روايات

رواية في حي الزمالك الفصل الثاني و الثلاثون 32 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك الفصل الثاني و الثلاثون 32 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك البارت الثاني و الثلاون

رواية في حي الزمالك الجزء الثاني و الثلاثون

رواية في حي الزمالك الحلقة الثانية و الثلاثون

طَلَب زَوَاج 🤎🦋✨

“وكمان عملالي فولو ريكويست ياختي!!!”

صاحت بها أفنان بحنق لتجد ريماس وميرال يقفزان على السرير ورأسهم منكبة على هاتف أفنان لتُخفي الأخيرة الهاتف أسفل الوسادة وهي تُردف:

“في أيه أنتوا كمان؟ ما تدخلوا جوا التليفون أحسن!!!”

“مين اللي عملتلك فولو ها؟ مين؟ مين؟”

“هي دي محتاجة سؤال يعني؟ أكيد الإكس بتاعت الولد اللي بتحبه ده.”

شعرت أفنان بخناجر تطعن قلبها من شدة الغيظ، لما تقوم تلك الحثالة بمتابعتها؟ ما الهدف وراء ذلك؟ أخذت أفنان تتجول بين الصور التي نشرتها الآخرى حتى وصلت إلا منشور يحتوي على صورتين لها برفقة رحيم وقد كانت تقف بين أحضانه لكن حينما نظرت أفنان إلى تاريخ الصورة لتجدها منذ أكثر من ثلاث سنوات لذا تنفست الصعداء كونها صورة قديمة بغض النظر عن التي أشارت لرحيم بها في السابق، لم تدري أفنان ماذا تفعل هل تقبل طلب المتابعة ام ترفضه؟

أخذت أفنان تفكر لبضع دقائق بينما تُدقق النظر إلى ملامح الفتاة، جسدها الممشوق وعينيها الزرقاواتين
المنافسة محسومة من قبل أن تبدأ فكيف لرحيم أن يترك فتاة كتلك وأن يذهب للزواج بأفنان؟ يالها من مُغفلة كانت تظن أن رحيم يراها جميلة، يراها جميلة تبعًا لأيًا من مقايس الجمال؟

“أفنان أنتي كويسة؟”

“اه أنا كويسة.”

تمتمت أفنان بنصف تركيز وهي مازالت متحيرة من أمرها في قصة طلب المتابعة تلك، فهي لا تريد رفض المتابعة كي لا يكون أمر غيرتها أو غيظها مُفتضحًا ولكن إن قبلت فذلك يعني أنها ستسمح لدمية باربي تلك برؤية صورها والتجول فيها بإريحية شديدة.

“هو ممكن تخرجوا عشان أغير هدومي؟”

“أيه يا بنتي الهبل ده أحنا بنات زي بعض.”

علقت ميرال بسخرية وقد نسيت تمامًا كون ريماس الأبنة الوحيدة في أسرتها لذا لم تعتاد على مشاركة أحد في الغرفة لذا هي تتمتع بخصوصية عالية أو لنقول هذا هو الوضع الطبيعي، على عكس ميرال وأفنان مثلًا نظرًا لأنه لا مجال عندهم لحصول كل واحدة على حجرة منفصلة.

على أي حال أقتنصت أفنان الفرصة لتدعم طلب ريماس وهي تُردف من بين أسنانها:

“لا لا ريماس عندها حق، يلا يا ألوان أنتي نستناها برا عقبال ما تغير براحتها.”

“أيه في أيه؟” سألت ميرال ببلاهة بينما تدفعها أفنان نحو الخارج وحتى وصلوا إلى الشرفة، تضع أفنان الوشاح على رأس ميرال بعشوائية وهي توبخها قائلة:

“عماله أشاورلك وأغمزلك بعيني والبعيدة كفيفة، كنت عايزه اقولك حاجة مينفعش أقولها قدام ريماس.”

“خير، حاجة في التليفون صح؟ رحيم بعتلك مسدچ؟” سألت ميرال بحماس لكنه سرعان ما تحول إلى الخيبة حينما نفت أفنان بسخرية:

“ده اللي هو ازاي؟ ما أنا عملاله بلوك في كل حتة هيبعتلي مسدچ عاليوتيوب ولا أيه؟”

“أومال أيه طيب؟”

“ناتالي عملتي فولو.”

“أيه؟ هو مش أنتينال ده دواء باين؟” سألت ميرال ببلاهة وهي تضحك لتنظر نحوها أفنان بإزدراء قبل أن تُردف بنفاذ صبر:

“أنتينال أيه؟! بقولك ناتالي، بصي والله وأعلم هي صاحبة رحيم، بس السؤال بقى هل يا ترى هي صاحبته بس ولا هما مرتبطين؟”

“أنتي بتسأليني أنا؟”

“لا مش بسألك أنتي يا ذكية أنا بتسأل في الدنيا، بصي هو كان متصور وهو حاضنها قبل كده وأنا مش عارفة بصراحة الحضن ده معناه أيه لأن رحيم بيحضن أي كائن حي عمومًا.”

“ما هي طالما عملتلك فولو يبقى أكيد مش صاحبته وبس، اللي يخلي واحدة تقلب في ال Following list ‘قائمة المتابعة’ بتاعته يبقى أكيد مش مجرد صاحبه عادية.”

كانت وجهه نظر ميرال منطقية لذا ساد الصمت لثوانٍ بينما تفكر أفنان وهي تحك ذقنها بيديها قبل أن تؤكد على حديث ميرال قائلة:

“صح وجهه نظر برضوا.. بس دي صاروخ أوي يا ميرال بجد.”

“أفنان ثواني كده.. هو مش أنتي المفروض عاملة بلوك لرحيم؟ هي جابت الأكونت ازاي؟”

“نهاري أبيض هو أنا نسيت أعمله بلوك ولا أيه؟” سألت أفنان نفسها وهي تصفع وجهها بيدها لتُعلق ميرال مستنكرة:

“أنتي بتسأليني أنا؟!”

“أصل أنا مش بفتح انستا كتير أساسًا.. يادي الوكسة!”

“بسيطة أدخلي أعمليله بلوك، عاملة حوار ليه؟”

“صح عندك حق.”

“بس أنا برضوا مش قادرة أشمعنا جابتني أنا من وسط كل البنات يعني؟ ما رحيم عامل فولو لبنات كتير غيري.”

“ما شاء الله هو أنتي كمان كنتي بتقلبي في ال Following list ‘قائمة المتابعة’ بتاعته؟” سألت ميرال بخبث لتراوغها أفنان وهي تسألها:

“يا سلام وأنتي معملتيش كده مع نوح؟”

“عملت بس نوح خطيبي.”

“مكنش خطيبك يا ميرال بلاش استهبال، بقولك أيه ريماس خرجت روحوا ألعبوا سوا ولا شوفلكوا حاجة تعملوها عقبال ما أخلص موضوع رحيم ده.”

أومئت ميرال ورحلت لتجلس برفقة ريماس بينما أغتنمت أفنان تلك الفرصة لتختلس النظر إلى الصور التي نشرها رحيم قبل أن تقوم بحظره وهنا كانت الصدمة، كاد ثغر أفنان يصل إلى الأرض وهي تنظر إلى المنشور الأخير الذي قام رحيم بنشره والذي كان يحوي صور الحفل وقد قام بالإشارة إلى أفنان بالصورة ‘عملها Tag’، كانت الصورة الأولى صور مجمعة لكل المتدربين بينما يتوسطهم أفنان ورحيم والتي تليها كانت صورتها برفقة رحيم وحدهم، مشاعر مختلطة أحتلت كيانها، صدمة كونها لم تتوقع أن يفعل شيء كهذا وكذلك استياء لأنه قام بنشر صورتهما معًا؛ لا عجب أن تلك ال ‘ناتالي’ استطاعت أن تجد حسابها بسهولة وأن تستشعر أن هناك شيء خاص بينها وبين رحيم.

لكن بعيدًا عن الغضب وبعد أن سكنت أفنان ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تتأمل ملامح رحيم الرجولية والتي لا تخلو من الهدوء والنُبل بينما ألقت نظرة على وجهها وكيف أنها بدت أجمل بكثير وهي تقف بجانبه، كيف لمعت عيناها وكيف اتسعت ابتسامتها، كيف له أن يؤثر عليها كل ذلك التأثير بتلك السهولة؟

ويا إلهي على الفارق الملحوظ بينهما في الطول بالرغم أن أفنان ليست بقصيرة القامة إلا أن رحيم يفوقها طولًا، وقد كان ذلك لطيفًا للغاية بالنسبة إليها فالطالما تمنت هي الزواج بشخصًا يفوقها في الطول.

استفاقت من شرودها حينما أخترق أذنها صوت والدها وهو يناديها لتعود للواقع على الفور وترمش لثوانٍ قبل أن تأخذ Screenshot ‘لقطة شاشة’ لصورتها برفقة رحيم ثم تقوم بحظره فهي لن تخاطر بثقة والدها مجددًا.

مرت الأيام بطيئة كما هي أسبوعًا كاملًا قد انتهى، والذي لم يخلو بالطبع من شجار أفنان وريماس، إلا أن ريماس كانت اكثر هدوءًا وطيبة من المعتاد فعلى ما يبدو أن ابتعادها عن والدتها وكلماتها السلبية يجعلها شخصًا أفضل، حاولت والدة أفنان جاهدة أن تُعامل ريماس بلطف بالرغم من أنها تشعر بالإستياء من ناحيتها لأنها أعتادت أن تسخر من ابنتيها، لكنها قررت تجاهل تلك الأمور مؤقتًا على الأقل من أجل زوجها الذي يُحب ريماس فمهما حدث هي مازالت ابنة شقيقته.

وفي تلك الأيام ايضًا تعمد والدها ألا يتحدث قط بشأن زوج ريماس المستقبلي ولم تذكر أفنان رحيم قط خلال تلك الأيام لكنه بالطبع لم يفارق رأسها لكن ابقاء رأسها منشغلًا بالجامعة وثرثرة ريماس وميرال جعلها تستطيع تخطي أمر رحيم نسبيًا.

وفي يوم الجمعة صباحًا استيقظت أفنان باكرًا واتجهت نحو الخارج لتجد والدتها، ووالدها وميرال يجلسون ويتحدثون بصوتٍ خافت وهم يقهقهون، رمقتهم أفنان ببعض الشك قبل أن تذهب للجلوس على الأريكة وهي تُعق بإزدراء:

“خير متجمعين عند النبي ﷺ إن شاء الله، القاعدة دي مش مطمناني.”

“تعالي دي قاعدة آخرتها خير إن شاء الله.”

نبست والدتها وهي تبتسم ابتسامة واسعة لتتوتر أفنان لكنها تُخفي قلقها وتوترها كالمعتاد عن طريق التحدث بسخرية لذا علقت على حديث والدتها قائلة:

“استر يارب، نوح هيجي يتقدم تاني ولا أيه؟”

“أنتي عبيطة يا بت ما هو خطب ميرال خلاص.”

“أومال أيه طيب؟” سألت بحيرة لتنظر نحوها والدتها بإبتسامة خبيثة بينما تدعي البراءة مُردفة:

“مفيش ده أنا بقول لأبوكي يعني عايزين نودي السجاد يتغسل ويتنضف ونغير نظام الصالة وكده.”

“وده ليه بقى؟ هو أحنا كام في الشهر العربي؟ يكونش رمضان يوم الجمعة وأنا معرفش؟”

“أنتي يا بت أنتي مبتعرفيش تتكلمي جد ابدًا؟ ولا يا سُكر مش رمضان، ده عشان أحنا هيجلنا ضيوف يوم الجمعة الجاية إن شاء الله ولازم الدنيا تبقى نضيفة ومتضبطة.”

“ضيوف من أني نوع يعني؟”

أدعت أفنان الغباء ليبتسم والدها ابتسامة جانبية فهو قد توقع ردة فعل أفنان تلك بل توقع أن تكون أكثر عصبيًا من الآن، تنهدت زوجته بغيظ قبل أن تُردف:

“ميرال أختك ومخطوبة وبقولك جايلنا ضيوف هيكونوا جاين ليه ولمين مثلًا؟”

“لعم محمد بتاع الكشك؟”

“بت أنتي متستعبطيش واضبطي نفسك كده مش عايزة طوله لسان مع الناس متحرجنيش ها!”

“أحرجك مع مين وناس أيه؟ مين قال أصلًا أني هقعد مع حد؟ بابا هو أنت موافق عالكلام ده ولا أيه؟” سألت أفنان عدة اسألة متتالية بإنفعال شديد لينظر نحوها والدها بهدوءه المعتاد وهو يقول:

“أوافق أو أرفض أيه بس يا حبيبتي مش لما الناس يجوا ونشوفهم الأول؟ مش يمكن العريس يعجبك.”

“لا طبعًا! انتوا بتقولوا أيه؟ أنا مبفكرش في موضوع الجواز ده أساسًا أنا لسه بدرس ومش فاضيه للمواضيع دي! حد قالكوا أني عايزة أتجوز؟ بتقترحوا حاجات من دماغكوا ليه؟!”

أنفعلت أفنان بشكلًا مبالغ فيه ليجفلوا جميعًا وبعد انتهاء أفنان من جملتها الطويلة تلك أخذت تلتقط أنفاسها بصعوبة لتنظر نحوها والدتها بحنق وهي تُردف مستنكرة:

“وأيه المشكلة ياختي إن شاء الله؟ ما يخطبك وتتجوزوا بعد ما تتخرجي عادي يعني كلها سنة ولا سنتين وتخلصي وبعدين يعني أيه مين قالكوا أني عايزة أتجوز؟ ما أكيد هتتجوزي ولا هتتكاثري بالتبرعم ولا أيه؟”

أنهت والدتها كلامها بحديث علمي ساخر ليقهقه جميعهم بينما ترمقهم أفنان بغيظ شديد قبل أن تنبس مُشددة على كل كلمة قائلة:

“أنا مش موافقة! مش.. مواف..قة..!”

“عنك ما وفقتي هما كده كده جايين.”

“يا بابا!!” وجهت أفنان حديثها نحو والدها محاولة استعطافه لينظر نحوها بإبتسامة لطيفة وهو يُردف:

“ياستي قابليهم ولو معجبكيش العريس خلاص محدش هيجبرك على حاجة يعني، وبعدين أدي لنفسك فرصة مش يمكن تشوفيه مناسب؟”

تأفأفت أفنان بغيظ شديد وهي تضرب الأرض بقدمها عدة مرات متتالية بينما يقهقه الجميع من حولها، تزفر بضيق قبل أن تُتمتم بقلة حيلة:

“خلاص بقى خلصنا، ماشي هتنيل أقابله وياريت ريماس متعرفش حاجة عن الموضوع ده!”

بالعودة إلى بريطانيا، وداخل أحدى الغرف في واحدة من أشهر المستشفيات، فتحت أروى عيناها بينما جلس أنس إلى جانبها يتأملها بهدوء كما أعتاد أن يفعل في الأيام الماضية بينما بادلته النظرات بعينيها الغائمة وإن كانت الرؤية أصبحت أكثر وضوحًا الآن، وللمرة الأولى منذ أن استعادت وعيها.. فتحت فمها لتنبس بشيئًا ما، لم يكن حديثها مُرتبًا أو ذو جملة مُفيدة لكنها استطاعت أن تتفوه بحروف اسم شقيقها الحبيب.

“أنس…” كان هذا ما استطاع أن يستوعب من حديثها، خرجت حروف اسمه من فمه بصوتًا مبحوح أشبه بالحشرجة، توقف أنس عن الحراك لثوانٍ وقد توقف عقله عن العمل، نظر نحوها بأعين مُتسعة قبل أن تتجمع الدموع في عيناه سريعًا وهو يقترب منها ليغمر يدها بالقُبلات بينما يحمد الله كثيرًا أنه استطاع رؤية اليوم الذي تعود فيه شقيقته إلى الحياة.

“حمدلله على سلامتك يا أروى، أنتي مش متخيلة صوتك كان واحشني ازاي!!! عارفة أول مرة أعرف أن اسمي حلو كده كل ده عشان أنتي نطقتيه!” نمت ابتسامة صغيرة على ثغرها بإرهاق بينما أمسك هو بيديها ليمنحها شعور بالأمان والحب.

قضى أنس أغلب اليوم برفقة شقيقته وبرفقة الأطباء يستفسر عن حالتها كل ساعة تقريبًا، أما عن رحيم فأضطر إلى الذهاب إلى العمل لقضاء بعض الأمور، حاول مهاتفة والده لكنه لم يُجيب ووالدته كذلك.. أثار الأمر ريبة رحيم قليلًا لكنه قرر تجاهل الأمر فهو ليس بحاجة للمزيد من التفكير.

أمسك رحيم بهاتفه وأخذ يتجول داخل الصور المحفوظة على هاتفه حتى مرت أمامه صور حفل التكريم، ابتسم تلقائيًا وهو يتأمل الصور التي أُلتقطت لأفنان بواسطة المصور على غفلة ودون أن تنتبه، كيف لتعبيراتها التلقائية الغير مقصودة أن تكون بهذا اللطف؟ وتعبيرات وجهها حينما تشعر بالملل أو الإعتراض مثلًا…

كيف لها أن تؤثر كل ذلك التأثير القوي على ذلك الشاب الذي قد اختلط بفتيات بعدد شعر رأسه وقد رأى مختلف الجنسيات، الشخصيات والجمال لكن لم تكن لأي واحدة منهم تلك الهالة الجذابة التي تحيط بأفنان، لم يشعر رحيم برفقة واحدة منهم أنه قد وجد الإستقرار، الأمان والدفء لكن برفقة أفنان وفي خلال هذه المدة القصيرة شعر بأنه قد وجد الفتاة المناسبة التي قد ترتقي لمرتبة الزوجة بالنسبة إليه لكن ما يشغل باله هل تراه هي مناسبًا ليرتقي لمرتبة الزوج عندها؟ هل صفاته تلك تتوافق مع ما تتمناه هي؟!

شعر رحيم بالحيرة والشوق في الوقت ذاته، يريد أن يعود إلى مصر كي يصارح والديه بحقيقة مشاعره تجاه أفنان وما ينوي فعله لكنه لا يستطيع ترك أنس وأروى وحدهما وبشكل خاص بعد معرفة والد أنس بأنه من قام بأخذها إلى بريطانيا، فقد أصبح الأمر شبه مستحيلًا في الوقت الحالي لذا قرر أن يجد حلًا بديلًا بصورة مؤقتة.

في مساء ذلك اليوم عاد رحيم في وقتٍ متأخر نسبيًا، دلف نحو الداخل ليُلقي بسترة بذلته الرسمية على الأريكة بتعب ثم يجلس ليُباغته صوت أنس وهو يُردف بحماس:

“رحيم مش هتصدق!!!”

” أيه ده أنت هنا؟ قول، خير إن شاء الله؟” حاول رحيم أن يُظهر قدرًا من الإهتمام لحديث أنس بالرغم من كونه مشوش الذهن.

“أروى بقت تتكلم!!! هي طبعًا مش بتقول كلام مفهوم ومش بتكون جمل سليمة عشان لسه في الأول بس المهم أنها بدأت تتحسن الحمدلله وكمان الدكتور قال ممكن نبدأ التأهيل النفسي والعلاج الطبيعي في الفترة الجاية.”

“كويس جدًا، الحمدلله أنها بقت بخير وإن شاء الله قريب تبقى قاعدة معانا ووسطنا.”

حاول رحيم التحدث بنبرة حماسية قدر الإمكان لكن إرهاقه كان طاغي على نبرته، فمنذ أن جاء إلى بريطانيا وهو لا يستطيع النوم بشكل جيد فلقد اعتاد النوم في حجرته في منزله بمصر أو بمنزل أنس لكنه يشعر بالغربة هنا، لاحظ أنس نبرة رحيم تلك فسأله بقلق:

“إن شاء الله، أنت كويس؟ شكلك مرهق أوي.”

“ده حقيقي، هدخل أخد Shower وأنام.”

“تمام.”

في فجر ذلك اليوم وبتوقيت بريطانيا كان رحيم مستيقظًا وجالسًا في حجرته حينما سمع صوت خطوات بطيئة في الخارج وكأن صاحبها يتعمد عدم كونه مسموعًا، توجه رحيم نحو الخارج بتوجس وهو يحمل في يده عصا البيسبول الموجود في حجرته، كان المكان مُظلم نسبيًا وكاد رحيم أن ينقض على رأس الشخص المجهول قبل أن يصرخ الآخر بهلع:

“هتعمل يخرب عقلك!!!”

“هو أنت!! You scared the shit out of me ‘لقد أخفتني حد اللعنة’!!! في حد يعمل كده؟!”

وبخه رحيم بقوة لينظر نحوه أنس بإمتعاض وهو يُردف:

“الحق عليا! أنا قولت أمشي براحة عشان متصحاش على صوتي.”

“تقوم تعمل زي ال thieves ‘السارقون’ كده؟!”

“مكنش قصدي بقول وبعدين أنت أيه اللي مصحيك دلوقتي؟” سأله أنس وكاد رحيم أن يُجيبه لكنه قرر مراوغته.

“كنت.. ثواني أنت مالك؟ وأيه اللي مخلي شعرك ووشك مبلول كده؟”

“مش هقولك، أهو شغل عيال بشغل عيال بقى!” تمتم أنس بغيظ ليتنهد رحيم ويسود الصمت لثوانٍ قبل أن يجيبه رحيم قائلًا:

“كنت بصلي الفجر.”

“وأنا كمان.”

ومجددًا ساد الصمت لثوانٍ كان يفكر فيها رحيم في مدى سعادته بأن صديقه كان يصلي وكيف أنه بدأ في الإبتعاد عن فعل أي مُحرمات، قطع الصمت صوت أنس وهو يسأل رحيم الآتي:

“طب أنت كنت بتدعي بإيه؟”

“مش المفروض أني مقولش لحد؟” سأل رحيم بنبرة طفولة ليُجيبه أنس بالنبرة ذاتها:

“اه.. بس أنا عندي فضول بصراحة، قول بقى بلاش رخامة.”

“كنت بدعي أن أفنان تبقى من نصيبي، حاجة عمري ما تخيلت أني هدعي بيها أصلًا..”

“وأنا دعيت أن ربنا يتم شفاء أروى على خير وتبقى كويسة ودعيت أن ربنا ينتقم من فريد، وحاجة كمان مش مهمة..”

“أيه هي؟”

“لا مش هقولك مش هينفع.”

“انجز يلا أنا قولتلك لما سألتني.”

“دعيت أقابل واحدة كويسة وتحبني وتتقابلني بعيوبي هي وأهلها.” تحدث أنس بهدوء وجدية وهو يتحاشى النظر نحو رحيم ليضع الآخر يده على كتفه وهو يُحمسه قائلًا:

“إن شاء الله هتلاقيها متقلقش، بس لو تحترم نفسك وتبطل صياعة شوية ربنا هيكرمك.”

“إن شاء الله، يلا ننام بقى عشان قدامنا يوم طويل بكرة إن شاء الله.”

في منزل أفنان، استيقظت في يوم الأحد صباحًا لتجد غرفتها فارغة لا وجود لريماس وميرال لذا اتجهت نحو الخارج لتجد والديها يجلسون لتناول الفطور لتُحييهم وتبتسم ثم تسأل والدها وهي تجلس:

“أومال ميرال وريماس فين؟”

“ريماس راحت الجامعة وهترجع من الجامعة على بيت عمتك وميرال راحت الشغل بدري ساعة عشان تعرف تستأذن عشان ناخدك تروحي تشوفي شقة أختك.”

“امم.. تمام حلو، هو نوح هيكون معانا؟”

“اه أكيد ما هو المفتاح معاه هو.”

“طيب.”

في مساء ذلك اليوم وبعد أن انتهت أفنان من أخذ جولة في منزل شقيقتها مستقبلًا ذهبت لتجلس في شرفة المنزل الواسعة والتي كانت تحوي ثلاثة كراسي وطاولة صغيرة، جلست ميرال في الكرسي المقابل لها وهي تسألها بحماس:

“مقولتليش يا أفنان أيه رأيك في الشقة؟”

“حلوة جميلة ما شاء الله.”

“مش باين يعني من صوتك أومال لو كانت وحشة كنتي هتتكلمي ازاي؟”

“مش هعلق على حاجة عشان أنتي شغاله في هيئة الدفاع من ورايا باين.”

تمتمت أفنان بسخرية لتعقد ميرال حاجبيها وتضم يديها أمام صدرها بضيق وهي تقول:

“لا لا قولي اللي عندك.”

“يعني بغض النظر أنكوا استعبطوني ومخدتونيش أول مرا روحتوا تشوفوا الشقة فيها بحجة إن ريماس قاعدة معانا ومش هينفع تروح ومش هينفع برضوا نسيبها لوحدها وبلعتها وقولت يا بت عديها مع أني كنت عايزة أرنك علقة يعني، أروح النهاردة ألاقي سي نوح عامل شغل في الشقة وألوان أنتي أصلًا مش بتحبيها ولا ذوقك؟”

“عادي يعني يا أفنان ذوقي أو ذوقه أحنا الأتنين واحد.” كالعادة لم تستوعب ميرال مقصد أفنان وقامت بالدفاع عن نوح بسذاجتها المعتادة، تنهدت أفنان بضيق وساد الصمت لبرهة.

“يا ميرال الألوان اللي هو مختارها كلها ملهاش علاقة بذوقك، ده مفيش لون يوحد ربنا من الألوان اللي أنتي بتحبيها!”

حاولت أفنان أن تصوغ الكلام إلى شقيقتها بأفضل طريقة ممكنه حرصًا على شعورها الذي لم يُلقي نوح له بالًا من الأساس لكن كالعادة لم يروق لها حديث أفنان لذا عقبت على حديثها قائلة:

“أنا شايفة أنها عجباني يا أفنان بصراحة ومش فاهمة وجه الإعتراض، عمتًا أحنا اتفقنا أن الأوضة بتاعتنا هنغير لون الحيطان للون اللي أنا اختاره.”

“لا كتر خير أمه الصراحة.” همست أفنان بصوتٍ منخفض لكن ميرال استطاعت سماع ما قالته لتُعلق:

“يا بنتي نوح مرتبة مش كبير وأنتي عارفة أن عمو متوفي فنوح طبعًا بيساهم في مصروف البيت بشكل كبير فهو طول الوقت اللي فات كان بيحاول يجهز الشقة واحدة واحدة فعشان كده مكنش في فرصة أني اختار معظم الحاجة وبصراحة الحاجة عجباني وأنا راضية بيها.”

“طيب يا حبيبتي ربنا يسعدك ويهديه.”

“ها يا أفنان أيه رأيك؟ مسمعناش صوتك من ساعة ما وصلنا يعني.”

ظهر نوح من اللامكان لتُبسمل أفنان بصوتٍ خافت قبل أن تبتسم ابتسامة مُزيفة وهي تُجيبه:

“حلوة ما شاء الله بس الألوان غامقة شوية يمكن.”

“يا سلام طب ما أنتي بتحبي الغوامق.”

“اه في ألوان غامقة بحبها فعلًا بس اللبس حاجة ولون دهان الحيطة حاجة تانية، وبعدين مش مهم أنا بحب أيه المهم أنت وميرال تحبوا أيه.”

“أيه يولاد مش هتمشوا ولا أيه؟”

“هنمشي يا بابا بس نوح هيوصلنا وهيتمشى شوية هو وميرال مش كده يا نوح؟” أعلنت أفنان لينظر نحوها نوح بإندهاش نظرًا لأنه لم يتفوه بحرفًا يخص قضاء الوقت مع ميرال وحدهم، رمقته أفنان بإبتسامة خبيثة ونظرات حارقة لذا شعر الأخير بالخوف وحمحم ثم أردف:

“اه ده بعد إذن حضرتك يا عمو، أنا كنت مزعل ميرال شوية وعايز أصالحها.”

“ماشي يا حبيبي بس الساعة تسعة ونصف تكونوا تحت البيت.”

“حاضر متقلقش.”

بعد عودة أفنان ووالديها إلى منزل جلست لإنهاء أحد التقارير المطلوبة للجامعة لكن قاطعها صوت طرقات خفيفة على باب الحجرة لتسمح للطارق بالدخول والذي كان والدها.

“محتاج حاجة يا حج؟”

“لا، كنت بطمن عليكي بس.. فاضية ندردش شوية؟”

“ولو مش فاضية أفضي نفسي لحضرتك مخصوص.”

“لا أنا مش هعطلك متقلقيش، صحيح أنتي مش ناوية تروحي تستلمي الشهادة بتاعتك؟”

“صحيح فكرتني أنا كنت ناسية الحوار ده خالص.”

“خلي نوح يوصلك بقى.”

“لا لا ملهاش لازمة، أصلًا نوح هيبقى في الجامعة أكيد أنا هخلص بدري في الكلية الخميس إن شاء الله وأعدي أجيب الشهادة وأروح.”

“تمام بس خليكي معايا عالتليفون عشان ابقى مطمن عليكي.”

“حاضر يا حبيبي.”

“أنتي واخده جنب من نوح ليه؟ حاسس أنك متغيره معاه بغض النظر أن أنتوا طول الوقت بتتخانقوا يعني.”

“عشان مينفعش أبقى ظاهرة في الصورة خالص يا بابا، أنا عايزة ابعد عن نوح بكل الطرق، أنا واثقة أن نوح كان جواه مشاعر ناحيتي في يوم من الأيام، معرفش المشاعر دي انتهت ولا لا بس أيًا كان أنا مش هسمح لنفسي أني أكون سبب في تعاسة أختي.”

“ربنا يكملك بعقلك يا أفنان، أنا حقيقي فخور بيكي وبالتطور اللي حصل في شخصيتك الفترة الأخيرة خاصة وقفتك جنب ريماس.”

“ريماس دي غلبانة وعبيطة والله مفهاش غير لسان، عمتو نافخاها عالفاضي وهي من جواها هشة ومُحطمة أصلًا.”

“أيوا ده حقيقي، ربنا يهدي الحال ويسامح سميرة عاللي عملته في بنتها.”

“يارب، طب هو دلوقتي يا بابا أنتوا المفروض هتعملوا أيه؟”

“المفروض أنها هتفسخ الخطوبة ده آخر كلام اتفقت مع جوز عمتك عليه بس يارب يصدق في كلامه.”

“يارب.”

في يوم الخميس انهت أفنان يومها الدراسي باكرًا واتجهت إلى الشركة مباشرة، كانت ثياب أفنان منمقة وقد تأكدت من أن مظهرها مُرتب وأن وشاح رأسها في مكانه السليم، وصلت أفنان إلى الشركة بعد مدة ليست بقصيرة، كانت تشعر بقلبها يكاد يقفز من موضعه ويدها باردة وترتجف هي على وشك مقابلة رحيم بعد تلك المدة وبعد ما حدث، أقتربت أفنان نحو موظف الإستقبال والذي ابتسم لها بلطف وعلى الأغلب قد تذكرها.

“مساء الخير، لو سمحت كنت عايزة استلم الشهادة بتاعت التدريب، أنا خلصته من شهر ونص تقريبًا.”

“للأسف دكتور رحيم ودكتور أنس مسافرين وهما اللي معاهم كل الورق والشهادات الخاصة بالتدريبات.”

“طيب معندكش فكرة هيرجعوا أمتى؟”

“لا معنديش أي فكرة للأسف.”

“تمام شكرًا لحضرتك.”

ألقت أفنان نظرة أخيرة على المكان قبل أن تتنهد ثم تغادر، وبمجرد أن غادرت الشركة جاءها اتصال من رقم هاتف مجهول بالنسبة إليها، أجابت على الفور وكان الحديث كالآتي:

“مرحبًا هل هذا رقم أفنانHello, is this Afnan’s numberr’؟”

“وكمان بتكلميني في التليفون!!!”

“معذرة؟ Sorry”

“نعم هذه أنا أفنان، وأنتِ ناتالي أليس كذلك؟ yes it’s me Afnan, and you are Natalie aren’t you.”

كانت لغة الفتاة المتحدثة لا تقارن بالإنجليزية خاصة أفنان لكن ذلك لم يهم أفنان كثيرًا فالوقت الحالي فهي ليست في إختبار لمدى قوة الإنجليزية خاصتها.

“إذًا أنتِ تعرفين بشأن ناتالي ‘ So you know about Nataliee’.”

“نعم أعرف، مهلًا هذا يعني أنكِ لستِ هي ‘ Yes i know about her, wait so you are not her’؟” سألت أفنان ببلاهة لتقهقه الآخرى وتُجيبها:

“هذا صحيح، أنا ميا That’s true, i am Mia not Nat.”

“هو يوم أبيض من أوله، وعايزة أيه يعني؟”

“عايزة نتقابل.” فتحت أفنان ثغرها بصدمة غير متوقعة أن تُجيبها الآخرى بالعربية لكنها فعلت بغض النظر عن لغتها العربية الركيكة التي سحقها قطار لكن تلك الأفعى مازالت قادرة على فهم العربية والتحدث بها.

“نعم ياختي نتقابل ليه؟ وفين أصلًا؟!”

“أود أن أخبركِ بشيء هام يخص رحيم، أرسلي لي موقعك الجغرافي وسأقلكِ بسيارتي I wanna tell you something Important related to Rahem, send me your location & i will pick you with my car.”

“حسنًا Okay.”

انتظرت أفنان بضع دقائق قبل أن تأتي الآخرى بسيارتها لترحب بأفنان بحرارة لتُقابل أفنان حماسها بفتور، تُطالعها أفنان بعدم راحة وهي تسألها:

“عايزة أيه بقى؟!”

“اصعدي للسيارة ‘Get in the car’ أفنان مش هنتكلم في الشارع.”

“عايزة أيه خلصي، وبعدين تعرفيني منين أنتي عشان تقعدي معايا ولا عشان أركب معاكي عربية؟!”

تمتمت أفنان بإعتراض شديد وهي تدلف إلى داخل سيارتها الفخمة لتضحك الآخرى على أسلوب أفنان المُبهر بالنسبة إليها وهي تُفكر أن رحيم كان مُحقًا في اندهاشه بشأنها، نظرت نحوها ميا لثوانٍ قبل أن تُجيبها بالآتي:

“أخبرني رحيم عنكِ كثيرًا ‘Rahem told me about you a lott’.”

“والله؟ وقالك أيه بقى إن شاء الله؟”

سألت أفنان لترمقها الآخرى بحيرة، فأفنان تتحدث بسرعة شديدة وعربية ميا ليست جيدة كفاية لتفهمها لكنها استطاعت أن تستشف ما قالته أفنان من سياق الحديث لذا منحتها ابتسامة صغيرة وهي تُردف:

“لقد أخبرني الكثير من الأشياء الجيدة، على سبيل المثال كيف أن لكِ تأثيرًا سحريًا عليه He told me a lot of good things don’t worry, like how you have a magical effect over him!”

“هل قال ذلك حقًا Did he really say that؟” سألت أفنان بلهفة وبأعين لامعة لتُطمئنها ميا مؤكدة على ما قالته قبل دقيقتين مُردفة:

“لقد فعل ولقد طلب مني ايضًا إخباركِ بأنه سيعود من بريطانيا في أقرب فرصة ممكنة Yes he did, he also asked me to tell you that he will be back as soon as possible.”

“يرجع بألف سلامة، بس ده يخصني بإيه؟”

“مش عارفة، ‘He just asked me to tell you this, he said you will understand لقد طلب مني رحيم قول أن أخبركِ بذلك، لقد قال أنكِ ستفهمين ما يقصده’.”

“هو رحيم قال كده بس؟ مفيش حاجة تانية؟”

“لا يمكنني إخباركِ I can’t tell you، بس هو هيجي يقولك كل حاجة، استنيه أفنان!”

كانت نبرة ميا جادة خاصة في جملتها الأخيرة ، لذا نظرت نحوها أفنان بإهتمام وفضول حارق وهي تسألها:

“كل حاجة؟ يعني أيه كل حاجة؟ أيه كل حاجة أصلًا؟ لا أنا كده فضولي هيموتني حرام عليكي!!”

“إنه سر لكن يمكنني إعطائكِ تلميحًا بسيط ‘It’s a secret but i can give you a small hintt’.”

“ايوا ايوا قولي!!!”

كانت تتحدث أفنان بحماس شديد وهي تُطالع الآخرى والتي قامت بإيقاف السيارة على أحدى جوانب الشارع، وقبل أن تتفوه ميا بحرفًا واحد قاطعهم صوت رنين هاتف أفنان وقد كان المتصل والدتها والتي أخذت توبخها بصوتٍ مسموع نسبيًا لتضحك ميا بصوتٍ خافت، تتنهد أفنان بضيق وهي تُجيب على والدتها قائلة:

“في ايه يا ماما هو مش العريس هيجي بكرة؟ أومال بتستعجلوني ليه؟! خلاص هرجع دلوقتي أهو كفاية صويت ودني أتخرمت!!”

“أنا أسفة بس أنا لازم أمشي دلوقتي، عمتًا هسجل رقمك يعني وشكرًا أنك وصلتيلي كلام رحيم.”

“أنا مبسوطة أننا أتكلمنا كمان، You’re welcome Afnan ‘على الرحب والسعة أفنان’.”

غادرت أفنان السيارة ولوحت لميا قبل أن تذهب للبحث عن سيارة أجرى كي تعود إلى المنزل، بمجرد أن اطمئنت ميا أن أفنان قد وجدت المواصلة المناسبة قامت بمهاتفة رحيم وهي تُخبره بهلع:

“رحيم!!! I don’t know how to say this but i think Afnan is getting freaking married ‘لا أدري كيف أصوغ ذلك لكن أعتقد أن أفنان على وشك الزواج واللعنة’!!!”

بالإنتقال إلى بريطانيا، بعد أن انتهى رحيم من مكالمته مع ميا ذهب للإستحمام وترك هاتفه على الأريكة، صدع صوت هاتفه في المكان ليذهب أنس لإلقاء نظرة سريعة على من المتصل وحينما وجده والد رحيم أجاب على الهاتف بدون تردد وقبل أن يُخبره بهويته وأنه أنس وليس رحيم سبقه حامد وهو يُحذره بجدية شديدة:

“رحيم! خليك عندك وأوعى ترجع، فريد عرف أنكوا سافرتوا أروى تتعالج برا أنا مش عارف هو عرف الموضوع ده منين، المهم أن أنس مينفعش يرجع أنت مش متخيل المجنون ده عمل أيه!!”

“عمل أيه يا Uncle حامد؟”

“أنس!!!” نطق حروف اسمه بصدمة ليسأله الآخر مجددًا:

“فريد عمل أيه لما عرف؟”

“أنس ممكن أكلم رحيم من فضلك؟”

“لو سمحت يا Uncle ‘عمو’ عرفني فريد عمل أيه؟”

سأل أنس بنبرة حادة نسبيًا وقبل أن يُجيب حامد أنار هاتف أنس مُعلنًا عن اتصال أحدهم، طلب أنس من حامد الإنتظار ليُجيب على الهاتف…

بعد بضع دقائق انتهى رحيم من الإستحمام وتوجه نحو الخارج بينما يقوم بتجفيف خصلات شعره المبتلة، كان أنس يقف بالقرب من زجاج باب المنزل الشفاف فلم يرى رحيم تعبيرات وجهه بوضوح، أقترب رحيم منه بضع خطوات وهو يُردف:

“أنس أنا عايز أقولك على حاجة.. أنا محتاج أرجع مصر ضروري وهجيلك تاني مش هتأخر عليك يعني.. متقلقش وكمان هسيب Bodyguards ‘حراس’ عشانك أنت وأروى.”

أعلن رحيم بصوتٍ خافت نسبيًا فهو يشعر بالحرج كونه يُخبر أنس بذلك فهو لا يريد تركه وحيدًا هنا وفي الوقت ذاته عليه أن يعود من أجل إنهاء قصة أفنان تلك، لم يُعلق أنس بحرفًا واحد ولم يستدير وحتى تعابير وجهه كانت جامدة كما هي، أقترب رحيم منه أكثر ليضع يده على كتفه وهو يسأله بقلق:

“أنس أنت كويس؟”

“أنا هرجع مصر وفريد ده أنا مش هرحمه!”

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (في حي الزمالك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *