رواية الحب لا يبني حياة الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد
رواية الحب لا يبني حياة الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد
رواية الحب لا يبني حياة البارت الخامس
رواية الحب لا يبني حياة الجزء الخامس

رواية الحب لا يبني حياة الحلقة الخامسة
_ ءآلاء ردي عليا أرجوكِ … والله مش هزعلك تاني , المره دي بوعدك بجد ولو …لو زعلتك ابقي سبيني وأنا مش هتعرض والله وهسيبك .
نظرت الممرضه لوالدته وهي تشير لها أن تبعده , اقتربت منه والدته ببكاء حار وهي تحاول جذبه بعيدًا عنها :
– خلاص يادياب , خلاص يابني أمر ربنا نفذ , سبيهم يعملوا شغلهم .
أشاح يدها بعنف حتي كادت تسقط وهو يهتف بغضب صارخ :
– شغل اي أنتوا اتهبلتوا ! , أنا هاخد مراتي وامشي .
كان يشبه المجنون وهو يحاول حملها من فوق الفراش , كانت الممرضه سريعة التصرف حين هتفت تحاول تهدأته :
– طيب سيبها أعلق لها محلول ولما يخلص خدها .
كانت تعلم أنه سيصدقها فهو لم يصدق مو,تها , وفي حاله من عدم الإتزان التي ستجعله يخضع لأي حديث يقال له , بشرط أن يكون بعيدًا عن حقيقة مو’تها .
نظر لها بلهفه يتعلق بخيط الأمل التي تعطيهِ طرفه , سألها بأعين مترجيه وهو مازال يتمسك بها بين أحضانه :
– أنتِ مبتضحكيش عليا صح ؟
رفعت والدته كفها تكتم شهاقتها وهي تري ابنها علي شفا الجنون , يتمسك بزوجته ك طفل صغير لا يريد أن يأخذوا والدته منهِ .
أومأت له الممرضه بحزن :
– مبتضحكش عليك صدقني , ممكن ترجع راسها علي المخده تاني كده غلط عليها .
سياسه ذكيه من الممرضه التي بدت تسايسه كطفل بالفعل , أومئ بلهفه وهو يضع رأسها فوق الوساده وأحاط وجهها بكفيهِ يتمتم لها بجنون :
– هتخلصي المحلول وهنمشي علي طول يا حبيبتي متخافيش , وأنا جنبك اهو مش هسيبك .
قالها وهو يجلس بجوارها فوق الفراش وظهره لهم , ينظر لوجهها وعيناه تركض فوق وجهها بسرعه عجبيه , وكأن شئ بداخله يخبره أنها المره الأخيره التي سيراها بها .
أنتهت الممرضه من إعداد حقنة المخدر واتجهت ببطئ له حتي أصبحت خلفه تمامًا ولم يشعر بها , فقط تركيزه معها هي ….حبيبته , تجعدت ملامحه بألم طفيف حين شعر بإبره تنغرز في رقبته , التف ينظر لها بأعين تلتهب غضبًا :
– أنتَ عملتي اي ؟
نظر لزوجته يهتف بضياع :
– ءآلاء…..م…متسبنيش …..ان..
لم يكمل حديثه حين سقط بنصف جسده العلوي فوق جسدها , وكأنه كان يعلم أنه حين يفيق لن يجدها , تمني لو بإستطاعته مقاومة ذلك المخدر اللعين .
_____( ناهد خالد )_______
وها قد مر شهر ونصف علي ذهابها …..
كان بين الوعي والاوعي , معظم وقته يتناول المهدأت التي كادت تدمره من كثرتها , تغيب عن العالم بأكمله من حوله , وكأنه أصبح يعيش بالعالم بمفرده , حتي ابنه لم يراه ولم يسأل عنه , وكيف يفعل وهو لا يشعر بما يحدث من الأساس .
دلفت والدته لغرفته والتي كانت غرفته هو وزوجته , لا يخرج منها منذ أفاق ووجد نفسه بها , ولكن كان قد انتهي كل شئ , دفنوا زوجته وهو لم يحضر , وللحقيقه كان هذا أفضل , إن حضر لم يكن سيسمح لهم بدفنها وإلا يُدفن معها …
زفرت بضيق وهي تري الغرفه مليئه بالأدخنه , لم يكن يوم مدخنًا , ولكن الآن أصبح مد’منًا عليهِ .
جلست أمامه وهي تنظر له , كالضائع .. يدخن سيجارته بشرود وهو ينظر لنقطه وهميه , شعره مشعث بشكل بشع , وذقنه ناميه بشكل كبير , مستندًا بظهره علي الفراش .
نصف ساعه كامله وهي تحدثه ولا يجيبها , كالعاده ……..
يأست من أن يرد عليها , نزلت لأسفل فوجدت زين يجلس فوق الأريكه بحزن , يجلس معها منذ ماحدث , فكيف تتركه لوالده الذي يغيب عن الدنيا ..
– اي يا حبيبي زعلانه لي ؟
نظر لها بحزن وقال :
– ماما وحشتني , هي مش هترجع بقي .
أدمعت عيناها وهي تحاول التماسك أمامه وقالت :
– مش قلنا إن ماما تعبانه ومش هينفع ترجع غير لما تبقي كويسه .
ذم شفتيهِ بضيق :
– وهي هترجع امتي ؟
أحتضنته وهي تحاول أن تلهيه عن الحديث في هذا الأمر وقالت :
– طيب مش عاوز بابا ؟
رفع رأسه لها يقول :
– أنتِ قولتي أنه مسافر .
ابتسمت تقول :
– ورجع .
وقف بفرحه يقول :
– بجد , عاوز أشوفه .
رُبما يقدر ابنه علي فعل ما لم تستطع هي فعله .
______( ناهد خالد )_________
– بابا .
رفع رأسه له , ركض زين سريعًا يحتضن والده بقوه , أسرع في إطفاء سيجارته , وقامت والدته بفتح النافذه كي تخرج الأدخنه من الغرفه .
ابتعد قليلاً يقول :
– بابا أنت وحشتني اوي .
رفع كفه يملس بهِ علي وجنته وهو يقول لأول مره منذ شهر ونصف :
– وأنت كمان .
ابتسمت والدته باتساع فأخيرًا قد بدأ بالحديث .
أجفل حين استمع لولده يسأله :
– هي ماما مجتش معاك ؟ هي اتأخرت ووحشتني اوي .
ك بالون ممتلئ بالماء ووخزته بسن إبره فإنفجرت المياه منهِ ….هكذا كان هو , احتضن ابنه بقوه وانفجر بالبكاء , بكاء حاد أشبه بالصراخ , وكأنه أدرك للتو حقيقة ذهابها , كان صامدًا الفتره الماضيه رغم حالته السيئه لكن لم يبكي , لم يكن يستوعب حقيقه الأمر بالكامل , كان يشعر بغيابها لكن لم يقتنع أنه لن يراها ثانيةً ,
ذهبت , ذهبت قبل أن يعتذر لها , ذهبت وتركت له ذنب كبير لا يستطيع غفره لنفسه , ذنب كل لحظه أحزنها بها , كل لحظه امتدت يدهِ عليها فيها , ذنب كل دمعه نزلت من عينها يومًا بسببه , ذهبت وتركت له ندمًا لن يداويه الزمن .
_____( ناهد خالد )______
وقف أمام قبرها بعدما وضع باقه من الزهور الحمراء التي تحبها , كل جمعه يقضيها معها , يأتي ليحكي لها عن أحداث الأسبوع بأكمله , من السادسه صباحًا للسادسه مساءً يقضيها هنا , معها .
ابتسم وهو يقول باعتذار :
– أنا آسف يا حبيبتي النهارده مش هقدر أقعد معاكِ لآخر النهار , لازم امشي كمان ساعتين بالكتير …
ابتسم أكثر وعيناه التي أحاطها بعض التجاعيد تمتلأ بالدموع :
– النهارده فرح زين يا ءآلاء , هيتجوز النهارده زي ما حكيتلك الجمعه الي فاتت , مُصر أني أكون موجود في التحضيرات , والحقيقه أنا مش عاوز أسيبه في يوم زي ده لوحده , أخوكِ كمان معاه , كان نفسي تبقي معانا , كان نفسي تشوفي زين وهو بيكبر قدام عينك لحد ما بقي مهندس محترم , زين عمره ما نسيكِ , دايمًا كان محتاجك , حتي لو مكنش بيقول عشان ميتعبنيش , لسه مش قادر ينسي يوم مادخلت المستشفي لما حصلتلي الذ,بحه , لسه مش قادر ينسي خوفه يومها رغم أن الحكايه عدي عليها 15 سنه , دايمًا بشوف خوفه من أني أتضايق أو أزعل فتحصلي تاني , يمكن مش قادر يعرف أن بعدك مبقاش في حاجه تزعلني , غيابك كان أكتر حاجه زعلتني ومش هيحصل زيها , تعرفي أنا عارف إن زين مش هينساكِ طول اليوم النهارده بالزات , عارف حزنه لأنك مش جنبه , بس بيداري .
أخذ نفس عميق وقال :
– كل الناس بتقول أن خلاص بجوازه هيكون دوري انتهي معاه , ميعرفوش أن الدور الأهم لسه هيبدأ , أوعدك أني عمري ما هسمح أن ابني يكون زيي مع مراته , أوعدك إن الي أمي معملتوش معايا ومكنتش بتوقفني عند حدي أنا هعمله معاه .
ذم شفتيهِ وهو يكمل :
– أمي عمرها ما كرهتك يا ءآلاء صدقيني , أمي متربيه علي إن الست تستحمل أي حاجه من جوزها ومن غير ما تشتكِ حتي , عشان كده كانت ضدك , لكن هي حلفتلي أنها عمرها ما كرهتك , ومكنش قصدها تحرضني عليكِ , هي دلوقتي معاكِ , أنتوا الاتنين سبتوني ومشيتوا , بتمني أني أكون معاكوا قريب …….. غيابك كسر’ني , مبتغبيش عن بالي لحظه وبشوفك في كل حاجه بعملها , تخيلي أني لسه بشم ريحتك في البيت , عمرك ما هتغيبي عن حياتي , كنت بتمني لو لحقت اعتذرلك وأعوضك بس ربنا كان له ترتيبات تانيه .
قطع حديثه حين وجد ابنه يدلف المقابر , التف يطالعه باستغراب :
– زين أنت اي اللي جابك النهارده ؟
اقترب حتي أصبح جواره , وضع باقه ورد مماثله لباقة أبيه وهو يعتدل في وقفته ويقرأ الفاتحه , انتهي منها فنظر لوالده وقال :
– نفس الي جابك يا بابا , أنت فاكر أني ممكن أتجوز من غير ما أجي لأمي واقرلها الفاتحه وأخد بركتها .
– ايوه بس أنت عندك كتير تعمله .
– معنديش أهم منها .
تنهد دياب بحزن وهو ينظر لقبرها ويقول :
– كويس أنك جيت , عشان الكلام الي عاوز أقوله يبقي في حضورها , وتوعدني قدامها .
نظر له يقول باستغراب :
– اوعد حضرتك ب اي ؟
– توعدني متبقاش زيي .
التف ينظر له وهو يكمل :
– توعدني متخربش حياتك بايدك زي ما عملت , أنا عشت مع والدتك 6 سنين وكام شهر , يمكن نصهم راحوا في خناقات ومشاكل كانت كلها بسبب غبائي , أنا عارفه أنك طبعك هادي مش عصبي زيي , وده الي حرصت عليه طول تربيتي ليك , عمري اتعصبت عليك ؟
– لا , حضرتك علي طول بتكلمني براحه وتفهمني حتي لو غلطان.
– عشان اتعلمت الدرس صح , يمكن متأخر , بس اتعلمته , أنا زعلت أمك كتير اوي وجيت عليها وأذيتها , وفي كل مره كنت بعتذر وأندم , فاتعودت , اتعودت أغلط واندم واعتذر , بس معملتش حساب أن ممكن في يوم ملحقش اعتذر , وده الي حصل , اتخانقت معاها وأنا في الشغل , وروحت اجيب ليها بوكيه ورد زي ده عشان اصالحها , وهي نزلت تجيب حاجات ليك من
السوبر ماركت , بس وهي راجعه عربيه خبطتها وكانت سريعه , وما’تت , قبل ما ألحق أوصلها , أوعي تأجل اعتذار , أنت مش ضامن هتلحق تعتذر ولا لا , بجانب وجع اشتياقي ليها , في ندم بيقت’لني كل يوم , ندم مش هيفارقني غير بمو’تي , أوقات بقول طب اي ذنبها تمو’ت , معقول يكون مو’تها عشان أندم ! , بس عرفت أن تفكيري أهبل , محدش بيسيب من عمره لحظه يابني , وده عمرها وقدرها , بس ربنا حب يعيشني بندم أكبر لما أعمل مشكله معاها قبل مو’تها وملحقش أصالحها , لكن هي كده كده كانت هتمو’ت .
– زين , اوعي في يوم تيجي علي مراتك وتشوف أنه عادي , ومتعودش نفسك علي أن هغلط واعتذر والموضوع هيعدي , ومش مع مراتك بس يابني مع اي حد , اتحكم في غضبك عشان متعش عمرك كله في ندم , لو اتخانقتوا ولاقيت نفسك هتتعصب وهتأذيها بكلامك او ب إيدك , ابعد , سيبها وامشي لحد ماتهدي , واوعي تختار ايدك عشان تحل بيها المشكله , ده أذي بيعلم في الست ومبتنسهوش أبدًا , اوعدني تحكم عقلك وتحافظ علي مراتك وحياتك معاها .
ابتسم له يقول :
– اوعدك يابابا .
ربت علي كتفه يقول :
– وأنا واثق في تربيتي ليك , ولو في يوم مراتك جت تشتكيلي أنا أول واحد هقف في وشك , سامع؟
أومئ بهدوء :
-حاضر يابابا متقلقش , يلا .
– اسبقني وأنا هاجي .
خرج ابنه والتف هو لها يقول :
– يارب اكون قلت الكلام الي كنتِ هتقوليه له لو كنتِ موجوده , همشي دلوقتي واجيلك بكره عشان ملحقتش اقعد معاكِ , مع السلامه ياحبيبة عمري .
أغلق بوابة المقابر خلفه ووقف ينظر لقبرها من بين قطبان البوابه , وعيناه تتعلق بهِ وكأنه يري وجهها يُطبع عليهِ , يقسم أنه لم يحب أحد مثلما أحبها , ولكن لم يكن الحب وحده كافٍ ليبني حياتهم , التي كانت ستنهار حتمًا حتي ولو لم تذهب هي , كانت ستنهار بيده , ستنهار لأن ……(الحب لا يبني حياه) كامله لكنه عامل قوي وكبير تدعمه أشياء أخري , أشياء لا تقل أهميه عنهِ .
لاتؤجل اعتذار ولا تؤجل اعتراف لإشعار آخر , فربما الوقت يتسرسب من يدك دون أن تشعر , وإن بقيت أنت رُبما لن يُقدر للطرف الآخر أن يبقي . ( ناهد خالد )
لاتجعل غضبك يتحكم بك ويسيطر علي أفعالك فتؤذي بهِ من تحب ,وتعش حياتك نادمًا في وقت لايجدي فيهِ الندم نفعًا . ( ناهد خالد )
أعلم أنكم لاتحبذون النهايات الحزينه ولكن أليست من واقعنا ! , ألم تسمعوا يومًا عن اعتذار سبقه القدر فلم يُنفذ , عن شخص عاش حياته نادمًا علي ما فعله بحق الراحل , إن كانت هذه روايه رُبما لفكرت بتغيير النهايه وجعلها ورديه أو تنتهي بإنفصال مُتوقع , لكنها حكايه من ضمن حكاية ( هل فات الأوان ) السلسله الأكثر واقعيه في كتاباتي , لذا تختلف النهايات بها , حتي وإن كان معظمها متوقع ….
( ناهد خالد )
و سؤال خاتمة حكايتنا المعتاد, هل فات الأوان في حكاية ( دياب و ءآلاء ) , والإجابه كوضوح الشمـــس .
تمت.
- لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الحب لا يبني حياة)