زعلانة يا استاذ عشان فضلت غيري عني! كنت بتفرج عليك وانت بتجري عليها بخوف ولهفة وأنا متعلقة زي البهيمة!
حرك عنقه يمرنه ثم عاد يتطلع إليها: بصي يا فريدة، أنا محصلش مني دة! ثم إني أصلاً ما ينفعش أسيب حد ف ورطة ومحتاج مساعدة! سواء رغد ولا غيرها!!
تكلم بلهجة حادة بعض الشئ .. زفر ليتابع بهدوء مزيف
: فلو إنتي شايفة إني فضلتها عنك، يبقى دي عدم ثقة فيا!
: وإيه يخليني أثق فيك أصلاً!!
هتفت بتذمر، فيرد هو عليها فورًا بنبرة يغلفها العشق
: إني بحبك، وإنك أكتر حد عرف ياخدني كلي ويخليني ملكه!
ازدردت ريقها، وهي بالكاد تحاول السيطرة على الرعشة التي تسلطت عليها بسبب تفوهه.. ثبتت نظرها عليه لثوانِ في صمت
: سكتي ليه؟
سألها لتعطيه ظهرها ولم ترد عليه، أغمضت جفنيها تتلذذ بكلماته اللطيفة التي جعلت قلبها يقفز بفرحة.. لتنتبه على صوته وهو يقول بيأس
: أنا مش هضغط عليكي أكتر من كدة، بس اعرفي إني هستناكي طول العمر يا فريدة .. بعد إذنك
هم بالذهاب فتندفع تستدير بجسدها وصدرها يعلو ويهبط وهي تراه يتحرك مترجلًا فتصرخ باسمه هلعًا
: مراد
التفت سريعًا بقلب يخفق بشدة، فتقفز بين ذراعيه فورًا ليضمها هو بقوة، فتهمس له
: ما تسبنيش يا مراد، أنا بحبك ومش هعرف أعيش من غيرك!
: ولا أنا يا روحي والله ما هقدر أعيش من غيرك
همس لها بمشاعره الجياشة .. ليأخذها هو بعيدًا عن الدنيا ويختطفها لتصبح زوجته المصون، وتنجب منه ثلاث أطفال ولدان توأم وابنة واحدة يشبهونها في شقاوتها، وأما عن ملامحهم فهم مثل أبيهم..
يجلسون على طاولة الطعام ينتظرون الغداء بفارغ الصبر وبطونهم تصدر أصواتًا من تلك الرائحة الشهية التي تأتي من المطبخ، فيصيحون معًا
: يلا يا ماما بقا
فتقول الطفلة ذات ال ثلاث سنوات ببراءة ونبرة ناعمة
: بطننا بتصوصو
ضحك مراد عليها وقرصها في وجنتها بلطف: وبتنونو!
فتهتف وهي تخرج من المطبخ ممسكة بصينية ساخنة
: أيوة جاية أهو، وسعوا لأجمل وأروع صينية بشاميل فيكي يا بلد!
وضعتها بالمنتصف فتجلس بجوار مراد الذي يتريس السفرة فيسألها بعبوس
: اتأخرتي كدة ليه يا فريدة؟
نظرت بطرف عينها له وقالت بلا مبالاة: لو مش عاجبك قوم حضرتك واطبخ مكاني! .. يلا يا ولاد كلوا كلوا
أشارت إليهم جميعًا بالبدء بالطعام .. نظر لها مراد بضيق ثم نهض من مجلسه بتجهم وخرج هو بساحة منزله الصغير الذي قد غيره كليًا بعد أن تزوج بفريدة، وترك عز الدين ونيرة يعيشون بالآخر .. ينفث الدخان من فمه وأنفه يشرد ف الماضي قليلًا.. ليشعر بيدها تحاوطه من الخلف تحتضنه بلمستها الحانية..
: انت زعلت مني ولا إيه يا مراد؟
التفت إليها وأمسك وجنتها بحنو: أنا يستحيل أزعل منك ف يوم، انتي سحابتي وحبي الوحيد وأم عيالي وكل حاجة في حياتي
اسندت جانب رأسها على صدره لتهمس
: وانت روحي يا مراد، وحقي ف الدنيا دي
أبعدها برفق ليضم وجنتيها برفق: بتنمى إن ظل السحاب ما يختفيش من حياتي أبدًا ويفضل محاوطني ف كل مكان، لأن أنا من غيره مليش وجود!
ضمها تحت ذراعه الأيمن ويطبع قبلة رقيقة فوق جبينها .. ليتفاجأ الإثنان بدخول صاخب من البوابة الرئيسية..
: يا باشا، انت لسة بتتحمرش بالمدام ولا إيه؟
بالطبع هذا عماد الذي لن يتخلى عن مرحه أبدًا حتى بعد أن أنجب طفلين!
دخل مع زوجته فاتن وولديه، ليدلف بعده تميم مع زوجته وأولاده، ليتعرقل في قدم زوجته وهو يخطوا للأمام
: جرا إيه يا حاجة راندا مش تحاسبي وانتي بتعدي، دة حتى زي جوزك!!
اشاحت بيدها ثم دلفت بتأفف .. وبعدهم دخل عاطي وعائلته..
: إنت إيه خلاك تجيب العيال وأمهم معاك، الله يخربيتك احنا ما قولناش للراجل أننا جايين!!
همس عاطي له، ثم رد عليه: فوكك يا عم المهم…
نظر حوله بترقب ليقول بنبرة خافتة: أنا جايب كيسين وحاول بقا تلقط كل ما هو قل سعراته الحرارية، وطاب مذاقه اللذيذ!
: تمام بس راقبلي انت الجو بقا أحسن عيالنا يفضحونا!
همس دون أن ينظر له، ليرد: متخافش هأمنك يسطا!
هتف مراد وهو يتقدم نحوهما: إيه يا جماعة واقفين ليه
وزع الإثنان ابتسامات ثم تقدما للداخل .. في الجانب الآخر عز الدين يسأل فريدة
: أخبارك ايه يا حبيبتي؟
: بخير يا بابا، وحضرتك.. ونيرة؟ مالك يا نيرو؟
سألت عندما لاحظت شرودها في الأطفال، لترد وهي تجاهد ألا تظهر حزنها
: مفيش
تعلم أنها مفتقدة لتكون أمًا، فتجلس بجوارها وتمسد على ذراعها بحنو
: إن شاء الله يا نيرة العملية هتنجح وهتكوني أحلى أم!
: يا رب يا فيري يا رب
همست بحشرجة، فاستمعت إلى صوت نرمين وهي تهتف
: فريدة… تعالي انتي ونيرة نلعب سوا!
: يلا بقا فوكي كدة وتعالي نلعب
همست إليها ثم نهض الإثنان يلعبون الكرة مع الأطفال..
شعر بالعطش فقام نحو مكان به مشروبات وطعام ليجد الإثنان يحاولان سرقة الطعام ووضعه داخل كيس بلاستيكي فصاح بهما عماد فأربكهما
: انتوا بتعملوا إيه؟ هو انتوا مش بتتهدوا أبدًا، حتى العصير بتفضوه ف الكيس يا ظلمة
: استر علينا إلهي يستر عليك، وهنديك واحدة بلوبيف
همس تميم له بنبرة مهزوزة محاولًا جعله يصمت، فأشار عماد لنفسه ممثلًا الحزن العميق
: بترشيني يا تميم باشا، عشان اتستر على جريمتكم؟ أخص عليكم مكانش العشم… يا مراد باشا
صاح عماد وهو ينوي أن يفضحهم علني .. انتبه الجميع ع صوته وتجمهروا حولهما، يشاهدون تلك الجريمة التي افتعلوها وجعلت مناظرهما مضحكة للغاية، حاولوا اخفاء الحقائب البلاستيكية ..فيقول مراد..
: بتخبوا إيه خلاص احنا كشفناكم وصورناكم، لو قولتوا زيعوا هنزيع، لو رفضتوا هنزيع برضو!
قال مازحًا وهو يحاول كتم ضحكاته، لتتقدم ابنته الصغيرة وتقول بطفولية
: الله عمو تميم وعمو محمد حرامية.. ممكن يا بابي تطلبلهم البوليس خليهم يروحوا السجن!!!
دفعت جملتها البريئة الجميع يقهقه بقوة بما فيهم تميم وعاطي****** النهـــايـــــة********
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ظل السحاب)
- تمت.