روايات

رواية شبح حياتي الفصل الثالث عشر 13 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الفصل الثالث عشر 13 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي البارت الثالث عشر

رواية شبح حياتي الجزء الثالث عشر

شبح حياتي
شبح حياتي

رواية شبح حياتي الحلقة الثالثة عشر

عميق جدًا يتلمس مواضع في الروح لا يلمسها أحد ، و في ايامنا الصعبة يأسرنا من يلمس قلوبنا بحنية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المصعد بينما كان ينزلان معاً
سألت حياة بتوتر ، وهي تتكئ على جدار المصعد : تفتكر صدقني!!
أومأ بدر بالإيجاب ، ورد بثقة : طبعا اللي حكيته محدش يعرفو الا انا و هو بس
استأنفت حياة حديثها متسائلة بنوع من الحيرة : طب هو ليه رافض انه مايعرفش حد اسمه؟!!
تنهد بدر ، ومرر لسانه على شفتيه ، ثم أجاب بنبرة حزينة : اللي عاشو ماكنش بسيط يا حياة وانا اخدت وقت طويل علي ماقدرت اجيبو من بور سعيد عشان كان عايش هناك مع اهل امه الله يرحمها
خفضت حياة عينيها إلى الأرض ، تفكر لوهلة ، ثم حدقت فيه مرة أخرى قائلة بفضول : الله يرحمها .. مامتك كانت عارفة بوجوده؟
ظهرت ابتسامة صغيرة على فم بدر ، وهو يتحدث بحب : امي هي اللي خليتني اروح اجيبو .. ماكنتش قاسية زي بابا كانت بتحبه و قدرت تسامحه بعد ما مات..
تمهل بدر قليلا ، ثم استطرد قائلا : راحت معايا عند اهل جاسر و مامشيتش من هناك الا وهو معانا .. هو اتأثر بيها و بحنانها عليه و كان متفاجئ اوي بوجودنا .. بس ماقدرش لحد دلوقتي يسامح بابا علي ظلمه عليه ولأمه و ماكنش عايز ياخد اي فلوس و لا يغير اسمه رغم ان في شهادة ميلاد معمولة بإسمه بابا طلعها ليه من بور سعيد و بعد ما اتخرج اشتغل معايا في المكتب وبقي كل اعتمادي عليه
أردف بدر مُحمحمًا بعد أن لاحظ صمتها فور أن أنهى كلامه ، ولم ترد عليه أو تسأله كالمعتاد منها : ساكتة ليه؟؟
فركت حياة جبينها بشيء من التعب ، قبل أن ترفع رأسها تجاهه مجددا قائلة بتشوش : كتير عليا اني استوعب كل الحاجات للي بتحصل دي و اسئلة كتير اوي بتلف في راسي
لاحظ بدر نبرة صوتها المجهدة ، فإبتسم محاولا تغيير مجرى الحديث : خلينا نأجل الاسئلة دلوقتي وتعالي اعزميني علي الغدا
رددت حياة بدهشة : غدا!!
أومأ بدر إليها بهدوء ، وقال بنبرة ذات مغزي : ايوه مافطرتيش الصبح وانا مش حابب تقعي مني تاني
تغاضت حياة عن نبرة السخرية في كلماته الأخيرة ، وقالت بعناد طفولي : بس انا بقيت كويسة والله
نظر إليها بدر بحزم مزيف أتقن حرفته ، وقال بنبرة لا جدال فيها : مش عايز نقاش في الصح لو سمحتي
تمتمت حياة بانزعاج ، وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها : طيب يا اخرت صبري
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
تناولت حياة الغداء في أحد المطاعم المطلة على النيل مع بدر ، الذي كان يستمتع حقًا بتلك الجلسة اللطيفة معها بسبب روحها المرحة التي تجعله يتناسي ما يكدره.
لم يستطع التحكم بنظرته المشعة بالشغف تجاهها ، وهو يحدق بها بتركيز دون أن يغفل عن كل حركة تقوم بها أثناء تناولها الطعام ، وغضبها الطفولي من شعرها الذي يشاكسها بسقوطه على وجهها ، لذلك ظلت تدفعها بعيدًا بأطراف أصابعها ، محاولة وضعها خلف أذنها أثناء تناولها الطعام.
نظرت حياة إلى عينيه مرة ، ثم نظرت إلى جانبها ، وغمغمت بسعادة : كان نفسي من زمان اوي اقعد علي النيل
سألها بدر بإستفسار : ماجتيش ولا مرة القاهرة بعد ماسافرتو
ردت حياة عليه ، وعيناها لا تزالان متصلتان بنهر النيل : ولا مرة .. كل حاجة حصلت بسرعة سفرنا و انشغال بابا في شغله و جواز اختي و دراستي وبعدها موت بابا الله يرحمه
تمتم بدر ثم تريث قليلاً قبل أن يواصل حديثه : الله يرحمه .. ليه ماوفقتيش علي بيع الشقة اللي هنا لما كنتي خلاص هتجوزي في اسكندرية؟
أدارت حياة نظرتها إليه بغرابة متسائلة بصوت خافت : عرفت منين الموضوع دا!!
احتل تعبير ساخط ملامحه الرجولية الساحرة قبل أن يقول بتذمر : جاوبي عليا الاول
ازدردت حياة لعابها ، ووضعت خصلة من شعرها المتطاير أمام وجهها خلف أذنيها ، ثم أجابت بنبرة يشوبها الحزن : ميساء كلمتني من فترة في بيع الشقة بس ماحبتش الفكرة .. كنت عايزة يكون في حاجة تربطني بالمكان اللي اتولدت فيه وكمان حالي مع معاذ مكنش تمام اوي وكتير فكرت اسيبو بس كنت دايما مترددة في قراري
كان بدر منزعجًا من نبرة صوتها الحزينة ، لكنه سرعان ما قال بابتسامة جذابة ، وتعمد تغيير مسار الحديث : انا متشكر يا حياة علي اللي عملتيه انهاردة معايا
ردت عليه حياة بابتسامة رقيقة دون أن تنظر إليه ، لتجعله غارقاً أكثر فيها دون أدنى فكرة لديها : العفو يا متر
: تعرفي شوفتك انهاردة بشكل مختلف عن الايام اللي فاتت
انتبهت كل حواسها لكلامه ، وأخذت تحدق فيه بتساؤل : ازاي يعني .. مش فاهمة!؟
ابتسم بشكل عفوي وصادق دون وعي منه ، وتابع حديثه بنبرة أجش عميقة دون أن يحيد بصره عن عينيها المتسعتين ببراءة : يعني طريقة كلامك كانت رقيقة اوي عكس الدبش اللي متعودة ترميه وكمان عجبني أوي ذوقك في اللبس
خرجت منه كلماته دون تفكير ، ضارباً بكل تحذيراته لنفسه في الصباح عرض الحائط ، هكذا الحب أيها السادة بغض النظر عن مدى محاولتك لإخفائه ، فإنه يصر أكثر فأكثر على الظهور ، وأقل إيماءات منك تفضح وجوده.
شعرت بقلبها ينبض أسرع في صدرها بسعادة ، لأنه لاحظ التغيير الذي طرأ عليها اليوم ، لكنها حاولت السيطرة على حالها حتى لا تنجرف وراء أفكارها الحمقاء ، وسألته بهدوء : بجد!! يعني أديت دوري كويس؟
نظر بدر إليها بعيون ضيقة بسبب تعمدها لتفسير حديثه بشكل خاطئ ، ثم تحدث بهدوء وبصوت دافئ ، متغلغلًا في أعماقها : ليه ماتقوليش انك رجعتي لطبيعتك!! وان حياة اللي عايشة بيها السنين اللي فاتت شخصية بتتحامي فيها من نقد و تنمر اللي حواليكي
تمتمت حياة بعقل مشوش ، وقلب مشتت بعد أن أشاحت بعينيها عن عينيه العميقتين : مش عارفة!! يمكن
سكتت عدة لحظات ، ووجدت أنه لا يتكلم أيضًا ، فرفعت وجهها لتنظر إليه ، ورأت نفس اللمعان الذي ظهر بعينيه في الصباح.
كان وجهه قريبًا جدًا منها ، بينما كانت طاولة الطعام بينهما ، ثم تكلم بهدوء وبصوت رجولي مميز : حبي نفسك يا حياة ساعتها عمر مافي حاجة هتهز ثقتك في نفسك اتقبليها لان دي خلقة ربنا ليكي ومفيش حاجة خلقها ربنا وحشة بالعكس انتي مختلفة و جميلة
بدأ تنفسها يضطرب ، وضربات قلبها تسارعت ، وشعرت بحرارة شديدة تهاجم وجهها المشع بإحراج خجول من مجاملاته العفوية ، لترفع يدها نحو وجهها وتمسد عليه بظهر كفها بإرتباك ، لكنها كانت سعيدة بكلماته ووجوده معها.
سكت بدر لفترة قبل أن يعود بظهره للوراء ، ولم يريد أن يحرجها أكثر من ذلك ، خاصة وأنهما كانا في مكان عام حتى لا تتجه الأنظار إليها بارتياب ، بعد أن أصبح وجهها متورد بقوة ، ثم بدأ يخبرها بأحداث لقاء والدته مع جاسر ، واندمجت في حديثه حتى سمعت صوت رسالة وصلت على هاتفها ففتحتها.
اندهش بدر من تعبيرات وجهها المتفاجئ ، وسألها بفضول : في ايه؟
نظرت إليه حياة ، وهي تلوح بيدها إليه التي تمسك بها الهاتف ، ثم أجابته : دي رسالة من رقم غريب بس واضح انها بنت
إستفهم بدر باهتمام : مكتوب فيها ايه الرسالة دي؟
قرأت له الرسالة بصوت عالٍ ، ثم نظرت إليه بعيون متسائلة وأردفت : «عايزة اقابلك ضروري في موضوع مهم» .. وبعتالي شير لوكيشن لمطعم قريب من البيت
حرك بدر أطراف أصابعه على لحيته بينما كان يفكر بعمق ، ثم هتف متسائلاً : موضوع ايه دا اللي تكون عايزاكي فيه!!؟
أخذت حياة بعض النقود من حقيبتها ووضعتها على الطاولة ، ثم رفعت حدقتيها تجاهه ، واجابت بهدوء : معرفش لكن مش هخسر حاجة لو روحت اشوفها
صحح بدر كلامها ، وهو يرمقها بطرف عينه : هنروح نشوفها
ضحكت حياة بصوت منخفض على تعبيره المتهكم ، ثم تمتمت وهي تنهض : ماشي يلا بينا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد فترة وجيزة
وقفت سيارة أجرة بمحاذاة الرصيف ، ثم نزلت حياة ، وأخرجت نقوداً من حقيبتها وأعطتها للسائق الذي كان جالسًا بجانبه بدر ، الذي تحرك خلف حياة متجهين نحو مقهى راقٍ.
تمتمت حياة لنفسها بصوت منخفض : وانا هعرفها ازاي دي؟!
: طالما هي اللي عايزاكي يبقي هي اللي هتعرفك يا ذكية
جفلت حياة عندما لاحظت قربه منها ، مما يجعل نبض قلبها يضطرب لا إراديا ثم زفرت الهواء ببطء من فمها ، ودمدمت بضيق : يووه انت مابتسيبش فرصة الا وبتعدل علي كلامي
هتف بدر مازحا : ما انتي هرياني سيبني اخد فرصتي
قوست حياة فمها للأسفل ، وقالت بنبرة تحذير مليئة بالتذمر من بين أسنانها حيث أن مزاجها يتغير في كل لحظة معه ، لسبب غير معروف لها شخصيًا : ممكن تسكت عشان اقدر اركز ماتوترنيش
: سكت
قالها بدر بقهقه رجولية تلاشت فور وصول مسمعه صوت ينادي بأسمها
: انسة حياة
نظرت حياة إلى مصدر الصوت الرقيق الذي يناديها ، فرأت شابة جميلة جالسة على إحدى الطاولات وتلوح بكفها نحو حياة ، فتوجهت إليها ، ثم صافحتها باحترام قائلة بابتسامة مجاملة : مساء الخير
ردت بابتسامة حلوة بعد أن قامت من الكرسي مستقيمة بجسد رشيق للترحيب بها : اهلا مساء النور .. ازيك!!
قالت حياة بهدوء وهي تجلس مقابلها ، وعيناها تدور حولها بالمكان يمينًا ويسارًا : الحمدلله
تحدثت الفتاة بسؤال بعد أن أشارت إلى النادل الذي مر بجانبهم : تحبي تشربي ايه!!
لم تأخذ حياة الكثير من الوقت في التفكير ، قائلة بلا مبالاة : لو ممكن شاي
أومأت برأسها ، وأجابت على النادل بصوت خافت : اتنين شاي لو سمحت
إستفسرت حياة بدون مقدمات بعد ان ابتعد عنهم النادل : ممكن تقوليلي حضرتك تعرفيني منين و ايه الموضوع المهم اللي عايزاني فيه!!
ابتسمت لها الفتاة ، وقالت بهدوء : انا اسمي شذي .. بصي يا انسة حياة انا وانتي منعرفش بعض بس في صلة بتجمعنا
عقدت حاجبيها بدهشة ، وغمغمت بعدم فهم : صلة ايه!!
ابتلعت شذى ريقها بشيء من التوتر قبل أن تنطق بثبات : خطيبي اخو استاذ بدر المحامي
اتسعت عينان حياة في صدمة ، و تمتمت بإنشداه : قصدك جاسر
أومأت شذي بالإيجاب ، ثم شرعت تحكي كل شيء لحياة بصوت هادئ مليء بالحزن الخفي بين ثناياه : بالظبط .. من غير ما اطول عليكي انا هحكيلك الموضوع بدأ لما اخويا اتصاب في رجله نتيجة حادثة بالماكنة بتاعته و دخل المستشفي بس تكاليف العملية اللي كان محتاج يعملها كانت فوق طاقتنا .. جاسر حاول يساعدنا بس انا و بابا رفضنا عشان احنا لسه مخطوبين وعشان نحل الموضوع من غير مانزعل من بعض دكتور صاحب استاذ بدر اقترح ندخلو المستشفي اللي هو شغال فيها اخويا يعمل عمليته و المصاريف هتتقسط
التزم بدر الصمت منذ وصولهم ، يتابع ذلك النقاش بهدوء وتركيز ، وهو جالس على كرسي بجوار حياة.
سكتت شذى لبعض الوقت ، وهي تحاول التقاط أنفاسها السريعة من إعادة إحياء ذكرى تلك الحادثة الرهيبة ، لكنها استيقظت على صوت حياة الهادئ عندما قالت : وبعدين كملي!!
حدقت بها شذى وعيناها مغرورقتان بالدموع ، لكنها رمشت عدة مرات ، وهي تنظر إلى الأعلى حتى لا تنهار مرة أخرى ، وتنفجر في بكاء مرير ، ثم أخذت نفسا عميقا وحاولت التحلي بالصبر والثبات قبل أن تنطق بصوت مرتعش : اخويا .. دخل اوضة العمليات عشان عملية في رجله بس قالو ان وقت العملية قلبه وقف وطلعوه علي المدافن
وضعت حياة راحة يدها على فمها ، وتكتم شهقاتها حتى لا تلفت الانتباه إليهما ، ونظرت إليها بصدمة متسائلة بألم : لا حول ولا قوة الا بالله ازاي اللي بتقوليه دا!!؟
شعرت شذى بوخز في جرح لم يندمل داخل صدرها بعد ، حيث رفعت وجهها وتنهدت بصوت عالٍ في محاولة لقمع دموع القهر التي تجمعت في عينيها الواسعتين مجدداً ، والتي ذرفت مثلها كثيرًا فى الفترة الماضية ، ثم همست بصوت مختنق : انا السبب في اللي حصل ماكنتش عايزة اقبل مساعدة جاسر عشان عزة نفسي ماسمحتليش بكدا بس في الاخر خسرت اخويا الوحيد
ضغطت حياة على شفتيها لوقف ارتجافها حتى لا تبكي من هول ما تسمعه أذنها ، ثم مدت يدها عبر الطاولة وربت على ظهر كف شذى الرقيق قائلة تعاطفًا : انا اسفة علي اسلوبي .. معلش الله يرحمه دا عمره .. شدي حيلك
حاولت شذى الصمود ، فهذا ليس الوقت المناسب ولا المكان المناسب للانهيار ، ثم تنحنحت بخفة لتحسين صوتها المتحشرج ، في محاولة لجعل صوتها طبيعيًا : الله يرحمه .. وقتها من صدمتي وحزني علي اخويا ماكنتش قادرة استوعب للي بيحصل .. بس بعد كدا حصلت خناقة كبيرة في المستشفي بسبب اهل مريض كان بيتعالج في المستشفي دي طفل صغير مات برده بسبب مش مقنع ابدا و حالات غيرها و غيرها
شعرت حياة بتجمد أنفاسها ، ثم رمشت عينها عدة مرات وقالت بإنشداه : يعني السبب في موت الناس دول اصحاب المستشفي دي!!
أومأت شذي برأسها بالإيجاب ، قائلة بقلة حيلة و عجز : هو دا فعلا اللي حصل .. بس ماكنش معانا دليل علي اي حاجة نثبت بيها حقنا
ساد الصمت عليهم للحظة ، كانت حياة مشتتة للغاية ، فحدقت في بدر بعيون مليئة بالأسئلة ووجه شاحب بسبب ما تسمعه أذنها ، ولم يستطع عقلها ترجمته من شدة بشاعته ، ربما تتمكن من الحصول على تفسير منه ، لكنها وجدته أيضًا تائهًا ، وبدا أنه يتجول في أفكاره بمكان آخر.
وجهت عينيها إلى شذى التي كانت تمسح عينيها المبللتين بالدموع بمنديل ورقي ، وسألتها في حيرة من أمرها : طيب ممكن اعرف انتي بتحكيلي كل دا ليه؟
: انتي اللي طلبتي تعرفي بدر راح فين و ايه اللي جرالو؟
استدارت حياة وبدر نحو ذلك الصوت الذي ظهر من العدم من ورائهما ، بينما حدقت به شذى بعتاب ، ثم قالت بصوت مبحوح : انت ايه اللي اخرك يا جاسر؟
رأى جاسر الدموع تتجمع في عينيها الجميلتين ، ونبرتها الخانقة رغم محاولتها الفاشلة في إخفاءها أثرت على قلبه ، فلم يستطع الصمود أمامها ، حيث دنى إلى مستوي رأسها ، ووضع قبلة خفيفة على شعرها الناعم ، معتذراً بعد جلوسه على الكرسي المجاور لها : معلش حبيبتي .. لفيت بالعربية كتير قبل ما اجي هنا كنت بتأكد ان محدش مراقبني وانا جاي يا شذي
نظر بدر إلى حياة التي كانت تتابع ما يحدث بعلامات استفهام تحوم فوق رأسها ، وهز رأسه لها بتساؤل.
فهمت هذا لتتنهد ضيقا من إحساسها بالغباء وسطهم ، واستفسرت بغرابة : ممكن تفهموني ايه اللي بيحصل بالظبط؟؟
بادر جاسر مع شرح موجز : اختفاء بدر مش طبيعي يا حياة .. خصوصا ان الدليل اللي يثبت ان المستشفي دي بتحصل فيها حاجات مشبوهة كان معه اخر يوم كلمني فيه
وواصلت شذى الحديث بنبرة هادئة : وبعد موت أشرف اخويا الله يرحمه عرفنا ان في حالات مشابهة حصلت في نفس المستشفي وعدد الوفيات فيها فوق الطبيعي بكتير
سحب جاسر نفسًا عميقًا ، ثم أخرج الزفير ببطء ، واستأنف قوله بصوت جاد : بعدها كلمت بدر وحكيتلو اللي عرفته .. في الاول ماكنش مقتنع أن اللي بيحصل دا مقصود .. بس فجأة كلمني وقالي ان شكوكنا كانت صح والسبب في موت الناس هما اصحاب المستشفي اللي بيتاجرو في اعضاء الناس وبيبعوها لمستشفيات كبيرة بسعر خيالي و كمان الدكاترة المتدربين بيدفعو فلوس كتير عشان ادارة المستشفي تسمحلهم يفتحو في اجسام المرضي و يتعلمو فيهم بشكل اسرع من الطبيعي ومن ضمن الشركاء في المستشفي دي صاحبه كريم رفعت
عبست ملامح حياة ، وكادت عيناها تخرج من محجرها بذهول ، قائلة في اشمئزاز : ايه القرف دا .. كله معقولة البشاعة اللي بيعملوها الناس دول!!!
انسابت العبرات من عيني شذى ، وهي تهمس : ضحاياهم كتير اوي
نظرت حياة إلى بدر ، الذي كان جالسًا يستمع إلى ما يقولونه ، وعيناه متصلبتان ، محدقًا بشكل غامض في نقطة في الفراغ ، لتقول بعدها بسؤال : وهو بدر عرف ازاي الكلام دا؟
فور أن نطق جاسر بتلك الجملة ، أغمض بدر عينيه بشدة عندما هاجمت بعض المشاهد السريعة ذهنه من أحداث سابقة.
“شذي محمد مغاوري”
“عمرها 24 سنة”
“حاصلة على بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية ، تعمل في دار للأيتام ، فهي تحب الأطفال كثيرًا ، ومخطوبة لجاسر عز الدين بدر ، وهي من عائلة متوسطة الحال ، لديها وجه بيضاوي جميل هادئ يتناسب مع شخصيتها وطبيعتها الهادئة التي لا تخلو من المرح في الأوقات المناسبة ورقيقة مثل أنفها الدقيق وبشرتها الحنطية التي تميل إلى اللون الذهبي وحاجبيها السميكين والداكنين ، لديها أيضًا شعر كستنائي كثيف ، ودائمًا ما يكون متدليًا على كتفيها ، كما أنها متوسطة القامة ، تتميز بجسدها الممشوق ، بعيون بندقية ذات نظرات دافئة ، وشفتيها ممتلئتين تتميز بابتسامتها الخجولة والساحرة.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية شبح حياتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *