رواية زهرة الفصل العشرون 20 بقلم ندى أشرف
رواية زهرة الفصل العشرون 20 بقلم ندى أشرف
رواية زهرة البارت العشرون
رواية زهرة الجزء العشرون
رواية زهرة الحلقة العشرون
٭ ٭ ★ ٭ ٭
في يوم عقد قران زهرة على سليم.. أعد المنشاوي الفيلا ليتم بها الأمر وزُينت بالكامل بواسطه مختصين، فامتلئت بالورود والأنوار والتصاميم الجميلة لتزين الحائط والسلم ومدخل الفيلا وزينة الاستقبال..
ذهبت بدرية حيثُ المنشاوي وطلبت منه قائلة:
– بقولك إيه يا منشاوي.. معلش انا عايزاك تكلم أختي سماح تجيب فريدة وتيجي.. هيا مش هتتكسف ترفض طلبي ده منها بس لو انت اللي قولتلها هتتكسف ترفض وهتيجي
وعايزاك كمان تكلم كريم يجي هوا وأهله..
أجاب في تعب ونفاذ صبر:
– حاضر يا بدرية، أي طلبات تانية!
أجابت:
– لا شكراً كل حاجه زي الفل.. متحرمش منك يا أبو العريس.
ضحك المنشاوي في سعادة فقال:
– أيوة أيوة كُلي بعقلي حلاوة عشان البهدلة اللي عاملاها فيا من صباح ربنا
أخذت تُربت على ذراعه في حنان قائلة:
– معلش بقى لو مكنتش هتتعب لإبنك في يوم زي ده هتتعب لمين..
تنهد فأجاب:
– ماشي ياستي.. لما نشوف أخرتها معاكي ايه انتي وابنك
عقدت ذراعيها أمام صدرها فقالت في حنق:
– ياسلام دلوقتي بقى إبني؟ ولما سيادتك واخده معاك طول الليل والنهار ومطلع عينه في الشغل وأجي أكلمك تقولي متتدخليش بيني وبين إبني
ضحك فأجاب:
– خلاص يا بدرية انا آسف، أنا عارف إني مش هخلص منك، انا رايح أعزم الناس.
لوت بدرية شفتيها فقالت وهي تنظر له وهو يغادر:
– إهرب إهرب..
قالتها ثم غادرت هي الأخرى.
ذهب سليم وعاد مع زهرة وسنية إلى البيت تحمل عنها الخادمة الفستان الذي سوف ترتديه في هذا اليوم، كما وأخبرت إحدى خبيرات التجميل بالحضور بالمنزل خصيصاً لها كما طلب منها سليم..
وأخبرتها بدرية بأن تذهب إلى غرفتها كي تستعد حتى حضور خبيرة التجميل..
دلفت زهرة وخلفها سنية فقالت:
– عارفة يا ماما الأوضة دي..
كنت بنام فيها لما تعبتي ودخلتي في الغيبوبة
ثم أشارت إلى الزاوية قائلة:
– وفي المكان ده كنت بصلي كتير وأدعيلك تقوميلي بالسلامة وانا بعيط وقلبي مقهور عليكي..
ابتسمت سنية بامتنان قائلة:
– ياحبيبتي يابنتي ربنا مايحرمني منك أبداً، بس دي مش حاجه تفتكريها وتزعلك في يوم زي ده..
ثم اقتربت منها واحتوت وجهها بكفيها قائلة:
– افرحي ياحبيبتي وبلاش تفتكري أي حاجه سلبية تنكد عليكي ماشي؟
قالتها وهي تُزيح العبرات الهاربة تلك عن وجنتيها..
فقالت:
– ربنا يديني طولة العمر وأفضل جنبك وأشوفك دايماً متهنية وسعيدة
أجابت زهرة:
– نفسي ربنا يجعل يومي قبل يومك يا ماما ولا أعيش يوم واحد في الدنيا دي من غيرك..
لامتها سنية عما قالت فـ وبختها في عتاب قائلة:
– ليه بس كدة يازهرة.. دا كلام ياحبيبتي بردو، النهاردة يوم شبكتك وكتب كتابك وتتمني أمنية زي دي! زعلتيني منك ..
أجابت زهرة في حزن:
– أنا اسفة ياماما والله دا من حبي فيكي وخوفي إن يعدي عليا يوم من عمري متكونيش جنبي فيه.
احتضنتها في حنان ثم قبلتها من جبهتها قائلة:
– ربنا ما يحرمني منك يا قلب ماما..
يلا تعالي أساعدك في الفستان وبطلي نكد شوية..
ابتسمت زهرة فقالت:
– حاضر ثواني هجيبه .
بعد مرور وقت قليل من الانتظار دلفت عليهن خبيرة التجميل بصُحبة بدرية فأخبرتهم:
– الميكب أرتيست وصلت يازهرة يادوب تجهزي بقى
اومأت لها في ايجاب فقالت:
– حاضر انا جاهزة وكنت مستنياها أصلاً..
ثم سحبت بدرية سنية من يدها فقالت:
– تعالي يا ام زهرة معايا محتاجة أخد رأيك في كام حاجه..
غادرت بدرية وسنية..
ثم بدأت خبيرة التجميل في إعداد زهرة لهذا اليوم..
٭ ٭ ٭
بقى سليم بالأسفل ورفضت والدته دخوله إلى غرفة زهرة حتى قدوم المأذون..
مر الوقت وبقى الجميع في انتظاره فهتف سليم قائلاً:
– يا بابا المأذون ده اتأخر أوي خلينا نشوف مأذون غيره..
ضحك المنشاوي فقال في سخرية:
– يابني انت بتقول إيه متضحكش الناس علينا هتلم شيوخ البلد يجوزوك.
لكمته بدرية على كتفته فقالت:
– إيه يا واد انت مش قادر تستنى ومستعجل أوي كدة..
أجاب:
– بصراحة أوي أوي يا ماما.. وبعدين ما انتوا مش عايزين تخلوني أدخلها يبقى خلاص نستعجل المأذون..
جلست سنية في هدوء تتابع حديثهم وتضحك في سعادة.
قطع حديثهم دخول سماح وفريدة وكريم..
فتوجهت سماح صوب سليم قائلة:
– ألف مبروك ياسليم يابني ربنا يسعدك يارب حبيبي
أجاب مبتسماً:
– الله يبارك فيكي ياخالتو تسلميلي..
كذلك اقتربت منه فريدة فمدت يدها تصافحه قائلة:
– مبروك يا سليم
– الله يبارك فيكي يا فريدة.. عقبالك يارب.
ابتسمت له وشكرته ثم عادت إلى جانب والدتها فذهب إليه كريم واحتضنه قائلاً:
– يابختك يا عم.. عقبالي أنا كمان
ضحك سليم فقال:
– ياراجل يعني الناس بتخش تقول مبروك وانت جاي تقول عقبالي.. ماشي ياعم ربنا يسمع منك ونفرح بيك انت كمان بس متقرش..
أجاب كريم:
– لأ من ناحية هقر فـ أنا هقر ومش هرتاح إلا لما اعمل زيك ها..
أجاب سليم:
– اتجدعن أنت بس واعمل زيي..
نادى المنشاوي على سليم فذهب إليه بينما عاد كريم يجلس بجانب فريدة فقال في خفوت:
– ليلتِك سودا..
نظرت له في تعجب وقطبت حاجبيها فقالت:
– ليه بقى ان شاء الله
أجاب:
– لو شوفتك بتسلمي على حد بالإيد تاني هزعلك.. انتي فاهمة
ضحكت فقالت:
– يا عم خضتني دا أنا قولت في مصيبة .
هتف في غضب قائلاً:
– مهو هيبقى في مصيبة دلوقتي يافريدة لو مسمعتيش الكلام وقولتي حاضر
أجابت:
– خلاص حاضر تمام كدة؟
أجاب بأريحية:
– أيوة تمام.. عقبالنا بقى
ضحكت في خجل ثم أجابت:
– إن شاء الله..
تسائل:
– إيه الهدية اللي معاكي دي؟
أجابت:
– لأ دي لزهرة.. فكرتني أنا هطلع أسلم عليها وأديهالها..
تسائل:
– طيب هتقدري تطلعي ولا أسندك
أجابت:
– لا شكرا تسلملي أنا هطلع
أجاب:
– خلاص أنا مستنيكي هنا، خلصي وتعالي..
صعدت فريدة للأعلى فدلفت إلى غرفة زهرة فاستقبلتها في ابتسامة عريضة قائلة:
– فريدة بنفسها جاية لحد هنا..
تقدمت منها فريدة فاحتضنها لأول مرة قائلة:
– مبروك يا زهرة ربنا يكمل فرحتك على خير، حقيقي زي القمر
ثم نظرت إلى خبيرة التجميل فقالت لها:
– تسلم إيدك على الميكب الجميل ده..
شكرتها ثم قطع حديثهم صوت طرقات على الباب فأجابت زهرة:
– أدخل..
دلف المنشاوي فقال:
– بسم الله ماشاء الله.. دي عروستنا زي القمر النهاردة!
ضحكت زهرة وكذلك فريدة فقال:
– يلا يا حبيبتي تعالي المأذون وصل..
قامت في هدوء وذهبت بصُحبته وغادرت خلفهم خبيرة التجميل بينما بقيت فريدة في الغرفة بمفردها فأغلقت الباب خلفهم وألقت بجسدها على الكرسي في حسرة وضيق تبكي قهراً وهي تقول في نفسها:
” أنا ليه سمعت كلامهم وجيت، مش قادرة أستحمل أي حاجه من اللي بتحصل.. مش قادرة أشوفها بتتجهزله.. الغيرة هتاكل قلبي مع إني رافضة شعوري وبكرهه، أنا بكره قلبي اللي حبه وبكره شعور الغيرة والنار اللي جوايا ياريتني كنت مُت قبل ما أعيش أي إحساس من اللي بيجرا فيا ده.. ”
دلفت عليها سماح فوجدتها تبكي فقالت:
– إيه دا يافريدة! إنتي بتعيطي
مسحت فريدة الدمع عن عينيها فقالت:
– لأ يا ماما متقلقيش أنا تمام..
أجابت:
– طب يلا ياحبيبتي كريم بيسأل عليكي تحت.. عقبال ما أشوفك زيها عن قريب ان شاء الله..
أجابت في هدوء:
– يارب يا ماما.. معلش اسبقيني انا هدخل الحمام وأجي وراكي على طول
– ماشي ياحبيبتي متطوليش بقى
– حاضر..
ذهبت فقامت بتعديل ما أفسدته في وجهها أثر البكاء بمساحيق التجميل واستعادت رونقها وهدوئها ثم تنهدت في تعب وعادت إليهم..
هبطت زهرة على السلم وهي في قمة السعادة .. بخطواتها الرزينة بهيبتها الآخذة للقلوب وجمالها الأنثوي الجذاب..
تعلقت عيونها بعيون سليم في عناق مخفي ظهر تأثيره على وجنتيها التى تصبغت باللون الوردي..
ثم جلست بجانبه وقال في خفوت وهدوء في تلك الأمواج العاتية من المشاعر المتدفقة من عينيه:
– هوا طبيعي إن الأنسان يقع في حب شخص واحد مرتين؟
ضحكت في خجل حتى انها لم تُجيب نظراً لتلك العيون العالقة بهم في صمت مَهيب لحضور المأذون تخشى أن يسمعها أحد..
فقطع الصمت صوت المأذون وهو يبدأ في إجراءات عقد قرانهم..
عادت فريدة فجلست بالقُرب من كريم وهي تنظر إلى سليم وزهرة في حسرة وحزن لا يعلم به أحد سوى خالقها، توزع أنظارها على عيون زهرة الذائبة عشق وسعادة و على سليم صاحب الضحكة التي لم تفشل أبداً في سرقة قلبها والتي طالما أطالت النظر بها حتى عشقتها حد الموت..
وفجأة نكزها كريم في ذراعها فانتفضت وانتبهت له قائلة:
– إيه ياكريم خضتني؟
أجاب:
– خضيتك إيه يافريدة أنا بقالي ساعه بكلمك يا ماما وانتي مش هنا أصلا!
كنتي سرحانة فـ إيه يا ترى..
أجابت في وجوم:
– ولا حاجه ياكريم.. فرحانة بيهم.
نظر إليهم منشغلين بإجراءات الزواج فقال:
– عقبال فرحتنا ياحبيبتي..
نظرت له فريدة نظرة مطولة تتأمله وتقول في نفسها:
– طب ما أنا طلعت حلوة وبتحَب أهو أمال سليم محبنيش ليه!
حدق بها كريم هو الآخر فقال:
– انتي بتبصيلي أوي كدة ليه ؟
أجابت وهي لازالت تنظر إليه:
– أصل إنت أول مرة تناديني حبيبتي..
أجاب:
– ومش آخر مرة..
بقيت على حالتها تلك حتى شردت عيناها بعيداً عنه فتسائل:
– فريدة إنتي كويسة؟
أغمضت عينيها لثوانٍ فقالت:
– لأ.. أنا مش كويسة ياكريم..
شعر بأنها ستبكي أمام الجميع فسحبها من يدها في هدوء وخرج بها دون أن يشعر بهم أحد.
أحكم قبضته على يدها واحتضن يدها بيده حتى وصل بها إلى سيارته فقال:
– اركبي..
استقلت سيارته وهي لازالت في حالة الوجوم تلك، لم يُعلق لكنه استخرج هاتفه من جيب سترته فأجرى اتصالاً بسماح وحينما أجابته اخبرها بأنه سيصطحب فريدة في نزهة وسيعود مرة أخرى، ولما سألته عن السبب أخبرها قائلاً:
– فريدة في حاجه كبيرة أوي مزعلاها وباين عليها تعبانة، أنا هاخدها تغير جو شوية وهنرجع تاني..
فعلمت سبب ذلك الانهيار النفسي الذي تمر به فتاتها فوافقت في سبيل أن تبقى بخير لكنها كانت خائفة من أن تُخبر كريم بالأمر ويتركها بعدما كان آخر أمل لها يُعيد إليها الحياة التي انطفئت بعينيها من جديد.
هتف المأذون قائلاً:
– يلا ياجماعة رددوا ورايا ” بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكم في خير..”
وبعدما انتهى امتلئت الفيلا بالزغاريد ثم احتضن سليم زهرة بقوة أمام الجميع وهي تضحك في سعادة وكانت تشعر بأنها في السماء ولم تلامس قدميها الأرض..
ثم قاموا بتشغيل الموسيقى وظلوا يتراقصون جميعاً في سعادة إحتفالاً بهم بينما قام كريم باصطحاب فريدة إلى أحد الأماكن الهادئة على طاولة أمام الشاطئ فقامت بتغيير وجهة مقعدها لتكن جالسة مباشرةً في وجه البحر وأراحت ظهرها للخلف حتى أصبح وجهها للسماء وعقدت ذراعيها أمام صدرها وتنهدت بعمق تستنشق نسيم الهواء اللطيف في صمت دام لبضع دقائق حافظ فيهم كريم على صمته وهو يراقبها بنظراته ويخشى أن يكون ما بذهنه حق، أو أن شكه في محله..
وأخيراً قطع الصمت حينما نطق كريم متسائلاً في هدوء:
– ها مش هتقوليلي مالك بقى..!
ظلت فريدة صامتة تشعر بانعدام رغبتها وقدرتها في الحديث..
فأعاد سؤله في نبرة شك يختلط بها الضيق:
– فريدة الخنقة اللي انتي فيها دي ليها علاقة بـ سليم!
نظرت له فريدة في دهشة اتسعت لها حدقتا عينيها وهي تتسائل في نفسها:
” هوا أنا باين عليا أوي كدة ؟! ”
فاستطرد قوله:
– يبقى صح..
ياريت متسيبيش دماغي تحلل وتستننج وتودي وتجيب وقوليلي إنتي فيكي ايه بالظبط عشان كدة كتير بجد!
أجابت في نفاذ صبر:
– أيوة يا كريم.. بصراحة كدة أناا..
تسائل في ضيق:
– إنتي إيه اتكلمي..
تنهدت فقالت:
– أنا بحب سليم.. إنت دخلت حياتي في وقت غلط وصح في نفس الوقت..
شعر بالنيران تسري في قلبه تأكل الأخضر واليابس بالبطيء لكنه حاول السيطرة على مشاعر الغضب تلك وتسائل في هدوء:
– لأ مش فاهم وضحي أكتر ممكن!
نظرت أمامها تراقب موجات البحر الثائرة المتتالية واحدة تلو الأخرى في نظام وصوت مريح للنفس والأعصاب فقالت:
– يعني أنا يوم الحادثة ده كنت خارجة متعصبة وبعيط بسبب إني سمعت سليم بيطلب إيد زهرة من مامتها..
كنت بحاول في الوقت ده أحافظ على سليم لقلبي زي ما تعاهدت من صغري وكنت بسمعهم دايما يقولوا، فريدة لسليم..
تسائل:
– وسليم كان موافق على الكلام ده ولا لأ!
– لا سليم مافيش ولا مرة عبر عن اهتمامه بكلامهم بس أفعاله معايا هيا اللي كانت بتوصلي إن مشاعرة تجاهي حب.
– اه وبعدين كملي..
أجابت:
– بس مع الوقت بدأت الأمور تتعقد أكتر وسليم بدأ يضيع مني وأخدته زهرة بكامل اهتمامه وحبه وعشقه اللي عشت عمري كله فاكراهم ملكي أنا لواحدي.
تسائل:
– وليه قولتي ان وجودي في حياتك في وقت صح.. كدة أنا فهمت غلط ليه.
أجابت:
– عشان أنا فالفترة دي كلها كدة بحاول أتعافى من جرح قلبي وصدمته في سليم.. وعاملة زي الغرقان اللي بيحاول يستنجد بأي حاجه توصله لبر الأمان، وجودك في حياتي في الوقت ده مهون عليا كتير أوي.
أنا مش هنكر إني لسة تعبانة وموجوعة ولسة مبقتش في كامل التعافي منه بس إنت حسستني إني أتحب وليا قيمة واهتمامك مهون عليا..
أجاب:
– بصي يا فريدة كل حاجه بالوقت بتروق.. وهتنسي وهتقدري تشوفيه فيما بعد واحد عادي زي أي حد تاني..
قامت فريدة عن مقعدها وتوجهت صوب البحر كالمجنونة وهي تتألم بشدة قائلة:
– أنا تعبانة أوي يا كريم.. أنا نفسي أموت .
شعر كريم بأن فريدة الآن لم تكن بكامل وعيها ويكاد الألم بقلبها يدفعها لإنهاء حياتها بالكامل.. فاتبعها بخطواته وجدها تستمر في الخُطى نحو البحر وأرادت أن تلقي بنفسها داخله فأمسك بذراعها فدفعته عنها بقوة قائلة:
– سيبني يا كريم والنبي أنا مش عايزة أعيش تاني..
جذبها بقوة حتى أصبحت بين أحضانة وأحكم ذراعيه حولها احتواها بالكامل فأخفت وجهها وملامحها داخل صَدره وهي تبكي فقال..
أجاب:
– أسيبك دا إيه انتي مجنونة!
أنا جنبك ومعاكي وعمري ما هسيبك.. هستحمل إن قلبك دلوقتي مش ملكي بس أوعدك إن قلبك ده مش هيكون فيه حد غيري وهعوضك عن كل إحساس وحش مريتي بيه ودا وعد عليا ليوم الدين..
إوعديني يافريدة إن عمرك ما هتأذي نفسك بأي شكل من الأشكال..!
لم تنطق فأبعدها برفق عنه وهو محاوط وجهها بكفيه وينظر في داخل عينيها قائلا:
– إوعديني..
اومأت في إيجاب فقال:
– لأ عايز أسمعها
أجابت في هدوء:
– أوعدك إني مش هأذي نفسي..
بقيت عيناه عالقة بعينيها لبضع ثوانٍ فأخفضت بصرها في خجل فابتعد عنها قائلاً:
– أنا آسف، مقصدش اللي حصل بس انتي كنتي عايزة ترمي نفسك فالبحر وأكيد مش هسمحلك تعملي كدة مهما حصل.
تنهد فقال:
– بصي يا فريدة أنا ربنا خلاني أقابلك وأدخل حياتك في أكتر وقت انتي هتكوني محتاجة لوجودي فيه.. أنا كمان محتاجلك جنبي باقي عمري كله فياريت من أول اللحظة دي نرمي كل حاجه ورا ضهرنا ومتشغليش بالك غير بيا وبس..
ولا أنا بقى مش مالي عينك؟
نظرت له فريدة تتأمل ملامحه، تلك العينين الزرقاويتين والوجه الأبيض واللحية السوداء والبِنية القوية تلك فقالت وهي تبتسم:
– يا كريم إنت أكبر من طموحاتي أصلاً..
تنهد كريم فقال:
– ياشيخة بقى أخيراً ضحكتي..
ضحكتك دي بترد روحي.
نظرت له في امتنان فقالت:
– ربنا مايحرمني منك..
وفجأة أعلن هاتفها عن اتصال والدتها تريد الاطمئنان عليها فأجابتها بما يجعلها تطمئن أن كل شيء على ما يرام فطلبت منها العودة لأنها تود الرجوع إلى الفيلا لتستريح من ذلك اليوم الشاق.
٭٭٭
أما سليم فأخذ زهرة لقضاء نزهة ليلية بأحد المطاعم الفخمة وعلى طاولة قد حُجزت لها خصيصاً..
هتفت زهرة في زهول:
– الله يا سليم المكان ده جميل أوي..
أجاب:
– والله ياحبيبتي دي أقل حاجه تناسب واحدة قمر زيك كدة..
أنا لو أطول أجيبلك نجمة من السماء كنت جبتهالك..
جاءهم النادل فطلبوا منهم وجبة عشاء وبعدما انتهوا منها.. تغيرت الموسيقى الصاخبة لأخرى هادئة ورومانسية، كان جميع الموجودين قد هموا ليتراقصوا عليها فنظر سليم إلى زهرة فقال:
– إيه رأيك ما تيجي نتجنن ونعمل زيهم!
أجابت في حرج:
– لأ انا هتكسف أرقص معاك سلو قدام الناس دي كلها
قام عن مقعده فجذبها من يدها ثم قال في حماس:
– تعالي بس هنا مافيش حد بيبص على حد أصلاً..
نظر سليم في عيني زهرة ووضع يده على خصرها ثم جذبها إليه في حين أنها حاوطت عنقه بذراعيها فقال:
– بردو مكسوفة.. يابنتي أنا دلوقتي جوزك رسمي فهمي نظمي..
ضحكت زهرة في خجل فقالت:
– أنا مش مكسوفة، أنا في قمة سعادتي وفرحتي بيك..
– أنا اللي مافيش حد في الدنيا يقدر ينافسني في حبي ليكي وفرحتي بيكي..
اعتلت الابتسامة ثغرها وتوردت وجنتيها قائلة:
– ربنا يديم حبك ليا و يديمك في حياتي زوج و حبيب و أب و أخ و كل حاجه ليا فالدنيا يا سليم .
٭ ٭ ★ ٭ ٭
استفاقت زهرة من شرودها حينما نكزتها بدرية قائلة:
– إيه يا زهرة ياحبيبتي وصلتي لحد فين كدة بالتفكير..
ابتسمت زهرة فقالت:
– وصلت لفين..!
أنا روحي متعلقة في كل لحظة وثانية عشتها مع سليم زمان..
تنهدت بدرية في ضيق ثم قالت:
– طب ياحبيبتي يلا عشان خلاص الفرح خلص وهنروّح.. وإعملي حسابك أحمد هيجي يتعشى مع هايا في البيت وبعدين يروح تمام! إحنا هنروح على الفيلا بقى .
اومأت زهرة قائلة:
– تمام ياحبيبتي إبقوا طمنوني لما توصلوا..
٭٭٭
في نهاية اليوم وبعدما غادر أحمد جلست هايا بين أحضان والدتها زهرة وهي تتحدث إليها عن كم السعادة والفرحة التي تغمر قلبها فقالت زهرة:
– تعرفي، أنا لما شوفتك كدة بفرحتك دي وجمالك انتي وأحمد رجعتيني بالذاكرة لأجمل أيام عمري مع باباكي..
إحنا وقتها عملنا شبكة وكتب كتاب في نفس الوقت..
طلبت منها هايا في شغف:
– كلميني عن بابا أكتر يعني مثلاً علاقتكم ببعض كانت عاملة ازاي ؟!
أجابت وهي شاردة الذهن في عالم آخر تتمنى أن تعود إليه ولو لثواني وعينيها تلمع باشتياق قائلة:
– باباكي كان رومانسي أوي يا هايا و كان طيب و حنون و عمره ما ظلمني عمره ما إتهمني بحاجه حتى لو كان يسمع عني ايه ميصدقش وييجي يواجهني و يصدقني.. كانت ثقته فيا فوق الحدود.
مافيش حاجه اتمنيتها إلا و حققهالي كإنه كان عايش عشاني أنا و بس..
حياتنا كانت قمة في السعادة والحب..
تعرفي يا هايا حتى لما كانت تقابلنا مشاكل وابقى متوترة أو متضايقة كان يساعدني نواجهها بعقل وهدوء ويتحملني في غضبي وتقلباتي المزاجية، كان زوج مثالي حقيقي..
أنا عايزة اقولك إن التفاهم بين أي اتنين قرروا يرتبطوا ببعض هوا أهم حاجه ياحبيبتي..
أجابت هايا بإنصات واهتمام:
– و بعدين يا ماما كملي
– لأ خلاص مافيش بعدين، يلا عشان تنامي يومك كان متعب أوي وأكيد عايزة ترتاحي.. بكرة نكمل كلامنا..
قامت هايا ثم قبلت يد والدتها قائلة:
– تصبحي على خير يا أحلى أم في الدنيا..
ابتسمت زهرة قائلة:
– وانتي من أهل الخير ياحبيبتي.
٭٭٭
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على : (رواية زهرة)