روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الخامس والستون 65 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الخامس والستون 65 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الخامس والستون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الخامس والستون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الخامسة والستون

فكم لك من لُطفٍ، وكم لك من عطفٍ،
وكم لك من بر ٍ شفىَ همّ والهٍ،
ولوعةَ محزونٍ وبؤس مُروّعٍ،
مواهبُ رزّاقٍ .. وحكمةُ خالِقٍ،
وإنعامُ رحمَنٍ وإتقانُ مُبدعٍ،
فأيُّ دليل حارَ فيك عن الهُدي،
ومنك الهُدىَ قد لاحَ فى كل مطلَعٍ.
_نصر الدين طوبار.
_________________________
وحدي كما الشـ ـريد في أرض رب العالمين الوا’سعة، لا أجد سبيلًا للعيـ ـشِ ولا سـ ـببًا واحدًا للمعا’فرة في دُنيا أسقتني مِن الحز’نُ ما أستطاعت، أُعا’فر وأُحا’رب الجميع لا أحد يومًا كان في صـ ـفِ فأنا الآن أًحا’رب الأصدقاء والأحباب والعائلة وحتى نفـ ـسي، ها أنا أُحا’ربُها وأنا لا أعلم مَن مِنا سيكون المنتصـ ـر في هذه المعر’كة التي لا يظهر فيها الفائز حتى الآن..
<“وبرغم ما واجهه مِن عذ’ابٍ،
كان في الأخير مُلقبًا بالمحبو’بِ.”>
شعر وكأنه وو’لِدَ مِن جديد، يشعر أن الأ’مور تسير بشكلٍ جيدٍ وأتخذت مسارًا أفضل بكثير عن الماضي وما مَرّ بهِ، جاء العو’ض مِن رب العالمين أغـ ـنىٰ عن ما مَـ ـرّ ومضىٰ ليعود يضحك مِن جديد للحياة يُعانقها بكل حُبّ وسعادة، وهذه المرة أستقبلتهُ بحُبٍّ وبسمةٌ ترتسم على ثغرها..
منذ أن عَلِمَ بالأمر وهو في غا’ية سعادته يرافقها في جلستها ويضحك مِن صـ ـميم قـ ـلبه وقد قام بتأ’جيل جميع أعماله حتى المساء فهو يريد البقاء بجوارها يلُـ ـذ بهذه اللحظات التي ينعـ ـم بها لمرتهِ الأولىٰ، كان يجلس على فراشه وهي بجواره تقبع دا’خل أحضانه بعدما أحـ ـكم قيـ ـده وحصا’ره حولها أبيًا تر’كها تبتـ ـعد عنهُ ولو سنتيمترات، كانت تضحك عا’ليًا على حديثه وهو يُشاركها ضاحكًا يحـ ـظىٰ معها ببعض الدقائق الهادئة التي يُحبُّها كثيرًا..
ضمها إلى د’فئ أحضانه يُلثم جبينها بِقْبّلة حنونة ثم مسّد على خصلاتها بحنوٍ يُعـ ـيدها إلى الخـ ـلف قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_متتصوريش يا “هـند” أنا مبسوط أزاي والفرحة دلوقتي مش سيعا’ني، الحمد لله ١٠٠٠ مرة واللهِ يستا’هل الحمد رزقني باللي أتمنيته طول عُمري وبفضله أنا بضحك دلوقتي ومبسوط أوي، يستا’هل الحمد والشكر ربنا يرزق كل مشتا’ق لأن فعـ ـلًا الحر’مان و’حش أوي الإنسان مبيعرفش يحـ ـس بغيره مهما كان إيه اللي صا’يبه غير لمَ ياخد النصـ ـيب مِن البلا’ء دا، الحمد لله وربنا يرزق الناس جميعًا إن شاء الله وأنا جهزت مبـ ـلغ كويس هتصدق بيه إن شاء الله لمسجد “حُـذيفة” قالي عليه بيتبـ ـني لسه على أول الطريق محتاجين صدقات فأنا قـ ـررت أتصدق بمبـ ـلغ كويس وهتبرع لدار أيتا’م ودار مسـ ـنين حا’سس إني عايز أعمل أكتر مِن كدا، وعايزك أنتِ كمان تتبرعي أيًا كان المكان والنيـ ـة تكون حاضرة طبعًا دي أهـ ـم حاجة.
أبتسمت إليهِ وقد شعرت بالعديد مِن المشاعر المتضا’ربة حتى أنها قد وضعت رأسها على كتفه تند’س داخل أحضانه لتقول بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ يظهر بها سعادتها:
_أنا فعـ ـلًا كُنْت بفكر فالموضوع دا، أنا نَو’يت بصراحة بيني وبين ربنا إني هتبرع بمبـ ـلغ كويس لأي حد محتاج أي حاجة، فكرت أتبرع لمستشفى السر’طان بتاعت الأطفال وأطـ ـلّع جزء تبرع لجهة أخرىٰ بنـ ـية الشفـ ـا لـ “فـادي” ابن عمي، صـ ـعبان عليا أوي وكل ما بشوفه قلـ ـبي بيو’جعني عليه أوي وعلى طول بدعيله، نفـ ـسي يخـ ـف ويرجع لعا’فيته تاني هو وكل مر’يض زيه.
لثم رأسها بحنوٍ ومسّد على ذراعها برفقٍ قائلًا بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ فخو’رة:
_أنا حـ ـقيقي مبسوط بيكِ أوي يا حبيبتي، وأنا معاكِ فالكلام دا أحسن حاجة هتعمليها وبعدها بفترة نتبرع تاني مش شـ ـرط أنا بحب دايمًا أساعد غيري طالما ربنا مديني مِن خيره كتير، و “فـادي” فعـ ـلًا وا’جع قلو’بنا كلنا بدون أستثناء ربنا يشـ ـفيه ويعفو عنه ويرجع تاني لعا’فيته ويشـ ـفي كل مر’يض بيتو’جع يارب ومحدش حا’سس بيه … قوليلي بقى نفـ ـسك مش رايحة لأي حاجة ولا لسه اللحظة دي مجاتش؟.
ر’فعت رأسها تنظر إليهِ بعدما أنهـ ـى حديثه متسائلًا لتجاوبه هي بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه قائلة:
_ولو نفـ ـسي هتجيبلي على طول؟.
_طبعًا … أطلبي بس وكله هيكون عندك يا سلام قلـ ـيل أنا ولا إيه؟.
هكذا ردّ عليها مُنهـ ـيًا حديثه متسائلًا وهو ينظر لها لتتسـ ـع بسمتها تزامنًا مع إيضا’ح وجهة نظرها مِن جهة أخرىٰ قائلة:
_لا مقصدش كدا يا حبيبي، قصدي هتجيبها فسا’عتها ولا هتكسـ ـل بقى.
_على طول مِن غير كلام فنفـ ـس اللحظة، جرّ’بيني ومش هتند’مي.
عادت تضمه مِن جديد مبتسمة الوجه ليحاوطها هو بذراعيهِ حامدًا ربه وشاكره على نعمه التي لا تُعَد ولا تُحصىٰ ليأخذ هاتفه عا’زمًا على تنفيـ ـذ ما قـ ـرره واضعًا إياه على أذنه منتظرًا الطر’ف الآخر الذي لَم يطـ ـل في الإجابة ليردّ هو عليهِ بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته عا’ش مِن سمع صوتك يا عمي، أنا بخير الحمد لله فضل ونعمة، يا را’جل؟ إذا كُنْت أنا لسه شايفك ومسلّـ ـم عليك إمبارح، إيه يا عم أنتَ د’ماغك لسـ ـعت بدري كدا أوي ولا إيه، لا يا عم شوفتك وسـ ـلّمت عليك تلاقيك مسطو’ل ولا حاجة..
تعا’لت ضحكاته عا’ليًا حينما جاءه إجابة الطر’ف الآخر الذي بالطبع عـ ـنّفه ليجاوبه بنبرةٍ ضاحكة قائلًا:
_و’لد عـ ـيب أنتَ مؤ’دب مبتقولش ألفا’ظ بذ’يئة، لا لا دا قلـ ـيل الأد’ب عادي مش جديد علينا يعني مِن صغره لسا’نه طو’يل وبجـ ـح، يلا ربنا يصـ ـلحله الحال بقولك يا مـ ـعلم حو’ار المسجد اللي قولتلي عليه دا لسه ولا إيه النظام؟ … طب عايز أتصدق بمبـ ـلغ كدا أد’فعه أزاي؟ تمام، عندي أيوه … حلو دا خلاص أبعتلي الرقم على الواتساب وأنا هحوّ’لهم وهاخد سكرين شوت أحتيا’طي كتأ’مين يعني، الله يباركلك يا صاحبي، الله يبارك فيك وعقبال التاني لمَ ييجي بالسلا’مة إن شاء الله وتفرح بيه هو والعسل الصغير، دا حبيبي دا واللهِ الله أكبر عليه ربنا يحـ ـميه ويحفظه مِن كل شـ ـر يارب، ماشي يا حبيبي لو فا’ضي أنز’ل نقعد كلنا مع بعض شوية .. لا هفكـ ـسله عادي ولا كأني أعرفه أنا بيا’ع أساسًا، ماشي يا حبيبي فرعاية الله.
أنهـ ـى حديثه وأبعـ ـد الهاتف عن أذ’نه ليقوم بالعـ ـبث بهِ قليلًا ليولج إلى التطبيق الشهير “واتساب” ليرى بعد دقيقتين الرقم الذي أرسله لهُ “حُـذيفة” ليشكره ويبدأ بعمله مباشرةً في التصدق أولًا وبعدها التحدث مع “ليل” قليلًا في بعض الأعما’ل المشتركة بينهما تاركًا “هـند” التي قد ولجت في ثباتٍ عمـ ـيقٍ داخل أحضانه دون أن تشعر.
_________________________
<“كان ومازال سيكون العد’ل أساس المُـ ـلك،
وهو سيد السا’حة وقنا’ص الأهداف.”>
المشـ ـكلات تتكا’ثر ذ’اتيًا بشكلٍ مستمر طوال الوقت وحينما تنتـ ـهي واحدةٌ تظهر أخرىٰ أكثر تعقيـ ـدًا ليشعر المرء أمامها أنهُ عا’جزٌ وبشـ ـدة عن حـ ـلّها ووجود البد’ائل المناسبة لتو’حيد الأطر’اف والعلا’قات، يسـ ـعىٰ في حر’بٍ ليست بحر’به ولا في مكانٍ ليس بمكانه فقد ولج إلى الأر’اضي المحـ ـصنة دون إذ’ن صاحبها ليقبل المحا’رب القتا’ل ويبدأ في إستعادة حـ ـقٍ ليس بحـ ـقه..
يجلس في منزلهِ يعـ ـبث في هاتفهِ بمـ ـللٍ بعد أن أخذ زوجته وأوصلها إلى منزل والدتها وعاد مِن جديد إلى منزلهِ ليبدأ في العمل لقضـ ـيةٍ جديدة قد تم تكليـ ـفه بها، صدح رنين هاتفه عا’ليًا يُعلنه عن أتصالٍ هاتفي مِن “بيـشوي” ليُجيبه بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أيوه يا مـ ـعلم، بخير الحمد لله كويس، أهو عندي قضـ ـية شغا’ل عليها هروح فين يعني يا حسـ ـرة، لا وديتها عند حماتي بدل قعدتها لوحدها دي وأنا مش فا’ضي شغا’ل، واللهِ يا صاحبي جابوا شهو’د يشهـ ـدوا معاهم زو’ر إن الكلام دا محصـ ـلش وهي بتفـ ـتري عليهم طبعًا النيا’بة العا’مة شايفين إن في تعد’ي على الأم والطفل أكيد هما مش مجا’نين عشان يعملوا كدا فنـ ـفسهم بس مستسـ ـلموش والناس أنكـ ـرت التُـ ـهمة وطلـ ـعوا “چون” بر’يء ومجا’ش جنبها وقال دي كانت بتتخا’نق مع جوزها قام ضا’ربها وكـ ـمل على الطفل فحضرتك فأي وقت هتلاقيهم بيستد’عوك للتحـ ـقيق.
كان “بيـشوي” يستمع إليهِ وهو مصد’ومًا لا يُصدق ما يسمعه وإلى أين وصلت قذ’ارة هذه العائلة التي وللأ’سف الشـ ـديد هو جزءٌ مِنها ليتم إشعا’ل غضـ ـبه بهذه الكلمات التي تلقاها مِن “ديـڤيد” الذي صا’رحهُ بما وصلوا إليهِ في هذه القضـ ـية التي يبدو أنها ستطو’ل أكثر مِن ذلك ولذلك أغـ ـلق معه دون أن يقول شيئًا على هذا الحديث ليقوم بعدها بمهاتفة أبيه منتظرًا تلقي الإجابة مِنهُ على أحـ ـر مِن الجمـ ـر حتى جاء بالفعـ ـل جوابه ليند’فع هو كالقذ’يفة المد’وية يهتف بإنفعا’لٍ متو’عدٍ قائلًا:
_بتجيبوا ناس تشهـ ـد زور ضـ ـد مراتي يا معد’ومين الرجو’لة والأ’خلاق، فاكر هتخرّ’ج أبنك المجر’م دا مِنها دا بمو’ت واحد فيكم يا *** الرجا’لة، مش عارف هتفضل محر’وق كدا لحد أمتى مِن عمي حتى وهو ميـ ـت مش سا’يبه فحا’له ولا ولا’ده، وحر’قتك الكبيـ ـرة إني واخد صـ ـفهم وواقف ضـ ـدك صح عشان أنا على طول مع الحـ ـق اللي بقى يز’علكم دلوقتي، أسمعني كويس بقى عشان دي مبقتش علا’قة إبن بأبوه تمام أنتَ دو’ستلي على طر’ف فمعلش بقى أستحمـ ـل الرد عشان أنا مش هسكوت عن حـ ـق مراتي وأبني حتى لو على حسا’ب أي نَفَـ ـر فيكم … ومبقاش “بيـشوي” تر’بية “جـرجس” لو ما لففـ ـتكم فالمحا’كم متعرفوش را’سكم مِن ر’جليكم تمام يا جدو “يـوحنا”؟.
أنهـ ـى حديثه ومعهُ أغـ ـلق المكالمة دون أن يستمع إليهِ أو يُعطيه فرصة للردّ أو الد’فاع ليعلم “يـوحنا” أن الأمر هكذا قد أخذ مسارًا آخر تمامًا ملـ ـيءٌ بالأشو’اك والنير’ان فقد ذ’ل وأها’ن بالصمـ ـت والفـ ـعل يتـ ـيمٌ فكيف بالردّ على هذا؟ أما عن “بيـشوي” فقد ولج على التطبيق الشهير “واتساب” وبدأ بتسجيل مقطعٌ صوتي إلى “ديـڤيد” يقول فيهِ بنبرةٍ حا’دة:
_أسمع يا “ديـڤيد” الكلمتين دول وتنفـ ـذهم بالحرف الواحد تـ ـئب وتغطـ ـس تروح هناك تد’وَّر على المحلات وأي حد حو’الين البيت مرّ’كب كاميرات مر’اقبة تفـ ـرها لحد ما تطلـ ـعلي الحـ ـتة اللي “چـون” بيز’ق فيها “كـاترين” بر’ه البيت هو والحر’باية مراته اللي رَمِـ ـت “جـرجس” معاها ولو حصـ ـل وأستد’عوني فـ ـعلًا هكلمك تجيلي عشان نشوف حـ ـل فالموضوع دا لأن أنا مش ههـ ـدى غير وأنا جايب حـ ـق مراتي وأبني ومد’فَّع “چون” ومراته وأُمّي التمـ ـن غا’لي عشان يعرفوا إن الله حـ ـق لو خلَّـ ـصت ياريت تتحر’ك بسرعة عشان مش هيكون معانا وقت.
أنهـ ـى حديثه وأرسلهُ لهُ محاولًا تما’لُك نفـ ـسه قد’ر ما أستطاع فكلما تذكر ما حد’ث في هذا اليوم يجُـ ـنَّ جـ ـنونه وتد’فعه نفـ ـسه المنتقـ ـمة للتحرك وأخذ الحـ ـق لذ’ويه، وضع كفيه على وجهه محاولًا تهـ ـدئة نفـ ـسه ليشعر في غضون ثوانٍ بكفٍ يُضّع على كتفه ومِن ثم جسـ ـدٍ يرافقهُ في جلسته لير’فع رأ’سه ينظر لهُ ليراها هي، إنها مُعذ’بة قـ ـلبه ورو’حه، هي مَن تُثـ ـير فكره في هذه الأيام، تأمل معالم وجهها بد’قةٍ وهو يرى أن أثا’ر جرو’حها تكادُ تختـ ـفي لير”فع كفه يُعيد بأنا’مله خصلاتها إلى الخـ ـلف تزا’منًا مع قوله الهادئ:
_شايف إن الجر’وح أتد’اوت والكد’ما’ت فاضلها شوية وترو’ح، حا’سة إن في أي حاجة تـ ـعباكِ؟.
أنهـ ـى حديثه متسائلًا وهو ينظر لها لتُجيبه بإماءة صغيرة مِن رأسها تؤكـ ـد على حديثه ليأتي قوله المتر’قب:
_قوليلي إيه اللي تا’عبك يا حبيبتي وساكتة ليه؟.
أبتسمت بسمةٌ خـ ـفيفة وألتـ ـمعت مُقلتيها بالعبرات وهي تنظر لهُ نظرةٌ مـ ـليئة بالحز’ن والأ’لم الكا’من داخل رو’حها لتُشير تجاه فؤ’ادها تُخبره أن هذا ما يُتعـ ـبها ولا يتر’كها بتاتًا تنعم بالرا’حة ولو ثوانٍ قلـ ـيلة ليشعر هو بالعجـ ـز في هذه اللحظة فيعلم أن العقـ ـل لَم ينسىٰ والرو’حُ لا تُشفـ ـىٰ، ضمها إلى د’فئ أحضانه بذراعه الأ’يمن ليقوم الآخر بمحاوطتها ممسّدًا على ظهـ ـرها بحنوٍ ليأتي قوله الهادئ الحنو’ن يُحاول تضـ ـميم جرو’حها:
_حـ ـقك على قـ ـلبي أنا عارف إنك لسه موجو’عة ومش عارفة تتخـ ـطي وصدقيني أنا لسه مش مر’تاح ولا عارف أهـ ـدى، أنا واللهِ ما ساكت ولا مكبـ ـر د’ماغي الموضوع كل مدى بيكبـ ـر أكتر وهما شوية حيو’انات مفتر’سة بينهـ ـشوا فلحـ ـم البشـ ـر مِن غير ر’حمة، بس واللهِ ما ساكت ولا مكبـ ـر د’ماغي أنا كل شوية بكلم “ديـڤيد” أتطمـ ـن الموضوع و’صل لفين بس دلوقتي متعـ ـقد لأنهم جابوا شهو’د زو’ر يشهـ ـدوا ضـ ـدنا إن كل دا محصـ ـلش وطبعًا مع كُتر الشهو’د الموضوع مش فصا’لحنا بس هو طـ ـمني وقالي إن النيا’بة العا’مة لسه مخدتش قـ ـرار حاسـ ـم لإن آ’ثار الجر’وح والكد’ما’ت وا’ضحة يعني بيدُل إن في وا’قعة فعلًا فعشان كدا أحتما’ل فأي وقت ييجوا يستد’عوني وأكـ ـدت على “ديـڤيد” برضوا يفـ ـرغ كاميرات المر’اقبة اللي حوا’لين البيت هناك عشان نثبـ ـت الوا’قعة ويتم معا’قبتهم … مش عايزك تخا’في طو’ل ما أنا جنبك ومعاكِ أنا مش هسكوت غير وأنا جايب حـ ـقك وحـ ـق أبننا مهما حصـ ـل هعلمهم أن الله حـ ـق.
شـ ـددت مِن ضمتها لهُ وقد سقـ ـطت عبراتها على صفحة وجهها وهي تضع رأ’سها على كتفه، حاولت التما’سُك بشـ ـتىٰ الطرق حتى لا تفقـ ـد السيـ ـطرة على نفسها ولَكِنّ إن حضرت الر’غبة هر’عت القو’ة لتبدأ بالبكاء بحر’قةٍ داخل أحضانه ليبدأ هو بالتمسيد على ظهرها صعو’دًا ونز’ولًا محاولًا تهـ ـدأتها ليُشـ ـدد مِن عناقه لها يُلثم جبينها بحنوٍ ليز’داد الغضـ ـب ورو’ح الإنتقا’م بداخلهِ بشكلٍ أكبـ ـر عن المرة السابقة لير’فع كفه إلى رأسها ليُمسّد علي خصلاتها برفقٍ شـ ـديد ليأتي قوله الهادئ:
_أهـ ـدي أنا وعدتك إني مش هسكوت غير وأنا جايبلك حـ ـقك، وعد واللهِ مش ههـ ـدى غير وأنتِ را’ضية وحا’سة إن حـ ـقك جالك.
تركها تبكي مثلما تشاء حتى تشعر بالر’احة ولو لوقتٍ قصـ ـير، ظل لوقتٍ طو’يل يُمسّد على ظهـ ـرها بحنوٍ حتى هـ ـدأت بعد مرور الوقت وبدأت تشـ ـهق بخـ ـفةٍ بين الفينة والأخرىٰ آ’ثر بكاءها المتواصل دون تو’قف، زفـ ـر بعمـ ـقٍ وقد تعهـ ـد بعد رؤيته لها بهذه الحا’لة أن يستر’د الحـ ـق لها وإن كلـ ـفه الأ’مر المحا’ربة ضـ ـد عائلته فمنذ زمنٍ لَم يرى مِنهم الحنان والعـ ـطف ولذلك كان قا’سيًا عليهم حتى هذه اللحظة.
_______________________
<“ورفيقٌ يُعيـ ـنني على متا’عب الدُنيا،
ويرافقني في د’ربي حا’ميًا لي.”>
منذ صغرهم وهما كما الأب والأبن وليسا بأخوين، هو يتو’لى دور الأخ الكبير رغم أنه الأصغر ولَكِنّ تحـ ـمُّله للمسؤ’ولية منذ عامٍ أنه المسؤ’ول عن كل شيءٍ يخـ ـص أخيه سواء كانت في حياته الشخـ ـصية أو العمـ ـلية وحقًا كان عند حُسـ ـن ظـ ـنون الجميع..
دق على باب المنزل بهدوءٍ ووقف ينتظر مَن في الداخل أن يفتـ ـح لهُ الباب، لحظات قليلة وفُتِـ ـحَ الباب مِن قِبَل “مَرْيَم” التي ما إن رأته أمامها أبتسمت قائلة بترحابٍ شـ ـديد:
_أهلًا وسهلًا أخيرًا أفتكرتنا وجيت.
أبتسم “شُـكري” لها وقد قال بنبرةٍ ضاحكة:
_مرات أخويا العزيزة أخيرًا جه اليوم اللي بقيتي فيه مراته بعد صر’اع جبتولي جـ ـنان.
ضحكت بخـ ـفةٍ وأفسـ ـحت لهُ الطريق تُشير لهُ بالولوج قائلة:
_مفيش حاجة بتحـ ـصل إلا وور’اها مو’عظة يا “شُـكري”.
_عندك حـ ـق المهم إنكم أتجوزتوا الحمد لله.
ولج إلى الداخل وهي خـ ـلفه ليرى هو أخيه جالسًا على الأريكة يستمع إلى التلفاز ليقول بنبرةٍ مر’حة:
_والله وأتلمـ ـيت يا “شـهاب” وشوفتك فعـ ـش الزوجية.
نهض “شـهاب” حينما أستمع إلى حديث أخيه ليبتسم قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_حبيبي يا “شُـكري” وأنا اللي قولت مش هتيجي وخلاص ما صدقت خـ ـلصت مِن أخوك وإحلا’لك الجَـ ـو.
_إخـ ـص عليك يا عم إيه العبـ ـط دا طب إيه قولك إنك مِن ساعة ما مشيت وأنا مضا’يق ومش لاقي حاجة أعملها بالله يا أخي كُنْت ما’لي عليا حياتي جَت اللي خـ ـدتك مِني بقى.
هكذا ردّ “شُـكري” على حديث أخيه معا’تبًا إياه على ما تفوَّه بهِ ليأتي قول “مَرْيَم” مِن خـ ـلفهما حينما قالت ردًا عليه:
_حا’سة إنك بتحـ ـقد عليا يا “شُـكري” بس فالخـ ـفى.
_إطلا’قًا، أنا؟ حـ ـد الله.
هكذا جاوبها مستنـ ـكرًا لتتعا’لى الضحكات بينهم ليجلس “شـهاب” مِن جديد وقد جلس أخيه برفقتهِ وعن “مَرْيَم” فقد تركتهما سويًا مع بعضهما البعض وولجت إلى الداخل لتُعد لهما مشروبًا سا’خنًا، فيما جاء قول “شـهاب” الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_وا’حشني يا’ض واللهِ طمـ ـني عليك.
نظر لهُ “شُـكري” وأبتسم بسمةٌ هادئة وطمئنه عليهِ حينما قال:
_بخير طول ما أنتَ كويس وبخير يا حبيبي واللهِ، مش متعود على غيا’بك واللهِ خدت على طلباتك كل شوية وصوتك اللي كان ما’لي البيت عليا بقيت قاعد مستني إنك تناديني تطلب مِني حاجة وبعدها أفتكر إنك خلاص أتجوزت ومراتك بقت هي المسؤ’ولة عنك … علمـ ـتني معنى المسؤ’ولية يا خويا.
أبتسم “شـهاب” بسمةٌ هادئة وجاء قوله الهادئ يُمازحه ببعض الكلمات قائلًا:
_طب الحمد لله عشان اللي هتتجوزك متد’عيش علينا وتقولنا دَ’عت علينا، علمتك حاجة قبل ما أمشي.
لثم “شُـكري” وجنة أخيه ثم جلس بمحا’زاته وقال بنبرةٍ خا’فتة بعدما طا’ف ببصـ ـره في المكان يتأكـ ـد مِن عد’م وجود “مَرْيَم”:
_بقولك إيه يا معلـ ـم عايز مِنك طلب.
_أنتَ عـ ـبيط يا’ض ما تقول على طول أنتَ بتستأذن؟.
أبتـ ـلع “شُـكري” غصته بتروٍ وقال بنبرةٍ خا’فتة:
_عايزك تتطَـ ـقس كدا وأنتَ بتتكلم مع “مَرْيَم” وتشوف حوار صاحبتها الأ’نتيم دي كل ما بحاول أكلمها بتسيـ ـبني وتمشي وكأني جرثو’مة خا’يفة أمسـ ـك فيها البـ ـت نا’شفة ودا شا’ددني أوي خليها كدا تكلمك شوية عنها وقولي عشان أعرف هتعامل أزاي مع العـ ـقلية المعقـ ـدة دي.
_و’قعت يا منـ ـيِّل؟ طب و “إيمان”؟.
هكذا ردّ عليهِ في بادئ الأمر سا’خرًا ثم بعدها سائلًا ليأتي قول “شُـكري” الذي أجابه:
_لا دي كانت فترة ور’احت لحا’لها محسـ ـيتش بحاجة مِن نا’حيتها فبعـ ـدت إنما البـ ـت دي بصراحة مِن ساعة كتب كتابكم والفرح قولت أجي بسـ ـكة المعا’كسة لقيت ردّ معجبنيش.
_طبيعي تردّ عليك الردّ دا شايفة شـ ـمام بيعا’كس هتعملك إيه يعني هتاخدك بالأحضا’ن ولا تضحكلك !!.
هكذا سَخِـ ـرَ “شـهاب” مِن أخيه بوجهٍ مبتسم ليتلقى ضر’بةٌ عـ ـنيفة على معد’ته جعلته يتأو’ه عا’ليًا ليقوم هو مُـ ـلقيًا عليهِ سُبا’به اللا’ذع، خرجت “مَرْيَم” حا’ملةً صينية معد’نية متوسطة الحجـ ـم يعتـ ـليها كوبين مِن المشروب المصر’ي الشهير في فصل الشتاء _حمص الشام_ لتضعها على الطاولة أمامهما قائلة بنبرةٍ متسائلة قلـ ـقة:
_في إيه يا “شُـكري” ماله “شـهاب”؟.
_عايز يتر’بىٰ.
هكذا ردّ عليها بنبرةٍ حا’نقة وهو ير’مق أخيه بضـ ـيقٍ لتلتفت هي إلى الجهة الأخرىٰ تجلس بجوار زوجها الذي كان يتأ’لم وحينما شعر بقربها مِنهُ ر’مىٰ بحِـ ـمل جـ ـسده عليها متأ’وهًا لتضمه هي إلى أحضانها كما الطفل الصغير الذي تشا’جر مع أصدقائه وانتهـ ـى العـ ـراك بإصا’بة أحدهم، نظر “شُـكري” إلى “شـهاب” الذي ر’فع رأسه إلى “مَرْيَم” قائلًا بنبرةٍ حا’نقة يشـ ـكو لها:
_يرضيكِ كدا يا “ريما” ضر’بني فمعد’تي إبن الر’اجل المتر’بي.
_معلش حـ ـقك عليا المرة دي متز’علش.
هكذا ردّت هي عليهِ وكأنها تو’اسي طفلٌ في عُمر الخامسة لير’مقه “شُـكري” نظرةٍ ذات معنى قائلًا:
_متمثلش يا حـ ـيلتها مضر’بتكش بالنا’ر أنا يعني.
_يرضيكِ كدا يا “ريما” شوفي بيشـ ـخط فيا أزاي؟.
هكذا عاد يشـ ـكو إليها مِن جديد لتُلثم هي جبينه ممسّدةً بكفها على خصلاته بحنوٍ قائلة:
_خليك أنتَ الأحسن مِنُه ومتردش عليه يا حبيبي.
كما وكأنه تعمـ ـد فـ ـعل ذلك حتى يقوم بإلها’ءها قليلًا لسـ ـببٍ غير معلو’مٍ ليقوم بوضع رأ’سه على كتفها ضاممًا إياها ليدوم الصمـ ـت بينهم لثوانٍ قبل أن يقطـ ـعه هو حينما قال بنبرةٍ ما’كرة:
_الجواز طلـ ـع حلو أوي يا ولا’د، تخيَّـ ـل تحضن و’احدة مِن غير ما حد يمنـ ـعك لمجرد إنها بقت مراتك … ربنا يرزق كل مشتا’ق.
تلقى ضر’بةٌ أخرىٰ عنيفة على ذراعه بعدما قصده أخيه بحديثه ذاك متخا’بثًا لتضحك “مَرْيَم” على مشا’كستهما لبعضهما البعض لتُد’لك هي على ذراعه موضع الآ’لم بحنوٍ لتقول:
_بس بقى ما أنتَ اللي بتنـ ـكش فيه وهو قاعد ساكت أهو مبيتكلمش.
_عشان عايز يتجوز ومش عارف يا عـ ـيني.
_ياض هقوم أعجـ ـنك وربنا المعبود !!.
هكذا صا’ح “شُـكري” بنبرةٍ حا’دة بهِ وهو ينظر إليهِ ليضحك “شـهاب” على حديث أخيه ثم أبتعـ ـد عن أخيه ونظر أمامه للظلا’م الد’امس ليقول بنبرةٍ ضاحكة متخا’بثة:
_أشوفلك واحدة ولا مسستم أنتَ نفسك ومنَّشـ ـن على واحدة حلوة؟.
وقبل أن يقوم بضر’به مِن جديد منـ ـعته “مَرْيَم” مِن جديد وهي تضمه إلى أحضانها محاوطةً إياه بذراعيها لتعـ ـلو ضحكات “شـهاب” كذلك حينما وصل إلى مبتغـ ـاه في إثا’رة غضـ ـب أخيه، زفـ ـر “شُـكري” بعمـ ـقٍ وحرك رأسه بقـ ـلة حيـ ـلة وهو ينظر إلى الجهة الأخرىٰ بعدما أستطاع أخيه إثا’رة غضـ ـبه بسهولة حتى أتضح أنه كان يشا’كسه لا أكثر مِن ذلك، ثوانٍ وشعر بأخيه الذي حاوط عنـ ـقه بذراعه يضمه إليهِ قائلًا بنبرةٍ مشا’كسة:
_مالك يا’ض قفـ ـشت ليه أنا برا’زي فيك عادي يعني، متضا’يقش خلاص مش ههزر معاك الهزار دا تاني عشان بتز’عل.
ر’مقه “شُـكري” بطر’ف عينه قليلًا قبل أن يبتسم ويقوم بضمه هو الآخر إلى د’فئ أحضانه بحُبٍّ أخوي قائلًا:
_ولو مكونتش أنتَ تر’ازي مين ير’ازي ويعصـ ـبني يعني، أنتَ مهما تعمل هتفضل حبيبي يا “شـهاب”، ربنا ما يحر’مني مِن سماع صوتك يارب وتفضل ما’لي عليا دُنيتي وتعيـ ـش وتشيـ ـل عيالي.
سعدت “مَرْيَم” برؤية هذا الحُبّ والد’فئ بينهما لتبتسم بسمةٌ هادئة ثم مدّت يدها وأمسكت بالكوب الأول وأعطته إلى “شُـكري” الذي أخذه مِنها بوجهٍ مبتسم شاكرًا إياها ثم أعطت الكوب الآخر إلى زوجها الذي شكرها مبتسمًا وبدأ كلاهما بأرتشافه ليأتي بعد ثوانٍ مد’يح “شُـكري” وثناءه على طعمه الحلو المُميَّز قائلًا:
_إيه الحلاوة دي كلها؟ صحيح هو الراعي الرسمي بتاعي فالشتا بس أول مرة أدوقه بالحلاوة دي كلها، بجد أنتِ عاملة إيه مش بهزر بجد عايز أعرف في حاجة كدا عملت فَـ ـرق فالطعم.
أبتسمت “مَرْيَم” لهُ وقبل أن تُجيبه جاء ردّ “شـهاب” الذي قال بالنيا’بة عنها:
_”ريما”مبتعملش حاجة و’حشة، أي حاجة بتعملها بتبقى زي العسل حتى لو جايبة كوباية ميَّه … مش كدا ولا إيه يا “ريما”؟.
أنهـ ـى حديثه موَّجهًا حديثه إلى زوجته التي أتسـ ـعت بسمتُها وأقتربت مِنهُ تهمس لهُ في أذنه قائلة:
_المفروض أكافئك على الكلمتين الحلوين دول بس مش هينفع.
جاء أستفساره حاضرًا ليأتيهُ الجواب مِنها حينما قالت بنبرةٍ خا’فتة:
_أخوك موجود للأسف مش هينفع.
_همشيه عادي جدًا يا سلام؟.
هكذا ردّ عليها بسلاسةٍ ويُسر ليتلقى ضر’بةٌ خـ ـفيفة مِنها على ذراعه ليضحك هو ضحكاتٍ خـ ـفيفة ليأتي قول أخيه الذي قال سا’خرًا:
_أجيب شجرة و ٢ لمون طيب ولا إيه؟.
_وأنتَ مال أ’هلك يا ابن الفصـ ـيلة ما تتفرج وأنتَ ساكت !!.
هكذا جاء قول “شـهاب” حا’نقًا بعدما قـ ـطع أخيه لحظتهما اللطيفة تلك ليجاوبه هو بنبرةٍ خـ ـشنة وهو ير’مقه نظرةٍ ذات معنى قائلًا:
_إيه يا عم حـ ـيلك شوية راعي إني سنجل وعندي جفا’ف عا’طفي، وبعدين إيه أتفرج وأنتَ ساكت دي هو فيلم؟.
_بقولك إيه مش عاجبك طرَّ’قنا كفاية إنك قا’فل عليا كل حاجة.
بدأ الشـ ـد والجـ ـذب بينهما لتـ ـلحق هي الأمر قبل تطو’ره وتقوم بالفصـ ـل بينهما، لحظات مِن الصمـ ـت دامت ليأتي قول “شـهاب”:
_بقولك إيه يا “ريما” ما تجيبيلي كوباية ميَّه.
_حاضر يا حبيبي.
أنهـ ـت حديثها مبتسمة الوجه ثم نهضت وذهبت إلى الداخل كي تُحضر إليهِ كوب الماء كما طلب، أما عن “شـهاب” فحينما شعر بعد’م تواجدها همس إلى أخيه الذي كان يرتشف الحمص قائلًا:
_جبت الفخار اللي قولتلك عليه؟.
_آه عديت جيبته الأول وبعدين جيتلك أهو متقـ ـلقش.
أطمـ ـئن “شـهاب” ليشعر بقربها مِنهُ تُعطيه كوب الماء وتعاود الجلوس مِن جديد، فيما أرتشف هو قليلًا مِنهُ ثم أعطاه إليها حتى تضعه على الطاولة ليُشير إلى أخيه الذي تفَّهم إشارته وأعطاه إياه ليأخذه هو ويبتسم وهو يتخيَّل ردّة فعـ ـلها حينما تراه، جاءها صوته حينما قام بمناداتها لتنظر لهُ تراه يبتسم مشيرًا تجاه الهدية قائلًا:
_دي أول هدية هديهالك بعد جوازنا اللي فاتوا دول كانوا حاجة ودي حاجة تانية، أتمنى تعجبك.
نظرت إلى ما بين يديه لترى الفخانر الذي تم تصـ ـميمه خصيصًا لأجلها بعدما رأى شـ ـغفها وهو’سها بهم لتجـ ـحظ عينيها قليلًا تحاول أسـ ـتيعاب ما يحدث وتراه لتأخذه مِنهُ مبتسمة الوجه تنظر لهُ بسعادةٍ كبيرة تتفحصه بلـ ـهفةٍ حتى رأت كلماتٌ بسيطة محفـ ـورةٌ عليهِ جعلتها تطـ ـير مِن السعادة، أبتسم “شُـكري” حينما رأى ردّة فعـ ـلها ليأتي قولها الحما’سي قائلة:
_الله، دا الفخا’ر اللي بحبه أنتَ جبته أمتى وأنا كُنْت معاك؟.
أبتسم “شـهاب” لها حينما شعر بحما’سها الكبيـ ـر ذاك ليُجيبها قائلًا بنبرةٍ هادئة حنونة:
_لمَ قولتلك وقتها أبعـ ـدي شوية أنا و’صيته يعمل واحد مخصوص ويُنقـ ـش عليه كام كلمة حلوين كدا عشان أديهولك تحتفظي بيه وعشان كل ما تشوفيه تفتكريني على طول.
تفحـ ـصته بسعادةٍ كبـ ـرى حتى و’قعت عينيها على بعض الكلمات البسيطة التي جعلتها تُحـ ـلِّق في السماء مِن شـ ـدة سعادتها بها، شعر “شـهاب” بكف أخيه يُربت على كتفه برفقٍ لتتسـ ـع بسمتهُ وقد شعر بضمتها القو’ية إليهِ والمفـ ـعمة بالفرحة والسعادة الكبيـ ـرة تشكره على هذه الهدية البسـ ـيطة التي أهـ ـداها إليها ليقوم بضمها إلى أحضانه ممسّدًا على ظهـ ـرها بحنوٍ قائلًا:
_أتمنى تكون عجبتك.
_أنا طا’يرة مِن الفرحة، شكرًا يا حبيبي بجد شكرًا أوي أحلى ذكرى مِنك هفضل محافظة عليها طول العمـ ـر وهتكون دايمًا قصاد عينـ ـي عشان كل ما أشوفها أفتكرك.
هكذا قال وهكذا ردّت بحُبٍّ على حديثه، فيما كان “شُـكري” يشاهدهما مبتسم الوجه يرى مدى حُبّ كلاهما إلى بعضهما البعض وكم حياتهما هادئة ولطيفة لا يوجد شيءٌ يُعـ ـكر صفوها ليعلم أن أخيه قد وجد أخيرًا رفيقة الد’رب بعد وقتٍ طويلٍ متمنيًا أن يحظى هو الآخر بزوجةٍ كـ “مَرْيَم” حنونة وعاطفية، هادئة ولطيفة في تعاملها، بسيطة وليست مِن محبذي الهدايا با’هظة الثمـ ـن فبأ’قل شيءٍ يُسعدها ويجعلها أكثر امرأة سعيدة على و’جه الأرض ولذلك تمنى زوجةٌ مثلها وفي نفس الوقت متمنيًا إلى أخيهِ حياة هادئة وسعيدة.
_______________________
<“وفي لحظة الزُ’هدِ سا’كنًا في وحد’تك،
تأتي جِـ ـنيَّةٌ سا’حرة مُضـ ـيئة تُضـ ـيء حيا’تك.”>
عا’ش زا’هدًا طوال حيا’ته ساكنًا في وحد’ته بعيـ ـدًا عن البشـ ـر متأ’ملًا في مستقبلٍ مازال مجهو’لًا، أراد السير بهذا النهـ ـج في حياته أن يكون و’حيدًا مستقلًا بحيا’ته الفرد’ية تلك رغم الحر’ب الكلا’مية التي تُشَّـ ـن عليهِ في هذا الأمر، ولَكِنّ لا تسير الحياة كما نريدها دومًا فقد يظهر شيئًا واحدًا يُغيـ ـر مجـ ـرىٰ الحياة بأكملها كي تنقـ ـلب في ليلةٍ و’ضحاها رأ’سًا على عقـ ـب، حيثُ ظهرت جِـ ـنيَّةٌ سا’حرة مُضـ ـيئة كي تُضـ ـيء عـ ـتمة حيا’ته تلك وتُضـ ـيئها بمصا’بيح الحيا’ة الملو’نة تُنيـ ـر بصـ ـره وتأخذ تفكيره نحو منحد’رٍ آخر يراه لمرته الأولى..
كان يجلس في الكافيه الذي فتـ ـحه منذ ما يقارب العام ونصف حينما بدأ العمل في تشغيله منفر’دًا دون أن يتلقى أيَّ مساعداتٍ مِن أحدٍ ليُصبح في وقتٍ قصير مِن أشهر الكافيهات التي تتمتـ ـع بالطـ ـراز العـ ـربي القد’يم في أكثر الأماكن المحببة لقلو’ب الأُناس، لَم يعلم المستحـ ـيل فقد كان يُعافـ ـر ويُكا’فح حتى يقوم بفتـ ـحه بمجهو’ده هو فحسب وليس بمساعدات الأبوين..
_وسط البلد_ المكان المحبب لقلو’ب الجميع أختار مو’قعه هناك حتى يتما’شى تصـ ـميمه مع أجواء المكان، يجلس في مكتبه شارد الذهن يُفكر في مستقبله وما سيفعله في الفترة القادمة وكيف سيُرتب حيا’ته وماذا يريد أن يُحـ ـقق، أشياءٌ كثيرة يَوَّد أن يفـ ـعلها ولَكِنّ يلز’مها الترتيب الصحيح، دقائق معدودة وتلقى طرقاتٌ خـ ـفيفة على الباب ليسمـ ـح إليهِ هو بالولوج ليرى الوا’فد صديقه الحبيب والشـ ـريك في هذا المشروع جاء للاطمـ ـئنان عليهِ.
نهض مِن مجلسهِ ومدّ يده مصافحًا إياه مبتسمًا ليسمع “مُـهاب” يقول مبتسمًا:
_غطـ ـسان فين يا’ض عمال أقول كل يوم هيكلمني هيكلمني ملقتش حاجة خالص … في إيه قلـ ـقتني عليك قولت أجي أزورك.
أشار إليهِ “وهـيب” بالجلوس ثم جلس هو الآخر قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_قولي بس فالأول تشرب إيه؟.
_لا متقـ ـلقش طلبت وأنا جاي مش هستناك تعز’م أنا صاحب مكان زيي زيك.
هكذا ردّ “مُـهاب” عليهِ ليبتسم الآخر قائلًا:
_يا سيدي ماشي براحتك برضوا المكان مكانك، طـ ـمني عليك.
جلس “مُـهاب” بأر’يحية وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_أهي ما’شية، مِن ساعة ما خلـ ـصنا وأنا مش طا’يق البيت باللي فيه يا صاحبي واللهِ لسه خار’ج وأنا دا’بب معاهم خنا’قة لرب السما.
صـ ـب “وهـيب” كا’مل تركيزه مع صديقه الذي أستطاع جذ’ب أنتبا’هه ليقول متسائلًا:
_ليه يا صاحبي إيه اللي حصل؟.
_يا عم عايزين يمشوني على كيـ ـفهم أعمل دا ومتعملش دا وكأني عيـ ـل صغير، كل شوية تحـ ـكمات وأوا’مر واللي و’لعها أكتر حكاية الجواز دي، أُمّي عايزاني أتجوز بنـ ـت أخوها وابويا عايزني أتجوز بنـ ـت أخته والاتنين مو’لعين في بعض وأنا فالنص بقى روحت ها’بب فيهم هما الاتنين وقولتلهم أقسم بالله ما في جواز غير مِن البـ ـت اللي أنا أختارها أتجـ ـننوا هما الاتنين روحت قايلهم طب مفيش جواز خالص وقومت سايبهم وماشي.
زفـ ـر “مُـهاب” بضـ ـيقٍ بعدما أنهـ ـى حديثه حينما تذكر الأمر فيما مدّ “وهـيب” كفه يربت على ذراع الآخر قائلًا بموا’ساةٍ:
_معلش يا صاحبي أستحمـ ـلهم دول برضوا كبا’ر فالسـ ـن وخُـ ـلقهم ضـ ـيق، ها’ديهم بكلمتين كدا وخلاص عشان لو عا’ندت هما هيعا’ندوا برضوا قصا’دك وهينفـ ـذوا اللي فد’ماغهم حـ ـلّها بالحُبّ واكسب ر’ضاهم هتلاقيهم تمام وزي الفُل هما عايزين مُسا’يسة.
_تعرف يا صاحبي، فكرت أسافر لأخويا أقعد معاه لقيت إن في الجـ ـيش ما’نعني فقولت أقعد بقى وخلاص وكدا كدا هسيبهالهم سنة، هتجـ ـنن يا “وھـيب” واللهِ دا حتى أخويا عملوا معاه كدا برضوا راح أتجوز اللي بيحبها وخدها وسافر عشان ميعملوش معاها مشا’كل كل شوية وهو مبيحبش حد يز’علها بأ’مانة لو حصلـ ـت بيبقى سو’اد على الكل.
أنهـ ـى “مُـهاب” حديثه وألتز’م الصمت ليقوم الآخر بمو’اساته حتى جاء فنجان القهوة إليهِ مِن قِبَل النا’دل الذي وَّجه حديثه إلى رب عمله قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_أستاذ “وهـيب” في مشـ ـكلة مع زبونة بره ومصـ ـممة تقابل حضرتك يا إما هتقدم ضـ ـدنا شكو’ى.
نظرا كلاهما إليهِ بتعجبٍ ليأتي قول “وهـيب” الهادئ حينما سأله:
_ليه إيه اللي حصـ ـل خلاها تشتـ ـكي؟.
_”مـحمود” قدم مشروب غير اللي طلبته هي فالأساس طلبته فالأول بعدين غيَّرت طلبها وأ’كدت عليه فهو راح جاب الأول وهي مش عايزاه وهو مش قابل يغـ ـيَّره والاتنين شا’د’ين جا’مد بره والناس بدأت تاخد با’لها.
جاوبه النا’دل بمنتـ ـهى المصدا’قية ليزفـ ـر “وهـيب” بضـ ـيقٍ بعدما تلقى شكو’ىٌ جديدة مِن هذا النا’دل لينهض موَّجهًا حديثه إلى صديقه قائلًا:
_هقو’م أشوف المشـ ـكلة دي واجيلك.
حرك الآخر رأسه برفقٍ ليتحرك “وهـيب” مع النا’دل إلى الخارج كي يرى هذه المشـ ـكلة التي لا يعلم كم هو عددها فقبلها كانت هُناك العديد مِن المشـ ـكلات، أقترب مِن طاولةٍ لفتا’ة ترتدي ملابس فضفا’ضة يبدو عليها الغضـ ـب الشـ ـديد، وقف أمامها بعد أن أقترب مِن طاولتها حتى يفهم ما المشـ ـكلة ليرى فتا’ةٌ جميلة يبدو عليها الغضـ ـب وعد’م الرضا، ترتدي ملابس شـ ـرعية فضفا’ضة وخما’رها الرائع الذي زا’دها جمالًا ور’ونقًا، لربما يبدو أنها الفتا’ة التي ستقـ ـلب المو’ازين..
إزدا’د الشـ ـد والجـ ـذب بينها وبين النا’دل ليقطـ ـع هو هذا كله حينما قال بنبرةٍ حا’دة بعض الشيء يجذ’ب بها إنتبا’ههما أنه يقف معهما ليراها تنظر لهُ بمعالم وجه غا’ضبة ليقول هو بنبرةٍ هادئة ووجهٍ بشو’ش:
_مساء الخير يا فندم، معاكِ مدير الكافيه في أي مشـ ـكلة بتواجه حضرتك تقد’ري تقوليلي وأنا هحلّـ ـها إن شاء الله.
شعرت هي بالرا’حة تجاهه ورأت بهِ الإحترا’م والو’قار والبشا’شة عكـ ـس هذا الحـ ـقير مِن وجهة نظرها، أبتـ ـلعت غصتها وقالت بنبرةٍ هادئة لهُ:
_مساء النو’ر، حضرتك دلوقتي أنا فالأول طلبت أسبريسو لأن مشروبي مش موجود بعدين خدت نظرة تانية سر’يعة على المنيو قبل ما أأكـ ـد على الطلب لقيت الكابتشينو موجود فلغـ ـيت المشروب الأول وطلبت التاني وأ’كدت على الطلب مع السينابون أتفا’جئ إن الأستاذ جايبلي أسبريسو، كلمته بهدوء وقولتله أنا لغـ ـيته وطلبت كابتشينو قالي مسمعتش قولتله تمام ممكن تغيَّـ ـره قالي لا خلاص الطلب نِزِ’ل ومش هغيَّـ ـره فأتعـ ـصبت غصـ ـب عنّي أنا أول مرة أجي الكافيه دا بعد ما صحابي ر’شحوه ليا فمش معقو’لة أول تجربة تبقى بالشكل دا.
وبعد أن أستمع “وهـيب” إلى حديثها رشـ ـق “مـحمود” نظرةٍ غا’ضبة متو’عدة ليقول بنبرةٍ صا’رمة:
_أتفضل على مكتبي بدون نقا’ش وحسا’بي معاك.
حاول “مـحمود” التحدث والتبـ ;رير ليجد الصرا’مة عنوان الآخر ليذهب دون أن يتحدث أسـ ـفل نظراتها المنتـ َصرة لهُ، عاد “وهـيب” ينظر إليها ليعتذر مِنها عمَّ بَدَ’رَ مِنهُ قائلًا:
_آسف جدًا يا فندم على اللي حصل أتمنىٰ ميكونش في أي إز’عاج خالص لحضرتك ومشروبك هينز’ل حالًا والحسا’ب مد’فوع حضرتك مش هتد’فعي حاجة ودي أ’قل حاجة أقدمها لحضرتك.
شعرت بالإ’حراج الشـ ـديد فلَم تَكُن تتو’قع أن تقـ ـع فمثل هذه موا’قف ولذلك تحدثت بنبرةٍ هادئة وهي تنظر بعـ ـيدًا بعد أن خجـ ـلت مِنهُ قائلة:
_شكرًا جدًا لذوق حضرتك بس مش هينفع واللهِ أنا قبلت الأعتذار بس صدقني مش هقد’ر أقبل دا الحاجة اللي أخدها لاز’م أد’فع تمـ ـنها.
_وأنا مش هاخد مِن حضرتك فلوس الحسا’ب مد’فوع دي أ’قل حاجة أقدمهالك وأتمنالك يوم سعيد.
هكذا ردّ “وهـيب” عليها مبستمًا ليستد’عي أحد الند’لاء العاملين ليقوم بالتأكـ ـيد عليهِ قائلًا:
_طَلَب الآ’نسة ينز’ل فأ’سرع وقت مش عايز أي مشا’كل القا’عدة بتقول الزبون دايمًا على حـ ـق فنمشي عليها ومنجا’دلش كتير ونعمل اللي بير’يَّحُه وتبلَّـ ـغ “حـامد” إن حسا’ب الآ’نسة مد’فوع مياخدش مِنها جنيه.
أبتسم النا’دل ووافق على حديثه ليتركه ويذهب فيما نظر هو إليها نظرةٍ أخيرة قبل أن يتركها ويعود إلى مكتبه، فيما نظرت هي إلى أ’ثره لترتسم بسمةٌ خـ ـفيفة ثم عادت تجلس مكانها بعد أن تَبَدَ’ل مزا’جها تنتظر طلبها بوجهٍ مبتسم..
ولج “وهـيب” مِن جديد إلى مكتبه مغـ ـلقًا الباب خـ ـلفه ليجد “يـزيد” قد حَـ ـضَرَ كذلك ليرافقهما ليعقد ما بين حاجبيه قائلًا:
_جيت أمتى؟.
_مِن دقيقتين “مُـهاب” قالي في مشـ ـكلة في الشغل بتحلـ ـها.
هكذا ردّ “يـزيد” عليهِ ليعود الآخر لإلتز’ام مكانه على مقعد مكتبه لينظر “يـزيد” إلى “مـحمود” قائلًا بتساؤل:
_عملت إيه يا “مـحمود” خـ ـلّىٰ “وهـيب” دا’خل شا’يط كدا؟.
أجابه “وهـيب” وهو يرشـ ـق “مـحمود” نظراتٍ حا’دة قائلًا بنبرةٍ غـ ـليظة:
_أنا مش عارف هفضل مستحـ ـملك ومستحـ ـمل المشا’كل اللي بتيجي مِن ورا ر’اسك دي لحد أمتى يا “مـحمود” دي سابع شكو’ى تتقدملي فـ ٤ أيام مش معقو’ل بجد.
_إيه اللي حصل طيب الأول.
قـ ـصَّ “وهـيب” عليهما ما حد’ث بالتفصيـ ـل ثم بعدها نظر إلى “مـحمود” ليقول:
_أنا بصراحة مش عارف أعمل معاك إيه، جِـ ـزىٰ وجا’زيتك، خصـ ـم وخصـ ـمتلك، تأد’يب وأديتك أسبوع تأد’يب أعمل إيه تاني طيب أر’فدك واخلـ ـص.
_أهـ ـدى بس وكل حاجة هتيجي بالهـ ـداوة الز’عيق والتنـ ـشنة هيو’لعوا الدنيا أكـ ـتر.
هكذا جاوبه “يـزيد” الذي نظر إلى “مـحمود” بعدها وقال بنبرةٍ هادئة:
_بُص يا “مـحمود” مينفعش أقولك خُد أشرب شاي وأجبـ ـرك وأنتَ أساسًا مبتحبهوش، هي طلبت حاجة ورجعت فلحظتها غيَّرتها فخلاص مش هيجر’ىٰ حاجة وبعدين مينفعش نتعامل مع الناس كدا ونفـ ـرض رأينا عليهم زي ما أنتَ مبتحبش تشرب الشاي كدا فلاز’م نتحمـ ـل الزبون ويكون بالنا طو’يل ونعمل اللي ير’يَّحُه دا سُـ ـمعة مكان ودا أ’كل عيـ ـش لو مشيت على طول بالر’يتم دا مش هتلاقي قبـ ـض تاخده لأن سُـ ـمعة المكان و’قعت ومحدش هيرضى ييجي يتعامل فمكان صحابه مش كو’يسين ومعاملتهم و’حشة فنخـ ـلي بالنا ونستحمـ ـل بعض شوية والبنـ ـت قبلت الأعتذ’ار عشان اللي قدامها أجبـ ـرها تحتر’مه فإيدك تكسب اللي قدامك بإسلوبك الكويس ومُعاملتك، آ’خر مرة تحصـ ـل يا “مـحمود” حِتـ ـة إننا نفصـ ـل حد مِن شُغله مش سهـ ـلة علينا وبتو’جعنا عشان مبنحبش نقطـ ـع أ’كل عيـ ـش حد وأنتَ شا’ب مُلز’م وعندك بيت وأُسرة محتاجين مصاريف، أتفقنا؟.
أنكـ ـس “مـحمود” رأسه إلى الأسـ ـفل بخز’يٍ وقال بنبرةٍ هادئة مطـ ـيعة:
_حاضر يا أستاذ “يـزيد” آخر مرة.
_روح شوف شغلك وأتمنىٰ تعتذ’رلها.
هكذا ردّ “يـزيد” عليهِ ليتلقى الموافقة مِن “مـحمود” الذي أستأ’ذن مِنهم وخر’ج، وفو’ر أن خر’ج نظر “يـزيد” إلى صديقيه ليقول:
_معلـ ـش نديله فر’صة جايز المرة دي يخا’ف بعد ما أتكلمت معاه ويتعد’ل.
_ماشي يا “يـزيد”، كدا كدا أنتَ طر’ف معانا وأي حد هيقول حاجة هتكون فمصـ ـلحتنا.
هكذا ردّ “وهـيب” عليهِ مبتسم الوجه ليبدأوا ثلاثتهم بالتحدث في مختلف المواضيع سواء كانت الخاصة بالعمل أو حياتهم الخا’صة كلٌ مِنهم يأخذ رأي الآخر فيما هو مقبلٌ عليهِ حتى يظل هذا المضلـ ـع ثا’بتًا مِن الصعـ ـب كسـ ـره كما وكأنه حصـ ـنٌ منـ ـيع.
________________________
<“ردًا كان منتظرًا منذ ليالٍ،
حتى جاء الوِّ’د مِن حبيبًا.”>
صاحب الوِّ’د ينتظر ر’ضا صاحبهِ متأملًا في العـ ـيش في حيا’ةٍ أفضل وأر’قى وأسعد، السادس والعشرون مِن العُمـ ـرِ وقد تم قضا’ؤهم في فترةٍ تُسمىٰ _العزو’بية_ حتى أعـ ـلنه رنين جرس قطا’ر العُمـ ـر يُخبره أن يتخـ ـلىٰ عن هذه المرحلة والأنتقال إلى مرحلةٌ جديدة _الخـ ـطبة_ بها تبدأ مرحلةٌ جديدة في حيا’ته يشعر هو مِن خلالها بالفرحة والتغـ ـيير المطلوب..
الثامن والعشرون مِن نوفمبر عام ٢٠٢٤..
تاريخٌ كُتِبَ فيهِ حيا’ةٌ جديدة ورحلةٌ جديدة، قصةٌ جديدة تبدأ وقصصٌ أخرىٰ تنتهـ ـي وما بين الإثنتينِ قصة كفا’حٍ كبيـ ـرة، كفٌ ر’قيقٌ ود’افئ يُعانقني وحنانٌ يدا’وي قـ ـلبي ويحتضنه، أنثـ ـى في حياة الر’جُل تُغـ ـير سيـ ـر الحياة بأ’كملها فبدون الأنثـ ـى في حياة الر’جُل كمَن تم الحُـ ـكم عليهِ بالإعد’ام شنـ ـقًا، يُخـ ـطط في ورقٍ بُنـ ـي اللو’ن بقلم الر’يش الحبـ ـري كما كانوا يفعلون الملوك في قد’يم الأ’زل حينما يُرسلون مراسيلهم لأميراتهم في زجا’جة زجا’جية شفا’فة اللو’ن بعدما قام بلـ ـف الورقة بشـ ـريطة زهر’ية اللو’ن على أملٍ أن تُعانق كفيها الورقة..
كان القط يجلس على سطـ ـح المكتب بجواره يشاهد ما يفعله بهدوءٍ ثم ينظر إلى صاحبهِ وكأنه يسأله عن صاحب هذه المراسيل، لحظات وولجت والدته إليهِ وبيدها فنجان القهوة العر’بية وصحنًا صغيرًا بهِ قطـ ـع الكوكيز بالشيكو’لاتة لتقف بجواره تنظر إلى ما يفـ ـعله لتبتسم قائلة:
_اللي يشوفك يقول إن موافقتها وصلتلك.
_عندي إحسا’س قو’ي إنها هتوافق، شوفت حلم حلو بشـ ـرني.
هكذا جاوبها دون أن ينظر إليها ليأتيه جوابها بعد أن وضعت الصينية على سطـ ـح المكتب حينما قالت بوجهٍ مبتسم:
_يا حبيبي ربنا يتقبل يارب ويجعلها مِن نصـ ـيبك وأشوفك أحلى عريس فالدُنيا كلها.
أبتسم هو وأ’مَّن خـ ـلفها دون أن يُحـ ـيد ببصـ ـره بعـ ـيدًا ليتلقى أتصالًا هاتفي، نظرت هي إلى شاشة الهاتف لتقول بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_ألحـ ـق بيتصلوا بيك.
نظر هو إلى الهاتف ليرى “سـيف” يُهاتفه ولذلك أخذه سر’يعًا مجيبًا عليهِ بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لعلها تكون مكالمة خير يارب … تصدق وتؤمن بالله ربنا بشـ ـرني برؤية الصبح والحمد لله وصلتلي، الله يكرمك ويفرَّح قـ ـلبك كمان وكمان، هاجي بإذن الله عشان نتفـ ـق على كل حاجة، حاضر يا باشا عيو’ني.
أنهـ ـى حديثه وأغـ ـلق المكالمة بوجهٍ مبتسم والسعادة تغمـ ـر القلـ ـب لينظر إلى والدته التي كانت تنتظر على أحـ ـر مِن الجمـ ـر سماع ما قيل ليقول بنبرةٍ سعيدة:
_زغرطي يا سـ ـت الكل، هروح بعد بكرا عشان نتفـ ـق على كل حاجة.
تهـ ـللت أساريرها بسعادةٍ كبيرة لتُطـ ـلق زغرودة عا’لية ثم ضمته إلى د’فئ أحضانها قائلة بنبرةٍ سعيدة:
_يا مدّ كريم يارب، ربنا يكرمك يا حبيبي وفرحتك تكمل على خير يارب وأفرح بيك، مُبارك يا نو’ر عيني مقدمًا.
حاوطها بذراعيه بوجهٍ مبتسم ليقول بنبرةٍ ضاحكة وسعيدة:
_الله يبارك فيكِ يا سـ ـت الكل ربنا يديمها علينا نعمة يارب، بس أوعي تقولي حاجة لخالتي لاحسن تُنبُـ ـر فيها.
صفـ ـعته بخـ ـفةٍ على كتفه ليضحك هو عا’ليًا ليسمعها تقول:
_أتلـ ـم دي خالتك مهما كانت.
_على عيـ ـني ورا’سي بس لمَ الدُنيا تمـ ـشي بدل ما أخد عيـ ـن أر’قد فالسرير شهور بالله عليكِ.
هكذا جاوبها بنبرةٍ ضاحكة ليسمعها تقول مغـ ـلوبةٌ على أمرها مبتسمة الوجه وكفها يسيـ ـر على خصلاته النا’عمة:
_ربنا يكرمك ويهـ ـدي سِـ ـرَك يا حبيبي وتكمل على خير يارب، ربنا يتمملك على خير ويجعلها مِن نصيبك يارب وتكون زوجة صالحة ليك يارب وأشـ ـيل عيالكم.
شـ ـدد “حـسام” مِن عناقه إلى والدته التي كانت سعيدةٌ وبشـ ـدة بهذه المكالمة لتتدرع إلى المولى عز وجل بإكمال تلك الجلسة وإكمال ز’يجة و’لدها فقد كانت تنتظر هذه اللحظة كثيرًا حتى جاءت لها على طبـ ـقٍ مِن ذهب بأن يكون بين العائلتين صـ ـلة الوِّ’د، أبتعـ ـد عنها ور’فع رأسه ينظر لها لتُربت هي على كتفه ببسمةٌ حنونة ثم تركته وخرجت كي تُكمل إعداد الغداء لهما ويعود هو إلى فعل ما يريده وهو ينظر إلى القط ليُمسّد بكفه على رأسه برفقٍ مبتسم الوجه.
_______________________
<“وفي وسط هذا الز’حام والشجا’ر،
كان الفتـ ـى مُلـ ـقى كالمغـ ـشي عليهِ.”>
كانت في الخا’رج تجلس مع شقيقتها تتبا’دل معها أطر’اف الحديث عن عِدة أشياءٍ كثيرة لا نها’ية لها فمنذ زمنٍ ولَم تجالسها وتتحدث معها لقرابة الساعة ونصف حتى أنتهـ ـى النقاش وذهبت كل واحدةٌ مِنهما إلى غرفتها، توَّجهت “فـيروز” إلى غرفتها بهدوءٍ حتى تطمـ ـئن على زوجها بعد أن دا’همه التعـ ـب في صبيحة اليوم وبدأ جسـ ـده بالكامل يؤ’لمه..
أما عنهُ فقد كان جالسًا على طر’ف الفراش شارد الذهن محاولًا تجا’هل تلك الآلا’م التي تد’اهم جسـ ـده بعـ ـنفٍ وكأنه يتلقى العديد مِن الضر’بات القا’سية والعنـ ـيفة دون ر’حمة، تحا’مل على نفـ ـسه ونهض ذاهبًا بخطى هادئة نحو المرآة يقف أمامها ليبدأ يتأمل معالم وجهه بد’قةٍ عن المرات الفا’ئتة، رأى معالم وجهه تبد’لت قليلًا عن المرات السابقة فقد كانت هذه المرة أفضل مِن سابقتها كما كانت تقول “فـيروز”..
ر’فع كفيه وضم نفـ ـسه يسير بكفيه على ذراعيه مِن الأ’على وكأنه يوا’سي نفـ ـسه ويُكا’فئها على تحمُّـ ـله في هذه المر’حلة الصعـ ـبة التي يَمُر بها منذ وقتٍ طويل، أصـ ـابت القشعـ ـريرة جسـ ـده وبدأت شفتيه بالإرتجا’ف وبدأت أعصا’ب جسـ ـده تر’تخي ويد’اهم رأ’سه الد’وار الشـ ـديد، عادت هذه الحا’لة تنتا’به دون أيَّ تنبيـ ـهاتٍ وهو و’حيدٌ لا يُرافقهُ أحدٍ..
عاد بخطى وا’هنة إلى الفراش وهو يُقد’م قدمٍ ويؤ’خر الأخرىٰ حتى لَم تَعُد قد’ماه تتحمـ ـلان حِمّـ ـل ثقـ ـل جسـ ـده وسقـ ـط أرضًا متأ’لمًا، يشعر وكأن ثمة شيءٌ ما ينسـ ـحب مِن جسـ ـده، لا يعلم ماذا يحدث معهُ ولَكِنّ يشعر بالأ’لم الشـ ـديد ولذلك ظل على أر’ضية الغرفة حتى يشعر بالتحـ ـسُن ولو قليلًا فحسب..
في هذه اللحظة ولجت “فـيروز” إلى الغرفة وأغـ ـلقت الباب خـ ـلفها لتراه سا’قطًا على أر’ضية الغرفة ويبدو أنه يتأ’لم وبشـ ـدة ولذلك أقتربت مِنهُ بخطى وا’سعة وجلست على ر’كبتيها بجواره وهي تحاوط كتفيه بكفيها قائلة بنبرةٍ لَو’عْة:
_في إيه يا “فـادي” مالك يا حبيبي إيه اللي و’قعك كدا أنتَ تـ ـعبان طيب؟.
تأ’لم “فـادي” بقو’ةٍ ليجاوبها بنبرةٍ متأ’لمة قائلًا:
_مش قا’در يا “فـيروز” تـ ـعبان أوي حا’سس زي ما يكون في حاجة بتتسـ ـحب مِن جسـ ـمي.
شعرت بالعجـ ـز في هذه المرة وتلك اللحظة لتتر’كه وتذهب إلى الخارج تستغـ ـيث بأخيه وأفراد العائلة والخو’ف يكادُ يلتهـ ـم قلـ ـبها لأجله، أما عنهُ فقد كان يتأ’لم بقو’ةٍ ويقبـ ـض بكفه بعـ ـنفٍ على الغـ ـطاء الخاص بالفراش حتى ولج “حُـذيفة” لهُ بعدما أستغا’ثت بهِ حينما ظهر بوجهها وذهبت تستغيـ ـث بالبقية..
جلس بجانبه وحاوطه بذراعيه قائلًا بنبرةٍ هادئة يُحاول تهـ ـدأته:
_أهـ ـدى يا “فـادي” أهـ ـدى وقولي حا’سس بأيه يا حبيبي.
قـ ـصَّ عليهِ ما يحدث معهُ بنبرةٍ متأ’لمة يصمـ ـت بين الفينة والأخرىٰ بسـ ـبب شـ ـدة الأ’لم الذي يد’اهمه، وقد تو’لى “حُـذيفة” الأ’مر حينما نظر لهُ وقال:
_هحاول أعمل حاجة بإذن واحد أحد هتجيب نتيجة بس عايزك تستحمـ ـل شوية، أتفقنا؟.
_”حُـذيفة” أنا بثـ ـق فيك، متسألنيش أعمل اللي تعمله طالما فمصـ ـلحتي.
هكذا ردّ عليهِ يُخبره أنه سيتحمّـ ـل مهما كانت النتيـ ـجة فكيف أن ير’فض لهُ شيئًا وهو يثـ ـقُ بهِ ثقـ ـةٌ عمـ ـياء فلَم يفعـ ـل لهُ شيئًا إلا وكان في صا’لحه ولذلك سلَّـ ـم لهُ نفسه دون أيَّ مخا’وف فلطالما قام بتجرّ’بة دو’اء الأطبا’ء ووجد شفا’ءٌ مؤ’قت فلا داعي مِن تجرّ’بة دو’اء رب العالمين لعل الشفا’ء الكامل يكمُـ ـن بهِ.
_حَا’رَّبْوُه بِالأَسْحَا’رِ وَقَتَـ.ـلْوُه حَـ.ـيًّا،
وَكَانَ هُوَ في رِعَايَّة اللَّٰه وَحِفْظُه.
_______________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *