روايات

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم البارت الخامس والثلاثون

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الجزء الخامس والثلاثون

عذرا لقد نفذ رصيدكم
عذرا لقد نفذ رصيدكم

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الحلقة الخامسة والثلاثون

‏أحبها جدًا
كما لَم أحب أحد
من قبلها
وكأنني وُجدت
في هذهِ
الحياة فقط لأكون لها
وتصبح نصفًا مني.
#مقتبسة
” ‏ثق إن حُب الشَخص الذي يفيض
حنّية اتجاهك ، رزق ”.
#مقتبسة
~~~♡~~~~~
‏أشياء كثيرة هُدمت بداخلي تماماً .
#مقتبسة
“لقد كنت أحترق، بينما أنت جئت
تلومني على رائحة الرماد”.
#مقتبسة
_____________
كانت تقوم بغلق الضوء الموجود في غرفة المعيشة لأن حمزة يقوم بفتح الإضاءة بأكملها..
تمتمت سامية بنبرة ساخرة وهي تحمل كوب الاعشاب التي تتناوله في بعض الأحيان قبل نونها:
-هو من ساعة الفيلم سايب الشاشة مفتوحة على موبايله….
ظهر على الشاشة، شاشة هاتفه وما يفعله، أخذت تنادي عليه:
-حمزة أنتَ لسه موصل موبايلك على فكرة…
يبدو أنه لم يسمعها…
أخذت تبحث عن لوحة المفاتيح “الريموت” لكنها لا تجده……
رفعت رأسها رغمًا عنها حينما سمعت أصوات غريبة..
يبدو أنه قام بتغيير المتصفح الذي كان يفتحه…
شهقت ووقع الكوب من يدها صادعًا صوتًا مزعجًا وهي ترى ما يفعله…..
مرت دقيقة تقريبًا وأكثر وهي لا تستطيع تجاوز صدمتها أبدًا…
أغلقت عيناها ثم فتحتها مرة أخرى على أمل أن يكون هذا من وحي خيالها الذي يبتكر لمرته الأولى شيئًا هكذا……
صوت الكوب وانكساره على السطح هو ما جعل حمزة يستفيق من الدوامة الذي كان يتواجد بها ثم يأتي تاركًا ما كان يفعله وما يشاهده…
جاء من الداخل هاتفًا كالعادة باهتمام واضح لا يستطيع انكاره أي شخص تحديدًا هي:
-في إيه يا سامية أنتِ كويســ
توقفت الكلمات في حلقه ثم أبتلع ريقه بصعوبة بالغة وهو يرى أن هاتفه موصل بالشاشة..
نظرت له نظرة ذات معنى بعدما أشارت ناحية التلفاز ثم إليه…
اللـعــنــة..
كيف لم ينتبه إلى شيء كهذا؟!
كيف لم يرى بأن هاتفه مازال موصلًا بالهاتف، اندمج على ما يبدو ليشاهد أشياء قد تبث به رغبة؛ أو متعة يهيئها له عقله ووسواسه؛ أشياء اعتاد على رؤيتها لسنواتٍ عدة حتى أن توقفه عنها أصبح مستحيلًا…
أنه شيء قد يشبه الإدمان نوعًا ما…
إدمان خفي..
يتسلل بداخلًا غير مدركًا في بعض الأوقات عواقبه أو كونها تأخرت عليك تظن بأن الأمر ليس له عقوبة أو توابع…
هو يشاهد مشاهد إباحية كل ليلة…
نادرًا ما يكون تركها في مرة أو مر عليه يوم لم يراها فيه….
هتف حمزة متوترًا وهو ينظر لها يدرك بأن صمتها هو الصمت الذي يسبق هدوء ما قبل العاصفة:
-سامية سبيني اشرح ليكي وافهمك…
صرخت سامية في وجهه وهي تخرج عن صمتها وصدمتها في الوقت ذاته:
-تشرح ليا إيه وتفهمني إيه؟!! إيه القرف اللي بتتفرج عليه ده..
صوتها كان مرتفعًا بشكل مخيف لكنها ترتجف في الوقت ذاته….
لا تصدق ما تراه أبدًا….
وهذا ما جعلها تتحدث بنبرة صوت عالية لدرجة كبيرة لم تستعملها يومًا….
صرخت مرة أخرى:
-رد عليا….
رد عليها رد مُبهم وبسيط جدًا لا يناسب تمامًا الوضع المعقد الذي يحدث بينهما:
-أنا بشوف عادي كل الناس بتشوف، مش أنا لوحدي، الشعب كله بيشوف أنا معملتش جريمة، ما ممكن تكوني أنتِ شوفتي، وبعدين أنتِ مشوفتنيش بكلم حد ولا بخونك علشان الصدمة دي كلها..
ابتلع ريقه ثم قال ببرود:
-أنتِ مدية الموضوع أكبر من حجمه على فكرة وأنا ساكت ومتحمل صوتك وزعيقك ده اللي أنا مش قابلة تمامًا…صوتك هيوصل للجيران وده مينفعش هنا…
كأنها تتحدث مع جليد!!
هل هذا الرد المناسب الذي يجب أن يرده الزوج على زوجته حينما تكتشف أمرًا هكذا…
صاحت سامية باستنكار وهي تسير من أمامه بخطوات غاضبة وساخطة وهي تصرخ بجنون:
-ماشي معاك حق أنا مش هعلي صوتي علشان محدش يعرف فضيحتك واللي بتعمله؛ أنا هلم هدومي وأسيب ليك البيت خالص اتفرج واعمل وكلم اللي عايز تكلمه كمان……….
ولجت إلى الحجرة متمتمة وهي تخرج ملابسها بطريقة هستيرية نوعًا ما من الخزانة الخاصة بها:
-أنا همشي مش هقعد معاك ثانية واحدة بعد كده يا حمزة خلاص خلصت.
أخذ منها الملابس بعنف لم تعهده:
-بقولك إيه بقا مش عايز اسمع صوتك أكتر من كده، خليكي في بيتك وأنا اللي همشي يا سامية لكن مش هتنزلي من البيت في وقت زي ده..
تمتمت سامية بغضب واضح:
-لا همشي يعني همشي..
قال حمزة بنبرة لا تقبل النقاش:
-قولت لا يا سامية أنا اللي همشي وكفايا لحد كده وصوتك ميعلاش…
_____________
تجلس على الأريكة بجوار زوجها الذي يقوم بإنجاز بعض المهمات على حاسوبه المحمول “اللاب توب” بينما هي تضع يدها على بطنها وكان سلامة يظن بأنها تشاهد الفيلم الذي قامت بتشغيله بنفسها بعدما تناولت العشاء معه…
كان هذا ما يظنه حينما كان منهمكًا في انجاز عمل ما، لكن حينما بدأ في النظر إليها والتركيز معها وجدها تضع يدها على بطنها ثم تهبط برأسها وتتحدث بكلمات لا تصل له ولكن هيئتها كانت عجيبة لا تنظر على التلفاز من الأساس مما جعله يحدث نفسه بصوتٍ خافت:
-هي اتلبست دي ولا إيه؟..
مازالت مستمرة على نفس الفعل!!
مما جعله يقوم بإغلاق الحاسوب ثم وضعه على الطاولة التي تتواجد أمامه..
كل هذا ولم تنتبه بما يفعله…
كانت منهمكة فيما تفعله هذا ما جعله يقترب منها قليلًا على الأريكة لعله يسمع ما تتفوه به..
“ابني او بنتي بأكد تاني أني هحبك في كل الأحوال وأني هحبك أوي وعمري ما هتخلى عنك، ماما بتحبك جدًا جدًا”
مازالت تشعر بالقلق..
الندبة التي لا تزول مهما فعلت..
تركهما والدهما….
وهي لن تفعل هذا لاطفالها مهما كانت الاسباب ومهما حدث…
كان صوته رغم خفوته أشبة بالصيحة التي جعلتها تخرج من الدوامة التي كانت بها:
-أنتِ بتقولي وبتعملي إيه؟.
ردت عليه جهاد بانزعاج حقيقي مبالغ فيه بالنسبة له:
-متزعقش ليا كده قدام الواد ولا البت انتَ سامع.
أردف سلامة بعدم استيعاب:
-هما فين دول أصلا؟! وبعدين أنا زعقت فين يا جهاد ما تبطلي هطل بقا…وبعدين أنتِ بتتكلمي مين ولا بتعملي إيه بالظبط أنا عايز افهم..
وضحت له جهاد الأمر وهي تضع يدها على بطنها من الجانبين وكأنها تغطي إذن شخصًا ما:
-بتكلم مع عيالي طبعًا..
أشار سلامة ناحية بطنها هاتفًا باستغراب:
-هما كتير جوا ولا إيه؟.
تمتمت جهاد ساخرة:
-مش يمكن هما اتنين ولا تلاتة؟ بتحصل على فكرة وبعدين بتكلم معاهم شوية..
أردف سلامة بنبرة أشد سخرية من نبرتها:
-وهما بيسمعوا والله؟ جهاد بلاش فقعة مرارة بقا..
غمغمت جهاد تحاول تبرير موقفها:
-يا حبيبي بيسمعوا طبعًا أنا سمعت دكتور بيقول أنهم بيسمعونا وأي حاجة بتأثر عليهم والمفروض أكلمهم كتير وكمان اجيب ليهم كتب أقراها ليهم..
ضيق سلامة عيناه هاتفًا:
-أنا أخر مرة شوفتك ماسكة كتاب كانت في ثانوية عامة وأنتِ راجعة من الدروس كتاب إيه اللي هتقرأيه لنفسك ده ولا هما سامعين ولا غيره اتهدي بقا…
تمتمت جهاد بنبرة حادة:
-متدخلش بيني وبينهم سيبني اتكلم معاهم براحتي إيه دخلك بينا بس؟؟؟…
هي مستمرة على الأغلب في أن تتحدث بصيغة الجمع…
أردف سلامة وهو يحاوط ذراعيها هاتفًا بجدية:
-لو للدرجة دي عايزة تتكلمي اتكلمي معايا يا حبيبتي احسن بدل ما تكلمي نفسك كده، ما أنا قاعد جنبك اهو…ليه أمور الجنان دي…
تحدثت جهاد بنبرة ذات معنى:
-هو أنتَ زعلان يا سلامة علشان أنا بكلم ابننا أو بنتنا ومش بكلمك..
رد عليها سلامة يحاول المرح معها:
-مهوا مش كل واحد يطلعه عيل فجأة يروح راكن سلامة على الرف إذا كان أنتِ أو أبويا…
ضحكت جهاد رغمًا عنها مدركة غيرته في هذا الأمر، ومرحه في الوقت ذاته، حاول سلامة تغيير الحديث مسترسلًا حديثه بجدية تلك المرة:
-المهم سيبك من الموضوع ده، النهاردة في الشغل في حاجة حصلت علشان الفرع اللي عملوه في الإمارات كانوا طالبين ناس والكل قدم وأنا روحت قدمت معاهم…
ثم أتبع حديثه بعدم فهم:
-والله مش عارف إيه اللي خلاني اعمل كده بس أنا كنت بفكر في الموضوع أول ما بدأت شغل، لكن دلوقتي مش عارف بس قدمت وخلاص واعتقد يعني أنا مبقاليش كتير هياخدوا الناس القديمة مش أنا..
ردت عليه جهاد وهي تلقي نفسها بين ذراعيه هاتفة ببساطة شديدة:
-متقلقش ربنا يعمل اللي فيه الخير ليك يا حبيبي متشغلش بالك….
_________________
في اليوم التالي…
تقف إيناس في الممر الذي يتواجد في الغرف الخاصة بالمرضى ومنهم والدتها، كان دياب وخالتها وزوج خالتها يجلسون في الداخل مع والدتها…
إيناس تقف وتتحدث مع شقيقتها الصغرى حور تحاول أن تقنعها بشتى الطرق وللمرة الألف حتى أنها تركت عملها بعدما طلبت من شيرين أن تقوم بالتغطية على غيابها…
ظهرها ناحية الرواق بينما وجهها وجسدها في مواجهة شقيقتها…
تمتمت حور رافضة الأمر:
-لا يعني لا..
المحاولات كلها باءت بالفشل هذا ما جعل إيناس تهتف بغضب واضح:
-هو الواحد مينفعش يعتمد عليكي في أي حاجة يا بني أدمة أنتِ؟.
هزت حور رأسها بإيجاب وهي تؤكد لها الأمر:
-اه مينفعش، وأنا بقولك وبعترف أهو أنه مينفعش وبعدين أنا مالي، أروح أنا لغايت مكتبه ليه؟ وبعدين هو طلب منك أنتِ روحي أنتِ يا حبيبتي ولا تحبي أخلي دياب يروح بنفسه..
هتفت ايناس بغيظٍ كبير:
-حظك يا حور أننا في مستشفى وإلا مكنتش هعرف أعمل إيه فيكي، وبعدين يا بنتي هو طالب يشوفهم من أول امبارح وانا طنشت والنهاردة خلاص احنا ماشيين، مش أنا قولتلك وفهمتك أنه عامل معانا واجب كبير..
هزت حور رأسها بنبرة هادئة وامتنان حقيقي:
-ياستي هروح ابوس رأسه الله يكرمه عرفت أنه عامل واجب بس أنا برضو مش هروح يا إيناس روحي أنتِ يا حبيبتي وخدي عيالك معاكي اللي يشوفهم يشوفهم لكن أنا مليش فيه..
كادت إيناس أن تتفوه بأي شيء لكن فهمت حور الأمر مما جعلها تغمغم:
-وقبل ما تنطقي اه أنا بياعة و ميعتمدش عليا وشوفي حد غيري، وبعدين سؤال ليه أنتِ مينفعش تــ
توقفت عن الحديث فجأة وهذا ما لم تنتبه له إيناس مما جعلها تتحدث بنبرة غاضبة:
-كده أنا محرجة اروح وقولتلك روحي أنتِ وخدي جواد وجنى وخلصيني لأنه هو طلب مني طلب صغير زي ده..
ردت عليها حور وهي تغتصب بسمة على شفتيها مقاطعة حديث شقيقتها:
-وهو جه.
عقدت إيناس حاجبيها لم تفهم ما تقوله شقيقتها لولا أنها سمعت صوتٍ تعرفه:
-مساء الخير….
تمنت إيناس بأن يكون هناك من يمتلك صوتًا يشبهه؛ فأستدارت على أمل أن يكون الأخر مجرد وهم لمنه لم يكن وهمًا أبدًا…
هو أمامها…
تمتم جواد بنبرة هادئة ورزينة لكنها بسيطة جدًا في جوهرها:
-أنا جيت أشوفهم بنفسي بدل ما تقعدوا تختاروا مين يجي ومين ميجيش…وجيت أشوف والدتك واطمن عليها مع دكتور ماجد هو في غرفة تانية وهيجي علشان يشوفها ولو هيكتبلها خروج دلوقتي…
ردت عليه ايناس رد تلقائي لكنه أحمق جدًا:
-تشوفها بصفتك إيه؟..
تحدثت هنا حور رغمًا عنها بسخرية:
-بصفته مدرس الفيزياء..
ضحك جواد رغمًا عنه وهو يردف:
-بعيدًا عن الفيزياء عايز أسال سؤال بس، ليه الصعوبة دي كلها في أن حد فيكم يجي؟.
ردت ايناس وهي تحاول قول أي شيء:
-أنا كنت بقولها تروح هي علشان أنا مش فاضية.
عقد جواد ساعديه وهو ينظر لها ينتظر تفسير علمي منها وكان على وجهه علامات التسلية الواضحة:
-مش فاضية ليه بتعملي إيه؟.
غمغمت إيناس بعفوية شديدة:
-انا بشتغل…
أشار جواد ناحية الرواق هاتفًا:
-محدش قالي أنهم نقلوا الرسيبشن هنا….
صوت ذكوري قادم من بعيد غمغم:
-دكتور جواد…
أقترب منهم رجل بالغ من العمر خمسون عامًا تقريبًا وهو يغمغم بعدما التفت له جواد:
-كنت لسه هتصل بيك علشان ندخل مع بعض…
لم يكن وجهه غريبًا بالنسبة إلى إيناس فهي تعرفه هو الطبيب المعالج لوالدتها هو فقط كان غريبًا بالنسبة إلى حور لأن من يفحصها يوميًا يكون من تلاميذه والأطباء التي تعمل معه لكن من يكتب لها الخروج ويطمئن عليها بنفسه قبل ذهابها…
تمتم جواد بهدوء:
-أنا مستنيك اهو..
رد عليه الطبيب ببسمة واسعة:
-دول عمر مواعيدك مظبوطة يا دكتور..
ابتسم جواد ثم أستدار وهتف لهما قبل أن يرحل وتهز حور رأسها على حديثه بأن الأطفال في الأسفل:
-لو هما موجودين تحت لما دكتور ماجد يخلص هنزل اشوفه..
_______________
ليلة كاملة مرت عليها…
كانت من أشد الليالي قسوة قد مرت عليها…
لا يذهب الأمر من عقلها حتى ولو لمدة دقيقة واحدة…
لم تتناول الطعام فقدت شهيتها ولا تتذكر أيضًا أنها قد روت عطشها؛ كانت الآلاف المرات ترغب في الاتصال بوالدتها أو الذهاب لها لكنها خجلت؛ خجلت من قول شيء هكذا أمام والدتها، كان جزء منها يشعر بالحرج والجزء الأخر يشعر بالخوف من أن يُلقي أحدهم عليها اللوم كونه اختيارها….
من كثرة جنونها منذ الأمس وحتى الآن وكونها لا تستطيع أن تخبر أحد تعرفه بهمها، فتحت أحدى المجموعات الخاصة بالفتيات التي يكون بينهما رجال متنكرين في هيئة حسابات وهمية وزائفة، وجدت خاصية إخفاء الاسم الشخص الذي يخبر الجميع مشكلته أو همه، فعلت أكثر شيء كانت تسخر منه بأنه مشاكل وهمية أو أن تلك الناس قد فقدت عقلها حتى تخبر الجميع بمشاكلها ومن سوف يفيدها؟
لكنها وجدت نفسها اليوم تفعل ذات الشيء التي كانت تسخر منه ومما يفعله…
تشعر بالخجل من والدتها لكنها لم تخجل في أن تخبر الآلاف الفتيات مشكلتها لكن تبريرها الوحيد بأنه لن يعرف أحد سوى عدد بسيط من المسوؤلين في المجموعة…
“جوزي بيتفرج على أفلام ****** إيه الحل؟! واجهته واتخانقنا وساب البيت متجوزين بقالنا شهر تقريبًا يعني لسه عرسان جداد”
كان المنشور مختصر إلى حدٍ كبير لم تجد شيء من الممكن أن تكتبه أكثر من ذلك….
أو أن هناك شيء محتاج الشرح…
انتظرت أن يتم قبول المنشور الخاص بها وبعد مرور ساعة ونصف تقريبًا أخذ هاتفها يخرج منه عدة أصوات معلنة عن العديد من الإشعارات الواردة والكثيرة جدًا…
ألتقطت الهاتف لتجد بأنه تم قبول منشورها والعديد من التعليقات الواردة أخذت تقرأ بعضها بعيناها…
“والله حرام حسبي الله ونعم الوكيل في أي راجل يقهر مراته بنت الناس اللي خدها ويكسر فرحتها في أول جوازهم”
هبطت منها دمعة عند قراءة هذا التعليق…
“الواحد كره الرجالة والجواز”
“حاولي تقعدي معاه وتتكلمي بهدوء وساعديه أنه يبطل وشوفي إيه اللي يريحه واللي بيبسطه واعمليه مش عيب ده جوزك يا حبيبتي، وهتاخدي ثواب لو ساعدتيه يبطل ربنا يعينك ويقويكي على البلاء ده”.
هل المشكلة فيها أنها مازالت عروس جديدة ما الذي عليها أن تفعله، من المفترض أن يكون في أكثر أيامه سعادة وإشراقه في بداية زواجه وحياة زوجية جديدة عليه…
قرأت تعليق أخر…
“اطلقي ده عمره ما هيتعدل وعن تجربة والله العظيم”.
تعليق أخر وخلفه العديد من الرموز التعبيرية الضاحكة وكأن مشكلة كهذه تستحق هذا الضحك والمرح..
“اتفرجي معاه يا حبيبتي نسوان فقر صحيح”.
“هاتيله فيديوهات لشيوخ وحاولي تقنعيه بالذنب اللي بيرتكبه وأن كده هو بيغضب ربنا غضب هو نفسه مش مدركه”
“شوفي إيه ناقصك وإيه اللي هو محتاجه واعمليه مفيش راجل يعمل كده إلا لما تكون اللي معاه مش مريحاه ومش مالية عينه”.
ماذا من الممكن أن تفعله أمرأة أو فتاة تختبر حياة الزوجية لأول مرة في حياتها من الأساس؟!
عديمة الخبرة كيف لها أن تسعد رجل رأى وشاهد الكثير….مهما فعلت سيكون الأمر بالنسبة له عاديًا….
تنهدت بانزعاج ثم قامت بحذف المنشور ولم تقرأ المزيد لم يفيدها أي تعليق منهم ولم يناسبها…
ألقت الهاتف على الفراش…
ثم أخذت تبكي وبشدة حتى تورمت عيناها….
سمعت صوت باب الشقة يتم فتحه ثم تم إغلاقه ولم يكن الأمر يحتاج إلى ذكاء حمزة قد أتى….
أخذت تمسح دموعها سريعًا وكأن هذا سوف يخفي الآثار المتواجدة في وجهها التي تظهر بأن ليلتها لم تمر على خير أبدًا…
تسمع صوت خطواته وهو يقترب من الغرفة، أستدارت بوجهها حتى لا تشاهده هي غاضبة إلى حدٍ كبير وتلك التعليقات السخيفة أغضبتها أكثر وأكثر…
جاء وجلس بجوارها على الفراش هاتفًا بتردد وهو يجدها تتجنب النظر له تمامًا:
ش
-أسف حقك عليا..
خرجت منها ضحكة ساخرة مغمغمة:
-أسف؟ والله اسف بتاعتك دي هتحل إيه بعد اللي شوفته، والله هتنسيني اللي قولته…
حك مؤخرة رأسه متمتمًا وهو يحاول الاعتذار:
-أنا عارف إني كنت سخيف واللي قولته مينفعش يتقال انا مكنتش عارف أنا بقول إيه كل الحكاية إني اتحرجت قصادك واتوترت مكنتش في وعيي ومعرفتش أقول إيه لما عرفتي، اتحرجت وقعدت أخرف بالكلام ده علشان أداري الموضوع..
أسترسل حمزة حديثه ببساطة شديدة تغضبها كونه يجد الأمر بسيطًا إلى هذا الحد:
-الموضوع بقاله سنين معايا وأنا حاولت ابطل، أكيد مش حابب أكمل في الموضوع بس بفشل ساعات مش أكتر..
كانت بعض التعليقات أثرت عليها بشكل مخيف هزت ثقتها بنفسها وغرورها الذي يتحاكي به الجميع:
-المفروض أننا في أول أيام جوازنا هتعمل إيه بعد سنين؟؟؟ وبعدين إيه اللي ناقصك..
رد عليها بنبرة غريبة ولكنه كان يرغب في أن يُنهي النقاش تحت أي ظرف:
-الموضوع ملهوش علاقة بيكي وبجد الكلام في الموضوع ده بيحرجني ومدام ملهوش علاقة بيكي ولا مأثر عليكي خلاص فكك منه، أنا جيت علشان مهانش عليا إني اسيبك لوحدك ومبسوط أنك سمعتي كلامي ومنزلتيش ده في حد ذاته تقدير منك فوق رأسي….
حتى ولو لم يؤثر الأمر عليهما وعلى علاقتهما حتى الآن، أو رُبما قد يؤثر وهي لا تدري!!!!!
لكن في كل الأحوال الأذى النفسي التي تعرضت له ليس له قيمة ابدًا؟؟!!!
أسترسل حمزة حديثه ولم ينتظر منها رد وهو ينهض يتوجه صوب الخزانة:
-أنا عندي ميعاد مهم هخلصه واكلمك لو حابة نتعشى برا وحتى لو مش عايزاني أبات هنا النهاردة كمان أنا معنديش أي مشكلة نتعشى وهبات برا لغايت ما تهدي وتقوليلي ارجع البيت يا حمزة…
تنظر له ببلاهة حقًا…
هي لا تعلم ما يحدث…
وما تلك السهولة التي يحاول أن يحل بها موقف تراه كبيرًا وعظيمًا؟!!!
كانت تراقبه بأعين لا تفهم ما يحدث حقًا وهو يأخذ ملابسه من الخزانة ثم يتوجه إلى المرحاض…..
___________
في اليوم التالي…
جاءت ريناد اليوم لزيارة والدها…
في المقر الرئيسي الذي في الغالب يكون متواجدًا فيه…
وعلى كل حال هي اتصلت به وعرفت مكانه لذلك أتت على الفور بعدما أنهت محاضراتها…
كانت شاحبة حالتها المزاجية ليست جيدة أبدًا رغم أنها لم تراه ولم يحدث بينهما أي لقاء بعد زيارة المستشفى، حتى حينما صعدت بهية وهي صعدت معها إلى شقتهما من أجل زيارة السيدة حسنية كان في الوقت الذي يصادف وجود دياب في عمله وبطبيعة الحال لم تطل الزيارة…
كانت تتجنب رؤيته وتوقفت عن مراقبته كما كانت تفعل في السابق….
حاولت أن تثبت إلى نفسها بأن الأمر لا يهمها..
لا يهمها أبدًا…
وبدلًا من أن تكن النتيجة بأنها تفهمت بأنه لا يعني لها شيئًا وتتعامل بطريقة طبيعية كونه جار لها في تلك المنطقة والمكان الذي تقطن فيه، فضلت الابتعاد تمامًا مما جعلها تخبر والدها وهو يقوم بقراءة بعض الأوراق لكن عقله معها في الوقت ذاته:
-أنا عايزة ارجع البيت وهعمل كل اللي حضرتك عايزة بس ارجع بيتنا….
رفع محمد رأسه هنا بعدما كان ينظر إلى الأوراق الذي تتواجد أمامه بانتباه شديد وهو يرد عليها:
-ليه في إيه حصل مخليكي عايزة تسيبي المكان هناك بعد ما كنتي مرتبة حياتك وعلى حسب كلامك أمورك كلها تمام؟.
اندهشت من تعقيب والدها فهي لم تتوقع أن يظن بأن هناك سبب ما..
أردفت ريناد محاولة جعل نبرتها طبيعية:
-أنا عايزة ارجع بيتي هو المفروض يكون في سبب يخليني أكون عايزة ارجع لبيتي وحياتي؟؟ أنا عايزة ارجع لبيتي واوضتي وسريري وعربيتي..أنا زهقت وأعتقد إني اتغيرت كفاية يخليك ترجعني البيت أنا مبقتش ريناد المستهترة….
قاطعها محمد بنبرة غامضة:
-مش أنتِ اللي هتقرري أنتِ بقيتي إيه؟ أنا اللي المفروض أشوف اتغيرتي فعلا ولا لا؛ وبعدين لأخر مرة بسألك في حاجة معينة حصلت مخلياكي تعوزي ترجعي ولا ده الزهق بتاعك الطبيعي..
تحدثت ريناد بانزعاج حقيقي كاذبة وهي لا تفصح عن مشكلتها الحقيقية التي مازالت تنكرها:
-لا ده الزهق الطبيعي بتاعي إني عايزة ارجع لحياتي وأنا اخدت الدرس…
تمتم محمد بنبرة عقلانية رغم شكوكه بأن هناك خطبٍ ما وهي لا ترغب في أن تفصح عنه:
-الله اعلم دي مش حاجة هتظهر في كام شهر، غير كده أنا حاسس أنك محتاجة تعتمدي على نفسك شوية كمان وبعدين حضرتك مش عايشة في الصحراء ده أنتِ كل كام يوم عندك event بسبب الفيديوهات اللي بتعمليها وأنا بخليكي تروحي يعني حياتك مش واقفة ولا معذبك…..
قالت ريناد بنفاذ صبر ونبرة بدت مستفزة ليست له ولكنها أظهرت بأنها مغتاظة مما يحدث هي ترغب في الابتعاد عنه وعن هذا المكان حتى تؤكد لنفسها بأنه لا يعني لها أي شيء:
-ماشي وعلى فكرة أنا عندي event تاني النهاردة الساعة سبعة…..
-ماشي بس أخرك تسعة ونص تكوني في البيت هناك…
_______________
كان نضال يجلس على أحد المقاعد التي مازال غلافها موجودًا “الكيس البلاستيكي” كان فوقها….
يراقب الرجال التي تقوم بإنهاء أخر التعديلات، يوم الخميس هو اليوم الذي سيكون فيه الإفتتاح….
بينما دياب كان يقوم بتصوير كل شيء من أجل أن يرسله إلى طارق…
رفع نضال صوته وهو ينادي عليه:
-يلا يا دياب الشاي برد يا ابني..
توقف دياب عن التصوير فهو لم يكن في مكانًا بعيدًا من الأساس..لذلك سمع نداء صديقه..
جاء ثم سحب مقعد من المقاعد الموجودة فوق بعضها في أحد الجوانب وقام بمسحه بيده ثم جلس فوقه هاتفًا:
-أنا هشرب الشاي وامشي علشان اروح استلم التوكتوك شوف انتَ بقا هتفضل قاعد معاهم ولا هترجع معايا؟..
لم يرغب دياب في ترك “التوكتوك” رغم السوء الذي يتواجد في تلك المهنة وعيوب بالنسبة له إلا أنها تدخل له أجرٍ ودخلٍ لا بأس به لذلك قرر ألا يتخلى عنها الآن مطلقًا هو فقط في انتظار أن يفتح المكان ويرى ما يخبئه له القدر…وقتها قد يتخلى…..
تمتم نضال بنبرة عادية:
-ممكن اروح معاك اغير هدومي واتغدى وبعدين أجيلهم أنا تاني ان شاء الله.
ثم سأل دياب هاتفًا بحماس وخوف في الوقت ذاته يتملك منه:
-إيه حاسس بإيه؟..
لم يستطيع دياب إيجاد رد مناسب ليقوم بقوله فحاول أن يسأله سؤال أخر:
-أنتَ حاسس بإيه؟.
تنهد نضال ثم تحدث بجدية وشفافية:
-متوتر شوية، دي أول مرة أعمل حاجة لوحدي بعيد عن بابا، وكمان مش لوحدي لا أنا معاكم وأنا اللي اقترحت الفكرة فده محسسني بالمسؤولية أكتر، ان شاء الله هتكون فتحة خير علينا أنا واثق في ربنا..
رد دياب عليه بنبرة لا تقل توترًا عن صديقه فهو بالاضافة إلى كل ما قاله نضال هو قام بالمغامرة بأخر شيء يمتلكه ونقود معه:
-ان شاء الله يا نضال خير بإذن الله.
ثم أخذ رشفة من كوب الشاي بعدما التقطه وهو موضوع على طاولة صغيرة قديمة على ما يبدو…
تحدث دياب بتردد:
-أنتَ مش ملاحظ يا نضال أن النهاردة المفروض نبعت الحاجات للراجل باسم المحل علشان نظبط موضوع اليافطه والمناديل والاطباق والورق والشنط وكل الحاجات دي تلحق تخلص قبل الخميس؟؟..
تمتم نضال بهدوء وهو ينظر له والكوب بين يديه هو الأخر
-لا مش ناسي طبعًا كنت لسه هقولك هنعمل إيه في الموضوع ده أنا مش جاي في بالي اي اسم أو حاجة…
هتف دياب ساخرًا:
-مهوا لازم يجي في بالنا اسم علشان الحاجات دي منتأخرش فيها كل ده، يعني احنا خلصنا كل حاجة إلا دي..
حاول نضال التفكير وهو ينظر في اللاشيء…
علم دياب بأنه يفكر في الأمر….
لذلك شرب الكوب حتى انتهى ثم وضعه على الطاولة هنا حرك نضال رأسه بعدما كان ينظر في اللاشيء هاتفًا بنبرة جادة:
-لقيتها…
رد عليه دياب ببلاهة شديدة:
-لقيت إيه بالظبط؟.
أردف نضال بجملة مختصرة جدًا:
-كل حاجة..
عقد دياب حاجبيه بعدم فهم مغمغمًا:
-هو إيه اللي لقيت كل حاجة دي..
ابتسم نضال ثم هتف موضحًا:
-لا أنا ملقيتش كل حاجة، كل حاجة ده اسم المكان؛ مش هنا أحنا بنجمع بين الكافية والمطعم وحاجات تانية كتير فأحنا هنا هيكون كل حاجة الواحد بيحتاجها لما يخرج او بيكون عايزها في مكان، هنا في “كل حاجة” هيلاقوا كل حاجة…
تحدث دياب بالرغم من أن الحديث بدأ يدخل عقله:
-أنتَ بتتكلم بجد؟..
-ايوة ههزر ليه، أنا عاجبني الاسم إيه رأيك أنتَ؟ ونتصل نأخد رأي الواد طارق بالمرة.
______________
تجلس معه على الأريكة وأمامهما أرجيلتين….
موضوعتان فوق الطاولة لكن لم يكن أحدهما مشتعلة، هو فقط أراد أن يكون الأمر جلسة تعارف بسيطة…
-بُصي دي بقا كريمة نامبر تو اللي جابها ليا الواد سلامة ربنا يباركله وافرح بخلفته…
ثم أشار ناحية الأرجيلة الأخرى:
-دي بقا جابها ليا جابر صاحب عمري ربنا يحفظه ليا يارب علشان ميزعلنيش، مهوا أنا لازم كل ما أجيب شيشة اسميها كده مهي دي الوحيدة اللي باخد وبدي معاها وبتسمعني وبتخفف وجعي…
ضحكت وفاء رغمًا عنها صدقًا هو رجل فكاهي من الدرجة الأولى لم تتخيل أن يدور بينهما حديث كهذا، نعم منذ أن أتت وهي تلاحظ ارتباطه بالأرجيلة وتواجدها معه في كل الأماكن والأوقات لكن هذا بالنسبة لها عنى بأنه رجل مدخن من الدرجة الأولى والأمر لديه أشبة بالادمان لكنها لم تتخيل بأن يكون هناك شخص قد يُطلق أسامي على الأرجيلة الخاصة به..
أمسك زهران هاتفه ودخل على المعرض الخاص بالصور ثم أتى بصورة الأرجيلة التي قام نضال بكسرها وشعرت بغصة أثناء حديثه:
-دي بقا كريمة، او تقدري تقولي كريمة رقم واحد، في واحد كده الله يسامحه كسرها ليا..
سألته وفاء بفضول ومرحٍ رغمًا عنها فهي بدأت في الدخول في الأجواء الخاصة به:
-مين اللي كسرها وازاي تسكت له؟..
تمتم زهران بنبرة بدت متألمة في نظرها:
-مش لازم بقا اجيب سيرة حد اهو خلاص اللي حصل حصل..
ولم يستمر زهران على نفس الوتيرة مما جعله يتحدث بنبرة منزعجة:
-هو نضال اللي كسرها الله يسامحه بحاول مزعلش منه علشان كله إلا عقوق الوالدين يا بنتي عقلبه كبير عند ربنا وأنا خايف عليه وعمومًا أنا مشكلتي أن قلبي طيب.
هذا الرجل الذي أصبح والدها أنه كارثة بالمعنى الحرفي!
هي لا تفهمه حقًا…
ازداد فضولها وهي تسأله بنبرة استفهامية:
-وهو كسرها ليه طيب؟.
لماذا قام نضال بكسرها؟!!
تلك القصة لا يستطيع قولها..
ليس إلى الأبد لكن الآن على الأقل..
تمتم زهران ببساطة:
-مفيش هو اخوكي كده خلقه في مناخيره، أنا لولا إني أب متسامح كان هيكون ليا كلام تاني على قلة الأدب دي بس أنا بحاول أمشي على طرق التربية الحديثة اللي بيقولوا عليها دي..
ابتسمت له وفاء مدركة بأنه لا يقول الصدق على الأغلب ثم شردت وهنا تحدث زهران بنبرة حنونة:
-إيه اللي واخد عقلك يا حبيبتي؟.
قالت وفاء بصراحة مطلقة فهذا الأمر هو ما يشغلها الآن أكثر حتى من حمزة نفسه:
-يعني قلقانة مجدي ووفاء من ساعة ما مشيوا ومحدش فيهم ظهر تاني ولا جم ولا غيره…
رد عليها زهران برجاحة عقل يتميز بها:
-بيوزنها وبيحسبها صح مجدي مش عبيط ومش هيريل على اللي هنقوله ليه، مجدي واخته بيعبدوا القرش، يعني لازم يفكروا ويحسبوا كل جنية هياخدوه، وفي نفس الوقت هتلاقيه بيسأل محامي ولا بيحاول يشوف أي سكة تانية بس متقلقيش يعني أنا المحامي بتاعي مفهمني كل حاجة وهو من أشهر المحامين في البلد.
هتفت وفاء بتردد:
-ربنا يسترها أنا قلقانة وحاسة أن حياتي واقفة ومستقبلي ضاع، وكل اللي فات ضاع وكل حاجة راحت، حياتي اتقلبت في يوم وليلة…
شعر زهران بالشفقة عليها مما جعله يضع الهاتف على الطاولة ويضع كفها النحيل بين كفيه الدافئتين هاتفًا بجدية:
-أياكي اسمعك تقولي كده تاني، مفيش حاجة ضاعت وحتى لو الدنيا اتلخبطت هنصلحها ونعدلها وهنظبط ورقك وكل حاجة وهتروحي جامعتك وأمورك هتتظبط…
ثم أسترسل حديثه بهدوء:
-أنا عارف أن الموضوع مش سهل عليكي ولا عليا ولا أي حد بس كلنا بنحاول نتأقلم ونتعود لأن في النهاية هي دي الحقيقة أنك مننا.
قالت وفاء بنبرة صادقة:
-لما وفاء هربتني من هناك في غياب مجدي وكنت جاية في الطريق كنت عماله أفكر..
سألها زهران باهتمام ورغبة في معرفة ما كان يدور في عقلها وقتها:
-إيه اللي كنتي بتفكري فيه..
كانت تفسر له مخاوفها:
-فيكم، ياترى هتقبلوا بيا ولا لا وكانت كل السيناريوهات اللي في رأسي عنكم وحشة أوي، أوحش حتى من طريقة نضال لما شافني…
ابتلعت ريقها ثم أسترسلت حديثها بشفافية عالية:
-وكان في جزء مني غصب عني بيربط بأن ماما معملتش كده من فراغ يمكن فعلا الراجل اللي أنا المفروض بنته شخص مش كويس، يمكن ده سبب خلاها تعمل كده، كنت بحاول التمس ليها أي عذر رغم أنها قالت كل حاجة قصادي…
قالت زهران بنبرة مغتاظة:
-ربنا يرحمها ويسامحها ويغفرلها…
سألته وفاء بنبرة مترددة:
-أنتَ مسامحها؟..
الجرح والأمر مازال جديدًا…
لا يستطيع إخماد غضبه وغيظه منها…
لقد فعلت به أمرًا شنيعًا…
لكنه عند ذكر العفو أو السماح…
رد على ابنته بهدوء:
-مش عارف يا بنتي أنا مسامحها ولا لا أو ممكن أسامحها، عمري ما احترت في مشاعري تجاه حد وأول مرة حد يغلط في حقي ومقدرش أخد حقي منه..
كانت اسئلتها كثيرة ولكنها لا تستطيع كبح نفسها:
-ما أنتَ معملتش حاجة لمجدي ولا أخدت حقك منه…
تمتم زهران ببساطة:
-مجدي هو واخته تحت رجلي ومحدش فيهم يخصني ولا كان مجدي ليا علاقة بيه ولا هو ليا علاقة بيا حتى لو هما أساس الخراب، الواحد بيعاتب وبيزعل من حبايبه اللي يخصوه واللي عملوا كده مينفعش يروح يعاتب شوية ****** ملهمش علاقة بيهم..
أنه يمتلك فلسفة غريبة جدًا…
ولكنها اعجبتها إلى حدٍ كبير….
حاول زهران تغيير الموضوع هاتفًا:
-بقولك إيه تعالى أوريكي اوضة الواد سلامة عايزين نقلبها من أول وجديد ونجهزها علشان تكون اوضة ليكي هنا وتختاري كل حاجة فيها لغايت ما تقدري وتحسي نفسك مستعدة تطلعي تقعدي معانا علطول…
ردت عليه وفاء موافقة:
-ماشي…
______________
قامت بتحضير ملابسها وحقيبتها التي تأخذها معها إلى صالة الألعاب الرياضية….
فهي ذاهبة غدًا…
بعد انقطاع دام لمدة أيام…
خلدت والدتها إلى النوم وكانت هي تقوم بترتيب غرفتها وتستعد للذهاب في النوم…
قامت بالنظر ناحية فراش جهاد الفارغ مما جعلها تبتسم تلقائيًا صدقًا هي تفتقد جهاد كثيرًا رغم أنها طوال اليوم تتصل بها ونادرًا ما يمر يومان من دون أن تراها…
لكنها تشتاق لها إلى حدٍ كبير على ما يبدو هي كانت تحتل جزء كبير من حياتها لكنها لم تكن تدرك ذلك من قبل…وهي لم تعتاد أن تخبر أي شخص بما تشعر به حقًا….
ولجت سلمى إلى الفراش وتزامنًا مع فعلها هذا وجدت صوت هاتفها يعلن عن اتصال منه..
أجابت على الفور دون أن تمر ثانية واحدة:
-الو..
رد عليها نضال بنبرة ساخرة:
-الو يا أستاذة سلمى، هو مش المفروض أنك هتتصلي بيا بعد ما تكنسي الأرض وتكوي الخمار الكلام ده كان من الساعة ستة..
ابتسمت سلمى ثم أردفت بجدية:
-كان عندي مواعين الغداء وكذا حاجة وقعدت احضر لبسي وحاجتي بكرا ومرضتش اشتغلك..
هو ليس راضيًا عن رجوعها إلى العمل بسبب خوفه عليها من أن يحدث هذا الأمر ثانيًا لكن تلك المرة من الممكن أن يكون معها هي..
لكنها كانت تحاول اقناعه منذ الصباح حتى أخبرها بأنه ذاهب مع دياب إلى حيث يتواجد مكانهم الجديد..
تمتم نضال بغضب مكتوم:
-برضو مصممة تروحي؟؟
أردفت سلمى باحباط شديد وبدأت تشعر بالانزعاج رغم مشاعرها العميقة تجاهه إلا أنها مازالت تحاول الاعتياد جيدًا على أن يكون هناك شخص لديه الحق في أن يكون له رأي في كل شئون حياتها بل قد يتخطى الأمر بأن يكون مجرد رأي بل من الممكن أن يمنعها عن شيء ما….
-هو مش أحنا اتكلمنا الصبح وأنتَ قولت طيب وأنا حلفت ليك إني هاخد بالي وأصلا الموضوع ده مش بيحصل يعني واحنا بلغنا الكل، هي كانت حالة نادرة……..
لا يرغب في أن يمنعها عن شيء تحبه ولكنه خائف مما جعلها تسمعه:.
-هتاخدي بالك؟!!…
قالها بطريقة ساخرة أو استنكارية…
رُبما قالها من أجل أن تؤكد له بأنها سوف تفعل….
بالرغم من كونها لم تفهم نيته إلا أنها أردفت بنبرة جادة:
-اه والله هاخد بالي صدقني…
سمعت رد لم تفهمه منه:
-خلي بالك من نفسك ومن لبسك ولو في حد عمل نفس الموقف..
عقبت على حديثه بنبرة سريعة:
-هاخد بالي، وبعدين يعني إيه اخد بالي من لبسي هلبس الخمار وأنا بمرنهم…
هو ليس بأحمقًا فهو يدري فعلا ما ترتديه هناك حتى ولم يراها…
لكنها…
سمعته يهتف بنبرة تشبه نبرتها ساخرة ولكنها جادة رغم كل ذلك:
-لو عرفتي تعملي ده يبقى كتر خيرك يا سلمى، وبعدين بلاش تريقة علشان مزرجنش في الموضوع ده…
-ماشي خلاص هاخد بالي وخلاص…
ثم حاولت تتغير الموضوع ببراعة وهي تسأله بنبرة مهتمة غير مفتعلة:
-قولي عملت إيه النهاردة مع دياب…
أتاها صوت نضال بنبرة هادئة:
-الحمدلله كله تمام خلاص بنخلص وبنظبط أخر حاجات، واخترنا الاسم..
سألته سلمى بفضول:
-إيه هو؟.
-كل حاجة…
ردت سلمى كلماته باستغراب:
-كل حاجة؟ ده بجد ولا بتشتغلني..
-لا والله بجد إيه رأيك؟..
سمع صوت ضحكتها التي تكفي أن تنعش قلبه وهي تخبره:
-هو غريب بس حلو يعني وجديد حاسة اني مسمعتهوش قبل كده..
ثم أسترسلت حديثها بنبرة صادقة:
-ان شاء الله تكون خطوة حلوة وفتحة خير عليكم يارب….
تمتم نضال بنبرة هادئة:
-يارب…
ثم سألها بتذكر:
-صحيح من ساعة ما شوفتي الشقة وأنا مشوفتكيش نطقتي أو قولتي مثلا في حاجة عايزة تغيريها مثلا عايزين نبدأ نشوف الدنيا ونقعد القعدة اللي متأخرة بقالنا شوية دي بنأجل فيها..
ردت عليه سلمى موضحة:
-بعد الافتتاح نبقى نقعد ان شاء الله وبعدين بالنسبة للشقة مش عارفة بس اكتر حاجة عايزة اغيرها هي المطبخ..
غمغم نضال بعدم فهم:
-ماله المطبخ؟..
-أنا مش عاجبني أنه يكون open دي مش حاجة هتريحني حتى لو شكله أحلى وأشيك والكل بيعمل كده دلوقتي بس أنا مش عاجبني…
تمتم نضال رافضًا:
-لا كله إلا المطبخ دي الحاجة الوحيدة اللي مقتنع بيها وعايزها في الشقة انا بحب المطبخ يكون كده المقفول مبحبهوش..
تحدثت سلمى بنبرة منزعجة:
-أنا اللي هغسل المواعين فيه وبعدين مين اللي هيطبخ؟ أنا فلازم طبعًا أكون مرتاحة في المكان..
غمغم نضال ساخرًا:
-ما انا كمان هطبخ مش لوحدك يعني وبعدين زي ما قولتي ده اللي أشيك دلوقتي….
-لا مش عاجبني أنا كده يعني أنتَ مصدعني بقالك قد إيه عايزة ايه اغيره وعايزة إيه اعمله وأنا بقالي كتير بقولك ومش بتتكلمي واهو اديني لما اتكلمت الكلام معجبكش…
تمتم نضال بهدوء:
-خلاص نبقى نتكلم بعدين، واعملي حسابك اني بكرا ان شاء الله هجيلك بعد الشغل…
____________
يشعر بالضيق الشديد الذي يلازمه في الآونة الأخيرة…
نائم على الاريكة والاضواء كلها مغلقة نام اهل المنزل جميعًا حتى حور التي تذاكر ليلًا….
كان يفكر في أشياء كثيرة…
منها دينه إلى زهران هو لا يشعر بالراحة أبدًا..
يفكر أيضًا في الخطوة الذي يفعلها مع نضال ومشروعهما الجديد لأول مرة يغامر بتلك الطريقة هو دومًا يخشى التجارب لأنه ليس لديه رفاهية الخسارة لأن أي شيء في الحياة يحمل المكسب أو الخسارة لذلك كان يخشى التهور لكنه فعل…
فعل بتشجيع صديقه وتشجيع أمه وشقيقتيه…
يتمنى ألا يتم خذلانه.
فتح هاتفه وأخذ يقلب فيه بلا اهتمام إلى أن صادف له منشور قامت ريناد بمشاركته كان حزين نوعًا ما يعبر عن وحدتها.
ضغط على اسمها وصورتها ليدخل على حسابها أخذ يمر بين منشوراته التي منذ أيام اختلفت تمامًا..
رُبما هو تخونه الذاكرة أو رُبما لا يرغب في التذكر لكن اختلفت تمامًا منذ رؤية ليلى معه..
في لحظة تهور لا تتكرر كثيرًا أبدًا معه…
ضغط على الزر الخاص بالمحادثة بعدما عاد إلى بداية صفحتها….
أرسل لها…
” عاملة إيه، مختفية ليه مفيش اوردرات جاية ولا حاجة”..
في نفس اللحظة
تجلس في الغرفة التي أصبحت مكانها في الفترة الماضية….عاقدة ساعديها…
غرفة تبدو متهالكة بعض الشيء لكنها بقدر المستطاع حاولت التحسين من مظهرها كونها تقوم بتصوير المقاطع هنا في أغلب الأوقات..
الغرفة صغيرة ومزدحمة بشكل كبير بملابسها والمنتجات وكل شيء يتم إرساله لها…
تنظر إلى اللاشيء تفكر في كل ما يحدث في حياتها….
هل كانت على صواب أم خطأ من البداية؟
وهل حقًا هي لم تتغير ولم يرى والدها أي تغيير حقيقي بها؟؟؟؟
أصبحت لا تعلم اي شيء سوى بأنها ترغب في الابتعاد عن أي مكان يخصه كأن الأمر سوف ينتهى وتتخلص منه عند هذا الحد…
كأن المشاعر يتم التخلص منها بضغطة زر…
هي غاضبة من والدها ومن كل شيء صدقًا كانت تفكر السفر مع أحدى صديقاتها غدًا وليفعل والدها ما يفعله لقد سئمت مدام لا يرى منها تغييرًا فها هي سوف تؤكد معلومته….
سمعت صوت هاتفها يعلن عن وصول رسالة ما التقطته وبدلًا من العبوس ابتسمت وهي ترى بأنه أرسل لها رسالة، لكنها عادت مرة أخرى وقد تحولت نظراتها إلى أخرى شرسة وغاضبة…
ردت عليه تحديدًا هي ترد على أول رسالة أتت منه منذ أن قام باضافتها على مواقع التواصل الاجتماعي….
“انا بخير وبعدين مش هتشوف حاجة يمكن من العين المدورة”.
لم تنتظر كثيرًا بل كان ردها سريعًا جدًا…
هذا ما جعله يرسل لها رموز تعبيرية ضاحكة…
ثم أرسل لها رسالة..
“واضح أن قعدتك هنا علمتك كتير”.
“الظاهر كده”.
ثم أرسلت له رسالة أخرى ودون أن تدري كان غضبها يتلاشى بطريقة هي لا تدركها لمجرد انه أرسل رسالة بسيطة كهذه ومازالت تجهل أي تأثير يمتلكه هو عليها:
“أنتَ عامل إيه، وطنط عاملة إيه”.
“الحمدلله ماما أحسن كتير”.
سألته باهتمام واضح حتى للاعمى:
“وأنتَ عامل إيه؟”.
لأول مرة يصرح بمخاوفه إلى شخصية تكن غريبة عليه في نظره حتى الآن وهو يخبرها برسالة غريبة لم تفهمها فهو ينهي المحادثة مرة واحدة…
“اهو داخل على خطوة جديدة وقلقان، يلا تصبحي على خير”.
لم ترد على ما قاله بل أرسلت له رسالة لو كان سمع صوتها أو شاهدها وهو يكتبها كان علم الغضب الذي يتواجد فيها:
“اومال أنتَ بتكلمني ليه أساسا”
اندهش من هجومها لكنه أرسل رسالة جعلتها تضحك بطريقة لم تفهمها قبل أن يخرج هو من المحادثة معلنًا بأن المحادثة قد انتهت..
“ابدًا ممكن اقوم اعملي كوباية شاي ويهفني الشوق اوقعها واكسرها فلو ناشرة غسيل خايفة عليه شليه، يلا تصبحي على خير”.
توقفت عن الضحك الذي لازمها يعد تلك الرسالة ثم تنهدت قائلة دون أن ترسلها…
-وأنتَ من أهل الخير يا دياب…
___________
في صباح اليوم التالي…
كانت إيناس قد ولجت إلى المستشفى وذاهبة ناحية الاستقبال وجدت هاتفها يعلن عن اتصال من رقم غريب…
أجابت بنبرة سريعة وهي شبة تركض كونها متأخرة اليوم عن العمل:
-الو…
“ازيك يا مدام إيناس”..
ردت عليه إيناس بنبرة جادة:
-مين معايا؟؟
“محسوبك محمود ياست الستات والله حقك عليا انا بتصل برقمك التاني و….
قاطعته إيناس بغضب حقيقي:
-أنتَ بتكلمني ليه من أساسه تاني؟..
“والله الواد عمرو هو السبب قصدني تاني في الموضوع و انا…
أغلقت الهاتف في وجهه ثم قامت بحظره بعدها أتت برقم عمرو وقامت بالاتصال به على الفور مما جعله يجبب عليها بكبرياء بمجرد أن رأي اسمها يزين هاتفه:
-إيه عرفتي إني هخطب علشان كده نارك قامت واتصلتي؟ بس أسف يا أستاذة إيناس أنا…
قاطعته إيناس بغضب واضح وهي تقف في أحد الجوانب:
-أخرس خالص ما تخطب ولا تولع أنا مش فارق معايا من أساسه، وبعدين مدام الباشا بيخطب اللي المفروض هو راجل بس طبعا الرجولة عندك أنك تتشطر علي اللي معاك، مخلي صاحبك الزفت محمود كل شوية يتصل بيا ليه؟….
جاءه صوته بمنزلة صفعة:
-أنتِ مش في بالي أصلا محمود إيه اللي بخليه يتصل بيكي أنتِ اتجننتي ولا بتخرفي تقولي إيه؟….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *