رواية يناديها عائش الفصل الأربعون 40 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش الفصل الأربعون 40 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش البارت الأربعون
رواية يناديها عائش الجزء الأربعون
رواية يناديها عائش الحلقة الأربعون
يقولون “إذا قابلت الإساءة بالإساءة، فمتى تنتهي الإساءة؟”
**********
لم يدرِ النادل “علي” ما فعله بتلك المسكينة بعد أن افقدها الوعي بضربه لها على مؤخرة رأسها؛ بسبب حالة الثمالة التي تسيطر عليه.. سحبها من ذراعيها حتى ابتعد عن الغرفة ثم حملها و دلف بها لإحدى الغرف الفارغة و أغلق الباب وأخذ يضحك بهستيرية وهو يتذكر ما فعلته به خطيبته و يتخيلها تلك المغشية عليها، فأشار بسباته لها وهو يتوعدها هاتفًا بانكسار وحزن شديد خيم عليه
–ليه عملتي فيا كده !! ليـه !!! أنا حبيتك و اشتغلت ليل نهار عشان اجبلك الشقة اللي نفسك فيها.. مفيش شغلانة غير اما اشتغلتها عشانك.. عشان تبقي مبسوطة.. ليه سبتيني بعد كل اللي عملته عشانك ؟؟ ليه يا ” أمل” هونت عليكِ يا حبيبتي ؟
ظل لدقائق يحدث عائشة بلوم و عتاب ظنًا أنها خطيبته “أمل” حتى أظلمت عيناه و ارتسمت على فاهه ابتسامة خبيثة توحي بالشر فيما ينوي فعله؛ لينتقم لنفسه منها.. اقترب من عائشة قائلًا بغضب
–محدش هيلمسك غيري يا أمل.. أنتِ ليا.. ليا أنا وبس
قبل أن تمسس يده جسدها بدأت الرؤية لديه بالاهتزاز و تشوشت صورتها أمامه فتارة يراها خطيبته وتارة يراها فتاة أخرى لم يسبق لها أن رأها.. بعد ثوانِ شعر بوزنه يختل و الغرفة تدور به، فوضع يده على رأسه و انكمش حاجبيه متألمًا كأن ضجيج العالم اجتمع في عقله فما عاد يفقه ما يحدث، أخذ يفتح عينيه و يغلقهما في محاولة منه لاستعادة نفسه المخمولة وصورة عائشة تضح أمامه أكثر فأكثر تلك الفتاة التي كان يتخيلها خطيبته بات الآن يدرك أنه لا يعرفها وأن حماقته وتهوره وضعوه في مأزق لا يحسد عليه.. ماذا سيفعل الآن ؟
عضّ على أنامله بخوف وأخذت الهواجس تملأ عقله الفارغ والأسئلة تهبط على رأسه كالصواعق سؤال تلو الآخر” من تلك الفتاة يا ترى ؟ ماذا فعلت بها ولماذا احضرتها إلى هنا ؟ ماذا سأفعل الآن ؟
ربي لقد وضعت نفسي في ورطة إلهي ساعدني ”
كان ذلك الموقف العسير يثير في نفسه الرهبة، ففي حياته لم يؤذي أحد ولم يسعى لارتكاب أي فاحشة، كان بالأمس يتضرع إلى الله ليجبر خاطره المكسور والآن تجرع كؤوس الخمر التي أذهبت عقله و أوصلته لما هو عليه الآن، وقف لدقائق يرتجف بخوف شديد يشعر بأن عقله سينفجر من كثرة التفكير والأسئلة، ماذا سيفعل بشأن تلك المسكينة التي لا يعرف اسمها ولا حتى عائلتها ؟
جث على ركبتيه بضعف واضعًا يديه على رأسه بندم مرددًا
“ايه اللي أنا هببته ده .. أنا عملت ايه! يارب ساعدني.. أنا كنت ناقص مصايب.. يارب ساعدني يارب”
بعد لحظات فوجئ “علي” بهجوم صديقيه عليه أحدهما امسكه من ذراعيه ينهره بغضب على ما فعله والآخر يعبث في شعره بجنون وخوف وهو يقول
“روحنا في داهية احنا التلاتة.. الشغلانة اللي بناكل منها عيش راحت خلاص.. تابع وهو يصرخ به..(ودتنا في داهية الله يخربيتك)
تلعثم” علي” وبدأ يبكي قائلًا
–غصب عني والله.. أنا معرفش مين دي أصلا أنا فوقت لقتها مرمية على السرير.. مش فاكر أنا عملت ايه ولا أنا جبتها هنا ازاي ولا هي مين دي أصلًا
قال أحد اصدقاءه من العاملون معه بالفندق
–قوم.. قوم على حيلك كده واغسل راسك ووشك وتعالى نفكر.. نشوف هنعمل ايه في المصيبة دي
تأمل ثالثهم وجه عائشة؛ فابتلع ريقه هامسًا بخوف
–دي مرات الأستاذ اللي كلمنا عشان نجهزله اوضة بزينة العيد ميلاد.. ايوه أنا فاكرهم كويس أنا اللي مسلمهم مفتاح الاوضة بايدي.. ينهار مش فايت.. دي متجوزة يعني معاها راجل.. يعني لو مبلغش عننا و ودانا في ستين داهية تبقى معجزة.. منك لله ياعلي منك لله ياشيخ كله بسبب غبائك
نهض”علي” ليغسل وجهه ثم جاء وهو يرتعد خوفًا وهلعًا متسائلًا بتوتر
“طيب.. طيب هنعمل ايه دلوقت ؟”
صرخ به صديقه منفعلًا
“أنت بتسألنا !! مش أنت اللي عملت أم المصيبة دي ؟؟”
___________
كان “بدر” ما زال نائمـًا لا يشعر بأﻲشيء يحدث حوله؛ حتى تقلب على شقه الأيسر تجاه مكان عائشة وهو يفتح عينيه ببطء و يتحسس مكانها فلم يجدها، ذهب النعاس من عينيه على الفور ونهض ليبحث عنها في الغرفة وعند ابتعاده عن الفراش لمح باب الغرفة مفتوح فاتسعت عينيه بصدمة ظنًا منه أنها خرجت تستنشق الهواء فهي مجنونة ومن المحتمل أنها فعلت ذلك، انعقد حاجبيه بغضب وهو يخرج من الغرفة ويحدث نفسه متوعدًا لها
“أنا هعرفك ازاي تخرجي لوحدك بالليل”
ولكنه انصدم بكوب مكسور بجانب باب الغرفة فبدأ القلق يساوره خشية أن يكون حدث لها شيء سيء.. عاد للغرفة ليحضر هاتفه ويرن عليها ففوجئ بأنها لم تأخذ هاتفها معها.. أخذ يتنفس الصعداء بخوف وهو يقول بقلق
“هتكون راحت فين .. دي مخدتش تليفونها معاها ؟”
هرع للخارج يركض وهو يدعو الله في جوفه أن تكون على ما يرام و شكوكه هي المخطئة.. أثناء ركضه تجاه المصعد ليتسعمله وينزل سريعا للأسفل، سمع صوت ثرثرة بعض الرجال كأنهم يتشاورون في فعل شيء.. وجد جزء من باب الغرفة مفتوح فاقترب بحذر والخوف يأكل قلبه وهو يتذكر تلك الليلة التي كان يريد أمير واصدقاءه أن يتعدو على عائشة.. هز رأسه محاولًا أن ينفض تلك الأفكار السيئة من رأسه، ولكن عينيه وقعت على جسد صغيرته مُلقية على الفراش غائبة عن الوعي وحولها ثلاث شبان يبدو من تعابير وجههم أنهم في حلقة من الرعب ليس لها نهاية.
صاح بدر بصوت عالي أرعب الجميع وهو يدفع الباب ليلصقه في الحائط بقوة
“عائـــــــــــــش”
حول الثلاث شباب بصرهم نحوه و شحب وجههم من كثرة الرعب الذي شعروا به فور مجيء زوجها، أما بدر لم يأبه لهم كل ما يشغله هو عائشة وما حدث لها.. اتجه نحوها وهو يتفحص وجهها بقلق وخوف شديد ويناديها بهمس
“عائش.. حبيبتي.. عائشة ردي عليا”
ابتعد بدر عنها قليلًا وهو يحاول أن يستوعب الموقف، فترقرقت عيناه بالدموع وعاد يهزها برقة و يضمها اليه في تَوَجُّس وهو يحدثها بترجي
“حبيبتي ردي عليا.. بالله عليكِ ردي.. يا عائشة !!”
لم يعرف بدر كيف يتصرف وحبيبته فاقدة الوعي، فاقترب منه أحد الشباب بحذر ومد له يده بزجاجة عطر كانت موجودة على الكومود بالغرفة.. أخذها بدر دون أن ينظر اليه أو حتى يسأله من أنت.. كل ما يهمه في الأمر أن تفيق عائشة.. نثر بدر العطر في كفه وقربه من أنفها.. بعد لحظات رفَّت عينيها قليلًا وتحركت جفونُها حركاتٍ لا إراديّة وصورة بدر تتضح أمامها..أصدرت عائشة صوت أنين وهي ترفع يدها وتضعها على مؤخرة رأسها بألم
“آه.. راسي… راسي”
سقطت من عين بدر دمعة وهو يضمها بقوة لصدره مرددًا بارتياح
“الحمدلله.. الحمدلله.. ثم ابعدها عنه برفق متسائلًا بلهفة ( ايه اللي عملك فيكِ كده يا نور عيني ؟)
لم تجيبه عائشة فقد كانت تتألم بسبب الضربة التي أخذتها من ذلك النادل أسفل رأسها.. استوعب بدر الأمر والتفت بوجه محتقن من الغضب.. اغمض عينيه يحاول أن يواجه الأمر بهدوء و يسيطر على الموقف قبل أن يفعل شيء قد يندم عليه فيما بعده، ليس من طباعه أن يحكم على الأشخاص قبل أن يفهم الموقف دائما يحسن الظن بالآخرين، لقد اعتقد انهم ربما ساعدوا زوجته أو انقذوها من أذى كان سيلحق بها.. فتسائل بهدوء
” ايه اللي حصل لمراتي ؟ ”
انهار “علي” أمامه يهتف بتلعثم و يبكي بتأنيب ضمير وندم
–أنا آسف.. والله مكان قصدي.. والله ما اعرف أنا عملت كده ازاي.. سامحني ابوس ايدك
تابع كلامه وهو ينحني على يد بدر ليقبلها وهو يبكي فدفعه بغضب أعماه حين ادرك أن ما حدث لعائشة بسبب هذا النادل.. لم يستمع بدر لأعذاره ولم يهتم لبكاءه وخوفه وهجم عليه بلكمة قوية في فكه جعلت الدماء تسيل من فمه وهو يصرخ به بجنون استحوذ عليه
— عملت فيها ايـــــــه.. أنا هقتـلك يا كلـب.. هدفنك بالحيــــــــا.. عملت في مـــراتي ايـــــــه
تدخلا الشابان في الحال ليخلصوا صديقهم من يد ذلك البركان الغاضب.. ابعدوه عنه بصعوبه بعد أن شوه بدر وجهه وجسده باللكمات والأخر يتلوي من تحته ويصرخ بألم يحاول أن يستنجد بأي أحد… وصل الصراخ والضجيج لمعظم النزلاء والعاملون بالفندق وعلم المدير بالأمر.. فهرولوا سريعًا.. دخل المدير على بدر وهو يرفع رف خشبي تابع لخزانة ملابسة ليهوي به على جسد “علي” فلحقه أحد العاملون واجتمعوا حوله البقية يهدؤون هذا الذي أصبح يشبه الثور الهائج في غضبه.. ألقى بدر الرف الثقيل من يده على جنب كأنه ورقة وصدره يعلو ويهبط بعنف مشابه لمن يخوض سباق جري طويل.. نظر بدر للرجال المجتمعون في الغرفة ولزوجته النائمة تتألم بوهن أمامهم.. فهرع نحوها ليخفيها عن أعينهم صارخًا فيهم بغيرة وغضب
“اطلعوا بــرررا.. بررااا”
انصاعوا لأوامره وخرجوا جميعًا إلا “علي” الذي فقد الوعي من ضرب بدر المبرح له.. فحمله اصدقاءه بأمر من المدير ووضعوه بغرفة الاسعافات الأولية.. بينما مدير الفندق انتظر في الخارج بعد أن فهم الحوار بأكمله من اصدقاء علي..
حاول بدر تهدئة نفسه، فذهب للمرحاض يغسل وجهه وشعره ثم عاد لعائشة ليتفحصها متسائلًا بنبرة غاضبة
” الكلب ده عمل فيكِ ايه ؟؟ ”
خوف عائشة من نبرة بدر الغاضبة و رؤيتها لما فعله بعلي منذ لحظات جعلها تنسى ألمها وتتخبط في الأحرف قائلة بوهن
” مش.. مش فاكرة حاجة ”
جن جنون بدر وصرخ بها
“يعني ايه مش فاكرة حــاجة ؟؟؟؟”
انهارت عائشة باكية واخفت وجهها بكفيها عنه وهي تقول بخوف وصوت مكتوم
“والله مش فاكرة حاجة.. أنا طلبت حاجة سخنه اشربها ومش فاكره ايه اللي حصل تاني.. بس.. بس راسي بتوجعني اوي من ورا.. حاسة انها ورمة”
تغاضى بدر عن كل ما قالته وركز على قولها
“طلبت حاجة سخنة اشربها.. إذًا لقد خرجت دون إذنه؛ لذا حدث لها ما حدث ؟”
— يعني أنتِ خلتيني نايم زي المغفل و طلعتِ من ورايا ؟؟
قالها بدر وعينيه ترتكز عليها بذلك الغضب الذي سيطر عليه منذ قليل.. صمت عائشة جعله يغتاظ ويغضب أكثر.. فأزاح يدها التي تخفي بها وجهها وصاح منفعلًا
“ردي على أمي.. طلعتِ من ورايـــــــا !!!!”
رمقته عائشة بدهشة، لم تراه ينفعل هكذا من قبل.. لقد تكرر الأمر عندما حاول أمير اغتصابها ولكن تلك المرة غضب بدر مختلف كثيرًا.. غضبه غضب شيطاني من الممكن أن يقتلها الآن !
ارتعدت أوصال عائشة بخوف و غمغمت تترجاه
–ممكن تهدى وتسمعني ؟!
مسح على وجهه باستياء زافرًا بضيق عدة مرات ليهجم عليها في حركة مفاجأة فاحتوى بكفيه وجهها بقوة جعلها تشعر بالألم الشديد.. نظرت له بضعف نظرة منكسرة دامعة جعلته يخفف من ضغطه على وجهها لا اراديًا استجابةً لنظرة عينيها.. ابتعد عنها ليوليها ظهره قائلًا
–اتفضلي يا هانم.. سامعك
قالت بنبرة مهزوزة أثر البكاء
” بطني وجعتني جامد بالليل.. صحيت ومكنتش عارفة أعمل ايه.. محبتش اصحيك وأنت كان باين عليك التعب.. سيبتك نايم واتصلت بخدمة الغرف عشان اطلب حاجة سخنة.. ولما الطلب جه.. قولتله حطه قدام الباب وهطلع اخده.. قالي ماشي.. فكرت انه مشى..لبست طرحة وطلعت اخد الكوباية بعد ما اتأكدت انه مفيش حد.. وفجأة النادل ده ضربني بحاجة على راسي ومش فاكرة بعدها ايه اللي حصل..
بكت وهي تتابع
“صدقني يا بدر ده اللي حصل”
هدأ قليلًا ولكنه ما زال مستاء من تصرفها دون علمه.. لم يتفوه بشيء سوى أنه قال
“متتحركيش من مكانك.. دقيقة وجاي”
خرج و أغلق الباب وراءه، فوجد المدير ينتظره بالخارج.. نظر له بدر ببرود وذهب لغرفتهما ليحضر فستانا واسعا لعائشة من حقيبة السفر خاصتهما.. عاد وبيده الفستان و الوشاح فأوقفه المدير قائلًا باحترام
–ممكن حضرتك تشرفني في مكتبي نتكلم على انفراد ؟
توقف بدر مكانه صامتًا لثوانِ ثم قال بجفاء
–لو مفكر إن هعدي اللي حصل مع مراتي بالساهل كده تبقى بتحلم.. أنا هقفلك الفندق ده
كاد أن يتحدث المدير ولكن بدر لم يعطيه الفرصة.. دلف لعند عائشة وأغلق الباب في وجهه بقوة.. ألقى في وجهها الملابس ليقول بلهجة آمرة وهو لا يزال يشعر بجمر من نار الغضب في صدره لتصرفها بدون علمه ولمحاولة النادل الاعتداء عليها..
نهضت عائشة ببطء لترتدي الملابس وهي تشعر بالألم ينتشر في رأسها.. بينما بدر وقف أمامها كالصنم يطالعها ببرود واغتياظ مما فعلته.. فبسبب لجوئها لذلك التصرف دون الرجوع إليه حدث لها ذلك.
ارتبكت عائشة من نظرات بدر، فبدا لها كأنه شخص آخر غير ذلك الرجل الحنون العاشق و المدلل لها الذي اعتادت عليه.. وقع منها الفستان قبل أن ترتديه فوقعت معه على ركبتيها وانهارت تبكي ثانيةً وهي تقول
” والله العظيم عملت كده عشان متعبكش معايا ”
تقدم بدر نحوها ليجعلها تنهض ثم ساعدها في ارتداء الملابس قائلًا بلهجة أقل صرامة
” مكنش هيحصل حاجة لو كنتِ صحتيني.. لكن الله و أعلم دماغك كانت فين ولا كنتِ بتفكري في ايه ”
رمقته بدهشة مبتعدة عنه بضع خطواته ظنًا أنه يشك بها أو يتهمها بالخيانة أو أنها على سابق معرفة مع ذلك النادل..!
الأمور التي حدثت الأيام الماضية بينها وبين أمير جعلتها تظن أن بدر لم يعد يثق بها على الإطلاق و يشك أنها تخونه ثانيةً.
هتفت بصدمة
— أنت.. أنت بتشك فيا !!
تأمله للحظات بصمت ثم سحبها برفق من يدها ليخرج متجهًا لغرفتهما تحت انظار المدير الخائفة من تهديد بدر له منذ قليل .. أجلسها على الفراش رافعًا سبابته في وجهها مشيرًا لها بتحذير
“لو خرجتِ من الباب ده مش هيحصلك طيب.. لمي حاجتنا على ما أجي”
أومأت في صمت ثم مسحت دموعهها ونهضت تلملم اغراضهما وهي تقول بعجز وانكسار
“كنت عارفة.. قلبي كان حاسس والله إن عمرك مهتنسى يا بدر.. وأي حاجة هتحصل هتربطها بعلاقتي مع أمير وهتتهمني بالخيانة.. كنت حاسة أن عمرك مهتثق فيا يا بدر”
انسابت دموع الضعف من عينيها ثانية بغزارة وجلست مكانها مسندة ظهرها على الحائط بعد أن نزعت الوشاح من على شعرها وألقت به بعيدًا في عصبية لتضرب الأرض بقبضتيها باكية بصوت عالي مُرددة
“أنا غبية.. غبية.. كنت أقدر أهرب قبل ما تتجوزني.. كنت أقدر أموت نفسي عشان اخلصكم مني.. أنا اللي وثقت فيك.. أنا غبية..
تابعت وهي تحدث نفسها بندم
” عمرك مهتثق فيا يابدر.. عمرك.. عمرك مهتحبني.. كل الفترة دي كنت بتخدعني عشان تنتقم لرجولتك بطريقة تحرق قلبي.. كان عندك حق لما قولتلي الموت أرحملك.. أنا ليه بيحصلي كده.. ليــه يارب مفيش يوم واحد بيعدي في حياتي عدل.. ليــه يارب العذاب ده.. يارب خدني وريحني بقى.. ”
******
خرج بدر وبداخله ينوي أن يلقي كل العاملون بالفندق بما فيهم المدير درسًا لن ينسوه… استوقفه المدير ومساعديه ليأخذوه من ذراعيه في محاولة منهم لتهدئته.. فقال المدير آسفًا
–حقك عليا.. اللي أنت عاوزه كله هعملهولك.. بس بلاش الشرطة.. أنت كده هتضرني في أكل عيشي
سحب بدر ذراعهه منه لينهره بفتور
— و مراتي اللي عُمالك حاولوا يعتدوا عليها.. اسيب حقها كده !!! لو مكاني يا باشا هتعمل ايه !؟؟
أخفض المدير رأسه بخجل لا يعرف بماذا يجيبه فابتسم بدر بسخرية مردفًا
–أظن الإجابة واضحة
وقبل أن يذهب من أمامه فوجئ الجميع بـ “النادل علي” يهرول تجاههم وعلامات الضرب في وجهه تم وضع ضمادات عليها.. جاء علي وجث على ركبتيه أمام بدر يترجاه أن يسامحه فقال بندم شديد
“سامحني يا أستاذ بـدر.. والله والله مقصدتش أعمل كده في مدام حضرتك.. أنا ليا اخوات بنات يا أستاذ.. وبنات الناس أمانة في رقبتي زي اخواتي.. عمري ما فكرت أأذي حد.. والله العظيم كل اللي حصل خارج عن ارادتي وغصب عني.. صدقني يا أستاذ والله مكان في نيتي أجي جنب مراتك أصلًا.. أنا معرفهاش ولا أعرفك.. كل اللي عملته حصل وأنا مش في وعي.. بالله عليك تسامحني يا أستاذ”
ظل علي يبكي وينتحب بشدة، رقّ له قلب بدر و أراد أن يسمع القصة بأكملها.. ربما يكون فهمه لما حدث خطأ بالأساس والأمر لم يكن كما ظن هو..
ساعده بدر على النهوض و تأمل وجهه المهشم للحظات.. رأي فيه سيف شقيقه.. رأى أفعال سيف الطائشة.. شعر بدر بالندم؛ لأنه فقد السيطرة على أعصابه و بدلًا من أن يسمع منه القصة.. حطم جسده من كثرة الضرب، ولكنه معذور فهو كأي رجل شرقي يغار على زوجته وأي شخص في مكانه وصار معه هذا الأمر العصيب سيتصرف دون تفكير.. القضية قضية شرف وعند الحديث عن الشرف يذهب كل شيء للجحيم ويبقى الشعور بأخذ التار هو المسيطر.
تنفس المدير بإرتياح عندما رأي نظرة الندم والشفقة تجاه “علي” فأخذهما لمكتبه للتحدث بعيدًا عن مسامع النزلاء..
جلس بدر وفي المقابل يجلس “علي” يرتجف بخوف ويبكي كالصبية.. ناوله بدر كوب ماء قائلًا بهدوء
–عايز اسمع منك.. يمكن أنا فهمت غلط
أومأ علي وهو يشرب الماء كله ثم أخذ نفسا عميقا قبل أن يتحدث بصدق
–أنا اسمي علي.. علي عطية مهران.. من المنصورة
اتسعت عين بدر بصدمة هاتفًا
–عطية مهران !!!.. أنت ابن أستاذ عطية الله يرحمه مدرس الكيمياء !!!
أومأ علي باستغراب وكذلك تعجب المدير من معرفة بدر له..
تساءل علي.. حضرتك تعرف أبويا ؟
تنهد بدر بحزن مردفًا.. كان من أحسن المدرسين في مدرسة الثانوي اللي كنت فيها.. الله يرحمه كان مدرس طيب ومحترم جدًا
أومأ علي بحزن هو الأخر ليتابع
–أبويا اتوفى وأنا في خمسة ابتدائي.. أنا الولد الوحيد على أربع بنات.. بنت منهم من ذو الاحتياجات الخاصة واتنين في المدارس وواحدة هتجوز كمان شهرين.. وأنا خاطب.. كنت خاطب
قال جملته الآخيرة ثم ابتسم ساخرًا من نفسه وعادت دموع القهر تنساب منه ليقول بحُرقة وحسرة شديدة على ما حدث له من تحت رأ خطيبته..
“محبتش قدها.. لو قولتلك إني كنت بحبها قد ايه مش هتصدق إن في حد يحب كده
رسم بدر ابتسامة صغيرة جانب شفتيه يحثه على استكمال الحديث وكأنه يريد اخباره بأنه أيضًا يعشق بجنون مثله.. ليس الوحيد الذي يحب فتاته لهذا الحد
تابع علي
–من كام يوم لقتها بتتصل بيا وتقولي أنا مش هقدر أكمل معاك.. حسيت وقتها زي ما يكون قلبي وقف..رحت جري على بيتها و كان قلبي رافض يصدق اللي قالته كنت بدعي ربنا تكون بتهزر معايا وعاملة فيا مقلب.. لكن فوجئت بالدهب بيترمى قدامي والباب بيتقفل في وشي من أمها.. كنت بتنطط قدام باب بيتهم عشان حد يفهمني في ايه.. أخيرًا طلعلتلي وبمنتهى البرود اللي في الدنيا كأن مكنش فيه” علي” في حياتها ولا قلبها.. قالتلي بكل قسوة
” أنا استحملتك كتير.. بقالك سنة بتقولي اصبري واستحملي بكرة نتجوز ونسكن في الشقة اللي أنتِ عاوزاها.. بس بصراحة بقى أنا مبقتش قادرة استحمل أكتر من كده.. ده غير مستواك المادي اللي عمره مهيتصلح أبدًا.. ايه اللي يجبرني أعيش مع واحد محلتوش حاجة زيك ؟ لأ وكمان بيصرف على أهله بدل ميجهز شقته”
صمت للحظات يبكي بصوت و غمغم بـ غُصَّة
— بعدها بأربع أيام بالظبط انخطبت لصاحب عمري.. الفرق الوحيد اللي بيني وبينه إن هو معاه فلوس وأنا لأ.. هو غني و أنا فقير.. امبارح بالليل كانت خطوبتها..وده اللي خلاني أشرب كنت بحاول أنسى.. مكنتش فاكر إني بالشُرب بدمر نفسي.. مكنتش أعرف إن ده هيحصل.. لما طلعت أودي الطلب لمدام حضرتك كنت ساعتها مش في وعي.. الانتقام من “أمل” جرى في دمي وشفت مراتك خطيبتي.. ومش فاكر ايه اللي حصل بعد كده بس والله العظيم أنا مقصدت اعتدي على مراتك.. أنا عمري ما أأذيت حد.. أنا عندي اخوات بنات وبخاف عليهم..
حاول علي أن يقبل رأس بدر وهو يبكي ويتوسله أن يسامحه ولكن بدر أجلسه ثانية وأخذ يربت على ظهره بحنو ليهدئ من روعه كما يفعل مع شقيقه سيف..
يُتبع ..
- لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
- لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية يناديها عائش)
الرواية جميلة جدا اللهم بارك
جميل استمري
رائع
اين الباقي
اللهم بارك جميله
🥹
الرايه حلوه اوي بجد ❤️❤️
الرايه حلوه اوي
روايه جميله
حلوا اوي
البارت الجاي هاينزل امتي
الرواية حلوه جدااااااا