قصة الفاروق عمر بن الخطاب الفصل الخامس 5 بقلم دعاء عبدالحميد
قصة الفاروق عمر بن الخطاب الفصل الخامس 5 بقلم دعاء عبدالحميد
قصة الفاروق عمر بن الخطاب البارت الخامس
قصة الفاروق عمر بن الخطاب الجزء الخامس
قصة الفاروق عمر بن الخطاب الحلقة الخامسة
فعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى حرّة واقم حتى إذا كنا بصرار، إذا نار تؤرث، فقال: يا أسلم، إني أرى هؤلاء ركبا قصّر بهم الليل والبرد، انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا امرأة معها صبيان لها، وقِدر منصوبة على النار، وصبيانها يتضاغون فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء وكره أن يقول: يا أصحاب النار قالت: وعليك السلام.
قال: أأدنو؟ قالت ادن بخير أو دع، فدنا فقال: ما بالكم؟ قالت: قصّر بنا الليل والبرد، قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: الجوع.
قال: وأى شيء في هذا القِدر؟ قالت: ماء أسكّتهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر! قال: أى رحمك الله، ما يُدري عمر بكم؟! قالت: يتولى أمرنا، ويغفل عنا!
فأقبل علىّ فقال: انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلا فيه كُبة شحم فقال: احمله علىّ! فقلت أنا أحمله عنك، قال: احمله علىّ، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك أقول: أنا أحمله عنك، فقال لي في آخر ذلك، أنت تحمل عني وزري يوم القيامة؟! لا أمّ لك، فحملته عليه، فانطلق، وانطلقت معه نهرول، حتى انتهينا إليها، فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئا، فجعل يقول لها: ذرّي علىّ، وأنا أحرِّك لك، وجعل ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة فجعلت أنظر إلى الدخان من خلل لحيته حتى أنضج وأدُمَ القدر، ثم أنزلها، وقال: ابغني شيئا فأتته بصحفة فأفرغها فيها، ثم جعل يقول: أطعميهم، وأنا أسطِّح لك، فلم يزل حتى شبعوا، ثم خلّى عندها فضل ذلك، وقام وقمت معه، فجعلت تقول: جزاك الله خيرا، أنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين!
فيقول: قولي خيرا، إنك إذا جئت أمير المؤمنين، وجدتني هناك إن شاء الله.
ثم تنحى ناحية عنها، ثم استقبلها وربض مربض السبع، فجعلت أقول له: إن لك شأنا غير هذا، وهو لا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون ويضحكون، ثم ناموا، وهدؤوا، فقام وهو يحمد الله. ثم أقبل علىّ فقال: يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت ألا أنصرف حتى أرى ما رأيت منهم.
وعن أسلم أيضا قال: بينما أنا مع عمر بن الخطاب، وهو يعس بالمدينة إذ عيى فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، وإذ امرأة تقول لابنتها، يا بنتاه قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء.
قالت لها: يا أمتاه أو ما علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين؟
قالت: وما كان من عزمته يا بنية؟
قالت: إنه أمر مناديه فنادى لا يُشاب اللبن بالماء.
فقالت لها: يا بنية قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر.
فقالت الصبية لأمها: يا أمتاه، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، وعمر يسمع ذلك كله، فقال: يا أسلم علّم الباب واعرف الموضع، ثم مضى في عسسه، فلما أصبح قال: يا أسلم امض إلى الموضع، فانظر من القائلة، ومن المقول لها، وهل لهما من بعل؟ أى زوج.
فأتى الموضع وعلم أنها جارية لا بعل لها وتيك أمها لا بعل لها أيضا، فسأل عمر أولاده هل منهم من يحتاج زوجة؟
وقال لو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية، يقصد لتزوجها هو، فرد اثنان: لي زوجة، وقال الثالث عاصم: لا زوجة لي، فزوجني، فبعث الجارية فزوجها من عاصم، فولدت له بنت، فولدت البنت عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
هذه مواقف لعمر بن الخطاب مع رعيته ويوجد غيرها الكثير والكثير، اقتصرنا على عدة مواقف فقط، بل وأوجزنا أشد الإيجاز في نشر هذه الكلمات التي من حقها أن تبسط، وأنهي هذه القصة بفراق الفاروق رحمه الله، حيث قتل بسكين ذات طرفين، على يد غلام المغيرة، وهو صانع كثير المهن والحِرف، حتى أنه لما علم أنه مأخوذ قتل نفسه بنفس ذات السكين، قُتل ابن الخطاب وانتقل إلى الرفيق الأعلى وحزنت القلوب والأفئدة، لله درّك يا ابن الخطاب، مُتّ ومات معك العدل، ماتت معك الأخلاق، والعدل والرحمة، مات معك كل جميل.
قبل أن يستشهد وتصعد روحه لله بعث للسيدة عائشة يطلب منها أن يدفن بجوار صاحبيه، يقصد رسول الله وأبا بكر، فقالت والله إني أريدها لنفسي ولكني أؤثرك على نفسي، ودفن بجوارهما واجتمع بصحابيه في القبر ورافقهما كما كان رفيقهما في الدنيا، أدى رسالته وحكم وعدل فمات والله تعالى راض عنه، عمر بن الخطاب من العشرة المبشرين بالجنة، ورغم ذلك كان يخاف الله ويخاف السؤال والوقوف بين يديه، هو أول من سيأخذ كتابه بيمينه، ألحقنا به على خير يا الله واحشرنا في زمرته، كل الحزن على فراق هذا الرجل الذي تنزل له الدموع بحارا تجري، ليتني كنت ابنة الخطاب، ليتني كنت أخته، أو حتى زوجته، ليتني من أهله أو حتى من رعيته، ليتني كنت في عهده، أحب ذلك الرجل وأبكي لعدم رؤيتي إياه.
أمنت لما أقمت العدل بينهم…فنمت نوم قرير العين هانيها.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات القصة اضغط على : (قصة الفاروق عمر بن الخطاب)