رواية أولاد الجبالي الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي البارت الثالث عشر
رواية أولاد الجبالي الجزء الثالث عشر
رواية أولاد الجبالي الحلقة الثالثة عشر
على النقيض كلا من قمر وملك ، فكل واحدة منهم اختارت طريقا مختلفا .
قمر اختارت طريقا مليئا بالأشواك من أجل إرضاء رغباتها مهما كان السبيل إليها .
أما ملك فسلمت أمرها لله وعلمت أنه المدبر وكل أمره خير وحتى إن كان على غير هواها .
……….
مضى الليل بعتمته وأحزانه ، ثم أذن المؤذن لصلاة الفجر
استيقظت ملك كعادتها لتؤدى فرضها وجلست تتلو آيات من الذكر الحكيم حتى شروق الشمس ، ثم أمسكت هاتفها للتفاجىء بما حدث بالأمس من محاولة قتل براء أثناء الفرح ، ونقله إلى المستشفى بين الحياة والموت.
فانقبض قلبها مردفة …لا حول ولا قوة الا بالله ، ربنا ينجيه ،و أظن لو قمر عرفت هتزعل جوى .
لتجد نفسها تبعث برسالة إلى باسم لتتطمئن على حالته .
وصلت رسالتها إلى باسم فابتسم ابتسامة مريرة محدثا نفسه …رغم كل اللى حوصل ، عتكلم عشان تطمئن ، اى جلب اللى أنتِ عليه ده يا ملك !
وهو انا حبيتك من شوى ، بس أجول ايه وانا دلوك خلاص بجيت راجل لوحدة لا اعرفها ولا تعرفنى ولا حتى فاكر شكلها كيف ؟
فتنهد باسم بحرارة ثم كتب لها …الحمد لله ربنا نجاه ،ودعواتك يجوم بالسلامة ، وخلى بالك من نفسك عاد يا ملك ، عشان نفسك دى غالية عليا جوى .
قرئت ملك رسالته ، ففرت من عينيها دمعة حارقة ولكنها أزالتها سريعا بكف يديها متمتمة…اللهم صبرا .
لتستيقظ قمر على همساتها فأردفت بنعاس …مالك جاعدة إكده حزنانة على الصبح يا حزينة !
طالعتها ملك بحزن مردفة بتردد …أنتِ مدرتيش اللى حوصل لابن الجبالى يا قمر ولا إيه ؟
تململت قمر فى فراشها وابتسمت بتهكم مردفة بلا مبالاة …حوصل إيه يعنى !
انطس رصاصة ، وفى المستشفى عاد ، بس جوليلى ايه حوصل تانى ، ماااات ولا لسه ؟
فطالعتها ملك بذهول مردفة بغضب …أنتِ عتجولى ايه يا قمر ،وانا اللى كنت فاكرة هتزعلى وتبكى عليه !
ضحكت قمر مردفة …انا معزعلش على حد واصل يا ملك .
المهم عندى هو انا وبس يا بت ابوى ، وبعد كده ، الناس عادى هتروح وناس تيچى ،مش فارقة معايا .
محدش يستاهل دمعة من عينيه ، وياما جولتلك انا الكلام ده ، متزعليش على حد ولا تفكرى فى حد عتعيشى مرتاحة ومش شيالة هم ، لكن أنتِ دماغك ناشفة جوى ،وعتشيلى هم الدنيا كلاتها وعتبكى من كل صغيرة وكبيرة وإكده عتجزى جبل الأوان.
لكن أنا عفضل حلوة إكده على طول .
حركت ملك رأسها بآسى مردفة …ياه على جسوة جلبك دى يا قمر ، يا خوفى منيها .
أردفت قمر بسخرية….خليلك عاد أنتِ جلبك الرهيف ده يا بت ابوى ، وشوفى عينفك فى ايه عاد وابجى جابلينى لو نفع .
ثم قامت من فراشها مردفة ….لما أجوم عاد أشوف شغلى .
عشان متأخرش .
فرددت ملك …الله يصلحلك الحال يا قمر ويهديلك نفسك .
……
مازال جابر وبانة وباسم فى المستشفى ، رافضين العودة إلى القصر حتى يطمئنوا على حالة براء .
الذى دخل فى غيبوبة بعد إجراء له تلك الجراحة الخطيرة .
وعندما خرج لهم الطبيب مرة أخرى ، أسرعوا إليه ليطمئنوا على حالته الصحية.
أردفت زاد بقلق …ها يا دكتور طمنا ، كيفه دلوك ؟
ثم تحدث
باسم …إن شاء الله يكون فاق واتكلم.
ثم تبعهم
بانة …ياريت ، اتكلم يا دكتور وطمنا ، الله يخليك
عبس الطبيب ثم أردف بإستياء …مخبيش عليكم ، هو الحمد لله العملية نجحت ، وحالته إلى حد ما استقرت .
ولكن للأسف كان ليها طبعا تأثير على وظايف المخ ، فدخل فى غيبوبة مؤقتة .
فضربت زاد على صدرها بذعر مردفة ..غيبوبة ، يعنى ايه ؟
وعيفوق منها ميتى ؟
الطبيب …دى حاچة بتاعة ربنا ، منقدرش نقول امتى ؟
بانة ببكاء…طب عايزين نطل عليه دلوك يا دكتور ، الله يخليك ..
الطبيب ..للأسف ممنوع ، وكمان قعدتكم هنا ملهاش اى لزمة .
ثم أشار إلى باسم مردفا …ايه يا دكتور ،ما حضرتك فاهم الموضوع وعارف أن الزيارة ممنوعة فى الوقت الحرج ده .
فطالعه باسم بحزن مردفا بغصة مريرة…خابر ، بس لما يكون منك يا دكتور ، مش بنقدر نتجبل ده .
وعشان أكده بستسمحك نخلينا نشوفه ولو دجيجة واحدة بس ونمشى على طول هنروح .
ذم الطبيب شفتيه ثم أردف ..مش عارف أقول ايه ؟
بس ماشى ، لمدة دقيقة واحدة مش اكتر .
ومن غير دموع ياريت عشان متأثرش على ضربات قلبه .
باسم ..بإذن الله .
ثم نظر إلى بانة وزاد وجابر .
يلا وزى ما جولت دجيجة وهنطلع طوالى على الجصر .
فتابعوه بصمت ، وخطوا ورائه بأوصال مرتجفة ، وقلوب تنبض بتوتر .
وخاصة زاد التى مع كل خطوة إليه تشعر بأن روحها تنسحب منها ، والبرودة قد أجتاحت أطرافها .
حتى وصلوا بالفعل الى غرفة العناية .
لتشهق بانة عندما تراه هكذا ممدا على السرير ، لا حول له ولا قوة وقد أصفر الوجه وتحيط به الأجهزة الطبية التى تصل إلى صدره عن طريق الأسلاك .
تفاجئت بانة عندما فزعت من هيئة براء تلك ، بيد حانية تحيط بها ،فظنت فى بادىء الأمر أنه باسم ولكنها عندما التفتت ،وجدته جابر .
فخجلت منه ولكنه طمئنها بنظرة حب مردفا …انا چمبك وهفضل فى ظهرك طول ما انا عايش .
اما زاد فكانت فى عالم اخر ، تحدثه كأنه يسمعها .
جوم يا براء ، حتى لو هتزعجلى وتجولى انى ملكك ، وانا هعمل نفسى اتعصب ،مع انى فعلا ملكك ، انت اخدت عقلى وجلبى من وانا كنت صغيرة لسه .
جوم يا براء ، عشان أعلمك من الأول كيف الحب ، وتعرف انى محدش يقدر يعشجك جدى .
طالعها باسم بنظراته متعجبا ثم أردف …مكنتش خابر انك عتحبيه إكده يا بنت عمتى !
فتنهدت زاد بلوعة مردفة …وايه الفايدة وهو عيشج غيرى ؟
باسم …لا بس أنتِ حاجة وهى حاچة تانية خلاص .
أنتِ بتفكرينى بوحدة غالية على جلبى جوى .
وحاسس إن مع الوقت براء عيحبك أنتِ وعينساها .
أزالت زاد دمعة فرت من عينيها مردفة بغصة مريرة …مش مهم عادى يحبنى ولا يحبها دلوك ، المهم يجوم بالسلامة .
باسم …يارب ، بإذن الله.
ثم تابع بقوله ”
طيب عشان الدكتور، ميزعجش ، يلا بينا نروح ، عشان كمان نطمن أمى اللى من ساعتها مجدراش توجف على رجليها وعتبكى .
فأومئت زاد إليه برأسها ولكنها عادوت النظر اللى براء ، لكى تشبع عينيها منه قبل أن تغادر .
ليعودوا بعدها إلى القصر ، ويعود جابر إلى منزله .
فيقابل أخيه الأصغر منه ، التى حمل نفس طباع والدته زوجة أبيه وغرزت به الكره نحوه .
فطالعه جاسر بكراهية وحقد مردفا بسخرية …حمد لله على السلامه يا عريس .
أول مرة اشوف عريس يعاود من مستشفى ، وشك كان شوم على العروسة يا عم الشيخ !
وزمانها دلوك هتشائم منيك ، ومش بعيد متكملش الچوازة النحس دى .
وساعتها بجا ، مش عتكون غير ليا انا وبس .
انا مش عارف كيف عمى منصور يختارك انت بهطلك ده ، مهو ميعرفكش صوح انك بتاع دروشة.
ولو عرف كان اختارنى انا من الأول ، بس ملحوجة اهى بعد اللى حوصل ، انا متوكد عتكرهك يا وش الشوم .
فطالعه چابر بغضب وأردف بحنق…انت عتجول ايه يا جاسر حرام عليك اللى عتجوله ده .
كل شىء جسمة ونصيب ، وهى رزق بعته ليا ربنا وبجت مرتى على سنة الله ورسوله .
واياك عاد تجيب سيرتها على لسانك تانى .
فضحك جاسر ساخرا ….مرتك !
حتة واحدة إكده ، وعامل فيها راچل يا بتاع العيال .
فكور يده جابر بغضب وأردف بحنق …ايوه راچل غصبا عنيك ، وانا لغاية دلوك مش عايز أعمل حاچة تزعلك .
وعامل حساب اننا اخوات ،وانا أخوك الكبير .
وعيب تكلمنى إكده ، أنت فاهم .
ابتسم جاسر بتهكم ثم تحداه بقوله …ولا تجدر تعمل حاچة ، أنت ضعيف وانا أرچل منك ،وواجف مع ابوى فى ماله وحاله واخدت شهادة مش زيك يدوب هتفك الخط .
ثم قهقه ساخرا …ومع ذلك شايف نفسك جوى ،وفاكر أن محدش زييك واصل ، وانت اصلا ولا حاچة .
فلم يتحمل جابر أكثر من ذلك سخرية جاسر منه وبلغ به الغضب مبلغه .
فأسرع إليه وأمسكه من قميصه بقوة وركله بقدمه تحت حزام بنطاله صارخا فى وجهه …انا هوريك كيف جابر الضعيف راچل كيف ، عشان تبطل تهلفط بالحديت الماسخ ده تانى .
فصرخ جاسم من الألم فسمعته والدته فأتت مسرعة فهيمة مسرعة على صوته .
فاستغاث جاسم بها عندما رآها أمامه ..ألحقينى ياما ، ابن الهطلة ده هيضروبنى .
فطالعت فهيمة جابر بعين الشر هادرة فى وجهه …هتضروب ابنى يا ابن المجنونة .
ليلفت نظرها عصا خشبية كانت بجوار الحائط ، فالتقطتها سريعا ونزلت بها على حين غفلة على رأس جابر فنزفت جبهته دما .
فصرخ جابر ألما ….ااااااه .
فهيمة بغضب …تستاهل يا ابن المجنونة .
من النهاردة ملكش جعاد معانا إهنه ،وترجع لدارك الجديمة تعيش فيها لحالك .
فابتسم جابر رغم ألمه وجرح رأسه .
وأردف …الحمد لله ، انا كان نفسى فى إكده من زمان .
عشان معش معاكم فى الحرام ، بس كان منعنى ابوى.
بس خلاص ،من النهاردة مش هعجد تانى إهنه .
وعندما حاول أن يخطو خطواته للخارج ليغادرهم ، أغشى عليه بسبب النزف ، فسقط أرضا .
فابتسم جاسر الذى نزع الله من قلبه الرحمة مردفا بشماتة ..على الله يكون مات ونستريح منيه .
فضحكت فهيمة …ياريت ، ده حمل تجيل عليا من زمان جوى .
ليأتى حمدان فى تلك اللحظة ، فيجد ابنه ملقى على الأرض والدم يسيل من جبهته فصرخ …جابر ولدى ، عملتوا ايه فيه ، يا بنت الفجرية ؟
فهيمة بشماتة ..كان عيموت ولدى ،وعايزنى اسكتله يا حمدان !
عاتبها حمدان بقوله …حرام عليكى ، هو اللى كان هيموت ولدك بردك ولا ولدك اللى أكيد جر شكله .
انا خابر چابر ولدى غلبان جوى .
وهو النسمة الحلوة الى فى حياتى ، رغم انى هجسى عليه .
لكن هو ولدى يا فهيمة أنتِ فاهمة .
انفعلت فهيمة من حديث حمدان ، فحدثته بغضب… غلبان مش غلبان .
خلاص معدتش ليه مكان إهنه .
انا بجولك اهو يا حمدان ، من الليلة دى ياخد هدومه ويرحل عننا .
ليزئر حمدان وانفعل بقوله ..أنتِ اجننيتى اياك !
عشان الناس تكلم عنى وتجول شوف همل ولده ، ويوصل الخبر لمنصور ، فيسئل ويطجس ويعرف أنه بتاع ربنا .
فيخليه يطلق بته .
ابتسمت فهيمة مردفة .ايوه وهو ده المطلوب .
ابنى أنى أولى بيها من ابنك الأهطل ده .
فنعتها حمدان …بالغبية مردفا “”
أنتِ فاكره يعنى ، لو طلجها منه ،عيرضى يناسبنى تانى .
لا يا فهيمة ، كيف ما بيجولوا عصفور فى اليد خيرا من عشرة على الشجرة .
وهو مش طالع من إهنه .
واياك حد يمسه ولا يكلمه تانى .
وإلا يمين تلاتة ، أرمى عليكى اليمين .
ثم انحنى بجسده على جابر وحمله على يده ،وذهب به إلى غرفته ، وضمد جرحه الذى ينزف بعد أن وضع عليه البن ليكتم النزف كما على عادتهم فى الصعيد ، ثم ربط رأسه بشاش ، ونثر على أنفه بعض العطر كى يستفيق .
وعندما استفاق وضع يده على رأسه وتأوه ألما مردفا بنحيب …..يارتنى كنت موت مع امى وانا صغير بدل ما اشوف المرار ده يا بوى .
بس خلاص ،انا هريحكم منى وهروح أفتح الدار الجديمة وأعيش فيها .
طالعه حمدان بحزن مردفا بحنو …ليه إكده يا ولدى ، ده انت أول فرحتى ، عايز تهمل ابوك بردك ؟
مش كفاية انت بعيد عنى ومع نفسك ديما ولا عارف حالى ومحتالى وكل فكرك مع العيال اللى عتحفظهم وبس .
والله انا خايف منصور يعرف بچد ، يجوم يخليك تطلج بته .
أغمض جابر عينيه بألم مردفا …انت خابر ليه يا بوى انا بعيد ، أما العيال دول فهما الحاچة الحلوة اللى فى حياتى
ومجدرش أهملهم واصل ، واذ كان على الچواز فده رزق ومكتوب .
حمدان …بس على الأجل يا ولدى ، تشوف شغلانة تملى العين إكده جدام مرتك بت الذوات وفى الچامعة عشان متستعرش منيك جدام زملاتها.
چابر بإندهاش …وهو تحفيظ كتاب الله دى حاچة جليلة ، لا حول ولا قوة الا بالله.
حمدان …مجولناش حاچة بس بردك لازم يكون معاك شغلانة تانية ، دى بت منصور الجبالى عتعيشها كيف بس ؟
لازم تعيشها فى مستواها .
فنكس جابر رأسه بحزن وحدث نفسه ..صوح كيف هعيشها ؟
الحب وحده مهيكفيش بس اعمل ايه وانا مجدرش أحط يدى فى الحرام ده .
طالعه حمدان بحب وابتسم قائلا …..يا ولدى انا خابر انت عتفكر فى ايه ؟
وعشان إكده ، انا عندى ليك حل يرضيك .
انت خابر أن ليك ورث من المرحومة أمك ، فدانين أرض ، ممكن تبيعهم وتعمل مشروع صغير على جدك بالحلال زى ما تريد .
فابتسم جابر مردفا بفرحة ..بچد يا بوى ، ده انت إكده هتخلينى أعمل اللى نفسى فيه من زمان .
فسئله حمدان …وايه هو ده اللى نفسك فيه يا ولدى ؟
جابر ….أعمل مشروع السجاد اليدوي ،كنت أحبه جوى وانا صغير .
فابتسم حمدان واردف بحنو ..اعمل كل اللى خاطرك بيه يا ولدى ، المهم عايزك راجل صوح ومتهملش ابوك.
فطالعه جابر بحب وألقى نفسه على صدره ، فاختضنه حمدان وقبل رأسه .
ثم ابتعد عنه مردفا ..هسيبك دلوك تستريح يا ولدى .
ليتركه حمدان ، ليشرد فى تلك الحورية التى اثرت قلبه ويعيد على ذاكرته ملامحها التى حفرها فى عقله وقلبه .
…………….
لم تستطيع حكمت وإلهام أن يهدئوا من روع إسماعيل الذى صمم على الذهاب إلى منصور ليأخذ بثأره منه .
فأمسك بفأسه واتجه إلى القصر ، فاستوقفه متولى حارس القصر مردفا بغلظة …على فين العزم يا اسماعيل بالفاس اللى فى يدك ده ؟
هو انت ضليت طريق أرضك ولا ايه ؟
زفر إسماعيل بضيق مردفا…لا يا متولى ، انا چى لمنصور بيه فى موضوع أكده بناتنا .
فجوله انى عايز أجابله ضرورى .
فطالعه متولى ساخرا بقوله …وعتجابله بالفاس يا اسماعيل .
نكس اسماعيل برأسه مردفا بحزن …خلاص عسيبه أهنه بس لزمن أجابله .
متولى …لا فيك الخير يا اسماعيل ، بس البيه نايم دلوك .
ابجا فوت علينا بكرة .
يلا مع السلامة .
فانفعل اسماعيل مردفا بحنق …روح صحيه ، انا مش ماشى من إهنه غير لما أجابله عاد .
متولى ..والله شكل دماغك فوتت ، ومش مقدر انت عتكلم عن مين .
روح دارك يا اسماعيل بالذوق ، وخلى الليلة تعدى ، يأما انت عارف عيوحصل ايه لو مسمعتش الكلام .
وسهلة جوى ، طلقة واحدة من بندقيتى تجضى عليك وملكش دية عشان عجول كان عيتهجم علينا .
ولكن إسماعيل باغته بلكمة قوية فى وجهه جعلته يترنح ، واستغل اسماعيل تلك اللحظة وولج للداخل كالثور الهائج يبحث عن منصور فى كل مكان .
ويصيح …انت فين يا منصور ،انا مش هنام الليلة الا لما أخد روحك بيدى .
ولكن للأسف لم يستطيع الوصول إليه بعد أن ركض ورائه حراس القصر ، واوسعوه ضربا فى كل أجزاء جسده ،فاخذ يصرخ مرددا حسبى الله ونعم الوكيل.
ثم قيدوه وحبسوه حتى الصباح حتى ينظر فى أمره منصور .
أما إلهام وحكمت فلم يكفا عن الصراخ والنواح طوال الليل ولم يغمض لهم جفن .
حتى آتى الصباح وعاد محفوظ من الإسكندرية ، ودخل القصر متلهفا لرؤية إلهام وبحث عنها فى المطبخ ولكنه لم يجدها .
فسئل عنها حفيظة التى ابتسمت بشماتة مردفة ….معرفش عنها حاچة يا محفوظ ، هى روحت عشية ومچتش النهاردة .
روح اسئل عليها حداهم .
طالعها محفوظ بإندهاش متسائلا…معجول ده ؟
كيف ما جتش للآن ، انا هروح أطمن عليها .
وعندما التفت ليغادر ، استوقفه منصور بقوله …استنى عنديك يا محفوظ .
فتجمد محفوظ فى مكانه والتفت إليه مردفا …خير يا بيه ؟
انا لسى چى من السفر وعملت كل اللى جولت عليه .
فابتسم منصور بقوله …چدع يا محفوظ ، ودلوك عجولك تعمل ايه تانى يا ولا .؟
……………..
فى إحدى البيوت الفقيرة فى الكفر .
أيقظت أم فاتن ابنتها التى تعمل خادمة فى قصر الچبالى وشهدت ما حدث فى القصر لـ نهلة ولكنها لم تشارك فى الضرب واكتفت بالمشاهدة خوفا من بطش حمدان وحفيظة .
ام فاتن …أنتِ يا بت ، جومى فزى ، اتأخرتى على شغلك فى الجصر ، جومى يا بت ، ألا يخصوملك من مرتبك عاد عشان عتتأخرى .
تململت فاتن فى فراشها مردفة بنعاس ..سبينى ياما ، انا منمتش طول الليل الله يخليكى .
ام فاتن بغضب ….مهو من كتر الحُكى أنتِ وأخواتك ، ومتسمعيش الكلام تتنامى بدرى عشان تصحى للشغل فايجة .
يلا جومى فزى .
فاتن ….لا مش جادرة وصراحة إكده ،معيزاش أروح اشتغل عند الناس دول تانى ياما .
وشوفيلى اى شغلانة تانية الله يسيئك .
تعجبت ام فاتن من حديثها فأردفت باستفهام …ليه ان شاء الله وأنتِ هتلاجى شغل أحسن من هناك من وين يا بت ؟
جومى بلاش دلع ، فزى يلا .
ثم أزاحت الغطاء من على جسدها ، فوجدت ابنتها تنتفض بإرتعاش مردفة بذعر …لا بلاش ياما ، لو بتحبينى بلاش .
أصاب قلب الأم الريبة من هيئة ابنتها الخائفة فأردفت بقلق …بت يا فاتن ، هو حوصل حاچة هناك يا بت وأنتِ مخبية عليا ؟
جولى لتكونى عملتى مصيبة منا عارفاكى وش فجر.
طالعتها فاتن بخوف مردفة بنفى…لا والله ياما ، بس بالله عليكى ، مش عايزة أروح عنديهم تانى .
ضيقت ام فاتن عينيها بإندهاش واردفت بحدة …بت يمين تلاتة لو مجولتى ايه حوصل لأكون جراكى من شعرك لغاية هناك .
اضطربت فاتن وأردفت بتلعثم …عجولك ياما ، بس اياكى تجولى لحد واصل ، الا رجبتنا تطير .
فابتلعت الأم لعابها بخوف مترقبة لما ستقوله ابنتها لتسمعها …البت نهلة ياما محدش خطفها كيف ما بيجولوا .
ام فاتن بإندهاش …كيف ده ؟
امال راحت فين وليه كانوا عشية عيدوروا عليها فى كل حتة فى الكفر ؟
فأقتربت فاتن من أذن والدتها لتهمس ..البت نهلة حبساها خالتى فهيمة فى البدروم بعد ما ضربتها وعتخليها هناك لغاية ما تموت ، عشان غيرانين منها هى والبنات هناك ياما عشان منصور بيه كان رايد يچوزها .
فضربت ام فاتن على صدرها مردفة بذعر …يا مصيبتى .
منك لله يا فهيمة ، البت إكده هتروح فى شربة مية .
وهى مالها يچوزها ولا ميچوزهاش ، ده راچل ويعمل اللى هو عايزه ، ولا الحقد عما عينيها للدرچاتى .
فاتن ..ايوا ياما ومش هى بس ، ده كمان حمدان بيه هو اللى وزها تعمل إكده .
ام فاتن بذعر …يا مرى يا مرى ، معجولة دى !
ليه طيب يعمل إكده ، يكونش هو كمان كان عينيه منيها.
منا خابرة البت كانت بسم الله ماشاءالله زى فلجة الجمر .
فاتن …مش خابرة ياما .
وعشان إكده ، خايفة ومش عايزة أروح عنديهم تانى .
وصعبانة عليا جوى نهلة ، دى كانت طيبة جوى .
وكانت هى الوحيدة اللى عتحبنى وتقسم معايا الوكل انا وهى .
ولو حاجة كانت صعبة عليا فى الشغل ، تعملها بدالى .
فحزنت ام فاتن مردفة ..يا كبدى عليكى يا بتى .
بس لزمن منصور بيه يعرف اللى حوصل ده ، عشان يلحجها ويجازى حمدان ده وفهيمة إن شاء الله يولع فيهم بچاژ .
لتشير فاتن بيديها المرتجفة مردفة بذعر …لا ياما ده لو نطجت وحولت اى حاچة لـ منصور بيه ، عيموتونى.
هما جالولى إكده .
ليدخل الرعب قلب الأم لتحضن ابنتها بحنو مردفة …لا يا بتى بعد الشر عليكى يا ضنايا .
ومن النهاردة رچلك متعتبش هناك ، هو انا مستغنية عنيكى .
ثم صمتت للحظة واردفت …وربنا يتولى برحمته البت نهلة ، صعبانة عليا جوى .
ومش فى يدى شىء اعمله عشان محدش يأذينا يا بتى .
وكانت نهلة بالفعل فى ذلك البهو ، تتألم وتأن بصمت ، من ألم جسدها المبرح نتيجة الضرب .
وقد جف أيضا فمها نتيجة العطش ، والتوت بطنها من الچوع .
ولم تجد سوى أن ترفع بصرها لرب السماء تنچيه مردفة ….يارب محدش غيرك جادر ينجدنى من اللى انا فيه ده .
يارب ارحمنى برحمتك ، مش جادرة حاسه انى هموت .
يارب ارحمنى عشان حتى ابوى الغلبان اللى ملهوش غيرى .
منك لله يا حفيظة ، حسبى الله ونعم الوكيل .
لتنهمر دموعها من جديد على وجنتيها .
…………..
تململ منصور فى فراشه ، وفتح عينيه بتكاسل ليندهش عندما رأى الشمس تعكس أشعتها على الغرفة .
فتسائل …ايه ده هو الشمس طلعت ، هو انا نمت كتير جوى إكده من غير ما احس .
ثم تذكر ما حدث فى الليلة الماضية ، فضرب على رأسه مردفا …نهلة ، يا ترى لجوها ولا لسه ؟
ثم توعدهم بقوله “”
يومهم أسود لو لسه ملجهوهاش.
ولم يكن فى تفكيره سوى نهلة ولم يشغله حالة براء وكيف هو الآن ؟
فأسرع منصور وفتح باب غرفته صارخا ..انت يا زفت يا متولى ، وأنتِ يا بهيمة يا حفيظة .
فضرب الذعر قلوب كل من فى القصر خوفا من بطشه .
ولكنهم لم يجدوا سوى الاستجابة له .
فأسرع إليه متولى ، بقلب يكاد يموت خوفا وتبعته حفيظة التى اصفر وجهه خوفا من أن يفتضح أمرها فيقتلها .
إرتجف متولى وهو ممتثل امام منصور مردفا بخوف…امرك يا سى منصور بيه .
حفيظة بخوف …نعمين يا باشا .
منصور بنبرة عالية زلزلزت القصر …فين البت نهلة ، أوعى تجولوا انكم ملجتهوهاش لغاية دلوك .
تردد متولى قبل أن يچيب ثم أردف بتلعثم …يا باشا ، أحلفلك بإيه أننا دورنا فى كل شبر فى الكفر وللأسف ملجنهاش ولا ليها اى أثر .
ثم تبعته فهيمة بقولها …مش عارفين حاچة عنها من عشية والله يا سى منصور ، وربنا يردها بالسلامة .
ومتخافش ان شاء الله ترچع بالسلامة .
هدر منصور فيهم بقوة أرعبتهم ..كيف ده يا بهايم ؟
إزاى ده ، يعنى ايه ، فص ملح وداب !
والكاميرات شوفتوا فيها ايه ؟
متولى …مشوفناش حاچة ، بس فيه كان وجت فاضى ساعة كتب الكتاب ، واظن ده الوجت إلى اتخطفت فيه .
فصرخ منصور ..والله لعلمكم الأدب يا كلاب .
كيف ده حد يخش مرة يصيب ولدى وخد يخطف .
لا دى اكيد مجصودة .
بس أعرف مين اللى ورا ده والله لأندمه على اليوم اللى اتولد فيه .
ثم تابع بقوله ..أغربوا عن وشى دلوك .
ثم ولج للداخل يتصل باللواء محمد سعيد ، ليساعده فى الوصول إلى نهلة ، ووعده الأخير أن يطلعه بأخبار حسنة فى أقرب وقت .
…….
تزينت قمر على أكمل ما ينبغى استعدادا لمقابلة حمدى فى شقتها .
وقد سبقته هى إلى الشقة ، ثم تبعها هو بعد مرور ساعة من الوقت .
ثم رن هاتفها فدق قلبها بعنف وأسرعت للباب كما اتفق سويا أنه عندما يرن عليها اى أنه قد وصل إلى سلم تلك البناية فلتفتح الباب حتى لا يقف فى إنتظار أن تفتح .
وبالفعل فتحت الباب لتجده أمامها فولج سريعا وأغلق الباب من ورائه ؟؟
فما سيحدث وكيف سيكون لقائهم
وكيف سيخدعها حمدى عندما ترفض أن تستجيب له ؟؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أولاد الجبالي)