رواية أترصد عشقك الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك الحلقة الحادية والخمسون
أخبروها
أن سهام عينيها طعنت قلبي
وارتميت على بوابة العشق متذلل
فسألوني .. هل عشقتها؟
قلت: وهل عرفت معنى العشق سواها
سألوني: كيف حالها؟
قلت: تركتني وحيد بائس.. اتقفي اثارها بثمالة مدمن باحث عن جرعة سعادته، وهي سعادتي
وسألوني: وما سبب تركها لك؟
أجبت على استحياء وتخاذلت متراجعًا:فعل طائش مجنون، أندم عليه ألف مرة في اليوم
قالوا لي: إن لم تقم بفعل مجنون، ما صدقناك
جحظت عيناه وهو يسمعها تهزأ به وتسخر منه بكل برود، عينيه لم تتزحزح من مقلتيها، ينتظر ضحكة شامتة، نظرة دونية، لكن لا شئ
مجرد نظرة لم يستطيع تفسيرها
ولكونه في موضع ضعف وهي في موضع قوة، ظنها تسخر
تتلاعب به كدمية، تثير مشاعر بالكاد يكبحها كي لا يطالب بها، وهو ليس لديه أي أحقية بمطالبتها!!
ازدرد ريقه وشبح رجل غريب عنه، شبح رجل فقط يراها تتوسد صدره وتتنعم بدفء أحضانه جعله يصك اسنانه بعنف
وأي مشاعر سلبية، أو جنونية مرضية كان يتفاعل معها نفورا بدت أقل قيمة وهو ينظر لذاته الحالي
ماذا جني؟
ماذا جنت أفعاله؟، همس بصوت أجش ثقيل
-لم أكن أعلم أن الحقد ممتلئ بقلبك تجاهي يا شاديااه، ماذا تريدين مني أكثر؟
ولتشعل قلبه مرارة وجراحا أجابته بحدة وكأنها تنظر اليه متعجبة لطلبها المستنكر لأذنيه ولحالته
-سرمد أنا مبهزرش
ارتجفت شفتاه وهو يحاول ضم يديه المرتعشتين دون إرادته ليضعها على جانبيه وهو يهمس بحدة يعيد فتح جراح لم تندمل بعد لكلاهما
-سخافتك زادت عن حدها، هل قررتي فجأة نسيان ما سببته لك، ولو أني أشك كوني كابوس أحلامك كل ليلة
اتسعت عينا شادية وبهت وجهها وهي تحدق به بمرارة، ومضات سريعة لا تبرح عن ذاكرتها من ذلك اليوم
سقطت يدها لتحاول ان تمسك بمسند المقعد وعينيها زائغتين لم تكن معه
بل كانت هناك … في غرفة مليئة بالاسطح العاكسة، حتى السقف
اللعنة كيف يضع مرآة فى السقف؟ انتهاك جسد لم يحل له جعل جسدها يرتعش نفورا لتسمع صوته اليائس
– شاديااه لم أعهدك هكذا، اتركيني في حال سبيلي
وليت كل شئ كان سهل
الحب سهل
والفراق أسهل
ما كنا لنتعذب، وما كنا لنجرح قلوبنا
لكن القلب يتألم
ولا يوجد حل لالتئام جرحها سواه
هذا ما توصلت إليه
حالة من الهدوء تنعمه بجوار ذلك الرجل، غمغمت بأسف
-لا استطيع سرمد
أغمض جفنيه يطرد همسها الضعيف، الخارج دون ارادتها .. ليسمع همسها المرتجف
-كل ليلة احلم بك مضرج بالدماء، وأنا مقيدة اليدين لا أستطيع أن أضمد جروحك
اشاحت شادية وجهها فور أن رفع بصره تجاهها يحملق بها بعدم تصديق، ارتجفت كلتا يديها لتضغط على مسند المقعد بقوة وهي تسمعه يغمغم بهمسة آمرة
– انظري لي
استجابت له فورا لترى وجع يماثلها تماما، ليطلق شتيمة نابية بلغته الأم جعلها تنظر اليه بعدم فهم وتيه شديدين، ليستعيد ثقته وحدته وهو يقول مكرها
-هل نسيتي ما فعلته بك؟ هل استطعت أن تتخطيه بسهولة
طال صمتها
طال صمتها عن الوقت الذي من المفترض أن تجيبه على سؤاله، وعلم اجابتها
لا يحتاج لشخص يخبره باجابتها…
يقرأ العذاب المرتسم في عينيها، وحدة أنفاسها التي ازدادت ليعلم أنها تستعيد كل لقطة مخزنة في عقلها، بل لا تنساها
قال بسخرية مريرة كمرارة الحنظل
-اذا الاجابة واضحة، لن تشفى جروحك إلا بموتي
-بعد الشر عليك
قاطعته بتلهف ثم شهقت بذعر وهي تسمعه يتحدث عن الموت بكل اريحية، تراقب تفاصيله الخشنة وشئ داخلي أعلمها أنه رافض لاقتراحها.. بل طلبها
طلب تقسم انه ما كان ليخطر على عقله، ولا يتجرأ حتى على التفكير به.. وهو العابث الفوضوي خاصتها نظر إليها بتشكك
-أحقًا تخشين عليّ؟
زفرت شادية بتعب لتمسد صدغيها محاولة تهدئة ذلك الطنين في رأسها، ولا تدري أنها تحدثه باللغة الأم
– انت عرضت حياتك مرتين للخطر بسببي!! ده مش كفاية إني أعرض عليك تتجوزني
تعيد تكرارها مرة الأخري
ماذا تقول تلك المخبولة؟!!!
عقد حاجبيه بريبة وهو يحاول معرفة ماذا ستجني من زواجها به؟!! ماذا ستجني
ستتحول حياتها لجحيم حرفي!! هي في غني عنه الآن، بالكاد تتماسك ذاتيا كي لا تنهار على الارض امامه
زمجر بغضب وبدأت الشياطين تلعب فى عقله، ليوقف أي تفكير خبيث ودنئ من ذلك العرض ليقول
-وماذا ترغبين من رجل مقعد لن يلبي طلباتك الحياتية حتى ما بالك بالزوجية
عضت شادية علي شفتها السفلي بحرج وبدأ التورد يزحف لوجنتيها الشاحبتين يستعيدان نضرتهما، ليسمعها تزجره باسمه
-سرمد
ويل لسرمد يا برتقالية
ويل له من عذاب بعده عنك لسنوات حياته القادمة
أصاب بالكآبة للواقع المستقبلي، ليهتف بحدة
-تخجلين الآن!!! لا داعي، تريدين أن تكوني ممرضة لحالتي أليس كذلك؟
هزت شادية رأسها بهدوء وهي تجيبه ببرود
-ده واجب عليا بعيد عن أي مشاكل ما بينا
تلك المرة ترك انفجاره الأعظم ينفجر في وجهها
ان كانت تهذي تلك المجنونة، فهو ليس أحمق ليعلم أي فخ ناعم تجره اليه
تريده أن يعترف بحاجتها، سيخبرها، سيتذلل
سيخضع، سيسلم مقاليده لها
لكن بالنهاية ماذا ستفعل؟
توهمه وتخدعه … ويقسم أن المتبقي من كبريائه ستحطمه هي بكل هدوء أعصاب
لكنهما يحتاجان الى الابتعاد؟ اذا لماذا القرب؟
-شادياااه، غادري أنتِ تتفوهين بالهراء الآن، ان احتجت ممرضة وهذا لن يحدث فلن أطلبه منك.. لست دنيئا لتلك الدرجة أم ظننتني ماذا سأكون دنئ معك إلى تلك الدرجة واستدرجك؟
رفرفت باهدابها عدة مرات وهي تشبك كلتا يديها مجيبة إياه ببرود
-إن لم توافق فسيزوجني والدي لرجل من معارفه
جحظت عينا سرمد حتى كادت أن تخرج مقلتيه، زواج؟!
بتلك السرعة؟
وهو ظن … ماذا ظن؟
اخفض رأسه وتمنى لو كان بصحته السابقة التي لم يقدر نعمتها سوي الان!!
جز على أطراف أسنانه وهو يغمغم مكرها، لا يصدق ما يتفوه به لسانه لكن على من يكذب.. حالتهما شبه مستحيلة كعجزه الحالي
-أتمنى أن يكون الشخص الصحيح تلك المرة يطبطب على جروحك التي صنعتها
ضيقت شادية عينيها وهي ترى احمر وجهه غضبا .. ألم يخبرها انه شاحب البشرة؟
تظهر انفعالات وجهه في حالة الغضب، لتبتسم بسخرية قائلة بحدة
-بتلك السهولة!! تتخلي عني؟
هدر تلك المرة صارخا، مفيقا تلك المجنونة من مغبة ما تفعله
-لا اتخلي واللعنة، انظري الي جسدي يا امرأة، هاااا أجيبيني ماذا ترين؟ رجل خسر كل شئ، حتي أبسط الاشياء يحتاج الي شخص ليساعده بها، ماذا تريدين من رجل ميت؟
استقامت من مجلسها وهي تجيبه بحزم وعينيها في عينيه
كمقارعة بدائية، وسجال جديد لكن تلك المرة، الكفة الفائزة هي
لقد استطاعت ملكة الأرض المحتلة ان تسقطه صريعا في هواها، وأن يرفع راياته البيضاء مستسلما، متخاذلا، مقرًا، متراجعًا، معترفا بعشقه وخسارته!
-أن أجعلك تحيا من جديد، لقد فكرت لأيام كثيرة ووجدت أن أتوقف عن سخطي لك، وبقدر ما قمت به بشجاعة لتدافع عني، من حقك أن تجد يد حانية تربت على ظهرك
لم تدخل أي كلمة في عقله، بل بالكاد منع أي استسلام ظاهري، وقلبه يأن حاجة لها
يكاد يصرخ متوسلا أن تخبره انه لم يخسر كل شيء
سيصبح رجلا مختلفا، فقط لو تسامحه!!
أجابها بنبرة مشبعة بالمرارة والأسى الذاتي
-أملك والدتي، عودي من حيث أتيتي
اقتربت شادية تجلس على طرف فراشه، امسكت كف يده بجرأة تضمها في يديها، حركة كتلك أرسلت شرارة عنيفة لكلا جسديهما، أولهما هي التي سرعان ما نفضتها سريعا متذكرة ملمس تلك اليدين على جسدها
حاولت اشاحة تلك الذكريات اللعينة من عقلها، غمغمت بنبرة مريرة
-سرمد انا مبهزرش، بابا قرر ان بعد كدا هينوب عني في قرارات كتير في حياتي عشان شايفني غير مؤهلة، او بمعني اصح انا بأذي نفسي
تريد إنقاذ نفسها، وتغرق هي في وحله!!
ما أشد ذكائها!! وما أغباها؟ ألا تعلم لو سنحت له بقرب ولو مقدار عشر امتار…سيقتطع كل تلك المسافة ويلغي أي حواجز بينهما
سألها بسخرية ونفورها و ذكرى ذلك اليوم يعلم أنه لن يمحي من عقلها بسهولة كحاله ليقول مجاريا كلماتها ليعلم ماذا تحاول الوصول بالنهاية!!
-وهل تردين ان اذهب له بجسدي المدمر هذا وأعرض عليه الزواج؟، وقد أخبرني انه يرغب بمعرفة ما نخفيه عنه
وكي لا يخرج الحديث عن سيطرته، سألها بهدوء وهو ينظر نحوها متفحصا خلجاتها المرتبكة
-لما لم تخبريه بما حدث؟، اتوقع لكان منعك من حضورك المفاجئ الي هنا كل مرة
ضمت كلتا يديها محاولة التوقف عن الارتعاش، وهي لا تصدق هذا الرجل
برغم كل شيء به، وما يمر به، يذكرها كل لحظة بما حدث بينهما
يناقشه بهدوء، وكأنه سكب كوب قهوة على ملابسها، يختبر مدي تحملها لتخرج من الغرفة!!
الدموع جفت، فما عاد هناك سبب للبكاء، والسب واللعن توقفت عن القائه، فما حدث له كان نصيب ما تلقاه بحقها، وهي لم تكن ولن تكون شامتة لمريض، وما زال هناك دين في عنقها له، اجابته بهمس خافت ولا تدري زلة لسانها للتحدث بلغتها الأقرب لقلبها
-مقدرتش، لقيتها حاجة مينفعش تتقال
ابتسم سرمد بمرارة، بل امتنعت كي لا يسحب والدها منها البساط ويجعلها مجرد كائن مهمش في المنزل، هز رأسه هامسا بسيطرة
-لم أكن زوجك واللعنة، كي تخجلي من شيء كهذا.. أتدرين ماذا فعلت بك؟
صرخت تلك المرة في وجهه هادرة بعصبية
-عارفة، متجرأتش أقوله، حاولت كتير أكتر من مرة أقوله بس مقدرتش
ابتسم حينما توصل لنهاية حديثهما، وطلبها… اجابها على سؤالها الذي عرضته عليه لمرتين قائلا
-لهذا لن ينفع ما تريدينه، لن تنسين يا شاديااه ما قمت به بلحظة جنون مني، كلماتك القاسية ما زال لها صدى في أذني .. لن تخدعيني بطلبك الغريب هذا
استقامت من مجلسها، تحفظ لسانها عن شتم ذلك الاحمق، الغبي، المغرور لتهدر قائلة بجنون
-يعني انت شايف كدا احسن مش كده، اتخطب لغيرك واتجوزه وانت تعيش حياتك زي ما هيي، لوهلة صدقت انك بتكن ليا مشاعر بس اتأكدت انك مش راجل بيغير على الست بتاعته
لاحظت تحول وجهه كقطعة جمر وعينيه تكاد تحرقانها من مكانها، وانفيه تكاد تقسم انهما ينفثان نارا، همس بصوت جاف كان كالصاعقة على وقع أذنيها
-انا اغاااار
ارتمت على المقعد وهي تشعر بهلامية ساقيها وهي تنظر اليه كالمخدرة فى عينيها وشفتيها منفرجتين، لأول مرة تصدق كل كلمة يقولها
لا تعلم كيف، لكن تشعر انها تصدق هذا الرجل الذي غيره الحادث، شئ به نضج
افكاره المتهورة وقرارته السريعة، كل هذا تغير، اندفاعه دون التفكير فى العواقب كان له عواقب وخيمة، لكنه كان يشملها بنظرات رجل تملكية
رجل يعلم أنه لن يتخطى تلك المرأة بسهولة، امرأة ستتخطاه في مرحلة ما فى حياتها وتتابع طريقها وعنه هو سيتوقف عندها وتمحي ما قبله من نساء عرفهن سوى والدته
لا يوجد فى قاموس النساء سواها هي
صدق حينما شعر أن تلك المرأة ستؤذيه بطريقة صعبة.. صعبة للغاية
همس بصوت جاف، حاول ان لا يدخل مشاعره فى حديثه
-كل فعل بدر مني يدل علي غيرتي الجحيمية بك، لكنني شخص واقعي شاديااه.. ألم تعلمي حتى الآن أننا لسنا مقدرين لبعضنا
همست بتلهف وقلبها يتوجع لحالة غيداء لمعرفتها ان ستعاني معه كثيرا
-اذا تعالج من أجلي، تستحق حافز لتسير على قدميك
نظر الي نصفه السفلي وهو يتذكر الضرر الذي الحق به ليعود بالنظر إليها هامسا باستسلام تام
-حالتي مستحيلة شاديااه، لن أستطيع السير مرة أخرى
كتمت شهقتها وبدأت الدموع تتجمع لتسقي خديها، زفر بحدة وهو يشعر بالعجز حتى عن ضمها فى احضانه طالبا إياها بالتوقف عن البكاء، أو حتى مسح دموعها بأنامله
صاح بصوت آمر فى ظاهره… متوسلا فى طيات كلماته
-تقدمي هنا
وهي كالمسيرة استقامت من مقعدها واقتربت نحوه، عاد يتوسل مرة اخرى
-اقتربي أكثر
لم تجد اقتراب اكثر سوي ان تجلس على طرف الفراش، تمسح دموعها بكف يدها والآخر تضعه على ثغرها، رفع يده بصعوبة ليمسك كفها مما جعلها تذعر وتنتفض كالملسوعة.. لكن اصراره علي حديثها جعله يتنحى أمر انتفاضتها للمرة الثانية للتوالي بسبب لمسة عارضة
كيف تخشاه وهو امامها ميت حي؟
همس بصوت متحشرج
-أقسمي أنك تستطيعين نسيان الماضي، بكل أخطائي معا وانا مستعد أن أهلك ذاتي لأكون أفضل شخص ترغبينه
اتسعت عينا شادية بذهول وهي ترى بوادر قبول على طلبها المجنون، لكن يصاحبه طلب اكثر جنونا
نسيــــان ما لا تستطيع نسيانه وهي امامه الان
عاد يكرر همسه الجاد
-أقسمي يا شادياااه، انك نسيتي اني كنت على وشك دنس جسدك فى لحظة جنون مني
شهقت علي حين غفلة لتتسع عيناها والومضات اللعينة تجرفها عن واقعها، لتسقطها فى بئر اشباح ماضية
-اقسمي أنك مستعدة للصفح والغفران، هيا انطقيييي
صاح بهدر فى اخر كلماته ليتهز بدنها مع اثره كلماته، وتلك المرة خرست حرفيا
دمعة خائنة انحدرت من مقلة سرمد ليشيح بوجهه بكبرياء نازف قائلا
-لن تستطيعين، كنت أعلم.. هيا غادري الآن
وقفت حائرة وهي تري اختلاجة عضلة فكه وامتناعه عن تواصل بصري، لتهمس بتردد ولا تعلم ما الذي يدفعها البقاء؟
أتتأكد من حالته النفسية قبل مغادرتها أم ماذا؟ حقا لا تعلم!!
لكن كل ما تشعر به هو الألم لرؤيته بذلك الوضع
-سرمد
بفظاظة رجل أحمق، صاح بحدة
-لن أتعالج هيا غادري
جزت على أسنانها يائسة لتهدر فى وجهه بحدة
-لا تفعل هذا بي، ارجوك
هز رأسه قائلا بهدوء، بل معترفا باخطائه بصراحة تامة اعتادت عليها دائما منه
-لست غاضبا ولست ناقما ولست نادما لما حدث لي، انتي أفضل شخص تعرفت عليه لكن للأسف لم أحسن التقدير إليكي كما يجب وهذه النتيجة
تراه يرفض ذلك الحوار
تشعر به أنه مضطر لكل هذا
رجل يحفظ المتبقي منه أمامها
همست اسمه بعذاب شديدة
-سرمد
وليزيد حالتها سوءً، غازلها بطريقة مؤلمة لقلبها
-لم ولن أجد امرأة مثلك تملك عينين كهرمانية تنصهر في لجج عيني
التمعت عيناها بالدموع وهي تشهق بألم، تري تلك الدموع الحبيسة في عينيه هو الآخر لتكرر همس اسمه
-سرمد
ابتسم سرمد واهداها أوجع ابتساماته، انقبض قلبها حينما تابع قائلا
-أعتذر عما بدر مني من احتضان جسدك الغض بين ذراعي، كنت مناسبة جدا لي، كنتي ضلعي الأعوج
بنفس الابتسامة الموجعة، قتلها بآخر كلماته.. قتلها حرفيا
-عيشي حياتك يا شاديااه، سأمضي حياتي أكفر عن سيئاتي، وان لم يكن لنا لقاء هنا، ففي الجنة سأطلب من الله ان يجعلك زوجة لي، سأحاول قضاء المتبقي من حياتي لتكفير أخطائي لأظفر بك فى الجنة.. قولي ان شاء الله
فغرت شفتيها وهي تستمع الي نبرة جديدة كليا عن سرمد، ان كانت أحبت عابثا ماجنا من النسخة السابقة فى سرمد، تقسم انها ستقع صريعة فى هوي هذا الرجل لولا
ولولا حرف امتناع، لولا ما فعله لربما فعلت
غمغمت اسمه بيأس
-سرمد، ارجوك
اشاح بوجهه يزيل الدمعة الخائنة مرة اخري، ثم التفت اليها قائلا
-هيا حتى لا تتأخري عن بيتك
همست محاولة أن تلين عقله
-سرمد فكر مرة أخرى
هز رأسه قائلا
-لا تقوليها من سبيل الشفقة، هيا غادري، ولا تأتي هنا مرة اخرى
راها تهم بالتحدث، ليمنعه مقاطعا
-سررت بزيارتك، واشكرك على الطعام سلمت يداك
دون كلمة أخرى سحبت حقيبتها تاركة اياه يلملم اشلائه المبعثرة، أغلقت باب الغرفة وهي تشهق بصعوبة
لو أصر هذا الغبي على ربطها جواره ما ربطها بتلك الكلمات، يظنها ستعيش حياتها ببساطة ناسية اياه
كيف؟؟
هل لو كانت في موضعه، هل سيتخطاها؟
ماذا تفعلين يا شاديااه؟ انتي لن تكونين في موضعه، لم تكوني لتجرؤي على إيذائه كما فعل معك
ان كان يحبك،، ما قدر على أحزانك
لكنك لعنتيه، استطاع ببراعة أن يحول كل مشاعر الحب الى كره ونفور شديد، والان هي ممزقة فى المنتصف
لم تشعر بسيرها الشارد ارتطامها بالذي امامها، همت بالاعتذار والابتعاد الا ان عينيها سقطت في عيني اخيها اللائمتين، نطقت اسمه بتفاجئ
-ماهر، انت بتعمل ايه هنا
امسكها ماهر من عضديها ببعض الحزم ليسألها متهكما
-برضو روحتيله
مست موضع قلبها ودموعها تسابق كلماتها لتخبره بحرقة
-قلبي بيوجعني يا ماهر، بيوجعني
دفنت وجهها في صدره وذراعيها تلتفان حول جسده، مستندة على عكاز يحميها من سقوطها الوشيك
غمغمت بمرارة
-ليه انا بيحصلي كدا بس يا ماهر، ليه دايما اتوجع من كل شخص قريب مني
زم ماهر شفتيه، وحالها لا يعجبه كل مرة حين زيارتها له، لا يعلم ماذا يحدث اثناء مقابلتهم لترجع منكسرة مهزومة، قال بهدوء
-اهدي يا حبيبتي، ملوش لزوم كلام زي ده
جففت دموعها وهي تشعر أن ما قامت به فوق طاقتها، همست بتوسل وهي تشد سترته
-عايزة امشي من هنا ارجوك
اومأ برأسه موافقًا، وحتما سيضع حد لذلك الأمر الذي أرهق اعصاب والده وهي شخصيا، بدأ الغضب يندفع رويدا في أوردته لينتبه من شروده علي صوتها متحدثة نحو امرأة ما
-انا اسفه يا طنط غيداء، صدقيني مش هزعجك مرة تانى، واسفه علي اللي حصله بسببي، ارجوكي متزعليش ولا تتضايقي مني، حاولت أصلح بس هو رفض
ابتسمت غيداء وهي تقترب منها تحتضن كلتا وجنتيها قائلة بهمس ناعم
-اهتمي بحياتك يا صغيرتي، وقتما تحتاجيني ستجديني
هزت شادية رأسها موافقة، لترفع غيداء عينيها لتسقط على نسخة ذكورية منها، لا تكذب أنها تقرأ الغضب والضيق في عينيه لتهمس
-حافظ على شقيقتك جيدا
لم يرد بكلمة واحدة، اكتفي بهزة رأس خفيفة ثم امسك شادية من زندها يسحبها معه مغادرا المشفى كي لا يقوم بأمر لا يحمد عقابه
لم تشعر شادية بمرور الوقت سوي وهي في سيارة ماهر، انتبهت على صوته الذي أصطبغ فيه نبرة جادة
-محتاجين نتكلم
لاح الرفض فى عينى شادية لتتبع قائلة
-مش هتكلم عن أي حاجة قديمة، هو قرر يسبني
ارتفع حاجبا ماهر باستنكار تام مما جعله يتمتم بسخرية
-انتي اللي قولتي مش عايزاه فى الأول ولا أفكرك!!!
اشاحت وجهها تجاه النافذة تنظر الى بوابة منزلها بتفاجئ، هل لتلك الدرجة كانت مغيبة عن الواقع كي لا تشعر انها وصلت الى منزلها؟!!
زفرت بثقل وهي تحاول استجماع شجاعتها كي لا تنهار أمامه، تتذكر رفض الآخر لأي محاولة علاج وان كانت نسبة نجاحها ضئيلة.. اجابت تساؤلات عقله هامسة بنبرة جافة.. كجفاء لقائه بها
-قالي انه مش هيتعالج بسببي، قالي سامحيني وانا مقدرتش في حاجات صعب اتخطاها يا ماهر
التفت اليها ماهر كامل جسده ليقتحم دهاليز عقلها
-اذاكي جسديا يا شادية مش كدا !!
شهقة شادية المذعورة تبعها شحوب ملامحها جعله يتأكد من وساوسه هو ووالده، رغم ان الأب لا يتحدث كثيرا معه متخطيا الامر .. أو واثقا أن الحمقاء لن تكون غبية لتلدغ من الجحر مرتين
حينما علم اجابة سؤاله، بس شكوكه المؤكدة انفجر صارخا بعنف وهو يلكم المقود
– وبتروحيله تاني، اما وريته ابن *****
هزت شادية راسها نافية وهي تحاول ان توقف جنونه، رأته يدير محرك سيارته ليعود أدراجه مرة اخري الي المشفي لكن تحمد الله انها سحبت مفتاح السيارة لتنظر الي عينيه المحتقنتين بالدماء
ارتعدت فرائصها وهي تتعثر بلسانها قائلة
– ماهر ارجوك، اللي فيه مكفيه
كان على وشك أن يفقد هدوء أعصابه إلا أنه فى الثانية الاخيرة حاول ان يكون أخ مهذب، مراعيا ان شادية لن تأتي بشدة، ربما من صفعة واحدة ستلقى في المشفى طريحة الفراش كالآخر… غمغم بوعيد
– بس هعرفه غلطه ورحمة أمي ما سايبه، وبتروحيله يا هانم يا بنت الناس اللي اذاكي ليه .. ايه ساحرلك هو؟!
لكن الحمقاء كانت في وادي آخر عن حديثه ليسمعها تهمس بخشية
-ارجوك متقولش لبابا
ارتفع كلتا حاجبيه لينظر اليها غير مصدقا ما تفوهت به، هل قام بعمل سحر لعين لها؟ يقيدها بجواره؟! ابتسم بتهكم ليقول
-ده لو عرف ممكن يطب ساكت، ولو انه شاكك في الموضوع ده
امسكت بعتلة الباب وقالت منهية النقاش الذي طال
-ماهر ارجوك، انسى من فضلك هو قرر يقفل كل حاجة، وانا هعمل كدا.. هخسر ايه تاني بعد اللي خسرته
حدق إلي سيرها وهي تتقدم امامه لتفتح باب المنزل ثم تركته مفتوحا له، ليزداد وعيدا لذلك الأجنبي .. لكن لم يمنع لسانه من إلقاء شتيمة للحمقاء
-غبية يا شادية
*****
في قصر السويسري،،
الأيام تمر وأجواء المنزل تزداد اشتعالا بوجود ماهر الدائم ومكوثه المرابط لوجود شادية.. الأب قرر ترك أخيه يتصرف بحرية واكتفي فقط بوضع المشاهد الصامت حتى جيهان بدأت تشعر بوجود شئ بين ماهر وشادية وشادية تمارس عملها ببرود وحديثها يكاد يكون عاديا حينما تجلس معها
تعلم أن والدها يعلم بأمر زيارتها منذ عدة أيام، ولم يحاول معاتبتها أو تقريعها، لطالما قررت التصرف بعقلها فتركها تفعل ما يحلو لها وقد قرر رفع كلتا يديه عن حمايتها من سقوطها القادم
لكن ماهر ووجوده لمحاولة امتصاص أي مشاحنات أدت الى فشل ذريع تام، ليصبح سكان المنزل متربص لأي زلة من الاخر
زفرت بيأس وهي تلف خصلة من شعرها منتظرة رسالة وسيم الذي سيأخذ الأذن من والدها للأفطار فى الخارج.. ابتسمت حينما رأت رسالته التي تخبرها ان تتمنى له الحظ وبعض الدعم كي يأخذ الأذن من والدها.. انفجرت ضاحكة وهي تبعث بعدة ملصقات مغيظة له وخرجت من غرفتها هابطة السلالم بسرعة كي تكون على وضع الاستعداد حين يحتاج الى دعم منها!!
ابتسم وسيم وهو يجلي حلقه ناظرا الي حماه الذي يكاد يخفي رداء غضبه ليقول بابتسامة مرحة
-حمايا العزيز
رفع معتصم عيناه من صحيفته ليرمق الشاب الأشقر بملامح مقتضبة سرعان ما عاد ينظر إلى صحيفته قائلا بجفاء
-اخلص، مش بتيجي في خير ابدا
تنحنح وسيم بحرج وانتبه على وجود جيهان الملاصقة للحائط ليقول بثقة
-عايز مراتي
وضع معتصم صحيفته جانبًا واقتدت عيناه بشرر ليقول بنبرة مخيفة
-مرات مين يا ولد، اتكلم عدل مع عمك
كتمت جيهان ضحكة صاخبة تكاد تنفجر من شفتيها وهي تراه يتراجع بعد أن قرر أن يقوم بدور محارب عاشق آتيا على فرسه مقتحما منزلها طالبا بكل غرور امرأة امتلكت قلبه.. لكن مع توتره من إلغاء أي تقارب بينه وبين الفأرة الملونة بعد ذلك اليوم حاول ان يستخدم اسلوب اللين
-طيب يا عمي يا ابو قلب طيب
رمقه معتصم بغيظ، وهو يعلم ذلك الاشقر لن يتركه فى حال سبيله، قال منهيا النقاش
-عمى الدبب، لو عايزني اسيبك مع جيهان انسي
اقترب وسيم بسرعة من حماه قائلا
-طب وغلاوة بنتك دي مش محتاجة تفك عن نفسها
استقام معتصم من مجلسه بعنف وهو يتهكم بحديثه قائلا
-تفك عن نفسها اه قولتلي عشان ترجعهالي علي وش الفجر بحجة السحور، انسي
هز وسيم راسه نافيا، وهو يعلم مجرد تفكير كهذا أو فعل أخرق كهذا سيعذبه بتأجيل الزفاف، وهو بالكاد يحاول إنهاء الفيلا فى اقل من شهرين رغم استنكار شركة التصميم ومحاولة لإنهاء على اقل تقدير من ثلاثة لأربع أشهر، اضطر ان يستعين بـ لؤي لفرض سيطرته ونفوذه، رغم كرهه لاستخدام ذلك الأمر، لكنه كان مجبورا بسبب حماه العنيد
عرض علي حماه قائلا بابتسامة اللزجة
-طب ما تيجي معانا، ده حتي في خيمة رمضانية تجنن السنة دي
رفع معتصم حاجبيه بسخرية جعل وسيم يعلم أن ما عرضه كان سخيفا جدا ليقول بمزح
-خايف عليا يا بوب ولا ايه!!
جاءت اجابة معتصم واضحة بدون وقت للتفكير
-طبعا اخاف عليها منك يا سهن انت، اه بنتي من حقي اخاف عليها
احتقنت اذني وسيم حرجا وخشي أن يكون علم بأمر اقتحامه لغرفة ابنته سرًا، تبًا لقد دخل من شرفتها كلص!! تنحنح بخشونة طاردًا تأثير تلك الليلة خاصة أنه صائم ليقول
-دي تتخاف منها يا حمايا، متقلقش وعد راجل لراجل اخدها ونرجع قبل عشرة
رأي الرفض يلوح في عيني معتصم ليقول بنبرة جافة
-انسي
اقترب وسيم وهو ينظر الي حماه بلين، ليري بعض القلق والترقب.. قلق أب يخشى على ابنته الصغيرة، ابتسم بتفهم وهو يعطيه وعد رجل
-طب وشرفي ما هيحصل اللي في دماغك
ورغم أن قلقه هذا لكن لن يمنع ان استخدامه لكلماته كان وقح أمام رجل مثله ليهدر فى وجهه
-اتلم يا ولد، والا احلف ما تشوفها لحد الفرح
ابتسم وسيم وكاد يقفز محتضنا حماه مقبلا رأسه لكن يعلم ان حماه لا يرغب بأي عناق بأي شكل من الأشكال من شخص غريب سوي من بناته، ابتسم قائلا باطمئنان
-ادتلك وعدي
لم يكن معتصم بقلق علي جيهان منه، أكثر من كونه قلق من ابنته عليه، يعلمها تثير المشاكل وتدفع الرجل لفقدان طور هدوءه، لكن وعد الفتي إمامه الذي تربى على يديه جعله يسلم ابنته له، اقتحمت جيهان المكان قائلة بتلهف
-ها اروح معاه يا بابا ؟
حدق بغضب تجاه وسيم الذي انقبضت ملامحه، بدا يشعر بالتوتر حينما استمع الي حنق حماه
-ده انتو متفقين بقي؟!
اقتربت جيهان تلقي ذراعيها على جسد والدها تطبع قبلة على خده هامسة بصوت خفيض له
-وحياتك قولتله مفيش حاجة هتم الا بدونك، بس قولت اجهز بسرعه عشان منتأخرش
قبض معتصم على فكيه وهو يرى لهفة الأشقر على ابنته، لم يمنع نفسه من ان يحتضن ابنته وغيرته كأب لم يتحكم بها قائلا
-اخدت منك وعد شرف، متتأخروش
هز وسيم رأسه وامتنع عن تحية جيهان او حتي تلامس ايدي مراعيا مشاعر والدها وخشية منه هو ذاتيا، عاد يستغفر ربه وهو يراها تطبع قبلة لوجنة أبيها قائلة بمشاكسة
-عشرة بالدقيقة هتلاقينى قدامك
ثم تحركت تسبق وسيم قائلة
-يلا
هز وسيم رأسه تجاه حماه ثم تحرك على إثر خطاها خارجا من المنزل ليجدها مستندة على سيارتها قائلة بتهكم
-مش هنركب عربيتك
رفع حاجبيه وهو ينظر تجاهها ثم الي سيارتها السوداء ليقول بتهكم
-بتاعتي احسن من بتاعتك علفكرا، فيه فرق موديلات و سرعات
ثم اقترب منها ممسكا عضدها خارجين من بوابة المنزل ليغمغم بحنق
-احنا مش ناقصين نتسرق تعالي
انطلقت ضحكة مرتفعة ليراها تقترب منه متلاعبة كلتا حاجبيها بشقاوة متسائلة
-خايف تتثبت قدامي يا وي وي
نظر اليها بتجهم جعلها لم تكف عن استفزازه، بل مواصلة لدفعه الى اقصى مراحل جنونه ليقول
-لمي لسانك، احنا فى رمضان عدي يومك ده على خير
التزمت الصمت حينما استشعرت جدية حديثه، همت بأن تحدثه لكن كلامها تبخر حالما وجدت الدراجة النارية أمامها، شهقت بتفاجئ ثم نظرت إليه باستنكار
-بتتكلم جد صح، مش بتضحك عليا
هز وسيم راسه موافقا وهو يراها تقفز كالمجنونة حول نفسها ليفاجئ بعناق ناعم منها وقبلة حطت على خده لتنسل من بين ذراعه هامسة وعينيها تلمعان بسعادة
-احسن وسيم في الدنيا
توقف وسيم كالتمثال وهي تتقدم تجاه الدراجة تلمسها بشغف شديد لتصعد عليها وقد اشتاقت للشعور بالحرية حينما تقوده!!
انبطحت محتضنة الدراجة مما جعل عينا وسيم تجحظان سرعان ما أشاح ببصره وهو يدرك مدى غبائه
كرر استغفاره وهو يسمعها تهتف بنزق
-اركب يلا، هنتأخر
اغمض وسيم جفنيه بيأس وهو يتقدم نحو الدراجة ويدعو الله ان يلهمه القوة والصبر علي تلك المجنونة قبل ان تصيبه بالجنون!!
مر وقت وجيهان تنظر حولها من الأجواء الرمضانية، رغم أنه يعتبر فاخر بعكس الأجواء الشعبية داخل القاهرة، كحي عاصي الذي زارته.. لكن لن تنكر ان الاجواء اعجبتها، انتبهت من شرودها على صوت وسيم المتسائل
-ها ايه رأيك فى المكان
القت نظرة اتجاهه وهي تراه لم يخفي اعجابه بعبائتها الجديدة التي أهدتها جدة عاصي لها ولآسيا ولوجد مع فتيات أخريات.. غمغمت بفظاظة
-عالله بس يكون الاكل اي كلام
حدجها بنظرة قاسية ليحاول البحث عن أي شئ يكمم به شفتيها ليقول
-يا بت اتلمى بقى احنا علي الفطار، متخلنيش افطر عليكي
اقتربت منه ممسكة بالسكين على الطاولة المنخفضة لتشيرها اتجاهه قائلة بجنون محاولة تقليد حركة رأتها ذلك اليوم منذ ذهابها للحي
– ايه افطر عليكي ده!! متلم لسانك يا حلو كدا عشان منزعلش من بعض
نظر إليها ثم نظر الي السكين البلاستيك ببعض الاستهجان ليشيح بالسكين عن مرمى بصره وسألها
-قررتي ايه تبقي الألوان فى الفيلا؟
تركت السكين البلاستيكي جانبًا والتفت اليه قائلة بجدية
-بص ليه فيلا!!، ما ممكن ناخد شقة كبيرة، يعني انا مش شايفة داعي للتبذير كل ده واحنا مش هنستخدم كل المساحة دي
سألها بحدة
-ولما يجوا العيال هنعمل ايه، مش هنفكر فى مكان أكبر
عضت جيهان باطن خدها بتوتر، ورغم واقعية كلماته لا تعلم لما شعرت بالحرج والارتباك، هي لم تكن لتحلم أن يكون قريبا منها كتقارب رجل وامرأة ما بالك بأن تحمل فى رحمها نطفة تزيد علاقتهما تشابكًا!!
رأي وسيم تورد طفيف يغزو وجنتيها، وارتباكها لتقول بحدة غير مقصودة
-هما اتنين حلوين، ولا حضرتك ناوي على عدد اكتر!!
ابتسم وسيم وقد اسعده خجلها، حسنا يعلم ان فأرته سليطة اللسان، لكن لم يتوقع خجلها من ذكر كلمة أطفال!! اجابها بعبث
-ناوي الصراحة على خمسة
شهقت جيهان باستنكار لتعيد إمساك السكين البلاستيكي وتقترب منه بغية تهديده قائلة
-خمس عفاريت لما يلفهوك، خمسة ايه، فاكر صحتي تستحمل البهدلة دي
امرها بنظرة من عينيه ان تعود هادئة فى مجلسها، نظرت بطرف عينيها للاعداد التي استقطبتهم بغبائها، ابتسمت بحرج وهي تعود جالسة بصمت لتجيبه بهمس حاد
-هما اتنين ان شاء الله ولدين طلعوا او بنتين كلهم رزق من ربنا، المشكلة مش فى خلفة العيال، المشكلة في تربيتهم يا استاذ
لن ينكر أن ما قالته صحيح، تربية الاطفال اصعب بكثير من إنجابهم، سألها باهتمام
-ناوية تجيبي بيبي ستر ليهم عشان تروحي شغلك؟
لاح الرفض الجلي في عينيها قبل ان تجيبه بجدية
-لا، هاخد اجازة من الشغل بابا مش هيعترض ممكن اتابع في البيت، لازم اول فترة في حياة الأطفال تكون امهم موجودة… وانا مش ناوية احرم نفسي من لحظة امومة زي دي
تعجبت من عدم مبادلته معها فى الحديث، لترفع عينيها وهي تجده ينظر إليها
بطريقة تقسم انها إذابتها حرفيًا
ابتسمت بخجل وهي تسأله بهمس خافت
-الكلام جاي على هواك، مش كدا!!
اومأ رأسه وهو يغمغم بصراحة
-فاجئتيني
هي الاخري تتعجب من ذاتها بعد عملها تحت يدين والدها، ازدادت قربا من والدها عكس السنوات السابقة، ارهفت اذنيها لسماع صوت الأذان، ابتسمت وهي تمسك بتمر من الطبق وتضعها فى فمه قائلة
-عارفة، المغرب اذن كل بلح
رددت دعاء الصائم وهي تكسر صيامها بالتمر لتسمعه يغمغم بهدوء
-جيهان
التفتت اليه وهي تسكب عصير التمر هندي لها وله لتسمعه يسألها بهدوء مخادع
-ممكن تندمي في لحظة انك ارتبطتي بيا
ابتسمت جيهان وهي تضع العصير في يده لتجيبه بمشاكسة
-ممكن اندم لو خلفت عيال فى حلاوتك دى
انزعجت ملامح وجهه الوسيم ليقول بحدة
-انا بتكلم بجد، مش بهزر دلوقتي
نظرت اتجاهه بيأس من اصراره لأسئلة عديمة الجدوى في نظرها، لكن من وجهة نظره هو مفتاح الحياة لعلاقتهما المستقبلية
فترة الخطبة بالنسبة له ليس مجرد هدايا وكلمات مغازلة وعناق أنفس كالجيل الحالي
الخطبة بالنسبة له هو مسار حياة يتفق عليها الشريكان لحياتهما الجديدة بعيدة كل البعد عن تدخل الأهل!!
حينما رأت الاصرار فى عيني وسيم اجابته بهدوء لتثلج صدر الاخر
-مش هندم ابدا، ريح عقلك ده شوية، صدقني انا مش عبيطة ولا صغيرة عشان معرفش انا مقبلة علي ايه في حياتي، حياتي هتتغير وانت كمان بس اعتقد بدعم بعضنا والصراحة المطلقة اللي بينا واننا نوعد بعض منخبيش على طرف التاني حاجة ولو زعلتك في حاجه تيجي تعاتبني واعتذرلك وانت كمان، لاني قسما بالله يا وسيم لو نيمتني في يوم مضايقة منك لهتشوف جحيم في حياتك
انفجر مع نهاية كلماتها الى تهديدها الواضح وإمساكها للسكين للمرة الثالثة ليقول بمشاكسة
-اهدي يا وحش مالك، ما كنا كويسين
التفت جيهان إليه بكامل جسدها وهي ترفع طرفي عباءتها شاكرة الله انها استعانت ببنطال جينز وتيشرت قطني اسود لتقول بجدية
-هو انا ممكن اكون لاسعة ووقحة شويتين، بس انت الوحيد اللي هتعرف تلجمني والوحيد اللي فاهمني، وانا متأكدة انك هتكون اب ممتاز
اتسعت عيناها بجوع لذيذ وهي تشم رائحة الشواء بجوع، وضع النادل الطبق الرئيسي المكون من تشكيلة لحم مشوي لتمسك بأصبع الكفتة تغمزها فى الطحينة لتضعها في فمها تلوكها بجوع شديد، غصت بطعامها حينما سألها
-تحبي نسافر فين فى شهر العسل
مد بكوب الماء تجاهها، لترتشف بضع قطرات الماء محاولة تهدئة الحريق فى داخلها
افكارها تنحني بوقاحة، لتنظر اليه وهو ينظر تجاهها بجدية، صمتت لبرهة من الوقت قبل أن تستعيد صوتها الذي فقد هامسة بتحشرج
-انا عايزة كل سنة من جوازنا ناخدلنا كم يوم لوحدينا بعيدا عن كل حاجة، حتي بعيدا عن العيال لما يجوا بأذن الله، نستعيد ايامنا اللي زي دي انا وانت لوحدنا، فلو شهرعسل .. عايزاه يبقي كل سنة حتي لو روحنا بلطيم
اتسعت عيناه دهشة وهو ينظر الي جيجي، الفتاة الذهبية كما لقبت تخبره برغبتها قضاء شهر العسل في بلطيم، وهي من قضت سنواتها السابقة متنقلة من بلد الي اخري، تنهد بحدة وهو يدفعها لتناول الطعام بدلا من تفحصها المرتبك له ولمشاعره
-كلي طيب عشان معملش حركة غدر
غمزت تجاهه بوقاحة متعمدة خفض صوتها بغنج
-عايز تبوسني مش كدا!!
زفر وسيم بحدة وهو يدفع الطعام فى فمها، ابتلعت جيهان الطعام بصعوبة ماضغة إياه، هي تري احمرار أذنيه بشدة، لتقترب منه هامسة في أذنها
-انا اقدر ابوس علفكرا
امسكها من مرفقها واربطها جواره ليزجرها بحدة
-يا بنتي اتلمي يقولوا علينا ايه الناس
زمت شفتيها بضيق مغمغمة بحنق
-واحدة مع جوزها هما مالهم
نظر اتجاهها بحنق لمشاعره الثائرة والي كلمة الشرف التي كالسيف في عنقه ليقول بصوت خفيض
-انا وعدت عمي
وكان تلك بمثابة الف كلمة غزل ينطقها بها، امسكت كلتا وجنتيها بكفيها هامسة
-حبيبي انت يا ابو الرجولة كلها
******
وسألوني لما الجفاء
والأنثي ستنكر من غلظتك
قلت ما بيدى
فقلبى طوع بنانها، وعقلى جل ما امتلكه
ففي النهاية أنا رجل، وخطوط الاعوجاج التي تمارسها تثير سخطي.
زفر لؤي متنهدًا بتعب وضغوطات العمل تكاد تجعله لا يرى من أمامه، بل على شفا جرف من الصراخ، فى حاجة لأقل شعلة ليحول المكان الى نارًا لا تبقي شيئا ولا تذر
غامت عينيه والغصة ما زالت فى حلقه، متذكرا وعده لعمه بحماية العائلة وخاصة بناتيه، وبالأخص تلك الشيطانة الساحرة، التى تمارس عليه أقصى مجهوداته لجلب طفل
هوسها الجديد يثير قلقه، بل ذعره
لم يكن يعرف أن اسيا لجوجة بهذا الشكل، بل ذلك الهوس المطلق المسمي بطفل جعله يتراجع بعاطفته، ويترك قلبه جانبًا مفكرًا بعقله!!
آسيا برغم جميع ادعاءاتها، وحالة السلام التي تخدعه به، يشعر انها تخفي شيئا عظيما
ليس بهين، لن ينكر أن ابتعاده عن منزل العائلة، ساعد آسيا بالتوقف عن سخطها وتمردها، ووجودها فى منزله والعمل شئ لا يحتمل الأعصاب
خاصة أنها تثير الجزء البدائي منه، تعلم كيف تخرج الوحش من طوع بنانه، وكيف تشعل الحرائق!! واخمادها لا يكون سوى على يديها!!!
نظر الى ساعة يده لينظر أن تبقي وقت كافي قبل موعد الإفطار، استقام من مجلسه وتحرك من مقعده ليتجه الى مكتب تلك الشيطانة، متمنيا أن لا يكون ازداد هوسها بمشاهدة الدراما المصرية، لتقارعه بالكلمات المصرية الجديدة التى تسمعها من الدراما
فتح الباب بدون طرق كرد فعل على ما تقوم به، ليراها تنتفض وهي تنظر اليه بدهشة، تهم أن تلقي سباب لاذع على مقتحم الغرفة، لكن ما ان رأت لؤى حتى اقتربت منه مرتميه بجسدها على صلابة جسده، متنعمة بدفء جسد زوجها لتسمع غمغمته الخشنة باسمها
-آسيا
رفعت رأسها لتنظر الي عينيه التى تنظر اليها بترقب وشك، لتبتسم بتوتر قائلة
-حمدلله علي السلامة، اخيرا افتكرت ان مراتك مستنياك
ولكي تزيد من شكوكه قبلتها على خده الأيسر لتهمس بنبرة ناعمة
-وحشتني
لم تظهر سوي شبح ابتسامة على شفتيه، وهو يلاحظ أمرًا تخفيه اسيا عنه ليقول بصوت ذات مغزى
-ايه كل الحب ده
لوت شفتيها بضيق، لتدفعه بكلتا ذراعيها على صدره الصلب
-انا اللى غلطانة
تألمت حال لمسها لصدره الصلب، هى لا تمزح حينما تصف صدره بشئ صلب، كحائط بشري، لا تعلم كيف فعل هذا الأمر فى الصالة الرياضية، ورغم اخباره ان هذا الامر يضايقها كونها لا تستطيع ان تنام بين ذراعيه براحة، قال بكل صفاقة أنها ستعتاد عليه مع الوقت
أخرجها من شرودها تجاه صوته المتسائل
-جاهزة عشان نتحرك
هزت رأسها موافقة وهى لا تعلم كيف ستستقبل الزيارة الثانية من غالب، بعد الزيارة الأولى التي انتهت على خير.. من جهتها هى بالأخص خصوصا أن الشمطاء اعتذرت عن الحضور، تأففت لتخبره
-برضو مُصر نقضي اليوم هناك
أجابها ببرود
-وجد مستنياكي
وكأن وجد هي المفتاح السحري لتشتيتها، واكتساب موافقتها، خاصة بعد الحاح وجد العجيب للعودة كونها تفتقدها فى المنزل، قالت بهدوء
-هلم حاجتي واجيلك
هز رأسه باستحسان بالغ، ليرى توترها فى التحرك، وشئ تخبأه عن عينيه، لتتسع عيناه حينما أدرك ما تخفيه، ليهدر صوته بصرامة قائلا
-هاتي اللي مخبياه عني
ارتجف جسدها على اثر صوته الهادر الخشن، لتلتفت إليه بحدة قائلة
-مفيش حاجة
اقترب منها بخطوات وعيدية، لتتسع عيناها ذعرا متراجعة، تهم بابتعادها عن الثور الناطح إلا أنه أدركها حينما أمسك بعضديها بقسوة جعلها تخرج تأوه متوجع لكنه لم يهتم بها ليقول بحدة
-هاتيه
تلوت محاولة الفرار من قبضته، وحينما علمت انها محاصرة، وان العناد لن تجني منه سوى الألم، وضعت اختبار الحمل الذي أجرته منذ قليل في يده بحدة، لتراه يلتقط الاختبار محدقا نحوه بجنون ثم رفع بصره ليقول بقسوة استفحل كل جسده
– ده بسببه هيخسرنا بعض
نظرت اليه بوجوم، لتراه يقترب منها ممسكا بعضديها يكاد يسحق عظامها وهو يصرخ فى وجهها
-انتي ليه بتفنني تلاقي سبب نخسر بعض عشانه، فهميني
لم يدع لها مجالا للرد، بل تابع يقول بحدة
-وقت ما تحسي انه خلاص مفيش امل نقتل بعض مش كدا!!!، عشان طفل يا آسيا
هدرت فى وجهه وهى تقول بعنف
-ايوا نفسي اكون ام، اتحرمت من شمس عايزة يكون ليا طفل لوحدي
أطبق الصمت يخيمهما، لينظر لؤي اليها والى الإصرار في عينيها، ليقول بصوت متهكم
-ولو متكتبلناش يا آسيا هنعمل ايه، هتقرري تعملي ايه انطقى
تلبسها الارتباك، وكل ذلك لاحظه من عينيها الزرقاوين… يعلم متى تكون فى أشد حالاتها ضعفا ومتى تكون كجبروت متكبر!! همست بيأس واستنكرت تخيله
-مش عارفة، مش عارفة
عاد يسألها بقسوة وقد بلغ الصبر منتهاه
-ده اهم من حياتك وحياتي وحياتنا
نظرت الى شريط الاختبار بأسف، ثم لتعود تنظر الي عينيه قائلة
-ده المستقبل، ده هيخليني ابقي ام وهنبقي عيلة
ابتسم لؤي بسخرية ليقول بتهكم
-ما يمكن انتي مش مؤهلة ليه، ولا انا .. ايه عرفك ما يمكن سبب التأخير يكون مجرد عقاب
طعنها بسكين ملثم، لم تكن تتوقع هذا منه
تلك السخرية والازدراء من مشاعر امومة اقتحمتها فجأة دون سابق إنذار حينما حملت شمس لأول مرة فى ذراعها، كواحة أمان عثرت عليها بعد سنين بحث مجدية انتهت باليأس
الدموع تجمعت فى عينيها، وصبرها لجفائه، وقلة رعايته جعلها تصرخ فى وجهه تنفي ادعائته الكاذبة في حقها
-بقالي خمس سنين مجربة الاحساس ده مش مجرد رغبة، ربيت بنت اختي اللي هي بنتي، واول واحدة تقولي ماما تقولي مش مؤهلة، تصدق ده انت طلعت جاحد عايز اي سبب عشان تطلعني انا الوحشة مش كدا يا لؤي، كل حاجة بعملها لازم تطلعلي العيب فيها مش كدا
هدر بصوت قاصف، يلجم تلك التى فقدت السيطرة على ذاتها لتلقي بالمزهرية في وجهه، لكنه تفاداها على اخر ثانية ليتأجج الغضب في حدقتي عينيه
-آسياااااااااا
رفعت رأسها بايباء شديد، لتقول بغضب
-انا استحالة اكمل حياتي معاك، طلقني
اتسعت عينا لؤي ولا يخفي صدمته من عرضها الصريح لأول مرة بالطلاق
اقترب منها ممسكها زندها ليقول بخشونة
-انتي اتجننتي، ايه اللي بتقوليه ده، طلاق ايه!!
زمجرت بحدة وهي تتملص من قبضته لتعيد طلبها بقوة أكبر
-بقولك طلقني، سيبني بسلبيتي لوحدي
رفع نظره لساعه يده ثم التفت اليها قائلا بجمود
-محتاجين نتكلم بعدين، متأخرين
لم تكن تتوقع أن يفعل مثل هذا الأمر لها، مواعيد جده اهم مما يناقشونه، ليس نقاش بل طلبها الذى جاءت به بعد تفكير
هى منذ عادت إليه لا تشعر أنه هو كالسابق ولا حتى هي!!
كانت تنتظر على أمل أن يعود ذلك الرجل الذي أوقعها فى حبائله
لكن لا شئ
يزداد غموضا، و تعجرفا، وجفاءً، حتى مشاعره ليست بالحرارة التى كانت فى السنوات السابقة
ربما الجرح الذي اخلفته جعله يحجم لجام مشاعره، تقرأها فى عينيه.. وهى التى وعدت ذاتها أن تنسي ما كذبه وخداعه، لكن يبدو انها من قررت ان تغفل عن هذا الأمر لوحدها
وهو ما زال محبوس داخل اشباح ماضيه!!
هدرت بوقاحة متعمدة حينما رأته يفتح باب مكتبها، لتتعمد رفع صوتها ليصل الى المارين بجوار المكتب
– يبقى شوفلك اوضة تانية تنام فيها، ولما نرجع هدومك متكنش في الدولاب عندي
امسك لؤي الباب بوحشية ووحش داخلي، يحفزه بل يستفزه ويطلب الانقضاض على تلك الوقحة، عديمة التربية لإعادة تشكيلها على يديه مرة أخرى، أغلق الباب بعنف لتشهق أسيا بصوت خفيض وهي ترى تحول الهيركليز للرجل الاخضر
عروقه البارزة فى عنقه وصدغيه، جعلها تبتلع ريقها بتوتر لتسمعه بصوت يكاد يحافظ على هدوءه
-والله لولا انى صايم، كنت عرفتك ردى وهنا، طالما مش فارق معاكي الناس كنت ندمتك حقيقي على كلامك ده
عقدت ساعديها على صدرها، مخفية ارتعاشة يديها، لتقول بمقارعة وندية متساوية
-وانت بقي فاكرني هرجع ذليلة ليك واترجاك عشان تبقي في سريري، انسي … واضح انك مش عارفني كويس، ولطالما راجل اووي كدا يلا وريني، وريهم الهمجية يا لؤي باشا عشان يعرفوا أي راجل أنت
زمجر بغضب، وصوت زمجراته وصلتها لتشيح بعينها عنه بحدة ليقرر تركها فى التو واللحظة وإلا يقسم انه سيدق عنق تلك المرأة الآن، استغفر ربه سريعا ليعود فتح الباب قائلا بصرامة
-عشر دقايق والاقيكي جاهزة يا آسيا هانم
صاحت باعتراض تام
-نص ساعة، لو مقدرتش تستحمل ممكن تمشي انا بعرف اسوق عربيتي لوحدي
لم يصلها رده سوى صوت صفق للباب بعنف، حتى كادت ترتعب من سماعها لـ صدى صوت إغلاقه العنيف للباب، لتتنهد بحدة حابسة دموعها لتهدر بغضب
-غبي
…….
نصبته ملكًا، وعزيزًا فى عالمى
ولم يأتيني منه سوى الجرح
دفعته إلى أقصى حالات غضبه
وما كان غضبه سوى جروح تنب على جدار حبنا
حبنا الذي تلونا عهوده
الحماية
الأمن
الحب
بل الكثير منه
الود
والرحمة
وما أخذت منه سوى النبذ والتهكم
أهذا حال كل امرأة عشقت رجل وجعلته دنياها؟!
في قصر المالكي،،
لم يخفى ما حدث للؤي وآسيا امام الحاضرين المتمثل فى وجد وغالب وجميلة، وجميلة لم تكن تعطي أي أهمية لهم بل كانت منشغلة بانهاء جميع طلباتها لزفاف صغيرتها، والتأكد من كمالية كل شئ، وغالب وجد هذا أمرا جيد
فمن ناحية لا تعكر صفو لقاء آسيا بهم
ومن جهة آخرى، أن لا ينشأ شجار حاد
لكن ما لم يكن يتوقعه هو حالة التوتر التى تسود اسيا ولؤي، وقد قررت اسيا عدم جلوسها بجواره على المائدة وفضلت الجلوس بجوار وجد، نظرات الوعيد والغضب التى يطلقها لؤي جعله يطلب من وجد أن تأخذ اسيا بعيدًا ليعرف سبب ذلك التوتر..!!
سحبت وجد ذراع آسيا التي حاولت التملص منها، عالمة أن وجد ستصر على معرفة ما حدث بينهما، وجاءها السؤال الأول من وجد حينما دفعتها للجلوس على أريكتها
-ممكن افهم فيه ايه بينك وبين لؤي
ادعت اسيا الجهل قائلة وهى تلف خصلة حول اصبعها
-مالنا ما احنا كويسين اهو
دققت وجد النظر تجاه لؤي، عينيها تفصحان عن جرح عميق رغم ادعائها البرود، امسكت بكف آسيا قائلة بحرج
-دي مش طريقتك معاه، يعني كلنا عارفين انك…
قاطعتها آسيا قائلة بتهكم
-لازقة فيه، كاتمة على نفسه!! مش كدا!! لا خلاص بح من الكلام ده
لم تخفى وجد ابتسامتها لتسألها بتعجب
– انا نفسي اعرف انتي بتجيبي المصطلحات دي من فين
زفرت آسيا بضيق لتنظر الى وجد قائلة بحنق
-من الافلام يا عينيا، تخلي الحجر ينطق لهجتكم
ابتسمت وجد بمكر لتقول بمشاكسة محاولة اذابة الجليد بينهما
-واضح ان لؤي مش عاجبه بعدك عنه
كان من الأدق أن تقول قتلها، احراقها
غمغمت ساخرة وهى تشعر انها لن تستطيع الصمت أكثر من هذا، تود منه ان ينفذ طلبها على الفور قبل أن تقوم بمصيبة
-كان بيقولي ميصحش اعمل كدا قدام اهله
صاحت وجد باستنكار حينما لاحظت اقصائها من دائرة العائلة
-اهله هو احنا، وانتي مننا يا آسيا
التفت اسيا تجاه وجد، ولولا انها تهم بإطلاق شتيمة نابية الا انها حفظت لسانها قائلة
-انتي عارفة معزتك عندي قد ايه
صمتت وجد للحظات قبل أن تسألها بهمس خافت
-بسبب الحمل مش كدا؟
طفرت الدموع من عيني آسيا، لترتمي على صدر وجد تبث وجعها من حبيب روحها
-قال كلام يجرح ومكنش اصلا تفكيري، قال ان انا مش مؤهلة ابقي ام، شايفني مجنونه!!
هزت وجد رأسها نافية لتهمس
– لا طبعا انتى ست العاقلين
زمجرت آسيا بعصبية لترفع رأسها قائلة بغضب
-الست كرامتها بتتمسح في الأرض لما يعرف الراجل قد ايه مرغوب ناحيته عشان كدا بيعاملها بلا مبالاة، كشئ موجود مش هيمشي، بس هما عايزين اللي تلعب في عقولهم، الست اللى بتقعد تلفه حوالين نفسه، بيموتوا في المعاناة بعكسنا عايزين حد يأكد وجوده الفعلي في حياتنا مش شبح يزور وقت ما يحب ويمشي وقت ما يحب
لم تملك سوى أن تميل لاسيا مصدقة اياها، برغم كل شئ هى انثى وهي تشعر بوجعها وشغفها للطفل، سألتها بحرج تام كي لا تفسر سؤالها بمعتقد آخر
-افرض لو ربنا مكتبش بيبي يا آسيا هتعملي ايه؟
حتى هى سألتها؟
هى لم تفكر بالأمر من جهة عدم امتلاكها اطفال، لطالما حلمت بهذا من مراهقتها التعيسة، أنها ستعوض ما حرمت منه بانجاب الكثير من الأطفال
زحف القلق ونهش اشباح الخوف ركزيتها، لتقول
-هنتحر مثلا، او اتحط في مستشفى مجانين
صاحت وجد باستياء تام
-انا مبهزرش
تنهدت آسيا قائلة ببرود
-انا طلبت منه الطلاق
شهقت وجد مستنكرة ما سمعته من اسيا، التى ترمقها ببرود لتقول باعتراض
-استحالة يعمل كدا ويوافق على جنانك
جزت آسيا على اسنانها قائلة
-لؤي بيجرحني يا وجد، وانا مش عايزة شخص اناطح معاه كل يوم، عايزة سكن .. عارفة يعني ايه سكن
اومأت وجد رأسها ايجابا، لتتنهد آسيا بضجر وهي تشعر بالبرودة تزحف أطرافها
تعلم ان لؤي سيظن أن طلبها ناتج عن جنونها وشجار، وليس أمر توصلت اليه بعد اختبارات كثيرة يفشل بها
لقد تغير لؤي، كحالها أيضًا
استمعت الى سؤال وجد الخجول
-طب انتي حبيتي فيه ايه، خصوصا انك اكتر واحدة عارفة لؤي
هى حتى لا تصدق أنها تفتح صدرها لوجد
المرأة التى كانت عدوتها اللدود، هى أقرب شخص إليه الآن، باحت بمكنونات صدرها قائلة بحنين
-لؤي اتغير، كان حاجة كدا متتوصفش، حنين جدا وبيعاملني برقة وخوف، كأني بنته وبيسمع مشاكلي وعقدي، كان حبيب مثالي.. قليل الكلام بس عينيه بتفضح مشاعره، بس دلوقتي كل حاجة معايا بحساب
تنهدت اسفًا على حال آسيا لتقول وجد
-يمكن خايف تمشي وتسيبيه تاني
رفعت آسيا عينيها مستنكرة مما قالته وجد لتقول بسخرية
-امشي هروح فين يا وجد؟ أمريكا!! مقدرش اعيش هناك لوحدي
ابتسمت وجد وهي تمسك كف اسيا مؤازرة، ليتفاجأ بصوت غالب الخشن
-حاولي تفتحي اوراقك كلها معاه وهو كمان، اعتقد انتو الاتنين محتاجين جلسة صراحة بدون اي ضغط ولا انفجار، كل واحد يطلع أسباب تخوفه من التاني واعتقد هتطلعوا بنتيجة
رفعت المرأتين رأسهما لينظرا تجاه غالب الذي ينظر تجاه آسيا ليسمع صوت وجد المتفاجئ
-جدو
ابتسم غالب ليربت على شعر وجد قائلا
-سيبني معاها لوحدي
نظرت الى كلاهما قلقة من حدوث أي شجار بينهما، الا ان جدها طمئنها لتستقيم من مجلسها سامحة لهما بالحديث..
جلس غالب على الاريكة لينظر تجاه آسيا التى تشيح ببصرها عنه، مكتفية بوضع كتمثال راقى يزين الغرفة ليقول غالب بصوت دافئ
-تعرفي حالة حفيدي كانت عاملة ازاي لما رجع من السفر وزورتي موتك
التقط غالب الاهتمام من آسيا رغم ما ترسمه من برود ليسترسل غالب في حديثه قائلا باختناق
-كان شخص ميت، شخص حد سحب منه حياته، جثة بتتحرك وبتمشي
انفجرت آسيا ضاحكة بسخرية مريرة لتلتف إلى غالب بعداء واضح قائلة
-بتديله اسبابه عشان يصعب عليا
ابتسم غالب وهو يقرأ الوجع فى عينيها، لن ينكر انه حينما استمع من لؤي أنه هو المخطئ .. رغم لكل منهما أسبابه ودوافعه
لكن دوافع لؤي هزلية عن اسيا، غمغم بمرح
-منكرش انه ساعات بيبقي بدماغ زي التور، بس الشخص اللي عايزاه حنين طول الوقت ده مش انسان زيه زيك !!، أوقات عايز هو كمان حد يطبطب عليه ويطمنه انه جنبه
علمت فحوى الرسالة التي يريد إيصالها، لتزمجر بعصبية وهي تستقيم من مجلسها
اكتفت هى من وضع الشخص الذي يتنازل اولا
هو لم يتنازل لمرة عن كبريائه البغيض ولو حتى لمرة!! صرخت بكبرياء واضح عن رفضها لمطلبه
-بردو بتدافع عنه
صاح غالب بجدية تامة، ليقهقر من تحفز آسيا للغضب
-انا ماسك العصاية من النص، لو هو حفيدي فانتي حفيدتي برضو يهمني مصلحتكم انتوا الاتنين
لمعت عينا آسيا بمكر أثار حفيظة غالب، ليراها تقترب منه قائلة
-لو طلبت منك طلب دلوقتي تقدر تنفذهولي
هز غالب رأسه قائلا بجدية
-اي طلب عنيا ليكي، بس اللي بتقوله عنيكي لأ
تعست ابتسامتها الماكرة لتجيبه بسخرية
-كنت متأكدة مصلحته هو أهم
وقوفها أمامه جعله يزمجر بغضب
-اقعدي يا بنت، كلامي معاكي مخلصتهوش
جلست مضطرة وقالت بصياح حاد
-اسمع يا غالب
قاطع صياحها بنبرة تجعل الكبير يرتعب قبل الصغير
-غالب بيه واعرفي مقام اللي قدامك
نظرت اليه بتحدى قبل أن تقول بنبرة ملتوية
– ولو قولتلك هنسي حقدي ليك وهبقى حفيدة تتباهى بيها قدام الطلب ده، ايه رأيك
عقد غالب حاجبيه، وقد حاصرته الماكرة بين المطرقة والسندان، التمس الجدية فى صوتها .. فهو من جهة سيكسب حفيدة ومن جهة اخرى سيخسر حفيده!!!
وسيبدأ صراع آخر !
*****
عندما حاولت أن اصف حبى لك
تعذبت كثيرا، ما وجدت غير
خاطر مكسور وقلب مفتور
أحلامي تحطمت على صخرة صماء
وليت لى قلب مثل هذه الصخرة
قريب على بعد ، بعيد على قرب
فما أنت بقريب وما أنت ببعيد
أ ح ب ك
لم تستطع أن تتهجاها ،أم لم تتعلم حروفها
كثيرة إن طلبتها ،ثقيلة لو قلتها !!
ولم لا وأنت الذي تنهى وتبدأ ،تأمر تطاع
أصبحت الآن حرة، وأنت مقيد بحبى
سأقولها لك مرة واحدة،
لن أتسول منك الحب،
ومافائدة الاهتمام بعد الطلب
أن أكون كل شئ فى حياتك
أو لن أترك فى حياتك أثر
الخاطرة بقلم الجميلة: آية عادل
دفعت فرح باب المكتبة الخشبي ليصدر اصوات اجراس منبهًا لقدوم الزبائن، ابتسمت فرح وهى تجد الرجل القابع على كرسي مكتبه يكتب خواطره اليومية، تعترف أن الرجل له خواطر تصيب سهامها لعليل القلب.. تنحنحت جاذبة اهتمامه
-ازيك ياراجل يا طيب
رفع الرجل العجوز عيناه من على الورقة وقد توقف عن كتابة خواطره لترتسم ابتسامة واسعة على شفتيه قائلا
-اهلا، اهلا يا فرح تعالي اقعدي
ابتسمت فرح بغبطة وهى تجلس على المقعد الخشبي لتراه يجلس قبالتها وهو يقول بعتاب
-مالك كدا بقالك فترة مش بتيجي المكتبة، ولا شهرة السوشيال خليتك تقصري في زيارتي
زمت فرح شفتيها وهى لا تنكر أن شهرتها الوليدة على المنصات التواصل الأجتماعي بمحض الصدفة، حتى أنها باتت تعرف بأسم ” البنت صاحبة الحكايات”، أثارت زوبعة كارثية خاصة للرجال الذين ينتقدونها وتعاطف وتشجيع كبير من السيدات
وكل ما تقوم به هو وضع مستحضرات تجميل على وجهها وتسرد قصص وهمية لها عبرة بالنهاية، مدافعة عن مغبة السقوط فى وهم الحب!!
لكن هل يتركونها صنف الرجال!! لكنها لم تكترث اطلاقا، هى تقدم نصائح للسيدات وما زالت ستقوم بفعلها، غمغمت بصراحة تجاه الرجل الذي بدأ يلفها بطوق من الأمان الذي تنشده
-الصراحة كدا كنت مخنوقة، وحسيت ان دي فرصة أعيد عليك
عقد الرجل العجوز حاجبيه العرضين بوجوم ليجيبها بتفكه قائلا
-تعيدي عليا في نص رمضان، ماشي يا ستي مقبولة منك
صمت الرجل وهو يلاحظ تشنج ملامحها وشرودها ليتنهد بثقل وهو يعلم تلك النظرة التائهة في عيونها
رغم أنه تعرف عليها عن طريق الصدفة حينما أتت لزيارة سريعة باحثة عن عدة كتب لدراستها، وبدأت زيارتها تتكرر، يعترف أن الشباب أصبحوا يهملون المكتبات وقراءة الكتب، ما أثار انتباهه هو شرودها وحزنها الدائم رغم كونها فى زهرة شبابها!!
اقترب منها بدافع الفضول والقلق الأبوي، وهي كانت فى بداية الأمر تفاجئت من عرضه لها للشاي والقهوة حينما تمكث بالساعات فى المكتب، لا ينكر انها كانت تنظر اليه بريبة، لكن نظراته الأبوية أسكن خوفها، لتبدأ هى فى جلب قوالب كعك صحية ثم بدأ يتسامران حتى أصبحا صديقين.. سألها بنبرة هادئة
-مالك
مررت أناملها فى خصلات شعرها وهي تهمس بحنق
-انا تعبت
ابتسم الرجل ورغم مسامرتهما، إلا أنه لم يعرف أدق تفاصيل حياتها، وتفهم هو رغبتها، لكن صرحت بهدوء أنها مرت بتجربة سيئة، لكن اليوم شجعه على هدم أول جدار
-مشكلة حب مش كدا
لوت فرح شفتيها ساخرة لتجيبه بتهكم
-ياريت مشكلة حب، علاقتي كانت سامة للأسف
اتسعت عيناه دهشة ليسألها باهتمام
-يا ساتر يارب، احكيلي
نقرت بأناملها على مكتبه الخشبي ونظرت اليه لثواني
تختبر اقتراب شخص عجوز مثله فى حياتها
رغم أن الرجل أخبره بقصة حبه الاسطورية بزوجته وتركته الان وحيدا مع فتاة وولد أصبحا ملك حياته، زفرت بيأس و لقائها الأخير مع نضال حفزها لتسأل رجل مثله، خبير بالعلاقات وله خبرة واسعة فى المسائل الحياتية
-الست تقدر ترجع لطليقها في حالة ايه
ابتسم الرجل بدفء وهو يجيبها بنبرة رزينة
-انه يكون مقدرها، غالية في عنيه، ندمان على طلاقه منها، والاهم من كل ده التغير.. الانسان يا بنتي صعب يتغير دلوقتي عشان حد.. نقدر نتلون، نلبس قناع نخدع بيه اللي قدامنا بس يتغير لأ ابدا
لاحظ الجمود الذى سيطر على ملامحها، لتعلم أن الاجابة النهائية هي لا
هي احتاجت لحافز ليزيد من عزيمة اصرارها للرفض، لن تنكر أن بداية طلاقها كان أمر لا يطاق، والالام وجروح لم تبرأ
لكن بدأت تعتاد علي عدم وجوده… مصيبتها انها جعلته كل حياتها
هي من تلجأ إليه فى كل مصابها
صبت كل مشاعرها لشخص لم يستحق ذرة واحدة من امضاء وقته معها
لكنها عاندت.. زادت اصرارا لتغيره
والرجل قال.. الانسان لا يتغير.. من الصعب أن يتغير
كأنه اقتحم دهاليز عقلها
علم علة قلبها
صمت لبرهة من الوقت ثم تساءل
-كنتي بتحبيه مش كدا؟
غمر وجهها الضيق وذكراه او مجرد التذكر بأسمه تنفر منه، لتقول
-كنت، بس لما عرفت انى باخد أذي وقلة قيمة بعدت
ابتسم بتفهم ليقول بنصيحة أبوية يقدمها لتلك الحزينة
-صدقيني البداية صعبة، بس بعد كده هتتعودي وهتعيشي، اوعي تفتكري انك عايشة في الكون ده لوحدك، او حتى أنه لما مشي من حياتك مش هتقدري تعيشي من غيره، عقلك مدي سيطرة علي قلبك بالكلام ده.. عيشي لنفسك عشان نفسك هي حياة واحدة بس اللي بنعيشها
هزت رأسها والحنق يعتريها ليتابع بابتسامة مشجعة
-الجواز مش نهاية العالم، عدم وجود الحب مش أزمة لو مجربنهوش، الاطفال مش مشكلة لو مقدرناش نجيبهم، ساعات يا بنتي عدم وجود اطفال نعمة على حياة الأب والأم، انتي تضمني منين هو ده الابن البار بيكي، عايزك تعرفي ان الكون مش ماشي بطريقة عبثية، كل ده بحكمة وتدبر ربنا عز وجل
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تهمس بتحشرج
-ونعم بالله
قرر أن يرأف بحالها، ليقول بابتسامة شاردة
-الحب حلاوته فى وجعه مع الشخص الصح، الشخص الغلط ده مكنش تعلقنا بيه حب ابدا
بادلته الابتسامة بابتسامة هادئة وهى تزيل دموعها المعلقة فى رموشها قائلة
-كنت فينك من زمان يا عمو صلاح
ابتسم الكهل المدعو بصلاح ليجيبها فاتحا ذراعيه لارجاء مكتبته العتيقى
-موجود في المكتبة هكون موجود فين
اتسعت ابتسامة فرح وهى تشعر بالغبطة لابنائه لأنهم حظوا برجل مثله، حاولت أن تنزع نفسها من دوامة الكآبة لتخبره
-بالمناسبة، عايزاك تفرح طلعت الاولى على الدفعة السنة دي
التمعت عينا الرجل سعادة، وهو يلاحظها حاجتها للاهتمام ليقول بابتسامة مرحة
-لا بالمناسبة الحلوة دي هتفطري معايا
اتسعت عيناها وهي تجيبه
-لا افطر فين انا مقدرش، اعذرني يا عمو صلاح
التمعت عيناه بتسلية ليقول بفكاهة
-متخافيش مراتي توفت، يعني احنا في الأمان
انفجرت ضاحكة وهى تهز رأسها بيأس، ليقتحم صوت انثوي ماكر حديثهما
-الله الله يا عم صلاح، في رمضان ياراجل يا عجوز، طب حرام عليك حتى الشعر الشايب ده
رفعت فرح عينيها لتقع عينيها على امرأة سمراء بملامح هادئة ليقول صلاح ببؤس
-اهو اتقفشنا دلوقتي
اقتربت المرأة تجاه صلاح لتحتضنه قائلا هو معرفًا بالزائرة
-احب اعرفك ببنتي الغالية
ابتسمت المرأة ولا تنكر أن الأخري تتفحصها ببعض الاهتمام لتميل برأسها على جسد العجوز قائلة بمشاكسة
-حبيبي ربنا ما يحرمني منك، مقولتش مين القمر دي
عرف صلاح عن فرح التى تلونت وجنتيها بحمرة الخجل
-دي يا ستي فرح، اللي حكيتلك عنها
مدت المرأة يدها قائلة بنفس الابتسامة المريحة على شفتي العجوز صلاح
-اهلا بيكي يا فرح.. انا غالية
وضعت فرح يدها فى يد غالية، كبداية صداقة جديدة !! ربما!!
-وحشتنا يا جدووو
انتفضت فرح فجأة من صوت طفلين صغيرين لم يكاد يصلون خصرها ينقضون كنمر على غزالة، والغزال هنا صلاح ليخرج قهقهة مرحة من شفتي غالية وهي تمرر اصابعها في شعر يحيى بمشاغبة لتقول
-ودول القردين بتوعي، يحيى ويوسف
اتسعت ابتسامة فرح وهى تشعر بحاجتها الماسة الآن إلى البكاء والانزواء بمفردها، لم تنتبه الى صوت غالية وهى تطلب من طفليها أن يكونا مهذبين وهم يتعرفن على فرح
– روحوا سلموا على طنط فرح، مش عايزة أي حركات بتاعتكم دي
ابتسم يحيى بخبث ليرفع بصره تجاه توأمه يوسف الذى علم ما يدور فى خلده، لينظر بوداعة تجاه والدته قبل ان ينقضا بشقاوة على جسد فرح التي ارتدت بجسدها عدة خطوات للخلف، محاولة توازن جسدها، استمعت إلى زمجرة غالية وقهقهة صلاح الذى سمع تمتمة غالية الحانقة
-مفيش فايدة فيهم، طالع زي ابوهم
مالت تطبع فرح قبلة على وجنتي التوأمين المشاغبين، لتربتهم على ظهرهم وهي تشعر بغصة فى حلقها لتهمس
-ربنا يحفظهملك ومتشوفيش فيهم شر ابدا
ألقت نظرة أخرى على الطفلين اللذان هجموا على والدتهم بعنف أشد منها، محاولين مصالحتها لكن يبدو أن صرامتها لم يجدي معهم ليعودا صاغرين أمامها واحد منهما يهمس بأدب
-احنا اسفين، مش هنعمل كده تانى
رق قلبها من رؤية عيني الطفل المستعطفة لسماحها وهى ينظر إلى أمه برجاء، ليكون رد الأم هو صرامة عنيدة جعل فرح تقول
– يا قلبي انت، انا مش زعلانة، اسمع كلام ماما متزعلهاش
أومأ الطفلين بإيجاب ليعودا مرة أخرى فى أحضان والدتهما التي استقبلتهما بحنان شديد تلك المرة، ابتسمت فرح بشرود وضربة مؤلمة اتتها اسفل بطنها، تكاد تسمع صراخ فى رحمها لحاجة ماسة الى طفل، استغفرت ربها سريعا لتنظر الى الطفلين بشرود… لتتصالح مع ذاتها الجديدة فوريًا، متذكرة كلام العم صلاح، لتستأذن مغادرة رغم إصرار صلاح وغالية لكنها حاولت أن تجعلها فى يوم اخر بحجة دعوة صديقتها للإفطار في منزلها
خرجت من المكتبة تكاد تلتقط أنفاسها، محاولة التركيز على أهدافها القادمة
تبث فى روحها بسالة الفارس، وقوة شكيمته، واصراره على الظفر
لترفع رأسها بايباء وهى تستقل سيارة أجرة إلى منزلها الخاص، الذي بدأت تحوله الى مملكة صغيرة الخاصة بها قبل وصول مارية بطفلتها التي بدأت تنتقل بين احضان الاب والام بالتبادل، متناسية صورة الاب وابنته وأحفاده الرائعين!!
ولكن لم تكن تعلم أنها كانت بداية صفحاتها الجديدة !!
*****
في قرية الغانم،،
وتحديدًا داخل قصر الغانم..
سكنت أسيل ذات العينين الزرقاوين فى حضن شادية بعد استيقاظها البكاء، طبعت شادية عدة قبلات على جبهة الصغيرة، تمتم ببعض الآيات التي كانت تواظب والدتها على قراءتها وقت النوم، طرفت الدموع سريعا من مقلتي شادية وذلك الجرح لا سبيل له للشفاء!!
لا جرح أقوى من فقد الأم
ولا شخص قد يعوض الأم وحنانها، وكانت والدتها مثال للعطاء والحب اللذان لا ينبضان تمامًا، ابتسمت لذكراها لتفيق نفسها من ماضيها، لترفع رأسها حينما اقبلت فريال نحوها لتحمل رضيعتها بتلهف شديد لتجدها نائمة بعمق عكس ما سمعته فى الجهاز حينما كانت فى المطبخ تساعد رهف على إعداد الإفطار…
ابتسمت فريال وهي تشاهد الحجاب الذي زين رأس شادية مرة أخرى مع فستانها المحتشم ذو اكمام واسعة والوانه المبهجة من اللون الأصفر الهادئ.. لتغمغم شادية
-كبرت اسيل يا فريال من اخرة مرة شوفتها
اومأت فريال متنهدة بتعب وهي تكاد تسب زوجها وعم اسيل ورهف عن اشباع الصغيرة دلالا يأتي فوق رأسها فى النهاية
-مغلباني فى النوم ومن كتر ما بيشلوها وهي نايمة، بقت مبتنمش غير وهي فى حضن حد
ابتسمت شادية ابتسامة لطيفة لتهمس
-تتربى فى عزكم
وضعت فريال الصغيرة في مهدها ثم سحبت شادية ليجلسان فى الشرفة وتقول فريال باهتمام
-عارفاكي مش بتيجي غير وقت ما تحسي انك عايزة تفضفض، هو الإيطالي مش كدا
اشاحت شادية وجهها وفضلت النظر الي البقع الخضراء الشاسعة امامها عن الرد عليها، منذ لقائها الكارثي معه لم تحاول حتى معرفة ما وصل إليه
ألم يخبرها انه لن يتعالج
فليحترق هو بعيدا عنها، لما يلزمها بقيد خفي يعلم كيفية استخدامه فى صالحه مرارا!!
لا تعلم ماذا فعل ماهر به؟!! تقسم ان ماهر أن يدع الأمر يمر مرور الكرام
وها قد مر ثلاثة أسابيع .. وبداية العد التنازلي لنهاية الشهر المبارك وهي كما هي، برغم اهتمامها بعملها الذي بدأ ينفلت منها خاصة نانسي التي تتصيد أخطائها
قررت وضع حد للغباء الذي فيه، لكن تلك الغصة؟!
كيف تنهيها؟!
استمعت إلى نبرة فريال الهادئة
-على فكرة لو عايزة تروحيله روحيله
رفعت شادية عينيها عن البقعة الخضراء لتلتف الي عيني فريال الماكرتين لتقول بحدة
-مش هروح
امسكتها فريال من عضديها لتقول بحدة
-ما انتي لازم تفهميني يا شادية انتي عايزاه ولا لأ
مالت شادية برأسها لتجيبها بصراحة
-مش عارفة يا فريال، كل حاجة وكل تفكيري مشوش
اقتربت فريال مؤازرة لتسألها بهدوء
-طب والدكتورة قالت ايه
عضت شادية علي باطن خدها وهي تتذكر نصيحة الطبيبة لتقول
-ولا حاجة، قالت ان كل انسان لما بياخد قرار في حياته لازم يحسب هو هيكسب ايه وهيخسر ايه، ولما حسبتها لقيت نفسي ضايعة
استفحل الألم لينتشر فى عروقها، مسببا الشعور بالحرقة والوجع.. لترفع رأسها قائلة بغضب من حال نفسها
-بعيدة عنه وبعده قاتلني، لدرجة فكرت اني مجنونة لأني بجر نفسي لطريق غلط
اقتربت فريال بقلق لتمسك ساعد شادية التي نفضت يدها بعنف، لتقول بقلق حقيقي
-شادية اهدي
انتبهت إلى وضعها الحالي لتكتفي باعتذار صامت، أكثر ما تكرهه هو النظرة المؤلمة في عيني شقيقها ووالدها
هي لا تستطيع أن تتركه فى منتصف الطريق، تقسم أن الأمر ليس بيدها، حتى عرضها بالزواج له رفضه ذلك الأحمق
سألتها فريال باهتمام معرفة تغير دوافعها لسرمد من الكره الشديد إلى الألم والبكاء
-لسه حقدك بنفس القوة ولا اتغير
غمغمت شادية بصراحة مجيبة على سؤالها
-اتغير يا فريال، اتغير بس بحس اني برمي نفسي في حلقة نار
ضيقت فريال عينيها متشككة لتقول
-يعني عايزاه
تنهدت بحرارة وهى تهمس بتيه شديد من تخبط افكارها
-ومش عايزاه برضو، مش عارفة ايه اللي هيحصل بعد كدا
امسكت فريال بيد شادية وقالت بجدية تامة
-حاولي تتخطى الموضوع ده، اتعرفي علي حد غيره يمكن شخص إيطالي زيه تأثيره لسه مسيطر عليكي ولما يختفي هترجعي لطبيعتك تاني
فغرت شفتي شادية صدمة، لتدارك صدمتها سريعا وهي تهمس بحدة
-انتي عايزاني ارمي نفسي لراجل تاني عشان المرة دي يقتلني
زفرت فريال بحدة لتمسكها من مرفقيها بقوة قائلة
-بطلي غباء، فيه رجالة كتير كويسين
ان كانت فريال ذبحت مرة، فهي ذبحت على مرتين، لكن شتان ما بين فريال السابقة والحالية
ابتسمت تخبرها بغبطة
-زي جوزك مثلا، تعرفي ربنا كان كريم اووي انه بعتلك وقاص في حياتك
واستها فريال بأن تعانقها لتقول بحيرة تفوق حيرة شادية
-صدقيني يمكن مجرد تأثير وتكتشفي انه مش حب يعني تعلق فى الأخر
رفعت شادية راسها لتواجه فريال قائلة بعصبية، وقد اكتفت منهم ومن متطلباتهم التي تشق عليها
لما لا يفهمون أن الأمر ليس بإرادتها الحرة، لو كان عليها لنفذت طلبهم بصدر رحب
لكنها تخادع نفسها أولهم قبل الجميع!!
-وتفتكري اقدر انسي شخص عرض حياته للخطر مرة في غيبوبة ومرة تانية أنهى حياته و شغله وغروره عشاني وانهي كل حاجة ببساطة عشان اسامحه
زمجرت فريال بعصبية لتقول
– روحيله وخليكي جمبه اذا مش قادرة تنسي كل ده، بس صدقيني لو كان مجرد انك تسددي دينك ليه الافضل متروحيش
دلكت شادية صدغيها بتعب لتهمس بصوت متحشرج
-قالي انه مش هيتعالج
اتسعت عينا فريال بذعر شديد لتزمجر بعصبية
-بيساومك القذر
لكن شادية كانت بعيدة كل البعد عن الزمجرات الغاضبة، والوعيد الناري
لم تجد سوي فريال لتحكي لها كامل آلامها، لم تحتمل أن تدفن سرها بمفردها، وأكثر الأشخاص حفظا للسرية هي ابنة عمتها، غمغمت بتعب انهك جسدها
-انا مش عارفة هو بيعمل معايا كدا ليه؟ يمكن من غضبه قال كدا، اكيد هو مش هيقطع امل علاج حتى لو طال لسنين
لوت فريال شفتيها ساخرة لتجيبها بجفاء قائلة
-شخصية زيه انتي ادري بيه يا شادية مش احنا
عادت للصمت والشرود مرة أخرى، محاولة معرفة إذا كان يساومها حقًا أم نطقها علي غضب منه
انزعجت من صياح فريال الحاد
-هاااا، قولي
لم تملك سوى أن تهمس بيأس
– عايز يقيدني جمبه حتى لو هو بعيد عني، عارف اني مش هقدر اتخطاه بسهولة
همست فريال تلك المرة بعصبية وقد سئمت من هذا الوضع واجوبة شادية المتناقضة
– شادية
انتبهت شادية لتنظر اليها بيأس وتيه شديدين جعل فريال تقول بصرامة
– لو اتجوزتيه تفتكري السبب اللي
خلاكي تنفري منه هيقدر يصلحه؟!، فكري في ده وردي عليا
كان هذا أكثر سؤال تتفاداه حتى من ترديده لنفسها، هي لا تعلم
إذا عادت له كيف سيستقبلها؟
وكيف سيكون صورتها الحالية؟! أستكون مختلة؟ مريضة عقلية؟
ربما.. بل أكيد ستكون مختلة عقلية
زفرت بيأس، هي لن تتذلل له.. ألم يخبرها أن بعدهما أرحم.. وأن قربهما يزيد من جراحهما
رن هاتفها فى ذلك الوقت، لتنسل الهاتف من حقيبتها لتجحظ حينما رات رقمه
توترت شفتيها وارتعش جسدها وهي تشعر بتسابق نبضات قلبها لدرجة انه يكاد يقفز من ضلوعها، ابتعدت عن مرمى بصر فريال لتجيب على الاتصال وهي تضع الهاتف في اذنها بوجوم ليأتيها صوته الخشن
-مرحبا
تبارت انفاسها مع صوت انفاسه الخشنة عبر الاثير، حاولت أن تجمع اعصابها لتجيبه بحدة
-نعم
قهقهة خافتة تبعها صوته الخشن الذي همس بأسف
-كنت فظ للغاية، أليس كذلك؟
زمت شادية شفتيها بعصبية، هل هذا وقته للمزاح؟ صاحت بعصبية تلك المرة وهي تخبره برفضها للحديث معه
-انا مشغولة، لو معندكش حاجة تقولها يبقى اقفل احسن
اختفي المرح من بين همساته الكئيبة، ران الصمت بينهما إلا من صوت انفاسهما المتبارية ليقول بهمس كئيب
-حسنا كما ترغبين، جئت لأودعك
اتسعت عينا شادية جحوظا، وألف سؤال يقفز في عقلها
هل حان الوداع بتلك السرعة؟
هل قرر الرحيل بتلك السرعة ؟
وماذا عن علاجه، وسفره؟ هل وضعه مستقر
تبا لك يا شادية، تخشين عليه وعلى صحته بعد كل ذلك الامر؟!!
خرج سؤالها مكرهها رغم عنها من كثرة فضولها بل قلقها عليه
-هو أنت مسافر؟
جاءها صوته الخافت مجيبا عن سؤالها ولهفتها
– نعم سأقضي العيد فى منزل العائلة
صمتت لبرهة وهي تجده صبورا لحالة الصدمة التي انتابتها، همست بصوت مضطرب
-وعلاجك؟
كانت تدور جيئة وذهابا، ذلك الاحمق الغبي يخبرها بسفره من خلال مكالمة يتيمة!!
غمغم بصوت مطمئن، محاولا بث الاطمئنان لها وتهدئة ذعرها الذي يستشعره من صوتها
– لا تقلقي، بخصوص ما قلته أنا آسف.. أردت فقط أن تعلمي أنني كنت غبي للغاية لأفقدك وأحمق كفاية لأظن أن وجودك بجانبي أمر مفروغ منه
تهدجت انفاسها مع وقع كلماته الجامدة ليتابع هامسًا بندم
– أتمني أن تجدي سلامك الداخلي، لقد كنت عنيد كفاية لأعلم أن سطور حكايتي لن تتقابل مع سطور حكايتك
خرجت شهقة منصدمة لتزجره باسمه قائلة
-سرمد
لا تعلم كم من مقدار ضبط النفس الذي احتاجه الآخر كي يتابع كلمات الوداع التي سطرت حكايتهما
– حرري نفسك مني، أنتِ تستحقين رجلا أفضل مني
حتى هو يقولها ببساطة، الغبي الذي كان يغار من خطيبها وشقيقها ومن أي ذكر يقترب منها.. يخبرها ببساطة أنها تستحق أفضل منه
نعم هي تستحق الأفضل منه
غمغمت بصلابة وهي ترشقه بسهم غادر فى قلبه
– معك حق، أحتاج الى رجل حقيقي فى حياتي ليس مثلك، انت اغبى شخص رأيته في حياتي
جاءه همسه الخشن والله وحده يعلم كيف يتحكم في أعصابه كي لا ينفلت عيار الغضب لتكون هى أول المستقبلين له
– أعلم
اجابته كانت كاضافة الزيت في النار، لتزمجر بغضب
-وقح وعديم التهذيب كنت اكرهك وما زلت
اجابها بألم التمسته في حروف كلماته
– أعلم حبي، أعلم
وما فائدة كلمة “حبي” فى الأمر؟!
انه يودعها
الغبي !! صاحت بيأس
-لماذا إذا؟
لا يعلم ماذا قصدت وهو يسمعها تزمجر بعصبية بلغة الأم خاصتها
-ليه ورطتني بيك من الأول، ليه الوجع ده يا سرمد من الأول، لطالما دي النهاية
لم يملك الرد على أسئلتها التي لا توجد إجابة لأحدهما
انه القدر والنصيب
قدر لقائهما.. ونصيبهم هو الفراق
همس بصوت خفيض بنبرة جادة
-انسي يا شاديااه، أعدك المرة المقبلة فى حياتك لن أزعجك، اهتمي بالقطة لولو لا ذنب لها بسبب ما اقترفته، وحين تسمعين خبر موتي يومًا
شهقة مؤلمة غادرت حلق شادية لتهمس اسمه بعتاب واضح
-سرمد
ما بال برتقاليته
أليست هي من تمنت موته وأنها لن تهتز بما يحدث لمصابه؟! تابع منهيا مكالمتهما
-أتمنى أن تكوني غفرتِ لي
تحشرج صوته رغمًا عنه وهو يهمس مودعًا حب عمره
-وداعا يا برتقالية
ووداعه تلك المرة كان قاتلاً
صامتًا
لا رجعة فيه.
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)