رواية حق قلبي الفصل الثاني 2 بقلم ناهد خالد
رواية حق قلبي الفصل الثاني 2 بقلم ناهد خالد
رواية حق قلبي البارت الثاني
رواية حق قلبي الجزء الثاني
رواية حق قلبي الحلقة الثانية
” ورغم كل هشاشتي .. قادره علي رسم القوه كفنان بارع رسم لوحه دقيقه لشخص لم يراه أبدًا”. ناهد خالد.
أعاد سؤاله وهو يهمس بأعين غاضبه :
_ قولي.. ولا القطه كلت لسانك!
بلعت ريقها بتوتر داخلي ولكن استطاعت رسم الهدوء بحرافيه وهي تقول :
_والله قلة أدبك كان لازملها رد.
رفع حاجبه بذهول.. ظنها ستتراجع.. ظنها ستعتذر لتنهي الأمر ولكن لا يبدو أنها تعرف الإنسحاب! :
_قلة أدبي!..
مرر نظره عليها وهو يقول بتلاعب يعرف أنه سيجعل غضبها يتصاعد :
_ أنا مقلتش أدبي.. أنا بس قدرت الجمال الي قدامي.
وبالفعل بدأ الغضب يزحف إليها ولكنها تتماسك لأنها تعلم نيته المستتره وراء حديثه هذا :
_أستاذ أمير.. ياريت نخلينا في شغلنا ونفصل حياتنا الشخصيه عن الشغل.
رد باستهجان :
_حياتنا الشخصيه!، ليه محسساني أن بينا مواقف وحكايات دي تاني مره أشوفك..
ردت بهدوء تام :
_ايوه بس لما اتقابلنا أول مره مكنش في إطار العمل، يبقي موقف شخصي متدخلوش في الشغل وياريت لو تتفضل معايا عشان تقول الي جيت عشانه..
أومئ بموافقه وهو يتجه خلفها.. كابتًا غيظه داخله..
جلست بمكتبها ودعته للجلوس بكل رقي.. جلس أمامها بغرور وهو يضع قدم فوق الأخري ويخرج قداحته وعلبة سجائره.. تغاضت عن جلسته التي أغاظتها ولكن لن تستطيع التغاضي عن ما هو قادم لفعله..
هتفت سريعًا بحده:
_أنت هتعمل ايه؟
رد ساخرًا :
_هصلي..
ضغطت علي أسنانها بغيظ وقالت :
_لو سمحت ممنوع التدخين..
تسائل باستنكار :
_هو احنا في مستشفي!
زفرت باختناق قبل أن تقول :
_عندي ربو.. ممكن بقي بلاش تدخين!
(الربو مرض يصيب الجهاز التنفسي والرئتين، يستعمل لعلاجه بخاخ، ويُستثار بالروائح القويه والادخنه وغيرها..)
تنحنح بخفوت قبل أن يعيدهم لجيبه مره أخري..
_اتفضل، أنا سامعه حضرتك، ايه الي حابب نعمله للفوج ..
بدأ بالحديث معها بجديه متغاضيًا عن ما حدث بينهما.. شرح لها ما يريد فعله للفوج السياحي الذي سيمكث بالفندق لمدة اسبوع والذي سيأتي بعد يومان ..
انتهوا من الحديث واتفقوا علي كل الترتيبات للزياره..
أنهي حديثه يقول :
_كل يوم الصبح هييجي مرشدين سياحيين من الشركه عندنا ياخدوا السياح وهيرجعوا بليل.. ماعدا اليوم الي هيكون فيه الحفله الي هو أول يوم … فلازم التجهيزات تبدأ بدري وأول الليل تكون كل حاجه جاهزه.. أنا اول مره اتعامل مع الفندق هنا دايماً كان في فندق تاني بتعامل معاه.. بس في تجديدات حاليًا ومش جاهز ل استقبالهم لو الفندق هنا أجاد تنظيم الاستقبال والحفله ومجاش اي شكوه منهم احتمال كبير جدًا يكون هو فندقنا الفتره الجايه..
ردت بهدوء :
_ احنا بنعمل شغلنا علي أكمل وجه، وإن شاء الله مفيش اي شكاوي.
وقف وأغلق زر بدلته وهو يقول :
_اتمني..
صمت لثواني وقال :
_بس علي فكره أنا منستش الي حصل بينا.. بس هعديها المره دي بمزاجي وهعتبر أنك مكنتيش تقصدي.
رفعت حاجبيها بلامباله :
_ as you like ( كما تحب)
ثم ابتسمت ببرود وهي تُكمل :
_بس أنا كنت أقصد.. كنت برد علي كلامك.
ضغط علي شفتيهِ بغيظ قبل أن يقرر ولأول مره الإنسحاب قبل أن يصدر منه فعل يندم عليهِ لاحقًا..
نظرت له وهو ينسحب من أمامها بغضب وابتسامتها تتسع بانتصار…
________(ناهد خالد) _______
عادت لشقتها مساءً.. التي تسكن فيها وحدها بعد وفاة والدها منذُ أربع أعوام ووالدتها قد لحقته بفارق خمسة أشهر بينهما.. مرضت فجأه ولم يطول مرضها لتلحق بزوجها تاركه إياها في مواجهة.. أخيها.. ولو بيدها لم أطلقت عليهِ كنية الأخوه فهو لم يكن جدير بها يومًا.. وبكل جحود ملأ قلبه بعد وفاة والدتها بشهر جلس معها يقول :
_ اسمعي يا أماني، أنا بصراحه محتاج الشقه.. أنتِ شايفه بقي عندي ٣٠ سنه ولسه مش عارف اتجوز لأني مش قادر علي شراء شقه، وخطيبتي وأهلها رافضين الإيجار وأصلا ً مرتبي مش هيتحمل ادفع كل شهر إيجار شقه غير المصاريف التانيه.. أنا بقالي ٣ سنين خاطب وهم استحملوني كتير بصراحه وكتر خيرهم يعني..
قاطعته بجمود وهي تفهم ما يرمي إليهِ.. ولكن كان فهمها خاطئ فقد وصل تفكيره لنقطه لو جاهدت بفكرها لم تكن لتصل لها.. ربما لأنها لم تتخيل أنه سيفكر فيها..!
_قول الي أنت عاوزه علي طول يا إبراهيم.
نطق ببرود تام وكأنه لا يلقي علي مسامعها قنبله موقوته ستصيب قلبها بكل الأذي :
_بصراحه أنا هتجوز في الشقه هنا.. هغير العفش بس.. وبكده ممكن ٦ شهور واتجوز… وأنتِ عارفه مش هينفع تفضلي معانا الشقه كلها اوضتين وصاله.. فقلت يعني أنتِ حالتك مُيسره وبتقبضي كويس من الفندق…. فتقدري تأجري شقه تقعدي فيها.. حتي في شقه بعدنا بشارعين لو عاوزه اكلملك صاحبها و…..
وتوقفت أذنيها علي الإستماع.. فقط تحاول استيعاب حديثه.. أيتخلي عنها الآن! يطلب منها الإبتعاد والعيش بمفردها لأجل راحته!، لما لم يتمسك بها أليس هذا واجبه!؟، لطالما اعتبر نفسه ولي أمرها طوال السنوات السابقه حتي في وجود أبيها.. لم يغفر لها خطأ ارتكبته يومًا ولولا وقوف أبيه ِ له بالمرصاد لعانت كثيرًا من تحكماته وحديثه السا”م لها.. لم يكن يومًا جديرًا بالولايه التي يتخلي عنها الآن…
_وإن شاء الله أول ما يبقي معايا فلوس هقدر حقك في الشقه وهبعتهولك..
ابتسمت ساخره رغم ما يحتل قلبها وجوارحها من الآلآم.. وقالت :
-لا كتر خيرك يا أخويا… عارف أنا فهمت من الأول الي عاوز تقوله بس غبائي خيلي أنك هتطلب مني تتجوز معايا هنا لحد ما حالتك تسمح تأجر شقه.. متخيلتش أنك هتطردني من شقة أبويا عشان تتجوز!.. أنا مسامحه في حقي.. لأن فلوسك مش هتعملي حاجه قصاد احساسي وأنت بتتخلي عني.. مش هتعمل حاجه لقلبي الي انفطر من رميك ليا بعد شهر من موت أمي.. هسامحك في حقي ومش عاوزه منك ورثي.. بس حق قلبي مش هسامحك فيه..
ونفر آخر أُضيف للقائمه… القائمه التي تضم من لم تسامحهم في حق قلبها..
تنهدت بتعب وهي ترتمي فوق الفراش.. تتذكر أنها ابتعدت كما طلب لكنها ابتعدت كثيرًا وليس شارعان كما اقترح عليها.. ومن حينها لم يهاتفها ولو مره.. لم يسأل عن حالها حتي.. وكأن زوجته لهته عن أخته!.
_______________(ناهد خالد) ___________
مر يومان لم يحدث بهما جديد.. تحدثوا كثيرًا بهما ليتابع الترتيبات ويخبرها بإضافات جديده يُريدها.. وتولت هي الإشراف والتنظيم علي كل ما اتفقا عليهِ كي لا تسمح بمجال للخطأ.. واليوم موعد الحفله المُقرر إقامتها كنوع من الترفيه وحسن الاستقبال لهم..
مساءً.. وقفت أمام مرآة مكتبها تعدل من وضع فستانها التي ارتدته اليوم ولأول مره في إطار العمل.. لابد أن تحضر الحفل لتطمئن علي سيره علي النحو المطلوب.. كان فستان بسيط من اللون الأسود.. طويل يصل للكاحل مجسم يفصل جسدها بحرافيه.. من طبقتان انتهيا بطبقة شيفون لامعه.. بدون أكمام فقط أكتاف عريضه وفتحة صدر ضيقه.. رفعت شعرها بشكل أنيق لتجعله علي شكل كعكه.. ووضعت لمسات تجميلية زائده عن العاده.. خاصة أحمر الشفاه المثير والتي ترددت بوضعه ولكنها وضعته بالأخير…
خرجت وهي تفرد ظهرها بآناقه متجهه لمكان الاحتفال الذي اقاموه بحديقة الفندق الخلفيه والتي تطل علي النيل مباشرةً..
وأثناء سيرها توقفت حين وجدت سيارته تدلف من بوابة الفندق..
وقف بسيارته علي بعد منها وترجل ببدلته الرماديه الأنيقه .. توقف قليلاً وهو ينظر لها بإعجاب احتل عيناه وهو يطالعها بمظهرها الرائع الذي لم يراه بها في المرتان السابقتان… مزيج مميز.. هكذا حدث نفسه.. هي مزيج مميز بين القوه والجمال.. بين البراءه والشراسه.. بين كل شئ وعكسه!، وهو لأول مره يقابل فتاه تمتلك صفات مميزه عن الباقيه.. تجذبه.. هكذا اعترف لنفسه الآن.. كفريسه تلتمع أمام صيادها وتسير أمامه بكل خيلاء مُظهره مقاومتها فتُزيد من رغبته في الصيد.. ليس من الطبيعي أن تمر هكذا من تحت يده هو من سمع صيته بعلاقاته ب الفتيات.. نوع جديد يجذبه للاقتراب أكثر وهو… سيُرحب.. ومن الآن سيحاول أن يُحسن صورته أمامها…
اقترب بخطوات مدروسه حتي وقف آمامها فاتسعت ابتسامته تدريجيًا يقول :
_خايف اعبر عن إعجابي يحصل زي الي حصل المره اللي فاتت..
ابتسمت بهدوء وقالت:
_ بيقولوا الصمت في حرم الجمال جمال..
خرجت ضحكه خافته منه وهو يقول:
_بتقوليلي إن لو عبرت هسمع الي مش هيعجبني بس بزوق.. برافو بتتلاعبي بالكلمات كويس اوي..
أشارت له ليسير معها تجاه الحفل وهي تقول:
_ ٥ سنين شغل مش شويه.. خصوصًا شغل الفنادق بقابل ناس كتير باختلاف أخلاقهم وطباعهم فلازم أجيد التعامل بزوق حتي لو مغزي كلامي مفيهوش اي ذوق..
قالت الأخيره وهي تضحك بهدوء، تبعتها ضحكه مماثله خرجت منه وهو يطالع الحفل أمامه وقال:
_الحفله تجنن.. كل حاجه زي ماطلبتها وكمان في إضافات ميزتها أكتر.. أفكارك؟
_لأ، ده منظم الحفلات..
أشار علي طربيذه قريبه فارغه يقول :
_تسمحيلي نقعد مع بعض ولا عندك خطط تانيه؟
نفت بهدوء :
_لأ، أنا جايه عشان اتابع الحفله عشان لو أي خطأ حصل اتصرف.
اتجها للجلوس وصمتا قليلاً حتي قال أمير :
_بتشتغلي من زمان؟
تنهدت تجيبه:
_من بعد ماتخرجت.. بقالي 5 سنين.
رفع حاجبيهِ بتعجب يقول :
_متخرجه من 5 سنين! أنا فكرتك شغاله وأنتِ في الجامعه..
_لأ…
_كنتِ كلية سياحه وفنادق؟
_ايوه.
تسائل بفضول :
_أنتِ عندك كام سنه؟
ردت سريعًا :
_ ٢٧ سنه.
ضحك بعدم تصديق يهتف :
_أنتِ مش ممكنه!، بجد بتقولي سنك كده عادي! أنا عمري ما سألت ست عن سنها إلا وتوه وفي الآخر متقولش وكتير منهم بيضايق!
_ أنا مش بشوف سني حاجه تعيبني.. ال ٢٧ سنه دول فخر ليا والمفروض اتباهي بيهم.. ٢٧ سنه خبره كل يوم عدي فيهم كان درس ليا واتعلمت فيه حاجه جديده.. حتي لما هوصل للخمسينات هفخر بعمري.. حتي تجاعيد وشي هحبها.. كل شخص بيمر بمراحل مختلفه من الطفوله للشيخوخه وأنا معتزه بكل مرحله بعدي بيها وهعيشها بحلوها ومرها..
كان ينظر لها بإعجاب وهي تتحدث.. يبدو وكأنه كلما بقي معها كلما اكتشف فيها أشياء مميزه جديده..
ابتسم بإعجاب حقيقي يقول :
_كلامك صح جدًا… علي فكره أنا كمان ٢٧ سنه.. وكليه سياحه وفنادق.. يعني وارد نكون كنا دفعه واحده..
قطبت حاجبيها بذهول تقول :
_بجد؟، أنت كنت جامعة ايه؟
_القاهره.
ذمت شفتيها بأسف :
_للأسف أنا كنت اسكندريه، التنسيق جابلي اسكندريه وأنا قررت أدخلها كان ليا خاله هناك وقعدت عندها فترة الدراسه.
_لي معملتيش تقليل اغتراب..
_محبتش، كان عندي شغف اجرب الحياه في محافظه تانيه وحسيت اني مرتاحه لاسكندريه اكتر من القاهره فدخلت هناك..
ابتسم يقول :
_يخساره ياريتك دخلتي القاهره كنا هنتقابل..
أومأت بتنهيده حزينه لم يتبينها هو وهي تهمس :
_يخساره فعلاً، يارتني مادخلتها..
نظرت له وهي تبتسم باقتضاب وقالت :
_خلينا نتابع الحفله أحسن..
________(ناهد خالد) _________
وطوال الأسبوع الذي قضاه الفوج السياحي في الفندق لم ينقطع في الاتصال عنها.. وتبينت أنه يتحجج كثيرًا.. حجج ربما تمر علي غيرها لكن هي لم تمر عليها أبدًا.. وأما عنه فبدأ يرمي شباكه للإيقاع بها.. فبدي لطيفًا، مهتمًا، متفهمًا، و… مادحًا!، واليوم.. هو آخر يوم للفوج بالفندق بعد انتهاء الفتره المحدده… ذهب ليودعهما ويتمني أن يكون قد أعجبهم البرنامج السياحي الذي وضعته الشركه وأن تكون أعجبتهم الأماكن التي زاروها ويعودوا مره أخري للقيام بزياره جديده..
وقف معها بعدما ذهب الجميع.. ابتسم وهو يقول بلطف :
_ واضح أني هنقل كل تعاملاتي للفندق هنا..
ابتسمت بهدوء وقالت:
_ ده يشرفنا يا أستاذ أمير..
حك مؤخرة رأسه بكف يده وهو ينظر لها بقلق ويقول:
_بصراحه حابب اقولك حاجه وقلقان من رد فعلك..
قطبت حاجبيها بفضول وقالت :
_حاجة ايه.. اتفضل قول..
ابتسم بتوتر حقيقي يشعر بهِ للمره الأولي في حياته أمام فتاه، فلا يتوقع ماذا سيكون ردها.. السابقات كان يعلم أنهن يهفون لعرض مثل الذي سيقوله الآن، ولكن هي! ينتابه القلق حيالها..
_ يعني.. ايه رأيك لو نكون أصدقاء؟
نظرت له قليلاً بتفكير ومن ثم قالت :
_ ليه؟ يعني مش غريب طلبك! كان بينا شغل وخلص ايه الي يخليك عاوز صداقتي، وكمان الكل عارف علاقاتك الكتيره ايه الي يخليني اوافق؟
رد بجديه :
_أولاً.. أنا طلبت ده لأنك فعلاً مميزه مقابلتش قبل كده بنت شبهك.. حاسس بانجذاب ناحيتك وحاسس أنك أفضل اختيار للصديق.. وبالنسبه ل علاقاتي فدي حاجه تانيه.. أنا بطلب نكون أصدقاء مش بقولك نرتبط! ولو قبلتي تكوني صديقتي هتكوني صديقتي دايمًا مش زي الارتباط الي بفكس منه بعد شويه..
ضحكت وهي ترفع حاجبيها باستغراب :
_تفكس!..
تنهدت بحيره لم تدم لثواني حتي نظرت له وهو يطالعها بترقب :
_ ماشي ، رغم أني عمري مادخلت صدقات أصلاً بس نجرب..
ابتسم باتساع وهو يتمتم :
_نجرب.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حق قلبي)