رواية أسرار عائلتي الفصل السابع عشر 17 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي الفصل السابع عشر 17 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي البارت السابع عشر
رواية أسرار عائلتي الجزء السابع عشر
رواية أسرار عائلتي الحلقة السابعة عشر
إستمع الجالسون بقاعة الجلوس إلى صوت صراخها فهرول جميعهم إلى مصدره وأولهم يامن الذي تجمدت قدماه عن الحركة وهو يرى حبيبته السرية واقعة أسفل الدرج مغمى عليها. رفع نظره إلى عدي الذي نزل ليحملها فصاح بصوت أفزع الجميع:
– سييبهاا!
إنتفض عدي من صراخه وإبتعد عنها وهو يرمقه بإستغراب، تحرك يامن نحوها ببطئ وأبعد الفتيات التي تجمعت حولها بقلق ثم جلس على الأرض حذوها وأمسك برأسها ووضعه على حجره تحت دهشة الكل .. إقترب منهما ياسين وجلس أمامها ليفحصها بما أنه طبيب عظام لكنه وقف ثانية بهدوء دون أن يلمسها حتى. رفع يامن أنظاره إليه متسائلا:
– في ايه يا ياسين؟ مالها دينا؟
أجاب ببرود:
– كويسة ومفيهاش حاجة، واضح انها بتمثل أصلا.
إلتفت إليها يامن بسرعة فوجدها تفتح عينيها وتجلس بسرعة وهي تصيح مخاطبة ياسين:
– ولما انت عارف اني بمثل مسيبتنيش اكمل تمثيلي ليه؟
تجاهل صياحها ولاحظ الشباب في تلك اللحظة تواجد عدد من الفتيات بالقصر، ضحك أدهم بسخرية وهتف وهو يختطف بعض النظرات إلى سرين التي قدمت بسرعة مع رحمة وإيلين عند سماع صراخ هناء:
– برافو والله، القصر الي مكنتش بتدخله ولا ست قبل كده بقى بيعرف بنات كتيرة من أول ما بدور جت هنا، لا وكمان بيدخلوا من غير ما نعرف.
لوت بدور شفتيها بتذمر من سخريته، بينما لاحظ ياسر وجود رحمة معهم فصاح:
– وانتِ ايه الي جابك تاني؟
– وانت مالك؟
إلتفت بإستغراب إلى جده الذي قال ذلك بحدة وكذلك الجميع، نقل عبد الرحمان نظره بينهم ثم خاطب الشباب بنبرة حادة لا تقبل النقاش:
– مفيش حد بيدخل القصر ده من غير ما أعرف، وأنا الي سمحت للبنات انهم يدخلوا ومش عايز حد يعترض على ده!
تبادلت الفتيات نظرات الإنتصار التي إستفزت الشباب وخاصة ياسر فهتف بإعتراض:
– بس …
قاطعه بحزم:
– انا قلت مش عايز اعتراض يا ياسر، ودلوقتي هتطلعوا كلكم للجنينة لاني محتاج اتكلم معاكم، وانتو خدوا راحتكم بالقصر ..
قال جملته الأخيرة مخاطبا الفتيات ثم إقترب من إبنه أحمد وهمس له بشيئ ما فأومأ له الآخر ثم إلتفت إلى يامن قائلا:
– تعالى انت معايا يا يامن.
تطلع إلى والده بإستغراب لكنه أومأ له بطاعة عندما إستمع لهمس تلك التي مازالت تجلس مكانها على الأرض:
– أنا لسه محاسبتكش على لمسك ليا على فكرة.
رسم على ثغره إبتسامة ساحرة وهمس بدوره:
– هسيبك تحاسبيني زي مانتِ عايزة بس لما تبقي ليا يا روحي!
علقت الكلمات بحنجرتها بسبب ذلك الذي أحرجها بكلماته وغادر مع والده بعد أن غمز لها بنفس إبتسامته الساحرة تلك. حاولت محوها من عقلها وإقتربت من الفتيات اللواتي إجتمعن معا يفكرن فيما سيفعلنه إلى حين موعد تناول العشاء.
…
– أمجد فين؟
تساءل عبد الرحمان وهو يجول بنظره حول الجميع فأجابه عدي قائلا:
– في اوضته، مش عايز ينزل لانه لسه زعلان على صاحبه الي اتوفى.
هز رأسه بتفهم ثم خاطب رسلان بأمر:
– روح ناديله يا رسلان.
حاول الإعتراض لكن أكرم وكزه بخفة وأشار له بعينيه ليطيع أمره. إتجه إلى الداخل ووقف في البهو يستمع إلى صراخ الفتيات السعيدات أو ربما الشامتات بهم لظنهن أنهم طردوا من قصرهم بسببهن. إنتظر لثوان قبل أن تلاحظه إحدى الخادمات وتقترب منه متسائلة عن سبب وجوده:
– اتفضل يا بيه، في حاجة محتاج اساعدك فيها؟
أومأ برأسه قائلا بلباقة:
– ايوه، ممكن تروحي لأمجد فوق وتقوليله يجي هنا لو سمحتِ؟
– حاضر.
إبتعدت عنه لتلبية طلبه فوقف ينتظرها مكانه لكنه فوجئ ببدور تظهر أمامه بعد ثوان. ظن أنها تريد محادثته بشيء ما لكنه رفع حاجبيه بتعجب وهو يراها ترمقه بغيظ من صراخه عليها قبل قليل ثم تشيح بوجهها وتختفي عن أنظاره ثانية.
مط شفتيه باستغراب من تصرفها ثم رفع كتفيه بعدم إهتمام وأسند ظهره على الحائط واضعا أحد كفيه بجيب بنطاله منتظرا قدوم أمجد. مرت دقيقة عندما إستمع إلى صوت خطوات تسير بإتجاهه، رفع رأسه ظنا منه أنه أمجد، لكنه وجدها هي ثانية بنفس نظراتها الغاضبة وهذه المرة كانت تحمل بيدها حقيبة الإسعافات الأولية.
عقد حاجبيه بحيرة من تصرفاتها الغريبة، نظر إليها بتعجب حين مدت له يدها بالحقيبة لكنه فهم مرادها حين تمتمت:
– ايدك بتنزف من بدري، مينفعش تسيبها كده.
نظر إلى كفه الذي كان ينزف حقا منذ كسره للكأس ثم حول بصره إليها وجاهد لمنع إبتسامته من الظهور وهو يلتقط منها الحقيبة قائلا:
– شكرا.
أشاحت بوجهها متظاهرة بأنها لا تزال غاضبة منه رغم دقات قلبها التي لا تدري سبب تسارعها، نظرت إليه من طرف عينها وهو يعقم جرحه ويضمده لكنها لاحظت نصف إبتسامة صادقة ترتسم على شفتيه. إبتسمت هي الأخرى وإلتفتت إليه هاتفة بعفوية:
– ابتسامتك حلوة اوي على فكرة.
لاحظ مراقبتها له فمحى إبتسامته سريعا وعاد البرود يغلف وجهه وهو يواصل تضميد جرحه. تضايقت من ذلك وصاحت:
– هو انت مش بتحب تبتسم قدام حد ليه؟
أجاب ببرود وقد إنتهى مما كان يفعله:
– انتِ عارفة ليه ..
طالعته بحزن ثم إقتربت منه وأمسكت بيده التي كانت تنزف قائلة:
– مهما كان السبب قوي، الدنيا دي مبتستهلش نزعل عشانها ..
سحب يده ببطئ دون أن يتخلى عن بروده لكنها تابعت:
– طول مانت عايش لازم تبتسم ..
واصل هو إتخاذ الصمت جوابا فصاحت بغيظ طفولي:
– انت عارف انك لو مبتسمتش النهاردة انا هعمل ايه؟
طالعها بإستفهام وترقب فتابعت بنبرة بدت له مضحكة:
– هعيط.
أشاح بوجهه عنها فأخفضت رأسها بيأس دون أن تدرك أنه الآن يبتسم على طفولتها وبشدة. رسم البرود على ملامحه ثانية عندما إلتفت إليها في اللحظة التي ظهر فيها أمجد وإقترب منهما بملامح حزينة.
إنتبهت بدور عليه فحضنته عند وصوله إليها وقالت محاولة التخفيف عنه:
– متزعلش يا جوجو، هو دلوقتي في مكان احسن وعايزك تدعيله مش تزعل عليه!
جاهد لرسم إبتسامة صغيرة على شفتيه متمتما:
– ربنا يرحمه.
ثم حاول تغيير الموضوع قائلا:
– عملتِ ايه النهاردة؟
أجابت بهمس:
– كنت هتكلم مع ملاك بس …
تغيرت نظرته الحزينة إلى الإهتمام وقال بلهفة:
– بس ايه؟
طالعته بنظرات غريبة قبل أن تنفجر في الضحك فجأة. عقد أمجد حاجبيه بإستغراب وتمتم:
– بتضحكي ليه؟
أجابت بخبث:
– مش ملاحظ انك من أول ما جبت في سيرتها نسيت صاحبك وبقيت ملهوف عليها؟
إبتلع ريقه بإحراج وقال:
– لا مش كده، انا بس …
– انت معجب بيها صح؟
نظر إليها بحيرة ثم تنهد قائلا:
– معرفش، بس أنا حاسس اني مهتم بيها اوي، عايز اعرف عنها كل حاجة، أنا متأكد ان ورا وحدتها دي حكاية وعايز اعرفها ..
مطت شفتيها بتفكير وقالت:
– انا برضه حاسة بكده .. لما دينا اتكلمت معاها وحاولت تصاحبها قالتلها انها مش عايزة صحاب ومعتقدش ان في إنسان عادي هيرفض يبقى عنده صحاب من غير سبب.
– هنعمل ايه طيب؟ احنا لازم نساعدها تبقى ..
– روح اتقدملها.
رفع حاجبيه بتعجب وردد:
– اتقدملها؟
أومأت بتأكيد قائلة:
– يب، انت معجب بيها متنكرش، ممكن لو وافقت عليك هتقدر تصاحبها وتعرف هي ليه مش بتحب تصاحب.
– هفكر …
كان كل ذلك الحديث يدور أمام رسلان الذي كان يركز بأنظاره على بدور، لم تكن فاتنة أو ساحرة الجمال، مجرد فتاة عادية لكنها محبوبة بأفعالها وتصرفاتها، ذكائها أو غبائها أحيانا، مرحها وإبتسامتها التي ترتسم على ثغرها دائما، محاولاتها في إسعاد غيرها .. ربما لديها بعض العيوب، لكنها مناسبة لأن تكون فتاة أحلام أحدهم ..
مهلا لحظة! ما هذا الذي يفكر فيه؟
نفض تلك الأفكار من رأسه ثم تنحنح حتى ينتبها له وقال مخاطبا أمجد:
– يلا يا أمجد، جدو بيستنانا برا.
– يلا ..
…
كان يسير حول المسبح بالفناء الخلفي بصمت، وإبنه يقف بالقرب منه ينتظر منه المبادرة بالحديث، إستدار إليه أخيرا بعد بضع دقائق قائلا وهو يضيق عينيه بشك:
– مين دي الي كانت بتمثل انها وقعت من السلم، وايه علاقتك بيها يا يامن؟
إبتلع ريقه ثم حك رأسه وهو يلوي شفتيه بتردد من الإجابة، تطلع إلى والده الذي كان يضع يديه خلف ظهره وينظر إليه بترقب فتنهد مجيبا وهو يخفض رأسه:
– إسمها دينا ..
رفع رأسه إليه ثانية عندما لم يتلقى أي رد فعل من والده فأكمل:
– هي ساكنة هنا جنبنا، إنتقلت من فترة قصيرة مع عيلة أمها.
إنتهى من كلامه وهو يشير بإصبعه بإتجاه منزلها، هز أحمد رأسه بصمت منتظرا مواصلة إبنه لحديثه. وضع يامن كفه على مؤخرة عنقه وأخفض رأسه متفاديا النظر إليه دون أن يضيف كلمة أخرى.
زفر الآخر بنفاذ صبر ثم صاح:
– مقولتليش ايه علاقتك بيها؟ وليه كنت خايف عليها اوي ومنعت عدي من انه يشيلها؟
أجابه وهو يلعب بحصى صغيرة وجدها على الأرض برجله دون أن يرفع رأسه:
– بحبها ..
رفع أحمد حاجببه بدهشة ثم تساءل:
– من امتى؟
– من وانا عندي عشرة سنين.
– وانت شوفتها فين أصلا؟
توقف عن اللعب بالحصى لكنه ظل ينظر إليها بشرود، إنتبه أحمد إلى تلك الإبتسامة اللطيفة التي إرتسمت على شفتيه فإبتسم هو الآخر وإقترب منه حتى توقف أمامه، وضع يده على رأسه وبعثره ليفيق يامن من شروده ثم قال بنبرة حانية:
– بتحب من وانت عندك عشرة سنين ومخبي على أبوك؟ ناوي تحكيلي امتى طيب؟
رفع رأسه إليه ثم أجاب:
– هحكيلك دلوقتي بس بشرط ..
رفع حاجبيه بإستنكار فتابع يامن سريعا:
– أنا عايزك تخطبهالي!
تظاهر أحمد بالتفكير ثم إبتسم قائلا:
– موافق، يلا احكي ..
…
ضيق عينيه وهو ينظر إلى ذلك القادم رفقة رسلان ووجهه يبدو عليه التعب الشديد، إبتسم له بحنان فور وصوله وفتح له ذراعيه قائلا وكأنه يحدث طفلا صغيرا:
– تعالى في حضن جدو يا حبيبي تعالى!
إبتسم أمجد مدركا أنه يسخر منه لكنه إستقبل دعوته برحابة صدر وجلس بجانبه سامحا له بإحاطة كتفيه بذراعه. إرتفعت أصوات الشباب الساخرة من تعلقه بأحضان جده كالطفل الصغير، حتى أن أدم كان قد أخرج هاتفه وقام بتصويرهما بإستمتاع ..
لكن أمجد لم يهتم بكل ذلك بل كان ينظر إلى الفراغ بشرود أثار القلق في قلب عبد الرحمان فتساءل:
– مالك يا أمجد؟ حالك مش عاجبني خالص.
أجاب بهدوء:
– ولا حاجة يا جدو متقلقش، أنا بس زعلان على مو’ت صاحبي ..
رمقه بشك هاتفا:
– أمجد! انت مكنتش قريب منه اصلا عشان تتأثر بموته بالشكل ده .. أنا مش غبي عشان اصدق ان حالتك دي بسبب انك زعلان عليه، ده غير انك اكتر واحد مؤمن بقضاء ربنا .. يعني اديني سبب تاني عشان اصدق!
تنهد بتعب ثم قال:
– آه أنا مش قريب منه، بس الي مأثر عليا هو انه انت’حر زي مانت عارف.
طالعه بعدم إقتناع لكنه تنهد بإستسلام قائلا:
– طيب ..
إلتفت إلى بقية أحفاده وجال بنظره عليهم بصمت دام بينهم لدقائق، قطعها هو وهو يردف مخاطبا خالد:
– وانت أختك هتفضل هنا لحد امتى؟
تفاجأ خالد من سؤاله الذي ألقاه على غفلة لكنه أجاب بهدوء:
– لحد اما تتجوز ..
رفع عبد الرحمان حاجبه بإستنكار وهم بالحديث لكن خالد منعه عن ذلك وهو يردف:
– آسف يا جدو بس أنا مش موافق على إقتراحك ومش هعرض على حد من العيلة انه يتجوزها عشان بس تفضل معانا ..
– يبقى ترجع لعيلتها!
عقد حاجبيه بغضب من إصرار جده الغريب .. يعلم جيدا أنه منزعج من عدم زواج أي من أحفاده إلى الآن، لكن ليس لدرجة أن يستغل وضع أخته ليزوجها من أحدهم على الأقل!
زفر بضيق ثم قال:
– مستحيل ارجعها لابوها خاصة بعد ما عرفت انه مجرم!
رمقه الجميع بعدم فهم بينما ردد والده محمد بإستفهام:
– مجرم؟
أومأ برأسه ثم أضاف بتردد:
– ايوة .. بصراحة …
– احنا قابلنا ماما امبارح وهي الي عرفتنا انه مجرم.
قالها عدي نيابة عنه وبدون تردد فبدا عدم التصديق على وجوه الجميع، بينما أردف خالد وهو يحدق بوالده ويترقب ردة فعله:
– وطلبت مني اساعدها عشان تتطلق منه ..
لاحظ إنعقاد حاجبيه ومحاولته لكبح إعتراضه عن هذه المقابلة. حول أنظاره إلى جده لكنه تفاجأ به يردد بإصرار:
– برضه مش هتفضل معانا إلا لما تتجوز حد من العيلة.
لوى شفتيه بإستنكار وضغط على قبضة يده بقوة في محاولة منه لمنع نفسه عن الصراخ بوجه جده. أخذ نفسا عميقا يهدئ به نفسه لكن عيناه إتسعتا بصدمة وهو يستمع إلى ما ينطق به إبن عمه ياسين بكل برودة أعصاب:
– أنا هتجوزها!
إلتفت إليه ببطئ وتعابير مستنكرة بدت مضحكة للبقية وهتف:
– نعم ياخويا؟!
طالعه ياسين بحاجبين مرفوعين وتساءل ببراءة مصطنعة:
– ايه؟ هو انا قلت حاجة عيب؟
رمقه بغيظ ثم تمتم:
– متحاولش تستفزني يا ياسين، انت عارف اني مستحيل اجوزها لاي حد منكم عشان …
قاطعه بهدوء:
– وأنا مش هتجوزها للسبب ده.
– امال هتتجوزها ليه؟
– لأني شايفها مناسبة ليا، وأنا زهقت من العزوبية وعايز اتجوز وابني حياتي ..
لوى شفتيه بإعتراض لكنه سكت يستمع إلى بقية حديثه:
– بس طبعا مش هطلب منك انك تجبرها عشان توافق، أنا هتقدملها زي أي واحد بيتقدم لوحدة، عشان كده انا عايزك تحددلي معاد اجي اتقدم فيه.
قال جملته الأخيرة بمزاح لكنه لاحظ شرود خالد به، تنهد هذا الأخير بإستسلام ثم حدق به متسائلا بشك:
– انت متأكد من قرارك ده؟
أجابه ياسين بتأكيد وإصرار:
– اه متأكد، وانت اكتر حد عارف اني مش باخد قرارات متسرعة وأكيد مش هفكر اتجوزها لسبب زي ده وانت كان ممكن تلاقي حل تاني.
زم خالد شفتيه بتفكير ثم قال:
– ماشي، بس لو عائشة رفضت أنا مش هجبرها على حاجة.
كان الجميع يتابع ذلك الحوار بصمت حتى تدخل عبد الرحمان قائلا بإبتسامة راضية:
– كده اتفقنا، بس لو وافقت هنكتب كتابهم على طول ومش هقبل بغير كده.
طالعه خالد بضيق لكنه أومأ بطاعة قبل أن يتمتم:
– ده لو وافقت ..
…
جلست الفتيات حول الطاولة المستديرة بقاعة الطعام وهن يأكلن من ذلك الطعام الذي تضعه الخادمات أمامهن بإستمتاع وكأنهن سيدات القصر، إقتربت كريمة من إبنتها ووقفت خلفها ثم همست في أذنها بغضب طفيف:
– هو أنا مش قلتلك متظهريش قدام الشباب ابدا عشان مش عايزين مشاكل؟
هزت رحمة كتفيها بلا مبالاة قائلة:
– عادي يا ماما مش أنا بس الي ظهرت دول شافوا قدامهم شلة بنات مرة واحدة في قصرهم الي مكنتش في بنت غيري بتدخله ..
وضعت الطعام بفمها ثم واصلت حديثها بفم ممتلئ:
– وبعدين مفيش حد بيعرف اني بنتك غير الواد ياسر ابن عمو أحمد يعني مش هعملك مشاكل متقلقيش!
تنهدت كريمة متمتمة:
– وأنا معنديش مشكلة مع حد هنا غيره.
إبتلعت رحمة ما بفمها ثم إستدارت إلى والدتها متسائلة بشك:
– هو ضايقك يا ماما؟ طريقته في الكلام معاكِ مش عاجباني ولو بجد ضايقك في حاجة قوليلي وأنا هربيه من أول وجديد!
إبتسمت بسخرية معقبة:
– هتعملي ايه مثلا؟
أجابتها ببساطة:
– هشتكيه لعبده!
– عشان تعملي مشاكل بينهم وكرهه ليا يزيد صح؟
نظرت إليها ولم تجب فتنهدة مردفة بجدية:
– أنا هعرف اتصرف معاه يا رحمة، متشغليش بالك بيا ومتقوليش لعبد الرحمان بيه حاجة عشان متبقيش سبب في مشكلة بينهم، ويا ريت لو تقللي من هزارك معاه برضه.
لوت رحمة شفتيها متمتمة بضيق:
– أنا مش عارفة ليه معترضة على هزاري معاه كده!
– لانه مينفعش! احنا صح عارفين نيته ومتأكدين من انه مش بيفكر ياذيكِ بس برضه هيفضل راجل غريب عنك، وبعدين ده خلص السبعين يعني اكبر منك بخمسين سنة تقريبا والمفروض تحترميه مش تهزري معاه .. انتِ مستوعبة يعني ايه أكبر منك بخمسين سنة؟
زفرت بملل ثم قالت بعناد:
– العمر ده مجرد رقم يا ماما، ده عبده ده كيوت خالص ولما تتكلمي معاه بتحسي انه لسه في عز شبابه يعني عادي!
تنهدت كريمة بقلة حيلة وهمست وهي تسير مبتعدة عنها.
– ربنا يهديكِ يا بنتي.
إلتفتت رحمة إلى دينا التي كانت تجلس على يمينها وهتفت:
– بت يا دينا!
طالعتها دينا بإستفسار فسألتها:
– مقولتيش، ليه كنتِ عاملة نفسك مغمى عليكِ؟
همست لها مجيبة:
– بصراحة كده، وأنا بطلع كنت شايفة هناء بتتكلم مع واحد من شباب العيلة ولما شفته جاي ناحيتي نزلت بسرعة ومعرفتش استخبى فين فعملت نفسي وقعت.
تدخلت بدور التي تجلس بجانبها من الجهة الأخرى قائلة وقد إستمعت إلى همسها:
– كانت بتتكلم مع مين؟ هي عارفاهم منين اصلا؟
مطت دينا شفتيها بعدم معرفة قائلة:
– معرفش، بس هي كانت بتتكلم مع الولد الي كان هيشيلني في الأول.
رفعت بدور حاجبيها بإستغراب وتمتمت:
– عدي؟ طب سمعتِ هما كانوا بيقولوا ايه؟
نفت الثانية برأسها بأسف فضيقت بدور عينيها بتفكير وأردفت:
– لو كان حد تاني كنت ممكن اقول انه معجب بيها بس عدي؟
سكتت قليلا تواصل التفكير في السبب الذي يجمع إبن عمها وهناء، لكن سؤال سرين الذي طرحته بصوت عال أخرجها من تفكيرها:
– هو رسلان بيقربلك ايه يا بدور؟
طالعتها بدور بإستغراب ثم قالت:
– أخويا! مانتي عارفة أصلا؟
– امال ليه اتعصبتِ لما مريم قالت انك معجبة بيه؟
فتحت فمها بغباء بينما إبتلعت مريم ريقها عندما إستوعبت فضحها لسر يخص العائلة وهي تعلم جيدا أن هذا أمر لن يمرره رسلان بسهولة.
تلعثمت بدور وهي ترى نظرات البنات المركزة عليها وحاولت الإنكار لكنها أجابت في النهاية بإستسلام:
– فعلا، هو مش أخويا ..
– ازاي؟
تساءلت رحمة فتبادلت بدور النظرات مع عائشة ومريم ثم أجابت كاذبة:
– بابا كان متجوز وحدة أرملة قبل ماما وكان عندها طفل من جوزها الاول وهو رسلان ..
يتبع …
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أسرار عائلتي)