رواية بنت الاكابر الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم ندا الشرقاوي
رواية بنت الاكابر الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم ندا الشرقاوي
رواية بنت الاكابر البارت الحادي والثلاثون
رواية بنت الاكابر الجزء الحادي والثلاثون

رواية بنت الاكابر الحلقة الحادية والثلاثون
خرج أحمد من الغرفة وقلبة مشحون بالغضب والعزم،كان يحمل بداخله وعدًا صامتًا بأن ينهي كل شيء الآن وبلا تردد ،تقدمت قمر نحوه قائلة
-يلا بينا
استدار لها بوجهٍ خالٍ من اي تعبير عدا العينين اللتين كانتا تشتعلان بالنار
-يلا
هتفت قمر قائلة
-معتز مستنينا هناك يلا بينا يا يونس
في الجهة الاخرى
ساحة كبيرة في أوربا ،مليئة بالطلاب الذين يتحدثون لغات مختلفة ،الجو بارد لكن السماء صافية ،وأوراق الأشجار تتساقط مع نسيم الشتاء .
تقف ليليان بمفردها بجوار نافورة المياء في منتصف الساحة ،ترتدي معطفًا ثقيلًا ورافعة خصلاتها لاعلى .
تنظر إلى الطلاب حولها ،وكأنها تراقب عالمًا لا تنتمي إليه محدثة نفسها
-كُل حاجة هنا مختلفة ،الناس ،اللغة.
اخذت نفس عميق ثم هتفت
-حتى الهوى،ليه حاسّة إني بره المكان دا ،مع إني جيت هنا بإرادتي
جلست على حافة النافورة وتنظر إلى كتاب مفتوح في يدها ،لكن عقلها مشغول بعائلتها وحياتها التي لم تعرف لها شيء
هتفت بصوت خافت وشرود
-كانوا بيقولوا إن بداية جديده هي الحل بس الحقيقة ؟البدايات الجديدة مش سهلة ،خاصة لما تكون لوحدك
نظرت إلى الفتايات وتنهدت قائلة
-كأن كل حاجة هنا بتفكرني إني غريبة ،حتى لما أحاول اندمج ..الناس هنا مش مهتمه ،أو يمكن أنا اللي مش قادرة افتح لهم بابي
وقفت وقامت بالسير ،لمحت طفلة خارج المدرسة تجري خلف والدتها على الرصيف ،تبتسم لها الطفلة ،وبدون تفكير تبتسم لها ليليان ابتسامه خجولة وقالت
-يمكن مش لازم استعجل يمكن لو صبرت المكان دا هيكون بيتي .
بعد قليل من الوقت ارتفع صوت الجرس يُعلن بداية الحصة ،بينما تختفي ليليان وسط الممرات المزدحمة ،لكنها هذه المره تسير بخطوات أكثر ثباتًا ،وكأنها أخيرًا قررت أن تمنح نفسها فرصة ،فهي من أختارت المغادرة
في مصر تحديدًا في مخزن مجهور على أطراف المدينة ،كان الجو مليئًا بالتوتر ،النساء الذين احتجزهم معتز مكبّلون ،عيونهم مليئة بالخوف والقلق مما هو قادم ،فتح الباب ودلف كُل من أحمد ويونس وقمر وعلى وجهها ابتسامة خبيثة
كان كُل شيء في المكان ساكت حتى صوت أنفاسهم يسمعونها من كثرت الهدوء
قامت قمر بسحب مقعد ولم ترفعه بل كان يصدر صوتًا على الارض وضعته امامهم وجلست
_صعبانين عليا أنتم جدًا ،مش صغيرين انتم على الموت ولا اي
كان حديثها يدب الرعب في قلوبهم
اكملت حديثها
-متخافوش محدش في الرجالة هييجي جنبكم مش علشان سواد عيونك منك ليها بس الرجالة متمدش اديها على نسوان ،لكن أنا همد
اقترب أحمد وهو لم يدخل الحديث عقله قائلًا
-لا
قاطعته قمر
-من أمته والرجالة تمد اديها على نسوان يا أحمد ،بس حقك هتخده …معتز
هتف معتز بجدية
-جاهز
دلف إلى أحد الغرف المهجورة وأخرج سياخ من الحديد مسخنة على نار عالية مما جعل الحديد ملون باللون الاحمر الداكن
امسكت قمر أحد السياخ وهتفت
-معلش بقا جيتوا على غفلة السياخ بقالها ٤٨ ساعة بس في النار
هتفت احد السيدات بخوف وصراخ
-هنقول هنقول كُل حاجه
ردت قمر ضاحكة
-كدة كدة هتقولوا بس دا كرم الضيافة ،وعلشان تعرفوا مديتوا اديكم على مين …أحمد خدلك سيخ وشوف حابب تسلخ فين يا حبيبي قدامك ٣ حريم كل حرمة فيهم كيف البهيمة على راي ستك
كان يونس يتابع في صمت هذا ليس عمله وفي نفس الوقت يريت تسليمهم للعدالة لكن الحديث لا يخصه ،قطع تفكيره صراخ احد السيدات وهى تصرخ عندما وضع أحمد السيخ على قدميها وهو يقول
-اصرخي زي ما مراتي كانت بتصرخ
اقتربت قمر وهى تفعل مثلة مع الاخرى والاخرى والصراخ يملئ المكان بعد عدة دقائق كانت النساء جسدهم مليئ بالدماء وصراخهم مازال مستمر ، جلست قمر على مقعدها والقت السيخ من يدها قائلة
-كده نبدا الشغل ،هتقولوا مين بعتكم وفي نفس الوقت اكرامًا منا ،علشان البيبي لسه موجود بس هنعالجكم ووحده بوحده علشان تعرفوا اننا ولاد اصول واللي هتفكر تنطق بكلمه بنفس السيخ وهحرق لسانها .
كانوا من الالم لا يتحدثون ،حتى صرخ بهم أحمد قائلا
-ما تخلصي منك ليهاااا
تكلمت أحد السيدات بعد إن غلبها الخوف والوجع
-أحنا كنا بناخد …اوامر بس…محدش قالنا هي مين
رفع أحمد حاجبة ببرود وقال بهدوء مرعب
-الأوامر كانت من مين
ترددت السيدة ،لكن مع نظرة اخرى من أحمد ،ادركت أن الصمت ليس خيارًا
-اسمه…اسمه فارس
كان اسم جديد عليهم ،لم يسبق لهم معرفة أحد بهذا الاسم ،لكن هتفت قمر
-فارس اي اخلصي مش ناقصه ملاوعة
هتفت الاخرى سريعًا
-فارس شاهين كامل
هبت قمر واقفة وهى تكرر جملت السيدة
-فارس شاهين كامل
وقف أحمد وهو يقول بعصبية
-ابن شاهين ،جوز امك ،شوفتي اخرتها مراتي كانت هتروح فيها بسبب جوز أمك
هتف يونس بصراخ
-أحمد ،اتكلم عدل في اي،حد قالك انهم بيخدو بعض بالاحضان ولا اي ،كلنا في نفس الدايره
صرخ أحمد بعصبية
-كلنا في نفس الدايرة بعيد عن مراتي يا يونس مراتي وابني اللي بترجاه من الدنيا
هتفت قمر بنبرة حزن
-عندك حق يا أحمد ،جوز امي فعلا ،حق مراتك خدته لكن متخافش هجبلك راس فارس وشاهين ،محدش يبلغ البلد اي حاجه ،عن اذنكم .
وخرجت من المخزن تركض على سيارة يونس ،هتف معتز قائلًا
-طول عمرك غبي وبغبائك بضيع كل حاجه
رد زين وهو يؤكد حديث معتز
-غبي ،من أمته وقمر بتفرق بين حد ومن امته المصيبه بتكون مصيبة واحد على طول بتبقا مصيبة الكل ،ولا اي يا استاذ أحمد ،معتز ابعت حد ياخد الحريم دول يعالجهم خلاص ملهمش قاعده هنا ويلا يا أحمد علشان مراتك وتشوف اللي هببته
بعد مرور ساعة أو اكثر
كانت قمر تسند راسها على صدر يونس في السيارة وهو يحاوطها بذراعه،وقف السيارة على جانب طريق هادئ ،أضواء الشارع خافتة تضيف جوًا دافئًا داخل السيارة ،عيناها مغرورقتان بالدموع .
تمتم يونس بصوت هادئ وهو يمرر يده على خصلاتها برفق
-عارف إن قلبك تقيل يا قمر ،عارف إنك كنتِ ومازلتي شايله هم كبير ،بس اللي عاوزه منك دلوقتي حاجه وحدة بس
ردت بصوت خافت مليء بالضعف
-ايه يا يونس
ابتسمت وهو يرفع وجهها بكفه حتى يكون وجهه مقابل وجهها
-تبصي ليا وتفتكري إن في حد في الدنيا شايفك الدنيا كلها
تجنبت النظر في عينه ،ثم نظرت بعينين لامعتين
-بس أنا كنت ضعيفة سبت أحمد يجرحني بالكلام
رد بهدوء وعقلانية
-لا متقوليش كده أحمد اخوكي ودي ساعة غضب يا قمر هتخسري أخوكي علشان ساعة غضب وهو هيعرف غلطة وهيجيلك ،اضحكي يا قلب يونس أنتِ معايا وبس متشيليش هم
ردت ساخرة
-اضحك ..أنا نسيت شكل الضحكة
هتف بمزاح
-لا لا اضحكي كده دا لسه الدنيا بنبدا فيها يا نصي الحلو ،هعملك فرح محصلش في مصر كلها يا قمر ،أنتِ جنتي على الارض يا حبيبي ،أنتِ معايا بنوتي ومراتي وحبيبتي وأختي ،سيبي الكبيرة ليهم وخليكي معانا أنا ادلعي واعملي كُل اللي نفسك فيه
بالطبع! إليك نهاية مشوقة وجميلة تناسب البارت:
ابتسمت قمر ابتسامة صغيرة لكنها مكسورة، وكأنها تحاول أن تسترجع نفسها وسط كل هذا الزحام في قلبها. نظر إليها يونس، وكأنه يقرأ في عينيها أكثر مما تقول. وضع كفه على وجهها برفق ومسح دموعها بإبهامه.
-يا قمر، وعد مني، مفيش حاجة هتوجعك تاني طول ما أنا موجود. أنا مش بس هحميكي، أنا هعيّشك ملكة، ولو الدنيا كلها وقفت ضدنا.”
رفعت عينيها إليه، وكأن في ملامحه طمأنينة لم تعرفها منذ زمن طويل، وردت بصوت خافت:
-بس أنا مش قادرة أنسى.. مش قادرة أطلع من اللي جوه قلبي.”
ابتسم يونس، وهمس وهو ينظر في عينيها:
-هعلمك تنسي، وهعلمك تعيشي من تاني. إحنا مش هنكسب الحرب دي إلا لو إحنا كسبنا نفسنا الأول. وأنا وإنتِ هنبدأ حياة جديدة، مش علشان ننسي اللي فات، لكن علشان نكتب اللي جاي بإيدينا.”
كانت كلماته كأنها بريق في عتمة قلبها. مدت يدها لتلتف حول يده، وكأنها تستمد منه قوة لم تكن تملكها من قبل.
في تلك اللحظة، رن هاتف يونس فجأة، قاطعًا الهدوء بينهما. ألقى نظرة على الشاشة، ثم نظر إلى قمر بابتسامة خفيفة:
-دي معتز. أكيد في جديد.”
أجاب يونس بسرعة، وابتسم وهو يسمع معتز يتحدث:
-يونس، مستنيكم. جهزت الخطة. فارس شاهين لازم يختفي الليلة. اللعبة بدأت.”
أغلق يونس الهاتف ونظر إلى قمر بعينين مليئتين بالعزم:
-يلا يا قمر. المعركة لسه ما خلصتش، بس أنا وإنتِ سوا، ومحدش يقدر علينا.”
نظرت إليه قمر وهي تمسح ما تبقى من دموعها، ثم هتفت بثبات جديد لم يعرفه وجهها منذ زمن:
-أنا جاهزة يا يونس. يلا ننهيها.”
تحركت السيارة في الطريق الهادئ، حيث الظلام يغطي المدى، لكن بداخلهما كان هناك نور يتشكل، نور الأمل والانتقام والعدالة. وفي مكان ما، كانت عيون فارس شاهين تراقب، غير مدرك أن نهايته باتت أقرب مما يتخيل…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت الاكابر)