رواية زهرة الفصل الثامن عشر 18 بقلم ندى أشرف
رواية زهرة الفصل الثامن عشر 18 بقلم ندى أشرف
رواية زهرة البارت الثامن عشر
رواية زهرة الجزء الثامن عشر
رواية زهرة الحلقة الثامنة عشر
في اليوم التالي استيقظت زهرة في حماس وسعادة فخرجت من غرفتها ترتدي ملابس رائعة كما اعتادت أن تفعل فوجدت سنية تنتظرها وتردد ” يا صباح الخير ياللي معانا، ياللي معانا.. الكروان غنا وصحانا يا صباح الخير ياللي معانا.. ياللي معانا..” فقالت زهرة:
– صباح الخير ياست الكل إيه الصوت القمر ده، ربنا ما يحرمني من الاستبشار بجمال وشك عالصبح كدة..
ضحكت سنية في سعادة فقالت:
– صباح الفل والياسمين عليكي ياقلب ماما.. يلا تعالي أنا سبقتك عشان أحضرلك الفطار تاكلي لقمة قبل ما تمشي..
تقدمت منها زهرة في حماس قائلة:
– مع إني بفطر مع صحابي و سليم هناك بس مش هضيع تعبك وفطاري النهاردة معاكي انتي ياست الكل..
قدمت سنية كوب الشاي إلى زهرة قائلة:
– تعالي ياحبيبتي بالهنا والشفا على قلبك..
ثم هتفت تتسائل:
– ناوية تلبسي إيه بكرة بقى لما يجي سليم وباباه ومامته؟
ارتشفت زهرة رشفة من الشاي ثم قالت:
– والله مش عارفة يا ماما بس ان شاء الله تتدبر يعني..
النهاردة لما أرجع هنرتب مع بعض البيت ونشوف هنلبس إيه..
أجابت:
– ماشي ياحبيبتي، ربنا يهنيكي يا زهرة ويسعدلي قلبك ياحبيبتي ويكفيكي شر الناس..
– يارب يا ماما يارب.. أنا يادوب أتحرك بقى عشان متأخرش..
وفجأة جاءها اتصال هاتفي فنظرت به وجدته سليم أجابت:
– صباح الخير ياحبيبي..
– صباح النور يا قلبي يلا انزلي..
– ما أنا كنت نازلة هوا أنا اتأخرت ولا إيه!
– لأ إنزلي أنا مستنيكي تحت، مش هسيبك تروحي وتيجي لواحدك تاني..
– ليه بس كدة يا سليم هتعبك معايا..
– ياستي خلصي تعالي نتكلم تحت، يلا مستنيكي سلام.
أغلقت الخط ونظرت إلى سنية فقالت:
– دا سليم بيقولي مش هسيبك تروحي وترجعي لواحدك تاني ومستنيني تحت
أجابت سنية:
– طيب الحمدلله أهو طمن قلبي بردو بدل ما تمشي لواحدك
همت زهرة لتغادر فقالت:
– طيب ياحبيبتي يلا سلام.
– سلام يابنتي في رعاية الله.
٭٭٭
هبطت للأسفل حتى وصلت إلى سليم واستقلت السيارة بجانبه فقال:
– كل دا عشان تنزلي يا زهرة هانم..
أجابت:
– معلش ياحبيبي كنت بجمع حاجتي بس.
تسائل:
– فطرتي ولا نعدي نجيب فطار..
أجابت:
– لأ انا فطرت مع ماما قبل ما أنزل
ضيق عينيه فقال:
– خاينة.. طب كنتي إعزميني أفطر معاكي..
ضحكت فقالت:
– والله ياريت بس مكنتش أعرف أنك هتعدي عليا نروح مع بعض، مش شايف طيب إن ده تعب ليك كل يوم كدة..
أجاب مازحاً:
– لأ ما أنا هخصم تمن البنزين من قبضك
أجابت ضاحكة:
– ياسلام..
نظر لها ثم رد:
– تصدقي جتلي فكرة كويسة أوي..
ما أنا أتكلم مع بابا يخليكي تشتري عربية تبقى بتاعتك لمشاويرك عشان مبقاش خايف عليكي.. إيه رأيك؟
أجابت في دهشة:
– عربية إيه بس ياسليم هوا انا بعرف اسوق أصلاً!
– متحمليش هم أنا هعلمك..
يلا انزلي وصلنا.
هبطت من السيارة وسار بجانبها سليم ثم أمسك بيدها وهو يتصنع اللا مبالاة فسحبت يدها قائلة:
– سليم!
نظر في الجانب الآخر ثم نظر لها وكأنه لا يشعر بنفسه فقال:
– إيه ده هوا أنا مسكت إيدك تصدقي مخدتش بالي!
ضحكت زهرة في سعادة ولم تُجيب فدلفت إلى الداخل وهو خلفها ثم ذهبت مباشرةً إلى مكتبها وهي تقول له:
– نتقابل في آخر اليوم بقى..
استوقفتها السكرتيرة قائلة:
– آنسة زهرة.. المنشاوي بيه عايزك ..
تسائت زهرة في تعجب:
– عايزني أنا! طيب تمام..
ثم قالت في نفسها ياترى عايزني في إيه..
أطرقت على باب المكتب فسمح لها بالدخول فدلفت في هدوء وأغلقت الباب خلفها فقال:
– تعالي يا زهرة.. اتفضلي يابنتي
أجابت في خجل:
– تسلم يا منشاوي بيه حضرتك كنت عايزني صح؟
– آه عايزك ثواني..
قام عن مقعده ثم فتح باب خزنته وأخرج منها مبلغ كبير من المال ووضعه أمام زهرة..
نظرت له في صدمه قائلة:
– إيه دا يامنشاوي بيه!
أجاب:
– دا ياستي مبلغ بسيط.. ٣٠٠ ألف جنيه.
أجابت في صدمة:
– ٣٠٠ ألف جنيه!! مبلغ بسيط؟ أعمل بيه إيه.. أنا عمري ما مسكت مبلغ زي ده في إيدي ولا شوفته بعيني حتى..
ثم ضحكت فقالت:
– أكيد حضرتك بتهزر معايا مش كدة !
ضحك فأجاب:
– لا أنا عايزك تتعودي من هنا ورايح على المبالغ اللي زي دي، إنتي واحدة صاحبة ورث.. ورثك بقاله سنين شغال ومنتج وبعدين دا نسبة من الأرباح.. انتي أصلا مش محتاجة تشتغلي وتتعبي دا أنتي ترتاحي في بيتك وتشغلي ناس تحت إيدك، أنا بس سايبك تعملي اللي يريحك في حياتك ومش عايز أفرض عليكي أي شيء.
تبدلت ملامح زهرة للجمود فقالت:
– لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، دا الموضوع طلع بجد
هتف المنشاوي:
– يلا يا زهرة بقى هتفضلي متنحة كدة كتير، شيلي الفلوس دي في شنطتك وإعملي حسابك هتروحي بدري النهاردة مع سليم وهوا هيقولك على الباقي بقى..
قامت بتجميع المال ووضعته في حقيبتها ثم غادرت بعد أن شكرت المنشاوي على أمانته وكرمه..
بعدما دلفت إلى مكتبها جلست وبكت بشدة ثم خرت على الأرض ساجدة تشكر الله وتحمده على كرمه وفضله وتدعو إلى والدها بالرحمة والمغفرة ثم قامت وبدأت تستعيد رونقها وجلست تبدأ في عملها..
٭٭٭
في مكتب سليم جلس يعمل فقاطعه إتصال من صديقه سيد فأجاب:
– حبيبي يا سيد باشا كنت عارف إنك مش هتنساني
جاءه الرد في حماس:
– منا قولتلك أعتبره حصل..
إسمع بقى ياسيدي.. صاحبة الخط ده واحدة إسمها لينا مراد أحمد.. ساكنة في مدينتي وأبوها ده راجل أعمال.. كل حاجه بالتفصيل هبعتهالك في ميل..
قال سليم:
– حلو أوي، أنا كدة عرفت مين اللي ورا المصايب دي كلها.
تسائل سيد:
– بس مالها البت دي عملت إيه بالظبط!
قص سليم عليه الأمر برمته فقال:
– لأ يامعلم دي تسيبهالي.. واعتبر الشاب اللي عمل كدة وكمان البأف اللي صور في جيبك.. هوا يوم بليلة يومين بالكتير أوي وهجيبك بنفسك تشوف حابب تعمل معاهم إيه.. خلصانة ؟
أجاب سليم:
– دي خلصانة ومعاها حَصانة كمان
ضحك سيد فقال:
– وإلا حصانة دي في الحفظ والصون
ثم ضحك فقال:
– اسيبك انا بقى وأي جديد هتلاقيني برن عليك ماشي!
سليم:
– ماشي ياحبيبي سلام.
أغلق الخط وهو يتوعد : ” ليلتك سودا معايا يا لينا.. بس لما أشوفك” ..
٭٭٭
*في فيلا الشربيني*
اجتمعت العائلة على مائدة الطعام..
فقال الشربيني:
– قولي يا كريم..
أجاب:
– نعم يا بابا أقولك إيه!
– كنت قاعد مع فريدة بقالك شوية كدة لواحدكوا، بتتكلموا طبعا..
شعر كريم بالحرج فتنحنح ثم أجاب:
– اه ما إحنا بقينا أصحاب..
أجابت سارة وهي تضحك:
– أصحاااب.. أيوووة.
نكزها كريم بقدمه من أسفل الطاولة فنظرت له وهي تكتم ضحكاتها فصمتت
فاستطرد والده قوله يتسائل:
– أمال بتتكلموا في إيه يعني.. متأكد انكوا أصحاب مافيش مشاعر كدة ولا كدة..
تسائل كريم في حرج:
– حضرتك عايز توصل لإيه بالظبط يا بابا
ردت والدته سمية:
– عايزين نفرح بيك يا كريم بقى
علقت سارة قائلة:
– باين كدة إن في بينهم chemistry يا بابا وكريم لازم لازم يصلح غلطته..
ضحك أدهم فقال:
– والله انتوا دماغكم رايقة، أنا هسبقك يا بابا على الشركة وإنت خلص فطارك براحتك وتعالى ورايا..
أجاب الشربيني:
– لأ استنى انا جاي معاك..
ثم وجه حديثه إلى كريم قائلاً:
– كلامي معاك لسة مخلصش ها..
رد كريم فقال:
– يعني لو قولتلك إني معجب بالبنت دي وحابب أخطبها هتنبسط؟
ابتسم الشربيني فقال:
– أنا نظرتي متخيبش.. كنت عارف انها شاغلاك
ضحكت سمية فقالت:
– بصراحة عندك حق، مشوفتش كان متشيك ازاي وحريص جداً يجيبلها هدية قيّمة، هوا كريم من إمتى وهوا بيهتم بالأمور دي..
قالت سارة:
– تصدقوا خليتوني نفسي أشوفها جداً فريدة دي..
تسائل كريم:
– يعني أبتدي أخد خطوة إنتوا شايفين كدة؟
رد الشربيني:
– اه هستنى منك رد النهاردة لو البنت وافقت مش هيعدي الشهر دا إلا وانت خاطبها ، يلا أنا همشي سلام..
كانت سارة تشعر بالحماس الزائد والفرحة تملئ قلبها فانقضت على كريم في سعادة قائلة:
– أخويا أنا أخيرا حب بنت وهيخطبها..
احتضنها كريم في سعادة قائلاً:
– يخرب بيت جنانك هتوقعيني.. يلا عقبال ما أفرح بيك يا صغنن إنت..
ابتعدت عنه قائلة في جدية:
– لا ياحبيبي انا إبعدني خالص عن الكلام ده، أنا وأي راجل مش بنتجمع مع بعض في جملة واحدة
داعبها كريم قائلاً:
– إيه هوا ميولك غير اللي كل الناس عارفاه ولا إيه؟!
لكمته على كتفه فقالت:
– إيه ده يامقرف إنت لأ طبعاً.. أنا أقصد إني مش بالساهل يعجبني حد ومش شاغلني الموضوع.. وأصلا يعني عندي طموح ومستقبل أهم بكتير من الكلام ده..
ردت سمية:
– اتنيلي بس وتعالي شيلي معايا الأكل بلا طموح بلا مش عارفة إيه
قال كريم في سخرية:
– أيوة يلا عالمطبخ..
نظرت سارة له باستعلاء فقالت:
– على الأقل أنا شاطرة جوا البيت وبرا البيت إنما إنت قدراتك محدودة.. ياعديم الموهبة.
تركها كريم وغادر يتحدث إلى فريدة قائلاً:
– خليها ليكي انتي يا أم موهبة.
٭٭٭
قام سليم في الموعد الذي حدده المنشاوي ثم توجه إلى مكتب زهرة وأخذ يطرق على الباب حتى جاءه الصوت من الداخل:
– أدخل..
دلف إلى الداخل في حماس قائلاً:
– يلا ياحبيبتي هنمشي..
أجابت وهي لازالت منشغلة بما لديها من أعمال قائلة:
– بس أنا لسة مخلصتش شغلي!
تقدم إليها ثم سحبها من يدها قائلاً:
– اقفلي اللاب توب ده ويلا هنمشي قولت.. خلصي الشغل بكرة عادي مايجراش حاجه.
أغلقت الحاسوب ثم قامت وهي تتسائل:
– مالك بس مستعجل أوي كدة ليه
رد قائلاً:
– أنا كدة من أكتر اللحظات اللي بحبها في حياتي هيا اللحظة اللي بخلص فيها شغلي وأمشي منه.. بحس إني كنت في سجن وخلاص بقيت حر.
خرجا من الشركة فاستقل سيارته وكذلك جلست زهرة بجانبه فقال:
– مستعدة لمجهود ممتع؟
أجابت:
– ممتع إزاي احنا هنعمل ايه
أجاب:
– هنروح نشتري لبس وحاجات كتير.. كتير أوي..
أجابت:
– خليني أكلمك أنا عن أسوء لحظات حياتي.. إني بكره الشوبينج جداً مبحبش اشتري لبس خالص، أي حاجه تانية عادي بكون مبسوطة بس اللبس لأ..
أجاب في حماس:
– هتعدي وهتنبسطي، هاخدك عند المول اللي غالبا بنشتري منه وحاجتهم تجنن..
بعد مرور بضع دقائق وصلوا وأوقف سليم محرك السيارة وذهبوا للتسوق..
مرت في البداية على قسم الملابس وقامت بشراء العديد من قطع الفساتين التي قامت باختيارها هي وسليم معاً وكذلك سليم قام بشراء ملابس مناسبة لنفس ألوان ملابس زهرة وشعرت حينها أنها أول مرة على الإطلاق تشعر فيها بهذا الكم من السعادة والحماس في شراء الملابس.. ثم انتقلوا إلى متجر آخر وقاموا بشراء ساعات مختلفة بماركات مميزة.. ثم قسم العطور وذهبت إلى قسم الاكسسوارات، أحضر لها سليم خاتم رائع الشكل وعظيم القيمة ثم قام بوضعه في إصبعها وسماه خاتم الوعد فقال:
– الخاتم ده لازم يعيش معاكي العمر كله، إسمه خاتم الوعد اللي هيفضل يفكرك طول حياتنا بإني بوعدك هتكوني معايا أسعد بنت في العالم وعمري ما هزعلك مني ولا أسمح لحد يجي عليكي..
أبتسمت في سعادة فقالت:
– أنا السعادة والفرحة وراحة القلب دخلت حياتي من يوم ما عرفتك.. إنت يا سليم صعب أوصفك بالكلام بس أنا كمان بوعدك نفس الوقت وبتمنى من كل قلبي إن ربنا يقدرني وأخليك أسعد راجل في الدنيا..
قبّل سليم يدها فقال:
– ربنا ما يحرمني منك أبدا يازهرة يابنت عم عبد الحميد..
ابتسمت برضا فقالت:
– الله يرحمه يارب.. طول حياته ومماته وهوا سبب سعادتي وكل خير جالي ولسة هيجيلي في حياتي.. كان أعظم وأحن أب في الدنيا..
رد سليم قائلاً:
– ربنا يرحمه ياحبيبتي.. يلا نمشي؟
همت لتغادر معه والدمع يترقرق في عينيها محاولةً إخفائه فقالت:
– يلا..
عادت إلى المنزل في حماس وسعادة فدلفت تحمل بين يديها العديد من الأشياء فوضعتهم أمامها تسائلت سنية في تعجب:
– إيه يا زهرة الحاجات دي كلها!
أجابت:
– تعالي يا ماما اوريكي.. دا أنا اشتريت شوية حاجات يجننوا
و.. بصي أنا جبتلك إيه!
أخرجت مجموعة من العباءات مختلفة الطراز وجميعهم من نفس النوع الذي تُفضله سنية فقالت:
– بس انتي جبتي كل الحاجات دي منين ياحبيبتي!
أخرجت زهرة من حقيبتها الأموال التي أعطاها لها المنشاوي وأجابت قائلة:
– خدي يا ماما.. شوفي المنشاوي بيه النهاردة طلبني في مكتبه وحط الفلوس دي قدامي بمنظرها ده كدة وقالي دا جزء من الأرباح اللي كسبها بسبب فلوسي اللي مشغلها عنده..
أنا أكبر مبلغ مسكته في إيدي كان ميتعداش الـ ٥ الاف جنيه، انتي متخيلة أنه أنا دلوقتي معايا ٣٠٠ الف جنية ناقصين بس فلوس الحاجات اللي اشتريتها دي!
هتفت سنية في سعادة:
– ياما انت كريم يارب، دا باين كدة خلاص طاقة القدر اتفتحتلنا..
ردت زهرة:
– أنا أكيد بحلم.. بس حلم جميل أوي مش عايزة أصحى منه.
٭٭٭
دلف كريم إلى غرفته وأخذ هاتفه وأجرى إتصالاً بسماح والدة فريدة فأخبرها بأنه معجب كثيراً بفريدة ويريد خطبتها ثم قال:
– أنا عايز منك طلب قبل أي حاجه .
أجابت في سعادة:
– دا إنت تؤمر
أجاب في توتر:
– الأمر لله وحده.. أنا عايزك تجسي نبض فريدة، يعني كلميها بينك وبينها ومتخلنيش في الصورة، شوفيها يعني لو أنا طلبت منها الجواز هيكون عندها قبول وميول ليا ولا لأ..
ودا لسببين..
تسائلت:
– سببين إيه بقى!
– الأول عشان محرجش نفسي معاها في الكلام والتاني عشان لو مكنش ليها ميول ليا بالجواز مخسرهاش كـ صديقة، حضرتك فاهماني طبعاً..
أجابت بتفهم:
– للدرجة دي حاببها ومش عايز تخسرها..
رد سليم في حرج:
– بصراحة، فوق ما تتخيلي كمان..
ابتسمت سماح في سعادة فقالت:
– ربنا يجعلها من نصيبك ويجعلك من نصيبها.. انا هروح أتكلم معاها وهرد عليك على طول.
أغلقت سماح الخط وتوجهت صوب فريدة وهي تتراقص في سعادة وفرحة وقبل أن تطرق على الباب استعادت السيطرة على نفسها فجاءها صوت فريدة من الداخل..
– ادخل
دلفت سماح في هدوء فتسائلت:
– إيه حبيبتي عاملة إيه دلوقتي..
أجابت:
– الحمدلله كويسة.. بس أنا زهقانة أوي ومحتاجة أخرج
– ما انتي أصلا هتخرجي..
هتفت فريدة في حماس:
– بجد يا ماما!
– اه هتبدأي جلسات العلاج الطبيعي!
انطفئت شعلة الحماس بداخلها فقالت:
– إيه يا ماما دا بس.. أنا نفسي أشوف اماكن جديدة، ناس جديدة اشم هوا جديد..
نظرت لها سماح في تردد فقالت:
– طيب إيه رأيك أكلم كريم يجي يتمشى معاكي بالعربية شوية!
زمت شفتيها في حيرة فقالت:
– كريم.. لأ كريم لا أنا تقلت عليه جامد فالفترة اللي فاتت دي، فين سليم؟
أجابت:
– وانتي مين قالك إنك تقلتي عليه، هوا حد اشتكالك.. وبعدين سيبك من سليم خالص هوا مش فاضي أصلاً.. وبعدين بقى خالتك بدرية قالتلي حاجه الصبح وأظن إنك لازم تعرفيها..
تسائلت فريدة في خوف:
– قالتلك إيه!
– بكرة..
سليم هيروح يتقدم لزهرة.
نظرت سماح في عيني فريدة لتراقب كيف ستكون ردة فعلها وما هو تأثير وقع الخبر عليها فأخفضت فريدة بصرها في جمود قائلة:
– مبروك..
استطردت سماح قولها:
– فريدة هوا كريم لو طلبك للجواز هيكون إيه رأيك؟
تسائلت فريدة في غضب:
– هوا طلب منك تقوليلي كدة! ولا انتي من نفسك بتقرري عن الناس مشاعرهم زي ما فضلتي تقرري عن سليم مشاعره وتزرعي في قلبي محبته وفالاخر رماني زي الكلبة ويوم ما فكر يختار اللي تكمل معاه باقي عمره وتبقى شريكة حياته كانت بنت تانية غيري!
ردت سماح في توتر:
– حبيبتي إنتي جميلة وغالية وتستاهلي أحسن من اللي مكنش من نصيبك بكتير.. انتي مش حاسة بقيمة نفسك!
هتفت فريدة في قهرة وهي تبكي دون إرادتها:
– يا ماما سليم لو كان أحقر إنسان في الدنيا كنت بردو هختاره..
انتي عمرك ما هتستوعبي أنا قلبي موجوع قد إيه على سليم اللي كان عشرة عمري وحبيبي وأخويا وصاحبي وهوا بيبعد عني ورايح يترمي في حضن بنت تانية غيري! أنا مش أولى بيه منها! أنا أحق بيه منها ومن أي بنت في الدنيا، أنا اللي كنت هفرشله الأرض ورد يمشي عليه وأعمل من صوابعي العشرة شموع يهتدي بيها في سبيل عتمته.. يا ماما أنا بعشق تراب رجليه يعني إيه خلاص هيبقى لواحدة تانية غيري.. أنا ليه محدش حاسس بيا وبالنار اللي في قلبي! عمرها ما هتحبه قدي صدقيني!
انقهر قلب سماح لحالة ابنتها وما كان منها إلا أن جذبتها إلى أحضانها وأخذت تمرر أصابعها من بين خصلات شعرها وهي تحاول مواستها وتهدأتها فقالت:
– كل حاجه بتعدي يافريدة، وبتيجي ناس تعوض غياب ناس تانيين.. مهما كانوا، حتى لو كانت نقطة القوة في حبك طول مدة العشرة والمواقف هتقدري تتعافي وربنا يستبدل في قلبك الحب اللي مش من نصيبك بحب جديد وهتفرحي فيه أكتر من الفرحة اللي كنتي متخيلاها في الشخص اللي مكنش من نصيبك، وهتقولي أنا ازاي كنت عايزة الحاجة دي وعامية عيني عن حاجات كتير أحلى وأحب لقلبي وهتسعدني أكتر وتريح قلبي وبالي أكتر..
قامت فريدة عن حضن والدتها فقالت:
– ازاي هقدر يا ماما!
أجابت:
– هتقدري يا فريدة.. انتي مش أول ولا آخر قصة حب من طرف واحد، وياما ناس عانوا وتعبوا وانهاروا ومع الوقت قدروا يعيشوا وينسوا ويبدأوا حياة جديدة وضحكوا فيها من قلبهم بجد..
مسحت فريدة الدمع عن عينيها وتنهدت فقالت:
– ماما قوليلي بصراحة.. كريم طلب إيدي منك؟
اومأت في إيجاب فقالت فريدة:
– خلاص أنا موافقة بس على شرط!
تسائلت سماح:
– قولي ياحبيبتي شرط ايه!
أجابت:
– نمشي من هنا، نعيش في مكان بعيد عن خالتو وأسرتها شوية.. كل هدية جابها ليا سليم من غير ما أشوفها حتى جمعيها وطلعيها لله.. عشان محنش لكل ذكرى كانت مابينا وانا بتخلص منهم، ألبوم الصور اللي كنتي عاملاه لينا مع بعض إحرقيه بعيد عن عيني بدل ما تفوح من دخانه ريحة أيامنا الحلوة وتضعف قلبي وتقهرني بزيادة..
أنا كمان هعمله بلوك من كل حاجه عندي عشان مشوفش كلامنا ولا هزارنا وهمسح كل حاجه بتتعلق بيه في حياتي وأنا نويت من كل قلبي إن ربنا يبدل حبه في قلبي بحُب تاني من نصيبي ويكره قلبي فيه..
هتفت سماح في عتاب:
– لأ ياحبيبتي تكرهيه ليه بس، مهما كان هوا إبن خالتك وعُمر الدم ما هيبقى مية، هوا مالوش ذنب فإن قلبه محبكيش زي ما قلبك حبه.. وكمان لما تحبي تنهي أي حب من حياتك متقطعيش الوصال بالكامل فجأة..
الحب يابنتي إدمان، حتى المدمنين لما بيتعافوا بيكون بالتدريج، فاهماني يافريدة!
اومأت في هدوء..
فاستطردت سماح قولها:
– وبعدين كريم شاب زي القمر وأي بنت في الدنيا متحلمش بنظرة منه، وروحه حلوة وبيحبك واسمه على مسمى وجدع.. يستحق منك فرصة وقلبك يستحق إنك تديله فرصة تانية تصلحي فيه كل حاجه وجعته ودمرته وتسمحي للفرحة تدخله من جديد.. ولا إيه!
– حاضر يا ماما..
احتضنت سماح ابنتها بقوة ثم تركتها لتُخبر كريم بالموافقة وبمجرد أن أغلقت الباب انغمست فريدة أسفل غطائها وظلت تبكي حتى كاد قلبها أن يتوقف..!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على : (رواية زهرة)