روايات

رواية صرخات أنثى الفصل الثالث والثمانون 83 بقلم آية محمد رفعت

رواية صرخات أنثى الفصل الثالث والثمانون 83 بقلم آية محمد رفعت

رواية صرخات أنثى البارت الثالث والثمانون

رواية صرخات أنثى الجزء الثالث والثمانون

صرخات أنثى
صرخات أنثى

رواية صرخات أنثى الحلقة الثالثة والثمانون

استمدت بعض الشجاعة من حديث عُمران، فارتدت فستانها الأبيض البسيط، وخرجت تبحث عنه بالجناح بأكمله، حتى اهتدت لباب الشرفة المفتوح، نزعت “شمس” حذائها وخرجت تلامس الرمال بقدميها، تاركة الهواء يلاعب خصلات شعرها الطويل.
تناست خوفها، ترددها، كل شيء، واندمجت مع سحر إنعكاس الشمس على شاطئهما الخاص، وبالرغم من انجذابها بما تراه الا أن عينيها أفتقدت رؤيته، فبحثت عنه بلهفةٍ، حتى وجدته يدنو بسباحته الماهرة من محل وقوفها، وخرج بجسده الرياضي يقترب منها حتى بات يقابل محل وقوفها، بينما تتهرب الاخيرة من رؤيته خجلًا، مال إليها آدهم، فازداد توترها وربكتها المسموعة، ابتسم وهو يشير لها على المنشفة الموضوعة على الطاولة من خلفها ، سحبها ووقف يجفف صدره، ثم قال بمكرٍ:
_وأخيرًا شمس هانم خرجت من مخبئها.
ارتبكت نظراتها قبالته، وفاهت ببلاهةٍ:
_وأنا هستخبى ليه يا كابتن! إنت مصاص دماء ولا حاجة؟
ضحك بصوته الرجولي، وغمز بمكر:
_الله أعلم البشمهندس عُمران خلاكِ تشوفيني أيه! على حد علمي إني بلطجي بالنسباله، وصفني بأيه تاني ده بان عليكي من أول ما دخلنا السويت!
اندفعت بحديثها بتلقائية حادة:
_بالعكس ده هو اللي خلاني أخرج .
جحظت عينيها صدمة مما فاهت به دون وعي منها، قضمت شفتيها من فرط حرجها، بينما ازدادت ضحكته بشكلٍ سحرها، إلتقط “آدهم” قميصه الأسود، يرتديه باهمال فوق شورته الذي يصل لمنتصف ساقيه، ثم أشار لها منحنيًا بلباقة:
_الأكل جاهز شمس هانم.
راق لها عدم تطرقه لما قالت، ظنته سيستغل ذلك ليستهزء بها، إتجهت بخطوات متهدجة لمقعدها المقابل لمقعده، الطاولة كانت مزينة بالشموع والورود الحمراء بشكلٍ كلاسيكي، الاجواء برمتها تليق بليلة زفافهما، وربما هذا ما زاد من توترها، فسحبت كوب المياه ترتشفه بتوترٍ.
راقبها آدهم باهتمامٍ، ترك كوبه وسألها بصوته الرخيم:
_خايفة من أيه يا شمس؟
ازدادت ربكتها بشكلٍ ملحوظ، وهتفت:
_فستاني قصير، خايفة حد يشوفني كده.
قالتها وعينيها تتلصص من حولها بقلقٍ، حتى استقرت بأحضان عينيه، تلتقط بسمته الخبيثة، وحديثه الماكر:
_وخارجة بفستان قصير قدامي ليه!
مال يستند برأسه فوق يديه مستطردًا بمكر:
_بتغريني مثلًا؟
كادت أن تنفعل بحديثها، ولكنها فضلت الهدوء وهتفت باستنكارٍ:
_سبق وقولتلي إنك مبتضعفش قدام أي واحدة ست، مش ده اللي اتدربت عليه ولا أيه يا كابتن؟
هز رأسه بخفة، وقال بصوته الرخيم:
_مكنتيش فيهم يا شمس.
وترك مقعده الذي يقابل مقعدها الرئيسي ثم دنى جالسًا على المقعد الذي يجاورها، يميل هامسًا بطريقة أثارت عاطفتها:
_عشان أصمد قدامك محتاج ألف سنة من التدريب يا شمس.
وتابع وهو يتعمق بعينيها بشغفٍ:
_حياتي كلها كانت ليل وبمجرد ما دخلتيها شمسها سطعت على إيدك إنتِ!
رمشت بربكة قبالته، تشعر وكأنها تنصهر من فرط تأثير كلماته، سحب آدهم كفها يلثمه بكل حبًا إمتلكه لها، وعينيه لا تفارق عينيها، كأنه يحكم لجام سطوته عليها، لا ينخدع لتواسلاتها الصامته أن يكف عن التحديق بها، بل تمادى بالأمر وهمس لها:
_خوفك من قربي أنا قادر أمحيه في لحظة، بس أنا مش حابب أعمل ده الا بارادتك يا شمس!
ترك كفها ثم حملها بالمقعد بعيدًا عن الطاولة، ونصب عوده قبالتها بكل ثقة وثباتٍ، ليعود من جديد يفرد يده لها،قائلًا:
_عشقي ليكِ مقروء في عنيا من أول صدفة جمعتني بيكِ، كنت خايف طريقي يوقعني بيكِ بس قلبي طلع لئيم ووقع في غرامك من أول نظرة، في اللحظة اللي أنا واقف فيها قدامك مملكش اليقين أني هكون موجود بكره ولا لأ بسبب شغلي، بس اللي أنا بتمناه إنها لو أخر دقيقة في حياتي تكون جنبك إنتِ يا شمس!
واستطرد وهو يطبع أجمل ابتسامة فوق شفتيه:
_جاهزة تبدأي حياتك معايا ولا هتنهزمي قدام خوفك وارتباكك بس خدي بالك كفي مش هيتفتحلك بالعرض المغري ده تاني.
أدمعت عينيها فرحة وتأثرًا بحديثه، وزعت نظراتها بين كفه الممدود وعينيه التي تعانقها في دفء، ودون اي تردد استندت على كفه ومنه ارتمت بين ذراعيه، وهي تردد بخفوتٍ:
_أنا حابة أكون جنبك لأخر يوم بعمري، أنا بحبك يا آدهم.
أحاطها بقوة ومال يهمس لها:
_ناديني النهاردة باسمي الحقيقي، عايز أسمعه منك.
اصطبغ وجهها بحمرة الخجل، وحمدت الله أنها تختبئ بين ذراعيه، ولكنه أصر عليها هاتفًا:
_ردديها تاني بإسمي يا شمس، عشان خاطري!
همست على استحياء، وهي تكاد تنصهر بين ذراعيه من فرط خجلها:
_بحبك في كل حالاتك، سواء كنت عمر أو آدهم، أنا بحبـك.
رفعها إليه ومال يمنحها لقاء عابرًا بينهما، على عهد أنه إن شعر بخوفها تجاهه سيبتعد فورًا، ولكنه لم يلتمس منها سوى القبول به، الرغبة بقربه، عشقها الذي نجح بتحريره من بين بلور خجلها الهاش، لذا وبدون أي تردد مضى بها لجناحهما الخاص، أغلق ستاره بيده ثم وضعها بحذر فوق فراشهما الحريري، ليبدأ بها رحلتهما ليصبحا زوجان شرعًا وقانونًا.
*******
وزعت نظراتها المنصعقة بينهما، ومن ثم انهارت ضاحكة، حتى سقطت على مقعد المكتب من خلفها وهي تردد بدهشةٍ:
_معقولة يا سيف، عندك الخوف ده كله من الحقن!
استدار يوسف لاخيه الملتصق به، ولكزه بكوع ذراعه، هادرًا بغيظٍ:
_عجبك كده، مش عارف تسترجل قدامها شوية، قولي هتمشي كلمتك عليها ازاي بعد اللي عرفته عنك!
دفعه عنه قائلًا بغضب:
_يعني أسيبها تلمسني بالمحقن ده عشان أرضيك مثلًا، ده محقن ١٠ سم يا يوسف!
صاح من بين اصطكاك أسنانه بينما تعلو ضحكات زينب:
_إخرس بدل ما أخدها منها وإحقنك أنا بيها.
ابتعد عنه سيف كالمذعور، وصاح منفعلًا:
_أنا أي حد هيقربلي بالبتاعة دي هشقه بالمشرط نصين، أنا بقولكم أهو.
وتركهما وهرع للخارج، بينما تتعالى ضحكات زينب بشدة حتى أحمر وجهها، ضحك يوسف رغمًا عنه وخاصة حينما سألته زينب بجدية:
_دكتور يوسف سيف بيهزر صح؟
مال يستند على مكتبها الجديد، يؤكد لها بحرج:
_لا للأسف دي حقيقة، عنده تروما من الحقن بسبب موقف حصله وهو صغير،ومتسألنيش عليه عشان للأسف مش هقدر أحكيهولك ومتسألنيش بردو دخل طب ليه!
تمادت بالضحك حتى أحمر وجهها، فنهضت تشير له:
_هروح ادور على الاجوبة عنده طالما مش عايز تقولي.
أشار باصبعيه لها:
_بتمنالك التوفيق اللي مش هيحصل أبدًا بموقف زي ده.
استدارت تجيبه بمزحٍ:
_هحاول مش خسرانه حاجة.
تابع خروجها ببسمة ساخرة، تمادت فور أن على رنين هاتفه، حرر يوسف زر الاجابة مرددًا:
_عبحليم إزيك!
انطلق صوته المتعصب يقتحم هدوء أجوائه:
_أنا عايز أعرف أيه اللي وصل بينا الحال لهنا، معقول يكون نزولنا مصر سبب فراقنا بالشكل ده؟
زوى حاجبيه بامتعاضٍ، وقال:
_داخل حامي عليا ليه بس، أوعى تكون متخانق مع مدام صبا وجاي تحط عليا، والله ما ناقصاك يا عبحليم!
=يوسف أنا مبهزرش، إنت مش شايف وضعنا!! احنا اتفرقنا فعلًا.
_واخد بالي بس لو ركزت إنت هتشوف إن كل واحد فينا مسحول في شغله، متنساش أننا بنبتدي من نقطة الصفر، ده غير كمان إن الوقح متجاهلني تمامًا عقاب ليا بسبب مكالماته يوم حوار ليلى!
=طيب وأخرتها ايه يا يوسف! أنا مخنوق ومش حابب الوضع ده يستمر كتير، كلم عُمران يشوفلنا شقة نشتريها ونتجمع فيها زي زمان.
هدر بانفعالٍ شرس:
_تانـــــــي يا جمال!! محرمتش يالا! ما صدقنا حالك اتصلح مع مدام صبا، إنت ناوي على أيه يا عبحليم؟
اتاه ردًا بمنتصف جبهته:
_يوسف أنا مقدرش أعيش من غير رزالتك ولا من غير ابو لسان طويل التاني، افهم بقى.
تمردت ضحكاته الرجولية عاليًا، وشاكسه بمرحٍ:
_أسف يا حلوة أنا مرتبط للأسف، شوفي الوقح منحرف ويعملها تاني عادي.
=اظبط معايا وامشي معايا في الجد بدل ما أجيلك أظرفك بونية تجيبك أرضي، اترزي معايا على المكالمة هضيفه مدام مش راضي يعبرك.
أعاد جمال إضافة عُمران إليهما، بعد مرتين من الاتصال، حتى اتاهما صوته الناعس:
_مش قولتلك مدام مردتش من أول مرة أبقى متنيل مش فاضي، ولا هي حفلة بروح أمك!
ضحك يوسف شامتـًا، فاتاه نصيبه بالحديث:
_ضفت الندل ده ازاي على المكالمة، أنا عمله حظر أساسًا!!
هدر يوسف بغيظ:
_عُمران إنت لسانك ده مش ناوي يحترم نفسه ويتوب عن الوقاحة، يا أخي ده انا بحكم شغلي مع دكتور علي وقعت في حالة من الصدمة والاندهاش، إزاي الملاك ده يبقى أخوك!!
رد عُمران بسخط:
_تحب أجي أعرفك إزاي، وأوعدك إنك بعدها هتتشطب من نقابة الاطباء للأبد، الخلاصة بترنوا عليا ليه السعادي!! خير حد عنده مصيبة جديدة ولا أقفل في وش أمكم؟
قال جمال مندهشًا:
_الساعة لسه خامسة المغرب!!
رد عليه بوقاحه:
_وإنت مال أمك بمواعيدي!
تنهد جمال بقلة حيلة، بينما ردد يوسف بمشاغبة:
_عبد الحليم مشتاقلنا وعايز شقة تلمنا، ها عندك مكان مناسب ولا نأجر شقة مفروشة؟
ضحك عُمران رغما عنه، وقال بصعوبة بالحديث:
_أنا طفشان من خلقة أمك وأمه، وبالرغم من كده قلبي الحنين مش قابل بالبعد، وفعلا لقيت شقة من زمن الفن الجميل، جاهزة من مجامعيه ومش فاضلها غير حاجة واحدة بس.
تسألوا معًا:
_أيه؟
اجابهما ضاحكًا:
_موافقة صاحبها!
عاد صوتهما الجماعي بهتف بصدمة:
_نعم!!
أكد لهما مجددًا:
_زي ما سمعتوا بس متقلقوش إيثو مش ممكن يردلي طلب، ومن غير رغي كتير لما أستولي عليها هبعتلكم العنوان ولحد ما ده يحصل مش عايز وجع دماغ، كفايا اللي مزاحم رأسي!
قالها وأغلق الهاتف بوجههما، ثم فتح هاتفه يتفحصه بنظرة متفحصة، ومال للاعلى يبتسم وهو يردد:
_لامواخذة يا علي.
ضيق عينيه وهو يتابع قراءته بسخرية:
_وإنت من أمته بيهمك حد، عمومًا أنا متبري منك ومن لسانك الوقح ده.
مال على جانبه وهو يتفحص هاتفه غير، عابئًا بأخيه الغاضب، بينما عاد علي يستكمل قرائته بتمعنٍ، توسعت رمادية عُمران صدمة، فاعتدل بجلستها على السيارة وهو يتطلع لاخيه الذي إسترعى الأمر انتباهه وتساءل:
_في أيه؟
أدار الهاتف إليه وصاح بضجر:
_مايا أعلنت عصيانها!
راقب علي شاشة هاتفه، فوجده يتابع قصة نشرتها مايسان على حسابها الشخصي، تحمل مقطع لأغنية حادة، تدل على شموخ الأنثى، فهدر ساخرًا:
_أنا مرة طعمي علقم!! حلوة الاغنية دي.
واستدار لاخيه يسأله بخبث:
_عملت أيه وصلها للحالة دي يالا؟
هبط عن السيارة يشير له بحزمٍ:
_قوووم يا علي وصلني البيت بسرعة.
أشار على سيارته باستغراب:
_وعربيتك؟
اجابه وهو يعتلي المقعد المجاور له:
_مش قادر أسوق، هبعت حد يأخدها.
وأضاف وهو يشير له:
_بسرعة خدني على أقرب محل ورد.
لحق بها وإعتلى مقعده يخبره باستهزاء:
_وهو الورد يعني اللي هيحل مشكلتك؟
أشار له بغيظ:
_علي بالله عليك متصدعنيش، أنت مالكش في أمور الرومانسية الناعمة دي، خليك في كتب الطب النفسي بتاعتك ومتقرفش أمي معاك.
احتدت رماديته، وصاح بغضب:
_هتحترم لسانك ده معايا هتحرك غير كده أنزل سوق إنت.
ضم مقدمة أنفه بيده، يحاول حجب صداع رأسه الحاد من قلة النوم، وعاد يرسم ابتسامة زائفة وهو يخبره:
_أنا آسف يا دكتور علي، لو ممكن بس توصلني قبل ما أتفاجئ بإعلان الخلع سابقني يبقى كتر خير جنابك.
أحاطه بنظرة مستنفرة، وقاد السيارة لاقرب محل لبيع الزهور، هبط عُمران من السيارة، وانحنى للناقذة يخبره ببسمة ماكرة:
_تحب أجبلك بوكيه معايا؟
ابتسم ببرود:
_لا متشكر، أنا بعرف أحل مشاكلي بدون رشاوي.
قهقه عُمران ضاحكًا:
_غلبتني بخبرتي يعني؟
عدل من نظارته الطبية وهو يغمز له بمرح:
_قولتلك قبل كده، أنا بابا يالا!
تعالت ضحكات عُمران تباعًا، وقال من بينها:
_مش عارف ليه عندي آحساس إنك محتاج لبوكيه الورد أكتر مني أنا شخصيًا!
******
بقى بغرفته مهمومًا، لا يريد الخروج منها، حتى أنه قضى صلاته بالمنزل، ولم يريد أحدٌ الضغط عليه، لذا تركوه كما أراد، مال بفراشه ساهمًا بالفراغ، يحمل بيده هاتفه وعلى شاشته رقم آدهم، كلما حاول اجراء الاتصال امتنع عن ذلك رغمًا عنه، وضعه على الكومود فور ان استمع لطرقات خافتة على الباب، تلاه دخول تلك النسمة الرقيقة.
اغلقت “سدن” الباب من خلفها، واتجهت إليه بخطوات مترددة، جلست جواره على الفراش، واستجمعت حديثها المتردد، قائلة:
_بقالك فترة قاعدة هنا ومش بتطلع بره، أنا قلقان عليك ومش عارف أدخل هنا ولا لأ.
وأضافت بحزن شديد:
_بس قلبي زعلان عليكي ومش قابل يخليني أبعد عنك وإنتي بالحالة دي.
مازالت نظراته شاردة بالفراغ من أمامه، وكأنه لا يستمع لها، مما دفعها على الاقتراب، ولمس كفه المسنود جواره، تناديه بقلقٍ:
_آيوب!
سحب كفه من يدها، وابتعد عن محل جلوسها قائلًا:
_سدن ارجعي أوضتك ومتدخليش عليا بالشكل ده تاني.
رفرفت بأهدابها بعدم استيعاب لما قال، ورددت بتيهة:
_ليه بتقول كده آيوب، أنتي زعلانه مني عشان قولتلك هلبس الحجاب قدامك؟
ابتسم والحزن يطوق مُقلتيه، وصمته يجوب كأنه يؤكد لها صدق تخمينها، فنزعت حجابها وهي تخبره بلهفتها:
_أنا كنت تضحكي عليك.
استدار لها يتأملها بحبٍ تمرد بفيروزته رغمًا عن أنفه، فزحف إليها، يرفع حجابها، ويخفي به خصلاتها الذهبية، وهي تراقبه بحزنٍ ودهشة من طريقته الغامضة.
تهاوت دموعها على وجنتها، وقالت بألم:
_أنتي مش بتحبي سدن آيوب؟
رد عليها ونغزة صدره تحتد تدريجيًا:
_سدن أنا حياتي اتلخبطت فجأة، وفي اللحظة دي معرفش جوازنا تم بالشكل الصحيح ولا أيه؟!
ازدردت ريقها بارتباك، وهتفت:
_مش فاهم!
أجابها بهدوء رغم نيرانه المشتعلة:
_أنا اسمي أتغير عن الإسم اللي اتجوزتك بيه، الله أعلم بقى كده جوازنا صح ولا هكتب عليكِ من جديد بإسم مصطفى الرشيدي اللي اتفرض عليا ده.
وتابع وهو يتطلع لها بحنان وحب جاهد لأن يظهره رغم انكساره:
_مش عايزك تشكي في حبي ليكِ، أنا باللي بعمله ده بحميكِ من أي ذنب ممكن نشيله مع بعض، أنا مش ممكن أتقبل إسم الانسان ده يتكتب ورا إسمي، بس إنتِ مالكيش ذنب في كل ده، الحالة الوحيدة اللي ممكن تخليني أقبل بيه هو إنتِ، أي حاجة هتخلي جوازنا يمشي بالشكل السليم هعملها.
واستطرد وهو يمنحها نظرة نطقت بعشقه العتيق لها دون حديث:
_انا مش ممكن أسيب ايدك في نص الطريق يا سدن، أنا وإنتِ قصتنا اتكتبت مع بعض، وهتكتمل وإحنا مع بعض.
ارتسمت بسمة سعادة على وجهها، ودون أي تردد أحاطت عنقه وهي تحتضنه، تبوح له بحماسٍ:
_بحبك آيوب، بحبك كتير.
انتفض بجلسته وحاول إبعادها برفقٍ:
_سدن، إحنا قولنا أيه من شوية؟
سحبت يديها عنه، وابتعدت بخجلٍ، فابتسم وقال ليخفف عنها الحرج:
_عايزك بكره تنزلي مع الحاجة رقية، تشتري كل اللي نافصك، الفرح هيتعمل في معاده، ولازم كل شيء يكون جاهز.
هزت رأسها بفرحةٍ، فتمعن بها بحبٍ، وطالبها برفق:
_يلا إقفلي النور، عايز أنام شوية.
أمأت له، وقبل أن تتجه لغلق المصباح سحبت الغطاء تضعه على جسده، واتجهت تغلق الضوء، ثم خرجت على الفور، فما أن تأكد من رحيلها، حتى فتح عينيه ليعود من شروده وألمه من جديد!
*****
صعد عُمران إلى غرفته، وهو يحمل باقة الزهور بين يديه، مال على باب الغرفة يستمد طاقته المهدورة، جسده يئن كأن عظامه بأكملها قد كسرت، زهد النوم بالفترات الاخيرة، وخاصة بأنه بات حريصًا على الذهاب لمسجد الشيخ مهران للابتهالات وأحيانًا ليكون أمام الناس بصلاة الفجر، الجميع يحبون سماع صوته، ويحبونه للغاية، وعلى رأسهم الشيخ مهران، الممتن لمساعدته بعودة آيوب للمنزل، لم يكن آدهم الوحيد الذي لجئ إليه، فعلها الشيخ مهران لحظة خروج آيوب من المسجد.
سحب نفسًا مطولًا عساه يخفي إرهاقه، لا يمكنه أن ينكر أنه مقصر كل التقصير بحق زوجته، فتح باب الغرفة وولج مبتسمًا لها.
كانت تجلس على الفراش وتتابع هاتفها بجمودٍ، بالعادة كانت تستقبله بحفاوةٍ، تجيد الآن رسم وجه الجليد ببراعةٍ.
اقترب منها عُمران يقدم باقة الزهور، قائلًا بنبرته المغرية:
_أحلى ورد لأجمل وردة في بستان عيلة الغرباوي كلها.
شملته بنظرةٍ ساخرة، ومالت بجانبها للجهة الاخرى تتجاهله، اتسعت ابتسامته وجلس جوارها يهتف باستنكار:
_ده حبيب قلبه شكله أخد على خاطره مني أوي، بس على مين أنا مش هقبل بالجفا ده أبدًا.
ومال يجذب وجهها إليه، لتقابله:
_يعني يرضيكِ تحرميني من طلة القمر دي.
أبعدت كفه وعادت تتطلع للجهة الاخرى وهي تتابع هاتفها، فاتجه للجهة الاخرى من الفراش وهو يردد بخبث:
_حبيب قلبه، قلبه قسى على جوزه ومبقاش يهمه زعله يا ناااس!
زفرت بمللٍ وصاحت:
_عُمران ممكن تطلع بره!
عبث برماديته بدهشة مضحكة:
_عايزة تفرقيني عن ابني يا مايا!!
احتشد الغضب بمُقلتيها، وصاحت بغضب:
_اللي يسمعك وإنت بتتكلم يقول إنك مهتم بابنك أووي، إنت أصلًا تعرف عنه أيه؟! تعرف متطلباته أيه؟
ردد ساخرًا:
_أصلًا!! أمممم طيب يا بيبي مبدئيًا كده عشان نكون حلويين مع بعض صوتك الجميل ده يوطى شويتين، لإني للاسف متعودتش يبقى في صوت مسموع غير صوتي أنا!
عاندته بشراسة:
_انا بتكلم بصوت واطي على فكرة، إنت سمعك فيه مشكلة!
مرر اطبعيه على وجنتها برفقٍ، وهمس لها:
_النبرة دي جديدة عليكِ، بلاش تدخلي بالسكة دي معايا يا مايا.
تركت هاتفها جانبًا وزحفت بجلستها إليه، تتحداه بعصبية:
_ولو دخلتها هتعمل أيه يعني!!!
راقبها عن قرب ببسمة ماكرة، وهدر بسخط:
_تلاشيني أحسنلك يا بيبي!
كزت على أسنانها غضبًا، ومالت تغلق ضوء الغرفة، ثم جذبت الغطاء وتمددت توليه ظهرها، تابعها مبتسمًا ثم تمدد جوارها واستند بذراعه خلف رقبته، مطلقًا صفيرًا مزعجًا جعلها تجذب الوسادة وتضعها على أذنيها، فردد بمكر:
_صوتي رايق مش مزعج زي ال music اللي حطهالي ستوري، وبعدين من أمته وإنتِ حادة وعنيفة كده يا بيبي!
نزعت عنها الغطاء ونهضت ترتدي مئزرها قائلة بضيق:
_أنا هسيبلك الاوضة كلها عشان ترتاح خالص.
وما كادت بالتحرك حتى جذبها لتسقط بين ذراعيه، قائلًا ببرود:
_هرموناتك شكلها كده بدأت رقص على السلم، وأنا حاليًا Out of service (خارج نطاق الخدمة) ، فنعقل كده ونلمها إنتِ والصغنن اللي محيرك ده.
قالها وهو يشير على بطنها المنتفخ، فدفعته عنها ورددت بحزن:
_أنت مبقتش بتحبني يا عُمران ، إنت كنت بتستغل كل لحظة عشان تقضيها جنبي، دلوقتي مبقتش بشوفك غير كل فين وفين.
وأضافت ودموعها تلألأت بعينيها:
_أصحابك وعيلتك مش بس اللي ليهم الحق فيك، أنا وابني لينا الحق الأكبر اللي مبقتش شايفه أساسًا.
وتركته واتجهت للأريكة، تجاهد لعدم بكائها، راقبها بحزن وقد لمست كلماتها قلبه، فانحنى يجذب احدى الزهرات من الباقة، وجلس جوارها، مرر الزهرة على دموعها، يبعدها عن وجهها، ثم وضعها فوق آذنيها بخصلات شعرها، بينما يحاوط وجنتيها بيديه، وبدون أي ترتيب منه غنى لها بصوته العذب:
_ما تيجي نركن الزعل، وتحكيلي اللي فاتني،
وأسرح وإنت بتحكي في سحر عينيك اللي خدني،
يا اللي الغرام لغيرك حرام مفيش غيرك شغلني،
عشانك إنت أقول في شعر وليل نهار أغني،
أنا أعمل ليكي المستحيل بس إنت عني ترضي
أنا مهما أحكي لك صعب إني أوصفلك غلاوتك عندي
عايز أقول لك وعد، وعارف إني قد وعدي
أنا هفضل جنبك طول العمر سندك وإنت سندي،
الثانية وإنت بعيد بتفوت سنة، أنا عايش على اللي فاضل مننا
ده احنا الشوارع تحكي قصة حبنا واحنا سوا مكنش حاجة تهمنا، ما تيجي ننسى الزعل احنا بعادنا أصبح شئ لا يحتمل
هنرجع تاني ولا خلاص مفيش أمل كل اللي ممكن أعمله معاك اتعمل!
تهاوت دموعها وهي تستمع إليه، فضمها لصدره بينما يعود لترديد:
_ما تيجي نركن الزعل وتحكي لي اللي فاتني
واسرح وإنت بتحكي في سحر عينيك اللي خدني،
يا اللي الغرام لغيرك حرام مفيش غيرك شغلني،
عشانك إنت أقول في شعر وليل نهار أغني،
أنا أعمل ليكي المستحيل بس أنت عني ترضي
أنا مهما أحكي لك صعب إني أوصف لك غلاوتك عندي
عايز أقول لك وعد وعارف إني قد وعدي
أنا هفضل جنبك طول العمر سندك وإنت سندي!
تمسكت بقميصه ورأسه مدفون جوار نبضات قلبه التي ازدادت بمجرد لمسها له، قبل رأسها بحب، وهمس لها:
_إنتِ ليكِ كل الحق فيا، مهما بعدت وإنشغلت عنك أنا ملك ليكِ إنتِ وبس يا حبيبي، أوعي تقارني نفسك بأي حد مهما كانت مكانته عندي، إنتِ في مكانة محال مخلوق يوصلها، حتى ابني نفسه عمره ما هيأخد مكانتك يا مايا.
أشرق وجهها فرحة سماع كلماته، وبدون أي تردد استقبلت وصلة غرامه بصدرٍ رحب، انصاعت لمعزوفته الخاصة وتركته يطيب خاطرها المجروح، ليجدد معها عهود الغرام والعشق.
*****
دخل غرفته ينزع جاكيته وجرفاته باختناقٍ، ثم إتجه للخزانة يجذب بيجامة من أغراضه، وما أن استدار ليتجه لحمام الغرفة حتى وجدها تجلس على مكتب الغرفة.
ترك “علي” ما بيده، واقترب منها بابتسامته الجذابة:
_فطيمة إنتِ هنا؟
طالعته بعينيها المتورمة، تتمعن برماديته بتركيزٍ، تبحث عن شيء هي لا تعلمه، توسعت حدقتيه دهشة من مظهرها، وتساءل بقلق:
_مالك يا فاطمة؟
بثبات قاتل أشارت للمقاعد قبالتها:
_اقعد يا علي.
جلس قبالتها على الفور، فوجدها تجذب حاسوبه وتديره له، خطف نظرة متفحصة للشاشة، ثم عاد لها يقابلها بنظرة عميقة، ثم تنهد وقال بهدوء:
_وبعدين؟
ضيقت عينيها من سؤاله الغامض، وقالت:
_ده ردك على اللي ورتهولك؟!
بثباته واتزانه ردد:
_وعايزة ردي يكون إزاي يا فاطمة؟! بدون ما تنطقي حرف عينك وحالتك شرحين كل حاجة.
تركت المقعد الأساسي وإتجهت تجلس قبالته، تفرك أصابعها بعنفٍ، وهي تحاول أن تدعم أنفاسها المتحشرجة، التاع قلب علي وتوتر للغاية، أراد ان يكسر حنكة تصرفه العقلاني ويسرع لها، ولكنه جيد التعامل مع الموقف برمته، قبض على معصمه واستمر بالتطلع لها، حتى قالت برجفة صوتها:
_فهمني ده أيه يا علي، إنت لسه شايفني حالة ومحتاجة علاج!! أزاي وإنت بنفسك قولتلي إني خفيت!! إنت كنت بتخدعني يا علي!! حتى مساعدة عُمران كانت مدبرة منك!! وبعدين إنت ازاي تعملي ملف وتكتب فيه كل كبيرة وصغيرة عني! أنت كاشف كل أسراري، أنا هعمل أيه لو الملف ده وقع في أيد أي حد من اللي بيشتغل معاك في المركز، هتفضح!! عايز تفضحني يا علي!! هونت عليك للدرجادي!!!
قلبه الإن ينشطر تدريجيًا لرؤيتها بتلك الحالة، ولكنه مجبور على التعامل بثبات وحذر، لذا سألها بجمود:
_إنت لقيتي اللاب ده فين يا فاطمة؟
أبعدت خصلاتها للخلف بقوة، وهدرت فيه بعنف:
_هو ده اللي يهمك؟!
بهدوءٍ ولين قال:
_ردي عليا من فضلك.
قضمت شفتيها السفلية بعصبية، وقالت:
_هنا في درج المكتب.
سألها مجددًا:
_مكتب أيه؟
تعحبت من طريقته الشبيهة بالتحقيق ومع ذلك قالت:
_أوضتنا!
ارتسمت بسمة غامضة على وجهه وقال بثبات:
_لقيتي في ملفات تانية في اللاب؟
هزت رأسها تنفي ذلك، فنهض عن المقعد واتجه للفراش يسحب بيجامته واتجه لحمام الغرفة وكأن شيئًا لم يكن، مما دفعها للدهشة، فلحقت به دون أن تبالي بمكان تواجدها بحمام الغرفة من خلفه، وصرخت به:
_إنت ازاي تسبني واحنا بنتكلم يا علي، أنا سألتك مردتش عليا!
نزع قميصه وجذب البيجامة يرتديها، ارتابت من أمره فنادته برفقٍ وتيهة:
_علي!
تنهد واستدار لها:
_نعم!
تمكنت منها الحيرة والتوتر، فانتابتها نوبة من البكاء وهي تخبره:
_إنت بتتعامل كده ليه معايا! ريحني ورد عليا.
اقترب منها وقال بحنان:
_متعيطيش يا فطيمة، اهدي وخدي نفسك بانتظام.
وتابع بحزن:
_أنتِ اتهمتيني أنا، وشايفاني أنا الوحش فـ ليه بتبكي وبتعاقبي نفسك؟
نجح بمهارته أن يقلب الأمر عليها، وقد جنى ثماره حينما هتفت به:
_أنا متهمتكش أنا عايزة أفهم يا علي.
رد عليها بخبث:
_ردودي عليكي مش كافيه إنك تفهميها يا فطيمة!
هزت رأسها بحيرة:
_لا يا علي مفهمتش حاجه.
ابتسم بوجع ملموس وقال:
_اللاب موجود في أوضة نومي، ومعلهوش غير ملفك ده موضحش ليكي مدي خصوصية وأهمية ملفك عندي، وإن مستحيل مخلوق يدخل أوضة نومي ويفتش في حاجة تخصني ده مدكيش مبرر إني بحميكي.
صرخت به بانفعال:
_وليه تعملي ملف من الأساس.
واجهها بصوت متعصب:
لإني ببساطة دكتورك المعالج، وحبي وجنوني بيكِ هيخليني أخاف عليكِ سبعتلاف مليون مرة، قبل ما تكوني مراتي كنتِ أهم حالة عندي وبعد ما بقيتي مراتي وكل دنيتي متخيلة إنك توصلي بمكانتك فين؟؟!
هدأ من انفعالاته سريعًا، وقال بهدوء ورزانة:
_أنا بعمل وهعمل أي حاجة تخليكي تتعافي مية في المية، والملف اللي انتي واخداه دليل إدانة عليا ده هو اللي مخليني أقدر أتابع كل صغيرة وكبيرة خاصة بيكي، لاني مش هقدر أتحمل يجرالك حاجة مش لاني خايف على انجازي في حالتك اللي بتحاولي تلمحيلي بيه، لإنك مش حالة بالنسبالي يا فطيمة، إنتِ حتة من روحي وقلبي وكياني.
ارتدى ملابسه سريعًا وقبل أن يخرج قال دون أن يتطلع لها:
_أي كلمة تخصك فهي تمسني قبل ما تمسك، أنا ماشي معاكِ كل خطوة، ومش فارقلي أي تنازلات بقدمها عشان تكوني بأحسن حال، فأوعي تفكري إن علي اللي حبتيه ممكن يخذلك أو يدوس عليكِ في يوم من الأيام.
وتركها وخرج لفراشه، بينما تتطلع لمحل رحيله بابتسامة حب ودموع تستفيض على وجنتها، كلما تعثرت تجد ذاتها تخطئ بحقه.
استدارت تقابل ذاته أمام المرآة، فتحت الصنبور وحملت حفنة من المياه تغسل وجهها، كأنها تحاول أن تفيق مما أحاطها بتلك الساعات.
خرجت فاطمة تبحث عنه، فوجدته يجلس على الفراش ويقرأ أحد كتبه، راقبها علي بطرف عينيه فوجدها تنزع مئزرها وتتحرك دون قيد على عكس عادتها، ادعى إنشغاله بالقراءة بينما يراقب كل صغيرة وكبيرة متعلقة بها.
وجدها تفتح أحد الادارج، تجذب شريط منع الحمل، وضعت حبة بيدها وقبل أن تقربها لفمها، توقفت لبرهة وكأنها تعيد كل ما حدث أمامها، راقبها بكل لهفة وهو يتمنى أن يحقق النجاح الاكبر بلحظة مثل تلك، حتى وإن كانت مؤلمة بحقه ولكنه سيكون سعيدًا بشفائها الكامل مما تمر به.
تهلل وجهه فرحًا حينما وجدها تلقي ما بيدها بسلة المهملات، وتتجه إليه بارتباك، والاخر مازال يدعي إنشغاله بالقراءة، تمددت جواره تنتظره أن يضمها إليه كعادته، ولكنه لم يفعلها، انتابها الحزن، وبهدوء أزاحت الكتاب عنه وقالت بقهر:
_ممكن متزعلش مني، أنا غلطت في حقك كتير سامحني أرجوك.
لم يكن قاسيًا بحقها يومًا ليفعلها الآن، عادت ابتسامته المشرقة إليه، وأجابها:
_مش زعلان يا فاطمة، بالعكس أنا سعيد جدًا.
قالها وهو يشير على سلة المهملات، فامتقع وجهها خجلًا، ورددت على استحياء:
_أنا عايزة يبقالي ابن منك يا علي.
اتسعت ابتسامته ومال إليها يهتف بمكر:
_هيحصل بأقرب وقت يا روح قلب علي!
*******
اجتمعت كومة القمامة بمخبئها السري، يحصد أحدهم قولًا أثار دهشتهم:
_حدث أمرًا غريبًا اليوم، لقد تأكدت مصادرنا بوصول أحد ظباط المخابرات المصرية لاحدى الفنادق الباهظة، برفقة زوجته لقضاء شهر العسل، ولكن أجد الأمر غريبًا نوعًا ما، وخاصة أن توقيت ظهوره هو نفس التوقيت الذي تحدث لنا معلومات جديدة عن تنقل الميكروفيلم.
نطق أحد المنصتين باهتمام لما يقال:
_هل يعقل أن يكون هو الظابط الذي كلفته الاستخبارات المصرية لنقل الميكروفيلم؟
ردد أحدهم وكان يبدو أكثرهم حكمة:
_لا اعتقد أن المخابرات المصرية بمثل ذلك الغباء، إن كان هو المنشود لما أتى إلينا بشكلٍ رسميًا وكأنهم يقدمون كبشًا فدى بتلك البساطة، الأمر مريبًا للغاية.
تساءل الآخر بتوتر:
_وماذا علينا أن نفعل؟
قال بغموضٍ حويط:
_فلنتأكد أولًا من هويته وبياناته الشخصية حول أمر زفافه وحينها سنعمل جاهدين لكشف مخططات الجهاز.
وأضاف بكره وحقد شديد:
_أعدكم بأن الميكروفيلم لن يصل لمصر مهما كلف الثمن!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية صرخات أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *