رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والتسعون 92 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والتسعون 92 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثاني والتسعون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثاني والتسعون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثانية والتسعون
يا ليتني ما كنتُ إلا خاطِرًا،
يمضي كما تمضي السُحُبْ في الحنينْ،
ما بين حزنٍ نازلٍ من غيمةٍ،
وبينَ قلبٍ لا ينامُ ولا يلينْ،
كم ذا رجوتُ بأن أرى وجهَ المنى،
لكنّ وجهي ما رآهُ الراحلينْ،
ناديتُ: يا ربّاهُ! كيف تحجُبُ،
عن عبدِك المشتاقِ نورَ العارفين؟،
فأتاني الهمسُ من سكينةِ رحمةٍ،
“اصبرْ… فإنّ الليلَ بابُ المُبصرين”.
_ارتجال.
_____________________________
النهاية تكون بداية لأشياءٍ كثيرة في الحياة، النهاية مِن الممكن أن تكون بداية لحياة جديدة لم تحظى بفرصةٍ واحدة، النهاية تكون بداية لزرع ثمرة صا’لحة بين عالمٍ يشوبه الفسا’د، النهاية هي بداية لحكاياتٍ كثيرة لم تحظى بفرصتها لتُعلن على مرئى الجميع، لم تكُن النهاية نهاية؛ بل هي بمثابة البداية الأبدية..
<“الزرع لم يكُن فقط مكترثٌ على النباتات.”>
نباتات خضر’اءٍ طالحة، مليئة بالحياة والأمل نحو مستقبلٍ مشرقٍ، ولكن لم يكُن الخير يكترث على النباتات فقط، بل هُناك ثمارٌ تنتُج عن حُبٍّ خالصٍ تبدأ في النمو، حتى تُصبح بعد تسعة أشهرٍ نبتةٌ صا’لحة..
كان “حُذيفة” يجلس في غرفة المعيشة برِفقة صغيره يتابعان مباراة جديدة لفريقهم المفضّل، كانا مندمجين في مشاهدتها وبين كُلّ كرة وأخرى يتفاعلان معها، بينما كانت “أيسل” تجلس في غرفتها تضع يَدها على بطنها المنتـ.ـفخة تحظى بالقليل مِن الراحة، فقد أصبحت تشعُر بالإر’هاق بأقل شيءٍ تفعله حتى أنها لا تستطيع الوقوف طويلًا على قدميها..
وبلحظة تتغيّر الدُنيا مِن وادٍ إلى آخرٍ بلا أيا ترتيباتٍ، بدأ أ’لمٌ قو’ي يُداهمها؛ لم يكُن كغيره بل كان عنيـ.ـفًا حتى أنها لم تعُد تستطع التحمُـ.ـل وشرعت في الصر’اخ بعد أن بدأ الأمر يشتـ.ـد صعو’بة عليها، أصوات ركضٍ تُسمع و’قعها على الأرضية وبلحظة كان “حُذيفة” وصغيره “عدنان” أمامها يسألانها عمَّ حدث في صوتٍ واحدِ يملؤه الخو’ف..
نظرت لهُ “أيسل” بعينان تفيـ.ـضان مِن الخو’ف ما يكفي ووجهٍ كان ينبـ.ـض بالراحة أصبح الآن ينبـ.ـض بالأ’لم، جاوبته بنبرةٍ متأ’لمةٍ:
_مش قا’درة أتحمـ.ـل الو’جع يا “حُذيفة”، كلم الدكتورة بسرعة وقولها أنا مش هقدر أستحمـ.ـل أكتر مِن كدا الو’جع والضر’ب مش طبيعي.
بحث “حُذيفة” عن هاتفه والقلـ.ـق والتو’تر عنوانًا صريحًا على معالم وجهه، بدأ “عدنان” يُربّت على ذراع والدته برفقٍ ويضم رأسها بذراعه الصغير الآخر إلى أحضانه بعد أن جاورها على الفراش، كان “حُذيفة” يتحدث مع الطبيبة في هذه اللحظة ويُخبرها بما تشعُر بهِ زوجته التي أصبح صوتها مسموعًا لدى الطبيبة، وبعد لحظات أقترب مِنها بعد أن أنهى مكالمته معها وقال بنبرةٍ هادئة:
_الدكتورة بتقول إن دا طلـ.ـق، كدا ولا’دة مُبكرة زي ما بتقول.
نظرت إليه “أيسل” بعينين دامعتين وقالت بنبرةٍ تملؤها الأ’لم:
_بس دا لسّه أسبوعين يا “حُذيفة”.
جاوبها بعد أن تحرّك تجاه خزانة الملابس وبدأ يُخرج ثيابها قائلًا:
_مش شرط تو’لدي فنفس الميعاد بتاعك، مش عشان و’لدتي “عدنان” مظبوط يعني.
أقترب مِنها وساعدها على النهوض ومِن ثمّ نظر إلى صغيره وقال:
_روح يا “عدنان” غيّر هدومك بسرعة عشان نتحرك.
لبى “عدنان” مطلب أبيه وركض إلى غرفته مسرعًا، بينما ساعدها على تبديل ملابسها ثمّ قام بإجراء مكالمة سريعة مع والده وهو يقوم بتبديل ملابسه بعُجالة، أعطاهم فقط شارة التحرك بعد أن أخبرهم بأن الوقت قد حان لولا’دة “أيسل” ومِن ثمّ أقترب مِن الخزانة مجددًا وأخرج حقيبة متوسطة الحجم بها ملابسها وملابس الصغير وحملها على ظهره وبدأ بعدها بتجميع متعلقاته بعُجالة تحت نظرات “أيسل” التي أصبحت حالتها أسو’أ مِن قبل..
ثقـ.ـلت أنفاسها وكأن الهواء أصبح عبـ.ـئًا ثقيـ.ـلًا على صدرها، أشتـ.ـد الأ’لم الذي جعلها تعجـ.ـز تمامًا عن الحركة وتندى جبينها بعر’قٍ واضحٍ، عاد لها بعد أن أخذ جميع الأغراض المـ.ـهمة التي سيحتاجونها ثمّ ساعدها على الوقوف وكانت ذراعيه داعمًا لها في تلك اللحظة، مسّد برفقٍ على ذراعها بعد أن إتجها معًا إلى الخارج وقام بالمناداة على صغيره بنبرةٍ عالية بعض الشيء:
_يلَّا يا “عدنان” بسرعة ممعناش وقت.
خرج “عدنان” راكضًا مِن غرفته ولَحِقَ بهما إلى باب الشقة قائلًا بتذ’مرٍ طفولي:
_خلّصت أهو خلاص، هو “يونس” مستعجل على إيه بس أنا ملحقتش أسرّح شعري حتى.
أغلق “حُذيفة” الباب خلفه بالمفتاح بعد أن خرجوا ومِن ثم نظر إلى صغيره الذي وقف ينتظر وصول المصعد وقال ضاحكًا بينما يقوم بترتيب خصلا’ته النا’عمة بأنامله:
_يا عمّ ولا تز’عل، أدي شعرك أتسرّح أهو وبقيت زي القمر، بس ماما مش هتقدر تستنى أكتر مِن كدا.
وصل المصعد وقام “حُذيفة” بفتح الباب ليدخُل صغيره أولًا ثمّ ولج مع “أيسل” وقام بغلق الباب خلفه وضغـ.ـط على الرقم صفر وقال بنبرةٍ لم يخفو عنها التو’تر بعد أن رأى “أيسل” تُحاول التما’سك لأطول وقتٍ ممكنٍ:
_يا ربّ أجعلها ساعة مُيَّسرة علينا.
بدء هاتفه يصدح برنينٍ بين الحين والآخر بمتصلٍ مختلف كُلّ بضع دقائق، القلـ.ـق ينهـ.ـش في القلوب والخو’ف أصبح رفيقًا جيدًا لهم، فمع وصولها إلى المشفى وإجراء بعض الفحوصات السريعة لها وتجهيزها للولوج كانت الأفواه لا تتوقّف عن الدُعاء، والقلب يتدرع سرًا لربّ العالمين، جلست “ميرنا” فوق المقعد المعد’ني تدعو لها ووقف “بدر” بجانبها ينتظر خروجها بهدوءٍ معتاد مِنْهُ..
جلس “عدنان” بجانب جده “عبدالله” الذي كعادته ضمه إلى د’فء أحضانه وبدأ يتحدث معهُ عن مواضيعٍ مختلفة كالمعتاد، بينما وقفت “نوران” بجانب ولدها تطمئنه بكلماتها قائلة:
_متخا’فش خير إن شاء الله، مكانتش الأولى يا “حُذيفة”.
نظر لها “حُذيفة” وجاوبها بنبرةٍ هادئة تشوبها الخو’ف:
_ونعمة بالله، بس خا’يف غصـ.ـب عني، أينعم التسع شهور دول كانوا هاديين نوعًا ما، بس اليوم دا بيهم كُلّهم يا ماما، قلبي كان بيو’جعني وأنا شايفها عمّالة تتو’جع وتعيـ.ـط، حتى الليل مكانتش بتنامه كُلّ شوية بصحى على صوت أنيـ.ـنها، مكانتش بترتاح لحظة فآخر أيام وأنا مش عارف أريَّحها أزاي، باجي على نفسي وأرجع مِن الشغل لو في حاجة متعملتش بعملها أنا، بس برضوا بحسّ الراحة دي مشـ.ـقّة عليها كأني معملتش أي حاجة.
أخرجت “نوران” تنهيدة عميقة ثمّ ربَّتت فوق ذراعه برفقٍ وقالت بنبرةٍ هادئة:
_خير إن شاء الله يا حبيبي متخا’فش طول ما ربنا سُبحانه وتعالى موجود، “يونس” هييجي على خير وهي هتبقى بخير وزي الفُل، هو دا الحمـ.ـل يا حبيبي مبير’يحش واحدة، أومال ربنا جعل الجنة تحت أقدام الأمّهات مِن شوية برضوا.
نظر لها “حُذيفة” وأتفق معها على حديثها بقوله الهادئ:
_ونعمة بالله، عندك حق، ربنا ييسرلها الحال ويخفف عنها كُلّ لحظة و’جع، ونشوف “يونس” باشا وهو بخير، فضل هادي طول الشهور اللي فاتت وجه فيوم واحد عمل اللي معملهوش قبل كدا.
أبتسمت “نوران” وجاوبته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_حفيدي بقى ويعمل اللي هو عايزُه معلش يا “حُذيفة”، دا أعَّز عندي مِنك.
أخرج “حُذيفة” تنهيدة عميقة ثمّ أبتسم بسمةٌ خفيفة وحاول طمأنة قلبه قليلًا، فلن يهدأ إلّا حينما يراها قد أصبحت بخيرٍ أمامه، بينما جاء “ليل” الجد وبرِفقته “روز” كي يُقدمان لهم الدعم وليطمأنا على “أيسل” والصغير الذي فا’جئ الجميع بقدومه.
_____________________________
<“أخطـ.ـر المخلو’قات على وجه الأرض كان، إنسانًا ..!!.”>
في أطر’اف منطقة حدو’دية نائية – قُبيل المغيب – كان الجَو ر’مادي، الرياح محمّـ.ـلة بالغبا’ر، رائحة التر’اب يفوح في صحر’اءٍ جرداء، وشمسُ يومٍ آخر تودِّع الجميع، كان قد أُقيم في تلك المنطقة مخيَّمًا عسكـ.ـريًا بأوا’مر عُليا بعد أن جاءهم إنذ’ارٍ بالخطـ.ـر على حدو’د البلاد، ومِن على بُعد أميالٍ قليلة تصطف ثلاث سيارات د’فع رُباعي تابعة للعصا’بة، محمّـ.ـلة بالرجا’ل المُسـ.ـلحين؛ وجوههم مغـ.ـطاة بالكوفية، وعيونهم تلمع بالكر’اهية..
وعلى بُعد نفس الأميال، وفي لحظة تُسمى بالغفـ.ـلة بالنسبةِ لهم، وبعُنصر المفاجأة لدى تلك العصا’بة، أمانٌ زا’ئف يحوم حولهم، كستارٍ شفا’ف يُخـ.ـفى خلفها فضا’ئح مخجـ.ـلة..
داخل موقع أ’مني صغير – معسكـ.ـر حدو’دي بدائي،
كان يقف ضا’بطًا يبدو على وجهه الصر’امة والحِدَّ’ة، وينعكس هذا الطبع بداخلهِ؛ حيث الشها’مة والوفاء لذويه وأحِباءه، كان “إسماعيل” يُتابع الجنو’د بعيناه، ير’صد كُلّ حركة بينهم، ويستمع إلى خطواتٍ لا يسمعها غيره، وكأنه آ’لة رصدٍ متنقلة بعقـ.ـلٍ بشري، تحدث في الهاتف مع رفيقه “حُذيفة” الذي بشّره بالخير الذي حظى بهِ في هذا اليوم والبسمةُ ترتسم فوق شفتيه:
_بسم الله ما شاء الله، ربنا يباركلك فيه يا صاحبي ويجعله ذرية صا’لحة ويبقى سندك فالدُنيا، شوفته آه ربنا يحميه يا ربّ ويباركلكم فيه، حبيبي يا صاحبي، ربنا يديم عليكم الفرحة ويباركلك فـ “يونس” ويجعله با’ر بيكم، ماشي يا صاحبي مش حابب أطول عليك، خُد بالك مِن نفسك ومِن اللي معاك، أشوفك على خير يا حبيبي، سلام.
أنهى مكالمته مع رفيقه الذي بشّره بتلك البُشرى السارّة، أغلق هاتفه ووضعه في جيبه مجددًا ونظر إلى الجنو’د الذين كانوا يُعدون طاولة الغداء البسيطة وهم يتبادلون أطراف الحديث والمزاح، تحدث بنبرةٍ عا’لية وجدية ز’ائفة بقوله:
_ما تخلص يا مجنـ.ـد مِنك لُه هنقضيها هزار وأفضل أنا واقف جعان يعني؟.
ألتفتوا نحوه ينظرون لهُ ليُجيب واحدٍ مِنهم يُدعى “عاصم” بقوله مبتسمًا:
_لمؤ’اخذة يا باشا، هما اللي عمالين يضحكوني مِن الصبح، أهو “عابد” مِن الصبح عمّال يقولنا فنُكت وإحنا بنضحك غـ.ـصب عننا عشان هي بتضحّك.
أنهى حديثه مشيرًا نحو “عابد” الذي أصبح وكأنه المتهـ.ـم الأول والأخير فيما هم عليه الآن، صمتٌ قا’تل قُطِـ.ـعَ بضحكة مكتو’مة مِن “عابد” الذي تذكّر نُكتة أخرى في توقيتٍ خا’طئ، نظر لهُ “إسماعيل” يراه يضع كفه فوق فمه محاولًا تما’لُك نفسُه، تو’ترٌ أصا’ب الجميع وهم يترقبون ردّة فعل “إسماعيل” تجاه “عابد”، ولكن في الحقيقة كُلّ هذا قد كُسِـ.ـرَ بعد أن قال “إسماعيل” بنبرةٍ هادئة:
_طب ما تضحكني معاك يا “عابد”، ولا أكونش مش قد المقام.
نظر لهُ “عابد” وأبعد كفه عن فمه ونفـ.ـى قوله سريعًا قائلًا:
_لا طبعًا يا باشا العفو، دا أنا أخرّجهم كُلّهم دلوقتي وأقولك كُلّ النُكت اللي قولتهالهم واللي مقولتهاش كمان.
_لا بقى “عابد” كدا عُنصـ.ـري ومش عادل.
هكذا أبدوا بإعتر’اضهم على حديثه، بينما أبتسم “إسماعيل” بعد أن رأى حُبّهم لبعضهم، فهو برغم أنَّهُ الأكبر بينهم سنًا، ولكن شَعَر بينهم بالأُلفة وكأنهم إخوته الصغار، ولكن الفرح لا يدوم؛ ففي لحظة خا’طفة دو’ى صوت إنفجا’رٍ قو’ي بالقرب مِنهم في الخارج، تليها صر’خات عالية وأصوات أسـ.ـلحة تُخرج سمو’مها تجاه العد’و، أخذ كُلّ واحدٍ مِنهم سلا’حه وخرج للد’فاع عن وطنًا وأرضًا وشعبًا يحتـ.ـمي فيهم، سواء كانوا صغارًا أو كبارًا؛ رجا’لًا أو نسا’ءً..
أصوات طـ.ـلقات النير’ان تزداد حِدَّ’ة في الخارج، ود’ماءً طا’هرة تُسـ.ـفك في الأرض وجـ.ـثثًا بأعدادٍ مهولة تسـ.ـقط فوق الأرض الرملية تنتظر أن تحتـ.ـضنها في جو’فها، خرج “إسماعيل” متسـ.ـللًا بمهارةٍ كُسِبَت على مر السنوات وهو يقوم بإطلا’ق النير’ان عليهم وإسقا’ط واحدٍ تلو الآخر، بينما تسـ.ـللوا هم كالحـ.ـية السا’مة نحوهم ليقومون بنشـ.ـر هذا السُـ.ـم القا’تل ويقضـ.ـون عليهم تمامًا..
إختـ.ـبأ “إسماعيل” تزامنًا مع صوت الإنفجا’ر القو’ي، المعسكـ.ـر يهتـ.ـز بعنـ.ـفٍ؛ الجنو’د يتناثرون فوق الأرض، يتصاعد التر’اب ويعلو معهُ أصوات الصر’اخ العالية، خرج جنـ.ـديًا مِن مخبـ.ـأه ووقف مكانه مصو’بًا سلا’حه على أحد المعتـ.ـدين مطلقًا رصا’صة حُـ.ـرة، وفي نفس اللحظة رُدّت إليه بواحدة في الرأ’س مِن طرفٍ آخر رأى رفيقه يُقتـ.ـل، في تلك اللحظة إهتـ.ـز قلب “إسماعيل” بعنـ.ـفٍ داخل صد’ره بعد أن رأى هذا المشهد المُر’عب، أخرج جهاز الإتصال مِن جيب بنطاله وقال بنبرةٍ حا’دة:
_هنا نسـ.ـر ٤، هجو’م؛ هجو’م مباشر محتاجين د’عم فوري ..!!.
لكن الإشارة قُطـ.ـعت، وكأن وسائل النجـ.ـاةِ كذلك تسرّ’بت كآمال هؤلاء الجنو’د الصغار الذين فا’رقوا الحياة في ر’يعان شبابهم تضـ.ـحيةً وإخلا’صًا وولاءً لهذا الوطن، سـ.ـقط “عابد” مفا’رقًا الحياة، ومعهُ صر’خة عالية مِن الأ’عماق شـ.ـقّت حِدَّ’ة الأجواء حينما رآه “إسماعيل”، ركض إليه ولم يعـ.ـبأ لنفسُه إن أُصـ.ـيب في تلك اللحظة، جلس على رُكبتيه وتفحـ.ـصه بقوله الحا’د:
_قوم يا “عابد”، قوم المشوار لسّه طويل ومنتـ.ـهاش، قوم أوعى رصا’صة زي دي تقـ.ـضي عليك ..!!.
تنفّس “عابد” ببطءٍ وكأن الهواء أصبح عـ.ـبئًا على صد’ره، فتح عيناه برفقٍ بعد أن شَعَر بكفي “إسماعيل” يُحاوطان وجهه ونظر في عيناه بنظرة ود’اعٍ مؤ’لمٍ وهمس لهُ بنبرةٍ وا’هنة:
_مش هقد’ر أكمل يا باشا، خلاص أنا رحلتي خلصت لحد هنا، بالله عليك ما تزعل مِني عشان كُنت بعطّـ.ـل زمايلي أغلب الوقت بسبب نُكتي، بس واللهِ كُنت بحب أشوف الضحكة على وشوشهم، على فكرة أنا همو’ت وأنا جعان دلوقتي، بس عارف إني هروح آكل مِن أكل أهل الجنة، لو نجـ.ـدت وشوفت أمّي وأختي قولهم ميز’علوش عليّا، قول لأمي إبنك ما’ت شهـ.ـيد وهو بيد’افع عن أرض وعـ.ـرض وشعب، قولها إبنك كان مِن ضمن الأبطال عشان لمَ تمشي فالشارع تحسّ بالفخر، وينادوا عليها ويقولولها أم الشهيـ.ـد أهي.
سقـ.ـطت عبرات “إسماعيل” كز’خات المطر التي سقـ.ـطت لتروي أرضٍ كادت تمو’ت مِن جـ.ـفافها، ضمه إلى أحضانه وهو يبكي بحُر’قة تزامنًا مع قوله بصوته المتهـ.ـدج:
_هتعـ.ـيش يا “عابد”، هتعيـ.ـش وهتحكيلها عن كُلّ حاجة بنفسك، هتعيـ.ـش.
أبتسم “عابد” الذي نظر بو’هنٍ إلى السماء وقال:
_مش هيحصل أنا عارف أنا بقولك إيه كويس، سامحني، قول إنك مسامحني ومش زعلان مني فحاجة.
نظر إليه “إسماعيل” وهو يبكي بحُر’قة، فالأمر ليس هينًا عليه البتة، ولكنهُ همس إليه بنبرةٍ متأ’لمة بقوله الصادق:
_عُمري ما ز’علت منك يا “عابد”، أنتَ أخويا الصغير، مفيش حاجة و’حشة عملتها معايا قبل كدا، بس عشان أريّحك، أنا مسامحك، واللهِ مسامحك يا حبيبي.
وكأنه كان ينتظر أن يسمعها قبل ر’حيله، فبمثابة أن تفوّه بها “إسماعيل” فا’رق “عابد” الحياة، وحينما رآه إزداد بكاءه ونحـ.ـيبه، يضمه وكأنه إن تركه لحظة سيتفـ.ـتت ولن يكون لهُ وجود، لم ينتهي الأمر عند هذا الحد، بلحظة شَعَر “إسماعيل” نفسُه يُجذ’ب أرضًا كأنه ذ’بيحة، قسو’ةٌ وفُرِ’ضَت عليهم جميعًا، في هذه الأثناء رأى جنـ.ـديًا آخر يتم تنفيذ حـ.ـكم الإعد’ام عليه بمنتهى القسو’ة..
رآه بأم عيناه وهو يتم شـ.ـنقه بو’حشية لم يُسبق لها مثيل، وعلى مقربةٍ رأى أحطا’بًا متراصة كهيئة الفراش، عالية؛ وتبقى مِنها أرضًا، إلتفوا حوله ورفعوا أسلحـ.ـتهم عليه كتهـ.ـديدٍ صريحٍ مِنهم، أقترب واحدٍ مِنهم وقام بر’بط يَديه بإحكا’مٍ وكذلك قدميه وشـ.ـريطٍ لاصـ.ـق وُضع على فمه حتى لا يُصدر صوتًا، هكذا يكون الإنسان حينما يتجر’د مِن إنسانيته..
حملوه ووضعوه فوق هذه الأحطا’ب وبدأوا بوضع المزيد مِنها على جسـ.ـده، سيقـ.ـتلوه حر’قًا، مثلما يفعلون الهنـ.ـدوس حينما يمو’ت واحدٍ مِنهم، ومع وضع آخر قطعة حطـ.ـب تقدَّم واحدٍ مِنهم وبدأ بسـ.ـكب البنز’ين حوله وعلى جسـ.ـده بالكامل، لم يستطع أن ينجـ.ـو مِنهم، ولن يستطيع أن يُرسل رسالة “عابد” إلى والدته مثلما أخبره، فما هي إلّا لحظات قليلة ويلحق بهِ شهيـ.ـدًا..
_إحر’قوه حـ.ـي، دا جزاء الخا’ين، يا خا’ونة ..!!.
صر’خ بها ز’عيمهم وهو يرمق “إسماعيل” بحقـ.ـدٍ واضحٍ، وفي آخر هذه الثوانٍ لم يستسـ.ـلم “إسماعيل”، فتبسم لهُ ونظر لهُ نظرة منتصـ.ـرٍ فاز في حر’بٍ طالت أمدها، ليس وكأنه خسـ.ـر للتو مِنْهُ، أشـ.ـعل أحدهم عود الكبر’يت وأ’لقاه عليه لتتسـ.ـع النا’ر بسرعةٍ كبرى، فالحقـ.ـد والغِـ.ـل كالنا’ر في الهشيـ.ـم، لا يتركان خلفهما إلّا الخر’اب، ما’ت “إسماعيل”؛ وإنتهت قصته كما إنتهت قصة الجميع هُنا..
ما’ت حر’يقًا؛ وترك ذِكراه تخلد في الأذهان، فهي مَن تبقّى مِنْهُ الآن، وبين هذا الدخا’ن المتصاعد ورائحة الد’ماء المنتشـ.ـرة في الهواء واللهـ.ـب المشتـ.ـعل، فـ.ـرّ “عاصم” ها’ربًا؛ بعد أن أصبح هو النا’جي الوحيد مِن هذه الحر’ب التي طالت الجميع، هرو’به تظنه خيا’نة؛ ولكنهُ ليس كذلك عزيزي، هر’ب “عاصم” وهو في صدمةٍ مِن أمره، عـ.ـقله مازال لا يستوعب كيف كان المو’ت يحوم حوله، وكيف أ’لقوا رفاقه حد’فهم..
ولكنهُ يجب أن ينجـ.ـو الآن حتى يستطيع سرد ما رآه وأن يأتي بحقوقهم حتى تركض أرو’احهم في سلامٍ، كان زيّه العسكـ.ـري ملـ.ـطخًا بد’ماء رفاقه الأبر’ياء، والغبا’ر يلتصق بوجهه، والعر’ق يتصبب على جبينه وجسـ.ـده، ولكنهُ برغم إصاباته وآلا’مه مازال يُكا’فح، نعم لقد تقطـ.ـع قلبه بو’حشية بعد أن رأى رفيقه يسقـ.ـط صر’يعًا بعد أن أصا’بت الرصا’صة رأ’سه، وكيف قُتـ.ـل “عابد” الذي كان يرسم الضحكة على وشوشهم قبل لحظات، وفي الأخير ر’ئيسه الذي قُتـ.ـل بو’حشية..
يركض في أرض الله الواسعة وهو على يقينٍ بأن الله معه أينما ذهب، وفي هذه اللحظة تعهد على نفسُه عهدًا صا’دقًا بعدم الاستسلا’م إلّا أن تأتي حقوق هؤلاء الأبر’ياء، فلن تنتهي الحر’ب على هذا المشهد، فالشـ.ـر لا ينتصـ.ـر على الخير مهما كان الثمن با’هظًا.
___________________________
<“وبين ر’حيلٍ تام عن الدُنيا، تأتي أروا’حًا أخرى تتسلّم الراية.”>
في نفس هذا اليوم – سُميّ اليوم الموعود،
وبينما أرو’احًا تُفا’رق الحياة، توُ’لد أخرى للحياة؛ لتتسلّم راية الحر’ب وتُعلن عن عدم إنتصا’ر الشـ.ـر بعد، وكأنها تهمس للجميع بإقتراب اليوم الموعود، اليوم الذي لا ينفع الفـ.ـرار أحدهم مِن الحساب، وإن كان ثمن هذا الد’ماء..
كانت تعلو أصوات الضحكات هُنا، والفرحة تعُم على الجميع هُنا، وتنا’فسها أصواتًا أخرى، ليست بضاحكة؛ أو حتى مستبشرة، إنما هي صر’خاتٍ متأ’لمة، مو’جوعة؛ نا’زفة، والرُ’عب هو الرفيق الأول والأخير لها، هُنا هو المعنى الحقيقي للتنا’قض، هُنا هو المشهد الواقعي لكثيرٍ مِن البشر..
كان “حُذيفة” يقف بجانب فراش “أيسل” ويحمل “يونس” على ذراعيه، هذا الملا’ك الصغير الذي جاء إلى الدُنيا ومعهُ بُشراه، ساكنًا بين ذراعي والده، وكأن الأ’مان أصبح مُلخصًا بينهما، الضحكات تنتشـ.ـر في أرجاء المكان والفرحةُ حاضرة بين الجميع، تحدث “شهـاب” في هذه اللحظة مبتسم الوجه وهو يضم “مَرْيَم” بذراعه إلى د’فء أحضانه بقوله الهادئ:
_بالمناسبة الحلوة دي، أحب أقولكم إن “مَرْيَم” حا’مل.
شـ.ـهقات خفيفة صدرت مِن البعض، وذهولٍ رُسم بمهارة على الوجوه، ومِن ثمّ مباركاتٍ تنهال عليهما بفرحٍ أفتقـ.ـدوه طويلًا، أقترب “حُذيفة” مِنْهُ وقام بمباركته بحُبٍّ خالص، وبين تلك الأجواء المحاوطة بهم كان “ليل” الجد يقف في إحدى أركان الغرفة يُتابع عائلته التي تنمو يومًا بعد يومٍ بوجهٍ مبتسم وعينان تدمعان فرحًا..
فشعوره الآن وهو يرى عائلته تزداد يومًا بعد يوم يجعله يشعُر بالراحة والسعادة، فإن كان وحيدًا في الأمس، فاليوم أصبح خلفه جـ.ـيشًا لا نهاية لهُ، ويقينًا بأن هذه ليست النهاية، بل إنها البداية الحتمية التي طال إنتظارها، أخرجه مِن شروده صوت هاتفه الذي صدح رنينه عاليًا في جيب سُترة حُلته، أخرجه بهدوءٍ ورأى رقمًا مجهو’لًا يُهاتفه، أ’لقى نظرة سريعة على الجميع ثمّ تسـ.ـلل مِن بينهم إلى الخارج حتى لا يُفسـ.ـد فرحتهم إن كان الخبر سـ.ـيئًا..
أبتعد عن الغرفة قليلًا ثمّ أجاب على المتصل بقوله المترقب:
_أيوه مين معايا.
سمع صوت أنفاسٍ لا’هثة، وضـ.ـجيجٍ في الخلفية كأنه سوقًا شعبيًا أو ما شابه، ولذلك ترقّب الرد مِن الطرف الآخر حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_مين اللي معايا؟.
كان الأ’لم أشتـ.ـد على “عاصم” الذي كان مستندًا بحمو’لة جسـ.ـده إلى الجدار واضعًا الهاتف على أذنه بعد أن إستعاره مِن أحد المارين الذي أشـ.ـفق عليه وقرر مساعدته، في نفس اللحظة كانت يَده اليُسرى موضوعة على جر’حه الغا’ئر في جانبه تاركًا بقية جسـ.ـده ينزُ’ف حتى يزوره المو’ت، تحدث أخيرًا بنبرةٍ وا’هنة وأنفاسه أصبحت ثقـ.ـيلة بعد أن بدأ يستسـ.ـلم أخيرًا إلى مصيره المنتظر بعد أن قطـ.ـع أميالًا حتى يصل إلى هذه النقطة:
_سيادة اللو’ا، أنا المجنـ.ـد “عاصم عبدالحميد”.
بدأ القلـ.ـق يتسـ.ـلل كالمر’ض إلى قلبه بعد أن أستمع إلى صوته المر’هق، تحدث “ليل” بنبرةٍ جادة لم تخلو مِن التو’تر قائلًا:
_إيه اللي حصل يا “عاصم”، وبتكلمني منين وفين زمايلك والملا’زم “إسماعيل”؟.
ضغـ.ـط “عاصم” على جر’حه الغا’ئر بعد أن إشـ.ـتد عليه الأ’لم قائلًا بنبرةٍ يكسوها الأ’لم:
_زمايلي كُلّهم، والملا’زم “إسماعيل”، كُلّهم بقوا شهـ.ـداء يا فندم دلوقتي، أنا النا’جي الوحيد فيهم.
صدمة حا’دة أصا’بته في هذه اللحظة، جحظت عيناه بهلـ.ـعٍ وعدم استيعاب لِمَ سمعه قبل لحظات، بالتأكيد هو يمزح وجميعهم بخير، بالتأكيد “عاصم” يمزح الآن ولم يحدث شيئًا مِن هذا القبيل، ولكن أكّد إليه “عاصم” حقيقة الأمر، وفي هذه اللحظة تها’وى جسـ.ـد “ليل” الذي لم يستوعب عـ.ـقله حقيقة هذا الأمر، وفي لحظة قام “ليل” حفيده بدعمه قبل أن يسـ.ـقط أرضًا وهو يرى حالة جده التي لا تُنذ’ر بالخير بتاتًا..
_في إيه يا جدي مالك إيه اللي حصل فجأة؟.
نطـ.ـق بها حفيده الذي ساعده على الجلوس ثمّ جلس أمامه القرفصاء يتفحـ.ـص ملامحه التي شحـ.ـبت في هذه اللحظة، وعيناه الدامعة التي تأ’بى أن تزرف دموعها، عَلِمَ أن ثمة كار’ثة فجـ.ـة حدثت وأول مَن عَلِمَ بها هو جده، نظر إلى هاتفه ليرى المكالمة مازالت جارية ولذلك أخذه مِنْهُ وقال بنبرةٍ مترقبة:
_الملا’زم “ليل باسم الدمنهوري” بيتكلم، مين معايا.
جاوبه “عاصم” وأخبره بما حدث مثلما قال مِن قبل لـ “ليل” الجد لتظهر صدمته على معالم وجهه بشكلٍ فا’ضحٍ، كانت صدمة مِن العيا’ر الثقيـ.ـل، نظر إلى جده بعينين مجحظتين وكأنه لا يُصدق ما سمعه وينتظر أن ينـ.ـفي هو هذا الحدث المؤ’لم، تحدث “عاصم” مجددًا هذه المرة بقوله الوا’هن:
_أنا حاليًا هتنقل على المستشفى العسكـ.ـري، مصا’ب إصا’بات كتير وأغلبها خطـ.ـيرة، معرفش إذا كُنت هعدي مِنها أنا كمان ولا هلحقهم.
أبعد “ليل” الهاتف عن أذنه وأخفض رأسه باكيًا بعد أن تلقى خبر و’فاة صديقه وجميع المجنـ.ـدين معهُ، بينما أخفض “ليل” الجد رأسه واضعًا كفه فوق رأسه بعد أن تدارك حجم المصـ.ـيبة التي لحقت بهم، خرج “علي” في تلك اللحظة وهو يبحث عنهما ليراهما في هذه الوضعية، وفورًا عَلِمَ أن مصـ.ـيبة فـ.ـجة قد حدثت، ألتفت إلى البقية وقال بنبرةٍ يظهر فيها تو’تره:
_هو جدي و “ليل” مالهم.
ألتفت إليه “شهـاب” ينظر لهُ ومعهُ “أحمد” و “حُذيفة”، إتجهوا إلى الخارج لمعرفة ما حدث، بينما ترك “حُذيفة” صغيره “يونس” مع “أيسل” ولَحِقَ بهم والترقب عنوانًا صريحًا في عيناه، نظرت “نوران” إلى “عبدالله” وقالت بنبرةٍ يظهر فيها تو’ترها:
_في إيه يا “عبدالله”؟.
هـ.ـزّ “عبدالله” رأسه ينفـ.ـي معرفته بالأمر ثمّ تركها ولَحِقَ بالشبا’ب نحو الخارج وقد لَحِقَت بهِ “مَرْيَم” و “مسك” و “لارين” لمعرفة ما حدث، وقفن ثلاثتهن على الباب يشاهدن هذا المشهد الذي أثا’ر حفيظتهن، بينما جاور “عبدالله” أبيه وسأله عن ما حدث قائلًا:
_في إيه يا بابا إيه اللي حصل؟ مالكم في إيه يا “ليل”؟.
أنهى حديثه وهو يسأل ابن شقيقته عن ما حدث والذي لا تقل حالته عن حالة جده، ولكن لا إجابة فالأثنين الآن في صدمةٍ مِن أمرهما، نظروا إلى بعضهم بعضًا بجهـ.ـلٍ فحتى الآن الآف السيناريوهات البشـ.ـعة تدور في عقو’لهم، ولكن ظن “حُذيفة” أن ثمة مكـ.ـروهًا قد أصا’ب أخيه وعند هذه النقطة أصا’به الرُ’عب وجحظت عيناه قليلًا بعد أن أنكـ.ـر حدوث شيئًا إلى أخيه، نظر إلى ابن عمته وقال بنبرةٍ حا’دة بعد أن أصبحت تلك الفكرة عنوانًا رئيسيًا في عـ.ـقله:
_”ليل” إنطـ.ـق وقول إيه اللي حصل، “يزيد” أخويا جراله حاجة؟ إتكلم متفضلش ساكت كدا “يزيد” أخويا كويس ولا لأ ..!!.
وضعت “روان” يَدها على موضع قـ.ـلبها الذي كان يخـ.ـفق بعـ.ـنفٍ واضح داخل صد’رها بعد أن أستمعت إلى حديث “حُذيفة” وتمـ.ـلّك الرُ’عب مِنها، فلن تتقبل هذه الفكرة مهما حدث، بينما كان “حُذيفة” ينظر إلى ابن عمته منتظرًا أن ينـ.ـفي الآخر حديثه، فلن يتقبّل هذه الفكرة إن حدث لهُ شيئًا فهو لا يمـ.ـلُك سواه في هذه الدُنيا..
سـ.ـقطت عبرات “روان” فوق صفحة وجهها بعد أن لم ينـ.ـفي أخيها حديث “حُذيفة”، فصمته يؤكد صحة حديث ابن خالها، نظرت لها “مَرْيَم” بعينين دامعتين ووا’ستها دون أن تتحدث، بينما جاوبهم “ليل” الجد في هذه اللحظة بعد أن شَعَر بضـ.ـعف حفيده في تلك اللحظة بقوله الوا’هن:
_الملا’زم “إسماعيل”، وكُلّ العسا’كر اللي كانوا معاه أر’تقوا لرحاب الله.
جحظت أعين الجميع بصدمةٍ واضحة بعد أن تلقت آذانهم ما قيل قبل لحظات، وفي الخلف شـ.ـهقات صاد’مة وفز’عٍ واضحٍ بعد أن أستمعن إلى حديثه الذي كان بمثابة قنبـ.ـلة موقو’تة، وضعن أيديهن فوق أفواههن وزرفت أعينهن العبرات، سـ.ـقط “حُذيفة” على رُكبتيه أمامه وهو ينظر لهُ بصدمةٍ واضحة لا يستوعب عـ.ـقله ما قيل قبل دقائق، ردود أفعالٍ مختلفة وعجـ.ـزًا بعدم استيعا’بهم لِمَ قيل..
_إنا لله وإنا إليه راجعون، إنا لله وإنا إليه راجعون.
رددها “شهـاب” الذي كان مصدومًا ولا يستطيع عـ.ـقله استيعاب ما قيل، فتلك مصـ.ـيبة فـ.ـجة وأصا’بتهم جميعًا، حاول “ليل” الجد تما’لُك نفسُه وقال بنبرةٍ جادة:
_لازم نتحرك دلوقتي، “عاصم” مُصا’ب إصا’بات بليـ.ـغة وفالمستشفى هو الوحيد اللي عارف إيه اللي حصل وشاف كُلّ حاجة، لازم يحكي اللي حصل عشان هو الوحيد اللي شاف وسمع، لازم نجيب حق الشهـ.ـداء دول كُلّهم، لازم نردّ فأسرع وقت مهما كان التمـ.ـن، الناس دي أرو’احها أ’غلى مِن أي حاجة فالدُنيا دي، أنا مش هقبل بأي تقصـ.ـير وزي ما إتغد’ر بيهم إحنا كمان لازم نغد’ر بيهم، إحنا دخلنا على حر’ب كبيرة أوي كان تمـ.ـنها أرو’اح شبا’ب صغير، ولازم حقهم يرجع فأسرع وقت.
رفع “حُذيفة” رأسه وعيناه تكسوهما الحُمـ.ـرة بعد أن كبـ.ـح عبراته ور’فض أن تنزل دمعة واحدة مِن عينه قبل أن يأتي بحق رفيقه قائلًا بنبرةٍ حا’دة متو’عدًا لمَن قام بقتـ.ـل رفيقه:
_وعهد الله ما هسيب حقه مهما كان التمـ.ـن، أنا اللي هجيب حـ.ـقه بإيدي، “إسماعيل” مش هيرتاح فتُر’بته إلّا لمَ حقه يرجعله، وأنا مش هيهدالي بال غير لمَ أجيبهوله.
تو’عد إلى القا’تل بالد’مار ولن يتراجع عن قراره ولن يسـ.ـقط قسمه أرضًا مهما كان الثمن، فـ “إسماعيل” لم يكُن رفيقًا، بل كان أخيه الذي لم تلـ.ـده أُمّه، وفي هذه اللحظة وبعد أن إشتـ.ـعلت النير’ان داخل صد’ره يمكننا أن نقول الآن أن حر’ب الأعد’اء قد بدأت.
_____________________________
<“ليلةٌ ثقيـ.ـلة على القلوب، وكرا’هية وُ’لدت للد’مار.”>
إنتصفت الساعة، وبدء يومًا جديدًا،
في المستشفى العسكـ.ـري – داخل غرفة الطو’ارئ،
كان “عاصم” يتلقى العلا’ج اللازم على أعلى مستوى، جسـ.ـده يحمل جرو’حًا سـ.ـطحية وكدما’تٍ خفيفة، ولكن ثمة جر’وحًا أخرى أكثر عمـ.ـقًا تستحو’ذ على جسـ.ـده، كان يرقد فوق الفراش المعد’ني عيناه مثبتتان على سـ.ـقف الغرفة، وصر’خات رفاقه و “إسماعيل” مازالت ترن في أذنيه كحر’بًا أعلنت عن د’مار الجميع..
لحظات مِن الصمت القا’تل كسـ.ـره ولوج “ليل” الجد إليه بهدوءٍ ظاهري، تقابلت الأعين في صمتٍ تام ولكن كانت تبوح عن أ’لمٍ مخـ.ـفي في أعما’ق القلب يأ’بى الرضو’خ، أقترب مِنْهُ بخطى هادئة ووقف أمامه تزامنًا مع قوله الهادئ:
_حمدلله على سلامتك يا “عاصم”، الدكتور “مهدي” طمني عليك وقال إن الجر’وح سـ.ـطحية وكدما’ت خفيفة، المشـ.ـكلة اللي هتطول معاك شوية جرو’حك العمـ.ـيقة اللي فالجـ.ـنب والكتف، إحمد ربنا إنك مفيش حاجة إستدعت دخولك عـ.ـمليات.
جاوبه “عاصم” بنبرةٍ و’اهنة وكأنه أصبح يكر’ه الحديث قائلًا:
_الله يسلمك يا فندم، شكرًا على زيارتك ليّا.
أبتسم “ليل” بسمةٌ مـ.ـيتة لهُ وإلتمعت عيناه بوميضٍ مِن الحز’ن وقال:
_متشكرنيش على واجباتي يا “عاصم”، أنا مش مجرّد لو’ا، ولا إنتم مجرّد جنو’د وظبا’ط، إنتم ولادي الصغيرين ومسؤ’ولين مِني، وحق ولادي أنا مش هسيبه يضـ.ـيع لو كان التمـ.ـن فيها مو’تي، ولادي طول عُمرهم كانوا مخلـ.ـصين ليّا، دلوقتي جه الدور عشان أثبتلهم إخلا’صي ليهم، محدش فيهم هينام فقـ.ـبره مر’تاح لحد ما حقوقهم ترجع، وعشان كدا أنا جيتلك عشان أعرف مِنك إيه اللي حصل بالتفصيل عشان أقدر أرجّعلهم حقوقهم.
أخذ “عاصم” نفسًا عميقًا ثمّ أغمض عيناه بعد أن دا’همه أ’لم جانبه قليلًا، ثمّ بدأ يقـ.ـص عليه ما حدث بالتفصيل معهم، وكيف تمت مها’جمتهم وكيف قُتـ.ـل أصدقائه والملا’زم “إسماعيل”، ومع كُلّ قصة تُروى كانت آلا’م “ليل” تزداد أكثر حتى أنهى “عاصم” سرده لِمَ حدث محاولًا تما’لُك نفسُه لأكبر وقتٍ ممكن..
أخرج “ليل” زفيرة عميقة محاولًا تما’لُك نفسُه ثمّ سمع “عاصم” يقول بنبرةٍ خافتة:
_كان في طيا’رة مُسـ.ـيّرة تبعنا كانت بتر’صد الهجو’م، تقدروا تجيبوها وتشوفوا بعينكم اللي حصل، الكلام سهل يتقال يا فندم، بس وقت الفعل مبنتحـ.ـملش نشوف أي حاجة حتى لو كُنا أقو’ية بما فيه الكفاية.
نظر لهُ “ليل” ثمّ مدّ كفه وربَّت برفقٍ فوق كتفه تزامنًا مع قوله الهادئ:
_إر’تاح أنتَ يا “عاصم” دلوقتي، وأنا بوعدك إن حقك وحق كُلّ اللي كانوا معاك هيرجع، مش هسيب حقكم يضـ.ـيع غد’ر، وعد.
نظر إليه “عاصم” وجاوبه بنبرةٍ هادئة وعيناه تشـ.ـع بإصرارٍ تحفـ.ـيزي:
_وأنا واثق فيك يا فندم وعارف إنك قد كُلّ وعد.
أبتسم إليه “ليل” بسمةٌ مُرة ثمّ ألتفت ليرى والديه يقفان وأعينهما تزرف العبرات، زوجين بسيطين لا يمـ.ـلكان سِوى “عاصم” الذي جاء بعد سنواتٍ طويلة مِن الزواج وكانت حينها إرادة المولى لم تشأ، حتى مرّت السنوات ورزقهما الله بهِ كهدية غا’لية على قلوبهم لا يستطيعون أن يفر’طون بها مهما كان الثمـ.ـن..
أخرج زفيرة عميقة ونظر لهما بأ’سى حقيقي ويأ’سٍ تمـ.ـلّك مِنْهُ لأول مرَّة، حاول ترتيب الكلمات داخل عـ.ـقله أولًا كما يفعل دومًا، ولكن هذه المرة لا كلمات مُرتبة، فقط التيهـ.ـة هي عنوانه، إبتـ.ـلع غُـ.ـصَّته وقال بنبرةٍ هادئة وعيناه تحتضان الأر’ض مِن تحته:
_سبق ووعدتكم إن إبنكم أو ولاد غيركم زي ولادي ومستحيـ.ـل يـ.ـمسهم أذ’ى، النهاردة أنا حاسس بالخجـ.ـل، لأني مقدرتش أوفي بوعدي ولا أحمـ.ـي ولادي زي ما مطلوب مِني، كُلّ زمايله أر’تقوا لرحمة الله حتى الملا’زم “إسماعيل” تو’فاه الله، وسُبحان الله النا’جي الوحيد فيهم كان إبنكم “عاصم”، ربنا لُه حكمة فنجا’ته، عشان يكون الخـ.ـيط الأول اللي يمشينا فطريق رد الحق، وعشان عارف إنَّهُ جه بعد سنين مِن الحر’مان، إن شاء الله هيرجع أحسن مِن الأول كمان وتفرحوا بيه وبولاده فالمستقبل، إبنكم بطل، ويستحق التكريم على شجاعته دي، بس مش دلوقتي، إحترامًا لمشاعر أهالي الشهـ.ـداء ولحد ما حقهم يرجع بإذن الله، القـ.ـصاص واجب.
وبعد كلماته وهدوءه وإحترامه هذا لا كلمات أخرى تُقال، نظر إليه والد “عاصم” وهو مَن يشعُر بالخجـ.ـل في هذه اللحظة وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_واللهِ يا سيادة اللو’ا ما في كلام نقدر نقوله بعد كلام حضرتك، كفاية إحترامك وتقديرك لمشاعر غيرك، وحز’نك على اللي را’حوا وعلى أبني، واللهِ اللي عُمري ما حلفت بيه كد’ب أنا حبيتك مِن قبل ما أشوفك، “عاصم” أبني مبيتكلمش غير عليك بكُلّ الخير، بيرجع كُلّ يوم يحكيلي أنا ووالدته اللي حصل حتى يوم ما وكلتهم المأ’مورية دي جه وقالي على الحوار اللي دار بينكم وكان مبسوط عشان في حد وكله مسئو’لية زي دي وحط ثقـ.ـته فيه، قالي يا بابا دا ر’اجل طيب أوي بعيدًا عن منـ.ـصبه، هو إنسان في الآخر وبيحسّ بغيره ويتحب أوي، وقتها دعيلتك رغم إني معرفكش ودعيلته هو واللي معاه، ولمَ جالنا الخبر مِن المستشفى إنُه متصا’ب إصا’بات أغلبها با’لغة قلبي إتنفـ.ـض مِن مكانه وبقيت أنا وأمّه ماشيين فالشارع زي المجا’نين، ما بالك بقى بأهالي الشهـ.ـداء.
لن يستطيع أن يتهرّ’ب مِن تلك الحقيقة مهما حاول، ستظل تطا’رده حتى يعود بحقوق الشهـ.ـداء مِن جديد ويُثبت أمام العالم أجمع أن د’ماءهم لم تُسـ.ـفك هد’رًا، مدّ كفه وربَّت برفقٍ فوق كتفه وقال بنبرةٍ هادئة تحمل وعودًا خـ.ـفية:
_صدقني وأنا مش هخـ.ـيب ظن أبنك فيّا مهما حصل، وهعمل المستحـ.ـيل عشان أرجّع حقوق اللي را’حوا، ومش هيهدالي بال غير واللي عامل كدا واخد جز’اته، مفيش حاجة هتبرّد نا’رهم ولا نا’ري غير القـ.ـصاص، زي ما أتعمل فيهم هيتعمل فيهم، متقلقـ.ـش المهم تخلّوا بالكم عليه ولو إحتاجتم أي حاجة أنا موجود.
تركهم ورحل ودعواتهم تُرافقه، رُفعت الأيادي ورُسلت الدعوات الصادقة إلى عنان السماء، فوحده ربّ العالمين سميعًا لدعوات عباده، وقلوبهم مع أهالي الشهـ.ـداء الذين ضـ.ـحوا بحيا’تهم لأجل هذا الوطن.
_____________________________
<“تخـ.ـطيطٍ خـ.ـفي في ظلا’م الليل يُحـ.ـيي رو’ح الانتقا’م.”>
داخل غرفة القيا’دة العسكـ.ـرية،
صمتٌ ثقيـ.ـل يُخـ.ـيِّم على المكان، أيادي موضوعة على الرؤوس، وأخرى مرفوعة نحو سـ.ـقف الغرفة، وعقو’لًا مغمو’سة في تفكيرٍ مستمر، كُسِـ.ـرَ هذا الصمت بصوت مقبـ.ـض الباب الذي تحرّك بخفة بفتح الباب وولوج “مينا” وخلفه “حسـام” بعد أن عَلِمَ بما حدث، وقف “مينا” أمامهم ويجاوره “حسـام” وأعينهم تتفحص وجوه الجميع بشمولية..
_هو إيه اللي إحنا سمعناه دا؟ هو “إسماعيل” ما’ت بجد؟.
نطـ.ـق بها “مينا” بنبرةٍ تحمل في ثناياها ذهولًا وعدم استيعاب لِمَ حدث، بينما أ’لقى “حسـام” نفس السؤال عليهم بقوله:
_حد فيكم يتكلم مالكم ساكتين كدا ليه؟.
هذه المرة جاوبهم “ليل” الجد دون أن يتحدث بتشغيله للفيديو المُرسل عن طريق الطا’ئرة المُسيَّـ.ـرة يظهر فيه أحد الجنو’د المُعـ.ـلّق كالذ’بيحة وآخرٍ مصا’بًا برصا’صة في الرأ’س، و “عابد” مفا’رقًا للحياة، وغيرهم مِن الجنو’د وعلى ر’ؤوسهم “إسماعيل” الذي تم حر’قه بمنتهى القسو’ة، أنتهى الفيديو ونظر “ليل” بشمولية في أوجه الجميع وكأن فمه يعجـ.ـز عن التحدث بعد هذا المشهد المؤ’لم..
ولكن لن ينفعهم الصمت هذا لوقتٍ طويل ولذلك كسـ.ـر هو هذا الصمت القا’تل المُحيط بهم بقوله الحا’د:
_المشهد دا مش مِن فيلم جديد هيتعرض فالسينما، ولا دي مجرّد مشاهد تمثيلية عشان الجمهور يتأ’ثر بيها، ولا دي كياس لو’ن أحمـ.ـر ولا دا ر’صاص مش حقيقي، المشهد دا يا سادة واقعي، المشهد دا مُر’عب بمعنى الكلمة، مش مُر’عب لينا إحنا بس كظبا’ط ووزر’اء وكحكو’مة بمعنى أصح، دا رُ’عب للعالم كُلّه مش لشعبنا بس، مشهد زي دا ممكن لو وصل للإعلام يقـ.ـلب الدُنيا وإحنا لا هنتحرك ولا هنقدر نعمل حاجة ود’م الشهـ.ـداء دول هيروح، وهيتم إتها’منا إننا مش قد مسؤ’ولية شعب بحاله مش بس كام جنـ.ـدي وظا’بط، اللي عمل كدا معروف وبا’ن فالفيديوهات وتعمّـ.ـد قتـ.ـلهم بالمنظر المُر’عب دا، اللي ما’توا دول ولادي ..!!.
صر’خ بآخر كلماته بغضـ.ـبٍ ظاهري، فهُم لم يكونوا يومًا مجرّد جنو’دٍ أو ضُبا’طٍ، بل هم أولاده؛ بالمشاعر والعطف والطيبة، لا يُشترط أن يكونوا على قرابةٍ بالد’م، بل تكفي أن تكون إنسانًا معهم، كانوا ينظرون إليه بنظراتٍ حا’دة تملؤها شـ.ـرٍ ظاهري، ونير’انًا يُحاولون إخما’دها لأطول وقتٍ ممكن حتى ينالون ما يسعو’ن إليه..
نهض “ليل” بحركةٍ عـ.ـنيفة بعد أن فقـ.ـد السيطـ.ـرة في تما’لُك أعصابه أكثر مِن ذلك ومشهد مو’تهم لا يُفا’رق عيناه وكأنه يراه أمامه، مسح بكفه المر’تعش على خصلا’ته الر’مادية وعيناه تشـ.ـعان بنير’انًا لن تُطـ.ـفأ عند إند’لاعها، ألتفت ينظر إليهم بشمولية ثمّ قال بنبرةٍ صا’رمة لا تقبل النقاش أو الإعتر’اض:
_إحنا لازم نتحرك فأسرع وقت، دلوقتي قبل بُكرة.
تحدث “حُذيفة” بنبرةٍ حا’دة والشـ.ـر يقد’ح مِن عيناه مُعلنًا عن بدء الحر’ب التي يعلم أن ثمة أروا’حًا سيخسـ.ـرونها فيها بقوله:
_لازم نردّ … لازم نقـ.ـطع نسـ.ـلهم.
أ’لقى “ليل” الجد بتعليماته الحا’سمة وهو ينظر إليهم قائلًا بنبرةٍ حا’دة:
_هَنردّ يا “حُذيفة”، هَنردّ ونمحيـ.ـهم مِن على و’ش الأرض، عايز مـ.ـسح كامل، أنا عايز كُلّ نَفَـ.ـس بيتحرّك فالمنطقة دي، مفيش تفصـ.ـيلة صغيرة تغـ.ـيب عنكم عايز أد’ق التفا’صيل يا رجا’لة، سواء كان بر’ي أو جَو’ي، وأول ما نعرف التفا’صيل وكُلّ الخيو’ط تبقى بين إيدينا، ساعتها الحر’ب دي مش هتقف غير بمو’ت حد فينا، يا إحنا؛ يا هما، فظرف ٢٤ ساعة بُكرة فنفس التوقيت دا هنتجمع نفس التجميعة دي ومعانا فرد جديد للكتيـ.ـبة، تكونوا جهزتوا كُلّ حاجة.
سأله “أحمد” هذه المرة عن الوافد الجديد الذي سينضم إليهم بقوله الهادئ:
_مين يا باشا الفرد اللي هتضمه معانا فالكتـ.ـيبة؟.
نظر إليه “ليل” الجد نظرةٍ ذات معنى وكأنه يسأله سـ.ـرًا عن السبب ليُجيبه “أحمد” بشكلٍ أكثر جدّية بقوله:
_لازم نكون عارفين مين اللي هينضم لينا، وهل هيقدر يتكيّف بسرعة على السيستم بتاعنا واللي داخلين عليه ولا لأ.
أخرج “ليل” تنهيدة عميقة ثمّ أنحنى قليلًا بنـ.ـصفه العلو’ي واستند بكفيه إلى الطاولة المعد’نية التي تضمهم معًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_سؤالك حلو وعجبني، فلازم تكون عارف يا “أحمد” إني مبضمش أي حد والسلام، اللي هتنضملكم ملازم أول “كيرة عبدالسلام”، “كيرة” مِن أكفـ.ـأ الظباط وجَد أوي فشغلها، أظن “كيرة” مش جديدة عليكم.
لم يُبدي أحدهم إعتراضه على إنضمامها إليهم، ولذلك أعتبر هذا الصمت علامة قو’ية على قبولهم بها، استقام مجددًا في وقفته وقال بنبرةٍ هادئة:
_متنسوش إن ميعادنا بُكرة، مفيش وقت لازم نتحرك فأسرع وقت.
أبدوا موافقتهم بهـ.ـزّة صغيرة مِن رؤوسهم ومِن ثمّ إلتزموا الصمت، فلا أحد قادرٍ على أن يعتر’ض على شيءٍ فلا يملكو’ن الوقت لذلك، كُلّ ما يسعو’ن إليه الآن هو الإنتقا’م فقط.
_____________________________
<“قلوبًا أر’هقتها مصا’ئب الحياة.”>
أصبحت الساعة الثالثة والنصف صباحًا،
وهُناك أعينٍ لم تتذوّق طعم الر’احة حتى هذه اللحظة رغم إر’هاقها وتأ’لُمها، كانت “أيسل” مستيقظة لم تنم حتى هذه اللحظة، تجلس فوق الفراش وظهرها يستند على الوسادة الو’ثيرة خلفها، وبين ذراعيها “يونس” الذي حظى بقيلولته أخيرًا بعد وصلةٍ مِن البُكاء المتواصل قطـ.ـع مِن خلالها نوم “عدنان” الذي ظل يتقلّـ.ـب على الفراش كُلّ دقيقة بعد أن أصبح لا يستطيع تحمُـ.ـل بُكاء أخيه الصغير..
كانت تنتظر عودة “حُذيفة” للاطمئنان عليه ومعرفة ما يحدث حولهم، وبحلول الرابعة ولج إلى الغرفة بهدوءه المعتاد، ولكن تلك المرة كان هادئًا أكثر مِن اللازم، نظر إليها بعد أن لمحها جالسةً بهذا الشكل وسألها بنبرةٍ خا’فتة يظهر في أعما’قها إرها’قه:
_إيه اللي مصحيكي لحد دلوقتي؟.
أبتسمت بسمةٌ خفيفة للغاية وجاوبته بنبرةٍ هادئة بقولها:
_”يونس” فضل يعيَّط فترة وكُلّ شوية يصحيني.
طافَ بعيناه في أرجاء الغرفة وهو يسأل عن صغيره الآخر بقوله:
_وفين “عدنان”؟.
جاوبته بنبرةٍ هادئة بعد أن قرر صغيرها مغادرة الغرفة غا’ضبًا مِن بُكاء أخيه الذي لا يتوقّف طيلة الوقت قائلة:
_أضا’يق مِن عياط “يونس” كُلّ شوية ومعرفش ينام، فبابا جه خده ينام معاه النهاردة.
بسمةٌ خفيفة للغاية تكاد لا تُرى حينما عَلِمَ إلى أين ذهب صغيره ثمّ تقدّم مِنها بخطى هادئة وجلس بجانبها بهدوءٍ زائد عن المعتاد، وضع رأسه فوق كتفها بعد أن مرّ يومًا عصـ.ـيبًا عليهم بدايةً مِن ولا’دة “أيسل” مرورًا بهذا الحا’دث الفـ.ـظيع الذي أصا’بهم بالصدمة والفز’ع، نظر إلى “يونس” المستكين في أحضان والدته قليلًا، يرى هدوءه وبر’اءته في أبسط حركاته أثناء نومه وقد وجد نفسُه يقول فجأةً دون أن يشعُر:
_فالوقت اللي الشـ.ـر كان محاوطهم زي الأ’فعى السا’مة بيقتـ.ـلهم ببطء واحد ورا التاني، كانت في حياة جديدة بتتخـ.ـلق.
أرتسمت بسمةٌ خفيفة فوق شفتيها وهي تنظر إلى كف “يونس” الصغير الذي قبـ.ـض على سبابة أبيه أثناء نومه، وكأن قلـ.ـبه الصغير إطمئن بحضوره وأ’بى أن يتركه ير’حل مِن جديد، بينما تحدث “حُذيفة” بنبرةٍ مختنـ.ـقة بعد أن تذكّر أمر رفيقه وعيناه الدامعة مثبتتان فوق صغيره قائلًا:
_”إسماعيل” ما’ت، صاحبي اللي مِن أيام الجامعة واللي يُعتبر أخويا سابني ومشي فجأة، كان مبسوط لمَ قولتله إن “يونس” جه عالدُنيا أخيرًا، الفرحة مكانتش سيعاه وكأنه أبنه هو، دعاله كتير ودعالنا معاه، وبعدها بكام دقيقة يجيلي خبر وفا’ته، أصـ.ـعب لحظة عدت عليّا فحياتي كُلّها يا “أيسل”، فجأة حسيت إن الدُنيا إسو’دت فوشي ومبقتش حاسس بأي حاجة ولا سامع حد، كان بيود’عني فآخر المكالمة، وأنا مِن فرحتي بـ “يونس” مخدتش بالي ساعتها.
أدمعت عيناها بعد أن بدأ يبكي حينما شَعَر بخسا’رته المفاجئة لأخًا مثله بدون سابق إنذ’ار، رفعت ذراعها الأيمن وضمته إلى أحضانها محاولةً مو’اساته قدر إستطاعتها، فكانت مفاجأة للجميع بلا استثناءاتٍ، ربَّتت برفقٍ فوق ذراعه وقالت بنبرةٍ خافتة حز’ينة:
_إدعيله بالرحمة يا “حُذيفة”، هو وغيره مش محتاجين مِننا غير الدُعاء وبس، هو فمكان أحسن بكتير مِنا هنا، عارفة إنُه كان غا’لي عليك وكُنت بتحبُه وبتعتبره زي “يزيد” بالظبط، بس هي دي سُنة الحياة.
توقّف “حُذيفة” فجأةً عن البُكاء بعد أن أستمع إلى آخر كلماتها ثمّ أبتعد عنها وهو ينظر لها نظرةٍ حا’دة وكأنها إر’تكبت الجُر’م المشهود بحقه، بينما نظرت إليه “أيسل” بر’يبة وهي لا تعلم ما الذي أصا’به فجأةً هكذا، تحدث “حُذيفة” بنبرةٍ خافتة ولكنها حا’دة وعيناه تومض بشـ.ـرٍ عظيمٍ لن يمو’ت إلّا بردّ الحق قائلًا:
_”إسماعيل” مما’تش مو’تة طبيعية يا “أيسل” عشان أتقبّل مو’ته على الأساس دا، “إسماعيل” ما’ت محرو’ق، حر’قوه زي ما الهنـ.ـدوس بيحر’قوا جـ.ـثث قرايبهم بالظبط، دول كفا’ر، حتى الكا’فر يتكـ.ـسف مِن أفعالهم رغم كـ.ـفره ميقدرش يقتـ.ـل واحد حـ.ـي ويسمعه بيصر’خ مِن الو’جع والعذ’اب قبل مو’ته، مش دا العدل اللي ربنا قال عليه، العدل إن زي ما قتـ.ـلوه يتقتـ.ـلوا بنفس الطريقة وبدون شـ.ـفقة، هما قتـ.ـلوه عمـ.ـدًا وغيره ما’ت بأبشع الطرق..
كانت تنظر إليه وعـ.ـقلها لا يستوعب ما يقوله فعـ.ـقلها أقل مِن أن يستوعب هذا الجُر’م الكبير الذي تسمعه لأول مرَّة، بينما أكمل هو حديثه وعيناه تلمعان بكر’اهية وحقـ.ـدٍ تراه لأول مرَّة:
_القتـ.ـل بالنسبالهم هواية، وبالنسبة لينا جر’يمة كبيرة أوي، دا حتى متقتـ.ـلش على طول زي غيره، هما تعمّـ.ـدوا يعذ’بوه يا “أيسل”، وأنا مش هسكوت ولا يهدالي بال إلّا لمَ يدوقوا مِن نفس الكا’س، مش هينفـ.ـدوا مِنها صدقيني وحقهم هيرجع ودا عهد أنا خدته على نفسي وقدام ربنا وهتحاسـ.ـب عليه، مش هرتاح غير وأنا مرجّع حق “إسماعيل” ومبرّ’د نا’ر عيلته، ولاده الاتنين لسّه أطفال صغيرين يا “أيسل”، ملهومش ذ’نب يتحر’موا فجأة مِن أبوهم، ولا مراته اللي كان فيوم ضِـ.ـلها، ليه يعيشوا الإحساس دا وهما لسّه صغيرين؟.
سقـ.ـطت عبراتها على صفحة وجهها بعد أن آ’لمها حديثه هذا قلبها، فهو محقًا بكُلّ كلمة يقولها، هذا عملًا شيطا’ني يُحاسـ.ـب عليه القا’نون، ومع أمثالهم تُنفَذ أقصـ.ـى عقو’بة بلا رحمة أو حتى شـ.ـفقة، ضمته مِن جديد باكيةً بعد أن أر’هقها رؤيته بتلك الحالة وهي تهمس بكلماتٍ لا تعلم إن كان يسمعها أم لا بقولها:
_في الحالات اللي زي دي، القـ.ـصاص واجب يا “حُذيفة”.
شـ.ـد مِن ضمته إليها دون أن يتحدث، فقط عبراته تقول كُلّ شيءٍ يعجـ.ـز الفم عن قوله، وقد إتخذ قراره دون عودة، فسينتقـ.ـم مهما كان الثمـ.ـن، وكما قيل لهُ مئات المرات، القـ.ـصاص واجبًا؛ فلن يتراجع ولن تبرُ’د نا’ره أو يهدأ قـ.ـلبه إلّا بالقـ.ـصاص والانتقا’م لأجل هؤلاء الأبر’ياء الذين أفد’وا بأرو’احهم مِن أجل بلادهم، وأن تظل على قيـ.ـد الحياة دون أن يَمُـ.ـسها سو’ءٍ.
___________________________
<“دقائق عصـ.ـيبة مفاجئة ومُقلـ.ـقة.”>
في باكورة الصباح – قصر الدمنهوري،
كان الهدوء مسيطـ.ـرًا على أرجاء المكان بعد ليلة عـ.ـصيبة مرّت على جميع ساكني القصر بلا استثناءات، كانت الأجواء هادئة لوقتٍ قصير، ففي أيا لحظة مِن الممكن أن تدا’همهم أيا تو’تراتٍ أخرى هم ليسوا مستعدين لها..
في غرفة “علي”،
كان الصمت مسيطـ.ـرًا على أرجاء الغرفة، منذ ليلة أمسٍ و “علي” يلتزم الصمت بعد علمه بهذا الحا’دث المرو’ع الذي أصا’ب ضر’بته ببراعة شـ.ـديدة، كانت “لارين” تطوي الملابس بهدوءها المعتاد ويجاورها صغيرها الذي كان يشاهدها بصمتٍ تام، تظن أن الهدوء هو عنوانهم اليوم، ولكن هذا ما يسمى بهدوءٍ ما قبل العا’صفة..
فجأةً وبدون مقدماتٍ تأو’هت “لارين” بنبرةٍ عا’لية بعض الشيء واضعةً كفها الأيسر أسفل بطـ.ـنها وتيّـ.ـبس جسـ.ـدها للحظات بعد أن فوجئت بتلك الضر’بة المبا’غتة، أقترب “علي” مِنها سريعًا بعد أن أرسل عـ.ـقله شارته إلى جميع أعضا’ء جسـ.ـده، وقف أمامها ووضع كفه فوق كتفها وسألها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_”لارين” أنتِ كويسة؟ حاسّة بإيه طيب.
نظرت إليه “لارين” والخو’ف يحتضن عيناها بعد أن د’اهمها هذا الأ’لم المفاجئ وقالت بنبرةٍ هادئة:
_معرفش، فجأة حسيت بو’جع مرَّة واحدة.
وفور أن أنهت حديثها تأ’وهت مِن جديد وأغمضت عيناها بقو’ة بعد أن عاد الأ’لم مِن جديد أكثر قو’ة عن المرة السابقة، بدأ القلـ.ـق يساور قلـ.ـبه بعد أن رأى حالتها تشتـ.ـد سو’ءًا وقال بنبرةٍ متو’ترة:
_طب أنتِ بذ’لتي مجهو’د زيادة أو عملتي أي حاجة الدكتورة نبهـ.ـتك متعمليهاش، تو’تر أو أهـ.ـملتي حتى فأكلك أي حاجة.
هـ.ـزّت رأسها يمينًا ويسارًا تنفـ.ـي حديثه وهي تُحاول أخذ أنفا’سها بهدوءٍ حتى يهدأ هذا الأ’لم، لم يطمئن قلـ.ـبه حتى هذه اللحظة ولذلك مسـ.ـح بكفه على خصلا’تها يُعيدها إلى الخلف قائلًا:
_طب حاولي ترتاحي شوية ومتتحركيش كتير.
أنهى حديثه وهو ير’فع قدميها برفقٍ حتى تتسطح على الفراش، بينما نظرت هي إليه وقالت بنبرةٍ هادئة يشوبها التو’تر:
_بس يا “علي” الحركة ضرو’رية فالأوقات دي، لازم أتحرّك حتى لو شوية.
جاوبها بنبرةٍ حا’سمة لا تقبل النقاش وهو ينظر لها قائلًا:
_لا الراحة أهم دلوقتي، أرتاحي شوية أنتِ مقعدتيش إمبارح خالص ومِن هنا للمستشفى لهنا، “لارين” أنتِ يُعتبر مقعدتيش مِن إمبارح وطبيعي كُلّ دا يظهر تأ’ثيره دلوقتي.
نظرت لهُ بعد أن شَعَرت بالحز’ن يضم قـ.ـلبها مِن جديد وقالت بنبرةٍ هادئة يشوبها الحز’ن:
_أعمل إيه يا “علي”، مكانش ينفع نسيب “أيسل” و “حُذيفة” إمبارح لوحدهم، وهي كانت صعبا’نة عليّا أوي طول الوقت و’جع وعياط وصر’يخ، قلبي وجـ.ـعني أوي عليها إمبارح، وبعدين الحا’دثة اللي حصلت لزميلك دي أ’ثّرت فيّا أوي، شعور مراته إيه دلوقتي وشعور ولاده، صعـ.ـب جدًا يا “علي” مش سهل على أي حد، أنا الغريبة أتو’جعت ما بالك بعيلته، الحركة الزيادة مش سبب كافي إنها تتعـ.ـبني يا “علي”، كمان نفسيتي بتتأ’ثر بالأحد’اث اللي حواليّا.
أنهت حديثها ثمّ أخذت نفسًا عميقًا وزفرته بعمقٍ ونظرت إليه دون أن تتحدث، فقط كانت نظرتها تكفي لقول ما لا يستطع الفم البوح بهِ، بينما مسـ.ـح هو بكفه على وجهه بعد أن تذكّر ما حدث ليلة أمسٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_اللي حصل إمبارح كان كابو’س على أرض الواقع، مشاهد العقـ.ـل يعجـ.ـز إستيعابها يا “لارين”، طول الليل مش عارف أنام، بحلم باللي شوفته كُلّ شوية، مش قا’در أتخـ.ـطى وحاسس بالتقصيـ.ـر، “إسماعيل” مش بس صديق لينا، كان أخونا وضلـ.ـع أساسي فالفرقة، إذا كان إحنا نفسنا مش قا’درين نستوعب اللي شافته عينينا، فما بالك بـ “عـزّام”، لحد دلوقتي خا’يف أقوله اللي حصل ومش عارف هقوله إيه، “إسماعيل” ما’ت محر’وق عمـ.ـدًا، الجنو’د اللي كانوا عالحدو’د كُلّهم ما’توا ومنا’جاش مِنهم غير واحد بس … صعـ.ـب أوي يا “لارين”.
نظرت لهُ بعينين دامعتين والحز’ن يلمع بهما وهي حقًا تعجـ.ـز عن قول شيءٍ، فالأمر ليس هينًا البتة على الجميع ومؤ’لمٌ بشـ.ـدة، مدّت كفها وربَّتت فوق كتفه قائلة بنبرةٍ هادئة يملؤها اليقين:
_إن شاء الله حقهم هيرجع، ربنا مبيرضاش بالظُـ.ـلم أبدًا، لازم يرجع حقهم عشان يرتاحوا، وأنا واثقة إن حقهم هيرجع واللي عمل كدا أكيد هيتعا’قب مهما كان التمـ.ـن.
نظر لها “علي” بعد أن رأى الشـ.ـر يلمع في عيناها وبسمةٌ خفيفة أرتسمت فوق شفتيه، أقترب مِنها قليلًا وسألها بنبرةٍ هادئة بقوله:
_لو كان قدامك الفرصة عشان تنتـ.ـقمي وتاخدي حقوق الناس دي، كُنتي هتعملي إيه؟.
نظرت في عيناه بإصرا’رٍ وجاوبته دون تردد قائلة:
_كُنت قتـ.ـلتهم كُلّهم وخدت حق كُلّ اللي ما’توا غد’ر بدون تردد ولا ر’حمة، ولا حتى كُنت هشـ.ـفق عليهم مِن جوّايا ولو ثانية واحدة.
أكّدت إليه حقيقة الأمر وكيف كانت ستتو’لى الأمر إن كانت الحلول بين يديها، والآن هو يستطيع أن يفعل ذلك بلا تردد، فكما قُتـ.ـل رفيقه ومَن معهُ وحُر’قت قلوبهم على فر’اقهم، فلن يتردد ثانية مِن أن يجعل العد’و يتذوّق نفس هذا الشعور، فكما قال لهم جدهم ليلة أمسٍ، القـ.ـصاص واجبٌ.
____________________________________
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)