روايات

رواية سمال الحب الفصل الرابع 4 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل الرابع 4 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت الرابع

رواية سمال الحب الجزء الرابع

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة الرابعة

#سمال_الحب
#وقبل_أن_تبصر_عيناكِ ج٢ _ الفصل ( ٤٨ ) :
_ خُلقت لك ! _ “١”
لم تشهد تلك الظاهرة منذ زمانٍ بعيد، مشارف الربيع، أمسية صاخبة، و قد كان المطر ينهمر بلا توقف، مخلّفًا جروحًا فوق النوافذ الشفافة و في الخارج زوبعة من الرياح المحمّلة بالغبار
ربما هذا الطقس نذير شؤم، لكن بالنسبة إلى “ليلة” كان رائعًا، مدهشًا، بينما كانت تجلس قرب النافذة الئيسية بالصالون، تحضتن بين راحتيها كوبًا كبيرًا من الشاي المحلّى بالنعناع
إبتسامة بلهاء تعتلي شفتيها، تستند بذقنها إلى حافة المقعد العاجي الوثير و هي تحدق بقطرات المطر اللاتي في إنزلاقٍ مستمر هناك فوق النافذة، في الخلفية تهدر المطربة “آمال ماهر” بأصالة و دفء مؤدية غنوتها الأشهر.. “أنا بعشق الغنا” …
لم تقاوم “ليلة” إغراء مشاعرها المثارة خاصةً و هي تستحضر صورته الكاملة بخاطرها، فأخذت تُدندن ورائها بصوتٍ مطعونٍ بسهام العشق ألف طعنةٍ و طعنة !
أنا بعشق الغنا قدام عنيك
أنا عايشة العمر ليك أنا روحي فيك
و إنت جمبي هنا
أنا بحلم بيك أنا
و أروح

 

 

منك إليك
تكة مفتاحه بقفل، هو الوحيد من بعدها الذي يحوز نسخة، تحفزت كل ذرة من كيانها دفعةً واحدة، لتحط بكوب الشاي جانبًا و تثب قائمة بلحظةٍ و تلتفت ناحيته
كل هذا تزامنًا مع إنتقال المطربة المعذّبة إلى المقطع الأكثر سادية في الغنوة كلها …
بحبك
أد عمري قبل عمري بعد عمري
حبي ليك فوق المشاعر و الحدود
بحبك
أد روحي قبل بعد روحي
مش هلاقي زيك إنت في الوجود
مستحيل أستغنى عنك
مستحيل ده أنا كلي ملكك
يا حبيبي إن سيبت حضنك يوم أموت
إنت أكتر من حبيبي
إنت كل ما فيك حبيبي
نفسي أقولك إني عاشقة و دايبة موت …
ها هو أمامها
بشحمه و لحمه مرةً أخرى، في عشّ الزوجية خاصتهما، زواجهما مع إيقاف التنفيذ حتى الآن
هذا “رزق”.. و هذه عينيه العميقتين بمسحة شرودٍ و حزنٍ، الآن ينظر إليها في صمتٍ سحيق، على بُعد خطواتٍ منها، من جديد أتى إليها بقدميه.. حبيبها …
-رزق !
نظرت إليه بتحد يغلفه هيامًا …
-كنت عارفة إنك هاتجيلي تاني.. برجليك. هاتجيلي أنا.. كنت مستنياك !
-و يا ترى ده جزء من خطتك لما كدبتي عليا عشان ترجعيني هنا ؟

 

 

كان الغضب المطل من عينيه و كأنه يلقى لها بتحذيرٍ، لكنها كالعادة لم تأبه بل و تقدمت صوبه على مهلٍ صالبة ذراعيها و هي تقول بصوتٍ هادئٍ جدًا :
-ماكنش في أي خطة عشان أرجعك يا رزق.. تقدر تقول حافز. إنت كده كده كنت هاترجع
رفع حاجبه : دي ثقة و لا بتخمني ؟!
ضحكت : صدقني إنت فاهم غلط.. إنت معتقد إني داخلة معاك في حرب. مع إن عمري ما هاجمتك.. لو ركزت كويس هاتلاقي إني طول الوقت كنت بدافع مش بهاجم. رزق.. أنا لو كنت هاجمتك ماكنتش إنت و لا أبوك و لا الجن الأرزق قدر عليـ آ ااااااه …
بترت عبارتها لتطلق صرخة متألمة حين أمتدت ذراع “رزق” و قبضت على خاصرتها من حيث لا تدري، بينما يده الأخرى تقبض على عنقها بنعومة مُحكمةٍ مهددة
أخذت “ليلة” تلهث من الإثارة و الترقب، قربه و إلتصاقه الشديد بها، تشعر بدمائه الحارة تسري تحت لمسته لها، و قوته في حصارها، إدراكها لضعفها التام بين يديه جعلها تخضع له بسرورٍ …
-شكلك مافهمتيش كويس ! .. تمتم و الخطر بادٍ عليه
-ساعة ما قولتلك غلطتي غلطة عمرك لما رجعتي على ذمتي تاني.. أنا في دم على إيدي. و إنتي حياتك في إيدي دلوقتي.. مش خايفة ؟
إبتسمت بخبثٍ و بغتةً دنت منه لاثمة شفاهه الورديّة الناعمة بقوةٍ، أقشعّر جسمه بالكامل بفعل المفاجأة، و قد إنقلبت حساباته رأسًا على عقب و نواياه التي تبخرت في الحال، مدفوعًا بذكرى أول قبلة حقيقية لهما… لم يكن يود أن يضع حدًا لتلك
لكنه أجبر نفسه و أنتزع حواسه من الغرق أكثر بأنهر اللذة، ليرتد وجهه بضع سنتمترات عن وجهها الذي عبس بعدم رضا، و اصطدم سؤاله الخشن بأنفاسه الساخنة على بشرتها الرطبة في هذه اللحظة تمامًا :
-مـــين كريـم ؟؟؟؟؟
صدرت عنها زفرة حارقة و أجابته في الحال بعصبية أظهرت مدى نفاذ صبرها :
-كريم النجار. كان زميلي في الثانوي و كنا بنحب بعض.. لما جيت ألمح له بقصتي بعد عني فورًا و أنا كمان ماحاولتش أقرب منه تاني.. آخر مرة سمعت عنه كان من سنتين. عمل حادثة و هو سكران مع صاحبته و مات… مـــات يا رزق. إرتحت !
محدقًا بعينيه المذهولتين إلى عينيها المتقدتين، هز رأسه نافيًا و هو يقول بصوتٍ أقرب إلى الهمس :
-لأ.. لسا !!

 

 

و شن هجومًا مضادًا هذه المرة عليها، إشتبكا بعنفٍ منسجم و هما يخطوان في دورانٍ حول نفسيهما كرقصة التانجو، هكذا حتى وصلا إلى غرفة النوم
ولجا عبر الباب المفتوح، و إذ ركله “رزق” بقدمه و هو يتشبث بزوجته أبيًا إفلاتها و لو قليلًا، هبّت رياح قوية من الخارج هزت نافذة الغرفة و قد دفعت بأحد مصراعيها، ليصطدم بالمذياع الذي لا يزال يبث الغنوة الحميمية بعد أن سقط على الأرض
إنبعث المقطع الأخير منها، بينما قميص “رزق” يتمزق تحت مخالب “ليلة” التي نشبت في لحمه بسادية محببة …
خليني جمبك
في حضن قلبك
خليك معايا دايمًا قريب
قرب في حضني
من روحي خدني
انت ملاكي وأجمل حبيب
مستحيل أستغنى عنك
مستحيل ده أنا كلي ملكك
يا حبيبي إن سبت حضنك يوم أموت
انت أكتر من حبيبي
انت كل ما فيك حبيبي
نفسي أقولك إني عاشقة ودايبة موت
و خبا أخيرًا صوت الغنوة، ليعلو صوت الحب.. و لا شيء غير الحب …
_______________
بناءً على الشروط و الأحكام التي وضعها “رزق” رهان عودته إلى كنف أبيه، إنتقلت كلًا من “نسمة” و رضيعتها، و أخته “نور” للعيش بشقة السيدة “هانم”.. لينضموا إلى “حمزة” و “سلمى” بينما تستقر”هانم” برفقة زوجها أخيرًا بعد سنواتٍ عجاف من الهجر و الخذلان
و لو أن الوضع قد تسبب بإيذاء مشاعر الجدة “دلال” كثيرًا، و لكن هذا كان آخر ما يهتم له “رزق”… لقد صارتالرابطة بينه و بينها مقطوعة بصورةٍ ملحوظة الآن.. لا يبدو بأن لديه أيّ نيّة للغفران لها، أو لعمه “إمام”.. أو لوالده …
-إيه كل الحاجات الحلوة دي !!!

 

 

صرخة مبتهجة ندت عن “نور” التي خرجت من الغرفة بعد تبديل ملابسها إلى الصالة، لتجد مائدة الطعام و قد نُصبت و تراص عليها ما لذ و طاب من العشاء الفاخر، و فوقه صنوف و أشكال من الحلويات و الكعك المحلّى على مختلف أنواعه
جلست “نسمة” فوق الأريكة الواسعة تُرضع طفلتها بأريحية، و “سلمى” التي إنكبت فوق مقعدها و طبقها الفارغ لم تلقي بالًا لأختها أبدًا، ليقبل “حمزة” نحوها من فوره و هو يقول مبتسمًا :
-ده حدث خارق. على شرفك أبويا بعت يجيب عشا مخصوص من أفخم مطاعم البلد و كمان مانسيش الحلو.. قال إنك بتحبي الحلو أوي ف كتر منه
هتفت “نور” مصفقة بيدها و هي تركض متوّثبة صوب المائدة :
-أنا فعلًا بحب الحلو أووووي
و مدت يديها على الكعك أولًا متذوقة منه بشراهةٍ، ليقترب منها “حمزة” منبهًا :
-بس أبويا بيقولك بردو كلي على مهلك عشان ماتتعبيش و لا معدتك زي ما حصل السنة إللي فاتت …
و سألها بفضولٍ : هو صحيح إيه إللي حصل السنة إللي فاتت ؟!!
ضحكت “نور” بانطلاقٍ و فمها محشو بالكعك و الكريما، نظرت إلى أخيها و انتظرت حتى هدأت قليلًا، ثم أخبرته بشقاوةٍ :
-في عيد ميلادي إللي فات بابا بعتلي حلو كتير زي ده في بيت بابا النشار.. قعدت طول الليل أكل. أخلص تورتايه ورا التانية و أنا مبهورة بالاشكال و الانواع الكتيرة.. ماحستش بنفسي غير و بطني ممغصة جامد و حاسة إني هموت بجد
-و بعدين حصل إيه ؟؟!!! .. تساءل “حمزة” مشدوهًا
أجابت “نور” و هي تهز كتفيها بخفةٍ :
-و لا حاجة روحت المستشفى و عملت غسيل معدة.. بس بردو ماحرمتش و لسا باكل حلو !
-و أبويا عمل إيه ؟
إنبثق السؤال المفاجئ من فم “سلمى” …

 

 

نظرا إليها كلًا من “حمزة” و “نور”.. إبتلعت “نور” ما بفمها و ردت عليها و هي تتذكر ما فعله أبيها من أجلها في ذلك اليوم :
-بابا ليلتها ماستناش الصبح يطلع. كان واقف قدامي الفجر.. جه في عربية إسعاف و معاه دكاترة كتير. إقتنع بصعوبة إني بقيت كويسة.. كان عايز ياخدني لمستشفى في القاهرة. بس الدكاترة أكدوا إني كويسة و مافيش أي خطورة عليا.. ف هدي شوية. و بعدين قضى معايا يومين و مشي !
صمت متنامي إمتد بعد ذلك، و قد شعرت “نور” بالارتباك إزاء موقف أختها الغريب، و خاصةً نظرتها الثاقبة التي تنطوي على مشاعر لم تفلح باكتشافها
ليتنحنح “حمزة” مبددًا هذا التوتر المخيّم و هو يقول :
-طيب ممكن نقعد و ناكل بقى.. أنا ميت من الجوع
نظرت إليه “نور” متسائلة :
-طيب مش هانستنى بابا ؟
-لأ يا حبيبتي بابا بيتعشى فوق في شقته مع أمي. بكرة إن شاء الله كلنا هانطلع نتغدى عنده.. البيت كله معزوم فوق في شقته عشان يعرفك أكتر على العيلة كلها
-ماتعرفش رزق فين يا حمزة ؟
إلتفت “حمزة” ناحية زوجة أخيه، تطلع إلى وجهها الطبشوري المنهك و قال :
-لا و الله يا نوسا. آخر مرة شوفته مع أبويا تحت و هما راجعين.. بس متهيألي إنه طلع عند ليلة. من شوية سمعت طلعة رجله على السلم
و هذا هو
الأمر الذي توقعته تمامًا، هكذا تأخذه إليها بهذه السرعة ؟
و هو يذهب عندها طواعيةً بكل تأكيد
الرجال …
_______________
متعانقان فوق الفراش المبعثر، متدثران في الملاءة نفسها، كانا يتبادلان القُبل بشراهةٍ، و قد تذوّق “رزق” أكثر من مرة ملوحة دموع زوجته
كانت دموعًا بلا بكاء، و هو تركها تعبر عن محنتها بالطريقة التي تحب، شريطةً ألا تبتعد عنه قيد أنملة، و هذا ما فعلته حتى الآن، لم تتركه لحظة، و لم تبد رغبة و لو صغيرة في هذا، كان يملؤها و يكفيها …

 

 

-أنا مش مصدق نفسي ! .. بادر “رزق” بين قبلاته
توّهج وجه “ليلة” و صارت وجنتاها ملتهبتين على أشدهما، تجرأت في هذه اللحظة و فتحت عينيها لتنظر بعينيه الزرقاوين اللامعتين …
-مبسوط ؟ مرتاح ؟ .. سألته بصوتٍ خافتٍ أبح
رفع أنامله و تتبع حدود فكها إلى شفاهها المتوّرمة بفعل قبلاته الشغوفة و قال :
-مبسوط.. عشان أخيرًا بقيتي ليا. و مرتاح.. عشان اتأكدت إنك ليا و بس …
تأثرت كثيرًا لكلماته التي لامست وترًا حساسًا بداخلها و قالت بجشنٍ غريب :
-بتحبني بجد يا رزق ؟
اعترف ببساطةٍ في الحال :
-بحبك يا ليلة.. بحبك !
طوقت عنقه بذراع، و بسطت كفها الآخر فوق صدره العاري، موضع قلبه النابض بالضبط، و توسلته بعنين ملؤهما الدموع :
-ماتسبنيش. إوعدني.. عمرك ما تسيبني أبدًا
عانق رأسها و هو يؤكد لها مداعبًا خصيلاتها المموّجة :
-عمري ما أسيبك. إنتي إتخلقتي ليا أصلًا.. إنتي ملكي من أول لحظة في عمرك.. مستحيل أسيبك …
و طبع قبلة على كتفها هامسًا عند أذنها :
-بس إنتي كمان لازم توعديني !
-كل إللي إنتي عايزه يا حبيبي ! .. أجابت بلا ترددٍ

 

 

عاود النظر إلى عينيها بقوةٍ قائلًا :
-يوم ما أقولك يلا هانمشي.. لازم تمشي معايا. بدون نقاش. بدون اسئلة.. و منغير ما تبصي وراكي لأي حاجة
استخدمت نفس لهجته :
-أوعدك. أنا أروح معاك جهنم الحمرا.. بس انت هاتقدر تعملها ؟ هاتقدر تمشي يا رزق ؟
عبس “رزق” شاردًا بذهنه للحظاتٍ و هو يقول بهدوءٍ واثق :
-هايحصل.. أكيد هاخرج من هنا في يوم من الأيام. و اليوم مش بعيد !

يتبع >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

اترك رد

error: Content is protected !!