روايات

رواية أسرار عائلتي الفصل السابع والعشرون 27 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الفصل السابع والعشرون 27 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي البارت السابع والعشرون

رواية أسرار عائلتي الجزء السابع والعشرون

رواية أسرار عائلتي
رواية أسرار عائلتي

رواية أسرار عائلتي الحلقة السابعة والعشرون

عاد إلى القصر بعد نصف يوم قضاه في المستشفى لإخراج الرصاصة من ذراعه ثم تضميده، لكنه تفاجأ عند دخوله بسيف وهو يجلس أمام الباب الرئيسي ينتظر قدومه .. إقترب منه ياسر قائلا بتعجب :
– انت بتعمل ايه هنا ؟
أجابه سيف بإبتسامة صغيرة :
– كنت بستناك يا عمو، مش انت قولتلي استناني هنا ولما ارجع هنتعرف ؟
إبتسم ياسر تلقائيا وأجاب :
– ايوة، وعلى فكرة انت ممكن تناديني ياسر على طول، بلاش عمو دي .
– حاضر .
قالها سيف ببسمة لطيفة ثم أشار إلى المقاعد الموجودة بالحديقة قائلا :
– هو احنا ممكن نقعد هناك ؟
أومأ ياسر برأسه وإتجه ناحية المقاعد وهتف وهو يشير لسيف بأن يتبعه :
– طبعا، تعالى ..
تبعه سيف بحماس وجلس بجواره ثم تساءل سريعا مشيرا إلى ذراعه المصابة :
– هي بتوجعك ؟
أجابه ياسر بصراحة :
– ايوة، بتوجعني اوي بس أنا بتحمل عادي ..
– عايز تعيط ؟
تفاجأ ياسر من سؤال سيف الغريب وتمتم بإستغراب :
– لا، ليه ؟
أجابه سيف وهو يلوي شفته السفلى بحركة بدت للآخر ظريفة :
– لاني ببقى عايز اعيط لما تبقى في حاجة في جسمي واجعاني، بس مقدرش عشان كله بيقول ان الرجالة مش بتعيط، وأنا عايز ابقى راجل .
رفع ياسر حاجبيه بدهشة بينما إسترسل سيف بإبتسامة صغيرة :
– بس رحمة بتقول انه منطق غلط لأن الكتمان مينفعش، بس احنا مجتمع مريض بنحاول نصعب كل حاجة على نفسنا مع ان الدنيا بسيطة !

 

 

 

إزدادت دهشة ياسر من الكلام الذي يسمعه لأول مرة من طفل صغير والذي لم يفكر فيه سابقا، لكن إسم رحمة الذي أدرجه هذا الصغير لفت إنتباهه فتساءل بإستغراب :
– رحمة مين ؟
– أختي .
تساءل ياسر بتعجب عندما إستوعب جواب سيف :
– يعني انت ابن كريمة ؟
أومأ سيف برأسه بإبتسامة كبيرة مردفا :
– عارف ؟ أنا بحب ماما اوي، رغم انها بتعاملني ساعات كأني لسه صغير بس حاسس اني مش هعرف اعيش من غيرها .
– اشمعنى ؟
– لأنها دايما بتحاول تديني كل حاجة أنا نفسي فيها عشان مبقاش أقل من صحابي رغم اننا معندناش فلوس كتير، ده غير انها طيبة وحنينة اوي ومش بس معايا لا هي كده مع الكل ..
تابع ياسر حديثه بإهتمام وهو يذكر قلقها عليه ويدها التي كانت ترتجف كثيرا عندما رأت إصابة ذراعه، حتى تحولت ملامح سيف إلى الحزن فجأة وأردف :
– بس زمايلي ساعات بيتريقوا عليا ويقولولي اني ابن خدامة .. هو شغل ماما عيب يا ياسر ؟
قال الأخيرة بنبرة قريبة للرجاء وهو ينظر إلى ياسر فشعر هذا الأخير بغصة في حلقه بسبب حديث كتلة البراءة الجالسة بجواره ونفى برأسه فواصل سيف كلامه ببسمة :
– عارف .. هما الي مش عارفين هي بطلة في نظري ازاي، ماما اشتغلت هنا عشاننا وعشان نكمل دراستنا ومسمحتش لرحمة انها تشتغل وتسيب دراستها واختارت انها تتحمل مصاريفنا كلها لوحدها .
إزدادت إبتسامته فجأة وهو يختتم كلامه قائلا :
– ماما إنسانة عظيمة فعلا !
شعر ياسر بدمعة تكاد تطل من بين جفنيه والندم قد بدأ يأخذ مكانه في قلبه، خاصة عندما قارن بين ما فعله هو في حياته وبين ما فعلته تلك التي كان يعتبرها مجرد خادمة تنفذ ما يطلب منها فقط .. شعر في تلك اللحظة أن الله قد أرسل إليه هذا الصغير ليعلمه معنى الأخلاق، ولينبهه عما كان عليه من تكبر على الناس .
إبتسم بحزن ثم خاطب سيف قائلا :
– عارف ؟ عايز لما يبقى عندي ولد اجيب واحدة زي مامتك تربيه عشان يبقى شبهك كده !

 

 

 

إبتسم سيف مرددا بعفوية :
– ممكن تجيب رحمة تربيه، رحمة برضه شبه ماما وهي عسل اوي وهتحبها، هي بس بتبقى شريرة سيكا لما حد يضايقني أنا والا ماما .
ضحك ياسر قائلا :
– مع انها تبان كيوت ومش شرسة بس المظاهر خداعة !
ضحك معه سيف بخفة ثم تفاجأ بياسر يقول بنبرة مترددة :
– هو أنا ممكن احضنك ؟
طالعه سيف لثوان ثم أومأ هاتفا قبل أن يلقي نفسه بين أحضانه :
– طبعا !
إحتضنه ياسر بحب نما في قلبه ناحية هذا الطفل سريعا وإستمع إليه وهو يردف :
– احنا هنبقى صحاب أصلا، صح ؟
أومأ ياسر مجيبا ببسمة هادئة :
– صح !

– يامن طلب ايدك للمرة التالتة يا دينا .
قالها عامر وهو يجلس مقابل دينا بغرفة الجلوس ومعهم رشاد وهناء وعلا وظن بأنه سيتلقى الرفض هذه المرة أيضا، لكن دينا فاجأت الجميع حين قالت :
– أنا موافقة .
إبتسم عامر وكذلك علا ورشاد بإرتياح ثم تساءل :
– يعني اقولهم يجوا بكرة ؟
أومأت برأسها موافقة فصاحت علا بفرحة :
– أخيرا عقلتِ يا بنتي وهتتجوزي واطمن عليكِ في بيت جوزك .
إبتسمت لها دينا بتكلف ولم تعلق، ثم عادت لتشرد في ما سمعته من حديث بين خالها وجدها، والذي علمت من خلاله ما حدث لهناء قبل فقدانها الذاكرة ..
إنتبهت هناء لشرودها فإقتربت منها وسألتها بهمس :
– مالك يا دينا ؟ انتِ لسه مش عايزاه ؟

 

 

 

نفت دينا برأسها وهي تحاول أن تكبح دموعها ألما على حال أختها، فإستفسرت هناء بإستغراب :
– امال ليه حاسة انك هتعيطي ؟
إبتلعت دينا ريقها ثم أخذت نفسا عميقا وأجابت كاذبة :
– أنا بس مش عارفة افرح وانتِ في الحالة دي ..
إستغربت هناء كلامها ثم إبتسمت قائلة :
– هو أنا صحيح مش فاكراكِ، بس أنا ببقى كويسة لو شوفتك مبسوطة .. يعني افرحي عادي ومتشغليش دماغك بمشكلتي .
طالعتها دينا بحزن لكنها أرغمت نفسها على الإبتسام قائلة :
– حاضر .
– تجي نلعب ؟
– يلا ..

كعادتهم كل مساء، إجتمع كل من بالقصر في قاعة الجلوس وتفاجأ محمد بوجود يمنى فعلا والتي ستستقر هنا بأمر من والده حتى تكون قرب إبنتها وكذلك أبنائها .. حاول حينها الإنسحاب من بينهم لكن عبد الرحمن أوقفه قائلا حين رآه يستعد للذهاب إلى غرفته :
– رايح فين ؟
إستدار محمد إليه مجيبا إياه بهدوء :
– رايح اوضتي، محتاج حاجة ؟
– لا، بس هتقعد هنا معانا .
ظهر الضيق على وجه محمد وتمتم بإعتراض :
– بابا صدقني أنا مش قادر اقعد هنا طول ما هي موجودة .
رفع عبد الرحمن كتفيه بلا مبالاة ثم همس وهو يمسك بذراع إبنه ليجبره على الجلوس ثانية :
– طب متبصلهاش عادي، ركز بس في الي لازقة في ابنك هناك .
جلس محمد رغما عنه وهو ينظر حيث يشير عبد الرحمن فوجد ليلى تجلس بجوار خالد وهي تكاد تلتصق به وتحادثه وكأنه صديق قديم .. تضايق من إلتصاقها به وكاد يفتح فمه بنية الحديث لكنه توقف وهو يرى نظرات يمنى المصوبة نحو خالد وقد بدا الضيق على وجهها هي الأخرى .
أبعد نظره عنها سريعا ثم إلتفت إلى والده قائلا بسرعة :

 

 

 

– أنا آسف يا بابا بس مش قادر ..
وقف عند نهاية كلامه وإتجه إلى غرفته سريعا قبل أن يسمح لعبد الرحمن بالإعتراض، فتنهد هذا الأخير ثم همس ببسمة :
– اهرب يا محمد اهرب، بس برضه هترجعلها وأنا متأكد من ده !
أما عند خالد وليلى، فقد كان يجلس بجانبها غير مهتم لثرثرتها معه وكأنها إعتبرته صديقها منذ أن حدثها لأول مرة فقط ليستغلها لإشعال غيرة بدور .. لكنه كان ينظر إلى رسلان الجالس بجوار أكرم ويبدو أنه يحدثه في شيء مهم، ثم حول أنظاره إلى بدور الجالسة مع عائشة ويمنى قبل أن يعود بهم إلى ليلى وهتف موقفا إياها عن ثرثرتها :
– انتِ عارفة ان رسلان خطب بدور ؟
نفت ليلى برأسها بإستغراب وتساءلت :
– لا، هما مخطوبين يعني ؟
– لا، أصل بدور لسه موافقتش، مش عارف ليه رافضاه مع انه راجل كويس من كل النواحي وميترفضش ده غير انه بيحبها اوي ..
كان يقول ذلك محاولا جعلها تشعر بالشفقة ناحية رسلان وتقرر مواساته، ثم تراهم بدور معا فتشعر بالغيرة لتكتشف أنها تكن له بعض المشاعر فتوافق على الزواج منه .. لكنه تفاجأ عندما كادت ليلى ترد على كلامه بأكرم يتنحنح ليلفت إنتباه الجميع قائلا :
– كنت عايز اقولكم بما ان كلكم هنا، اني فكرت في ان كتب كتاب بدور ورسلان هيبقى الأسبوع الجاي .. ايه رايكم ؟
شعرت بدور بالخجل وهي ترى نظرات الجميع مصوبة نحوها وهتف عبد الرحمن بإستحسان :
– أنا شايف انه مناسب اوي .
سعد الجميع بالخبر بعد معرفتهم بموافقة بدور بينما إلتفتت ليلى إلى خالد بحاجب مرفوع :
– مش كنت بتقول انها رافضاه ؟
أومأ خالد بدهشة ثم أردف :
– مكنتش عارف انها وافقت .
قال ذلك ثم إبتسم براحة لأجل إبن عمه لكنه تفاجأ بليلى تتمتم ببساطة :
– وافقت لأنها غبية .. هو في واحدة عاقلة هتوافق تكمل حياتها مع واحد ابن حرام ؟
إتسعت عينا خالد بصدمة من كلماتها التي خرجت من فمها بكل بساطة وإحتقرها في هذه اللحظة كثيرا، لكنه تساءل بفضول :

 

 

– وانتِ عرفتِ منين الكلام ده ؟
– من ماما عادي .
أومأ برأسه ثم أشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يشعر بالتقرف لوجودها بجانبه، وندم أشد الندم على ما كان يخطط له سابقا، كان يفكر في الوقوف والإبتعاد عنها لكنه وجدها تضع يدها على ذراعه قائلة :
– مالك ؟ انت زعلت ؟
رمقها بنظرة إحتقار وأجاب قبل أن يقف متجها بعيدا عنها :
– لا، خالص !

من جهة أخرى، كان ياسر يعبث بهاتفه بملل عندما إنتبه إلى سيف الذي كان يطل برأسه على قاعة الجلوس مشيرا إليه بالقدوم ولحسن حظه بأنه لم ينتبه إليه أحد غيره .
إتجه إليه وإبتعد به عن قاعة الجلوس قليلا ثم تساءل :
– انت بتعمل ايه هنا ؟
أجابه سيف بحماس :
– قلت لماما اني عايز افضل هنا، لاني عايز اشوفك مرة تانية أصل انت صاحبي الوحيد والوحيد تقريبا الي مش بيعايرني بشغل ماما !
إبتلع ياسر ريقه بتوتر ثم أشار إلى الأعلى قائلا :
– طب .. تعالى نقعد فوق في اوضتي .
– يلا .
قالها الصغير ثم تبعه إلى الأعلى حتى وصلا إلى غرفته فركض سيف نحو الشرفة وجلس على أحد المقاعد الموضوعة بها فجلس ياسر أمامه قائلا بإبتسامة :
– هاا هنتكلم في ايه ؟
رفع سيف كتفيه متمتما :
– مش عارف، كلمني عنك أو …

 

 

 

قطع كلامه وهو يرى ياسر يشعل سيجارة أخرجها من جيبه ووضعها بين شفتيه، فسارع الأخر ليجذبها من بينهما وصاح بحاجبين معقودين :
– انت بتعمل ايه، انت مش عارف ان ده مضر لصحتك ؟
– عارف بس …
قطع ياسر كلامه وهو يرى سيف وهو يحاول إطفاء السيجارة بالمطفئة المتواجدة على الطاولة الصغيرة بين المقعدين بأصابعه الصغيرة ثم يلتفت إليه قائلا بحزم طفولي :
– انت هتوعدني انك مش هتدخن تاني !
إبتسم ياسر على ملامح وجهه وقال :
– هحاول ..
– لا انت هتوعدني !
قالها بإصرار فرفع ياسر حاجبيه ثم هتف مجاريا إياه :
– طيب، اوعدك .

وضعت كوب القهوة أمام زوجها الذي كان منشغلا بمشاهدة التلفاز ثم جلست بجانبه فسألها ونظره مثبت على الشاشة :
– امال ملاك فين يا بسمة ؟
أجابته بسمة بحزن على تلك الفتاة التي تعتبرها إبنتها :
– يعني هتبقى فين يا سامي ؟ قافلة على نفسها في الاوضة كالعادة !
تنهد سامي ثم أخذ رشفة من قهوته قبل أن يقول :
– مش عارف هتفوق من الحالة دي امتى ؟ أنا قلقان عليها .. لازم تعرف ان موت أخويا ومراته كان قضاء وقدر ومش بسببها .
زفرت بسمة بضيق ثم تمتمت بقلق :
– أنا خايفة عليها، البنت بقت إنطوائية من ساعتها ولا بتحب تعمل صحاب ولا بتوافق على العرسان الي بيجولها، حتى أنا مش بتتكلم معايا خالص .
وقف سامي من مكانه قائلا :
– أنا رايحلها ..

 

 

 

ثم تحرك من مكانه متجها نحو غرفة إبنة أخيه الوحيدة وطرق الباب فإستمع إلى صوتها من الداخل يقول :
– أنا شبعانة يا عمتو، اتعشوا لوحدكم أنا عايزة أنام !
أجابها سامي بصوت هادئ لكنه وصل إلى مسامعها :
– أنا عمك يا ملاك، عايز اتكلم معاكِ شوية ممكن ؟
إنتظر لثوان ففتحت له الباب وفسحت له المجال قائلة :
– اتفضل .
إبتسم لها ثم أغلق الباب خلفه وإتجه للجلوس على كرسي مكتبها، ثم أشار لها بالجلوس على سريرها قائلا :
– اقعدي .
جلست حيث أشار لها ونظرت إليه منتظرة بداية حديثه فأردف :
– انتِ هتبقي قافلة على نفسك كده كتير ؟
أخفضت ملاك رأسها ولم تجب، ولاحظ سامي ملامح الضيق التي حاولت إخفاءها لكنه إسترسل :
– أنا كنت ساكت على حالتك دي لاني متفهم الي مريتِ بيه، ومسألتكيش عن آخر عريس رفضتيه مع انه كان كويس بس خلاص يا ملاك أنا مش هسيبك في الحالة دي طول عمرك .. لازم تشيلي فكرة انك السبب في موت باباكِ ومامتك .
رفعت ملاك رأسها هاتفة :
– بس …
قاطعها سامي سريعا :
– انتِ لازم تفوقي على نفسك يا ملاك، وأنا مش هفضل ارفض العرسان الي بيجولك كتير، أنا عايز اتطمن عليكِ .
– أنا مش عايزة اتجوز دلوقتي يا عمي، أنا أصلا لسه صغيرة …
قالتها بإعتراض فقاطعها للمرة الثانية :
– ولا صغيرة ولا حاجة، أنا عايز مصلحتك يا بنتي وجوازك هو الحل ..
كادت ملاك تتحدث لكنه قاطعها مرة ثالثة قائلا بمرح مغيرا مجرى الحديث :
– وبعدين انتِ بتعملي ايه هنا ؟ والا عاملة فيها مكتئبة عشان تتهربي من شغل المطبخ ؟ روحي ساعدي مراتي يلا !
إبتسمت ملاك لمرحه وتمتمت بإبتسامة بسيطة :
– حاضر .

 

 

إتجهت إلى غرفة شقيقها لتجد يامن يجلس معه كعادته فإبتسمت وإقتربت منه ثم قالت مخاطبة إياه :
– أنا عايزة مقابل لاني اقنعت دينا انها توافق عليك !
رفع يامن أحد حاجبيه وتساءل ببسمة :
– عايزة ايه طيب ؟
ترددت قليلا في سؤالها لكنها حسمت أمرها وأجابت :
– عايزة اعرف مامتك انتحرت ليه ؟
إختفت إبتسامة يامن وتمتم بضيق :
– بتفكريني ليه دلوقتي ؟ أنا كل ما افتكرها احس بالذنب .
رفعت بدور حاجبيها بإستغراب خاصة وهي تستمع إلى آدم الذي تدخل قائلا :
– هو ربنا يرحمها وكل حاجة بس بصراحة تستاهل .
ضربه يامن على ذراعه وهتف بلوم :
– ازاي جالك قلب تقول كده واحنا السبب في انتحارها !
إتسعت عيناها بصدمة مرددة :
– انتو السبب ازاي ؟
تنهد يامن بضيق ثم أجاب :
– أولا الي انتحرت دي مش ماما، دي مرات بابا التانية .
– هو عمو أحمد اتجوز مرتين ؟
تساءلت بدور بإستغراب فأومأ آدم وهتف بضحكة :
– أصل كلهم اتجوزوا مرتين مفيش غير عمو محمد هو الي فضل مخلص لطنط يمنى .
– حتى جدو ؟
قهقه آدم بشدة وإبتسم يامن بسخرية وهو يجيب :
– ده اتجوز اتنين في نفس الوقت لانه كان عايز يخلف عيال كتير بس ربنا مرادش يخلف منهم الاتنين والتانية طلعت مبتخلفش ..

 

 

 

فتحت بدور فمها بصدمة ثم ضحكت قائلة :
– عشان تعرفوا ان الي بيتجوز اكتر من مرة في الاخر بيفضل لوحده !
– أنا أصلا مستحيل اتجوز واحدة تانية غير دينا .
– وأنا مش هتجوز !
– وأنا كتب كتابي بعد أسبوع .
شعرت بدور بالإحراج سريعا عندما قالت ذلك بلهفة فحاولت تغيير الموضوع مخاطبة يامن :
– بس مقلتليش، مرات عمو أحمد انتحرت بسببكم ازاي ؟
– بعد موت ماما الله يرحمها مرات بابا التانية حاولت تلف عليه واقنعته انه يتجوزها ومش عارف هو دماغه حصله ايه ساعتها ووافق، بس احنا حاولنا نطفشها ومش عارف برضه حصل لدماغنا ايه وسمعنا الخطط بتاع آدم والي كانت السبب في انتحارها .
– ليه عملتوا ايه ؟
أجابها آدم وهو يتمدد على فراشه بلا مبالاة :
– عادي يعني عيشناها في فيلم رعب وفضلنا نبعتلها رسايل تهديد وكده .. وهي أصلا كانت مريضة نفسيا واحنا مش عارفين فراحت انتحرت .
إبتلعت بدور ريقها محاولة تكذيب ما سمعته لكن كلام يامن الذي كان يحاول تبرئة نفسه أكد لها ذلك :
– بس أنا مليش دعوة، أدهم وآدم وعدي وياسر هما الي عملوا كده .
رمقه آدم بأعين ضيقة وتحدث ساخرا :
– ليه ناسي لما دخلت لاوضتها وكتبت بالروج على المراية كلمة “موت” ومعاها وش بيضحك ؟
طالعتهما بدور بصدمة ثم إبتلعت ريقها ثانية وتمتمت وهي تتجه إلى الخارج :
– ايه العيلة دي يا ربي، أنا هرجع أخاف منكم تاني بجد .
– احنا بنهزر على فكرة، ومعملناش حاجة من دي، احنا حاولنا نطفشها فعلا بس مش بالطريقة دي .
قالها آدم سريعا فوقفت بدور وإستدارت إليه ليكمل :
– بس بجد هي كانت مريضة نفسيا ومحدش كان عارف لحد ما انتحرت .
أومأت بدور بتفهم ثم كادت تواصل طريقها إلى الخارج لولا أن يامن هو من أوقفها هذه المرة :
– دقيقة !

 

 

 

وقفت للمرة الثانية وإلتفتت إليه فأردف :
– انتِ رايحة معانا عند دينا بكرة ؟
أومأت بدور إيجابا قائلة :
– طبعا .
– طب .. قوليلها اني بحبها اوي ..

في اليوم التالي، كان عبد الرحمن يجلس مقابل عامر ورشاد وبجانبه أحمد وأبناءه الثلاثة يتحدثون في الأمور المعتادة، بينما كانت بدور تجلس مع هناء َودينا في غرفة الأخيرة والتي كانت ترتدي فستانا بسيطا وتضع على وجهها القليل من مساحيق التجميل.
كانت بدور تحدثها عن يامن بحماس عندما شعرت بملل دينا المعبر عن برودة مشاعرها تجاهه فقلّ حماسها وكادت تلتزم الصمت لولا تذكرها لما طلبه منها في الأمس .. إبتسمت بمكر ثم هتفت فجأة :
-دينا انتِ عارفة يامن قالي ايه امبارح ؟
تساءلت دينا بلا مبالاة :
– ايه ؟
– طلب مني اقولك انه بيحبك اوي !
قالتها بدور بهمس وبنبرة جعلت وجنتي دينا تحمرّان خجلا لما ألقت به بدور على مسامعها بصراحة، بينما أردفت الأخيرة بمحاولة منها لتحريك مشاعر دينا ناحيته ولو قليلا :
– وأنا أصلا شايفة حبه ليكِ في عينيه، خاصة لما تلمع أول ما إسمك يتقال قدامه .. ومش هقولك على حالته لما عرف انك وافقتِ يجي يتقدم، ده كان شوية وهيطير من الفرحة .. بجد يا دينا يامن متيّم بيكِ مش بس بيحبك !
إبتسمت بعد إنتهاء كلامها وهي ترى تأثيره عليها والذي شعرت بالرضا نحوه وكادت تسترسل لولا دخول عُلا وإستعجالها لدينا حتى تأخذ المشروبات إلى الضيوف .
بعد دقائق، كانت تدخل غرفة الجلوس وهي تحمل صينية المشروبات بيدين ترتعشان قليلا، ثم بدأت بتوزيعها على الضيوف محاولة ألا ترفع أعينها على أحد فيهم حتى لا تقع على يامن .. لكنها عندما وقفت أمامه ولم يمد يده ليأخذ الكأس رفعت عينيها تلقائيا لتلتقي بخاصته والتي كانت تحمل لمعة العشق الذي يكنه نحوها منذ زمن .
إبتلعت ريقها بتوتر وأخفضت رأسها عندما إبتسم لها ثم أخذ كأسه أخيرا لتجلس هي بجوار جدها محاولة التركيز في الحوار الذي يدور حولهما وتجاهل دقات قلبها الَمتسارعة .. والتي تسارعت أكثر عندما سمعت والده يقول :
– طب نسيبهم مع بعض شوية ؟
إستدار عامر إليها ينتظر رأيها فأومأت موافقة ليخرج الجميع تاركين إياهما بمفردهما .. وقبل أن تسمح له بالحديث، كانت دينا تهتف سريعا :
– أنا عايزة اعرف انت تعرفني منين ؟

يتبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *