رواية سيد القصر الجنوبي الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم رحاب ابراهيم حسن
رواية سيد القصر الجنوبي الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم رحاب ابراهيم حسن
رواية سيد القصر الجنوبي البارت السادس والثلاثون
رواية سيد القصر الجنوبي الجزء السادس والثلاثون
رواية سيد القصر الجنوبي الحلقة السادسة والثلاثون
اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ربي، وأنا عبدك لمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك.
صلِ على النبي 3مرات
لا حول ولا قوة إلا بالله 3مرات
حدقت به سمر بذهول وأنشق قلبها الما لظنه فيها ، فأن كانت سمحت لذلك القرب البسيط منها فلأنها زوجته وهي تعرف ذلك… تحسست سمر موضع الصفعة على خدها بدموع حارقة وقالت بصراخ :
_ أنا مش رخيصة وأنضف واطهر أنسانة ممكن تكون قابلتها في حياتك، وأن كنت سيبتك تقربلي فعشان أنا مراتك يا أمجد .. أنا مراتك وأنت جوزي ودي الحقيقة اللي خوفت أقولهالك ما تتقبلهاش وتبعدني عنك .. خصوصا أن الحادثة كانت يوم فرحنا .. كل تصرفاتي معاك وقربي منك كان حقي وحلالي لأنك جوزي مش لأني رخيصة !
اتسعت عيناه بذهول وتجمد للحظة، بينما رمته سمر بأكثر النظرات عتاب واسرعت بخطواتها هاربة من أمامه حيث غرفتها، وبعد ثوانً قليلة خرجت من الغرفة وبيدها مفاتيح شقتها الخاصة وحقيبة تجرها جرا بعصبية واختفت من أمامه بأقل من الدقيقة، وهو لا زال على حال صدمته التي زلزلت كيانه وجعلت وعيه وادراكه مثل لوح الثلج المجمد ..
وبالشقة المجاورة ..
دخلت والدموع تغرق عينيها ووجهها، ودفعت حقيبتها أرضا بجهة عشوائية، ثم دفعت الباب بتيهة دون أن تنتبه أنه لم يغلق! …شعرت بضيق شديد على صدرها حد الأختناق ، وبلحظات بسيطة كانت ترتمي على فراش غرفة نومها ببكاء شديد وشهقات جعلت قلبها يتألم حقاً.
ويمر علينا وقت نشعر فيه أن متسع هذا الكون بأكمله لا يسع ضيق صدورنا، وأن الحياة عبارة عن خيباتً متتالية دون أنصاف.
ونسأل أنفسنا مراتً ومرات لماذا نحن من دون الكثير ضحكاتنا قليلة بهذه الحياة؟! ..
نال البكاء من عينيها السلام واطفأ بقاع الأمل القليلة ، كانت تعرف أنها بعد هذا التصريح سجلت خروجها بلا عودة من حياته وجواره ، حتما سينهي كل شيء ويفضل تحمل مأساته بمفرده .. وهذا أكثر ظنونها رعبا .
وربما يكذبها من الأساس ولا يصدق ما تقول !
عنفت سمر نفسها لهذا الافصاح وتمنت لو تحكمت ولم تتركه يقترب منها منذ قليل .. فهي الآن حقا لا تعرف بماذا يفكر !
وبشقـــــة أمجــد …
نظر للهاتف طويلا وللمكالمة الذي أجراها مع وجيه ، حيث قال وجيه قبل أن ينهي الاتصال وبعدما قال له الحقيقة كاملة :
_ أنا شرحتلك كل حاجة يا أمجد ، وقولتلك الحقيقة كاملة بما فيهم جوازة سمر الأولى .. ونصيحتي ليك كأب أو أخ كبير أنك تتمسك بيها بكل ما تملك .. سمر بنت أصيلة مش هتتكرر في حياتك تاني .. وصدقني هي محتجالك أكتر ما أنت محتاجها ، بتحبك بجد وكانت هتموت من الخوف عليك يوم الحادثة .. كل المستشفى هنا بتتكلم عن حبها ليك ووقفتها جانبك .. ده غير تصميمها أنها تفضل جانبك حتى بعد ما رجعت لشقتك .. هزعل منك لو فكرت مجرد تفكير أنك تبعدها .. أسف لو قولتلك أنه هيكون أغبى قرار ممكن تاخده في حياتك .. خصوصا أن الحمد لله لدرجة كبيرة بقيت كويس وكلها أسبوعين وتقف على رجليك من تاني .. مشكلتك هي ذاكرتك ودي برضه بدأت ترجعلك ولو شيء بسيط .. وده معناه أنك هتلاقي نفسك قريب جدًا بأذن الله ..
تذكر أمجد تلك الكلمات الأخيرة بنهاية المكالمة التي لخصت الفائت بأكمله .. شعر بدموع ساخنة تنزف من عيناه ، رافقها ابتسامة نابعة من عمق قلبه .. اتسعت ابتسامته بالتدريج ودموع عيناه تنزف بشدة .. كان اعترافها له كمثابة حاجز بينهما وتمت أزالته بنجاح .. !
وكان لابد أن يعترف لنفسه الآن أنه يريدها أكثر من أي شيء بالحياة، اكثر حتى من ذاكرته المفقودة وأفكاره المبعثرة التائهة، الآن اتضح أنها كانت تسمح لقربه منها حلالا تدركه .. وحبا يغمر قلبها.
أما هــــي !!…
فكانت لا تزال على حالها تبك بعذاب وخوفا من الآت، وفجأة شعرت بخطوات تقترب منها ، رفعت رأسها عندما تذكرت أنها ربما تركت الباب دون أن تتأكد من أغلاقه ، وصدق ظنها حينما وجدته يقف مستندا على عكازه بغرفة نومها ، وعيناه يبدو أنها اخذت قسطا من الدموع هي الأخرى !
انتفضت سمر من فراشها واسرعت نحو احدى الادراج بخزانة ملابسها وأخرجت وثيقة الزواج، ثم رفعتها أمام عيناه وهي تبك وتقول :
_ ودي قسيمة جوازنا لو مش مصدق .. أظن يعني مش هكدب عليك ! ..
اقترب منها أمجد بخطوات بطيئة ثقيلة وظلت هي بمكانها تبك وتتحدث :
_ أنا عمري ما هقدر أنسى كلمتك ليا ، أنا عمري لا كنت ولا هكون رخيصة .. أنا زوجة حاولت بكل طاقتها تقف جنب جوزها في محنته ، ولما خفيت الحقيقة مفكرتش غير في مصلحتك وهدوء تفكيرك وأعصابك الفترة اللي فاتت .. لكن أنا أنسانة ليها كرامة وقلب ممكن بسهولة يتكسروا من كلمة زي دي ..
تحامل أمجد على قدمه السليمة وجذبها من ذراعها اليه ، حتى ارتمت على صدره في لحظة ذهول منها ، وقبّل جبينها ببطء ثم نظر لعينيها بدموع وابتسامة عادا من جديد هامسا :
_ أنا اللي مش هسامح نفسي على كل مرة وجعتك فيها بكلامي حتى لو مكنتش أعرف الحقيقة، بس رغم كل شيء ورغم أني نسيت كل حياتي اللي فاتت الا أني عندك ومقدرتش اتخطاكي ،من أول ما فتحت عنيا وشوفتك وأنا حاسس بمكانك جوايا وطول الوقت وانا بسأل نفسي بتوهة .. أنا حاسس بشيء غريب من ناحيتك ليه ..أنتي مين ؟!
كانت اكبر ظنوني أن كان في بينا علاقة حب .. بس مكنتش متخيل أنك مراتي !
نزفت عيناه دموعا أكثر وقال بسعادة وابتسامة غارقة بالدموع :
_ أنتي لو تعرفي كلمة مراتي دي قلبي حاسس بيها أزاي كنتي سامحتيني .. أنا دلوقتي مايهمنيش أعرف اللي فاتت ، حكايتنا الأجمل أظن ابتدت بعد الحادثة .. ودي عمرها ما تتنسي .. أنا مش بس بحبك يا سمر ، أنا مقدرش أعيش لحظة واحدة من غيرك .. محتاجلك أكتر من ذاكرتي ومن كل شيء .. ده مين المجنون اللي يفرط في حب زي ده !!
وضعت سمر يدها على صدره بابتسامة تتسع من الدهشة ، وقالت بدموع لتتأكد :
_ يعني مش هتطلقني وتبعدني عنك ؟!
مسح أمجد دموعها بابتسامة عاشقة وأجاب عليها بطريقته الخاصة التي جعلتها تنتفض حياءً وعشقا ….
_________________________________
انتقت جيهان فستان أزرق قاتم فضفاض ومناسب للتجمعات العائلية من خزانتها .. ثم خرجت من غرفتها ونزلت على الدرج والحياء مرتسم على محياها بوضوح كعروس بأول أيام زواجها وتستحي من النظرات المحيطة ..
ولكن ما أن وجدت الصغار يهرعون اليها في سرور وأشتياق ومباركات وتهنئة حارة تفاعلت معهم ونسيت حيائها بعض الشيء .. حيث قالت الصغيرة أشهاد من على مقعدها بضحكة وسعادة شديدة :
_ مش متخيلة أن كل يوم هنسهر مع بعض السهرة الحلوة دي يا ماما جيهان ..
رد أكرم ببعض المكر بعدما رتب مائدة الطعام على ذوقه الخاص :
_ مش هتبقى سهرات ليلة حلوة وبس .. طول الوقت هتبقى معانا يا أشهاد.
ورغم ان الحديث يبدو لا مكر فيه، بينما تظراته الماكرة أنبأتها بشيئا آخر !! .. فتصبغ وجهها بحمرة محببة وابتسامة بسيطة .. فتعارك الصغار حتى ينالون جائزة من يجلس بجانب العروس الفاتنة ! … ولكنها ببساطة جلست بجانب الصغيرة أشهاد وقالت :
_ أنا هقعد جنب أشهاد على طول .
وهنا تفهم الصغار برضا تام سبب الأختيار ، ريثما أن أشهاد تحتاج بالفعل لمن يساعدها في تناول الطعام بسبب عجزها عن ذلك .. ومن ثم جلس أكرم من الجهة الأخرى لجيهان وعلى رأس المائدة أيضا مشيرا لبدء الطعام ..
حيث قطع الصمت شامي وقال ببعض الغرابة :
_ امبارح في حاجة حصلت يا زعامة بس مرضتش اعكر مزاجك بيها .
ضيق اكرم عيناه بتعجب وسأله :
_ حاجة إيه دي ؟!
رد شامي وقال :
_ في كام راجل كده شوفتهم في الأرض اللي جنبنا ومعاهم ورق وعمالين يتكلموا على المالك الجديد للأرض دي ، اللي اعرفه يعني وسمعته منك قبل كده أنك كنت عايز تشتريها وتضمها للأراضي اللي حوالين القصر !.
توقف أكرم عن تناول طعامه وظهرت عليه علامات الضيق ،فسألته جيهان بأهتمام :
_ هي الأرض دي مهمة بالنسبالك للدرجة دي ؟!
رد أكرم بصدق وقال :
_ مهمة جدًا ، كنت بحاول الفترة اللي فاتت أوصل لصاحبها بس قالولي مسافر ! .. الأرض دي كانت هتدي مساحة أكبر حوالين القصر والمباني اللي عايز أبنيها هنا للولاد .. أنا طبعا بأذن الله هسيب كل واحد فيهم يشق طريقه زي ما يحب .. بس دي هتبقى حاجة للزمن ليهم .. عشان محدش فيهم يحتاج لمخلوق .. أنا بيعت شركتي وكل حاجة عشان أبني المشاريع دي هنا .. المكان هنا بعد ١٠ أو ١٥ سنة هيكون في حتة تانية خالص .. يعني على ما الولاد يكبروا ويقفوا على رجليهم
قالت جيهان بحماس :
_ انا هكلم المحامي بتاعي يتفاوض مع المالك الجديد وبأذن الله خير ، المحامي بتاعي شاطر أوي في المسائل دي وهيعرف يمشي الأمور لصالحنا .
ابتسم الصغير عصفور ببلاهة وقال بثقة :
_ فعلا جدا .. وراء كل زعامة عظيم فوشياكيكة عظيمة .. شوفت يا زعامة مهانش عليها زعلك أزاي ؟! .. بتحبك أوي زي ما انا بحبك كده.
ابتلع اكرم ما بفمه بضحكة ، ثم نظر لجيهان التي اصطبغ وجهها بحياء وغمز لها بخبث غمزة جعلتها تتهرب من عيناه بخجل شديد .. ثم قال للصغير عصفور بمحبة :
_ وأنا كمان بحبك يا عصفور .. بحبك أوي.
رد عصفور بضحكة عفوية :
_ الله يسترك يا زعامة ، ربنا يخليك للي زيي وزي شانتو.
ضحك أكرم بصدق ريثما مع نظرات شاندو الغاضبة لعصفور ، فقالت جيهان بتوتر وكأنها تنفي ضيقها من قلقه :
_ أنا طبعا يهمني مصلحة الولاد ومستقبلهم .
غمز لها اكرم مرة أخرى بخبث شديد وأجاب :
_ آه عارف .. أخدت بالي.
ابتلعت ريقها بتوتر شديد وتركت الطعام ، بينما قضت الوقت في أطعام الصغيرة أشهاد التي قالت بشهية عالية :
_ والله يا ماما جيهان الأكل من ايدك حاجة تانية خالص ، كأني باكل سكر.
نظر شامي لأشهاد بحنان وقال لجيهان بأمتنان :
_ من زمان ما شوفتش أشهاد مبسوطة كده ، مش عارف أشكرك أزاي ..
استشعرت جيهان للمرة المائة تقريبًا أن هناك قصة حب نارية تلوح بالأفق بين هذين المراهقان الصغيران ، فابتسمت له وقالت :
_ دي بنتي .. هتشكرني أني بهتم ببنتي يا شامي ؟
ابتسم شامي لها للحظة، ولكن تاهت الابتسامة من وجهه ليقبع مكانها التفكير والهم .. وتعجبت جيهان لذلك في نفسها !!
وبعد العشاء بكثير…
انتقت جيهان رداء سواريه ساحر للسهرة القريبة .. وشعرت بفضول شديد لتعرف إلى أين سيأخذها أكرم ..
ولكن لا زال وجه شامي الذي شحب فجأة إثر إجابتها وقت العشاء يراود فضولها وتفكيرها ..
وما أن استعدت وارتدت رداء أسود طويل مخملي ذو أكمام طويلة واسعة عند المرفق ولامعة بفخامة ، وذلك الرداء الساحر جعلها تبدو كأميرات القصص الرومانسية الخيالية !
وعندما دخل اكرم ليستعجلها في الأنتهاء تسمر للحظات عندما وقعت عيناه عليها .. ثم ظهرت بعيناه لمعة نارية بعاطفة وترتها .. واقترب منها مبتسما بعشق وقال :
_ كويس أن المكان اللي هنسهر فيه الليلة تقريبا مش هيكون فيه غيرنا .. وإلا مكنتش خرجتك وسط الناس بالجمال ده كله ….
ابتسمت جيهان بسعادة وحاولت أن تبدو أكثر ثباتا ، فقالت بجدية :
_ مش هسألك هنروح فين ، بس عايزة اسألك على حاجة تانية يمكن خدت بالك منها وقت العشاء ، هو ليه شامي حسيت أنه زعل لما رديت عليه وقولتله ان أشهاد بعتبرها بنتي .. هي إجابتي مش المفروض تسعده ؟
ابتسم أكرم بدفء وقال ناظرا لعمق عيناها :
_ شامي بيحب أشهاد .. هما طبعا لسه في عمر المراهقة تقريبًا ، بس هو اللي رباها تقريبا من وهي صغيرة ، اتعلق بيها بجنون .. وأتا واثق أنه مرتب في دماغه أنه لما يكبر هيتجوزها … ولما قولتي انها بنتك مفرحش لأنه خاف .
سألته جيهان بدهشة :
_ خاف ؟! … خاف ليه ومن مين ؟!
رد عليها أكرم موضحا :
_ خاف أنه ما يكونش قد المقام بما انها بقت بنتك يعني ، تفكير لسه بريء ، مايعرفش أنها زي اعتبرتيها بنتك هو كمان بعتبره أبني .. ولو فضل متعلق بيها لحد ما يكبر ويعرف هو عايز ايه عمري ما هلاقيلها احسن منه زوج ..
ابتسمت جيهان بعدما فهمت وقالت بعاطفة :
_ يا قلبي .. عشان كده زعل وحسيت انه حزين ! .. أنا هصالحه برضه بطريقتي.
رفض أكرم ذلك الاقتراح وقال :
_ لأ ، أنا فاهم دماغ كل ولد ، سيبيلي أنا المهمة دي ، عشان كده بحاول على قد ما أقدر اعمله حاجة لمستقبلهم .. الولاد دول غلابة أوي ويستحقوا كل خير. … ومش خسارة فيهم أبدًا كل فلوسي وثروتي ، هما ثروتي الحقيقية .
صححت جيهان بابتسامة واثقة بعدما أحبت حديثه عن الصغار بمنتهى الصدق :
_ تقصد ثروتنا .. أنا شريكتك ولا نسيت ؟!
جذبها اليه بتملك ونظرة نارية العشق وابتسامة :
_ عمري ما أنسى .. أوعدك سهرة النهاردة هتكون ولا في الأحلام .. تعالي معايا.
ذهبت معه جيهان واكتسحت الابتسامة معالم وجهها التي اصطبغ بحمرة طبيعية من شدة السعادة والحياء.
_____________________________
ركضت نوران خلف ابنها هيثم حتى سيارته بالكراچ حتى أوقفته اخيرا وحذرته بتهديد :
_ لو روحت ونفذت اللي في دماغك هترجع مش هتلاقيني ، يا ابني أنا خايفة عليك منه ، ده مجنون ومش هيسكت للي هتعمله .. اللي ناوي عليه ده كارثة مش زي أي حاجة حصلت قبل كده ؟ … ده لو جتله النوبة ووقفت قدامه ممكن يموتك فيها ..
رد هيثم بحقد شديد :
_ هفضحه يعني هفضحه ، وهخلي سيرته على كل لسان وهفتح قضية انتحار امه من جديد وهخلي الكل يفتكر ان هو اللي موتها … ده عرف يخلص النشروع بتاعه من ورايا ومن غير ما احس ،افتتاح شركته الأسبوع الجاي انتي فاهمة ده معناه ايه ؟ .. معناه ان خلاص مابقاش قدامي غير حل واحد ادمره بيه وكنت سايبه للآخر … زايد لو بقا ليه شركة خاصة بيه محدش هيقدر يقف قدامه لأ أنا ولا حتى ابوه نفسه .. انا مش هسمحله ينجح .
لطمت نوران على وجهها بغضب وصاحت بولدها :
_ وانت متخيل أن بعد كل ده هيسيبك ؟! … انا كنت معاك في الرأي ده قبل ما البت دي تبقى معاه ، لكن دلوقتي استقوى بيها ومش هيهمه مخلوق .. وهيدوس على الكل ، وهي نفسها مش هتسكت وهتقلب الدنيا علينا دي تربية حواري .. يابني ابعد احسنلك وسيبك منهم كلهم .. انا نقلت خالك مخصوص لما حسيت انه بيوسولك طول الوقت بالشر وبعدته عنك .. لكن برضه مافيش فايدة فيك!.
دفع هيثم امه بعيدا عن سيارته، ثم دخل سيارته وتحرك بها بسرعة جنونية وبيده ملف به عدة أوراق …
كتمت نوران صرختها من قوة الدفعة ومن رعبها من اللحظات الآتية ..
_________________________________
وبكافيه صغير على أحدى الطرق العشوائية بالمدينة ..
التقى هيثم برجل وجلسا الأثنان على طاولة واحدة وبدأ في التخطيط … حيث قال هيثم بغل :
_ كل اللي في الملف ده يتنشر في الجرايد ،ومافيش مانع لو حطيت شوية بهارات من عندك .. وكل ما الفضيحة شعللت أكتر كل ما مكفأتك هتعلى أكتر .. أنت وشطارتك بقا.
رد الرجل بضحكة خبيثة وتوعد قائلًا :
_ أوعدك يا باشا أن فضيحته هتكون بجلاجل ، فضيحة هتهد كل اللي بناه وهتدمر سمعته للأبد .. أصل مين هيثق في واحد مجنون وكان في مصحة وقاتل أمه ويشتغل معاه !! … سيبلي بقا الطلعة دي وهتشوف هعمل ايه. .. ده أنا دسوقي اللي مافيش مرة خيشت معاه ودايما بجيب جون..
ابتسم هيثم بانتصار وقال وهو يخرج رزمة مالية من جيب معطفه:
_ ودي نبذة عن المكافأة .. نبذة بسيطة بس تحمسك .. لو حصل اللي في دماغي هتاخد قدها عشر مرات .. ده غير انك هتشتغل معايا على طول وهحتاجكك في شغل كتير جاي .. يعني من الآخر أنت اتفتحلك طاقة القدر.
خطف دسوقي الرزمة بلهفة وعيناه ستقتلع عليها بشوق وقال بسعادة :
_ لا ده أنا خلاص بقيت من رجالتك يا باشا .. اصبر عليا بس ٤٨ ساعة مافيش غيرهم وهتشوف اللي يكيفك.
تنفس هيثم بعمق ثم ابتسم بشماتة قائلا لنفسه :
_ خلاص يا زايد أيامك معايا بقت معدودة وهاخد كل حاجة .. حتى مراتك مش هسيبهالك ، عشان احرق قلبك واقهرك صح.
وانتهت المقابلة الشيطانية تلك ودخل هيثم سيارته واخرج مشروبا كحوليا وبدأ يبتلع ما تحتويه القنينة وكأنه يحتفل بالانتصار القريب …
وحرك السيارة وهو يضحك بثمالة … حتى دق هاتفه لمراتً ومرات ، وأخيرا رد هيثم على اتصال والدته بصوت يفسر أنه ثمل تمامًا :
_ عاوزة ايه؟
صمتت نوران للحظة وحاولت أن تكذب حدسها فسألته بعصبية :
_ عايزة اتكلم معاك ضروري !
رد عليها هيثم بضحكة وأسلوب يوضح تماما انه ثمل :
_ ما تسبيني في حالي بقا يا ست انتي !
صرخت نوران وقالت بصدمة :
_ أنت سايق وسكران !! … يعني يا غبي لو مش خايف من أي كمين يوقفك خاف على نفسك من السواقة وانت في الحالة دي ! .. كنت اتصل بيا اجي اخدك من اي خرابة انت فيها !
ضحك هيثم بقوة وقال :
_ انا جاي على البيت ..
وكادت نوران أن تتحدث بغيظ منه حتى سمعت صوت مخيف وكأنه صوت صدام شديد … وهنا صرخت بهلع وادركت أن هيثم تعرض لحادث !
_________________________________
وعلى مقعد يشبه الشازلونج بغرفته يوجد بقرب الشرفة .. تمدد أمجد عليه وبجانبه سمر التي وضعت رأسها على كتفه ويدها تحتضن قلبه مبتسمة ومطمئنة وآمنة .. وقال أمجد بعدما سمع بأشتياق لقصتهما معا :
_ يعني أنا كنت بحبك من زمان وانتي مكنتيش معبراني!
رفعت سمر رأسها وقالت بنفي :
_ لأ مش كده ، أنا كنت مفتقدة احساس وجود والدي في حياتي وده سبب جوازتي الأولى .. لكن بعد كده اكتشفت اني كنت بحبك من سنين بس الوهم كان عاميني …
ابتسم أمجد لها بمحبة وقال ويده تضمها لصدره بقوة :
_ أنا بهزر معاكي ..
ابتسمت سمر وقالت بهمس :
_ هزر براحتك طالما هيفضل مزاجك رايق ..
ضحك لها وقال بخبث :
_ يعني حركة القهوة دي طلعت بتاعتي في الأساس وانتي كنتي بتقلديني .. يا غشاشة!.
ضحكت سمر على حديثه وقالت :
_ ما هو عشان عارفة أنها بتاعتك حاولت استفز ذاكرتك .. بس بصرف النظر عن أي شيء أنا كنت بتلكك عشان ابقى جانبك بأي شكل … ولو شقتي مكنتش جنب شقتك كنت هاجي واسكن جانبك برضه …
قبّل أمجد رأسها بابتسامة وهمس بعشق :
_ معتقدتش أن في سعادة أكتر من اللي أنا فيها دلوقتي .. مش حاسس اني زعلان على اللي فات ولا على شغلي اللي تقريبا خسرته .. مكسبك عوضني عن كل شيء.
تذكرت سمر شيء وقالت :
_ أمجد .. ساعات كتير بيتغير مسار حياتنا وممكن نتخيل أنه ابتلاء ، بس ساعات بيكون بداية جديدة .. دكتور وجيه قالي في مرة على موضوع شغلك ده … واكدلي أن بمجرد ما تقف على رجلك من تاني في وظيفة كبيرة أوي منتظراك في شركة واحد قريبه .. هتتعلم شوية حاجات الأول وبعدين الدنيا هتبقى تمام.
ابتسم لها أمجد وقال بثقة :
_ مين اللي قالك أني زعلان اني مش هينفع ارجع شغلي كدكتور بالعكس .. أنا في ظروفي دي مستحيل ينفع ارجع لشغلي اصلا وراضي تماما … اللي كنت قلقان منه اني هدور على وظيفة تانية .. والحمد لله في فرصة مستنياني .. يبقى أزعل ليه ؟!
ضمته سمر بابتسامة واسعة وقالت :
_ الحمد لله .. حتى تبعد عن البت الممرضة اللي اسمها هدير دي ..
ضحك أمجد على جملتها وقال بثقة :
_ عندك حق طبعا .
_______________________________
سار أكرم بسيارته لمسافة طويلة حتى وقفت سيارته عند مدخل نهري به عدة ” لانشات ” متحركة ومجهزة للتحرك … خرج من سيارته ومعه جيهان التي ابتسمت وبدأت تستنتج الأمر … وتحدث أكرم مع أحدى الرجال لبعض الوقت ثم أشار له الرجل على لأنش كبير كأنه شقة متنقلة ضيقة المساحة ! …
فختم أكرم حديثه مع الرجل وأخذ جيهان وصعدا على متن اللانش وبمهارة واحترافية حركه بيسر دون أي عوائق وكأنه اعتاد على ذلك .. !!
وبعد لحظات انتظرتها جيهان حتى يأت وينتهي من احتياطات الأمان … أتى أكرم أخيرًا ولكن شهقت جيهان بصدمة عندما رأت ما بيده !!!!.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سيد القصر الجنوبي)