روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي والستون 61 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي والستون 61 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الحادي والستون
رواية أترصد عشقك الجزء الحادي والستون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة الحادية والستون

يقولون
المحُب إذا وقع في العشق جُن
فما لي أنا كلما أراك تفقدين طور صوابى
حتى بات الجميع ينادونني بمجنون يا حبيبتى
أيعجبك إلى ما وصلت إليه؟
وإذا خذل المحُب قُتل
وأنا لم أقم سوى بخذلانك فى أكثر لحظة كنت فيها بحاجة إلىّ
هل من سماح؟
فالعاشق يرتكب الكثير من الحماقات
وحماقتي، أليس لها سبيل من جنات غفرانك؟!
داخل المشفى،،
أتعلمون ما هو أكثر شئ يدفع الأنسان للموت
الملل
الملل قاتل صامت، يتوارى بين ظلمات العقل، يحاكى بين دهاليز النفس، يثابر للسيطرة والأحكام التام على الجسد.
وهذا ما يشعر به وهو مقيد الآن، عودته بعد أيام عاشها يراضي برتقاليته، وارضاء حماه المستقبلى الذى لم يكن راضيًا تمامًا على تلك العلاقة
يخبره بفظاظة أن ابنته لن تترك شبرًا من وطنها، وإن كان يرغبها ويتمناها فعليه الخضوع لهذا الأمر
وحاليًا هو مستسلم، راضى بالأحكام التى يسوط بها حماه خلف ظهره بقسوة!!
اخبره أن ينسى أمر عقد قران، فهو لا يأمنه نهائيًا حتى يستطيع ببساطة الوقوف على قدميه كما تشدق هو مغترًا بحماقة
اللعـنـة عليــه !!
واللعنـة على مدى سوء الوضع الحالى مانعًا إياها من عدم قرب برتقاليته ومؤازرتها له، بل كونها لم تصبح زوجته قولا وعرفًا كما تقضيه العادات لما أصر على العلاج أولاً ؟!
جسده يتصبب عرقًا من فرط المجهود المضاعف، جسده يستصرخه طالبًا بالرحمة
حتى ساقيه اللذان بالكاد يشعر بهما تتوسله بالتوقف عن التعذيب الجسدي
وكافة اجهزته العصبية تئن بحاجة للراحة..
لكن أين سبيل للراحة ؟ وهي بعيدة عنه
انزلق جسده رغمًا على الأرض الصلبة وقد أرهقت كفيه لإستناد على الحامل زفر بيأس وضيق يعجز عن اطلاقه امام الطبيب وشقيقه الذى ينظر اليه بتسلية ليهدر بحنق
-انت يا احمق كف عن النظر إلى هكذا، أليس لديك شيء لتفعله أهم من النظر إلى
رفع سامر حاجبه بتسلية نوبة الغضب التى تلازم شقيقه فى كل جلسة فيزيائية جعلته يتهكم منه قائلا بسخرية
-تتحدث وكأني أنظر لإمرأة تعجبنى
زمجر سرمد بحنق وهو يمرر أنامله فى خصلات شعره التى استطالت، جعله اشبه بقرصان بحرى حينما تراه غيداء وتخبره أنه يجب يحلق شعره ويهذب لحيته
– أحمق
اقتربت الممرضة لمساعدته إلا أنه هز رأسه برفض تام، وحاول تلك المرة القيام بمفرده، أمام نظرات الطبيب وتوجس الممرضة سمح لها بإعطائه فرصة واحدة
والحق يقال كان القيام من مرقده جحيمًا لا يطاق
استنفذ المتبقى من جسده كليًا، لينتهى به حال الأمر مستسلمًا ليد شقيقه الذى استند عليه للجلوس على كرسيه المقيد لحريته مؤقتًا
طالما تعامل مع الكرسى كوضع مؤقت سينتهى منه ما إن يستطيع السير على قدميه، وحينما يسأل الطبيب متى حتى سيستطيع أن يستخدم عكاز؟
يخبره بكل بساطة ان جسده غير قابل فى الوقت الحالى لإستخدام عكازين، وأنه بحاجة ان يستثمر كل طاقة داخلية به وألا يستنفذها .. يعامله كأنه بطارية شحن وليس انسان طبيعى مر بحادثة!!!!
تراخت كامل عضلاته ما ان حط جسده على الكرسي، ليغمض جفنيه بإرهاق متأوهًا بوجع حينما ضغط سامر بمكر على صدغيه صارخًا فى وجهه
– وغد
نظرت الممرضة بقلق تجاه المريض وشقيقه الذى أصر على متابعة العلاج الفيزيائى، لتحط بصرها نحو الطبيب الذى يدون فى الملف دون أن يبدى أى اهتمام بما يفعله المجنونان هذا، يتراشقان بكلمات بذيئة، تخدش اسماع الجميع ليتصدر صوت أنثوى حازم
– كفا عن الصراخ
صمت كلا من سرمد وسامر ناكسى رؤوسهم بخجل واضح، لتقترب غيداء تجاه الطبيب متسائلة بلهفة
– هل تحسنت حاله؟
ابتسم الطبيب مجيبًا اياها ببسمة مطمئنة، يحتاجها دائمًا لبث الدعم النفسى لعائلة المريض
– بدأ جسده يستجيب نسبيًا للعلاج الفيزيائى، أتوقع خيرًا فى الجلسات القادمة.. بقى القليل يا بطل
وجه آخر كلماته تجاه سرمد الذى انقبضت معالم وجهه وهو يراه يحدثه كأنه طفل صغير قد ضمد ساقيه، بل رجل على وشك الزواج حتى أن بدى يشك أنه رأى خصلة بيضاء في شعره هذا الصباح؟!!
ابتسم بجفاء حينما غادر الطبيب والممرضة، لينظر الى والدته التى عقدت ساعديها على صدرها ناظرة اياه بحدة، جعله يعبس جبينه قائلاً بتساؤل
– ماذا يا غيداء؟
اقتربت غيداء ممسكة بشحمة اذنه بقسوة مما جعله يتأوه صارخًا تجاه لهجتها الحازمة
– أأنت أحمق، ماذا أخبرتك حينما تذهب للمرأة ؟، ألم أخبرك كيف تتعامل معها؟
تأوه سرمد بوجع حقيقى تحت ابتسامات سامر الشامتة، لينفجر مقهقهًا تجاه رد سرمد الذى زاد من غضب والدتهم
-أمى الفتاة لم تبدى اعتراضًا
احتقن وجهها غضبًا لتترك أذنه قائلة بانفجار حاد قاسى
– وكيف تبدى اعتراضًا وانت لا تدع لها متنفسًا للتفكير بمنطق، انت يا أحمق هذا الأمر لن يسير على خير فى الزواج .. شادية عاطفية وانت احمق ووغد كبير تدفعك عواطفك للتحكم بك، حينما تحدث مشاجرة بينكما يجب أن تفصل عواطفك وتتعامل مع امرأتك بلين وحكمة عقل وليس بعواطف تغرق كلاكما .. أفهمت يا أحمق
صمت سرمد لبرهة من الوقت، متشربًا كلمات غيداءه، ليقر بداخله ان والدته تستطيع قراءته كما تستطيع قراءته
برتقاليته
فقط يضع يداه على ذلك الواشى الحقير، وبعدها ستكون له كافة أسراره مع برتقاليته، لا امه ولا والدها سيعلمان بها..
غمغم بنبرة عابثة وهو يطمئن على سلامة اذنه
– غريب لم أرى هذا يحدث مع زوجك
تلونت وجنتيها بحمرة قانية وهى تنظر اليه بحدة، لا فائدة ترجى من ابنائها .. لقد ورثوا جميع صفات ابيهم المتهورة لتمتم بغضب
– تحدث بتهذيب مع أبيك، فكر قليلا ما تتفوه به يا أحمق
هدأت غيداء لبرهة من الوقت … بعد اتصالها منذ قليل بصديقه وطلبت معرفة ما قام به بسفره الأخير، ليخبرها أن ابنها الأحمق قام بفعل أحمق كعادته تجاه المرأة التي يحبها
لم تسأل عن التفاصيل
ولا حتى معرفة من هو الجانى، فإبنها حينما يدخل أى معادلة يكون هو الكفة الرابحة دون أدنى شك!!!
تبدلت سحنة وجهها، ورقت تعابير وجهها المتحفزة لتضم براحتى يديها وجهه قائلة بصوت دافئ
– يا صغيرى، الحياة الزوجية ستختبرك فى السنة الأولى جميع الصعاب وسيوجد الكثير من العراقيل وتتصادم أفكاركم .. أريدك أن تكون انت الأرض الثابتة لا تهتز مع أى عوامل خارجية، أريدك أن تكون نعم الزوج والأخ والسند الذى تبحث عنه حينما تحتاج إليهم
تجمعت العبرات داخل مقلتيه، وكل كلمة كطرقات حديدية ساخنة على جسده، برتقاليته تستحق منه الأفضل
برتقاليته تستحق رجلاً أفضل مما هو عليه، غمغم بخشونة
– حسنًا أمي
تصلبت ملامح وجهها تجاه كلمته المكررة فى كل مرة، ثم ينكثها ببساطة حالما يحط عيناه نحو حبيبته، زمجرت بحدة
– لا اريد وعود مزيفة، انت يا احمق ان وجدت أى شئ لم يعجبني سأفسخ الخطبة، ما فعلته سابقًا لا اريد تكراره، أنت ابنى .. لكنها ابنتى ايضًا التى تمنيتها طوال عمرى
كادت دمعة تسقط من مقلته لكنه بادرًا سريعًا بإزالتها قائلاً بمشاكسة كى لا تتحول الجلسة لدراما تركية تحب والدته مشاهدتها فى منزلهم
– حسنًا يبدو أنكما ستتفقان كثيرًا علىّ، وسأكون الوحيد فى المواجهة
هزت غيداء رأسها بدفاع قوي تجاه برتقاليته
– نعم، لأنني سأخذ صفها منذ تلك اللحظة
دفع كرسيه متجهًا نحو طاولته آخذًا هاتفه بلهفة، ليتخشب جسده نحو صوت والدته الهادئ
– المرأة حينما تعطيك فرصة أخرى يا صغيرى، تقدم ورقتها الأخيرة لك .. أى حماقة صدقنى ستغلق بابها امام وجهك وهي مسرورة ولن تبكى على الأطلال كالسابق، ستتخطى الأمر وستمر تلك التجربة بحلوها ومُرها ثم تفيق لذاتها من جديد، أفهمت !!
اغمض جفنيه بقسوة وقد تغضن جبينه بألم، هز رأسه محاولا التخلص من تلك مرارة الحنظل فى حلقه قائلاً
– أفهم وأعى جيدًا
طبعت قبلة دافئة على جبينه متمتمة بهمس ناعم
– جيد .. جيد جدًا، تذكر ما أقوله جيدًا حينما تقبل على أى فعل مجنون
رغمًا عنه ابتسم امام وجهها الدافئ، عيناها لمعت بسعادة تخفى بهما دموعها، لقد كانت أكثر شجاعة منه .. أكثر عقلانية ومنطقية، ربما هذا هو سبب استمرار زواجها بوالده … فهو وأخيه ورث بطباعهم جميع خصال والدهما وعائلتهم وقد كانت والدتهم تصرخ كمدًا كونها لم تتخلص من واحد حتى تتعامل مع نسختين متشابهتين له، سألها على مضض
– أيمكننا تقديم الزواج؟
نظرت اليه بحدة الا ان النظرة القاتلة فى عينيه
تطلب وحاجة ماسة لإتخاذ طلبه على محمل الجد، جعلها تزفر قائلة بهدوء
– حالتك الصحية تتطلب العلاج فى الوقت الحالى، قف على قدميك وسأتى معك محددين موعد الزواج
طبعت قبلة ناعمة على وجنته لتستدير مغادرة، ليغمغم بحدة
– سأقتل الوغد الآخر
لو لم يهاتف ذلك الأحمق والدته لكان ببراعة استطاع أن يستميل قلب والدته ولم تكن لترفض طلب خاصة، هي الأخرى مشتاقة لقدوم كائن أنثوي لعائلتهم..
تبخرت جميع توعداته الحمقاء ما ان وجدها نشرت صورة جديدة تجمعها مع طاقم عملها، ارتسمت ابتسامة فخورة على شفتيه وهو يرى امرأته ناجحة بقوة فى عملها .. توجه نحو قائمة الاتصال مهاتفًا اياها، ولم يستغرق الاتصال طويلاً لتجيبه بهمسها الناعم
– كيف حالك؟
اغمض سرمد جفنيه ضاغطًا بكف يده الحرة على مسند مقعده المتحرك، الحمقاء تتطلب منه ألا يتصرف بتهور
وهى بجميع همساتها وندائاتها تتوسله القرب
تصرخ بعينيها البعد، ولكن جسدها كله مشتاق لضمة ذراعيه
اسند رأسه على رأس مقعده مغمغمًا بإشتياق أجش
-مشتاق إليك
سرت رعشة كهربائية كادت أن تسقط بها هاتفها، لولا انها تداركته فى الثانية الأخيرة.. تهدجت انفاسها بتوتر ولا تدرى لما ابسط كلمة منه ترعب جسدها الذى يستجيب لنداءات همسات جسده للأقتراب منه، تكاد تخبره انها اشتاقت اليه اضعافًا
لكن لسانها تحرك بحرية هامسة
– كيف تقضى يومك؟
غمغم بملل
– لا شئ، أكون دمية بين يدي الطبيب وأمى
ضحكة ناعمة تسربت عبر الأثير، لتنتفخ أوداجه مطالبًا بالصبر… لقد صبر كثيرًا
يستحق الثناء
متى إذا الوصال؟
متى؟!!
سمعها تتحدث بجدية
– سرمد أنا أتحدث عنك أنت، ماذا تفعل فى وقت فراغك؟
غمغم دون أدنى تفكير، يفاجئها بعاطفته الفجة
– أفكر بك
ألجمتها الصدمة لبرهة من الوقت جعلها تهمس اليه بعدم تصديق
– حقًا!!
هز رأسه كما لو انها تراه، وهو متأكد تمام الثقة انها تشعر بجميع اختلاجاته ولو على بعد أميال قائلاً بمداعبة لطيفة
– نعم لكن أفكارى ليست بريئة مثلك
شهقة خافتة افلتت من شفتيها، الوقح يخبرها ببساطة انها تفكر به وان لم تتفوه بها فى وجهه … عضت باطن خدها متجاهلة حديثه تمامًا قائلة
– وماذا تفعل أيضًا غير هذا؟
اجابها بالصمت، سوى من زفرة حارة خرجت من شفتيه جعلها تصبح تلك المرة مبادرة فى الحديث
– أتعزف على الغيتار كما أخبرتنى مسبقًا؟
اتسعت عينا سرمد مفكرًا ان هذا الأمر لم يخبرها به سوى مرة واحدة، تمتم بدهشة
– انتى لم تنسين!
وهى ببساطة أعادتها على مسمع اذنيه المشتاقتين لتلك الجملة
– لم انسى مطلق حديث بيننا سرمد
سكينة غمرت وجدانه، وادفئ الصقيع فى روحه، ليهمس لها بصراحة اعتادها دائمًا معها
– لم المسه منذ مدة يا شاديااه، لا أعلم لما أجد بينى وبينه حاجزًا
عضت شادية باطن خدها بأسى على حاله، رفرفرت بأهدابها تمنع انزلاق تلك الدموع الغبية فى كل مرة تتحدث بها معه لتهمس بصوت متهدج
– وماذا عن عملك سرمد، لما توقفت عن التصوير؟ انا لا أرى أى شئ تنشره فى حسابك بعدما أغلقته لمدة ثم عدت فتحه وان لم تكن تنشر شئ سوى بضعة صور قديمة للعائلة
احتدت انفاسه بقوة وهو يقاطعها قائلا بخشونة
– توقفت
طرفت عيناها عدة مرات متسائلة بصوت هامس
-لماذا؟
وتسأله الحمقاء
عض على نواجذه يمنع سبة وقحة تخدش حياءها من التلفظ بها، أجابها بحدة حينما وجدها متطلعة للإجابة
ألتلك الدرجة ما زالت ترغب فى جلده أكثر؟
تعذيبه؟
إعادة الصدع بينهما؟!!
– لأننى كدت أخسرك بسببه
اجفلت شادية لرده لتضم شفتيها بقوة تكاد تدميهما بأسنانها، وذكرى تداعب عقلها عنه، نفضت رأسها بقوة متحاشية عن تلك الذكرى قائلة برجاء
– سرمد أرجوك لقد وعدتنى ألا…
قاطعها بخشونة، وصوت يكاد يفقد حافة سيطرته، وعقال الحكمة تتطاير دائمًا فى حضرتها
– أعلم، لكن يا برتقالية مهما حاولنا ادعاء النسيان، إلا أن هذا الأمر سيظل محفور فى ذاكرتنا .. كحاجز وهمى بينى وبينك ادافع دائمًا لإختراقه
وحينما تعجز عن الرد
يتعثر لسانها عن ايجاد كلماته
تستسلم هامسة اسمه
– سرمد
كلمة واحدة .. متشعبة الأستخدامات
تستخدمها دون وعى بمدى تأثير مناجاتها العظيمة بأسمه، ان كانت غاضبة، حانقة، أو ثائرة فى وجهه، وان كانت حزينة، قليلة الحيلة كالآن!!!
وقع اسمه كالسحر فى أذنيه يجعله صاغرًا ملبيًا لطلباتها بتدلل تستحقه منه، اجابها بهمس
– لا استطيع ممارسة شئ كهذا مرة آخرى
يستشعرها حزينة باكية، كيف تحزن تلك المرأة على حاله
وهى من المفترض ان تسعد كون سبب ذبحها قد محى تمامًا بينهما، يحاول أن يخبرها بدون كلمات جوفاء
أنا أتغير لى ولكِ
أتخلى عما كاد يدفعنى لخسارتك من أجلك
لكن
حمقاءه البرتقالية غمغمت بتيه وصدمة برز فى صوتها
– لكن عملك يا سرمد ومشروعك الضخم الذى ظللت لسنين تجتهد به؟
تمتم لها ببساطة
– توقفت عنه واعتذرت
فغرت شادية شفتيها بصدمة، الغبى ماذا يفعل هذا ؟
كيف يتخلى هكذا عن مشروعه الضخم الذى ظل لسنوات يعمل به، تمتمت بهدوء حاولت التحلى به فى نقاش كهذا الذى سيسبب برفع ضغط دماءها
– هل رضوا؟
التوى شفتيه ببرود مغمغمًا بعدم اكتراث
– ليس كثيرًا تفهموا حالتى الصحية واعطونى مهلة لا بأس بها، لكننى وقتها رفضت الأمر واخبرتهم أن يجدوا بديلاً عنى فأنا لم أعد متاح بعد الآن
تمتمت بنفس الصبر الطويل الذى تختبره فى الوقت الحالى بدلا من الصراخ فى وجهه
– وماذا ستفعل الآن؟
زفر مداعبًا خصلا شعر ذقنه قائلاً ببساطة
– سأعمل مع والدى، عمله لا يتطلب الحركة كثيرًا …استطيع العمل فى البيت
رمشت شادية اهدابها عدة مرات، أيخبرها ببساطة انه تنازل عن شغفه وسيؤدى عمل روتينى يومى؟!
همت بسؤاله ان كان يمزح معها، أم يتحدث بجدية، الا انه أدار دفة الحديث تحاهها متسائلاً
– ماذا تفعلين؟
تمتمت بإرهاق وهى تحرك بجسدها على فراشها الوثير
– فى فراشى، متعبة بعد العمل
انفجر فى وجهها تلك المرة صارخًا اياها من مغبة حديث لن تكون ندًا معه ابدًا
– شادياااه انت حقًا لا ترغبين أن أتخيل ما ترتدينه فى الوقت الحالى
عضت باطن خدها بخجل عاجزة عن الرد، لقد اخبرته بحسن نية، ذلك الأحمق ما ذنبها انه يستغل أى شئ ضد مصالحه الوقحة
ران صمت مربك من طرفها، وجحيمى من طرفه، مخبرًا شياطينه بالتراجع
لقد وعدها وعد شرف
ووعد الشرف لن يتنازل عنه تلك المرة
تلك المرة بحاجة إليها لتصدق انه تغير بحق، سألها بإهتمام
– لما ستنتظرين كل تلك المدة حتى شفائى؟
ودت لو تخبره انه هو الأحمق من حدد وقتًا بينهما، هى من عرضت عليه سابقًا الزواج وهو فى حالته السابقة، أستهتم الآن لو يستخدم كرسى متحرك
لما لا يرى نفسه بعينيها؟
تراه رجلاً كاملاً لا تشوبه شائبة فى مواصفاتها
تمتمت تجيبه بنبرة لائمة لسؤاله
– لأننى علمت أننى مهما أدعيت اخراجك من عقلى سأكون كاذبة
لمعت عيناه ببريق ماكر وبرتقاليته باتت تجيد التلاعب اللفظى، غمغم بابتسامة ماكرة
– طريقة ماكرة جدًا يا شاديااه لعدم إخبارى عن مدى حبك لى
اجابته بمكر
– ولن أخبرك بها ببساطة، لأنك ستنتظر فترة طويلة من الوقت
عض على شفته السفلى يمنع سبة وقحة تلك المرة، لن يستطيع أن يجارى تلك شاديااه الجديدة معه فى الحديث، حتمًا سيقبلها وليحترق أى شئ فى الجحيم .. ربما يكون هذا هو ما سيدفع والدها لتعجيل زواجهما، تمتم بسؤال ماكر
– تعاقبينى يا برتقالية
وهى اندفعت بكل بساطة تجيبه
– نعم أعاقبك يا سرمد النجم
تنهد قائلا ببساطة كجندى يستقبل أسهمًا فى صدره طالمًا سيدفن فى وطنه
– وانا طوع بنانك يا برتقالية، افعلى بى ما شئتِ
انفجرت تلك المرة ضاحكة قائلة بصوت عابث
– سأفعل، لا تقلق ابدًا
برتقاليته الماكرة حتمًا تعاقبه، يعدها بوعده الذى يختبر أقصى طاقات صبره لتلاعبه هى بألفاظ كلماتها المراوغة، تتعامل معه بأنوثة فطرية جعلته يهمس لها بعشقه للمرة الثانية
– تعلمين أن حبيبك يحبك حبًا جمًا
ابتسامة واسعة زينت ثغرها وقلبها يصرخ بمدى وقوعها مدلهة فى عشقه لتهمس بخجل
-أعلم
استرسل حديثه قائلاً
– وانه أحمق كبير، ووغد
انسلت ضحكة كتمتها سريعًا وهى تجيبه بجدية
– وغد نعم لكن ليس أحمق كبير، بل قليل الأدب
ارتسمت ابتسامة ناعمة، وقد اصبحت تلك المرأة خطر على حياته، أمنع نفسه كل تلك الفترة بحماقة عن دلالها ومكرها الأنثوى له؟!
أجابها بصراحة متعمدًا التلاعب بكلماته
– قليل الأدب، حبيبتى أنا لم أفعل أى شئ معك فى تلك المكالمة البريئة، ان كنت هكذا قليل الأدب، ماذا ستفعلين حينما أتغزل بك بوقاحة ؟
تمتمت بهمس حانق، لكنه بعيد كل البعد عن الحنق بل همس مدلل
– سأحظر رقمك
انفجر ضاحكًا وهو يجيبها بجدية فى كلماته
– لا تتجرئى يا حبيبتى، لقد سمحت لك المرة السابقة لأننى أعلم أثرت خجلك واحراجك، لكن الآن بينى وبينك بلاد .. اياك ان تفعليها، اقسم سأكون فوق رأسك ثانى يوم
تأففت من نبرته الجادة، وودت لو انه امامها لتهشم الهاتف فى رأسه نهائيًا، الا ان صوت تأوه موجع جذب انتباهها قائلة بقلق
– ماذا حدث؟
تأوه تلك المرة بوجع حقيقى وهو يجيبها بهمس مطمئن
-شاحنة صغيرة مرت علىّ
استبد القلق بمعالم وجهها، لتنتفض من مجلسها عابسة لمغزى كلماته المتسلية قائلة بعدم فهم
– ماذا؟!
تمتم لها بإطمئنان وهو يلاحظ نبرة الذعر فى صوتها
– لا تقلقى أخى الوغد فقط امامى
الا ان الوجع تلك المرة أكثر من احتماله، ليسب بلغة الأم صارخًا
– اللعنة انها تؤلم
تأوه سرمد بوجع حقيقى حينما قرصته والدته من اذنه، لتزمجر فى وجهه
– اعطنى الهاتف يا احمق
الآخرى كانت تائهة، لا تدرى ما اصاب الرجل معها، هل انزلق؟ هل تعب بعد انتهاء الجلسة؟ جاء صوت والدته الحانق لتهدأ من نوبة الذعر التى اجتاحتها، فالآن يوجد بجواره شخصًا يعتنى به .. غمغمت غيداء بلطف لشادية
– حبيبتى، انا اعتبر امه صحيح.. لكننى والدتك ايضًا واسمحى لى أن أخذ هذا الشرف
ابتسمت شادية والدفء فى صوت والدته تسرب اليها حد التخمة، قائلة برقة
– بالطبع لا أمانع
تمتمت غيداء بجدية داعمة زوجة ابنها
– اذا قام بتصرف أى فعل أحمق، انا معك وبجوارك ومناصرتك الأولى، وأى عقاب تفضلينه سأدعمه بكل قلبى
تدلى فك سرمد بصدمة، هل تكون الحزب النسائى الذى تمنته والدته قائلة كونها كرهت العيش بين ثلاثة ذكور؟!!
صاح بحنق وهو يراها تسترسل فى الحديث معها
– امى .. اللعنة ما هذا!!
تجهم معالم وجه امه لتهدر فى وجهه بصرامة
– لا تطلق الفاظ بذيئة امام امك مرة آخرى
عبس مجيبًا اياها بهمس حانق
– لست طفلا فى العاشرة
ابتسامة ساخرة اعتلت شفتى والدته والهاتف موضوع فى اذنيها قائلة
-تصرفاتك تجعلنى اراك هكذا، وليس رجلا على وشك الزواج
غمغم بسخط حقيقى
– اللعنة ارغب العودة للوغد الأخر، ستتحملنى والدته
تمتمت والدته ببساطة وهى تتمتم بعض الاحاديث الخافتة مع برتقاليته
– لن يتحملك احد بقدر امك يا تيس
والدته حتمًا ترغب فى انهاء خطبتهم
بحياته لم يرى أم تفعل هذا أمام زوجات اولادهن، صاح بسخط
– أمى هل حقًا ترغبين بهروب الفتاة منى بنعتك تلك الصفات لى؟ بدلا من أن تفعلى كباقي الأمهات يمدحن فى أولادهن ويعدون محاسنهم أمام زوجاتهم
رفعت غيداء حاجبها بسخرية قائلة ببرود
– هرب؟! وكأنك ستتدعها .. ثم ما ان تنضم لعائلتنا ستعلم ان تلك الصفات لا توفى بحقك، كن مهذبًا معها
انهت حديثًا لطيفًا لم يسمع منه أى شئ بسبب تلك المراجل التى تغلى فى رأسه
اخذ الهاتف بقوة من يد امه، ليضع الهاتف فى اذنه ليسمع الى سلسلة ضحكات تكاد تكون أبدية
صمت تاركًا لها فرصتها للتعبير بحرية وما أن خفتت صوت ضحكاتها غمغم لها بلوم
– هل يعجبك ما يحدث يا شادياااه؟
كادت يندفع قلبها لتربت عليه، الا انها همست بمكر
– طنط غيداء محقة سرمد
اطلق صيحة ساخطة قابلها هو صوت شادية الناعم
– أمك تحبك جدًا لا تثر غضبها أرجوك
تبًا كلا المرأتين تحرصان على تقديم نصيحة بعدم اغضابهن، ما بالهن ؟ أيرونه يصرخ فى وجوههن؟!!
تمتم ببؤس مصطنع وهو يداعب خصلات ذقنه بملل
– كلا، هى تحبك أكثر منى ومن شقيقى الأخر، انتى لا تعلمين كيف كانت تتشاجر مع والدى كونها لم تستطيع جلب فتاة لكى تتنفس بيننا بحرية، لكن كانت تصبر نفسها حتى نجلب انا وأخى زوجاتنا
عضت شادية باطن خدها محاولة منع ذلك الخجل، لقد اعتادت منه على ما هو أفظع من ذلك
لكن تلك المرة تصمت متشربة حلاوة تلك الكلمات فى أذنيها، تعيدها مرة تلو الآخرى دوم ملل.. لتسأله بخفوت
– وماذا عن قريبك الآخر؟
عقد حاجبيه متسائلاً بعدم فهم
– من؟
تمتمت اسمه ببساطة
-داوود
اكفهرت ملامح وجهه ليتمتم بنبرة جافة
– لا أحب جلب سيرة هذا الشخص بيننا
وهذا يقتلها
لا تعلم سبب العداوة بينهما؟ ومدى هوس الآخر بتدميره وتحطيمه
لكن إذا رغب بتحطيمه حقًا.. هل كان ليبعثها ببساطة الى المشفى التى يتعالج بها؟
تكاد تجن من كثرة التفكير الذى يدور فى دائرة فارغة، تمتمت بإرهاق
– ماذا حدث بينكما؟
يكاد يضغط بعنف على نواجذه، مانعًا نفسه من الذهاب للحقير هذا ويقتله تلك المرة حقيقًا، ليقول بجمود
– صدقينى ليس شئ يستدعى تلك الأهمية، مجرد غيرة حمقاء منذ الصغر تحول هو الى كرة حقودة تبث سمومها للجميع
تمتمت ببساطة
– قريبك يهتم بك، هو سبب حضورى وزيارتى لك فى المشفى
انسلت منه ضحكة جافة
فعل هذا من أجل عيون والدته وليس من أجله
والدته هى الوحيدة التى تستطيع اخراج الجانب الجيد منه، او الذى يتظاهر بوجوده.. لكن مع الجميع هو وغد يضع اهتمامه فوق إعتبار كل شئ
تمتم بكره لم يخفيه
– هذا حتى يزداد رصيده امام والدتى ليس أكثر
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتى شادية
والدته تستطيع اخراج الجوهر النقى فى كل شخص تحط عيناه عليها
تستشعر من صوته غيرة من الذى يستحوذ على اهتمام والدته وتملكه لها، لتهمس بنعومة
– انا احب والدتك
ابتسم بامتنان كونها لم تحاول الالحاح بالحديث معه أكثر، شاكسها بعبث محبب
-وماذا عن ابنها؟ أليس له من جانب الحب نصيب؟
انسلت ضحكة منها وهى تهمس له بجدية
– أنا أرغب بالتعرف عليك عن قرب سرمد، بعيدًا عن العواطف ومدى انجذابى لك، أريد أن اتأكد انك ستكون خير لى عونا عند المحن
تضخمت مشاعره حتى كادت أن تنفجر
برتقاليته تتخذ مجرى علاقتهما تلك المرة بجدية، وان كانت ترغب أن تصبح الجانب العقلاني فى علاقتهما كوالدته ووالده .. فهو أكثر من مرحب للأمر
تمتم بجدية
-لا تتشككى بى مطلقًا، منذ ان اعطيتنى تلك انبثاقة الأمل بيننا، وانا أحاول ان اعيطك سرمد تستحقينه
زمت شادية شفتيها وهى تهمس له بحدة
– انا لا اريد نسخة باهتة منك معدلة حسب أهوائى، انا اريدك انت .. لقد قبلت بكل عيوبك بالفعل .. اريد أن أعلم مدى ثباتنا حين صدور مصاعب ومشقات فى حياتنا
الفتاة تدفعه حتمًا للخطيئة معها
يرغب ان تكون امامه الان، ليثبت لها فعلاً كم يرغبها أن تكون زوجته
لعن شياطينه المعربدة، وطالبها بالصمت، وإلا ستكون خسارتهما وشيكة
يجب عليه أن يصبر لفترة وجيزة، حتى يدفعها هى من تطالب بإتمام الزواج لترابض جواره .. غمغم بصوت أجش
– انتى محقة يا برتقالية، محقة تمامًا
******
جذبتها تلك الأضواء المبهرة
كفراشة أسرت ناظريها النار
وحينما اقتربت مقتبسة الدفء
احرقت جناحيها
كما احترقت هى كليًا..
داخل جمعية النادى،،
تحركت جميلة بخطوات راقية وابتسامة ناعمة تحتل ثغرها تتوقف مع كل تجمع نسائى متلقية مباركات الجميع على حمل ربيبتها وجد، لقد فجرت القنبلة قبل الغداء شاكرة وجود وجد معها فى هذا الوقت بالتحديد، لكن ما لم تتوقعه فى الحسبان
ذلك الضيق، لقد غادر البريق من عينيها وهى تشعر بالوحدة تقتات من روحها
النساء هنا لا تركزن سوى على النميمة والغيبة، وحينما يحين موسم الزواج.. تقاتل كل امرأة لنيل شاب وسيم، صاحب أعلى مركز ومنصب اجتماعى ومالى
لقد رأت هذا وهن ينصبن أعينهن على عدد محدود من الرجال.
لا تعلم لما لم تشعر بالحماس ككل سنة ؟، أبسبب زواج صغيرتها؟ أم أن الصغيرة تثبت لها أن السعادة تستطيع الحصول عليها بعيدة عن هذا المكان تحديدًا
تشعر بالغيرة من تحية، فصغيرتها تعتبر يوميًا شبه ملاصقة لها فى حيها الشعبى الضيق، مفضلة صحبتها عن النساء هنا وعنها، وحينما تشكو لها تخبرها أنها تأتيها في إجازات اخر الاسبوع وكونها تعلم انها ليست متفرغة تماما بجمعيتها وجلسات النادى والصالون التى تشغل نفسها طوال الأسبوع تاركة فقط عطلة الأسبوع للعائلة.
اضطربت ابتسامتها وهى تراقب الصغيرة عن كثب، عينيها محدقة نحو البروز الظاهر لبطنها وقد تبقى أشهر معدودة ليشرف الحفيد الى الدنيا، بقدر حماسها للأمر بقدر خوفها أن تستخلصه تحية لنفسها، انتبهت على صوت إحدى النساء مقتربة منها وابتسامة صفراء مجاملة تحتل شفتيها قائلة
-جميلة هانم، مبروك على حمل وج. رغم انى بجد زعلت أنك منوهتيش بخبر سعيد زى ده فى جلساتنا قبل كدا
ابتسامة متكلفة زينت ثغرها، مغمغمة بهدوء
– مكنش فيه فرصة، أكيد فاهمة مشاغل الجميعة ونشاطها فى الوقت ده
تدخلت امرأة أخرى قائلة بصوت لائم
– رغم انى من ضمن نهج الحمل بعد السنة الأولى من الزواج، اعتقد ده بردو كان نهجك وبتنصحي بيه الانسات هنا فى الجمعية
تجمدت الابتسامة على شفتيها، وهى ترى ما تحاول تلك الحية الرقطاء الوصول إليه
ما دخلها هى إن رغبت الصغيرة بطفل، أو حملت بإرادة الله؟ الاب والام موافقان ما دخلها هي ودخلهن
لا تنكر سابقًا صدمتها الجلية حينما فجر زوجها تلك القنبلة فى وجهها
وقد لامت صغيرتها، وان لم تنطقها صراحة خوفًا من اثارة غضب غالب، لكن عينيها لامتها كثيرًا.. لكن وجد
سعيدة .. متألقة كما لم تكن يومًا فى سنواتها المنصرمة التي قضتها بين كنفهن، وليست حمقاء غرة ساذجة، الفتاة مسؤولة واعية ما هى مقبلة عليه بدليل حضورها جلسات النادى عن الرضاعة والحمل والوضع والسنة الأولى للطفل والأم .
تمتمت جميلة بنبرة أظهر امتعاضها وان دارته بابتسامتها الجافة
-زى ما قولتى يا شاهى، بنصح ولكل واحدة تتحمل تبعات قرارها، الولاد اللى بنربيهم بنكون شايلين حمل مسؤوليتهم بس لما بيكبروا بنخليهم يتحملوا مسؤوليات قراراتهم
سارعت الأولى تحدق بمكر نحوها ونحو وجد المنشغلة بالحديث مع امرأة
– افهم من كدا انك معترضة لحد الآن على جوزها حفيد تحية الشوربجى
جن جنون جميلة وهى ترفع رأسها بحدة قائلة بلوم
– من امتى بندخل فى حياة راجل ومراته، احنا هنا بس منصحين وقت ما حد فيهم بيحتاج مساعدة لا اكتر ولا أقل، ثم انا مش معترضة على حفيد الشوربجى، طول ما بنتى سعيدة أنا سعيدة
لوت الأخرى شفتيها بسخرية، لتجذب إحداهما يد الأخرى قائلة
– شاهى، نازلى هانم وصلت
الحماة الذهبية التى تتسابق عليها جميع سيدات المجتمع، بالطبع هى الموضوعة فى البؤرة بعد علمهن عن وجود مساحة خالية لدخول امرأة لحياة ابنها الوسيم
اقتربت منها وجد ملتمسة كفها مغمغمة بقلق
– مماة، انتى كويسة؟
عيناها حدقت نحو التجمع المريب حول المرأة التى تنافس جمالها جميع فتيات العقد الثانى والثالث العازبات، تعلم رغم جميع تهافت النساء نحو ابنها لكنهن لن يستطعن مدارة الغيرة تجاه جمالها الذى يظهرها فى سن صغير دائما، مثيرة غضب الأخيرات اللاتى تبرز عليهن عمليات التجميل رغم اعتنائهن الفائق وإجراء الجراحة خارج مصر لكن لا شئ يفوق مدى جمال نازلى بينهن.
تمتمت ببرود
– بشوف الدنيا تافهة قد ايه من الرؤية اللى قدامى
حطت وجد عيناها نحو كبش الفداء الذهبي، لتتسع عيناها مكرًا وهى تغمغم بمشاكسة
– نازلى خاطفة الاضواء عشان ابنها الاعزب الشهير على الاطلاق وحلم فتيات مصر، وكل سيدات المجتمع بيحاولوا يجوزوه لبناتهم افتكر كنتى بتعملى كدا زمان
لن تدعى جميلة انها لم تفعل ذلك، لكنها لم تدفعها لزواج رجل مطلق .. بل حرصت أن يكون الرجل من لم يسبق له الزواج، مناسب لسنها الصغير وسبق لها رؤيته والتعامل معه وإن كان حديثًا مختصرًا أو سلام عابر .. لكن بالنهاية غالب وهى اختارا الزوج
وهي لن تنكر انه يعاملها باحترام مبالغ، ورقى ينضح من خلجاته بعكس جدته..ليس شيئا مكتسبًا، بل وراثى، شئ وحيد جيد يبدو أن جدته زرعته داخله فى مسكنهم الشعبى.
زفرت جميلة وزخم افكارها لا يريد مغادرتها، خاصة الآن .. مع اقتراب حفيد وتشابك اواصرهم معًا لتغمغم
– عارفة ايه اللى مضايقنى
عقدت وجد حاجبيها لتبتسم جميلة امام وجهها الصبوح مقرة بإعتراف
– انى غلطت اقراه صح اول مرة فى حياتى، مش هشيح بعينى واغض بصري وانا بشوف وجد اكتر ثقة وهدوء ورزانة، وأم في المستقبل .. وجودك معاه خلانى اشوف بنتى اللى اتمنيت اشوفها
التمعت عينا وجد بسعادة، ويبدو أن سياسة التى انتهجها عاصى معها قد أتت بثمارها، همست بسعادة تنطق بها كل خجلة منها
– خلاص عفوتى عن عاصي باشا
هزت رأسها دون أن تعطيها رد، وكان هذا كافيًا لوجد إلا أن ابتسامتها انحسرت حينما قالت جميلة بعداء
– جدته نهائى اطلاقا، احيانا بشك انها فعلا بنت الذوات
اقتربت وجد ممسكة بذراعها مدافعة عن المرأة قائلة بود حقيقي
– توحة صدقيني لو قربتي منها هتغنيكى عن ألف سيدة متملقة من المجتمع ده، توحة عرفت انها مهما قعدت وكونت صداقات هنا كلها هتكون مؤقتة وزائفة، الطبقة هنا بتحكمها الفلوس والسلطة وإذا ميزان منهم اختل اصبح الشخص منبوذ منها
لم يدهشها جميلة مدى نباهة صغيرتها، كانت تعلم أن صغيرتها بحاجة لبيئة مناسبة تستطيع أن تنمو بها وتزدهر
وصغيرتها وجدت بيئتها
لقد ضربت صغيرتها وترًا حساسا عن شعورها بالوحدة، فلم يتوافر لها منذ الصغر بوجود أم أو شقيقة تستطيع أن تعتمد عليها بأدق أسرارها، فمهما بلفت علاقتها وعمقها مع غالب إلا أنها كانت بحاجة لأنثى، ولم تستطيع أن تكتسب سوى معارف سطحية لم تصل حد العمق وليست فاترة لحد التجاهل..
استمعت الى نبرة التوسل فى صوت صغيرتها بتدلل
– بليز مماة عايزة علاقتكم تكون كويسة
زمت جميلة شفتيها بحنق مغمغمة بإكراه
– هحاول مش هوعدك
صاحت وجد بسعادة مصفقة كلتا يديها، مما أثار حرج جميلة وهى تنظر يمينا ويسارًا تبتهل ألا يلاحظ أحد تصرفها المخترق لقواعد الإتيكيت، لكن يبدو النساء مشغولات بالحماة الجديدة لتمتم من بين انفاسها
– الست عندها إمكانية تطلعنى من شعورى
استطاعت وجد ان تسمعها لتشاكسها بمرح
– بس قلبها ابيض زى السكر
تصاعد رنين هاتف وجد لتهمس لها باعتذار
– عاصي بيتصل، ثوانى يا مماة
هزت جميلة رأسها وهى تراقب ابتعادها عن التجمع حنى تستطيع الرد على زوجها، عيناها عادت مرة آخرى لمراقبة نازلى، المرأة الأجنبية التى فوجئ بها وسط مجتمعهم بدخولها، ورغم عراقة اصلها وارتباطها بسليل عائلة النحاس إلا أن بعض النساء لم يتخذنها موضع جدىّ للمصادقة، وهى لم تكن تملك من الوقت المتفرج فكانت تعمل عارضة أزياء حتى بعد زواجها ثم انعزلت عن الاضواء تمامًا ما إن أنجبت ابنها البكرى مفضلة رعاية منزلها وأسرتها..
خرجت من شرودها على صوت وجد المعتذر
– اسفه يا مماة، مش هقدر اكمل باقى اليوم معاكى، تحبى نوصلك ولا هتكملى اليوم فى الجمعية
هزت جميلة رأسها بهدوء قائلة
– متتقيديش بيا، سلميلى عليه
لاحظت اقتراب عاصى بطوله الفارع جاذبًا معه نظرات بعض السيدات، ابتسامته مهذبة دافئة ومد يده بلباقة قائلاً
– ازيك يا هانم
وضعت يدها فى كفه قائلة
– مش مستاهلة يا دكتور عاصى، تقدر تقولى جميلة احنا بقينا أهل
لمعت عينا عاصى وهو يعطى نظرة خاصة لزوجته متسعة الابتسامة من الاذن للأذن، فما أن أنهى سلامه حتى رمت بجسدها على ذراعيه التى تلقاها برعاية واهتمام شديدين وهو يغمغم بجدية لعمتها
– المقامات محفوظة يا هانم وكل شخص وليه مقامه
لم تملك جميلة فرصة لمجادلته مغمغمة
– زى ما تحب
عينا وجد ترصدت الفتيات الوقحات اللاتي تنظرن إلى زوجها بوله، تبًا الا تنظرن بجانب انه متزوج الا انه سيصبح أب عز قريب، شدت اناملها على قميصه الفخم المصمم من قبلها، لقد كانت تتغزل به صباحه كيف ناسب جذعه القوى المعضل، وكيف أحبت لونه على جسده.. لكن الآن وهى ترى اعجاب الفتيات عليه كرهت القميص، بجانب استماعهن لحديث عاصي مع عمتها، جعلها تجذبه من ذراعه مغمغمة بغضب مدفوع بغيرة
– عاصى من فضلك، انت مش حابب يا روحى تخلى الستات دى عنيها تركز عليك
عقد عاصى جبينه قائلاً بعدم فهم
– نعم!!
جزت وجد أسنانها على ضروسها مهسهسة بحدة
– صدقنى بطريقتك مع كل واحدة فيهم، هتبدأ تعرض عليك بنتها ومش هتفرق معاها ابدا انك متجوز واحدة، والله اقتلك لو فكرت فى واحدة غيرى
انفجر عاصى ضاحكًا وهو يضم زوجته الغيورة لصدره مقبلا رأسها هامسًا فى أذنها بمشاكسة يعلم انها ستنفجر غضبًا
– هو انا مجنون عشان اكرها برضو يا اميرة
جنون هو كل ما رآه في عينيها الذباحتين اللتين أردته واقعًا فى بحور عشقها ما ان حطت عيناه أول مرة عليها، غمغم مداعبها طرف أنفها بسبابة أصبعه
– بهزر يا باشا، انت ما مبتهزرش
إلا أنها ما زالت على حالة الغضب والحنق الشديدين منه، لتدفعه بقليل من الوهن قائلة بعبوس
– لا يا خويا بهزر، اوعى كدا
احكم وثاقها بحزم شديد جعلها تدرك أنها ما زالت امام مرأى العامة، الوقح يعلم انهما امام العامة ومع ذلك لم يمنع نفسه من اثارة غيظها
فليحمد ربه انها لم تضرب خاصرته او تلكزه او حتى تلقى بكوب العصير على القميص لتفسده.. صاحت بحدة وهي تسمع لضحكاته الخافتة
– بتضحك على ايه
مالا مقبلاً جبينها وقد تلكئ لثوانٍ زيادة معدودة، دفع تضرج وجنتيها حمرة وهى ترى ما يفعله أمام النسوة وأمام عمتها جميلة التى تهز رأسها بيأس رغم ابتسامتها البسيطة، دفن وجهه فى خصلات شعرها هامسًا فى أذنها
– توحة دمرتك، انا عايز النسخة الاميرة القديمة بتاعتى، اللى وشها بيقلب الوان بمجرد همسة واحدة ولمسة منى
عضت باطن خدها وهى تضع يدها على بطنها البارزة ساعدها فستانها العملى البسيط المخصص للحوامل من اظهار بطنها المتكورة بفخر امام نساء الجمعية
– وبالنسبة اللى فى بطنى ايه مش واخد بالك منه
عيناه مرت برقة وانامله ربتت على بطنها قائلا بصوت مرح
– اعصابك يا روحى، عشان متخلنيش اكسر دماغك
استأذن بأدب من جميلة قبل أن يسحب ذراعها بهدوء وحزم لتسير معه مضطرة، وما ان ابتعد عن الجميع، وان كانت ما زالت العيون تتابعهم بفضول وترقب، فتلك المرة الأولى التى تقدم وجد مع زوجها بعد زواجها وفضيحة خطبتها السابق بالكابتن الطيار ماهر السويسرى ..
غمغمت وجد بحدة وهى تحاول ازالة يده عن جسدها
– تصدق انا غلطانة انى بتكلم
ابتسم عاصى بمكر وهو يميل طابعًا قبلة على خدها بالتلكؤ هامسًا بخشونة
– انت الكبير، يا كبير
رغم غضبها لكنها أحبت العبث معه وهى تمد يدها تمرر أناملها على قميصه الأزرق الذى صممته له بفخر .. بل جسده هو ما جعل القميص أكثر إغراءً
بحياتها لم تصدق أن ملابس الرجال تجعلهم مغريين، أم أن فقط زوجها حبيبها استثناء عن القاعدة، تمتمت بحدة
– متتعاملش معايا على قد عقلى، خلى بالك انا عقلى اكبر ومدرك اكتر منك
زم عاصى شفتيه برهة قائلاً بصوت غامض
– ويا ترى يا ام عقل اكبر وادرك منى، متعرفيش جوزك بيفكر فى ايه دلوقتى
لم تدرى كيف انطلق لسانها دون تفكير مغمغمة
– فى كرشه
ارتفع حاجبا عاصى حد لامسا منابت رأسه وهو ينفجر تلك المرة مقهقهًا بصدى صاخب التفت على أثره رؤوس النساء فى التجمع، تلونت وجنتيها حرجًا وهى تجده يميل مقبلاً خدها برحابة صدر جعلت بعض الفتيات ينظرن للأمر برومانسية حالمة رجل يصالح حبيبته الغاضبة
لكن الحمقاوات يتجاهلن أنه زوجها.. تمتمت بخجل وهى تراه يلف ذراعه حول خصرها ويده الاخرى تداعب بطنها البارزة بوجل ولهفة
– عاصي، الناس عيب
تمتم عاصى بتسلية
– انا ههحرم عليكى قعادك مع توحة، من هنا ورايح هتكونى جمب عمتك، عايز ابنى او بنتى تطلع زي اميرتى اللى اعرفها مش المتوحشة زى اللى قدامى
دائما كلامه يثير حنقها، مما جعلها تجذب ياقة قميصه مقتربة منه بوعيد
– والمتوحشة اللى قدامك مش عجباك
عينيه تأملت جسدها بحسية أشعلت نيران جسدها رغبة تكاد تبارى رغبته، وهى تسمعه يميل نحو أذنها يخبرها بهمس خاص أجش
– المشكلة انها عجبانى .. عجبانى بزيادة
تمتمت بخجل وهى تربت على صدره بدلال
-عاصي
أجابها بنبرة حميمية خاصة
– عيونه يا اميرة العاصى
تنهدت وهى تضع رأسها على صدره هامسة بنزق
– صدقنى اسمك مش لايق عليك، كان المفروض يسموك أمير
اتسعت ابتسامته وهو يتذكر أن سبب تسمية الأسم يعود لأبيه رحمه الله، ليغمغم
-حكم القوى نقول ايه
عينا جميلة غامت بسعادة تفوق سعادة ابنتها وجد، وهى ترى مشاكسة حبيبن لا تتعدى الخطوط، انتبهت على صوت امرأة ناعم مخملى
– احييكى يا جميلة.. زمن الحب والمعجزات منتهاش وده بقوله لجوزى، بس اللى شوهها هى النفوس
رنت جميلة نظرها تجاه المرأة التي تجزم لولا معرفتها عمرها الحقيقي، لظنتها فى بداية الثلاثينيات لتغمغم بتعجب
– نازلى هانم
ابتسمت نازلى برقة وهى تغمغم برقة لا تدعيها، بل متأصلة له
– تقدرى تقوليلى نانى، زى ما بحب اسمعها من المقربين منى، نازلى تقيلة شوية
تمتمت جميلة بتعجب وهى تلاحظ قربها منه مفضلة الحديث معها تاركة السيدات من خلفها
– بقالك فترة طويلة وسنين مش بتحضرى الاجتماعات، اعذرى فضولى لو سألت
هزت نازلى رأسها بيأس قائلة بأسى
– لأن الجمعية زى ما هى، للاسف مفيهاش روح ولا ناس.. جيت هنا بعد ما سمعت خبر الموسم سليلة عيلة المالكى اتجوزت عن حب بجد وانا بحب اشوف واقرا قصص الحب فى الحقيقة
هزت جميلة رأسها يائسة دون حديث، فالمرأة تبدو هائمة تماما عن الحب وهى فى ذلك العمر، غمغمت بنبرة فضولية
– يعنى مش جاية تدوري على عروسة لابنك
تجمدت تعابير وجهها الحسناء، لتهمس بغموض
-اتمنى، لانه لو فقد الأمل .. هيفقد العطاء
*******
قالوا أن الشياطين لا تتعب
فما بالها الآن تشعر أن جميع قواها خارت؟!
حتى وإن تظاهرت باتت جميع أقنعتها مفضوحة
هل خبتت نيرانها؟!
دموع غبية لا تفارق مآقيها سندًا لها فى ليال سهاد تعانيه بمفردها، ولا نوم يجنح حتى فى أولى ساعات الصباح!!.
مررت آسيا اناملها على خصلات شعر تسبيح بشرود، والصغيرة تقرأ لها قصة من كتاب الذي أهداه لها الهركليز
عيناها جامدتان، وشفتيها مبتسمتان نحو كل كلمة واشارة تفعله الصغيرة، طبعت قبلة على جبين الصغيرة حينما أنهت القراءة لتسمع همس الصغيرة
-ميس آسيا
تمتمت آسيا بابتسامة لطيفة وعينين مجهدتين من السهر
– نعم يا روحى
عقدت تسبيح حاجبيها تفكر فى حل لمعضلتها، تمتمت بـ إستفسار بسيط
– هو لو طلبت لون زى عنيكى هل هيتحقق
رفرفت بأهدابها عدة مرات، مأخوذة من سؤالها الذي أعادت افكارها لمنطقة الصفر، تمتمت بنبرة فضولية
-وليه لون عينيا؟
اتسعت ابتسامة الصغيرة محدقة في ذلك الفضاء الشاسع فى حدقتيها، يذكرها باتساع المحيط و احتضان السماء لها لتمتم بانبهار طفولي
-بحب الازرق
تألقت حدقتى آسيا والصغيرة منبهرة بما يموج فى عينيها، تأثرًا مع مشاعرها..لتهمس آسيا بمشاكسة وهى تقرص وجنتيها
– واللون البنى
تبرمت تسبيح مجيبة اياها بعبوس
– البنى مش مميز، لون باهت ملهوش أى معنى، بعكس الأزرق بتبقى مميزة وسط الناس
ابتسمت آسيا بتحفظ، لتضم الصغيرة بين ذراعيها، فرغم كون الصغيرة ما زالت تعانى من مرض البهاق وجعلها فى دائرة شائكة بين المجتمع العميق، تحاول هى أن تثبت جذور ثبات الصغيرة، فمع أى ريح تنكسر جذورها، وهى ترغبها أن تلين مع أى ريح حتى لا تقلع ثبات مبادئها
مررت اناملها برقة على وجهه الصغيرة قائلة بنبرة حازمة
– تسبيح اللون مش بيحدد قيمة الشخص، الشخص هو اللى بيحدد قيمة اللون، تعرفى انا نفسى تكون عينى بنى مش ازرق
حدقت تسبيح فى وجهها بعدم تصديق، لتمتم بنبرة بائسة
– ياريت كان ينفع نبدل
عقدت آسيا حاجبيها بريبة، ويبدو أن لون عينيها سيكون محور أحاديثهما القادمة لتمتم بسخط
– ده انتى مصيبة
انفجرت تسبيح بضحك مجلجل مع مداعبات آسيا لتجيبها بإقرار
– انا مصيبة صغيرة يا ميس آسيا زى ما بتقولى
طبعت قبلة على جبينها وهى تمتم لها بتبرم
– تقدرى تقوليلى يا سيا، يا تسبيح انا مش مدرسة
عضت الصغيرة شفتيها وهى تجيبها بنبرة بدت أكبر من سنوات عمرها
– دكتور عاصى قالى لازم احفظ مقام كل شخص هنا، عشان لما احب حد يحترمنى لازم احترمه الأول
لمعت عينا آسيا بتقدير لزوج وجد، فالجميع هنا يقدرونه بل ويحترمونه حتى مديرة المؤسسة تتخذ قرارته فوق أى اعتبار.. غمغمت بنبرة منفعلة غيورة
– بدأت أغير من دكتور عاصى علفكرا
اقتربت تسبيح وهى تحتضن خصرها قائلة بصوت ناعم
– بس انا بحبك
والكلمة زلزلت آسيا
وأسفل معدتها تئن فى حاجة
تحتاج لطفل من رحمها، ستموت كمدًا إن لم تحقق هذا المطلب
انسلت الدموع من مآقيها، وعينين داكنتين مراقبتين، تحفظان كل همس وحركة بسيطة منها
قلبه يتألم لرؤية دموعها، وروحه تكاد تندفع يخر على ركبتيه طالبًا سماح شيطانته والعودة إلى أراضيها بعد نبذها له
لكن روحه تقهقرت
وثبطت عزيمته
وجسده هاج وماج صارخًا حينما رأى تلك الحلقة اللامعة في بنصرها الأيمن
شئ داخلى، بدائى منه يرغب الان بخطفها واجبارها على عودتها له، وسيلبي نداءات رحمها ويزرع العديد من الأطفال كما ترغبهم
يعترف أنه كان أحمق أناني، وأنه غض بصره عن رؤية أن آسيا أضعف من أن تقتل نملة
هى أرق وأكثر هشاشة مما تتظاهر به… عيناه تأملتها مليًا وهو يراقب تصرفاتها الامومة تخرجها بانطلاق امام تلك الصغيرة … سمع حديثها العابث مع الصغيرة التى تعشق لون عينيها
– بتحبينى عشان عيونى، مش كدا؟
اومأت الصغيرة رأسها بخجل وهى تدفن رأسها فى صدرها، مما جعل اسيا تنفجر ضاحكة وهي تمرر أناملها في خصلات شعرها قائلة
– مبسوطة هنا
هزت الطفلة رأسها عدة مرات مجيبة
-جدًا
ابتسمت آسيا وهى ترى الصغيرى نسخة أفضل عنها، هى امتلكت والديها لكنها عاشت وحيدة
والصغيرة مات والديها لكنها أحيطت بمن أحبها .. دعموها نفسيًا وأخرجوها من شرنقة الحطام الذي عاشت به
تمتمت بفضول متسائلة
– نفسك تبقى ايه لما تكبرى
زمت تسبيح شفتيها مفكرة عدة ثوانٍ، قبل أن تجيبها بإبتسامة واسعة
– عايزة ابقى ممثلة
رفعت آسيا حاجبيها مأخوذة من ردها، لتمتم
– افتكرتك هتقولى دكتورة، بس مش مشكلة ممثلة حلو برضو انا هكون من اول المعجبات
خيم ظل أسود عليهما، مقاطعًا حديث الفتاتين، كانت تسبيح أول من رفعت رأسها لتتجهم ملامحها نفورًا رغمًا عنها
لطالما أعجبت بالعم لؤى أكثر من هذا الرجل
وقدمت له كامل دعمها، ومحبتها له .. تمتم زاهر بابتسامة مهذبة لطيفة
– صباح الخير
نظرت اليه بفتور مجيبة إياه بنبرة جافة
– صباح الخير يا زاهر
مال بجذعه مصافحًا الصغيرة قائلاً بصوت دافئ
– صباح الخير يا انسة تسبيح
اختفى عبوس تسبيح مع الشوكولاتة التي قدمها لها كرشوة جلية أمام عيني آسيا التى اتسعت عيناها بجحوظ مصطحب بابتسامة، لتبتسم تسبيح متقبلة هديته قائلة بصوت خجل
-صباح الخير يا عمو
ربتت آسيا على ظهر الصغيرة قائلة بصوت دافئ
– هتكلم شوية مع عمو زاهر وبعد كده هجيلك
اومأت الصغيرة رأسها عدة مرات مجيبة قبل أن تنطلق مع صخب الأطفال تلهو معهم…
ابتسم زاهر دون تكلف متخذًا الجلوس بقربها لتلتف له آسيا بكل جسدها قائلاً بصوت هادئ
– خير يا آسيا
تفرسته آسيا مليًا
محاولة أن تنظر خلف تلك الواجهة اللامعة النظيفة، ترى أى وحش يسكن بين جوانبه
خاضعًا تحت إرادته، رابضًا منتظرًا رهن إشارته
لقائها الأخير مع لؤي جعلها تعيد ترتيب حساباتها، ترى ما الشيء الذي يعلمه هو ويخفيه هذا عنها؟
أهذه ضريبة كونها تحاول أن تصبح شخصًا أفضل؟، مفضلة عدم النبش بين الدفاتر القديمة معتمدة على الصراحة التامة بين علاقتهما، وهو وافق
لقد أخبرها بذلك وكان مؤيدًا لها
ترى ما السر الخفى الذى يخفيه؟
أترى شخص متعلق به .. برجولته يشعر بالكبرياء والحرج من النطق به؟
ألم يكن سابقًا هو من اندفع جاعلا وحش الأمومة تستيقظ من سباتها، محاولة البحث على أى ذكر يوافقها كى تجلب نماذج مصغرة من ملامحها وملامح من ستربط به..
ضمت يديها معًا مغمغمة بصوت جاد
– زاهر انا كان ممكن اجيب ادور فى دفاترك القديمة واجيب اقذر اسرارك بس انا مقررتش اعمل كدا عارف ليه
تعثرت حروفها لبرهة، شاخصة ببصرها فى عينيه المهتمتين، ترى بداخلها بئر سحيق معبأ بالأسرار
أسرار ليست قادرة على مجابهتها، أو حتى المحاربة..
لما لا يفهم أنها سئمت من الحروب والصراعات النفسية والجسدية، وترغب فى هدنة .. هدنة طويلة ممتدة ليس لها أجل
لما حتى يستكثرون هذا الأمر منها؟
صمت محترمًا رغبتها بالحديث، لتتابع قائلة بنبرة متهكمة
– عشان اسيا زمان انتهى زمانها، دلوقتى مش عايزة آسيا تعيش وهى مخونة اللى قدامها او مش حاطة ثقة كافية ليه
هم تلك المرة بالحديث مقاطعًا اياها
إلا أنها رفعت اصبع السبابة قائلة بنبرة جادة
– زاهر من فضلك لسه مخلصتش كلامى، انا كل اللى طلبته منك انك تكون صريح معايا، فيه حاجة مخبيها هتكون السبب تأثر على علاقتنا حتى لو من بعيد او مش شايفها مهمة
الدموع تجمعت فى مآقيها
والنظرات بينهما أشبه بسجال كلامى بدون صوت
تنهد زاهر بحرارة قائلاً بصوت أجش جامد
– ايام الكلية اتجوزت من واحدة عيلتى مكانوش موافقين عليها
تجمدت تعابير وجهها مع ما تفوه به، عيناها فقط اتسعت بجحوظ
وعقلها يعود تدريجيا نحو الماضى
ابتسمت بحدة مغمغة بصوت جاف
– وطبعا اجبروك تسيبها
تغضن جبينه بتعبير حاد وهو يجيبها بنبرة حادة
– مقدرتش .. كانت حامل بابني
فغرت شفتيها بصدمة، وهى تحدق اليه
منتظرة منه أى علامة للمزاح
أو بإخبارها أن الأمر مجرد مقلب سخيف من قبله..
لما لا يتحدث الآن؟!!
ارتج جميع جسدها متخيلة ذلك الطفل الصغير الذى نشأ بين رحم المعاناة والنبذ كحالها
الدموع فاضت، وانسكبت على خديها بصمت تام يعلن حدادًا على سذاجتها
تمتمت بنبرة خاوية
– وراحت فين
والأخر لم يكن جاحدًا، ناكرًا كى يتحدث بكل هذا الهدوء
الله وحده أعلم كم استغرق من مدة كى يجيبها بكل تلك البساطة التى تستنكره منها
وكأنه يتحدث عن غريبين وليس اثنان من المفترض أقرب من روحه!!
تمتم بجفاء والعضلة المهتزة فى فكه فضحت الكثير من رباطة جأشه
– اختفت، فص ملح ودابت
بهت وجهها وداخلها يستنكر سبب خروج امرأة من حياة رجل سوى سبب واحد
انها لم تتحمل معيشته، أو لم تتحمل عائلته؟!
سألت بهمس خافت
-وابنك؟
زادت انقباضة عضلة فكه، ليضغط بعنف على يديه حتى ابيضتا من شدة ضغطه قائلا بصوت أجش حانق
– صدقينى معرفش يا آسيا، الموضوع ده بقاله سنين
استهجنت ما لاح على عقلها، لا تتصور أن يكون زاهر سوى نسخة باهتة من أبيها
انتفضت من مجلسها صائحة بحنق
-تقوم تقرر ترميه وراك
تعلم انها لا تزيد سوى من الرجل ايلامًا
لكن اللعنة عليه ان شاركت فى هذا الأمر
ما ذنب ذلك الصغير حينما يكبر باحثًاعن أبيه، ليجده انشئ عائلة آخرى؟!
كيف حتى الآن لا يبحث عنه؟!!
أ لتلك الدرجة؟! كون المرأة لا توافق معاييرهم يلقيها كبضاعة مستهلكة تعف الناس على الأقتراب منها
تمتمت بشراسة وزرقة عينيها تموج بعاصفة لا تبقى شيئًا ولا تذر
– وانا كنت مستغربة كل المثالية دى بدون غلطة، بس للأسف عرفت هى سابتك ليه
استقام هو الأخر من مجلسه قائلاً بصوت جاد
– آسيا
قاطعته بعنف وهى تخلع خاتم خطبته، لا تطيق صبرًا كما لو انه ثعبان ملتف حول فريسته قبل التهامها
اتسعت عينا زاهر دهشة وهو يراها تضع الخاتم فى قبضة يده ليلحقها قائلاً ممسكًا عضدها
-آسيا ارجوكى افهمى
اقشعر جسدها نفورًا مع لمسته، وإن كانت المرات السابقة ترجمتها كونها لم تجعل يد شخص غريب تلمسها سوى زوجها، لكن الآن كل ما تكنه هو النفور والتقزز لتتفجر فى وجهه هادرة بغضب نارى
-اياك تلمسنى انت فاهم، بدل ما تروح ترتبط بواحدة شوف مراتك وابنك .. احسن ما تندم ويبقى سندك الوحيد فى الحياة بيكرهك من قلبه
تهدجت انفاسها والغصة في حلقها اشعرتها انها على حافة الموت
الهواء لا يمر فى ممرات التنفس
ليقترب زاهر بزعر وهو يرى شحوب وجهها الأقرب لوجه ميت.. امسكها من عضديها آمرا إياها أن تتنفس بهدوء وبطء جسدها ساكنًا خاملاً أمامه
فقط عينيها جاحظتين مغرورقتان بالدموع، ليهمس اسمها بدفء ما ان اختفى الشحوب من وجهها وبدأ وجهها يسترد لونه الطبيعي
– آسيا
عينيها ارتفعت لترى يديه موضوعتان على عضديها، أزاح يديه مبتعدًا مسافة آمنة وهو يسمعها تهمس بقهر
– انا ضحية اب قرر يسيب عياله سمع كلام عيلته عشان شوية فلوس، تفتكر هرتبط براجل زيه تانى واعيد المأساة
رغم كونها تعلم ان اشاعات والدها واطفاله من زوجة اجنبية كان مجالسهم للنميمة، ابتعدت عن مسار طريقه مبتعدة عن المكان بأسرع وقت، الدموع المتجمعة فى مقلتيها كرؤية ضبابية بالكاد وصلت الى سيارتها وأغلقت بابه بحدة لتنفجر باكية دافنة وجهها فى المقود
ضربت بعنف وقهر على المقود
وقت ما ترى ذلك الأحمق ستقتله
كيف يجعلها تختبر أمر موجع كهذا؟
أ لتلك الدرجة ألمها ووجعها غير مهمين لها؟
هى حتى لم تؤذيه بعد طلاقهما، ذلك الحقير المخادع .. أتلك طريقته للانتقام منها!!
هنيئا له الهيركليز .. ستقتله ما ان يصبح أمام مرأى بصرها
ويبدو ان امنيتها استجابت لتراه يفتح الباب المجاور ويجلس على المقعد المجاور بهدوء
ثانية
اثنان
ثلاثة مرت بصمت سوى من انفاسها المتهدجة
لتأتي الرابعة وهى تهجم عليه بوحشية أنثى تعرضت للطعن من خلف ظهرها بخسة
تلكمه وتخدش وجهه وتعض كل ما تطاله يديها
وهو كان وسادة ناعمة، ومغرية للتنفيس عن غضبها
يديه موضوعتان بجواره متحكمًا فى مقدار ألمه من هجماتها الأنثوية، ابيضت سلمياته ما إن وجدها تعض أكثر مناطق الإثارة خاصته ليتأوه بصوت خفيض ليقع عيناه نحو عيناها الشامتة وابتسامة نصر تسللت ثغرها ما إن أبصرت استجابته
عادت تكيل الضرب على موضع نبضات قلبه الخائن، ليغمض لؤى جفنيه مستقبلا شحناتها السلبية دون أدنى تذمر
خارت قواها لتميل بجذعها مائلة نحوه، لتهمس له بنبرة ساخرة
– حابب تهنيني على فشلى
أزال الدموع من وجنتيها ليحتضن كامل وجهها بين راحتى كفيه القويتين، جعلتها تعبس بعدم فهم تجاه عينيه الغامضتين ليهمس بصوت أجش
– انا غبى واسف يا آسيا
ليسجل التاريخ
لؤي المالكي عاد معتذرًا
وإن عاد الغادر معتذرًا؟ ماذا تفعل المرأة؟
لتدعس الزهور التى يحملها بين يديه
وتجلب سكينًا وتطعن قلبه براحة ضمير الذى يقدمه بين راحة يديها
انفجرت فى وجهه صائحة بغضب
– نعم!!!
جذب كامل جسدها ليقع تحت قبضته، اتسعت عينا آسيا وهي متفاجئة من جرأته
نادرًا ما كان لؤى يظهر هذا الجانب الفاحش فى زواجهما؟
ماذا يفعل هذا المجنون بعدما أصبحت الآن مطلقة وقد فسحت خطبتها منذ عدة دقائق ؟ لتعود عزباء ونقطة الصفر تسجل كعلامة بارزة فى دفترها.
تنفس لؤى بحدة وندم عميق يستفحل بين جوانبه، لقد اكتفى من معاقبتها له، كما هو اكتفى من ردها إليه
يعلمها تمام العلم .. أن أمر الخطبة ما كان سوى ورقة ضغط له
فشيطانته جعلته رجلها الوحيد
كما هى امرأته الوحيدة
مرر انامله برقة ناقضت خشونة اصابعه على رحب وجهها الناعم
غمغم لها بنبرة مشتاقة لهوفة يغذى به أنوثتها التائقة له
– مش عايز ننهى حكايتنا بالشكل ده
رغم عن ضعفها النفسى وانهاك جسدها فى شجار معه استهلكت به جميع طاقتها، رأسها مالت نحو يده هامسة بنبرة ساخرة متهكمة
– هو انت مثلا دست على رجلى بالغلط يا لؤى
امسك كف يدها وقبل باطنها قائلا بإسف
– انا اسف
لقد قالها لمرتين
وقلبها مازال موجوع
محطم منه
ماذا ستفعل بأسفه؟
هل ستمحو كل تلك السنوات والشهور بعدم تحقيقه أمنيتها؟
هل ستمحى قسوته نحوها
تمحى دلائل خيانته، وجحيم انتقامه
حتى انه لم يتراجع
ولم يعد خلال فترة طلاقه .. لم يعتذر سوى الآن
لكن عضلة سخيفة اخبرتها انه اعتذر بالنهاية
تشبث عقلها بضراوة على عدم نقض عهده، ناظرة إلى الندم الملتمع في مقلتيه
الاستنزاف العاطفي لم يكن من جانبها فقط!!
جيد لعله يشعر بقليل ما شعرت به، ضربت على صدره بعنف محاولة التخلص من كبال قيوده صارخة بحدة
– اسفك مش كافى
امسك وجهها بحزم أخرج عنه أنين صامت من عينيها، نظر بضعف الى ملامحها المجهدة ليميل مشاركًا انفاسها هامسًا بصوت أجش
– انا سبتك تطلعى وجعك بأكتر طريقة وجعتنى يا آسيا، توجع راجل زيي يشوف مراته تخطب غيره
جادلته بنفس الهمس وإن كان خرج ناعمًا، مغويًا ككل ما فيها
-طليقتك
جز لؤى ضروسه وحل وحيد يناسب شيطانته
ان يعيدها لزمته رغمًا عنها، وإن أبدت إعتراضًا واهنًا، جادلها بحدة
– ادتيني وعد ان مفيش اي عقد يقدر يفرق ما بين قدرنا
هسهست من بين انفاسها الحادة وهى تضربه بكل غلظة على قلبه
– قبل ما اكتشف خيانتك
قلل من إحكام وثاق.. لتتهدل خيوط أحكامه تاركًا لها الفرصة لإخراج ما في جعبتها.. لتتحرك بإفراط وهى تنفعل بغضب محكم
– لؤى المرة الأولى وجعتنى بخيانتك ، بس المرة دى دبحتنى، حابب المرة الجاية تبقى ايه انتحر
تسلل آخر جملتها رنة السخرية، لتنظر نحوه وهى ترى الألم محفور فى معالم وجهه ليهمس لها بجمود
– لو موتى سبب حل لمشاكلك أنا مستعد لده
أى موت هذا الأحمق يتحدث عنه؟
حتى موته لن يكون شفيعًا لأفعاله
همت بالصراخ بها فى وجهه، إلا أن العذاب الذي يستحقه منها أكبر
تنهد قائلاً بنبرة جادة
– مستعد استنى العمر كله يا اسيا، بس احسبي الوقت الكافي عشان تقدرى تشيلى عيالى قبل ما يعدى الوقت
اتسعت عيناها جحوظًا وهى تراه يضع كف يده بجرأة منطقة رحمها قائلاً بنبرة متملك
– ده مفيش غيرى اللى له الحق فيه يا آسيا
عيناها سقطت نحو يده الموضوعة على جسدها، وطنين صاخب يسد أذنيها عن الجميع
أتتركه هكذا؟
ألا يستحق صفعة قوية لجرأته تلك؟
تبًا له .. لما لا تحرك جسدها أو أطراف يديها
ضغطة يده حازمة نحو موضوع رحمها، ليرتجف جسدها كما لو شحنات كهربائية مرت عبر أوردتها …
كما لو كان رسول أوصل رسالته ليترجل من سيارتها تاركًا إياها تتخبط ككرة مطاطية بين أربعة حوائط دون هدى
أطلقت صيحة تذمر وهى تدفن وجهها بين كفيها
جسدها يخبرها أنها ليست فى سن صغير كى تتذمر وتختار الرجل الذى سيصبح والد أطفالها
خياراتها محدودة
بل منعدمة
أخبرها الحقير بوقاحة .. إما هو أو لا أحد
اخرجت هاتفها تتصل بأقرب صديقاتها، لتغمغم بيأس ما إن أجابتها
– وجد
استمعت الى صوت وجد الملهوف ليخرج صوتها صائحًا بيأس
– لؤى بقى قليل الادب يا وجد
*******
التهور لم تكن من شيمها
فلم تكن من ذلك النوع الذي يوافق على القيام برحلات خطرة،بل كانت أشبه بكائن مسالم، تقليدى، حتى قدم لحياتها.
فـ فرح التى كانت عليه فى السابق أشبه بـ سبية اشتراها الإمبراطور لمتعته
ينهل من رحيق حياتها، حتى تذبل ومع الذبول يعف عليها الإمبراطور
لكنها لم تطق صبرًا حتى ذبولها
فإن ذبلت فستعيش جثة هامدة الروح، عليلة الجسد.
لكن إلى متى ؟
متى سيعف عنها؟ متى ستخرج من نطاق أسره؟
كل محاولاتها باءت بالفشل.. هو غير مقتنع أنها لم تعد تطيق حتى وجوده أمامها
فما بالك بضمها، وشعورها جسديًا بين ذراعيه
كيف تعود بكل غباء نحو قاتلها،الأمر فاق احتمالها، وما يؤلمها ويوجعها
انه لم يرى ما فعله سبب يستحق أن تقوم بالصخب الأنثوى كما أخبرها
كيف؟!
كيف يقتل أنوثتها وعفتها بسكين بارد، ويخبرها أنه من حقه، أى حق امتلكه
كونها حاملة اسمه، تراخت جفنيها والفرار ليس حلاً
المواجهة هو كل ما يستحق تعبها والشغل الذى بذلته بعد طلاقها
لا يوجد شئ يستطيع إيقاف نضال الغانم سواها هى
وأن كانت نهايتها الموت، فـ بالنهاية تستطيع الموت وقد دافعت عن رسالة أعظم..
تستمع بصبر نحو محدثها وقد خرجت من مخبئها الصغير، قابلها تذمر وسخط من وقاص
تتفهم كثيرًا حمية وقاص، وقد قام الرجل بالكثير لها، لقد وعدت نفسها أن لا تلجئ لأى أحد منهم
لا يوجد مطلق سبب أن تسبب نزاعًا بين أخوين بالكاد استطاعا إيجاد نقطة لقاء بينهما..
لكن ذلك الأحمق لم يترك لها حلاً
فإرسال جواسيسه باحثًا عنها وعن زوجها المزعوم، هى حتى لا تصدق ما قام به وقاص
لقد زاد من رصيد عذابها أضعافًا
خرج صوت وقاص الحاد من سماعة هاتفها
-فرح انا مش هقدر انفذلك الطلب ده
عضت فرح على باطن خدها وهى تهمس بتوسل
-وقاص من فضلك
زمجر وقاص بحدة وهو يدور ذهابًا وإيابًا فى غرفة مكتبه، لن ينكر أنه كان سعيدًا للحظة وهو يرى فقدان سيطرة أخيه الثور
فى الماضى لم يجد له نقاط ضعف خاصة به تضعفه، أو تحوله لأسد جريح على وشك قتل أي أحد يقترب من مداره
لكن الآن .. أصبح منتشيًا بسعادة، لكن السعادة غلفها القلق وهو يعلم أن الأحمق عازم على قتلهما معًا
فأرسل خلفه من يستطيع التدخل حينما يوشك على إزهاق أي روح بشرى حالفه حظه العثر أن يسقطه فى طريقه.
هسهس بحدة مفيقًا تلك المختلة
أى قوى تلك تملكها أمام ثور مثله؟!
أى مواجهة تلك التى ترغبها وهى لا تعلم حتى أبسط الأساليب للدفاع عن النفس؟!!
-فرح انتى يا نضال فى المعادلة اللى هيخرج ميت من العلاقة دى
كأنها لا تعلم؟!!
أحد منهما من سينتصر وإن كانت هو كفته الراجحة، لكن تكون قد قامت بآخر محاولاتها للفك من أسره.
اسندت راسها على شباك سيارة الأجرة هامسة بصوت جاد
– مقدرش ابقى مستخبية يا وقاص، انا مطلقتش منه عشان اتحبس واخاف انه يطلعلى فى كل حتة
قابلها صمت مهيب من جهته، لتعض على باطن خدها وهى تسمع زفرة طويلة قبل أن يأتيها صوته المهتم
– عايزة ايه يا فرح
ففرح ماذا ترغب؟
لم تعد ترغب بشيء الآن
ترغب أن تعود مهمشة، مجرد وجه يراه الناس حينما تتقاطع طرقهم، عابر سبيل ينسوا ملامح وجهه مع وجود ضيف جديد
همست بتطلب
-عايزة ارتاح
نقر وقاص أنامله على سطح مكتبه، وداخله يسب ذلك اللعين ألف مرة
كيف يفرط بإمرأة بهذا الشكل؟
كيف لم يتخلى عن أنانيته ليحظى بسعادة وحياة مستقرة كما رغبها
ألم يفكر قليلاً بصغيرته؟
ألم يفكر كونها بحاجة إلى شقيق كما قامت طليقته بالزواج وأصبحت الآن حاملاً من زوجها؟!
تنهد متسائلا
– وبعدك عنه هو الحل؟
لم تتردد او تنتظر للتفكير، أجابته مغمغمة بسخرية
– البعد ساعات ارحم بكتير من جحيم القرب
صمتت لبرهة محاولة التخلص من الخمول الذى أصاب جسدها، لتهمس بتهكم لم يخلو من المرارة
– ثم انت قولت اتجوزت ليه؟!! انا حتى مش لاقية اللى يتجرأ يقرب منى ويكلمنى خلتها حالا جواز
رغم عبث الأمر
انفجر وقاص ضاحكًا أدى الى رسم البسمة على شفتى فرح وهى تسمعه يغمغم بنبرة مشاكسة
– متتخيليش شكله كان عامل زى ايه، كان بركان هينفجر
تبرمت بشفتيها وهى لا تصدق ان تلك ضريبة طلب المساعدة، لكن شقيقه معذور
هو بحاجة للعلاج ذلك الأحمق
سيؤذى صغيرته دون قصد كما يؤذى الأطراف من حوله
– واضح انك بتعزنى
دلك وقاص صدغه قائلاً
– انا كنت اتمنى نضال يفهم حقيقى معنى وجودك فى حياته، بس للأسف هو بعناده وغباء تفكيره شايف انه يقدر يتحكم بالكل زى الماريونيت
لم تعلق بكلمة على حديثه
فما نفع الحديث الآن؟
حتمًا لا شئ يصب فى مصلحتها، عاجلها صوته قائلا بصوت حنون، داعم
– فرح اعرفى ايا كان قرارك أنا داعم الأول والأخير ليكى
افترت ابتسامة من شفتيها وهى تسأله عن الصغيرة، تتمنى غباء نضال لا يمتد وتطاله صغيرته
– شمس ايه عاملة دلوقتى، يارب ميكونش قرر يبعدها عنكم
جاءه رده الساخر
– نضال رغم غباءه بس للاسف ميقدرش يمس سعادة نضال حتى على تعاسته
رده كان كـ صفعة قوية حطت على وجنتها
انسلت دمعة حارة من عينها، نضال يستطيع أن يكون حنونًا مع من يرغب
أما هى
هى لم تمثل له أى شئ ذلك الحقير.. تمتمت بصوت خاوى
– انا متأكدة هيبقى أب عظيم
ووقاص حاول أن يضمد جروح شقيقه، ولذوعة حديثه قائلاً بصوت معتذر
– انا اسف يا فرح بجد، انتى تستحقى واحد احسن من نضال .. اتمنى بجد تلاقى اللى يديكى أمل للحب من أول وجديد
انسلت ضحكات مريرة من حلقها
أى حب جديد يعطيه لها؟ فبوجود شقيقه لا تستطيع أن تشمه حتى!!!
لكن حديث الطبيب عاد يطرق رأسها بقوة
المحب سيستخدم جميع حيله للوصول إليها
والمحب هنا ليس نضال إطلاقًا
بل مطلق رجل، نكرة دون وجود أداة معرفة.
تمتمت بجمود
-وقاص فيه ناس اتحكم عليها من اول حياتها انها تعيش في تعاسة طول عمرها
قاطعها هو ممدًا طرف خيط الامل لطريق عتمتها
– مفيش سعادة بتدوم ولا حزن بيطول، مصيره بينتهى
غمغمت بهمس
– أتمنى يا وقاص، ده أملى الأخير
قال بصوت جاد لا يقبل الاستخفاف به
– لو ظهرلك وحاول يهددك بلغينى وانا ههتم بالموضوع
لكنها اكتفت من دعمه الدائم لها
أخيه يستحق أن يدعمه مرة واحدة
تمتمت بجدية وهي تنقد السائق لتترجل من السيارة متجهة إلى مسكنها
– مش عايزة اسبب شرخ فى علاقتكم أكتر من كده، صدقنى أخر مرة هطلب أى خدمة منك، علاقتكم حتى لو حديثة العهد مش عايزة أكون سبب يخرب علاقتكم، نضال مهما حاول يبين انه مش محتاج حد الا ان الحاجة الوحيدة اللى محتاجها جنبه هو انتم
توجهت نحو مصعد تضغط على زر الاستدعاء، لتسمع إلى صوت وقاص الدافئ
– خلى بالك من نفسك
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها هامسة
– حاضر
أغلقت الاتصال وهي تسند رأسها على جدار المصعد، يجب أن تشحذ أسلحتها
فالمواجهات السابقة فازها عن خسة في حين وجدارة فى حين آخرى
لكن تلك المرة .. يجب أن تفوز
وإلا حوكم عليها بالأسر للأبد.
أخرجت مفتاح شقتها من حقيبتها ودستها فى عقب الباب، إلا أن حدس ينبئها بالهرب
إما الآن أو أبدًا
تعثرت أنفاسها وهى تشعر به فى نطاقها
عطره النفاذ التقطته خياشيمها، رنين انذار ينبئها أنه هنا .. قريب منها، ينتظرها بصبر صياد تدخل مخدعها حتى يلتهمها بضمير مستكين، دون إهدار نقطة دماء واحدة.

تعاضدت عزيمتها جنبًا إلى جنب وهى تدفع باب الشقة، لتغلقه خلفها باحثة عن الإنارة إلا أنها صرخت بفزع حينما وجدت يد خشنة، يد رجل تعلمه علم اليقين وهو يضغط قبس الأنارة
لتجده مائلا بجسده الضخم على الحائط
منفرجًا عن أنيابه الوحشية، قائلا بصوت كسول
– نورتى بيتك يا قطة
خطوة واحدة توجهت نحو الباب
ليقطعها فى الثانية ازاحة جسدها الضعيف عن مرأى بوابة نجاتها.. جسدها اصطدم بعدم رحمة فى الحائط لتأن لوجع حقيقي وهي تراه ينظر إليها بقسوة
إصرار لم تعهده منه سوى يوم المحكمة حينما أخذ مأربه منها..
شحب وجهها فوريًا، وهى تتجاهل ما يطرأ على عقلها
نضال لن يصل انحطاطه لهذا الحد
لكن جميع آمالاها تحطمت حينما وجدته ينزع حزام بنطاله يلفه مرتين حول قبضته، وعينيها متسعتان بجحوظ
وجسدها مستسلم كفريسة أمام طقوس الصياد للانقضاض عليها
خرج همس ضعيف مرتعب كرعشات جسدها القوية
– اعقل ارجوك
خرجت ضحكة قوية مجلجلة، ترددت صداها كأجراس قوية فى أذنيها، قبل أن يقترب منها هادرًا بصوت قوى
– وانتى خليتى فيا عقل يا هانم، انطقى
عينيها معلقة على الحزام، وفكرة جلده أثار رعبًا جحيما في جسدها
افترقت شفتيها وهى تهمس بصوت ضعيف
– نضال لو الحزام اترفع عليا صدقنى هصوت والم عليك الناس
هبط بجذعه مماثلاً أمام طولها ليهمس بصوت ناعم وانامله تمر على وجنتها
-والست المحترمة لما تقابل جوزها ويأدبها تفتكرى الناس هيتدخلوا
عينيها شاخصة أمام عينيه بهلع
أقال زوجة ذلك المخبول؟
أقال زوجة؟!!!
ازاحت يده بعنف عنها، غير محتملة أن تقترب يداه من جسدها، أقل لمسة تثير نفورها، هسهست بغضب تقر الواقع الذي يتجاهله
– نضال انا طليقتك مش مراتك
لكنه يبدو انه ليس معها، يدور فى فلك آخر بعيدًا عنها، يتلاعب بها كالسابق، جذب مقدمة فستانها الأنثوى الذى يكاد يطير بعقله إلى الجنون هامسًا بنعومة اقشعرت لها بدنها رجفة ورهبة
– وحبيب القلب اللى اتجوزتيه مش باين، غريب مش كده ..يعنى يساعدك حتى خسارة طلع مش راجل

يتلاعب بكلماته، حتى يستطيع اخراج الحقيقة المطلقة من جوفها، الأحمق كيف يصدق كلمات أخيه ببساطة
أى رجل هذا سيظهر من العدم لتتزوجه، وأى رجل هذا حينما تتزوجه سيجعله يضع أصبعًا عليها
صرخة مؤلمة حادة خرجت من شفتيها حينما حط أنامله الغليظة على عضديها يقسو عليهما بعنف غير مراعيًا كونها امرأة
ضعيفة، ببنيان جسدى هش، لا يتحمل أى قسوة ذكورية !!
– ما تنطقي ساكتة ليـــه
صراخه يعلو صراخها، وأنينها يفوق جحيم غضبه المستعر
والمنطق هنا يقف فى دائرة التيه، والعقل فقد قدرته على التحمل
دموعها لم يقلل من أتون غضبه
ولا الالامها خفف من ضغطه العنيف عليها
حتى بكائها وصراخها، كان يصم أذنيه عنها
ترجته بعينيها، دون أن تنبس ببنت شفة نحوه، هامسة بصوت مرتجف
– عايز ايه
لمعت عيناه بتألق مرعب، وما يرغبه فقط رؤية الدماء
دماء تأديبه لها، ودماء أخيه حينما يقضى عليه
حاجته للدماء كانت تعلو فوق أى صوت منطق، ليرفع حزامه وفرح صرخت مذعورة ليقع الحزام على الأرض
ارتجف جسدها كليها بين يديه وهو يغمغم بسخرية
– هأدبك
يكاد عقلها يفقد الوعى وهى تنظر بطرف عينيها نحو حزام السوط الذي سيجلدها به، فى جميع أفكارها لم يمر أبدًا هذا الحزام مخيلتها مطلقًا كوسيلة للتأديب كما يدعى!!!
امسكت يده المنقبضة بعنف حول حزامه لتهمس برجاء أخرجته كتذكرة أخيرة لعودته لصوابه
– نضال ارجوك بلاش
قبض على فكها بخشونة وهو يميل نحو شفتيها هامسًا بنفي تام
– لا يا قطتى، شغل ارجوك ومن فضلك ده انتهى، تحطى جزمة جوا شفايفك الحلوين دول وتاخدى العقاب وانتى ساكتة
أشتعل أتون الغضب بين جوانب صدرها، لتضع يديها حائلا بعيدًا عن التصاق جسده بها، مرددة بحدة
– انا مش مراتك، وميحقش ليك تلمسنى اصلا
نظر نحوها بغموض لم يبدى أى انفعال يذكر لما تفوهت به ليغمغم بصوت جاف كريح شتاء قارص ينخر العظام
– يبقى نشوف الكلام ده
تمتمت اسمه بحدة
– نضـ…ااااااه
صراخ قوى يكاد يذبح حبائلها الصوتية، حينما وجدت نفسها ملقاة كـ جوال بطاطا على أريكتها الثمينة
ألم استفحل أطراف جسدها، آنت بوجع ودموعها انسكبت على خديها، واضعة يد حول ظهرها، تسبه بقوة غير عابئة به
تسبه بأفظع الشتائم فى قواميسها، التى لا تصل لشئ بجانبه
رأته يقف بشموخ، كـ امبراطور يفرض ساحات سيطرته القوية نحوها ليقول بسخرية
-سلامتك يا قطتى، وجعتك؟
لم تجبه، لم تجد داعى للرد عليه، لكنها لم تحسب لهجومه البغت عليها وهو يسحبها من خصلات شعرها الحرة الطليقة
تثير بها الغادي والرائح دون أدنى اعتبار لرجولته، ولا غيرته المستفحلة على الدوام أمام حضرتها!!
همس مكشرًا أنيابه امامها بهمس مهدد
– مش حذرتك بلاش تلعبي بالنار يا فرح مش حذرتك
صمتها أذكت ناره كجمرات حطب ساكنة أشعلت الرماد، ليدمدم بسخرية
– ايه فكرك موضوع الطلاق هيعدى بالساهل، انتى اتماديتى.. تحبى اخدك دلوقتى وتولع الورق اللى فاكرة انها حرمتنى منك
عيناها الساكنتين اتسعتا بجحوظ مخيف وهى تراه يخبرها ببساطة ما يصبو له
حقارته وصلت للحد الذي انتفض جسدها من مخدعه، لتركله بساقها بقوة غاشمة فى بطنه، واندفاع الادرينالين بجسدها جعلها تذهب مسرعة نحو المطبخ باحثة عن سكين
ستقتله إن فكر أخذها بالقوة
إن أغتصبها سابقًا تحت اسمه، لن تدعه يحقق مأربه، سيكون موته ضريبة على قذارته.
هسهست من بين انفاسها، عابثة بالأدراج حتى وجدت بغيتها، لترفع رأسها ناظرة اليها بنيران جعلته يرفع حاجبيه ناظرًا ببرود نحوها ونحو النصل الحاد الممسكة به بقوة معتمدة به بحياتها
-حقير
خطا خطوة نحوها ويده ممسكة أسفل معدته،مقدرًا للقوة الوليدة فى جسدها بإعجاب لم تدركها عينيها المتربصتين له، هدر صوتها الحاد وهى ترفع السكين امامه بتحذير يجب أن يأخذه بجدية
– خطوة واحدة تقربها وتلمسني وهقتلك
نظر نحو السكين باستخفاف تام، ويدها المرتعشة أعلمته أنها لن تستطيع الصمود طويلا، تمتم ببرود وهو يقترب منها غير عابئا بتهديداتها الرعناء
– شيلى يا قطة السكينة عشان متعوركيش

دموعها هبطت بغزارة، لتلوح بالسكين هامسة بتحشرج
– بتتعمد تعمل معايا كدا ليه يا نضال، انا عملت ايه كل ده عشان استحق ده منك .. انا قررت ابعد عشان تكمل حياتك زى ما تحب
أتريد أن تكون الآن المرأة المضحية العظيمة امام بطشه؟
أى تضحية قدمتها هى لم يطلبها منها مطلقًا، ولم يكن راغبًا لها
كانت تدفن رأسها في الرمل كالنعام، تغض ببصرها عن افعاله، ما الذي استجد حتى تتقاتل امامه كـ لبؤة تقاتل من أجل مكانتها؟!
عينيه على السكين ثم عليها، يرى انحسار الفستان مبرزًا بداية تكور صدرها، لتلمع عيناه بإشتهاء .. اشتهاء رجل صام طويلاً ليغمغم بصوت أجش
– غلطتك انك اللى فكرتى، مش انا
هذرت بإنفعال صارخ
– عشان فكرت فى سعادتى، مستكتر ده عليا انا؟!! نضال انا مخدتش اى سعادة من اسمى، كل اللى حصلى انى غصب عنى شوفتك ملجأ ليا.. ملقتش حد اتحامى فيه غيرك بس خذلتني
يقترب منها، وكل حركة تقدم تحرك السكين بانفعال تكاد تسبب بإيذاء نفسها، اقترب منها حد الحد الذي سمح له، بدحض مقاومتها الا ان يدها القابضة على السكين جعلته يهسهس بحدة
– فرح
لكن فرح وجهت له السكين فى وجهه صارخة فى حدة بوجهه، قابلها وهو يمسكها من عضدها قائلا بحدة متخلصًا من السكين إلا أن حركتها الأخيرة فاجأته لتصيب ذراعه منبثق الدم منه
– اللى بتعمليه معايا ده صدقيني مش هيقل من الغضب اللى جوايا
عيناها نظرت بجمود تجاه اصابته دون رد فعل، لتراه ينزع السكين من يدها بحدة ملقيًا اياه بعيدًا عن متناول يدها، نظرت نحو الدم البسيط الذى خرج منه ثم إليه قائلة بجفاء
– ههـ.. هتعمل ايه؟ هتقتلنى؟
ابتسم بسخرية قائلاً بنبرة غامضة
– مش كنتى شيفانى قذر وعبد شهوته عشان اخدتك يوم المحكمة
رنين الجرس الأخير، قبل حدوث ما لا يحمد عقابه
اندفعت بجسدها تمد كلا كفيها ضاربة جذعه صارخة بجنون لمدى انحلال فكره
– انت … انت مجنون، انت مش جوزى
لكنه لم يعى عظم جريمته فى حق الجميع
واولهم ربه
كيف يفكر بهذا؟ وهو معه ابنة؟ ألا يخشى عليها أن ينالها بضع مما تنابه من يده؟!
غمغم ببساطة وأريحية
– نتجوز بعد كدا
تخشب جسدها وهى تسمعه يتحدث عن الأمر كما لو أنه يتحدث معها عن الطقس، همست وهي تهز رأسها نفيًا
– حرام يا نضال بجد .. ااااه
صرخة ألم أخرجته من حلقها حينما جذب خصلات شعرها بعنف للمرة الثانية، لينجلي الوجه الشيطاني أمامها هادرًا بوحشية
– ومش حرام لما تأذى رجولتى، فاكرنى كنت بقولك نكته ولا بهزر معاكى.. انتى ملك نضال الغانم .. وشغل الحرية اللى سايبك الايام اللى فاتت تعيشي فيه ده بمزاجى انا، بس انتى عديتى الخطوط الحمرا اللى رسمتها
مع كل كلمة كان يشدد من القبض على شعرها، حتى كادت تشعر انه ينزعه من جذورها، تمتمت بألم
– براحة يا نضال، بتوجعنى
جيد لتشعر قليلا بما أَلَم به، صاح بانفجار عظيم
– ومرحمتنيش ليه، وانا بسمع اخويا بكل برودة أعصاب يقولى انك اتجوزتى
تمتمت بنفى تام مغمغمة بصدق محاولة نزع يده عن شعرها
– انا كنت عايزة ابعد عنك، انا متفقتش معاه على حاجة
كانت ترغب بالرحيل عنه، وقامت هى وأخيه بحيلة قذرة لا تدخل عقل أى عاقل
لكن منذ متى يصبح عاقلاً حينما يخص شئ فرح؟ أو أحد نطاق حمايته..
اندفع بالغضب متقصيًا عن جميع الرجال الذين تعرفن عليهم، إلا أن الأمر انتهى بلا شئ، فقط المرأة اختفت كالزيبق، أما انهيارها العصبي وكون فرح مريضة كانت حيلة أخيه القذرة، بهارات تضيف طعمًا لخطته… وهو انتظر وصبر
فالسجين لن يطيق المكوث فى السجن للأبد
ستخرج.. و سيكون بانتظارها..
لكن ليس قبل أن ينهى ثورة داخلية منها، يرغب بعودتها قطة صامتة، مطيعة لرغباته حتى وإن كانت جثة هامدة
لا يهم يرغبها.. انتهى أمر القط والفار هذا
اقترب جاذبًا رأسها ليمرر أنامله بخشونة على سحنة وجهها الشاحبة، بعينيها المتورمتين قائلاً بهمس ماكر
– بس السجان عجبه السجن مش كدا، وانا هرجعك ليه
أغمضت جفنيها بيأس، وهي تمتم بهمس ضعيف لكن خرج صوتها واضحًا لأذنيه
– كل اللى بتعمله فيا هيجى اليوم اللى بنتك هتشوفها قدام عينك ومش هتقدر تساعدها
تخشب جسده لثانية، تقسم أنها تكاد تشعر به يتراجع، الا انه اعاد امساكها بقوة غاشمة قائلاً بصوت مستهزئ بارد
– يبقى ساعتها هشرب من دمه
اسقطت دمعة أخيرة
دمعة تختم بها صفحتها للأبد
استنفذ جميع أرصدته، فلا أحبها ولا حتى رجولته جعلته يرحم ضعفها
همست وابتسامة ساخرة تزين ثغرها مغمغمة
– عمرك ما حبتنى .. ولا جواك مشاعر شفقة، او حتى ذكريات العشرة اللى قضيناها تشفعلك انك تسبني

وضع يده على شفتيها مخرسًا اياها، ليميل رأسه هامسًا فى أذنها قائلا بصوت بارد
– اششش اسكتى، بليل هترجعى بيتى كفاية كدا
حركت جسدها بعنف تلتوى بعنف، منقذة نفسها من جحيم نيته صارخة بعنف
-على جثتى
وصراخها لم يزيده سوى عنادًا وإصرارًا ليحملها على كتفه متوجهًا لغرفة نومها، قائلاً ببرود أعصاب
– على جثتك!! يبقى عايزاها بالطريقة التانية
انتفضت بفزع حينما ألقاها على الفراش وجثم عليها بكامل جسده، التوت بجسدها محركة اطراف جسدها كلها قائلة بنفور
– نضال ..نضال لا ..بجد بجد لأ .. نضاااال
تأوهت بألم حينما جذب خصلات شعرها بقوة متمتمًا بخشونة
– اخرسىيي
عيناها اتسعتا بجحوظ وهى ترى العزيمة فى عينيه
يكرر ذبحها دون أدنى إعتبار لإحتياجها ومتطلباتها، غير راحمًا نفورها ورفضها
شعرت بيديه ترفع فستانها كاشفًا بنطال أبيض قصير لما قبل حدود ركبتيها..
خرج صوتها مذبوحًا ودموع القهر طبعت على وجنتيها
– بكرهك
دنا منها لينهل ساحبًا آخر قطرات أنوثتها، يجرد ثيابها السفلية بفجور، اتسعت عيناه جحوظًا وتوقفت يداه عن نزع بنطالها القصير عن ساقيها لينظر نحو موضع الألم ليراها وجهت نصل حاد بيدها المرتجفة
زادت معدل نبضات قلبها وكاد قلبها يتوقف عن النبض وهى ترى عينيه الشاخصتين بها دون أدنى رد فعل.. الدماء لوثت ثيابها وجسدها لتتسع بقعة الدماء وهى ترى جذعه سقط كليًا على الفراش دون أدنى حراك !!!
لقد قتلته.
لقد قتلت مغتصبها.

يتبع

لقراءةالفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *